الأربعاء، يوليو 11، 2012

الأعمال التي تصدر عن السلطة التنفيذية ، ويكون الغرض أو الباعث عليها يكمن في أسباب سياسية ، تعد من قبيل أعمال السيادة وتخرج بالتالي عن نطاق الرقابة القضائية، أما الأعمال التي لا يكون الباعث إليها أسباب سياسية ، فإنها تعد من قبيل الأعمال العادية!!إقتضت استبعاد "أعمال السيادة" من ولاية القضاء بوجه عام قد وجدت صدى لها فى القضاء الدستورى فى الدول المتحضرة التى أخذت بنظام الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح إذ جرى هذا النوع من القضاء فى هذه الدول على استبعاد "الأعمال السياسية" - التى تعد بحق المجال الحيوى والطبيعى لنظرية "أعمال السيادة" - من اختصاصه ومن نطاق هذه الرقابة القضائية.بمجرد النطق بالحكم هتف الحاضرون في المحكمة ضد المرشد وجماعة الإخوان المسلمين، كما قاموا بغناء النشيد الوطني، وكان من بين الحضور المخرج خالد يوسف، والكاتبة شاهندة مقلد، وأبو العز الحريري وعدد آخر


قضية رقم 4 لسنة 12  قضائية  المحكمة الدستورية العليا "منازعة تنفيذ"
 مبادئ الحكم:   أعمال سيادة - أعمال سيادة - أعمال سيادة - أعمال سيادة - أعمال سيادة -الرقابة على دستورية القوانين - الرقابة على دستورية القوانين - الرقابة على دستورية القوانين - دعوى دستورية - مبدأ الفصل بين السلطات - مجلس الشعب
نص الحكم
------------------
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
          بالجلسة العلنية المنعقدة 9 أكتوبر سنة 1990.
برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مصطفى حسن                            رئيس المحكمة
وحضور السادة المستشارين/ الدكتور عوض محمد المر والدكتور محمد إبراهيم أبو العينين ومحمد ولى الدين جلال ونهاد عبد الحميد خلاف وفاروق عبد الرحيم غنيم وسامى فرج يوسف    أعضاء
وحضور السيد المستشار/ السيد عبد الحميد عمارة           المفوض
وحضور  السيد/ رأفت محمد عبد الواحد                       أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 4لسنة12قضائية "منازعة تنفيذ"
"الإجراءات"
          بتاريخ 4 أكتوبر سنة 1990 أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالباً الحكم بصفة مستعجلة بقبول هذا الإشكال شكلاً وبوقف تنفيذ قرار رئيس الجمهورية الصادر بدعوة الناخبين إلى الاستفتاء على حل مجلس الشعب فى يوم 11 أكتوبر 1990 شاملاً كافة آثاره مع الحكم تبعاً لذلك باستمرار تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 19 مايو سنة 1990 بعدم دستورية المادة الخامسة مكرراً من قانون مجلس الشعب متضمناً قضاءه ببطلان عضوية أعضائه وتشكيله مع إلزام المدعى عليهم بالمصروفات شاملة  مقابل أتعاب المحاماة بحكم نافذ بقوة القانون بموجب مسودته بدون إعلان تطبيقاً لحكم المادة 286 من قانون المرافعات ومع حفظ جميع الحقوق الأخرى.
          وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها وطلبت فيها الحكم أصلياً بعدم إختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى، واحتياطياً بعدم قبول الدعوى أو برفضها.
          وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها.
          ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
"المحكمة"
          بعد الإطلاع على الأوراق والمداولة.
          حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق-  تتحصل فى أن المدعى أقامها طالباً الحكم بصفة مستعجلة بقبول هذا الإشكال شكلاً وبوقف تنفيذ قرار رئيس الجمهورية الصادر بدعوة الناخبين إلى الاستفتاء على حل مجلس الشعب فى يوم 11 أكتوبر 1990 شاملاً كافة آثاره مع الحكم تبعاً لذلك باستمرار تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 19 مايو سنة1990 بعدم دستورية المادة الخامسة مكرراً من قانون مجلس الشعب متضمناً قضاءه ببطلان عضوية أعضائه وتشكيله وأورد فى بيان الدعوى أنه بتاريخ 19 مايو سنة 1990 أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكمها بعدم دستورية المادة الخامسة مكرراً من قانون مجلس الشعب رقم 38 لسنة 1972 وقضى قضاء قطعياً نهائياً باتا فى أسبابه ببطلان انتخاب أعضاء مجلس الشعب وتشكيله الذى تم نفاذاً لحكم هذه المادة، واستطرد إلى أن المستقر عليه فقهاً وقضاء أن كل فصل فى أى مسألة فرعية فى أسباب الحكم تكتسب حجية منطوقه وتكون لها قوته فى الإثبات والنفاذ فى حق الكافة بالنسبة إلى أحكام المحكمة الدستورية العليا عملاً بالمادتين 48 و 49 من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، وتبدأ هذه الحجية من وقت النطق بالحكم دون أن تتوقف على تنفيذه أو على العلم به فعليا أو قانونياً كما تنفذ الأحكام بعد إعلان المحكوم عليه بها بالوسيلة التى قررها القانون، ولذلك فإن حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر فى 19 مايو سنة 1990 تمتد حجيته ونفاذه وتنفيذه إلى المدعى وغيره من المواطنين، وبهذا المقتضى فإنه يعتبر من ذوى الصفة والمصلحة فى طلب استمرار تنفيذه وتعقب إجراءات تعطيل هذا التنفيذ عملاً بالمادة 50 من قانون المحكمة الدستورية العليا ، وأضاف أن السيد رئيس الجمهورية أصدر بياناً بتاريخ 26 سبتمبر سنة 1990 ضمنه إعلانه عن قرار أصدره إستناداً إلى المادة 136 من الدستور بوقف جلسات مجلس الشعب ودعوة الناخبين إلى الاستفتاء على حله وهو ما يعنى عدم الإقرار بحجية وآثار حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر فى 19 مايو سنة 1990 المشار إليه وعدم إقرار نفاذه بعد نشره فى الجريدة الرسمية واعتبار مجلس الشعب قائماً صحيحاً دستورياً وقانونياً تخلصاً من هذا الحكم وعدم تنفيذه،و لذا فقد أقام هذه الدعوى، وفى مذكرة موجزة صمم المدعى على طلباته المتقدمة.
          وحيث إن المدعى قدم بجلسة 7 أكتوبر سنة 1990 مذكرة بتوضيح حقيقة طلباته فى الدعوى فى مواجهة الحاضر عن الحكومة، طلب فيها الحكم بصفة مستعجلة بقبول الإشكال فى تنفيذ الحكم الصادر فى الدعوى رقم 37 لسنة 9 قضائية "دستورية" شكلاً وباستمرار تنفيذ هذا الحكم متضمناً ما قضى به قطعياً ونهائياً وباتاً من أسبابه ببطلان انتخاب أعضاء مجلس الشعب، وترتيب كافة ما يترتب على ذلك من آثار شاملة وقف تنفيذ قرار رئيس الجمهورية الصادر بدعوة الناخبين إلى الاستفتاء على حل مجلس الشعب باعتبار أن طلب وقف تنفيذه من المسائل الفرعية المترتبة على قبول الإشكال واستمرار تنفيذ الحكم المستشكل فيه وفقاً لنص المادة 47 من قانون المحكمة الدستورية العليا مع إلزام المدعى عليهم بالمصروفات والأتعاب وتنفيذ الحكم بمسودته تطبيقاً للمادة 286 من قانون المرافعات،و دفع فى ذات الجلسة بعدم دستورية قرار رئيس الجمهورية سالف البيان.
          وحيث إن الحكومة دفعت أصلياً بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى، واحتياطياً بعدم قبول الدعوى أو برفضها.
          وحيث إن الدستور وقانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 قد اختصا هذه المحكمة - دون غيرها بالرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح واستهدفا بذلك صون الدستور القائم وحمايته من الخروج على أحكامه وترسيخ مفهوم الديمقراطية التى أرساها سواء ما اتصل منه بتوكيد السيادة الشعبية - وهى جوهر الديمقراطية - أو بكفالة الحريات والحقوق العامة - وهى هدفها - أو بالمشاركة فى ممارسة السلطة - وهى وسيلتها - وذلك على نحو ما جرت به نصوصه ومبادئه التى تمثل دائماً القواعد والأصول التى يقوم عليها نظام الحكم ولها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام التى يتعين التزامها ومراعاتها وإهدار ما يخالفها من التشريعات باعتبارها أسمى القواعد الآمرة.
          وإذا كانت الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح تجد أساساً لها - كأصل عام - فى مبدأ الشرعية وسيادة القانون الذى أرساه الدستور، غير أنه يرد على هذا الأصل ما استقر عليه الفقه والقضاء من استبعاد "أعمال السيادة" من مجال الرقابة القضائية على أساس أن طبيعتها تأبى أن تكون محلاً لدعوى قضائية، وإذا كانت نظرية "أعمال السيادة" فى أصلها الفرنسى قضائية المنشأ إلا أنها فى مصر ذات أساس تشريعى يرجع على بداية التنظيم القضائى الحديث الذى أقرها بنصوص صريحة فى صلب التشريعات المتعاقبة المنظمة للسلطة القضائية ومجلس الدولة على السواء.
          وحيث إن استبعاد "أعمال السيادة" من ولاية القضاء إنما يأتى تحقيقاً للأعتبارات السياسية التى تقتضى - بسبب طبيعة هذه الأعمال واتصالها بنظام الدولة السياسى اتصالاً وثيقاً أو بسيادتها فى الداخل والخارج - النأى بها عن نطاق الرقابة القضائية وذلك لدواعى الحفاظ على كيان لدولة فى الداخل والذود عن سيادتها فى الخارج ورعاية مصالحها العليا ، ومن ثم تبدو الحكمة من استبعاد هذه الأعمال من ولاية القضاء متمثلة فى اتصالها بسيادة الدولة فى الداخل والخارج وفى أنها لا تقبل بطبيعتها- على ما سلف بيانه - أن تكون محلاً للتقاضى لما يحيط بها من اعتبارات سياسية تبرر تخويل السلطة التنفيذية سلطة تقديرية أوسع مدى وأبعد نطاقاً تحقيقاً لصالح الوطن وسلامته دون تخويل القضاء سلطة التعقيب على ما تتخذه من إجراءات فى هذا الصدد، ولأن النظر فيها أو التعقيب عليها يقتضى توافر معلومات وعناصر وموازين تقدير مختلفة لا تتاح للقضاء وذلك فضلاً عن عدم ملاءمة طرح هذه المسائل علناً فى ساحات القضاء.
          وحيث إن خروج أعمال السيادة عن ولاية القضاء يعد أحد صور التطبيق الأمثل لأعمال المفهوم الصحيح لمبدأ الفصل بين السلطات الذى يوجب إقامة توازن دقيق بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية بحيث تتولى كل من هذه السلطات صلاحياتها التى خلعها عليها الدستور وفى الحدود التى رسمها دون افتئات من إحداها على الأخرى.
          وحيث إن إعمال هذا المفهوم الصحيح لمبدأ الفصل بين السلطات والاستجابة للحكمة والاعتبارات التى إقتضت استبعاد "أعمال السيادة" من ولاية القضاء بوجه عام قد وجدت صدى لها فى القضاء الدستورى فى الدول المتحضرة التى أخذت بنظام الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح إذ جرى هذا النوع من القضاء فى هذه الدول على استبعاد "الأعمال السياسية" - التى تعد بحق المجال الحيوى والطبيعى لنظرية "أعمال السيادة" - من اختصاصه ومن نطاق هذه الرقابة القضائية.
          وحيث إن العبرة فى تحديد التكييف القانونى لأى عمل تجربة السلطة التنفيذية لمعرفة ما إذا كان من " أعمال السيادة" أم لا - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - هى بطبيعة العمل ذاته لا بالأوصاف التى قد تخلع عليه متى كانت طبيعته تتنافى مع هذا الوصف.
          وحيث إن قرار رئيس الجمهورية رقم 404 لسنة 1990 بشأن دعوة الناخبين إلى الاستفتاء على حل مجلس الشعب إنما يتعلق باستطلاع رأى هيئة الناخبين التى تمثل القاعدة الشعبية فى أمر يتصل بأخص المسائل المتعلقة بعلاقة السلطة التنفيذية بالسلطة التشريعية ويتصل بتكوين هذه السلطة وهو يعد بهذه المثابة من أبرز الأمور التى تتعلق بممارسة سلطة الحكم ومن ثم يعتبر من "الأعمال السياسية" التى تتحمل السلطة التنفيذية كامل المسئولية السياسية بصدد إجرائها بغير معقب من القضاء.
          أما عن الدفع بعدم دستورية قرار رئيس الجمهورية سالف الذكر فإن النظر فيه يفترض ابتداء خضوع هذا القرار - بطبيعته ومنظوراً إليه فى ذاته- لرقابة القضاء وهو ما يتأبى عليه وفقاً لما سلف بيانه وبذلك ينتفى اختصاص المحكمة بنظر الدعوى.
"لهذه الأسباب"
          حكمت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ ثلاثين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة.س- تكلم عن مسئولية الدولة عن أعمال السيادة في النظام الفرنسي والنظام المصري ، والانتقادات الموجهة لهذه النظرية.
المقصود بأعمال السيادة:
طائفة من الأعمال التي تقوم بها السلطة التنفيذية والتي تخرج عن نطاق الرقابة القضائية بجميع صورها ، أي أنها لا تخضع لرقابة قضاء الإلغاء أو قضاء التعويض ، أو الرقابة القضائية لفحص مشروعية أو تفسير العمل. وهي تمثل استثناءا خطير على مبدأ المشروعية ومبدأ المسئولية.ِ
نظرية أعمال السيادة في النظام الفرنسي: 
ما هي الأعمال التي تتدرج تحت طائفة أعمال السيادة أو ِأعمال الحكومة؟ِ هناك عدة معايير أهمها الآتي:
أولا : معيار الباعث السياسي: 
ومفاد هذا المعيار هو أن الأعمال التي تصدر عن السلطة التنفيذية ، ويكون الغرض أو الباعث عليها يكمن في أسباب سياسية ، تعد من قبيل أعمال السيادة وتخرج بالتالي عن نطاق الرقابة القضائية، أما الأعمال التي لا يكون الباعث إليها أسباب سياسية ، فإنها تعد من قبيل الأعمال العادية ، وتخضع في هذا لخصوص لرقابة مجلس الدولة الفرنسي.
ولكن انتقد الفقه هذه المعيار انتقادا شديدا وذلك للآتي: 
1- إن هذا المعيار غير محدد تحديدا دقيقا لما يعد من قبيل أعمال السيادة ، وذلك لأنه يعتمد أساسا على البحث عن بواعث يصعب التعرف إليها إلا باللجوء إلى الجهة التي أصدرت العمل لمعرفة بواعثها عند إطار العمل وهذا من شأنه أن يعطى الجهة مصدر العمل سلطة تقرير صفة العمل الصادر عنها ، وهل يعد عملا من أعمال السيادة أم لا . 
2- إن القول بأن الجهة مصدر العمل هي التي تقرر طبيعة العمل من شأنه تهديد حقوق وحريات المواطنين تهديدا خطيرا ، وذلك لأنه سيترك السلطة التقديرية الواسعة للجهة مصدرة العمل في تحديد ما يعد من قبيل أعمال السيادة وما قد يترتب على ذلك من إمكانية خضوعه للرقابة القضائية أو عدم إمكانية ذلك ولذلك نجد أن مجلس الدولة الفرنسي لم يستمر طويلا في الأخذ بهذا المعيار وإنما هجره ولجأ لوسائل أخرى لتحديد المقصود بأعمال السيادة. 
ثانيا: المعيار الموضوعي الذي يعتد بطبيعة العمل ذاته: 
اتجه الفقه والقضاء بعد هجر معيار الباعث السياسي- إلى الأخذ بمعيار موضوعي مؤداه النظر إلى طبيعة العمل ذاته وهل يمثل في حد ذاته وبخصائصه الذاتية عملا من أعمال السيادة أم لا. 
ولكن الأخذ بهذا المعيار يعود بنا إلى التساؤل الأول والذي بدأنا به ، ألا وهو : وما هي الأعمال التي تعد بطبيعتها من أعمال السيادة وما تلك الأعمال التي تخرج بطبيعتها من هذه النطاق؟ 
ذهب بعض الفقه إلى القول بأن السلطة التنفيذية وهي تقوم بوظيفتها تقوم في الحقيقة بأداء نوعين من الأعمال في نفس الوقت : فقد تقوم بأعمال حكومية وقد تقوم بأعمال إدارية وتندرج طائفة من الأعمال الأولى تحت طائفة أعمال السيادة دون الطائفة الثانية ، ويقصد بأعمال الحكومة مجموعة الأعمال التي تقوم بها السلطة التنفيذية أثناء أدائها لوظيفتها الحكومية . 
انتقاد النظرية : 
يؤخذ على هذه النظرية أنها لم تضع حلا للمشكلة المعروضة أمامنا ألا وهي تحديد المقصود بأعمال السيادة إذ أنها وضعت معيار غير محدد يحتاج بدوره إلى التحديد وتعود المشكلة بعد ذلك لتحديد المقصود بالأعمال الحكومية التي تقوم بها السلطة التنفيذية ، وما هو المقصود بالوظيفة الحكومية ومتى تعد تصرفات السلطة التنفيذية من قبيل " الأعمال الحكومية ، ومتى لا تعد كذلك وبذلك نجد أن المعيار يقودنا إلى الدوران في حلقات مفرغة.
وأخيرا:... 
ومن دراسة هذا التطور نجد أن الفقه انتهى إلى أنه من الصعب تحديد وتعيين معيار جامع ومانع لما يعد من قبيل أعمال السيادة ، ولذلك رأى أغلب الفقه إلى أنه من المستحسن ترك هذا التحديد للقضاء ليقوم بالنظر إلى كل حالة على حدة وهذا سيكون من شأنه إعطاء حرية تقديرية للقضاء في تحديد ما هو المقصود بأعمال السيادة وكذلك من شأنه عدم تقييد القضاء الإداري في ذلك مما يجعله يستطيع في كل وقت الحد من هذه النظرية والتي تمثل خطر كبير على الحقوق والحريات الفردية .
وفي ذلك نجد الوضع في فرنسا استقر وبصفة خاصة مجلس الدولة الفرنسي على الاعتراف لطائفة معينة من الأعمال بصفة أعمال السيادة وبالتالي تخرج عن نطاق الرقابة القضائية ، ويمكن إعطاء أهم الأمثلة لهذه الأعمال كالآتي: 
1- الأعمال المتعلقة بالسيادة الإقليمية. 
2- الأعمال المتعلقة بالعلاقات الدولية والدبلوماسية. 
3- المسائل المتصلة بسيادة الدولة الخارجية.
4- بعض الإجراءات الخاصة بالدفاع عن البلاد"بعض أعمال الحرب".
5- الأعمال المنظمة لعلاقة السلطة التنفيذية بالسلطة التشريعية. 
6- بعض إجراءات الأمن الداخلي " مثال لذلك ، القرار الصادر من رئيس الجمهورية بأعلام الأحكام العرفية" . 
7- بعض شئون القوات المسلحة. 
نظرية أعمال السيادة في القانون المصري: 
جرى الوضع في مصر على النص صراحة – في أحوال متعددة – على الأخذ بنظرية أعمال السيادة واعتبار تلك الطائفة من الأعمال المحصنة ضد الرقابة القضائية.
وقد نصت كل من المادة 43 من لائحة ترتيب المحاكم المختلطة والمادة 15 من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية على أنه" ليس للمحاكم .. أن تنظر بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في أعمال السيادة...".هذا وقد تم نقل هذا النص حرفيا في قانون نظام القضاء رقم 147 لعام 149، وحاليا تنص المادة 17 من قانون السلطة القضائية رقم 46لعام 1972 المعمول به حالي على أنه"ليس للمحاكم أن تنظر بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في أعمال السيادة" وقد ذكر المشرع مؤخرا بعض الأمثلة لما يعد من قبيل أعمال السيادة وذلك دون الذهاب في جميع الأحوال إلى حصرها ، وفي ذلك ذكرت المادة 6 من القانون رقم 112 لسنة 1946 على أنه "لا تقبل الطلبات... 
1- الطلبات المقدمة عن القرارات المتعلقة بالأعمال المنظمة لعلاقة الحكومة بمجلس البرلمان ، وعن التدابير الخاصة بالأمن الداخلي والخارجي للدولة ، وعن العلاقات السياسية ، أو المسائل الخاصة بالأعمال الحربية ، وعلى العموم سائر الطلبات المتعلقة بعمل من أعمال السيادة..".
وقد عدل المشرع المصري عن هذه المسلك في القوانين اللاحقة والصادرة لتنظيم مجلس الدولة ابتداء من القانون رقم 165 لسنة1955 وأصبح يقتصر على النص فقط على مبدأ تحصين أعمال السيادة من الرقابة القضائية ،وذلك دون ذكر أمثلة لما يعد من قبيل أعمال السيادة وبذلك أصبح النص على مبدأ كالآتي: 
" لا يختص محاكم مجلس الدولة بالنظر في الطلبات المتعلقة بأعمال السيادة"
- وبناء على هذا الأساس ينصرف اصطلاح أعمال التي تتعلق بالسياسة العليا في الدولة والتي تقوم بها السلطة التنفيذية بفروعها المختلفة بما لها من سلطة عليا في المحافظة على بقاء الدولة وسيادتها"
وقد أيد الفقه المصري في مسلك المشرع المصري وذلك لأن ذكر أمثلة خاصة لم يعد من قبيل أعمال السيادة من شأنه تقييد القاضي وهو بصدد الفصل في المنازعات ، أما النص على المبدأ في ذاته " وهو تحصين أعمال السيادة من الرقابة القضائية" مع ترك الحرية للقاضي ليقرر ما يراه بشأن كل نزاع على حدة فلذلك من شأنه إعطاء سلطة تقديرية للقاضي في تقرير ما يعد من قبيل أعمال السيادة وما لا يعد كذلك وذلك طبقا للاحتياجات الناتجة عن التطور في داخل المجتمع ، وكذلك سيؤدي ذلك إلى إعطاء سلطة تقديرية للقاضي في الحد من هذه النظرية وقصرها على الأحوال الاستثنائية وذلك لأنها تعد بحق أهدار لمبدأ المشروعية . 
- ومن تتبع أحكام القضاء الإداري المصري تستطيع أن تكتشف أن القضاء الإداري المصري يعتبر من قبيل أعمال السيادة: 
1- بعض الأعمال الخاصة بسلامة الدولة وأمنها الداخلي. 
2- بعض الأعمال الصادرة في شأن حالة الحرب. 
3- الأعمال المتعلقة بالسيادة الإقليمية وما يتعلق بالعلاقات الدولية والدبلوماسية.
4- الأعمال الخاصة بعلاقة السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية (الحكومة والبرلمان)، وبصفة عامة الأعمال الخاصة بسير السلطات العامة وخصوصا ما يتعلق بعلاقاتها الدستورية بعضها بالبعض الآخر. 
وتقوم نظرية أعمال السيادة على أن السلطة التنفيذية تتولى وظيفتين إحداهما بوصفها سلطة حكم والأخرى بوصفها سلطة إدارة، وتعتبر الأعمال التي تقوم بها السلطة التنفيذية بوصفها سلطة حكم من قبيل أعمال السيادة والأعمال التي تقوم بها بوصفها سلطة إدارية أعمالا إدارية.
الأثر المترتب على تقرير صفة أعمال السيادة: 
إذا ما تقرر خلع صفة عمل السيادة لقرار ما صادر عن السلطة التنفيذية ، يتمتع هذا القرار بحصانة من الرقابة القضائية وهذه الحصانة تمتد فتشمل قضاء الإلغاء وقضاء التعويض ، وقضاء المشروعية ،ويكون على القاضي المعروض عليه النزاع في هذه الحالة الحكم بعدم الاختصاص.
- وتقرير صفة " عمل السيادة" لقرار ما هو من سلطة القاضي وإنه في كل الأحوال يظل القاضي هو سيد الموقف ، بمعنى أنه هو وحده الذي يملك وصف العمل المطعون فيه بأنه من أعمال السيادة أو أنه ليس كذلك ،وأنه عمل معدوم ، أو أنه ليس كذلك وهكذا يستطيع أن يضيق من دائرة أعمال السيادة التي لا يختص بنظرها وأن يوسع فيها. أما المشرع فلا يملك حتى بقانون أن يصف عملا ما تصدره السلطة التنفيذية بأنه من أعمال السيادة.

ليست هناك تعليقات:

#محمد_أبوالعيبين

  اسمه الكامل هو محمد محمد محمد #محمد_أبوالعيبين وهو من مواليد اليوم الخامس من شهر سبتمبر للعام 1951 ميلادي. #محمد_أبوالعيبين حصوله على العد...