بدأت في تونس العاصمة محاكمة ستة من موظفي الفرع التونسي لمنظمة "تونس أرض اللجوء" الفرنسية، إلى جانب موظفين من بلدية سوسة، بتهم أبرزها "تسهيل دخول وإقامة مهاجرين بشكل غير قانوني" و"التآمر بهدف إيواء أو إخفاء أشخاص دخلوا البلاد خلسة"، وهي تهم قد تصل عقوبتها إلى السجن عشر سنوات. ونددت منظمة العفو الدولية بما وصفته "محاكمة جنائية صورية" وحملة تجريم متواصلة تستهدف المجتمع المدني والعاملين في دعم اللاجئين والمهاجرين.

بدأت محكمة في تونس العاصمة، الإثنين، محاكمة عدد من أعضاء الفرع التونسي للجمعية الفرنسية "تونس أرض اللجوء"، بتهمة تقديم مساعدات لمهاجرين اعتبرت "غير مشروعة"، في إجراء قالت منظمة العفو الدولية إنه يندرج في إطار "حملة تجريم متواصلة تستهدف المجتمع المدني".
ورفضت المحكمة طلب الإفراج عن الموقوفين، وهم ستة عاملين إنسانيين، وحددت الخامس من كانون الثاني/يناير المقبل موعدا لجلسة الاستماع التالية.
هوية المتهمين وطبيعة التهم
يمثل أمام القضاء عاملون في جمعية " تونس أرض اللجوء"، بينهم المديرة السابقة للجمعية شريفة الرياحي ومسؤول آخر هو محمد جوعو، إضافة إلى موظفين في بلدية سوسة شرق البلاد، لمواجهة تهم أبرزها "تسهيل دخول وإقامة مهاجرين بشكل غير قانوني" في تونس.
ووفقا لمحامي الرياحي، سيف الله بن مفتاح، فإنها وجوعو محتجزان منذ أكثر من 19 شهراً، إلى جانب عضوين آخرين في الجمعية واثنين من أصل 17 متهما يعملون في بلدية سوسة.
ويواجه المتهمون أيضا تهمة "التآمر بهدف إيواء أو إخفاء أشخاص دخلوا البلاد خلسة"، وهي اتهامات قد تصل عقوبتها إلى السجن عشر سنوات.
وقبيل بدء المحاكمة، دعت منظمة العفو الدولية السلطات التونسية إلى "وضع حد لهذا الظلم" وضمان الإفراج عن العاملين في المنظمة غير الحكومية وموظفي البلدية المحتجزين معهم، معتبرة القضية جزءا من "تجريم لا يتوقف" للعمل الإنساني.
العفو الدولية: ملاحقة لمجرد العمل الإنساني
قالت سارة حشاش، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو، إن هؤلاء يُلاحقون قضائيا "لمجرّد ممارستهم عملهم المشروع في تقديم المساعدة الحيوية والحماية للاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين الذين يعيشون أوضاعا محفوفة بالمخاطر".
واعتبرت المنظمة أن توجيه مثل هذه التهم "الفضفاضة والمبالغ فيها" يجرّم التعاون بين المجتمع المدني والسلطات المحلية ويقوّض التزامات تونس الدولية تجاه اللاجئين والمدافعين عن حقوق الإنسان.
أوضح المحامي بن مفتاح أن "كل الأعمال" التي قامت بها الرياحي تمت في إطار مشروع اعتمدته الدولة التونسية وبـ"تنسيق مباشر" مع الحكومة، مؤكدا أن حماية ومساعدة المهاجرين منصوص عليهما في الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها تونس.
من جانبه، قال رمضان بن عمر من المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية إن مسؤولي "تونس أرض اللجوء" شاركوا مؤخرا في اجتماعات داخل وزارات تونسية بطلب من الدولة نفسها للمساعدة في قضايا الهجرة، معتبرا أن ملاحقتهم الآن "متناقضة" وتعكس استخدامهم "كأكباش فداء" لتغذية خطاب رسمي ذي طابع عنصري.
استهداف ناشطين وتشديد ضد المهاجرين
أوقف المتهمون في أيار/مايو 2024 تزامنا مع اعتقال نحو عشرة عاملين إغاثيين آخرين، بينهم الناشطة البارزة المناهضة للعنصرية سعدية مصباح، التي من المقرر أن تبدأ محاكمتها في أواخر كانون الأول/ديسمبر.
وتُعد تونس نقطة عبور رئيسية لآلاف المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء الذين يحاولون سنويا الوصول بحرا إلى أوروبا بطرق غير نظامية، فيما شهدت البلاد منذ خطاب الرئيس قيس سعيّد في شباط/فبراير 2023 عن "جحافل" من المهاجرين وتهديد "التركيبة الديموغرافية" للبلاد موجات من التوتر وعمليات ترحيل قسرية نحو المناطق الحدودية الصحراوية مع الجزائر وليبيا.
وتشير تقارير منظمات حقوقية إلى أن مئات المهاجرين تركوا في تلك المناطق القاسية، وقضى منهم ما لا يقل عن مئة شخص.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق