خلال القرن التاسع عشر، شهد مجال الأسلحة تطورا ملحوظا وهو ما ساهم، لاحقا، في جعل الحروب أكثر دموية من السابق. إلى ذلك، لعب الطبيب الإيطالي أسكانيو سوبريرو (Ascanio Sobrero) الدور الأبرز بهذا المجال. فبحلول منتصف القرن التاسع عشر، ابتكر الأخير مادة جاءت لتعوض البارود، الذي استخدم على مدار قرون، وتساهم فيما بعد في ظهور الديناميت على يد المخترع السويدي ألفرد نوبل.
مسيرة سوبريرو قبل النيتروغليسيرين
ولد أسكانيو سوبريرو يوم 12 تشرين الأول/أكتوبر 1812 بقرية كازالي مونفيراتو (Casale Monferrato) بمنطقة البيدمونت (Piedmont) بالشمال الغربي الإيطالي. وفي الأثناء، زاول أسكانيو سوبريرو تعليمه بمعهد كازالي مونفيراتو الملكي قبل أن ينتقل نحو جامعة تورينو حيث حصل عام 1833 على شهادة بمجال الطب والجراحة.
ومع نهاية مشواره الدراسي، توجه سوبريرو للعاصمة الفرنسية باريس ليعمل لدى أحد مخابر عالم الكيمياء تيوفيل بيلوز (Théophile Pelouze). وهنالك، أجرى هذا الطبيب الإيطالي أبحاثا على حمض النتريك والمواد العضوية وتابع عن كثب قدراتها التفجيرية. وبحلول العالم 1843، انتقل أسكانيو سوبريرو نحو مدينة غيسن (Giessen) الألمانية وعمل لوهلة بمخبر الكيميائي جوستوس فون ليبيغ (Justus von Liebig) قبل أن يعود فيما بعد لإيطاليا ليتزوج ويعمل بأحد المخابر المحلية تزامنا مع انتدابه لتدريس الكيمياء بأحد المعاهد.
اختراع النيتروغليسيرين
خلال تواجده بتورينو سنة 1846، باشر سوبريرو بإجراء أبحاث على مادة المانيتول (Mannitol) واستخرج منها النيترومانيت (nitromannite) شديد الانفجار. لاحقا، واصل سوبريرو أبحاثه اعتمادا على طريقة النترتة بهدف استخراج مادة السكروز من عدد من المواد العضوية.
بحلول العام 1847، تمكن أسكانيو سوبريرو من إنتاج مادة النيتروغليسيرين (Nitroglycerin) شديدة الانفجار. وبسبب الانفجارات التي أحدثتها هذه المادة خلال التجارب وتعرضه لإصابات، أخفى هذا الطبيب والكيميائي الإيطالي أبحاثه لمدة عام كامل خوفا من إمكانية استخدامها لصناعة الأسلحة. من جهة ثانية، وصف سوبريرو النيتروغليسيرين بالمادة غير المستقرة وأكد على إمكانية تسببها في انفجارات غير مقصودة قد تؤدي لسقوط أعداد كبيرة من الضحايا. وفي مقابل ذلك، واصل الأخير أبحاثه على هذه المادة بهدف استخدامها، بجرعات منخفضة، لصناعة الأدوية.
خلال السنوات التالية، عاد العالم السويدي ألفرد نوبل، الذي مثل واحدا من تلاميذ الكيميائي الفرنسي تيوفيل بيلوز، لإجراء تجارب إضافية على مادة النيتروغليسيرين بهدف استخدامها لصناعة المتفجرات. إلى ذلك، تمكن نوبل من جعل النيتروغليسيرين أكثر استقرارا ونجح بحلول العام 1866 في اختراع الديناميت. وفي الأثناء، غضب سوبريرو عند سماعه لاستخدام عائلة نوبل للنيتروغليسيرين بمجال المتفجرات وابتكار الديناميت وتحدث في الآن ذاته عن تقزيم لدوره بمجال المتفجرات.
مع تقدمه بالسن، حصل سوبريرو على جراية تقاعدية وفرها له ألفرد نوبل كتكريم له على ابتكاره للنيتروغليسيرين. وبحلول العام 1888، توفي الطبيب الإيطالي سوبريرو عن عمر ناهز 75 عام ليدفن لاحقا بمدينة تورينو.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق