الاثنين، ديسمبر 30، 2024

الجزائر لا تسعى للحصول على تعويضات مالية، بل تطالب باعتراف صريح وواضح بتلك الجرائم

 تناول الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون للمرة الأولى قضية الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال الموقوف منذ منتصف تشرين الثاني/نوفمبر، واصفا إياه ب”المحتال.. المبعوث من فرنسا”، وذلك بحسب الموقع الإخباري “كل شيء عن الجزائر”.

وفي خضم الحديث عن العلاقات المتدهورة مع فرنسا في خطاب ألقاه الأحد أمام البرلمان قال الرئيس الجزائري “أرسلتم لنا خائنا لا يعرف أباه ليقول لنا إن نصف الجزائر ملك لدولة أخرى”.

ضرورة اعتراف فرنسا بجرائمها الاستعمارية في الجزائر

وشدد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، على ضرورة اعتراف فرنسا بجرائمها الاستعمارية خلال أكثر من 130 عاما من احتلال بلاده، مؤكدا أن الجزائر لن تغفر ولن تنسى.

وأوضح تبون، في خطاب موجه للأمة أمام أعضاء البرلمان بغرفتيه، أن الجزائر لا تسعى للحصول على تعويضات مالية، بل تطالب باعتراف صريح وواضح بتلك الجرائم التي وصفها بأنها “إبادة جماعية موثقة بالأدلة والشهادات”.

واستدل تبون، بالجرائم البشعة التي ارتكبها الاستعمار الفرنسي، وذكر قصف قبيلة بن شورة بالغاز، ووضع الناس في أكياس، إلى المجازر التي شهدتها منطقة الزعاطشة.

كما لفت إلى المجازر الجماعية، مثل أحداث مايو 1945، التي أودت بحياة أكثر من 45 ألف جزائري في شهر واحد فقط. وجرائم مروعة أخرى ارتكبتها فرنسا، منها الخنق بالدخان، وقطع رؤوس الشهداء.

ولا تزال الجزائر تطالب باستعادة جماجم 500 شهيد محتجزة في المتاحف الفرنسية، وقد تسلمت 24 جمجمة فقط حتى الآن.

وتناول الرئيس الجزائري الآثار الكارثية للتجارب النووية الفرنسية في الجنوب الجزائري في ستينيات القرن الماضي، التي خلفت أمراضا وأضرارا بيئية لا تزال قائمة إلى اليوم، حيث خاطب الفرنسيين بالقول: ” لقد أرادوا الانضمام إلى نادي الدول النووية على حسابنا. لسنا بحاجة إلى أموالكم، تعالوا نظفوا ما تركتموه”.

وفند تبون، الادعاءات الفرنسية التي زعمت أن الجزائر كانت أرضا خاوية مليئة بالمستنقعات، وأكد أن بلاده كانت تزود روما بالقمح، وأنها كانت تضم شعبا متعلما في الوقت الذي كان فيه الجنود الفرنسيون أميين. واستطرد يقول: “عند بداية الاحتلال عام 1830، كان عدد سكان الجزائر أربعة ملايين. وعند الاستقلال، لم يتجاوز العدد تسعة ملايين. كيف يمكن تفسير هذا؟ إنه دليل واضح على وقوع إبادة جماعية”. واعتبر تبون أن الاعتراف بالجرائم الاستعمارية ضروري لبناء علاقات قائمة على الاحترام المتبادل مع فرنسا، منوها بأن الشباب الفرنسي ليسوا مسؤولين عن أفعال أجدادهم. كما دعا فرنسا إلى اتخاذ خطوة رمزية ببناء تمثال للأمير عبد القادر ( مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة) كاعتراف بإرثه ومقاومته، مشددا ” الجزائر لن تغفر ولن تنسى، وأنه لن يتخلى عن ملف الذاكرة”.

كانت العلاقات بين فرنسا والجزائر قد شهد توترات في مطلع أكتوبر/تشرين الأول عام 2021 على خلفية التصريحات التي أدلى بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والتي شكك فيها بوجود الأمة الجزائرية قبل الاستعمار الفرنسي للبلاد ،مما أثار حفيظة السلطات العليا بالجزائر. وقد أصدرت الرئاسة الفرنسية بعدها بيانات أكدت فيه احترام ماكرون للأمة الجزائرية وتاريخ البلاد، بعد تصريحات غاضبة للرئيس عبد المجيد تبون.

وأوقِف مؤلف كتاب “2084: نهاية العالم” في 16 تشرين الثاني/نوفمبر في مطار الجزائر العاصمة، ووُجهت إليه تهم بموجب المادة 87 مكرر من قانون العقوبات والتي تعدّ “فعلا إرهابيا أو تخريبيا (…) كل فعل يستهدف أمن الدولة والوحدة الوطنية والسلامة الترابية واستقرار المؤسسات وسيرها العادي”.

وبحسب صحيفة “لوموند” الفرنسية، فإن السلطات الجزائرية انزعجت من تصريحات أدلى بها صنصال لموقع “فرونتيير” الإعلامي الفرنسي المعروف بمواقفه اليمينية المتطرفة، تبنى فيها موقفا مغربيا يقول إن أراضي مغربية انتُزعت من المملكة في ظل الاستعمار الفرنسي لصالح الجزائر.

وصنصال البالغ 80 عاما والمولود من أم جزائرية وأب مغربي وحصل على الجنسية الفرنسية في 2024، موجود منذ منتصف كانون الأول/ديسمبر في وحدة علاج طبي.

وفي شأن ملف الصحراء الغربية إحدى نقاط الخلاف بين الجزائر وباريس قال تبون إن “فكرة الحكم الذاتي فكرة فرنسية وليست مغربية ونحن على علم بذلك منذ عقود”.

وأضاف “خيارات الحلول في قضية الصحراء الغربية بالنسبة لهم تتراوح بين المُرّ والَأمَرّْ، (بينما) هي قضية تصفية استعمار وتقرير مصير”.

وسحبت الجزائر سفيرها من باريس في تموز/يوليو بعد تبني الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون المقترح المغربي بمنح حكم ذاتي للصحراء الغربية المتنازع عليها تحت سيادة المملكة.

ليست هناك تعليقات: