.الاغتصاب هو اغتصاب لأول مرة منذ بدء الجلسات في فرنسا يوم 2 سبتمبر/أيلول الجاري، عبّرت الضحية جيزيل بيليكو الثلاثاء عن شعورها الممزوج بالإهانة والغضب من تلميحات بعض المحامين المشككين في ما تعرضت له، قائلة: "الاغتصاب هو اغتصاب".
قضية مازان: كيف عرّض فرنسي زوجته لاغتصاب جماعي من أجل "متعته" الجنسية؟
محاكمة تدوم ثلاثة أشهر ويحضرها عشرات الصحفيين المعتمدين من مختلف دول العالم. إنها قضية مازان: اغتصاب جماعي هز المجتمع الفرنسي، كانت بلدة مازان الواقعة جنوب البلاد مسرحا لها، حيث قام زوج بتخدير زوجته ودعوة عشرات الرجال الغرباء لاغتصابها في المنزل الزوجي وهي فاقدة للوعي. فيما لا تزال التحقيقات جارية بشأن قضايا أخرى للزوج المتهم في مركز مختص في القضايا القديمة التابع للشرطة بمحكمة مدينة نانتير بضواحي باريس.
وأضافت الضحية أمام 51 رجلا متهمين في هذه المحاكمة التي باتت رمزا للعنف الجنسي وإدمان المواد الكيميائية المخدرة أمام محكمة أفينيون الجنائية جنوب فرنسا "منذ وصولي إلى قاعة هذه المحكمة وأنا أشعر بالإهانة..."
ملايين الصور ومقاطع الفيديو
ظهرت قضية مازان عندما عثرت الشرطة الفرنسية صدفة على ملايين الصور ومقاطع الفيديو التي التقطها الزوج دومينيك بيليكو (71 عاما) لاغتصاب زوجته.
وتم اعتقال بيليكو بعد تلقي شكاوى من سيدات كان السبعيني يستخدم هاتفه النقال لتصوير ما تحت تنانيرهن في المراكز التجارية، فباشرت الشرطة التحقيق معه لتكتشف ما كان بالكاد أن يصدق... زوج يقوم بتخدير زوجته ويدعو عشرات الرجال الغرباء لاغتصابها في المنزل الزوجي وهي فاقدة للوعي. والجريمة استمرت لنحو عشر سنوات، الأمر الذي أثار صدمة في البلاد كلها.
وكان بيليكو، وفق مكتب المدعي العام، يعرض على رجال من خلال موقع إلكتروني، ممارسة الجنس مع زوجته مع تصوير هذه الاعتداءات.
فبين عامي 2011 و2020، اتصل هذا الأب لثلاثة أطفال بعشرات الغرباء على موقع المواعدة عبر الإنترنت "كوكو"، الذي أغلقته السلطات في يونيو/حزيران الماضي، وعرض عليهم الحضور إلى بيته والقيام بما يريدونه من اعتداءات جنسية على زوجته.
ومن بين المشتبه بهم البالغ عددهم 83، تم التعرف على 54 منهم ويمثل 51 أمام المحكمة.
كما تختلف أعمار هؤلاء الرجال المغتصبين وهم من فئات مختلفة من المجتمع. واعترف بعضهم بأفعاله بينما قال آخرون إنهم ظنوا بأن الزوجة كانت تتظاهر بالنوم.
"أمر مهين حقا"
هذا، وتم توزيع 27 صورة للسيدة بيليكو التقطت دون علمها، وهي المرة الأولى التي يحدث فيه ذلك منذ افتتاح الجلسات في 2 سبتمبر/أيلول، بناء على طلب محامي الدفاع. وكان يفترض من هذه الصور أن تثبت بأن موكليهم ربما "خدعوا" للاعتقاد بأن الزوج جلبهم زوجة موافقة على الأمر...ما أثار غضبا شديدا لدى السيدة بيليكو.
وصاحت قائلة "الجميع يقول أنا جُلبت".."تماثلت".."كنت مخمورا".. "أنا متواطئة" والآن يحاول توزيع الصور التي التقطها السيد بيليكو لأكون أنا المذنبة؟"... "أنا مندهشة جدا من هذه الصور التي التقطت دون علمي".
وأضافت: "إنه أمر مهين حقا وأنا أتفهم الآن لماذا ضحايا الاغتصاب لا يقدمن شكاوى... لأننا نمر بمرحلة تتم خلالها إهانتنا".
"هل هم رجال بُلهاء أم ماذا...؟"
وتحدثت جيزيل بيليكو في محكمة أفينيون، مرة أخرى عن عمليات الاغتصاب التي تعرضت لها أثناء نومها، وقام بها عشرات الرجال بتدبير من زوجها. لكن الضحية عانت وتأثرت كثيرا بحجج الدفاع وتلميحاته التي كانت الغاية منها إظهار الزوجة كـ"شريكة" للمتهم.
وعبرت السيدة بيليكو أمام القاضي عن سخطها لهذه التلميحات قائلة "منذ وصولي إلى قاعة المحكمة هذه، شعرت بالإهانة. لقد تم وصفي بمدمنة على الكحول. وبأنني "شريكة" السيد بيليكو. يجب التحلي بقدر كبير من الصبر لتحمل كل ما سمعته".
وأضافت "كنت في غيبوبة، ومقاطع الفيديو التي ستبث لاحقا ستثبت ذلك". وأردفت حتى "الخبراء وهم رجال صدموا بهذه الفيديوهات".
ثم صاحت قائلة "الخمسون رجل (المتهمون) خلفي لم يسألوا أنفسهم (إن كنت موافقة) ما هؤلاء الرجال، هل هم رجال بُلهاء أم ماذا...؟"
وأكدت السيدة بيليكو أيضا أنه "ليس هناك اغتصاب من نوع واغتصاب من نوع آخر...الاغتصاب هو اغتصاب" موضحة "عندما نرى امرأة تنام على سريرها، ألا توجد لحظة نتساءل فيها؟ أليس هناك خطأ ما...؟ الاغتصاب هو اغتصاب... إن دام 3 دقائق أو ساعة، فهو أمر حقير للغاية"... في إشارة إلى كلمات محامي أحد المتهمين الذي قال إن هناك "اغتصاب واغتصاب"، مقلّلا بذلك من النية الحقيقية لبعض المتهمين الذين يزعم الكثير منهم أنهم ظنوا بأنهم يشاركون في لعبة جنسية لزوجين "متحررين جنسيا".
هذا، ومن المفترض أن يتم عرض مقاطع فيديو للاعتداءات، وهذه المرة بناء على طلب من الأطراف المدنية، لإثبات العكس أي عدم موافقة السيدة بيليكو.
ومن جانبه، أكد السيد بيليكو، أن "كل هذه الصور التقطت دون علمها. ولم يتم نشرها بأي حال من الأحوال على الإنترنت كطُعم. فقد كانت لمتعتي الشخصية".
"أنا مغتصب..."
وفي بداية الأسبوع، كانت تسود حالة من عدم اليقين بشأن استمرار المحاكمة، نظرا لدخول المتهم الرئيسي إلى المستشفى بسبب التهاب في الكلى. ولكنه عاد الثلاثاء ليجلس في قفص الاتهام.
وعندما بدأ القاضي باستجوابه، اعترف السبعيني بمسؤوليته وأقر بجميع عمليات الاغتصاب التي تعرضت لها زوجته. وقال بيليكو: "أنا مغتصب، مثل جميع أولئك الموجودين في هذه الغرفة".
هذا، وسلطت جلسة الاستماع الضوء أيضا على الشخصية المزدوجة لدومينيك بيليكو، الذي وصفته زوجته الضحية جيزيل بأنه إنسان "محسن ولطيف"، و"رجل رائع"، على حد تعبيرها.
لكن لهذا الرجل شخصية أخرى مظلمة، فهو مغتصب ومنحرف وذو ميل متلصص ليلا. وتقول جيزيل بيليكو بشأن زوجها السابق "كنت أعرف فقط الجانب الأول للسيد بيليكو.... كنت متأكدة أنني أقضي حياتي مع رجل رائع. أول المخدوعين في هذا الأمر هم أبنائي وأنا".
ويذكر أنه منذ بدء التحقيق، تبيّن أيضا بأن دومينيك بيليكو متهم بالاغتصاب في قضية تعود إلى 1991 وكذلك بمحاولة اغتصاب بسلاح يعود تاريخها إلى 1999.
ولحد الآن، لا تزال التحقيقات جارية بشأن قضايا أخرى في مركز مختص في القضايا القديمة التابع للشرطة بمحكمة مدينة نانتير بضواحي باريس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق