في واحدة من أغرب القضايا أمام محكمة الأسرة في مصر، أقدمت زوجة على خلع زوجها أثناء حملها بسبب توقفه عن شراء "الطين" لها لتأكله!
وقالت المحامية نهى الجندي في تصريحات، إن موكلها والذي يعمل طبيبا بيطريا، فوجئ بعد الزواج بطلبات غريبة من زوجته، من بينها طلب شراء "الطين" لها لتأكله، وعندما بحث في الأمر، اكتشف أن هناك بعض البشر يأكلون الطين في حالات نادرة.
توقف عن شراء الطين.Chthonophagiaضطراب بيكا؟يقوم علاج أي مرض أساسا على التخلص من مسبباته، فإذا كان -على سبيل المثال- المصاب باضطراب بيكا يعاني من أزمات نفسية كالفقر العاطفي؛ فإنّ الاحتواء يساعد على الخروج من المشكلة
يقوم علاج أي مرض أساسا على التخلص من مسبباته، فإذا كان -على سبيل المثال- المصاب باضطراب بيكا يعاني من أزمات نفسية كالفقر العاطفي؛ فإنّ الاحتواء يساعد على الخروج من المشكلة |
يصنّف بيكا Pica ضمن اضطرابات التغذية والأكل حسب الدليل التشخيصي والإحصائي الخامس للأمراض النفسية، وهو عبارة عن تناول مستمر وغير معقول لمواد غير غذائية يشتهيها الفرد أثناء رغبة ملحّة وشديدة تتملكه تجاهها، إذ لا صبر له على الكفّ عن أكلها، كالطين والتراب Geophagia والصابون والطبشور والطلاء، والمعادن Metallophagia والشَّعر Trichophagia والورق Xylophagia والقاذورات Coprophagia وغيرها من المواد غير الصالحة للأكل. يصيب هذا الاضطراب الصغار والكبار معا ويمسّ النساء والرجال على حدّ سواء. يعدّ بيكا سلوكا مرضيا إلّا إذا كان مرتبطا بالعادات المجتمعية الثقافية والدينية التي تجعل من أكل بعض المواد الغريبة سلوكا مجتمعيا لا يدعو إلى تصنيفه ضمن خانة الاضطراب. كما يستثنى منها الأطفال الرضّع باعتبار تناول المواد غير الغذائية لديهم أمرا طبيعيا ومألوفا، فهم لا يفرّقون بين ما هو صحيح وما هو خاطئ.
لكي يتمّ تشخيص الاضطراب لا بدّ من توفّر مجموعة من المعايير، هذه الأخيرة حدّدها الدليل التشخيصي والإحصائي الخامس للأمراض النفسية DSM5 فيما يلي:
– أكل مستمرّ لمواد غير غذائية وغير صالحة للأكل لمدّة شهر على الأقل.
– لا يتناسب أكل المواد غير الغذائية وغير الصالحة للأكل مع المرحلة التطورية للفرد.
– سلوك الأكل ليس جزء من الممارسات المدعومة ثقافيا أو السوية اجتماعيا.
– إذا ظهر سلوك الأكل هذا في سياق اضطراب عقلي آخر كالإعاقة الذهنية واضطراب طيف التوحد والفصام أو ظرف صحّي كالحمل فإنّ الأمر شديد بما يكفي ليستدعي انتباها سريريا إضافيا. DSM5، ص 329.
تجدر الإشارة إلى أن بعض الحالات لا يتمّ الكشف عنها إلّا بعد تعرّض أصحابها إلى إحدى المشاكل الصحية المتمثلة في المضاعفات التي تنجرّ عن هذا السلوك والتي تشخّص من خلال التحاليل وأجهزة الكشف الطبيّة.
تعدّدت آراء الخبراء حول الأسباب التي تفسّر اضطراب بيكا، حيث أرجعه البعض لمشاكل صحية متعلقة بنقص أحد العناصر الغذائية في الجسم وبعض الأزمات النفسية والاجتماعية التي تعزّز السلوك الخاطئ ونذكر منها:
– سوء التغذية الذي ينتج عنه نقص في بعض المعادن في الجسم كالحديد والزنك والكالسيوم.
– الأمراض الجسدية كفقر الدم خاصة لدى النساء الحوامل.
– الإعاقة الذهنية والتوحد، زيادة عن بعض الأمراض العقلية والنفسية كالفصام والوسواس القهري.
– قد يكون هذا الاضطراب ناتجا عن سلوك متعلّم اكتسبه الفرد عن طريق التعزيز.
– الأزمات العاطفية كالحرمان والإهمال التي ينتج عنها القلق والتوتر فتكون هذه المواد بمثابة تعويض عن النقص الذي يعاني منه الفرد ليشعر بالأمن النفسي.
– الفقر والجوع الذي يدفع بالبعض إلى تناول مواد غير صالحة للأكل لسدّ حاجاتهم الغذائية حتى يتحول الوضع إلى عادة وإدمان.
يتسبّب اضطراب بيكا في تفجير مجموعة من المشاكل الصحية التي قد تؤدي بصاحبها إلى مضاعفات خطيرة، فقد سجّل مستشفى في الهند قبل عامين حالة خطيرة لاضطراب بيكا لشخص يبلغ من العمر 50 سنة اعتاد تناول المعادن Metallophagia، حيث أجريت له عملية جراحية لإزالة 72 قطعة معدنية كان قد ابتلعها على مدار سنوات طويلة بسبب مرض عقلي. ويمكن تلخيص بعض المضاعفات في النقاط الآتية:
– حالات التسمم والتعفن التي قد تصيب الجسم بسبب تناول مواد مضرة بالصحة ومسممة كالقاذورات.
– اضطرابات على مستوى الجهاز الهضمي كالإمساك وانسداد الأمعاء والالتهابات.
– مشاكل على مستوى الأسنان.
– أضرار على مستوى الدماغ خاصة إذا كان الفرد مدمنا على الطلاء ومشتقاته.
– مشاكل على مستوى القلب والكلى.
– تناول المواد غير الغذائية يشكل خطرا على الأم والجنين في فترة الحمل المعروفة بشهوة الغرائب.
.اكل الطين |يعتبر سلوك غير مناسب للمرحلة العمرية التي يمر فيها الفرد. عادة أكل الطين، أو أي مواد أرضية قد تكون مقترنة بسوء التغذية. كما أنه من أكثر إضطرابات الأكل شيوعا بين الأطفال المعوقين. هذا ويعتبر هذا السلوك مقبولا في بعض الثقافات التي لا تنظر للسلوك على أنه سلوك مرضي كما في بعض المجتمعات في افريقيا.Chthonophagia
فلجأت إلى القضاء
وبعد حمل الزوجة، زادت شهيتها لأكل "الطين"، والذي كان الزوج يشتريه لها عبر مواقع إلكترونية "أونلاين"، من إحدى الدول العربية المجاورة لمصر.
ومع زيادة الأسعار وتراكم المسؤوليات المادية، قرر الزوج التوقف عن شراء "الطين" لزوجته، والذي كان يكلفه آلاف الجنيهات في شحنه من خارج البلاد، معتبرا أن الطين ليس من أساسيات الحياة، وهنا تغيرت الزوجة وقررت اللجوء إلى القضاء.
وبدأت الخلافات بين الزوجين على إثر توقف الزوج عن شراء "الطين" لزوجته، والتي تركت منزل الزوجية أثناء حملها، وشرعت في رفع قضية خلع ضد زوجها بسبب هذا الأمر.
وحكمت محكمة الأسرة بالهرم بخلع السيدة من زوجها أمس الأول، إلا أن قضية نفقة الصغير لا تزال تنظر أمام المحكمة.
فواتير شراء "الطين" بآلاف الجنيهات
وقالت المحامية نهى الجندي، إن الزوجة قامت أيضا برفع دعوى لطلب نفقات فترة الحمل بعد تركها منزل الزوجية، والتي تشمل شراء "طين" بقيمة 9000 جنيه مصري، مع تقديم فواتير شراء "الطين" إلى هيئة المحكمة، وهو ما استوقف هيئة المحكمة وأثار اندهاشها من فرط غرابته، خصوصا مع تقديم الزوج صورة طبق من "الطين" الذي تأكله زوجته للمحكمة.
وأكدت المحامية أنها قامت بتقديم طعن على مطالبات الزوجة بنفقات "الطين"، باعتبار "الطين" ليس من أساسيات المأكل والمشرب والملبس والعلاج التي ينص عليها القانون، ما دفع المحكمة إلى إحالة أمر مطالبات الزوجة بمبالغ شراء "الطين" إلى التحقيق، استعدادا لرفضها بحسب المحامية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق