الختان في الاسلام وفي المجتمعات الاسلامية ..
	ا‮. ‬د‮. ‬حسيب شحادة -جامعة هلسنكي يُقدّر عدد الذكور الذين‮ ‬يختنون سنويا بحوالي‮ ‬أربعة عشر مليونا في‮ ‬حين أن عدد المختونات سنويا‮ ‬يصل إلى المليونين‮. ‬وهناك أكثر من ‮٠٣١ ‬مليون امرأة مختونة تعيش في‮ ‬ثلاثين دولة ويكوّن المسلمون حوالي‮ ‬ربع العالم وهم الأشدّ‮ ‬فقرا وتخلفا وضعفا وأميّة‮.‬ ‮ ‬كتبت الدكتورة المصرية المعروفة،‮ ‬نوال السعداوي،‮ ‬عن هذا الموضوع،‮ ‬عن قصة خفضها تقول‮:‬ ‮"‬كنت في‮ ‬السادسة من عمري‮. ‬نائمة في‮ ‬سريري‮ ‬الدافىء وأحلم أحلام الطفولة الوردية حينما أحسست بتلك اليد الباردة الخشنة الكبيرة ذات الأظافر القذرة السوداء،‮ ‬تمتد وتمسكني،‮ ‬ويد أخرى مشابهة لليد السابقة خشنة وكبيرة تسد فمي‮ ‬وتطبق عليه بكل قوة لتمنعني‮ ‬من الصراخ‮. ‬وحملوني‮ ‬إلى الحمام‮. ‬لا أدري‮ ‬كم كان عددهم،‮ ‬ولا أذكر ماذا كان شكل وجوههم‮. ‬وما إذا كانوا رجالا أم نساء‮. ‬فقد أصبحت الدنيا أمام عيني‮ ‬مغلفة بضباب أسود ولعلهم وضعوا فوق عيني‮ ‬غطاء‮. ‬كل ما أدركته في‮ ‬ذلك الوقت تلك القبضة الحديدية التي‮ ‬أمسكت رأسي‮ ‬وذراعي‮ ‬وساقي‮ ‬حتى أصبحت عاجزة عن المقاومة أو الحركة‮. ‬وملمس بلاط الحمام البارد تحت جسدي‮ ‬العاري،‮ ‬وأصوات مجهولة وهمهمات‮ ‬يتخللها صوت اصطكاك شيء معدني‮ ‬ذكرني‮ ‬باصطكاك سكين الجزار حين كان‮ ‬يسنه أمامنا قبل ذبح خروف العيد‮.‬      وتجمّد الدم في‮ ‬عروقي‮. ‬ظننت أن عددا من اللصوص سرقوني‮ ‬من سريري‮ ‬ويتأهبون لذبحي،‮ ‬وكنت أسمع كثيرا من هذه القصص من جدتي‮ ‬الريفية العجوز‮.‬      وأرهفت أذني‮ ‬لصوت الاصطكاك المعدني‮. ‬وما أن توقف حتى توقف قلبي‮ ‬بين ضلوعي‮. ‬وأحسست وأنا مكتومة الأنفاس ومغلقة العينين أن ذلك الشيء‮ ‬يقترب مني‮. ‬لا‮ ‬يقترب من عنقي،‮ ‬وإنما‮ ‬يقترب من بطني،‮ ‬من مكان بين فخذي‮. ‬وأدركت في‮ ‬تلك اللحظة أن فخذيّ‮ ‬قد فُتحتا عن آخرهما،‮ ‬وأن كل فخذ قد شدّت بعيداً‮ ‬عن الأخرى بأصابع حديدية لا تلين‮. ‬وكأنما السكين أو الموس الحاد‮ ‬يسقط على عنقي‮ ‬بالضبط،‮ ‬أحسست بالشيء المعدني‮ ‬يسقط بحدّة وقوة ويقطع من بين فخذي‮ ‬جزءاً‮ ‬من جسدي‮.‬      صرخت من الألم رغم الكمّامة فوق فمي‮. ‬فالألم لم‮ ‬يكن ألماً،‮ ‬وإنما هي‮ ‬نار سرت في‮ ‬جسدي‮ ‬كله،‮ ‬وبركة حمراء من دمي‮ ‬تحوطني‮ ‬فوق بلاط الحمام‮.‬      لم أعرف ما الذي‮ ‬قطعوه مني،‮ ‬ولم أحاول أن أسأل‮. ‬كنت أبكي‮ ‬وأنادي‮ ‬على أمي‮ ‬لتنقذني‮. ‬وكم كانت صدمتي‮ ‬حين وجدتها هي‮ ‬بلحمها ودمها واقفة مع هؤلاء الغرباء تتحدث معهم وتبتسم لهم وكأنما لم‮ ‬يذبحوا ابنتها منذ لحظات‮.‬      وحملوني‮ ‬إلى السرير‮. ‬ورأيتهم‮ ‬يمسكون أختي‮ ‬التي‮ ‬كانت تصغرني‮ ‬بعامين بالطريقة نفسها،‮ ‬فصرخت وأنا أقول لهم‮: ‬لا،‮ ‬لا،‮ ‬ورأيت وجه أختي‮ ‬من بين أيديهم الخشنة الكبيرة،‮ ‬كان شاحباً‮ ‬أبيض كوجوه الموتى،‮ ‬والتقت عيني‮ ‬بعينيها في‮ ‬لحظة سريعة قبل أن‮ ‬يأخذوها إلى الحمام،‮ ‬وكأنما أدركنا معاً‮ ‬في‮ ‬تلك اللحظة المأساة،‮ ‬مأساة أننا خلقنا من ذلك الجنس،‮ ‬جنس الإناث،‮ ‬الذي‮ ‬يحدد مصيرنا البائس،‮ ‬ويسوقنا بيد حديدية باردة إلى حيث‮ ‬يستأصل من جسدنا بعض الأجزاء‮".‬      لا ريب في‮ ‬أن مثل هذه التجربة القاسية في‮ ‬طفولة السيدة نوال السعداوي‮ ‬شائعة في‮ ‬الدول العربية، ‮ ‬ولم‮ ‬يتسن للأغلبية الساحقة من بنات حوّاء التعبير عمّا في‮ ‬أحشائهن وضمائرهن من ألم فادح دفين وذكريات بائسة قد لا تمّحي‮ ‬عبر السنين‮. ‬وعليه قد‮ ‬يكون صوت السعداوي‮ ‬هذا وفي‮ ‬مواقعَ‮ ‬عديدة مماثلة من انتاجها الأدبي‮ ‬والفكري‮ ‬النسائي‮ ‬معبرا عن خلجات أفئدة الأخريات،‮ ‬منبر من لا منبر له ‮. ‬ومزاولة هذه العملية الجراحية متجذرة في‮ ‬التقاليد الإفريقية وفي‮ ‬المعتقدات الإسلامية وهناك من‮ ‬يدّعي‮ ‬أنه لا بدّ‮ ‬من خفاض البنت وإلا ستترعرع وتكبر كالرجل وآنها من سيقدم على الاقتران بها‮. ‬والقضية الرئيسة في‮ ‬هذه الدراسة هي‮ ‬ما موقف الديانة الإسلامية كما ترد في‮ ‬المصادر‮: ‬القرآن والحديث والسنة،‮ ‬هذا من جهة ومن الناحية الأخرى كيف‮ ‬يفسّر البشر،‮ ‬المسلمون تلك النصوص الدينية التاريخية‮. ‬بعبارة موجزة لا بدّ‮ ‬من الفصل بين‮ "‬الدين‮" ‬و"رجال الدين‮" ‬وكما قال طه حسين للفرنسي‮ ‬أندريه جيد‮ "‬لقد عرفت المسلمين ولم تعرف الإسلام‮" ‬وما‮ ‬يشبه ذلك قاله من قبل محمد عبده بعد عودته من سفر في‮ ‬أوروبا إلى أرض الكنانة‮ "‬كنت في‮ ‬أوروبا فالتقيت فيها بمسلمين ولم ألتق بالإسلام ووجدت في‮ ‬موطني‮ ‬إسلاماً‮ ‬ولم أجد مسلمين‮". ‬      تستعمل اللغة العربية بضعة ألفاظ للدلالة على عملية بتر جزء من العضو التناسلي‮ ‬الذكري‮ ‬أو الأنثوي‮ ‬منها‮ "‬الختان والختانة والطهور والطهار والطهارة والتطهير‮ (‬جسديا وأخلاقيا‮) ‬والخفض والخفاض والإعذار‮"‬،‮ ‬وقد خصّ‮ ‬البعض‮ "‬الختن‮" ‬بالذكر و"الخفض‮" ‬بالأنثى و"الإعذار‮" ‬لكليهما‮. ‬ويشار إلى أن مثل هذه العملية الجراحية لا تجعل من الانسان مسلما أو مسلمة ولكنها علامة خارجية لانتماء ديني‮. ‬وهناك من‮ ‬يرى فيها عملية واقية لأمراض فتاكة مستقبلية مثل السرطان‮. ‬في‮ ‬الواقع هذه النظرية كانت قد ظهرت عام ‮٢٣٩١ ‬وقدارتكزت على بحث أظهر أن سرطان العضو التناسلي‮ ‬أقل شيوعا لدى المسلمين واليهود الذين‮ ‬يمارسون عملية الختان منه لدى فئات عرقية أخرى لا تمارسه،‮ ‬إلا أنه تبين بعد ذلك أن منهاج البحث كان مغلوطا وعليه فالنتائج‮ ‬غير سارية المفعول‮. ‬المتغير الوحيد الذي‮ ‬أخذ في‮ ‬الحسبان في‮ ‬البحث المذكور كان الدين وهكذا أهملت جوانب أخرى ذات صلة مثل المستوى الاقتصادي‮ ‬والاجتماعي،‮ ‬عادات صحية‮. ‬كما وذكر تسويغ‮ ‬آخر للختان ألا وهو التجميل،‮ ‬إذ‮ ‬يقول بعض الأطباء إن القضيب المختون‮ ‬يظهر منتصبا حتى وهو في‮ ‬حالة السكون،‮ "‬النوم‮"‬،‮ ‬وعليه فهو دليل الرجولة‮. ‬و"العذرة‮" ‬هي‮ "‬الختان‮" ‬وهي‮ ‬كذلك الجلدة التي‮ ‬يقطعها الخاتن و"عذر‮" ‬و"أعذر‮" ‬يعنيان‮ "‬ختن‮" "‬والعذار والإعذار والعذيرة‮" ‬هي‮ ‬طعام الختان‮.‬ ‮ ‬وخفاض الجارية هو قطع جلدة تكون في‮ ‬أعلى الفرج،‮ ‬مدخل الذكر كالنواة‮ ‬‭(‬kernel‭)‬‮ ‬أو كعرف الديك‮ ( ‬*****صs comb‭, (‬crest of a rooster‮ ‬وقد تتكرر عملية القطع هذه بيدي‮ ‬القوابل والأطباء والحلاقين‮.‬ ‮ ‬وأكثر الألفاظ شيوعا الكلمات الأربع الأولى‮. ‬ويبدو أن استخدام ثلاث صيغ‮ ‬مشتقة من السنخ‮ "‬طهر‮" ‬السامي‮ ‬ينمّ‮ ‬عن اعتقاد الناس بالطهارة الجسدية وربما الروحية إثر القيام بعملية البتر‮. ‬وما‮ ‬يقطع من الذكر‮ ‬يسمّى بـ"الغرلة‮" ‬كما في‮ ‬اللغة العبرية‮ (‬ْگٌل‮) ‬أو‮ "‬الغلفة‮" ‬أو‮ "‬القلفة‮" ‬وعليه‮ ‬يطلق على‮ ‬غير المختون‮ "‬أغْرل،‮ ‬أغلف،‮ ‬أقلف‮". ‬وللفظة‮ "‬الخِتان‮" ‬معان أخرى متصلة بالزواج كما لا‮ ‬يخفى على المطّلع على المعاجم العربية‮. ‬ففي‮ "‬لسان العرب‮" ‬يقول ابن منظور‮ (‬ت‮. ١١٣١‬م‮): "‬الختن أبو امرأة الرجل وأخو امرأته وكل من كان من قبل امرأته،‮ ‬والجمع أَختان،‮ ‬والأنثى ختنة‮. ‬وخاتن الرجلُ‮ ‬الرجلَ‮ ‬إذا تزوج إليه‮. ‬وفي‮ ‬الحديث‮: ‬علي‮ ‬ختن رسول الله‮ (‬ص‮) ‬أي‮ ‬زوج ابنته‮. ‬والاسم الختونة‮ ... ‬والختن‮: ‬زوج فتاة القوم،‮ ‬ومن كان من قبله من رجل أو امرأة فهم كلهم أختان لأهل المرأة‮. ‬وأم المرأة وأبوها‮: ‬ختنان للزوج‮".‬ ‮ ‬      أصل الختان عند أتباع الديانات السماوية الثلاث هو التوراة،‮ ‬واللفظة العبرية‮ ‬َىٌل تعني‮ "‬القطع‮" ‬وتستخدم في‮ ‬الأغلب مضافا إليها ويكون المضاف فگىڑ‮ ‬بمعنى‮ "‬العهد‮" ‬وعليه فيكون مجمل المعنى‮ "‬قطع العهد‮" ‬كما في‮ ‬العربية‮. ‬ويشار إلى أن اللفظة العبرية الأولى لم ترد في‮ ‬أسفار العهد القديم بل في‮ ‬لغة المشناة،‮ ‬أما الكلمة العبرية الثانية فقد استعملت في‮ ‬كلا المصدرين العبريين الأساسيين‮. ‬وقد تكون هناك صلة تأثيلية بين الجذرين‮ "‬ختن‮" ‬و"ختم‮" ‬إذ أن الصوتين الأخيرين،‮ ‬النون والميم قد‮ ‬يتبدلان في‮ ‬الأرومة السامية وآنها‮ ‬يكون المقصود وضع علامة فارقة بغية التعرف على عبد آبق‮. ‬ويشار رلى أن العالم النفسي‮ ‬اليهودي‮ ‬سيجموند فرويد كان قد اختلف مع التوراة بخصوص الختان‮. ‬من المعروف ان التوراة تقول إن الله أمر إبراهيم الخليل بفعل ذلك كعهد بينهما‮. ‬كما وتذكر التوراة‮ ‬غضب الله على النبي‮ ‬موسى لإهماله الختان فأسرعت زوجته وختنته‮. ‬ويقول ابن قيّم الجوزية‮ (‬ت‮. ١٥٣١) ‬في‮ ‬مؤلَّفه‮ "‬تحفة المودود بأحكام المولود‮": "‬إنه لا‮ ‬ينكر أن‮ ‬يكون قطع هذه الجلدة علماً‮ ‬على العبودية‮. ‬فإنك تجد قطع طرف الأذن وكي‮ ‬الجبهة ونحو ذلك في‮ ‬كثير من الرقيق علامة لرقهم وعبوديتهم‮. ‬حتى إذا أبق ردّ‮ ‬إلى مالكه بتلك العلامة‮".‬ ‮ ‬وكلمة‮ "‬الخِفاض‮" ‬التي‮ ‬تدل عادة على ختان الإناث تحمل من حيث علم التشريح معنى تخفيض جزء مرتفع أما لغةً‮ ‬فإنها تتضمّن معنى الذل والهوان‮ ‬ وبعبارة وجيزة هناك تخفيض أو تقليص كبير جدا من حدّة اللذة أو الإثارة الجنسية لدى الأنثى كي‮ ‬تحافظ على عذارتها من جهة وكي‮ ‬يفرد الرجل سيطرته عليها والحؤول دون الانزلاق في‮ ‬القصف والرذائل من الجهة الأخرى‮. ‬وتقدّر نسبة الإثارة الجنسية لدى المرأة‮ ‬غير المختونة بالمقارنة مع المختونة حوالي‮ ‬ثمانية أضعاف‮. ‬ويشار إلى أن القرآن‮ ‬يشجع هذه اللذة الزوجية،‮ ٢: ٧٨١‬،‮ ٠٣: ١٢. ‬والشريعة الإسلامية تحمي‮ ‬حق المرأة في‮ ‬التمتع جنسيا كما‮ ‬يتجلّى الأمر في‮ ‬حقّها في‮ ‬الطلاق على أرضية قصور الزوج من توفير ذلك لها‮. ‬ومن هذا المنطلق فلا‮ ‬يجوز بتر أي‮ ‬جزء من عضو المرأة التناسلي‮ ‬الذي‮ ‬من شأنه تقليص أو إبطال مثل هذه اللذة الجنسية الطبيعية‮. ‬غالبا ما‮ ‬يخلط الناس ما بين عادات وتقاليد راسخة عميقا في‮ ‬الثقافة المحلية بمتطلبات دينية‮.‬      وفي‮ ‬اللغات الأوروبية هناك عادة لفظة واحدة للدلالة على ختان كلا الجنسين،‮ ‬الذكور والإناث،‮ ‬وهي‮ ‬circumcision‮ ‬بالإنجليزية المتحدرة من أصل لاتيتي‮ ‬circumcido‮ ‬ومعناها‮ "‬القطع دائرياً‮"‬،‮ ‬وهناك بعض الباحثين الذين‮ ‬يفرّقون بين خِتان الذكر وختان الأنثى ويطلقون لفظة‮ ‬excision،‮ ‬لاتينية المحتدّ‮ ‬أيضا والتي‮ ‬تعني؛ الاستئصال‮" ‬لتشير إلى عملية ختان البنت‮. ‬ويذكر أن اليهود والمسلمين‮ ‬يرون في‮ ‬عملية الختان هذه علامة للتفريق بين المؤمن والكافر ‮. ‬ومما‮ ‬يجدر ذكرُه أنه إثر اجتماع لعلماء اجتماع وطب عقدته منظمة الصحة العالمية في‮ ‬جنيڤ عام ‮٥٩٩١ ‬تمّ‮ ‬الاتفاق على استخدام‮ ‬female genital mutilations‭ (‬FGM‭)‬ ‮ ‬للإشارة إلى‮ "‬ختان الأنثى‮" ‬وعرّب هذا المصطلح الجديد بـ‮ "‬التشويه الجنسي‮ ‬للإناث‮" ‬أو‮ "‬الانتهاك البدني‮ ‬للإناث‮" ‬و‮ "‬بتر الأعضاء الجنسية للإناث‮"‬ ‮. ‬وهناك من‮ ‬يرى صلة ما بين الفعل اللاتيني‮ ‬mutilare‮ ‬بمعنى‮ "‬القطع‮" ‬والأصل العربي‮ "‬مثل‮" ‬بمعنى‮ "‬القطع والتشويه‮".‬ ‮ ‬ويبدو أن تفادي‮ ‬استخدام المصطلح‮ ‬circumcision‮ ‬أي‮ "‬الخِتان‮" ‬أو‮ "‬التطهير‮" ‬في‮ ‬بعض العاميات العربية بالنسبة للإناث مردّه إلى معارضة اليهود القائلين بأن عدم التفريق بين نمطي‮ ‬الختان تشتمّ‮ ‬منه الإهانة والمذلة‮. ‬الختان الذكوري‮ ‬في‮ ‬العقيدة اليهودية فريضة هامة في‮ ‬حين لا فريضة مماثلة بالنسبة للإناث‮. ‬وهذه الفريضة لم تذكر في‮ ‬الوصايا العشر وكذلك النبي‮ ‬موسى لم‮ ‬يمتثل لها بسهولة،‮ ‬بل أجّلها بالنسبة لولده الثاني‮ ‬وأن زوجه،‮ ‬صفورة،‮ ‬لم تكن متمرسة بها‮ (‬أنظر سفر الخروج ‮٤: ٤٢). ‬وفي‮ ‬الولايات المتحدة الأمريكية معارضون كُثر لختان الذكور أيضا وسموه‮ ‬male genital mutilation‭ (‬MGM‭)‬‮ ‬أي‮ "‬البتر الجنسي‮ ‬للذكور‮" ‬وهم‮ ‬يـؤثرون استخدام‮ ‬genital mutilation‮ ‬للتعبير عن ختان كلا الجنسين بدلا من اللفظة‮ ‬circumcision‮ ‬التي‮ ‬أكل الدهر عليها وشرب وغدت جدّ‮ ‬محايدة لا تمس بأي‮ ‬إحساس أو شعور‮.‬ ‮ ‬وفي‮ ‬هذا السياق نرى أنه من الإنصاف لفت النظر إلى أن مِن العرب مَن عارض التدخل في‮ ‬جسم الانسان المعافى وضمن ذلك الختان‮. ‬كان ذلك قبل قرابة ألف عام وجاء على لسان أبو بكر محمد بن زكريا الرازي‮ ‬‭(‬Razès 864-932‭?)‬،‮ ‬طبيب المسلمسن أو جالينوس العرب‮.‬ ‮ ‬      وإليك قائمة بأسماء لأقسام العضوين التناسليين لدى الرجل والمرأة‮. ‬بالنسبة للذكر فمن الممكن الإشارة إلى العانة حيث‮ ‬ينمو شعر‮ ‬غزير عند سنّ‮ ‬البلوغ؛ كيس الصفن وفيه الخصيتان؛ الحشفة وهي‮ ‬انتفاخ مخروطي‮ ‬أملس في‮ ‬مقدمة القضيب حيث الضماخ البولي‮ ‬أو فتحة البول والقسم الخلفي‮ ‬هو‮ "‬إكليل الحشفة‮" ‬والثلم الحشفي‮ ‬يفصل الحشفة عن جسم القضيب؛ قصبة القضيب وفيها ثلاث حواف مستديرة؛ والغلفة أو القلفة أو الغرلة وهي‮ ‬القسم العلوي‮ ‬من‮ ‬غلاف القضيب وهي‮ ‬التي‮ ‬تختن وفيها خلايا عصبية شديدة التهيج‮. ‬وعند المرأة نجد العانة أيضا؛ الشفران الكبيران على جانبي‮ ‬الفرج من جبل الزهرة من الأمام إلى العجان في‮ ‬الخلف؛ الشفران الصغيران هما عبارة عن ثنيتين داخل الشفرين‮ (‬بمثابة شفتين للفرج‮) ‬الكبيرين‮ ‬غنيتين بالأعصاب والأوعية الدموية؛ الغلفة أو‮ ‬غطاء البظر وهي‮ ‬ذات ثلاث طبقات‮: ‬الجلد والبطانة والطبقة الخلوية،‮ ‬ومهمة الغلفة حماية البظر‮ (‬أو النواة‮) ‬من احتكاك مباشر آن الجماع إذ أن ذلك‮ ‬يسبب ألما؛ البظر طوله حوالي‮ ٢‬سم وهو عند التقاء الشفرين الصغيرين من الأمام وهو عضو حسّاس‮ ‬ينتفخ كالقضيب دون تصلّب وله رأس ناعم شبيه برأس القضيب،‮ ‬وهناك شريان بظري‮ ‬كبير‮ ‬يغذي‮ ‬البظر بالدم الغزير والبظر هو العضو الرئيس المسؤول عن اللذة الجنسية عند الأنثى،‮ ‬وينبغي‮ ‬التفريق بين اللذة وبين الشهوة إذ أن الثانية مركزها المخ وعليه فقد تكون شهوة ولكن بدون لذة؛ الضماخ البولي‮ ‬أو فتحة البول أمام فتحة المهبل الموجودة بين الشفرين الصغيرين وفي‮ ‬العذارى تغطى بغشاء البكارة،‮ ‬والمهبل هو الممر العضلي‮ ‬الذي‮ ‬يصل ما خارج الفرج بالرحم؛‮ ‬غدتا بارثولين وهما تحت اسفل الشفرين الكبيرين تفرزان مادة مخاطية لتيسير الجماع‮. ‬وهناك اختلاف في‮ ‬موقف المسلمين في‮ ‬مدى البتر في‮ ‬الخفاض‮: ‬بتر الشفرين الصغيرين وقسم من البظر؛ بتر الثلث وترك الآخرين من الشفرين الصغيرين‮ (‬مع البظر أو‮ ‬غلافه؟)؛ بتر ما‮ ‬يسمى بعرف الديك أي‮ ‬النواة أو الجلدة فوق رأس البظر؛ إزالة‮ ‬غلاف البظر كليا بقص دائري‮ ‬دون إحداث أي‮ ‬عطب بالبظر‮.‬ ‮ ‬      ويلاحظ أن قدراً‮ ‬كبيراً‮ ‬مما‮ ‬يسمى بالشرف في‮ ‬الأوساط التقليدية الذكورية مرتبط بعضو الجنس ومجال استعماله،‮ ‬والأمر ليس في‮ ‬يد المرأة بل تحت سيطرة الرجل ومراقبته،‮ ‬وقد‮ ‬يكون الوالد أو الأخ الأكبر أو الزوج‮. ‬بكلمة واحدة،‮ ‬لا حرية للمرأة في‮ ‬الحياة الجنسية بالرغم من الحقيقة القائلة بأن القرآن‮ ‬يقول للمسلمين بجلاء أنه ليس في‮ ‬وسع أحد تحمّل عبء الآخر بالنسبة للخطيئة أو العار أو عدم الشرف‮.‬ ‮ ‬      الختان الذكري‮ ‬عبارة عن قطع الغلفة وقد‮ ‬يشمل بطانتها ولجام القضيب،‮ ‬وقد تصل الجلدة المنزوعة إلى ما‮ ‬يعادل نصف جلد الذكر‮. ‬والكتاب المسلمون‮ ‬يرددون على الدوام ضرورة الختان من أجل الصلاة إذ أن الغلفة مصدر نجاسة دائم لما هناك من إفرازات دهنية وسيلان شحمي‮ ‬ذي‮ ‬رائحة منتنة ويقولون إنّ‮ ‬ما‮ ‬يؤدي‮ ‬إلى الواجب هو واجب‮.‬ ‮ ‬وهناك ما‮ ‬يسمى بختان‮ "‬السلخ‮" ‬أي‮ ‬نزع جلد الذكر لغاية كيس الصفن‮. ‬لا سِنَّ‮ ‬محددة بالنسبة لإجراء الختان لدى المسلمين والمسيحيين بعكس اليهود والسامريين حيث‮ ‬يجري‮ ‬ذلك في‮ ‬اليوم الثامن وفق ما جاء في‮ ‬التوراة والإنجيل‮.‬ ‮ ‬أما بالنسبة للخفاض فهناك تصنيف ثلاثي،‮ ‬إزالة‮ ‬غلفة البظر‭ (‬clitoris‭)‬‮ ‬أو قسم منها قد‮ ‬يتراوح ما بين مليمتر واحد إلى ثلاثة مليمترات كما هي‮ ‬الحال في‮ ‬سنغافورة،‮ ‬على سبيل المثال ؛ قطع البظر وغلفته مع الشفرين الصغيرين أو بعضهما؛ بالإضافة لما في‮ ‬الدرجة الثانية‮ ‬يتم شق الشفرين الكبيرين ويخاطان وتدعى هذه العملية بغلق الفرج أو الرتق أو التكميم‮. ‬ويطلق على ذلك في‮ ‬مصر اسم‮ "‬الطهارة السودانية‮"‬،‮ ‬والسودانيون‮ ‬يسمونها‮ "‬الطهارة الفرعونية‮" ‬أو‮ "‬الخفاض الفرعوني‮" ‬‭(‬Pharaonic Procedure‭)‬‮ ‬وعند الجماع أو الولادة‮ ‬يتم فتحها وتوسيعها‮. ‬ويشار إلى أن معظم النساء في‮ ‬جيبوتي‮ ‬والسودان ومصر وتشاد وكينيا،‮ ‬ذات الأغلبية المسيحية،‮ ‬والحبشة والصومال وبعض دول جنوب آسيا مختونات وفق الدرجة الثالثة‮. ‬وتجدر الإشارة إلى أن الفلاشا اليهوديات مارسن هذه العادة وقد تمّ‮ ‬إقناعهن للإقلاع عنها آن هجرتهن إلى إسرائيل‮. ‬وعند ختان الطفلة‮ ‬يتعذر فصل الغلفة عن حشفة البظر وهذا‮ ‬يعني‮ ‬قطعهما جميعا ويسمى هذا الختان في‮ ‬بعض الأماكن بأسماء مختلفة منها‮ "‬ختان السنة‮"‬،‮ "‬الطهارة السنية‮"‬،‮ "‬الخفاض‮". ‬وهنا أيضا لا سن محددة لإجراء الخفاض فقد‮ ‬يكون ذلك في‮ ‬السنة الثالثة عشرة‮. ‬وهناك في‮ ‬العالم العربي‮ ‬عادات وتقاليد مختلفة بخصوص ما‮ ‬يُعمل بالقسم المبتور في‮ ‬الختان والخفاض‮. ‬ففي‮ ‬مصر مثلا هناك عادة لدى الطبقات الاجتماعية الوسطى والعليا مفادها لفّ‮ ‬القطعة المبتورة في‮ ‬الختان في‮ ‬منديل بعد تمليحها كيلا تتعفن ويربط المنديل ويعلّق في‮ ‬عنق الصبي‮ ‬وكأنه قلادة وعند الشفاء من هذه الجراحة‮ ‬يطرح المنديل في‮ ‬النيل‮.‬ ‮ ‬وبالنسبة للخفاض تربط القطعة المبتورة حول ذراع البنت أو في‮ ‬رقبتها وبعد الشفاء تلقى أمام حانوت جواهري‮ ‬أو في‮ ‬النيل وذلك كيلا‮ ‬يدوس عليها شخص‮ ‬غير طاهر،‮ ‬مما قد‮ ‬يؤدي‮ ‬إلى العقم‮.‬ ‮ ‬ومن الطريف التنويه بأن المسلمين‮ ‬يعتقدون أن الله‮ ‬يعيد الغرلة في‮ ‬الآخرة وهي‮ ‬التي‮ ‬تعتبر نجسة في‮ ‬الدنيا،‮ ‬وهذا الاعتقاد مبني‮ ‬على آيات قرآنية مثل الأعراف ‮٧: ٩٢‬،‮ ‬الأنبياء ‮١٢: ٤٠١‬،‮ ‬أضف إلى ذلك وجود بضعة أحاديث نبوية في‮ ‬هذا الصدد،‮ ‬منها‮ "‬إنكم محشورون حفاة عراة‮ ‬غرالا‮.‬ ‮ ‬والجدير بالذكر خلو التراث الإسلامي‮ ‬من وصف مراسيم ختانية معينة بعكس الوضع لدى اليهود مثلا اللهم باستثناء بعض الإشارات في‮ ‬كتب الشيعة ومنها ما نقل عن الصادق‮ (‬ت‮. ٥٦٧‬م‮.).‬ ‮ ‬      لا نعرف الا القليل عن الحياة اليومية لدى المصريين القدماء مثلا في‮ ‬القرن الثالث والعشرين ق‮. ‬م‮. ‬وهناك علامات واضحة للختان وأخرى لعدمه بين الذكور ويبدو أنه تم ختان الكهنة بمثابة تضحية لنبذ ملذات تندرج في‮ ‬إطار الخطايا،‮ ‬ومفهوم الجنس كإثم لم‮ ‬يكن جزءا من المجتمع المصري‮. ‬وأولائك الكهنة المختونون كانوا حراس الخلود ورموز الخصب والحياة السرمدية،‮ ‬وكان ذلك بمثابة تقليد للإلاه الأعظم را‮.‬ ‮ ‬لا وجود لأي‮ ‬أثر للخفاض في‮ ‬مصر القديمة،‮ ‬قبل العهد البطليموسي‮. ‬وكذلك التدخين قد بدأه الكهنة فالطبقة الاجتماعية العليا فعامة الشعب‮. ‬ومن المعروف أن ختان القضيب كان رمزا للخصب وكان هناك إلاه للختان‮ ‬Thesbu‮ ‬مهمته صيانة خصوبة ضفاف نهر النيل‮ (‬قارن سفر التكوين ‮٧١: ٩). ‬وتوجد أسطورة مصرية قديمة أخرى فحواها أن الله ختن نفسه والدم الذي‮ ‬سال من عضوه خلق الورى‮. ‬ويزعم بعض الأنثروبولوجيين أن نوبيي‮ ‬مصر العليا كانوا من أوائل المختونين في‮ ‬العالم،‮ ‬قبل النبي‮ ‬موسى بعهود وحتى قبل كهنة المصريين القدماء‮. ‬هناك آراء مختلفة بصدد موضوع ختان الإناث لدى المصريين القدماء،‮ ‬منها رأي‮ ‬يذهب إلى أنهم قد مارسوا ذلك بجزّ‮ ‬البظر والشفرين الصغيرين لا سيما في‮ ‬عهد رمسيس،‮ ‬أي‮ ‬حوالي‮ ‬ألف عام قبل الميلاد‮.‬ ‮ ‬وهناك ورقة بردى‮ ‬يعود تاريخها إلى سنة ‮٣٦١ ‬ق‮. ‬م‮. ‬ذكر فيها هذا النوع من الختان‮.‬ ‮ ‬وعلى ضوء ملاحظات سترابو‮ (‬ت‮. ١٢ ‬أو ‮٥٢ ‬م‮.) ‬الذي‮ ‬زار مصرعامي‮ ٥٢-٣٢ ‬ق‮. ‬م‮. ‬يظهر أن الفراعنة واليهود مارسوا الختان للذكور والإناث على حد سواء وأنه لدى اليهود كانوا‮ ‬يقطعون الشفرين الصغيرين‮.‬ ‮ ‬والرأي‮ ‬الآخر‮ ‬يستبعد ذلك إذ أن الفراعنة حرصوا على تكريم المرأة وتوقيرها ليس كملكة في‮ ‬مقبضها زمام الحكم فحسب بل وكإلاهة تعبد أيضا‮.‬ ‮ ‬على ضوء النصوص التوراتية‮ ‬يخيل إلينا أن الخِتان قد استهل بإبراهيم الخليل الذي‮ ‬عاش في‮ ‬القرن التاسع عشر ق‮. ‬م‮. ‬ولا توجد أية إشارات في‮ ‬الكتب المقدسة اليهودية بشأن ختان الأنثى‮.‬ ‮ ‬وقد ورد في‮ ‬سفر التكوين الإصحاح السابع عشر العدد الخامس ذكر تبديل اسم‮ "‬ابرام‮" ‬إلى‮ "‬إبراهيم‮" ‬إثر ختنه وكذلك بدّل اسم‮ "‬ساراي‮" ‬في‮ ‬العدد الخامس عشر من نفس الإصحاح إلى‮ "‬سارة‮"‬،‮ ‬ولكن في‮ ‬هذه الحالة،‮ ‬دون سنّ‮ ‬الختان بالنسبة لها‮.‬ ‮ ‬وهناك من‮ ‬يعتقد كجوزيف لويس أن الطفلة اليهودية كانت تختتن أيضا في‮ ‬البداية ولكن بسبب الصعوبات الجسام التي‮ ‬كانت ترافق هذه العملية الجراحية الخطرة والتي‮ ‬تمخض عنها في‮ ‬الكثير من الأحيان الموت استعيض،‮ ‬عنها في‮ ‬التوراة بفرض آخر‮. ‬وتتمثل هذه الاستعاضة بطول مدة حالة عدم طهارة الوالدة،‮ ‬ستة وستين‮ ‬يوما‮ (‬سفر اللاويين ‮٢١: ٥).‬ ‮ ‬ومن المعروف أن هناك عادات‮ ‬يهودية معينة لم‮ ‬يشرعها نص توراتي‮ ‬والأمر ذاته‮ ‬ينسحب بالنسبة لديانات واعتقادات أخرى كما سنرى لاحقا‮. ‬ينفرد إنجيل البشير لوقا‮ (‬الإصحاحان،‮ ‬الأول والثاني‮) ‬بالتنويه بختان‮ ‬يوحنا المعمدان،‮ ‬النبي‮ ‬يحيى في‮ ‬القرآن،‮ ‬واختتان‮ ‬يسوع المسيح،‮ ‬النبي‮ ‬عيسى في‮ ‬القرآن‮. ‬ومن الملاحظ عدم وجود موقف جليّ‮ ‬للمسيح إزاء الختان،‮ ‬إذ أن هذه القضية لم تشغله ولم تطرح عليه وفق ما جاء في‮ ‬الإنجيل‮. ‬أما في‮ ‬إنجيل توما الذي‮ ‬عثر عليه في‮ ‬نجع حمادي‮ ‬بمصر وغير المعترف به من قبل الكنيسة الرسمية‮ ‬فنجد رفضا صريحا للختان‮. "‬فسأله تلاميذه‮: ‬هل الختان مفيد أم لا؟ فأجابهم‮: ‬لو كان مفيداً‮ ‬لكان خلقهم أبوهم مختونين من أمهاتهم‮. ‬ولكن الختان الحقيقي‮ ‬الذي‮ ‬فيه كل الفائدة هو ختان الروح‮".‬ ‮ ‬ومع هذا فهناك في‮ ‬العصر الراهن زهاء مائة مليون من الصبيان الذين‮ ‬يختنون سنويا في‮ ‬الولايات المتحدة الأمريكية المسيحية‮. ‬      وكما قيل في‮ ‬بداية هذه الدراسة إنه من أجل معرفة موقف الإسلام والمسلمين من ختان الذكور والإناث لا مندوحة من استقراء أمهات المصادر والمراجع الإسلامية وباللغة العربية‮. ‬ومراجع هذه الشريعة هي‮ ‬القرآن والسنة النبوية و"شرع من قبلنا‮" ‬وسنّة السلف وأراء الفقهاء والمفكرين‮. ‬تجمع المذاهب الإسلامية كافة على أن القرآن عبارة عن كلام الله المنزّل على نبيه محمد بين العامين ‮٠١٦ ‬و ‮٢٣٦‬م‮. ‬وعليه فهذا الكتاب بسوره الـ ‮٤١١ ‬هو مصدر العلم والحكمة التي‮ ‬تسوي‮ ‬علاقة الانسان مع أخيه الانسان من ناحية ومع الله الباري‮ ‬من الجهة الأخرى‮. ‬وفي‮ ‬اعتقاد المسلم أن القرآن هو الكتاب السماوي‮ ‬الوحيد الذي‮ ‬لم تطله أيادي‮ ‬التحريف والتصحيف،‮ ‬ويطلق على النص القرآني‮ ‬الحالي‮ ‬اسم‮ "‬العثماني‮" ‬نسبة للخليفة عثمان بن عفان‮ (‬ت‮. ٦٥٦‬م‮.) ‬وقد تمّ‮ ‬جمعه إثر وفاة النبي‮ ‬محمد بعشرين سنة تقريبا‮. ‬أما المصادر الأصلية للنص الراهن فقد أبيدت حرقا‮. ‬      كنا قد رأينا أن العهد القديم والعهد الجديد‮ ‬يكرسان صفحاتٍ‮ ‬عديدةً‮ ‬تُعنى بقضية الختان الذكوري‮ ‬فقط ودون ذكر لختان الإناث،‮ ‬أما موقف القرآن من المسألة نفسها فغائب بالتمام‮. ‬لا ذكر للفظة‮ "‬ختان‮" ‬أو لأية صيغة صرفية منها البتة في‮ ‬القرآن‮. ‬ما‮ ‬يجده المتحري‮ ‬هو،‮ ‬في‮ ‬الواقع،‮ ‬لفظة‮ "‬غُلف‮" ‬وهي‮ ‬جمع‮ "‬أغلف‮" ‬في‮ ‬سورتين هما البقرة أي‮ ٢: ٧٨-٨٨ ‬وسورة النساء أي‮ ٤: ٥٥١. ‬وهذان النصان‮ ‬يردان على لسان اليهود للتعبير عن‮ "‬غلف القلب‮" ‬وليس بالنسبة للبدن‮. ‬يبدو لنا أن لا أحد من المفسرين،‮ ‬لا القدامى ولا المعاصرين،‮ ‬قال بأن للنصين المذكورين أية علاقة بالختان الذي‮ ‬هو قيد البحث والدراسة هنا‮. ‬وليس من العسر بمكان ربط العبارة القرآنية‮ "‬قلوبنا‮ ‬غلف‮" ‬الواردة في‮ ‬النصين الآنفين بما جاء في‮ ‬العهد القديم‮. ‬ففي‮ ‬سفر أرميا ‮٤: ٤ "‬اختتنوا للرب وأزيلوا‮ ‬غلف قلوبكم‮ ‬يا رجال‮ ‬يهوذا وسكان أورشليم لئلا‮ ‬يخرج‮ ‬غضبي‮ ‬كالنار فيحرق وليس من مطفىء بسبب شرّ‮ ‬أعمالكم‮. ‬وهناك في‮ ‬مسند ابن حنبل‮ (‬ت‮. ٥٥٨ ‬م‮.) ‬حديث نصه‮ " ‬القلوب أربعة‮: ‬قلب أجرد مثل السراج‮ ‬يزهر،‮ ‬وقلب أغلف مربوط على‮ ‬غلافه،‮ ‬وقلب منكوس،‮ ‬وقلب مصفح‮ ... ‬وأما قلب الأغلف فقلب الكافر‮".‬ ‮ ‬والفقهاء‮ ‬يقدحون عامة في‮ ‬صلاة الأغلف وذبيحته وإمامته وحجه وشهادته وزواجه وولايته والبعض‮ ‬يقول إذا رغب عن الختان‮.‬ ‮ ‬وخلاصة القول أن موضوع ما‮ ‬يترتب على عدم الختان والخفاض من نتائجَ‮ ‬وفق الشريعة الإسلامية شائك وخطير ومكانه خارج نطاق هذه الدراسة‮. ‬      يعتبر العهد القديم كل انسان‮ ‬غير مختون نجسا لا‮ ‬يحق له دخول الهيكل كما‮ ‬يقول حزقيال ‮٤٤: ٩ "‬وقال السيّد الربّ‮: "‬لا‮ ‬يدخل هيكلي‮ ‬غريبٌ‮ ‬غير مختون القلب والجسد من جميع الغرباء الذين بين بني‮ ‬إسرائيل‮". ‬أما النبي‮ ‬إشعياء فيذهب بعيدا إلى تحريم‮ ‬غير المختون من دخول مدينة القدس كما ورد في‮ ٢٥: ١ "‬إستفيقي،‮ ‬يا صِهيون والبسي‮ ‬عزّتك‮. ‬إلبسي‮ ‬ثياب مجدك‮ ‬يا أورشليمُ،‮ ‬أيّتها المدينة المقدّسة‮. ‬فغير المختون والنجسُ‮ ‬لا‮ ‬يدخُلُكِ‮ ‬من بعدُ‮". ‬وفي‮ ‬المقابل‮ ‬يجد الباحث أن القرآن‮ ‬يحرّم على المشركين الاقتراب من المسجد الحرام لنجاستهم ولا ذكر لغير المختونين،‮ ‬وبالرغم من أن إبراهيم قد ذكر في‮ ‬القرآن تسع وستون مرة ويعتبر‮ "‬أسوة حسنة‮" (‬الممتحنة ‮٠٦:٤) ‬فلا تنويه بختان إبراهيم،‮ ‬إمام آلحنفاء‮. ‬وجاء في‮ ‬سورة التوبة ‮٩: ٨٢ "‬أيّها الذين أمنوا إنما المشركون نجس فلا‮ ‬يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا‮". ‬كما ويقول الفقهاء لا بد من الختان أي‮ ‬التطهير لتصح الصلاة وبعضهم مثل ابن قيم الجوزية من قال إن الشيطان‮ ‬يختبىء في‮ ‬غلفة الذكر والأنثى‮.‬ ‮ ‬      احتار المسلمون من فقهاء ورجال دين ومفكرين قديما وحديثا بشأن سكوت القرآن عن ذكر عادة الختان الشهيرة وواسعة الشيوع في‮ ‬الأوساط الإسلامية كافة سنة وشيعة‮. ‬كيف‮ ‬يمكن تفسير أو تعليل مثل هذا الإغفال والقرآن هو القائل‮ "‬ما فرّطنا في‮ ‬الكتاب من شيء‮" (‬الأنعام ‮٦: ٨٣)‬؛ ونزلنا عليك الكتاب تبياناً‮ ‬لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين‮" (‬النحل ‮٦١: ٩٨)‬؛‮ "‬اليوم أكملتُ‮ ‬لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي‮" (‬المائدة ‮٥: ٢). ‬ولذلك بحث أولائك المسلمون عن آيات‮ ‬يمكن تفسير نصوصها بشكل‮ ‬يتماشى وموقفهم المؤيّد للختان وقد وجدوا ضالتهم فيما‮ ‬يدعى بـ‮ "‬الآيات المتشابهات‮". ‬على ضوء آل عمران ‮٣: ٧. ‬هناك صنفان من الآيات القرآنية،‮ "‬المحكم‮" ‬وهو واضح المعنى والدلالة التي‮ ‬يقصدها الله،‮ ‬والصنف الآخر هو‮ "‬المتشابه‮" ‬حيث الدلالة‮ ‬غامضة‮. ‬بعبارة أخرى‮ "‬المُحْكَم‮" ‬لا‮ ‬يحتمل إلا وجها واحدا من التأويل في‮ ‬حين أن‮ "‬المتشابه‮" ‬ذو أوجه تأويل عديدة،‮ ‬ولا‮ ‬يدرك معناه لا بالنقل ولا بالعقل وهو ما استأثر الله تعالى بعلمه كما ذكر الزرقاني‮. ‬ويضيف الزرقاني‮ "‬لو أنصف هؤلاء لسكتوا عن الآيات والأخبار المتشابهة،‮ ‬واكتفوا بتنزيه الله تعالى عما توهمه ظواهرها من الحدوث ولزومه؛ ثم فوضوا الأمر في‮ ‬تعيين معانيها إلى الله وحده‮".‬ ‮ ‬      وقد اتكأ مؤيدو ختان الذكور على مجموعة من الآيات القرآنية منها‮: ‬النحل ‮٦١: ٣٢١‬؛ آل عمران ‮٣: ٥٩‬؛ الأنعام ‮٦: ٠٩‬؛ الشورى ‮٢٤: ٣١‬؛ البقرة ‮٢: ٤٢١‬،‮ ٠٣١-٨٣١. ‬تتحدث هذه الآيات عن ثلاث نقاط‮: ‬ضرورة اتباع ملة إبراهيم؛ ابتلاء الله لإبراهيم‮ "‬بكلمات‮" ‬فنفذها ابراهيم وجُعل إماما؛ أفضل صبغة هي‮ ‬صبغة الخالق‮. ‬وبالرغم من عدم ذكر الختان في‮ ‬هذه الآيات لا من قريب ولا من بعيد،‮ ‬فقد رأى مناصرو الختان أن هذا الختان واجب على المسلم‮. ‬الختان للحنفاء بمنزلة الصبغ‮ ‬والتعميد للمسيحيين وهناك من قال إن‮ "‬الصبغة‮" ‬هنا بمعنى‮ "‬الفطرة،‮ ‬الدين‮". ‬لقد فسّر هؤلاء‮ "‬بكلمات‮" ‬الواردة في‮ ‬العبارة‮ "‬وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات‮" ‬و‮ "‬صبغة الله‮" ‬بأنها‮ "‬الختان‮" ‬ وعليه فعلى المسلم أن‮ ‬يحاكي‮ ‬ملة إبراهيم ويقوم بالختان كما فعل إبراهيم الخليل‮. ‬لا‮ ‬غرابة في‮ ‬أن هذا التفسير بقي‮ ‬دون إجماع بين الفقهاء والمفسرين‮. ‬وفيما‮ ‬يلي‮ ‬سنرى كيف أوّل بعض المفسرين القدامى والمحدثين معنى لفظة‮ "‬الكلمات‮" ‬الواردة في‮ ‬سورة البقرة ‮٢: ٤٢١. ‬يرى الطبري‮ (‬ت‮. ٣٢٩‬م‮.) ‬أن معنى‮ "‬الابتلاء‮" ‬في‮ ‬الآية المذكورة هو‮ "‬الاختبار‮" ‬مضيفا‮ "‬وكان اختبار الله تعالى ذكره إبراهيم اختباراً‮ ‬بفرائض فرضها عليه وأمر أمره به،‮ ‬وتلك هي‮ ‬الكلمات التي‮ ‬أوحاهن إليه وكلّفه العمل بهن امتحاناً‮ ‬منه له واختبارا ثم اختلف أهل التأويل في‮ ‬صفة الكلمات التي‮ ‬ابتلى الله بها إبراهيم نبيّه وخليله‮".‬ ‮ ‬ثم‮ ‬يأتي‮ ‬الطبري‮ ‬على ذكر عينة من أفكار وتأويلات بخصوص المعنى المبتغى من لفظة‮ "‬الكلمات‮" ‬هذه‮. ‬يقول ابن عبّاس‮ (‬ت‮. ٧٨٦ ‬م‮.) ‬إن المقصود من‮ "‬الكلمات‮" ‬يمكن أن‮ ‬يكون واحدا من الأمور الأربعة التالية‮: ‬ ا‮) "‬شرائع الإسلام‮" ‬وهي‮ ‬ثلاثون سهما موزّعة بالتساوي‮ ‬بين السور الثلاث‮: ‬الأحزاب وبراءة والمؤمنون‮. ‬ويستطرد ابن عبّاس مشيرا إلى أن لا أحد،‮ ‬باستثناء إبراهيم الخليل،‮ ‬كان قد قام بكل ما ابتلي‮ ‬به أي‮ ‬اختبر به بهذا الدين‮. ‬ ب‮) ‬اختبار الله لإبراهيم كان بـ"الطهارة‮" ‬الجسدية في‮ ‬عشرة أوامر نصفها‮ ‬يتعلّق بالرأس والنصف الآخر ببقية الجسد وهي‮: ‬قصّ‮ ‬الشارب والمضمضة والاسنتشاق والسواك‮ (‬تنظيف الأسنان بالعود‮) ‬وفرق الرأس من جهة وتقليم الأظافر وحلق العانة والختان ونتف الإبط وغسل أثر الغوط والبول بالماء من الجهة الأخرى‮. ‬ جـ‮) "‬الكلمات‮" ‬تعني‮ ‬عشرة أشياء،‮ ‬ستة منها جسدية وأربعة متعلقة قي‮ ‬المشاعر والأحاسيس،‮ ‬وهي‮: ‬حلق العانة والختان ونتف الإبط وتقليم الأظافر وقص الشارب والغسل‮ ‬يوم الجمعة والأربعة المتبقية هي‮: ‬الطواف والسعي‮ ‬بين الصفا والمروة ورمي‮ ‬الجمار والإفاضة‮. ‬ د‮) ‬إن‮ "‬الكلمات‮" ‬التي‮ ‬ابتلي‮ ‬بها إبراهيم كانت مناسك الحج‮. ‬ثم‮ ‬يستطرد الطبري‮ ‬بإيراد تفاسير مشابهة،‮ ‬لحد ما،‮ ‬لما ذكر أعلاه منها لقتادة عن أبي‮ ‬هلال وعن أبي‮ ‬الخلد وعن الشعبي‮ ‬وثلاثتهم‮ ‬يشيرون إلى عملية الختان ضمن أوامرَ‮ ‬أخرى‮.‬ ‮ ‬      ثم جاء الطبرسي‮ (‬ت‮. ٣٥١١‬م‮.) ‬فجمع في‮ ‬تفسيره‮ "‬جوامع الجامع‮" ‬ما وصله وتعرّف عليه من تأويل وكتب‮ ‬يقول‮: ‬ ‮"‬وقيل في‮ "‬الكلمات‮": ‬هي‮ ‬خمس في‮ ‬الرأس‮: ‬الفرق وقص الشعر والسواك والمضمضة والاستنشاق‮. ‬وخمس في‮ ‬البدن‮: ‬الختان والاحتداد‮ (‬أي‮: ‬الاحتلاق بالحديد‮) ‬والاستنجاء‮ (‬غسل أو مسح موضع النجو أي‮ ‬الدبر‮) ‬وتقليم الأظافر ونتف الإبط‮. ‬وقيل هي‮ ‬ثلاثون خصلة من شرائع الإسلام‮: ‬عشر في‮ ‬البراءة‮ : "‬التائبون العابدون‮"‬،‮ ‬وعشر في‮ ‬الأحزاب‮: "‬إن المسلمين والمسلمات‮"‬،‮ ‬وعشر في‮ "‬المؤمنون‮" "‬وسأل سائل‮" ‬إلى قوله‮ "‬والذين هم على صلاتهم‮ ‬يحافظون‮". ‬وقيل هي‮ ‬مناسك الحج‮. ‬وقيل‮: ‬هي‮ ‬الكلمات التي‮ ‬تلقاها آدم من ربه فتاب عليه،‮ ‬وهي‮ ‬أسماء محمد وآل بيته عليه وعليهم السلام‮".‬ ‮ ‬      ويرى المتتبع والباحث في‮ ‬التفاسير القديمة أنها تحوم،‮ ‬في‮ ‬حقيقة الأمر،‮ ‬حول الأمور التي‮ ‬ذكرها المفسرون الأولون مثل الطبري‮ ‬مع إضافة أو نقصان ما،‮ ‬فها هو الرازي‮ (‬ت‮. ٩٠٢١‬م‮.) ‬في‮ "‬التفسير الكبير‮" ‬يضيف‮ "‬المناظرات الكثيرة في‮ ‬التوحيد مع أبيه وقومه ومع نمرود والصلاة والزكاة والصوم وقسم الغنائم والضيافة والصبر عليها‮"‬ ‮. ‬وزبدة التأويلات هذه‮ ‬يكررها فيما بعد القرطبي‮ (‬ت‮. ٣٧٢١‬م‮.)‬ ‮ ‬وابن كثير‮ (‬ت‮. ٣٧٣١‬م‮.) ‬والأخير‮ ‬يأتي‮ ‬بحديثين نبويين ليدعم بهما ما جاء آنفا على لسان ابن عبّاس قبل حوالي‮ ‬ثمانية قرون‮. ‬يذكر ابن كثير هذا الحديث للنبي‮ ‬عن عائشة فيقول‮ "‬عشر من الفطرة‮: ‬قصّ‮ ‬الشارب وإعفاء اللحية والسواك واستنشاق الماء وقص الأظفار وغسل البراجم ونتف الإبط وحلق العانة وانتقاص الماء‮. ‬قال مصعب‮: ‬ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة‮". ‬ثم‮ ‬يذكر حديثا آخرَ‮ ‬عن أبي‮ ‬هريرة‮: "‬الفِطرة خمس‮: ‬الخِتان والاستحداد وقص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط‮".‬ ‮ ‬      مجمل القول أن مناصري‮ ‬ختان الذكور اقتنعوا بأن تأويل‮ "‬الكلمات‮" ‬الواردة في‮ ‬سورة البقرة ‮٢: ٤٢١ ‬هو‮ "‬الختان‮" ‬بالنسبة لإبراهيم،‮ ‬وعليه فهذا الأمر‮ ‬ينسحب على المسلمين المأمورين في‮ ‬القرآن باتّباع ملة إبراهيم‮. ‬ختان إبراهيم،‮ ‬كما هو معروف،‮ ‬ورد ذكره وشرحه المقتضب في‮ ‬الإصحاح السابع عشر من سفر التكوين،‮ ‬الأعداد ‮٠١-٥١. ‬وبموجب هذا الإصحاح،‮ ‬إصحاح العهد والختان،‮ ‬تراءى الربّ‮ ‬لإبراهيم آمرا إياه‮ "‬اسلك أمامي‮ ‬وكن كاملاً‮" ‬أي‮ "‬أن‮ ‬يُختن كلّ‮ ‬ذكر منكم‮" (‬العدد العاشر‮) ‬والربّ‮ ‬من جهته سيكثر نسل إبراهيم إلى حدّ‮ ‬بعيد وكان عمر إبراهيم‮ ‬يومئذ،‮ ‬يوم تنفيذ العهد بالختان تسعا وتسعين سنة‮. ‬آنذاك ختن إبراهيم ولده إسماعيل الذي‮ ‬كان ابن ثلاث عشرة سنة كما وختن جميع رجال بيته،‮ ‬المحليين والغرباء على حدّ‮ ‬سواء‮. ‬وجاء في‮ ‬العدد الخامس عشر‮ "‬وأي‮ ‬ذكر لا‮ ‬يُختن‮ ‬يُقطع من شعبه لأنه نقض عهدي‮".‬ ‮ ‬      إلا أن ذلك في‮ ‬اعتقاد الفقهاء المسلمين لا‮ ‬يعوّل عليه إذ أن التوراة في‮ ‬نظرهم قد حرّفت‮. ‬معنى ذلك وجوب الاستناد إلى مصدر آخر وهو في‮ ‬هذه الحالة الأحاديث النبوية،‮ ‬إذ ورد في‮ ‬سورة الحشر الآية السادسة مثلا‮ "‬وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا‮". ‬      هناك عدة أحاديث بشأن ختان إبراهيم الخليل والروايات متضاربة بصدد عمره عند الختان وهذه هي‮ ‬الأعمار التي‮ ‬ذكرت‮: ٠٣‬،‮ ٠٧‬،‮ ٠٨‬،‮ ٠٢١ ‬و ‮٠٣١‬ ‮ ‬عاما‮. ‬ورد في‮ ‬صحيح البخاري‮ (‬ت‮. ٠٧٨‬م‮.) ‬نقلاً‮ ‬عن أبي‮ ‬هريرة‮ (‬ت‮. ٩٧٦‬م‮.) "‬قال رسول الله‮ (‬ص‮) : ‬اختتن إبراهيم عليه السلام وهو ابن ثمانين سنة بالقدوم‮".‬ ‮ ‬ولهذا الحديث الذي‮ ‬يورده مسلم‮ (‬ت‮. ٥٧٨‬م‮.) ‬في‮ ‬صحيحه ‮ ‬رواية أخرى عن أبي‮ ‬هريرة أيضا وهي‮: "‬اختتن إبراهيم عليه السلام وهو ابن مائة وعشرين سنة ثم عاش بعد ذلك ثمانين سنة‮" انجيل توما :احد المخطوطات المكتشفة ضمن مكتبة نجع حمادي وهي مكتوبة باللغة القبطية عن اللغة اليونانية واكتشف له مخطوطات اخرى باللغة اليونانية تعود الى حوالي 170 سنة بعد الميلاد يتكون انجيل توما من مجموعة من التعاليم والاقوال تنسب الى السيد المسيح وعددها 114 وهذه صور لبعض هذه المخطوطات ما يهمنا هناهي القولة رقم 12 من اقوال المسيح حسب انجيل توما 12 The disciples said to Jesus, "We know that you are going to leave us. Who will be our leader?" Jesus said to them, "No matter where you are you are to go to James the Just, for whose sake heaven and earth came into being." وهذه ترجمة عربية منقوله 12 - قال التلاميذ ليسوع : نعلم أنك سوف تتركنا . فمَنْ حينئذ سيكون قائدنا؟ فقال لهم يسوع: " حيثما تكونون عليكم ان تذهبوا الى يعقوب البار الذى من اجله خلقت السماء والارض " هناك ترجمة انجليزية اخرى مع تعليق للمترجم 12. The Disciples say to Yesh?a: We know that thou shall go away from us. Who is it that shall be Rabbi? over us? || Yesh?a says to them: In the place that you have come, you shall go to Jacob the Righteous?, for whose sake the sky and earth come to be. (apparently a post-resurrection dialog; see Jn 7:5 & Ac 1:14) وهذا تعليقه على ترجمة كلمة يعقوب ?? Jacob the Righteous (12): Hebrew bqhy (Yakov: heeler, supplanter; Gen 25:26) = Greek 'James'; Christ's human brother (Mk 6:3, Ac 12:17, Epistle of James) وبعد مراجعة التعليق وسفر التكوين 25:26 تفهم منه ان تفسير يعقوب هنا يعني العاقب والان من هو هذا الذي سوف يأتي بعد عيسى والذي اخبر عنه تلاميذة؟؟؟ من غير رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح لي خمسة أسماء : أنا محمد ، وأحمد ، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر ، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي ، وأنا العاقب يا نصراني والذي خلق المسيح بن مريم لن تدخل ملكوت الله وجنته بعد ان سمعت برسول الله وبينا لك كل هذا البيان صدق نبوته من كتبكم قبل القران الكريم واعجازته في مجالات العلم الحديث بشتى فروعه يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح والذي نفسي محمد بيده ! لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به ، إلا كان من أصحاب النار وها انتم قد سمعتم وعلمتم انه رسول الله وليس لكم الا ان يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم وتكونوا من اتباعه واتباع المرسلين يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وأن عيسى عبد الله ورسوله ، وكلمتة ألقاها إلى مريم وروح منه ، والجنة حق ، والنار حق ، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل . قال الوليد : حدثني ابن جابر ، عن عمير ، عن جنادة ، وزاد : من أبواب الجنة الثمانية أيها شاء.