| |||||||||||||||
ولكنه فى طرفة عين أيضا فقد منصبه وتحول من دكتاتور رهيب إلى فأر هارب، أمام ثورة الشعب الذى أطاح به.. فى نفس اللحظة التى ظن فيها أنه قد بلغ قمة سطوته، وأحكم قبضته على كل شيء، وأمّن حياته ومستقبله حاكما لمدى الحياة، وضمن توريث حكمه لأسرته من بعده، من خلال عمليات طويلة معقّدة من تفصيل القوانين وتعديل مواد الدستور، وإحاطة نفسه وأسرته، بجهاز أمن وحرس خاص به، وبمجموعات من الأقارب والأعوان ومن الكتاب والمثقفين والإعلاميين المنافقين يسبحون بحمده.. ويضخمون فى إنجازاته التقدمية والاقتصادية التي تفخر بها تونس على كل بلاد العرب والمسلمين.. ولم يقصّر فى إقامة نظام خادع لديمقراطية زائفة مفرّغة من المضمون، يلوح بها أمام ناقديه فى الداخل والخارج.. وقد اتضح فيما بعد أن التقدم الاقتصادي المزعوم والأرقام المذاعة عنه لا علاقة لها بحياة الغالبية المسحوقة من الشعب التونسي، الذى يعيش بعيدا عن قلب العاصمة وعن السواحل التونسية التى تغص بالسياح الغربيين الذين جاءوا يتمتعون بشمس الجزائر وبالمصايف المخصصة للعرايا .. أما المنتفعون الحقيقيون من هذا الازدهار الاقتصادي فينحصرون فى ثلاثة أسر من أقارب الرئيس وزوجته وأقاربهما.. و مع هؤلاء فئات من الأعوان والوزراء والمرتزقة من حولهم.. لقد استحوذت الأسر الثلاثة على الثروة والسلطة، ونهبوا كل شيء.. وكرّسوا الفساد فى جميع مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.. وكان لها ميلشيات خاصة بها، وعيون وجواسيس منتشرون فى الجامعات والمكتبات والمساجد، ليجمعوا المعلومات ويرصدوا حركات الشباب ويتعرفوا على توجّهاتهم وانتماءاتهم.. لقد تعلم بن على فى تونس تعليما متوسطا، ولكنه أُرسل إلى فرنسا لاستكمال تعليمه فى المدارس العسكرية، ثم ابتعثه حماهُ الجنرال (كـافـى) لدورة فى المدرسة العسكرية العليا للاستخبارات فى بلتيمور بالولايات المتحدة، وكأنه كان يدّه إعدادا ليقوم بدور ما فى تونس.. وهكذا بدأ بن على مشروعه التنويريّ فور توليه السلطة: فقد انفتح على أوربا بكل قوته، وحارب التيار السياسي الإسلامي حتى مزقه وأجبر قادته على الحياة فى المنافى مثل زعيم حزب النهضة الشيخ راشد الغنوشى.. ومن بقى منهم لفّق لهم التهم وأودعهم فى السجون.. ولكنه لم يكتفِ بذلك بل شرع يحارب الإسلام نفسه تحت عناوين مضللة منها: تنظيم مواعيد فتح المساجد ومحاربة الظلاميين والمتخلفين، وتجفيف منابع الإرهاب الديني، ومحاربة الحجاب باعتباره رمزا للطائفية البغيضة. ولكى يمتص الطاقات الدينية للشعب المسلم أفسح المجال واسعا لنشاط الفرق الصوفية والدروشة، ودعّم الكنيسة... ولنكمل الصورة.. نشير إلى واقعة صغيرة مر الناس عليها مرورا سريعا، دون أن تلفت نظرهم، فقد استطاع شاب تونسي أن يخترق نظام معلومات القصر الجمهوري، واكتشف وجود خبراء إسرائيليين هناك يعملون ضد جبهة التحرير الفلسطينية، التى اتخذت تونس مقرّا لها بعد تدمير مواقعها فى بيروت .. ونحن نعلم كيف اغتالت إسرائيل أبا جهاد فى تونس.. ونعلم أيضا أن الشاب التونسي اختفى من الوجود فى حادثة غامضة...! كانت الشرارة التى أطلقت ثورة الشعب التونسى البطل مجرد حادثة صغيرة لم تكن الأولى من نوعها فقد أشعل بائع خضراوات متجول النار فى نفسه واسمه محمد بو عزيزى كان يمارس البيع كالعادة فى ركن من الشارع عندما هبط عليه شرطي فخاشنه وحاول مصادرة عربته وبضاعته بحجة أنه لا يحمل ترخيصا من البلدية، فلما أظهر المقاومة صفعه الشرطي وبصق على وجهه وسبّه بكلام مقزع أمام المارة .. فاتشاط الشاب المقهور غضبا خاصة وأنه هو العائل الوحيد الذى ينفق من تجارته البسيطة على أمه وإخوته الصغار.. فأسرع إلى المسئولين يقدّم شكواه إليهم ولكنهم سخروا منه ولم يكلفوا أنفسهم بتسلمها منه.. هنا جُنّ جنون الشاب .. وانطلق يعدو ليصب البنزين على ملابسه ويشعل النار فيها أمام مبنى المحافظة، احتجاجا صارخا مروّعا لإنسان أحاط به القهر والظلم الجائر، ولم يجد من ينصفه فى هذا العالم.. الله وحده يعلم ماذا كان يجرى فى عقله المضطرب وهو يرى الدنيا كلها من سِمّ الخياط، ولعله كان يرى بما تبقى من إدراكه المشوّش بصيصا من أمل أن يعطف عليه إنسان فيسارع بإنقاذه من الموت فى آخر لحظة، ويساعده فى استرداد حقه وكرامته المُهدرة .. ولكن الموت كان أسرع إليه من هبة الريح.. هذه الميتة المأساوية المروّعة كانت هى الشرارة التى فجرت الغضب المطمور فى قلوب الشعب التونسي فهب فى ثورة عارمة خرجت من مدينة بوزيد وأخذت تتعاظم و تتسع رقعتها وتمتدّ إلى مدن أخرى، حتى وصلت إلى العاصمة لتزلزل الأرض تحت أقدام الطاغية.. لقد سقط الشهداء صرعى برصاص قوات الأمن كل يوم ولكن ظلت الثورة مشتعلة بإصرار على مدى شهر كامل.. فلما وجد الطاغية أن قوات أمنه قد فشلت فى احتواء الثورة الزاحفة، وفوجئ برفض الجيش أن يتدخل بالسلاح لقمع الثورة.. فالجيش فى تونس حرص دائما على أن يقصر مهمته على الدفاع عن البلاد من أى عدوان خارجي، ولا يتدخل فى الاضطرابات الساسية وقد شاهد بنفسه أن ثورة الشعب ثورة سلمية وأنها تعتمد على المظاهرات الاحتجاجية والعصيان المدنى ولا تقوم بأى أعمال عنف أو تخريب فى البلاد.. فالتزم منها بموقف المحايد.. عندئذ أدرك الطاغية أنه لا سبيل أمامه غير الفرار من العاصفة التى اقتربت من قصره.. لو رأيت صورة الطاغية فى آخر خطاب له على شاشة التلفاز التونسي لدهشت للتغيير الهائل الذى طرأ عليه فبعد أن كان يظهر منتفخ الأوداج متكبرا شامخا إذا به يتحول إلى فأر ذليل مذعور يتوسل لإلى شعبه أن يمنحه فرصة أخرى ليصلح ما أفسده..! ولكن هيهات فالثورة لم يعد فى مقدور أحد أن يوقفها أو يتصدّى لها وقد تبدّدت كل حيل السحرة والمشعوذين...! توجّه بن على إلى طائرته وهو يمنى نفسه بالوصول إلى باريس فى أسرع وقت ممكن ليستقر فى شقته الفاخرة مع أفراد أسرته ويتمتع بملياراته التى نهبها من أموال الشعب التونسي.. ولكنه يضطرإلى البقاء فى الجو ساعات مفارقة غريبة.. الشاب محمد البوعزيزي اشعل النار في جسده بعد تلقيه صفعة من موظفة حكومية في البلدية، فاشتعلت تونس كلها.. وانتهى الامر بفرار الرئيس بن علي. .. وبعد ايام احرق الشاب الجزائري محسن بوطريف نفسه حتى الموت في مدينة «بوخضرة» المحاذية للحدود الجزائرية – التونسية، بعد ان رفض طلبه بالتوظيف من قبل رئيس البلدية ايضا الذي سخر منه ودعاه الى حرق نفسه اذا كانت لديه شجاعة البوعزيزي، فما كان من بوطريف الا ان اشعل نفسه امام الناس وتمت اقالة رئيس البلدية «المستفز».. الا ان شرارة «اشعال» الذات انتقلت الى شباب عاطل آخر في مدن جزائرية مختلفة وتم تسجيل حوالي 5 حالات لاشعال الذات. وسارع وزير الدولة الجزائري والممثل الشخصي للرئيس بوتفليقة الى نفي وجود أي تشابه بين احتراق البوعزيزي واحتراق الـ«بوطريف»!! وفي مصر فاجأنا صباح أمس «الكهل» المصري عبده عبدالمنعم حمادة جعفر خليفة – مواليد 1962 – صاحب مطعم بمدينة القنطرة غرب باشعال النار في جسده امام بوابة مجلس الشعب وهو يصرخ «أمن الدولة يا أمن الدولة.. حقي ضايع جوا الدولة» قبل ان يهرع حرس المجلس وسائق تاكسي الى اطفاء جسده المشتعل ونقله الى المستشفى حيث قال انه اشعل نفسه احتجاجا على عدم صرف حصة الخبز الخاصة بمطعمه مما ضمه الى طابور العاطلين. وسارع مسؤولون مصريون وإعلاميون الى نفي أي تشابه بين ظروف الشعبين التونسي والمصري، وخرجت «الفتاوى» التي تؤكد ان من ينتحر سيدخل النار في الآخرة طبعا، وسيموت كافرا ولا يمكن ان يصبح شهيدا بالتأكيد، وقد لا تجوز الصلاة على جثمانه، وكأن من يصل به الحال الى ان يسكب «الجاز» على رأسه ويشعل النار في جسده يفكر فيمن سيصلي على بقاياه!! اعتقد جازما بضرورة اتخاذ بعض القادة والرؤساء العرب لعدة قرارات فورية وحاسمة للخروج من مأزق «اشعال الذات» الذي بدأت شرارته تسري في «اجساد» شعوبهم. 1 – منع بيع البنزين والجاز والسبرتو للافراد تحت سن 80 عاما. 2 – حظر بيع او توزيع الكبريت والولاعات. 3 – توزيع طفايات الحريق على جميع الميادين وأمام بوابات اجهزة الدولة الحساسة. 4 – تشديد عقوبة اشعال الذات في الاماكن العامة لتصل الى السجن المؤبد، ثم الاعدام حرقا في حالة تكرار المحاولة لاكثر من مرة. 5 – اصدار التعليمات لشركات الطيران الوطنية لمنح تذكرة مجانية لكل مواطن يرغب في مغادرة وطنه أو الهجرة على ان تكون ذهابا بلا عودة. 6 – توزيع ملابس مضادة للحريق على جميع افراد الشعب. 7 – توجيه اجهزة الاعلام للتكثيف من البرامج التي توضح المخاطر البيئية الناجمة عن الدخان الناتج عن احتراق الاجساد المطحونة بالفقر والظلم والمرض. وقاكم الله وايانا شر الحرق في الدنيا والآخرة.
|
ان الحق ينزع ولايمنح!سالم القطامي .إذا أرادت هذة الأمة البقاء فحتماً أن يكون مصير طغاتها الفناء! لـن يمتـطى مبارك ظهـرك مالم تبرك له!ثوروا تصحوا!!!! سالم القطامي #ثوروا_تصحوا #سالم_القطامي هيفشخ العرص
الثلاثاء، يناير 18، 2011
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
إجمالي الخسائر الناجمة عن الحرائق في ولاية كاليفورنيا بلغت نحو 275 مليار دولار.
ارتفع عدد قتلى الحرائق الهائلة في لوس أنجلوس إلى 25 قتيلا، فيما بقي 16 شخصا في عداد المفقودين، بينما ذكرت تقديرات بأن إجمالي الخسائر الناج...
-
http://www.mediafire.com/watch/bdga95p7nevmech/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A8%D8%AF_%D9%81%D8%B7%D8%A7%D8%B7%D8%A7_10.mov بالفيديو الكاراتيه د...
-
#لاترحمواخونةكهنةالكفاتسةأبدا الإرهابي الصليبي اللقيط نطفة الإحتلال الصهيوصليبي الأجنبي لبلادالمسلمينNabil Ibrahimصليب الحلوف إبن الزانيةال...
-
وسط سياج أمني بعيدا عن أعين الجميع في الصحراء وكعادتها كل عام قامت رشا قاسم مذيعة ميلودي تريكس بمشاركة اصدقائها وزملائها داخل القناة للاتفا...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق