باريس- “القدس العربي”: اعتمد البرلمان الأوروبي، هذا الخميس، لائحة تطالب بالإفراج عن الكاتب الفرنسي- الجزائري بوعلام صنصال، المحتجز في الجزائر منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وكل معتقلي الرأي الآخرين في الجزائر، بينهم الإعلامي عبد الوكيل بلام، والناشط محمد تاجاديت، الملقب بـ”شاعر الحراك الشعبي”.
صوّت لصالح اللائحة 533 من أصل 605 من أعضاء البرلمان الأوروبي الحاضرين.
وكان من اللافت تصويت البرلمانية الفرنسية عن حزب “فرنسا الأبية” (LFI) ريما حسن، فيما امتنعت زميلتها رئيسة المجموعة البرلمانية للحزب مانون أوبري (LFI) عن التصويت.
وبالإضافة إلى ذلك، صوّت ثلاثة نواب فرنسيين آخرين ضد القرار الذي يدعو إلى إطلاق سراح الكاتب، وامتنع آخرون عن التصويت. وصوت لصالح هذا القرار 61 نائباً فرنسياً آخرين حضروا التصويت.
ويدين النص الذي اعتمده البرلمان “اعتقال واحتجاز بوعلام صنصال ويطالب بالإفراج الفوري وغير المشروط عنه”، كما يدين “حبس معتقلي رأي آخرين في الجزائر، فاق عددهم 200، لممارستهم حقهم في حرية الرأي والتعبير”.
تم القبض على بوعلام صنصال، الموظف السامي السابق في الحكومة الجزائرية، البالغ من العمر 75 عامًا في 14 نوفمبر الماضي، في مطار الجزائر قادما من باريس، بموجب المادة 87 مكرر من قانون العقوبات. وتنص هذه الأخيرة على معاقبة أي عمل يستهدف أمن الدولة وسلامة أراضيها واستقرار المؤسسات وسير عملها بشكل طبيعي باعتباره عملاً إرهابياً أو تخريبا. وذلك على خلفية تصريحاته لقناة تنتمي إلى اليمين المتطرف في فرنسا، “شكك فيها في الحدود الجزائرية الحالية، بزعم تبعية مناطق من غرب البلاد للمغرب وأن فرنسا الاستعمارية هي من اقتطعتها من المملكة”، وهو ما اعتبر في الجزائر مساسا بأمن الدولة.
وهذا ما أشارت إليه ريما حسن في تدوينات لها على حسابها على “اكس”، في تبريرها لعدم التصويت على اللائحة، وأنها لم تقم بالاعتراض على اللائحة من حيث المبدأ إنما من استغلالها لأطراف سياسية فرنسية لم تندد بحرب الإبادة التي قامت بها إسرائيل في غزة، وما تقوم به في الضفة الغربية المحتلة. وقد خصت بالذكر هنا النائب الأوروبي رافائيل غلوكسمان، الذي انتقد عدم تصويتها على اللائحة، ووصف ذلك بـ”العار”.
وفي مداخلتها أمام البرلمان الأوروبي، أوضحت النائبة ريما حسن أن مجموعتها (اليسار) طالبت منذ بداية العهدة الحالية بإدراج قضايا عاجلة على جدول الأعمال تتناول المآسي الكبرى التي يشهدها العالم اليوم، مثل الحرب المرتبطة بنهب الموارد في جمهورية الكونغو الديمقراطية، والتطهير العرقي في السودان، والإبادة الجماعية في فلسطين.
وأشارت إلى أن جدول أعمال هذه الدورة تضمن، بتأثير من تحالف اليمين واليمين المتطرف، موضوعًا يتعلق بالعلاقات الفرنسية-الجزائرية، في سياق التوترات الدبلوماسية القائمة بين فرنسا ودول إفريقية كانت مستعمرة سابقًا، حيث تبدو فرنسا غير قادرة على التعامل مع هذه الدول على قدم المساواة.
كما لفتت إلى تقديم الكاتب بوعلام صنصال، الذي تخرج من المدرسة متعددة التقنيات بالجزائر وشغل منصبًا رفيعًا في وزارة الصناعة، بوصفه أحد رموز التنوير. لكن ريما حسن ترى أنه في الواقع يدافع عن أطروحات يمينية متطرفة، ولم يبدِ دعمه للحراك الشعبي الجزائري الذي شهد مشاركة واسعة من المواطنين.
وفيما يتعلق باعتقال صنصال، شددت ريما أن ذلك لم يكن بسبب أعماله الأدبية، بل بسبب آرائه حول الاستعمار الفرنسي للجزائر. ومع تأكيدها على ضرورة احترام حقوقه الأساسية، تساءلت عن المبرر وراء المطالبة بإعادة النظر في اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والجزائر، بينما لم يتم اتخاذ أي إجراء مماثل بخصوص اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل.
وقد أثار عدم تصويت ريما حسن جدلا واتهامات لها في فرنسا، وفي مقدمة مهاجميها وزير الداخلية الفرنسي برون روتايو، الذي قال لقناة “سي نيوز” اليمينية الفرنسية “ريما حسن حليفة للنظام الجزائري. وصوتت ضد القرار الذي يدعو إلى إطلاق سراح رجل مسن ومريض. إنه أمر غير إنساني وفضيحة”.
وهذه ليست المرة الأولى التي يهاجم روتايو فيها ريما حسن، حيث كان انتقدها هو إلى جانب سياسيين يمينيين، ووسائل إعلام فرنسية أخرى بسبب وصفها الجزائر بـ”مكة الثوار”.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق