قبل ساعات من انطلاق بطولة كأس العالم لكرة القدم، اتهم جياني إنفانتينو رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، الغرب بـ "النفاق" في تقاريره عنأوضاع حقوق الإنسان في قطر عشية انطلاق البطولة.
ففي مؤتمر صحفي في الدوحة، تحدث إنفانتينو لمدة ساعة تقريبا حيث دافع بحماس عن قطر والبطولة. وقال: "لقد تعلمنا العديد من الدروس من الأوروبيين والعالم الغربي. أنا أوروبي. وبسبب ما كنا نفعله منذ 3000 عام حول العالم، يجب أن نعتذر لنحو 3000 سنة قادمة قبل إعطاء دروس أخلاقية".
وأضاف قائلا: "أجد صعوبة في فهم النقد، علينا أن نستثمر في مساعدة هؤلاء الناس، في التعليم ومنحهم مستقبلا أفضل والمزيد من الأمل. يجب علينا جميعا أن نثقف أنفسنا، فالكثير من الأشياء ليست مثالية ولكن الإصلاح والتغيير يستغرقان وقتا".
قصص مقترحة نهاية
ومضى يقول:"هذا الدرس الأخلاقي أحادي الجانب هو مجرد نفاق. أتساءل لماذا لا يدرك أحد التقدم المحرز هنا منذ عام 2016. مشيرا إلى أنه "ليس من السهل انتقاد قرار اتخذ قبل 12 عاما. قطر جاهزة وستكون أفضل بطولة كأس عالم على الإطلاق".
وتُقام بطولة كأس العالم 2022 في قطر في الفترة من 20 نوفمبر/ تشرين الثاني إلى 18 ديسمبر/ كانون الأول، وهي الأولى التي تستضيفها منطقة الشرق الأوسط في عمر البطولة الذي يبلغ 92 عاما.
وصوتت اللجنة التنفيذية للاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، قبل 12 عاما، بأغلبية 14 مقابل 8 لصالح استضافة قطر البطولة مقابل الولايات المتحدة، وفي نفس الوقت تم منح روسيا حق استضافة بطولة 2018.
لكن من هو جياني إنفانتينو؟
اسمه بالكامل هو جيوفاني فينتشنزو إنفانتينو وهو تاسع رئيس للفيفا. وقد ولد إنفانتينو في 23 مارس/آذار من عام 1970 في منطقة بريغ في كانتون فاليه بسويسرا. ووالداه هما فينتشنزو إنفانتينو (رجل أعمال )، وماريا مينولفي (ربة منزل).
وهو من أصل إيطالي، كما يتضح من لقبه. جاء والده إلى بريغ من مدينة ريجيو كالابريا الإيطالية وعمل في التجارة، أما والدته فقد جاءت من لومباردي.
وجياني إنفانتينو محامٍ، ويتحدث 6 لغات (الإيطالية والفرنسية والألمانية والإنجليزية والإسبانية والبرتغالية والعربية)، ويحمل جنسية مزدوجة (سويسرية وإيطالية). وهو حاصل على إجازة في القانون من جامعة فرايبورغ.
وعلى الرغم من الصعوبات المالية التي عانت منها عائلته في طفولته المبكرة، تمكن والدا جياني إنفانتينو ضمان تعليمه الابتدائي والثانوي.
ولم يكن لدى عائلة إنفانتينو المال الكافي لدراسته الجامعية، لذلك كان عليه العمل في السكك الحديدية لتغطية نفقاته.
شغف كرة القدم
كان إنفانتينو شغوفا منذ طفولته بكرة القدم، لكن لم تكن لديه مواهب بارزة، وهو أمر جعله يبحث عن طريقة أخرى للمشاركة في هذه الرياضة دون أن يكون لاعبا محترفا. لقد كانت خطة جيدة.
البودكاست نهاية
الطريقة التي تصور بها إنفانتينو خططه للدخول إلى إدارة كرة القدم توصف بأنها "لا تقدر بثمن".
فبدلا من الذهاب إلى أكاديمية كرة القدم التي لم تكن لديه موهبة فيها، قرر إنفانتينو دراسة فرع القانون الذي يتعلق بحوكمة كرة القدم فالتحق بجامعة فرايبورغ حيث حصل على شهادته في القانون بعد سنوات من الدراسة.
وبعد تخرجه من الجامعة، لم يهدر إنفانتينو أي وقت وشرع في العمل بمجال شغفه. وبدأت مسيرته الرياضية مع إنشاء المركز الدولي لدراسة الرياضة الذي وصل إلى منصب الأمين العام به، كما عمل مستشارا لعدد من بطولات الدوري الأوروبية لكرة القدم.
وبالإضافة إلى ذلك، عمل في القضايا المالية والتجارية والقانونية، بالإضافة إلى موضوع كرة القدم الاحترافية.
وقد طرقت الشهرة بابه عندما انضم إلى يويفا (الاتحاد الأوروبي لكرة القدم) في عام 2000. وأصبح أمينا عاما ليويفا في أكتوبر/تشرين الأول من عام 2009 بعد أن شغل منصب النائب لمدة عامين.
وفور إعلانه الترشح لانتخابات الرئاسة في الفيفا، حاز انفانتينو على دعم الاتحاد الأوروبي لكرة القدم. وفاز بالمنصب عام 2016 ليخلف سيب بلاتر.
يذكر أن إنفانتينو متزوج باللبنانية لينا الأشقر، التي عملت قبل الزواج في الاتحاد اللبناني لكرة القدم، منذ عام 2001، ولديهما 4 فتيات هن أليسا وسابرينا وسيرينا وداليا.
ضغوط
طغت قضايا عدة متعلقة بقطر على الحدث، بما في ذلك وفيات العمال المهاجرين ومعاملة المثليين جنسيا.
وافتتح إنفانتينو مؤتمره الصحفي بالقول: "اليوم لدي مشاعر قوية. اليوم أشعر أني قطري، أشعر أني عربي، أشعر بأني أفريقي، أشعر بأني مثلي الجنس، أشعر أني معاق، أشعر أني عامل مهاجر".
وتابع قائلا: "لست مضطرا للدفاع عن قطر، يمكنهم الدفاع عن أنفسهم. أنا أدافع عن كرة القدم فقد أحرزت قطر تقدما، وبالطبع أنا لست قطريا أو عربيا أو أفريقيا أو مثليا أو معاقا أو عاملا مهاجرا. لكني أشعر مثلهم لأنني أعرف ما يعنيه التعرض للتمييز والتخويف كأجنبي في بلد أجنبي".
وتعرضت قطر لضغوط لبناء مركز للعمال المهاجرين، وأعلن إنفانتينو عن "مكتب مخصص ودائم" في الدوحة، بعد مناقشات مع الحكومة القطرية ومنظمة العمل الدولية.
وقال أيضا إن كل عامل يتعرض لحادث "يتلقى تعويضا بموجب القانون".
كما أضاف إنفانتينو قائلا إن صندوق "إرث قطر 2022" التابع للفيفا سيخصص للتعليم، وسيوقع اتفاقية ستساعد 25 مليون طفل وامرأة في الهند.
وفي فبراير/ شباط من عام 2021، قالت صحيفة الغارديان البريطانية إن 6500 عامل مهاجر من الهند وباكستان ونيبال وبنغلاديش وسريلانكا لقوا حتفهم في بناء المنشآت التي شيدتها قطر لاستضافة كأس العالم.
نهاية YouTube مشاركة, 1
وتعتمد هذه الحصيلة على الأرقام التي قدمتها سفارات تلك الدول في قطر.
لكن الحكومة القطرية قالت إن هذه الحصيلة مضللة، لأنه لم تكن جميع الوفيات المسجلة لأشخاص يعملون في مشاريع مرتبطة بكأس العالم.
وقبل يومين فقط من انطلاق البطولة، غيرت الفيفا سياستها، وأعلنت أنه لن يتم تقديم المشروبات الكحولية في أي من ملاعب كأس العالم الثمانية.
وكان من المقرر تقديم المشروبات الكحولية "في مناطق محددة داخل الملاعب".
وتحدث إنفانتينو عن القرار الذي تم تغييره قائلا: "إذا كانت هذه هي أكبر مشكلة لدينا بالنسبة لكأس العالم ، فسأستقيل على الفور وأذهب إلى الشاطئ للاسترخاء. اسمحوا لي أولا أن أؤكد لكم أن كل قرار يتم اتخاذه في هذا المونديال هو قرار مشترك بين قطر والفيفا".
وقال: "سيكون هناك العديد من مناطق المشجعين حيث يمكنك شراء الكحول في قطر ويمكن للمشجعين شرب الكحول في نفس الوقت. أعتقد أنك ستعيش إذا لم تتمكن من شرب البيرة لمدة 3 ساعات في اليوم".
وأضاف قائلا: "نفس القواعد تطبق في فرنسا وإسبانيا والبرتغال واسكتلندا. لكن هنا أصبح أمرا كبيرا لأنه بلد مسلم؟ لا أعرف لماذا؟".
وكتبت الفيفا مؤخرا إلى الدول المتنافسة تطلب منها "التركيز على كرة القدم".
اتهامات فساد
واجه قرار منح روسيا عام 2018 وقطر عام 2022 حق استضافة المونديال اتهامات بالفساد على نطاق واسع، حيث بدأ تحقيقان من قبل المدعين السويسريين ووزارة العدل الأمريكية في عام 2015.
وكان سيب بلاتر الذي قضى 17 عاما في رئاسة الفيفا، قد أُجبر على التنحي في 2015 بسبب مزاعم بأنه رتب بشكل غير قانوني تحويل مليوني فرنك سويسري (2.19 مليون دولار) إلى ميشيل بلاتيني رئيس اليويفا آنذاك، والذي أجبر أيضا على الاستقالة من منصبه في الفيفا.
ووجهت إلى بلاتر وبلاتيني تهمة الاحتيال في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، لكن المحاكمة التي جرت في سويسرا في يوليو/ تموز وجدت أنهما غير مذنبين.
وقال بلاتر مؤخرا: "بفضل الأصوات الأربعة لبلاتيني وفريقه (الاتحاد الأوروبي لكرة القدم)، ذهبت بطولة كأس العالم إلى قطر بدلا من الولايات المتحدة. إنها الحقيقة".
ولطالما نفت قطر وروسيا ارتكاب أي مخالفات، وتم تبرئة البلدين من خلال تحقيق خاص للفيفا في عام 2017.
وفي عام 2020، اتخذ الإدعاء السويسري اجراءات قانونية ضد إنفانتينو وذلك على خلفية عقد اجتماع سري بين رئيس الفيفا والمدعي العام السويسري السابق مايكل لوبر.
وصدر بيان عن فيفا حينئذ جاء فيه أن إنفانتينو وأعضاء مجلس إدارة الاتحاد الدولي مستعدون "للتعاون بالكامل مع التحقيق".
وقال إنفانتينو في بيان نشر على الموقع إنه "يسعى دائماً إلى مساعدة السلطات في التحقيقات حول مخالفات سابقة. وسبق لمسؤولين من الفيفا أن التقوا بممثلي السلطات القضائية في جميع أنحاء العالم".
وأكدت الوكالة المشرفة على عمل مكتب المدعي العام آنذاك وجود مؤشرات على سلوك جنائي يتعلق بذلك الاجتماع. وقالت في بيان :"إن هذا يتعلق بسوء استخدام الوظيفة العامة، وخرق السرية الرسمية ومساعدة المخالفين والتشجيع على هذه الأعمال".
وقد احتفظ إنفانتينو بمنصبه خلال خضوعه للتحقيق في قضايا فساد.
ونفى الطرفان ارتكاب أي خطأ أو مخالفة.
وقال الاتحاد ومقره زيوريخ في سويسرا حينئذ إن الاجتماع كان "روتينيا ولا يوجد إطلاقا أي داع لفتح تحقيق".
وأضاف: "ليس هناك ما يوحي بأي شكل من أشكال ارتكاب جريمة جنائية".
وقال الاتحاد الدولي لكرة القدم: "عندما عقدت الاجتماعات بين رئيس الفيفا والنائب العام السويسري كانت الهيئة المشرفة على مكتب الادعاء العام تجري تحقيقات في أكثر من 20 قضية تتعلق بالفيفا، والفيفا هو المتضرر من تلك الإجراءات. وبالتالي كان من المنطقي لرئيس الاتحاد عقد اجتماع مع النائب العام".
وأضاف:" كان الهدف دائما تقديم دعم الفيفا الكامل في هذه التحقيقات. ذهب رئيس الفيفا ومسؤولون فيه لمقابلة أعلى مسؤول قانوني في البلاد لشرح التغييرات التي أجريت في الاتحاد، ولعرض التعاون في إجراءات المحاكمة المتعلقة بارتكاب جرائم".
وكان لوبير قد استقال بعد حكم قضائي بأنه أخفى عقد الاجتماعات وكذب على رؤسائه خلال تحقيق أجري معه بشبهات فساد تحيط بالاتحاد الدولي لكرة القدم.
وفي وقت لاحق من عام 2020، تمت تبرئة إنفانتينو لعدم توافر الأدلة، وتقرر إغلاق القضية لأنه لم ينتهك قواعد السلوك في الفيفا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق