بولا تينوبو رئيس نيجيريا
السياسي النيجيري بولا تينوبو يلقب بعدة ألقاب منها "صانع الملوك"، فاز في الانتخابات الرئاسية التي أجريت يوم 25 فبراير/شباط 2023 مرشحا عن الحزب الحاكم، بعد أن حصل على 37% من أصوات الناخبين.
يعد تينوبو سياسيا مثيرا للجدل، فقد لاحقته تهم الفساد دون أن تتم إدانته، وحتى بعد إعلانه رئيسا للبلاد اتهمه خصومه بتزوير الانتخابات، بينما يرى آخرون أن فوزه كان "انتصارا للديمقراطية".
من بولا تينوبو؟
يعد بولا تينوبو أحد أكثر الشخصيات السياسية نفوذا في نيجيريا، حتى قبل توليه الرئاسة، فقد شغل منصب حاكم لولاية لاغوس النيجيرية طوال 8 سنوات، كما كان عضوا في مجلس الشيوخ.
ولد بولا في 29 مارس/آذار 1952 في لاغوس بنيجيريا لعائلة ذات إمكانات متواضعة، وانتقل بعد ذلك إلى الولايات المتحدة، حيث درس هناك في جامعة شيكاغو وحصل على بكالوريوس في المحاسبة عام 1979، ثم عاد إلى بلاده في أوائل الثمانينيات ليعمل محاسبا في إحدى الشركات النيجيرية.
وتثار خلافات حول عمر بولا تينوبو ومؤهلاته التعليمية، وهذه الخلافات رافقته طوال حياته السياسية بسبب الوثائق والبيانات المتضاربة التي قدمها إلى اللجنة الانتخابية الوطنية المستقلة قبل الترشح لمنصب حاكم لاغوس، ويشكك كثيرون بمدى مصداقيته فيما يخص هذه الوثائق.
وبغض النظر عن حقيقة الجامعة التي تخرج فيها تينوبو، فقد سافر بالفعل إلى الولايات المتحدة ثم عاد إلى نيجيريا ليعمل في مجال المحاسبة قبل أن يقرر بعد ذلك خوض غمار السياسة.
حياة بولا تينوبو السياسية
بدأ بولا تينوبو حياته السياسية في عام 1992، حين انضم إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي حيث كان عضوا في فصيل الجبهة الشعبية بقيادة شيهو موسى يارادوا.
وفي العام ذاته انتخب لعضوية مجلس الشيوخ، ممثلا لدائرة لاغوس الغربية في الجمهورية النيجيرية الثالثة التي لم تدم طويلا.
وعندما استولى العسكري والسياسي النيجيري ساني أباشا على السلطة في عام 1993 حَلّ مجلس الشيوخ على الفور واتبع نهجا دكتاتوريا في الحكم.
ونشط بولا تينوبو بعدئذ في النضال من أجل عودة الديمقراطية للبلاد، ممثلا حركة الائتلاف الوطني الديمقراطي النيجيري، وهي مجموعة حشدت الدعم لاستعادة الديمقراطية في البلاد بعد فرض الحكم العسكري فيها من قبل الجنرال ساني أباشا.
اشترك في
النشرة البريدية الأسبوعية: سياسة
وفي 1994 نفي بولا تينوبو من نيجيريا بسبب نشاطه السياسي، لكنه تمكن من العودة بعد وفاة أباشا عام 1998، حين شهدت نيجيريا بداية انتقال إلى مرحلة جديدة عرفت باسم "الجمهورية الرابعة".
حاكم ولاية لاغوس
تولى بولا تينوبو منصبا سياسيا مهما قبل أن يفوز بالانتخابات الرئاسية، وهو منصب حاكم ولاية لاغوس، حيث مسقط رأسه.
وفي أول انتخابات لحكم الولاية بعد الفترة الانتقالية، فاز تينوبو بهامش واسع عضوا في التحالف من أجل الديمقراطية، منتصرا على ممثلي حزب الشعب الديمقراطي وحزب عموم الشعب، وبعد مضي 4 سنوات ترشح لولاية ثانية وفاز بها كذلك.
وتقلد تينوبو منصبه حاكما لولاية لاغوس للمرة الأولى عام 1999، وقد أجرى حينئذ عدة إصلاحات، منها تقديم وحدات سكنية للفقراء في لاغوس، وخلال السنوات الثماني التي قضاها في منصبه قام باستثمارات عديدة في التعليم وبنى طرقا جديدة.
وخلال فترة حكم الولاية التي امتدت بين عامي 1999 و2007 خاض تينوبو العديد من الصراعات مع منافسيه، كما تورط في صراع مع الحكومة الفدرالية لنيجيريا التي يسيطر عليها أولوسيغون أوباسانجو.
وكان سبب الخلاف مطالبة تينوبو بإعطاء ولاية لاغوس حق إنشاء مناطق جديدة للمجالس المحلية للولاية، نظرا للتزايد المستمر في أعداد سكانها، إذ أدى إلى مصادرة الحكومة الفدرالية للأموال المخصصة للمجالس المحلية في الولاية.
وبعد قضاء الشطر الثاني من ولايته في الصراع مع منافسيه من الأحزاب الأخرى، خسر بولا تينوبو منصب حاكم ولاية لاغوس في 2007.
استمراره في العمل السياسي
بعد خسارته منصب حاكم لاغوس، بقي بولا تينوبو من أهم الفاعلين في السياسة النيجيرية، فقد كرس جهوده لجمع أحزاب المعارضة المتفرقة وتوحيدها تحت مظلة حزب واحد قادر على تحدي حزب الشعب الديمقراطي الحاكم آنذاك.
وفي فبراير/شباط 2013 كان من بين السياسيين الذين أنشؤوا حزب "معارضة ضخمة"، بدمج أكبر 3 أحزاب معارضة في نيجيريا.
وفي 2014 دعم تينوبو رئيس الدولة العسكري السابق الجنرال محمد بخاري الذي كان يتزعم جناحا شيوعيا في حزب المؤتمر الشعبي العام.
وفي 2015 قاد بخاري حزب المؤتمر الشعبي العام للفوز، منهيا حكم الحزب الديمقراطي التقدمي الذي استمر 16 عاما، وكانت المرة الأولى التي يخسر فيها رئيس نيجيري أمام مرشح معارض.
واستمر تينوبو لاعبا دورا مهما في إدارة بخاري، ودعم سياسات الحكومة، وفي 2019 دعم حملة إعادة انتخاب بخاري لهزيمة مرشح حزب الشعب الديمقراطي أتيكو أبو بكر.
ونظرا لجهوده السياسية تلك، حصد تينوبو العديد من الألقاب منها "العراب" و"صانع الملوك" و"الزعيم".
شخصية مثيرة للجدل
طوال حياته السياسية كان بولا تينوبو من أكثر الشخصيات إثارة للجدل، فقد لاحقته تهم الفساد وغسيل الأموال وسوء استغلال المنصب دون أن تتم إدانته في أي منها.
فخلال المدة التي قضاها في الولايات المتحدة، كان دخله المرتفع مثيرا للريبة، وأدى إلى فتح تحقيقات معه من قبل السلطات الفدرالية، وفي النهاية جمّدت أصوله.
وكان ذلك نتيجة لدعوى قضائية أكدت أن الحكومة الأميركية لديها "سبب محتمل" للاعتقاد بأن الأموال الموجودة في الحسابات المصرفية الأميركية لتينوبو كانت عبارة عن عائدات تجارة الهيروين.
وعلى خلفية تلك القضية، خسر تينوبو نحو 460 ألف دولار في وقت لاحق من ذلك العام، وتتهمه وثائق المحكمة والتقارير اللاحقة عن القضية بأنه كان متورطا مع اثنين من تجار الهيروين في شيكاغو في أوائل التسعينيات.
وفي أبريل/نيسان 2007 قدمت الحكومة الفدرالية تينوبو إلى مكتب مدونة قواعد السلوك، لمحاكمته بشأن التشغيل غير القانوني المزعوم لـ16 حسابا أجنبيا منفصلا.
وفي يناير/كانون الثاني 2009 برّأت لجنة الجرائم الاقتصادية والمالية تينوبو من تهم التآمر وغسل الأموال وإساءة استخدام المنصب والفساد الرسمي.
كم تبلغ ثروة تينوبو؟
على الرغم من عدم إدانة بولا تينوبو بأي من التهم السابقة فإن ثروته الطائلة بقيت مصدر تساؤلات لكثيرين، إذ من المتوقع أن يصل صافي ثروته إلى نحو 32 مليار دولار.
ويملك تينوبو العديد من العقارات الباهظة في نيجيريا وخارجها، ويقيم في لاغوس بقصر فاخر، وعرف بحبه السيارات الفارهة وامتلاكه مجموعة منها، وغالبا ما يُشاهد وهو يقود سيارته في جميع أنحاء لاغوس ضمن قافلة من السيارات الفخمة المرافقة.
فوزه بالانتخابات الرئاسية
تُوّج المسار السياسي لبولا تينوبو بفوزه بالانتخابات الرئاسية التي أجريت في 25 فبراير/شباط 2023. وقد أظهرت النتائج الرسمية أن السياسي البالغ من العمر 70 عاما حصل على 37% من الأصوات، وحصل خصمه الرئيسي أتيكو أبو بكر على 29%، بينما ذهبت 25% من الأصوات لمصلحة بيتر أوبي من حزب العمال.
وعلى الرغم من أن السياسي المليونير أسهم في إعادة بناء مسقط رأسه لاغوس، فإنه خسر أصوات هذه المدينة أمام مرشح حزب العمال الذي استطاع استقطاب أصوات الشباب في المنطقة.
مع ذلك، فاز تينوبو على منافسيه بفارق كبير يقدر بمليوني صوت، حسب نتائج اللجنة الوطنية الانتخابية.
وحتى بعد فوزه بهذا المنصب، لم يسلم تينوبو من الاتهامات التي لاحقته طوال حياته السياسية، فقد اتهمه خصماه الرئيسيان بالتزوير وطالبا بإلغاء نتائج الاقتراع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق