الخميس، يناير 09، 2025

جوزيف عون

 : قبل ساعات من موعد الجلسة الانتخابية، التي تحمل الرقم 13، لم يعد صعباً التكهّن بنتيجة هذه الجلسة التي ستفضي إلى انتخاب قائد الجيش العماد جوزيف عون ليصبح الرئيس الـ 14 للجمهورية اللبنانية، بعد فراغ رئاسي لأكثر من سنتين، والرئيس الخامس الذي يصل من قيادة الجيش في اليرزة إلى قصر بعبدا بعد فؤاد شهاب وإميل لحود وميشال سليمان وميشال عون، ولو أن الأخير انتخب بعد تقاعده.

وبحسب التوقعات يُفترض أن ينال قائد الجيش من الدورة الأولى ما بين 108 و113 صوتاً، ليس بينهم نواب “التيار الوطني الحر” الذي يترأسه النائب جبران باسيل. وهذا الرقم يعني أنه يتجاوز ثلثي أعضاء المجلس المحدد بـ 86، والذي يعني ضمناً تعديلاً دستورياً.

واللافت أن طباعة صور قائد الجيش وهي مرفقة بشعار “فخامة الرئيس” لم تنتظر نتيجة الجلسة بل سبقتها، كذلك بدأت بلديات تتحضر لإطلاق المفرقعات النارية فور الإعلان عن انتخاب قائد الجيش، إذ بدأت أسهمه بالارتفاع مع إعلان نواب المعارضة بمن فيهم “القوات اللبنانية” تبني ترشيحه بعد اجتماع مسائي في مقر رئيس حزب “القوات” سمير جعجع في معراب، وسبقهم إلى دعم هذا الترشيح الزعيم الدرزي وليد جنبلاط والنواب السنّة بأغلبيتهم وكتل نيابية مسيحية و”تحالف التغيير” و”كتلة تجدد”، فيما بقيت العين على الثنائي الشيعي الذي بدأت تصدر عنه إشارات حول تأييد انتخاب جوزف عون حتى قبل انسحاب رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية من المعركة الرئاسية.

وكان قد جاء في بيان لفرنجية: “أما وقد توفرت ظروف انتخاب رئيس للجمهورية وإزاء ما آلت إليه الأمور، فإنني أعلن عن سحب ترشيحي الذي لم يكن يوماً هو العائق امام عملية الانتخاب. وإذ أشكر كل من اقترع لي فإنني وانسجاماً مع ما كنت قد أعلنته في مواقف سابقة دعم العماد جوزف عون الذي يتمتع بمواصفات تحفظ موقع الرئاسة الأولى”. وأضاف “إنني أتمنى للمجلس النيابي التوفيق في عملية الانتخاب وللوطن أن يجتاز هذه المرحلة بالوحدة والوعي والمسؤولية”.

الثنائي الشيعي 

وكان رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد عبّر في لقائه مع الموفد الفرنسي جان إيف لودريان، الذي وصل إلى بيروت وباشر اتصالاته مع الكتل النيابية منذ الصباح، عن “أن حزب الله لن يقف عائقاً أمام إجماع اللبنانيين على اسم رئيس للجمهورية”. فيما كتلة “التنمية والتحرير” التي اجتمعت برئاسة رئيس مجلس النواب نبيه بري أكدت “ضرورة التوافق بشأن رئاسة الجمهورية”. وقال النائب أيوب حميّد “لكل أمر مقتضاه، وستكون هناك دورات متتالية في جلسة انتخاب رئيس الجمهورية وموقفنا موحد مع حزب الله”. وأفادت أوساط “التنمية والتحرير” في وقت لاحق بأن الكتلة “أكدت في بيانها على تأييدها التوافق بين اللبنانيين، وإذا صبّ هذا التوافق باتجاه انتخاب قائد الجيش سنسير به”. أما المعاون السياسي للرئيس بري النائب علي حسن خليل فزار مقر السفير السعودي في اليرزة واجتمع مع الموفد السعودي يزيد بن فرحان، الذي عاد إلى بيروت للمرة الثانية في غضون أيام قليلة، وأجرى سلسلة لقاءات تزامناً مع لقاءات أجراها الموفد الفرنسي في قصر الصنوبر حيث ركّز الاثنان على اسم قائد الجيش بالتناغم مع اللجنة الخماسية الممثلة لكل من الولايات المتحدة والسعودية وفرنسا وقطر ومصر.

وقد التقى لودريان بري في عين التينة، والرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، ورئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميل، ورئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، وممثلي كتلة “تجدد” النائبين ميشال معوض وفؤاد مخزومي، في حضور نواب “تحالف التغيير” ميشال الدويهي ووضاح الصادق ومارك ضو، وسط تأكيد الحاضرين ضرورة أن تكون جلسة الغد حاسمة لوضع حد للشغور الرئاسي، كمدخل لاستعادة سيادة الدولة وتكوين السلطة، وتوجههم لدعم العماد جوزف عون.

كما التقى لودريان في قصر الصنوبر نواب “اللقاء التشاوي النيابي المستقل” الياس بو صعب وابراهيم كنعان وآلان عون وسيمون أبي رميا.

تكتل “الاعتدال” 

من جهته، أعلن تكتل “الاعتدال الوطني” دعمه قائد الجيش، وأكد في بيان أنه: “منذ بداية الفراغ الرئاسي، لم يكن تكتل “الاعتدال الوطني” جزءاً من أي اصطفاف أو انقسام، بل كان على الدوام جزءاً من أي مسعى يعمل على تقريب وجهات النظر، ومبادراً بأكثر من مسعى للبحث عن التوافق الوطني، باعتباره وحده الكفيل بانتخاب رئيس للجمهورية، وبتعزيز الشراكة الوطنية، وبتأمين انطلاقة واعدة لعهد رئاسي وحكومي جديد، يطمئن اللبنانيين ويوحدهم على ما ينتشل لبنان من جهنم والانهيار، ويضعه على سكة التعافي والاعمار، ويطلق ورشة الإصلاح وتطبيق “دستور الطائف”، ويعود به إلى حضن الشرعية العربية والدولية، كما كان على الدوام”. وقال “بما أن فرصة التوافق الوطني لاحت في أفق جلسة الانتخاب المقررة في 9 كانون الثاني الجاري، بدعم عربي ودولي، وبما أن عنوان الفرصة، هو التوافق على اسم قائد الجيش العماد جوزيف عون، باعتباره شخصية وطنية تتمتع بالمواصفات الرئاسة المطلوبة للمرحلة وتحدياتها الراهنة والمقبلة، محلياً وعربياً ودولياً، يعلن تكتل “الاعتدال الوطني” تأييده لانتخاب العماد جوزف عون رئيساً للجمهورية، وحرصه على تكثيف كل الجهود والمساعي من أجل تأمين التوافق على انتخابه، والتقاط هذه الفرصة المتاحة لانتخاب الرئيس، كي لا تضيع مجدداً في دهاليز الرهانات والخيارات والطموحات التي تبين للجميع، على مدى عامين وأكثر، ان لا طائل منها، سوى إبقاء رئاسة الجمهورية، ومعها كل المؤسسات الدستورية، أسرى الفراغ وتداعياته القاتلة التي كفر بها اللبنانيون”.

بدورهم، يتجه نواب التغيير الستة إلى دعم قائد الجيش باستثناء النائبتين حليمة قعقور وسينتيا زرازير، اللتين ستقترعان للوزير السابق زياد بارود، في وقت يدرس النائب أسامة سعد الذي كان داعماً لبارود تعديل موقفه بعد مشاورات مع زملائه النواب، الذين كانوا قرروا التصويت للوزير السابق.

وأعلن النائب فيصل كرامي موقف تكتل “التوافق الوطني” بتبني ترشيح عون.

رسالة قبلان: التوافق في المواقف

وجّه المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان رسالة إلى القيادات السياسية والروحية والكتل النيابية، جاء فيها: “لأن يوم الانتخاب يوم نيابي مفصلي ببنية وأرضية هذا البلد الذي يتعرض لزلزال خارجي وانقسام سياسي عامودي يكاد يبتلع البلد، ولأن هذا البلد بهيكله الوطني لا يستمر إلا بالتوافق والميثاقية، ولأن الاختلاف على بعض الاستحقاقات وفقاً للظروف والمعطيات يؤخذ به أثره على الواقع اللبناني المهدد بشدة، ولأن المنطقة تتزلزل، ولأن القطيعة السياسية لها صلة باللعبة الخارجية المندفعة نحو خراب المنطقة وتمزيق الممزق، ولأن واقع البلد مهدد للغاية، ولأن نظامنا السياسي يلزمنا بتقطيع الإلتزامات الميثاقية بطريقة توافقية ضامنة للبنان الوحدة الوطنية والعائلة التاريخية، لذلك أقول: الرئاسة اللبنانية مركز ميزان وحدة لبنان، ومنطق السيادة الوطنية يفترض أن الرئيس شأن لبناني لا شأناً خارجياً، واللعب بنار التوازنات يضع البلد بطريق الكوارث الوجودية، والمطلوب أن ينتخب النواب لا السفراء”. وقال: “بكل صراحة، الخارج يدفع نحو رئيس انتقامي وعينه على اللعبة الدولية الثملة بالفتن والكوارث والخراب، والبلد بظروفه وظروف المنطقة لا يستطيع تحمل أي مغامرة، كما لا يستطيع تقطيع مشروع انتداب، ولا يقوم بفتنة، ولا يقدر على ابتلاع لعبة تغليب فريق على فريق آخر وسط ارتباطات خارجية تضع البلد فوق صفيح متزلزل”. وأضاف “للتاريخ أقول: حفظ لبنان يمر بالتوافق والتفاهم وعدم الدفع نحو متاريس نيابية أو تدشين حرب دستورية أو إشعال فتنة سياسية وسط آلة إعلام تعتاش على ضخ الفتن والدفع نحو الخراب والإنتقام، واللحظة تاريخية، وخطابي لكل القوى النيابية والسياسية والروحية. وبكل صدق أقول: نريد أن نعيش معاً بعيداً عن مشاريع العالم الملتهبة بالفتن ومواقد الأمم، وما يريده الخارج للبنان الفوضى والإنقسام والإقتتال والتمزيق والدفع نحو كارثة تطال صميم لبنان ووحدته الوطنية، وبصراحة أكثر اللعبة الخارجية تضعنا أمام معادلة: “الخراب أو الخراب”، وبعض القوى الكبرى تبتلع الإعلام وبعض الكتل النيابية وعينها على ابتلاع لبنان، والبلد على حافة المجهول، وهدف القوى الخارجية ملاقاة إسرائيل وتفريغ القرار الوطني من قيمته الوطنية وعائلته اللبنانية، والعين على الأجهزة الأمنية والفتن الطائفية والمناطقية، وتاريخ لبنان القريب البعيد عبارة عن لعبة أمم مكررة بين الأمن والسياسة والطوائف والخراب، والوقت للتلاقي لا القطيعة، واللحظة لانتشال لبنان من مشروع كارثة وجودية، والتحدي ينتهي بالخراب، والمقامرة بمصير لبنان أسوأ من قنبلة نووية، وتصحيح العلاقة مع الخارج يكون بحفظ السيادة الوطنية والتوازنات اللبنانية، وقد بلغت، حمى الله لبنان من لعبة الأمم”.

المطارنة الموارنة


أما المطارنة الموارنة الذين عقدوا اجتماعهم الشهري في الصرح البطريركي في بكركي، برئاسة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، ومشاركة الرؤساء العامين للرهبانيات المارونية فدعوا “السادة النواب إلى صحوة نيابية وطنية، تفضي إلى انتخابِ رئيسٍ للجمهورية، يجمع أبناءها وبناتها في إطار الوحدة الوطنية والتضامن والنضال الإصلاحي فيستعيد لبنان دوره الطليعي في هذا الشرق”. وبعد الانتهاء من جلسة الانتخاب سيلقي الرئيس جوزيف عون خطاب القسم في المجلس النيابي، وستنطلق بعد ذلك استشارات نيابية ملزمة لتسمية الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة حيث يبرز اسم النائب فؤاد مخزومي من قوى المعارضة.

ليست هناك تعليقات: