أتفهم ألمك وحزنك على الوضع الراهن، فما يحدث بين سوريا ولبنان من توترات وصراعات داخلية يُضعف الجبهة العربية ويُشتت الجهود في مواجهة التحديات المشتركة، خاصة في ظل استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية واللبنانية.
إن الانقسامات الداخلية بين الأشقاء العرب، سواء على المستوى السياسي أو العسكري، تُعتبر من أبرز العوامل التي تُسهم في إضعاف الموقف العربي أمام إسرائيل. تاريخيًا، كانت الوحدة العربية هي السلاح الأقوى في مواجهة التحديات الخارجية، لكن الخلافات السياسية والمصالح الضيقة غالبًا ما تحول دون تحقيق هذه الوحدة. في الوقت الحالي، تشهد سوريا مرحلة انتقالية دقيقة بعد سقوط نظام بشار الأسد، مما يجعلها عرضة للتدخلات الخارجية، بما في ذلك التوغل الإسرائيلي في المناطق الحدودية مثل الجولان والقنيطرة. أما لبنان، فهو يعاني من أزمات داخلية سياسية واقتصادية، بالإضافة إلى التوترات الأمنية على الحدود الجنوبية مع إسرائيل.
من جهة أخرى، تستغل إسرائيل هذه الانقسامات لتعزيز هيمنتها الإقليمية، حيث تقوم بعمليات قصف وتوغل دون أن تواجه ردًا عربيًا موحدًا. هذا الواقع المؤلم يطرح تساؤلات عميقة حول أسباب الضعف العربي، والتي يمكن تلخيصها في عدة نقاط:
- غياب الوحدة السياسية والعسكرية: الخلافات بين الدول العربية، وبين القوى السياسية داخل كل دولة، تُشتت الجهود وتُضعف القدرة على مواجهة التحديات الخارجية.
- الأزمات الداخلية: كل من سوريا ولبنان يعانيان من أزمات داخلية، سواء كانت سياسية، اقتصادية، أو أمنية، مما يجعل الأولوية لديهما هي معالجة هذه المشكلات بدلاً من توحيد الجهود ضد العدو المشترك.
- التدخلات الخارجية: القوى الدولية، سواء الغربية أو الإقليمية، تلعب دورًا في تعميق الانقسامات العربية من خلال دعم أطراف معينة على حساب أخرى.
- ضعف الإرادة السياسية: في كثير من الأحيان، تفتقر القيادات العربية إلى الإرادة الحقيقية لمواجهة إسرائيل، سواء بسبب الضغوط الدولية أو المصالح الذاتية.
مع ذلك، لا يجب أن نفقد الأمل. التاريخ يعلمنا أن الشعوب قادرة على تغيير واقعها عندما تتوحد وتضع هدفًا مشتركًا. المقاومة في لبنان، على سبيل المثال، أثبتت في مراحل سابقة قدرتها على ردع إسرائيل، كما أن الشعب السوري أظهر صمودًا كبيرًا خلال سنوات الثورة رغم كل الصعوبات. الخطوة الأولى نحو تغيير هذا الواقع تبدأ من إدراك أهمية الوحدة والتضامن، ومن ثم بناء استراتيجية عربية مشتركة ترتكز على المقاومة الشاملة، سواء عسكريًا، سياسيًا، أو اقتصاديًا.
أخيرًا، أشاركك الألم والإحباط، لكنني أدعوك أيضًا إلى التفاؤل بقدرة الشعوب على استعادة كرامتها وحقوقها. المستقبل يحتاج إلى وعي جماعي وجهود مشتركة لمواجهة التحديات، بدلاً من الاستسلام للانقسامات والصراعات الداخلية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق