قادة السودان الجدد؟
عقد مجلس السيادة في السودان أول اجتماع له في القصر الجمهوري بالخرطوم، بعد أداء رئيس المجلس الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان ومعظم أعضائه القسم لتولي مهامهم بشكل رسمي.
وشُكل المجلس السيادي الجديد في السودان في العشرين من أغسطس/آب الحالي. ويمثل رأس الدولة ورمز سيادتها ووحدتها، بحسب الوثيقة الدستورية الموقعة بين المجلس العسكري الانتقالي وتحالف قوى إعلان الحرية والتغيير الذي يمثل أحزاب المعارضة السودانية.
ويتولى المجلس قيادة البلاد خلال المرحلة الانتقالية التي ستمتد لمدة 39 شهرا من تاريخ التوقيع عليها، ليعقبها إجراء انتخابات عامة في البلاد.
كما يعد المجلس، الذي يضم في عضويته عددا من القادة العسكريين، القائد الأعلى للقوات المسلحة وقوات الدعم السريع والقوات النظامية الأخرى في السودان.
ويتألف المجلس من 11 عضوا، بينهم خمسة عسكريين رشحهم المجلس العسكري الانتقالي، وستة مدنيين رشحهم تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير، وبينهم امرأتان واحدة منهما مسيحية قبطية.
نقدم هنا نبذة موجزة عن أعضاء المجلس.
الفريق أول الركن عبد الفتاح البرهان
تولي عبد الفتاح البرهان رئاسة المجلس العسكري الانتقالي خلفا لوزير الدفاع الفريق عوض بن عوف، الذي استقال من منصبه بعد يوم واحد فقط من توليه رئاسة المجلس وعزله للرئيس السابق عمر البشير.
وأعلن بن عوف في أبريل/نيسان الماضي، إنه اختار الفريق عبد الفتاح البرهان الذي حظي بقبول نسبي من قبل الجميع، رئيسا جديدا للمجلس العسكري، واستلم مهامه رسمياً بعد أداء اليمين الدستورية.
لم يكن اسم البرهان حاضرا في مقدمة المشهد السياسي السوداني في السابق، فقد عرف بأنه عسكري مُنضبط، تدرج في مختلف المراتب العسكرية منذ أن خدم في الجيش السوداني ضابطا في سلاح المشاة، حتى أصبح قائدا للقوات البرية.
كما خدم لفترة ملحقا عسكريا في الصين، وقائدا لقوات حرس الحدود.
وفي فبراير/شباط الماضي، أعلن البشير عن تعديلات في قيادات الجيش، شملت ترقية البرهان من رتبة فريق ركن إلى فريق أول، وتوليه منصب المفتش العام للقوات المسلحة.
يصفه عدد من زملائه بأنه شخص يتسم بالاعتدال وظل عسكريا ملتزما بعيدا عن الانتماء إلى أي تنظيم سياسي.
وتقول تقارير إن البرهان أشرف على مشاركة القوات السودانية في حرب اليمن ضمن التحالف بقيادة السعودية بالتنسيق مع قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو الملقب بحميدتي.
ترجع جذور البرهان إلى ولاية نهر النيل الواقعة إلى الشمال من العاصمة الخرطوم، وقد ولد في عام 1960 في قرية قندتو في إسرة دينية تتبع الطريقة الختمية، وهي إحدى الطرق الصوفية الكبرى في السودان، وكان لها دورها في الحياة السياسية السودانية ممثلة بالحزب الاتحادي الديمقراطي، المنافس التقليدي لحزب الأمة.
الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي)
بدا مسار صعود محمد حمدان دقلو الملقب بـ حميدتي إلى مقدمة المشهد السياسي في السودان غريبا، إذ جاء من خارج المؤسسة العسكرية أو الأحزاب السياسية التقليدية في السودان.
ويعد حميدتي أحد العناصر الأساسية التي أطاحت بالرئيس السابق البشير، الذي كان قد قربه إليه ودعمه وأضفى الشرعية على الميليشيا القبيلة التي كان يقودها، ودمجها في المؤسسة العسكرية تحت اسم "قوات الدعم السريع".
وينحدر حميدتي من قبيلة الرزيقات ذات الأصول العربية التي تقطن إقليم دارفور غربي السودان.
وقد ترك الدراسة في عمر مبكر وعمل في العشرينيات من عمره في تجارة الإبل بين ليبيا ومالي وتشاد بشكل رئيسي، فضلا عن حماية القوافل التجارية من قطاع الطرق في مناطق سيطرة قبيلته.
جنى حميدتي ثروة كبيرة من عمله هذا في التسعينيات ما مكنه من تشكيل ميليشيا قبلية خاصة به تنافست مع ميلشيات قبلية أخرى، وعند اكتشاف الذهب في جبل عامر سيطرت ميليشياته على مناجمه.
تبدأ قصة حميدتي في عام 2003، عندما حشدت حكومة البشير قوات من الرعاة العرب لمحاربة المتمردين الأفارقة في دارفور، وكانت نواة هذه القوات "التي عرفت لاحقا باسم الجنجويد" مؤلفة من رعاة جمال من عشيرتي المحاميد والماهرية من قبائل الرزيقات في شمال دارفور والمناطق المتاخمة لها في تشاد.
وخلال الحرب الضارية في دارفور بين عامي 2003-2005، كان قائد الجنجويد الأكثر شهرة والأسوأ سمعة هو موسى هلال، زعيم عشيرة المحاميد.
وبرز حميدتي الذي كان يعمل إلى جانب هلال، عندما تمكن من توسيع الميليشيا التي يقودها من الماهرية وضم إليها قبائل أخرى، لينافس زعيمه السابق هلال وليستعين به البشير لاحقا إثر خلاف مع الأخير.
وأضفى البشير الشرعية على هذه الميليشيا بتسميتها "قوات الدعم السريع" وفق مرسوم رئاسي أصدره في عام 2013. وكان قوامها الأساسي مكونا من 5000 عنصر كانوا مسلحين ونشطين قبل ذلك بوقت طويل.
وشاركت قوات الدعم السريع في عدد من النزاعات الأقليمية ومن أبرزها دورها في القتال ضمن قوات التحالف بقيادة السعودية في جنوب اليمن وعلى طول سهل تهامة - الذي يشمل مدينة الحديدة الساحلية، التي كانت مسرحا لقتال عنيف في العام الماضي.
كما وفر حميدتي وحدات للمساعدة في حراسة الحدود السعودية مع اليمن.
وتشير تقارير إلى أن عدد "قوات الدعم السريع" التي يقودها حميدتي اليوم يصل إلى أكثر 40 ألف شخص، وكانت أحد المساهمين الرئيسين في عملية الإطاحة بالبشير، التي عين في أعقابها حميدتي بمنصب نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي.
ويقول أليكس دي وال، المدير التنفيذي لمؤسسة السلام العالمية في كلية فليتشر للقانون والدبلوماسية بجامعة تافتس في الولايات المتحدة في مقال كتبه لبي بي سي إن حميدتي "من خلال الذهب ونشاط المرتزقة المعتمد رسميا، أصبح يتحكم بأكبر "ميزانية سياسية" للسودان، أموال يمكن إنفاقها على الأمن الخاص، أو أي نشاط، دون أي مساءلة. وأصبحت شركة الجنيد، التي يديرها أقاربه، مجموعة ضخمة تغطي الاستثمار والتعدين والنقل وتأجير السيارات والحديد والصلب. وعندما أقيل البشير في أبريل/ نيسان الماضي، كان حميدتي أصبح واحدا من أغنى الرجال في السودان وكان في قلب شبكة من المحسوبية والصفقات الأمنية السرية".
ويضيف: "وقع حميدتي اتفاقا مع شركة علاقات عامة كندية لتحسين صورته ومساعدته في الحصول على مدخل لعلاقات سياسية مع روسيا والولايات المتحدة".
الفريق الركن شمس الدين الكباشي
وفي التعديلات التي أجراها البشير في قيادات الجيش السوداني في فبراير/شباط الماضي، عُين الفريق الركن الكباشي في منصب رئيس هيئة العمليات العسكرية المشتركة.
وكان الكباشي تدرج في المناصب العسكرية ونال رتبة فريق ركن مطلع عام 2017.
برز الكباشي إلى واجهة الأحداث إثر تشكيل المجلس العسكري الانتقالي عقب الإطاحة بالرئيس البشير، وأصبح رئيس اللجنة السياسية والناطق باسم المجلس، وكان الوجه الأبرز لإعلان بيانات المجلس الانتقالي في وسائل الإعلام.
الفريق ركن ياسر عبد الرحمن حسن العطا
بعد الإطاحة بالرئيس البشير، كان الفريق العطا واحدا من عشرة ضباط شكلوا المجلس العسكري الانتقالي.
تحدر العطا من عائلة عسكرية ضمت عددا من الضباط في الجيش السوداني، وكان عمه الأكبر الهاشم العطا أعدم إثر اتهامه بتنفيذ محاولة انقلابية بالتحالف مع الحزب الشيوعي للإطاحة بنظام الرئيس جعفر النميري.
أصبح ضابطا في الجيش السوداني منتصف الثمانينيات ويحمل شهادة الماجستير بالعلوم العسكرية من جامعة البكر للدراسات العسكرية العليا في العراق.
ورقي إلى رتبة عميد في عام 2007 وعين في منصب الملحق العسكري بالسفارة السودانية في جيبوتي.
وتولى لاحقا منصب مدير إدارة العمليات البرية، ورقي إلى رتبة فريق في التعديلات التي أجراها البشير في قيادات الجيش السوداني في فبراير/شباط الماضي.
اللواء الركن إبراهيم جابر كريم
عند تشكيل المجلس العسكري الانتقالي تولى اللواء الركن البحري إبراهيم جابر كريم رئاسة اللجنة الاقتصادية فيه.
وكان كريم يشغل منصب قائد القوات البحرية في السودان، وهو يحمل إلى جانب دربته العسكرية شهادة في الهندسة.
كان كريم أحد الضباط العشرة الذين شكلوا المجلس العسكري الانتقالي، واختير ضمن الضباط الخمسة لعضوية مجلس السيادة الذي سيقود البلاد خلال المرحلة الانتقالية.
___________________________________________________________________________
أما الأعضاء الذين تم اختيارهم من تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير فهم:
عائشة موسى السعيد
اختار تحالف قوى التغيير الأكاديمية والناشطة الحقوقية عائشة السعيد، لتكون ضمن حصة المدنيين في المجلس السيادي.
عرفت السعيد بنشاطاتها الثقافية وعملها بحقل الترجمة، وهي أرملة الشاعر السوداني وأستاذ الأدب المقارن الراحل محمد عبد الحي.
ولدت السعيد في مدينة الأبيض، وتخرجت من معهد المعلومات في جامعة الخرطوم، وحصلت على شهادة الماجستير لتدريس اللغة الإنجليزية كلغة ثانية من جامعة مانشستر في المملكة المتحدة، ودبلوم تدريس اللغة الإنجليزية من جامعة ليدز بالمملكة المتحدة أيضاً، وشهادة تدريب المعلمين لتدريس اللغات بالولايات المتحدة الأميركية.
عملت عائشة كمدرسة لغة إنجليزية بجامعتَي الملك سعود والأمير سلطان بالرياض.
وعملت عند عودتها إلى السودان في إدارة معاهد التأهيل التربوي كمختصة لغة إنجليزية في وزارة التربية بالخرطوم.
وأصبحت لاحقاً مديرة عامة بالإنابة لإدارة التأهيل التربوي بالخرطوم.
عرفت السعيد بنشاطاتها في مجال التثقيف لتمكين المرأة السودانية، وتعليم البنات في السودان.
حسن محمد إدريس قاضي
يعمل إدريس قاضي مستشارا قانونيا، وكان مرشح نداء السودان ضمن تحالف قوى الحرية والتغيير لعضوية المجلس السيادي.
درس إدريس قاضي القانون في جامعة الخرطوم، وتخرج عام 1972. وعمل مساعداً قانونياً بوزارة العدل ووكيلًا لنيابة كسلا.
كما عمل مستشاراً قانونياً في البحرين وسلطنة عمان حتى عام 2006.
وأصبح نائباً برلمانياً عن دائرة كسلا الغربية في عام 1986، وشغل منصب وزير الإسكان والأشغال العامة في الثمانينيات أيضا.
وبعد تشكيل المجلس السيادي أصبح عضواً عن قوى نداء السودان ممثلاُ لشرق السودان في المجلس.
الصديق تاور كافي
يعمل تاور كافي الذي رشحته قوى الإجماع الوطني لعضوية مجلس السيادة أستاذا جامعيا.
كما عرف أيضا بنشاطه السياسي وفي كونه قياديا سابقا في حزب البعث في السودان.
وهو أكاديمي متخصص في الفيزياء وفي شؤون البيئة، وعمل مستشارا علميا في ولاية جنوب كردفان، وأستاذا للفيزياء بجامعة النيلين وجامعات سودانية أخرى.
ولد في مدينة كادوغلي بولاية جنوب كردفان عام 1959، وترجع أصوله إلى أهالي جبال النوبة.
ولدى تاور كافي مساهمات علمية في مجال تخصصه في الفيزياء، كما شارك في تنظيم الكثير من النشاطات الحقوقية في قضايا وقف الحرب وإحلال السلام في جبال النوبة والنيل الأزرق.
محمد الفكي سليمان
كان سليمان مرشح التجمع الاتحادي ضمن تحالف قوى الحرية والتغيير لعضوية مجلس السيادة.
يعمل سليمان صحفيا وناشطا سياسيا، وقد بدأ نشاطه السياسي الطلابي منذ أيام الجامعة في المنظمة الطلابية للحزب الاتحادي الديمقراطي.
حصل سلمان شهادة البكالوريوس من كلية الاقتصاد وعلى شهادة الماجستير من كلية العلوم السياسية بجامعة الخرطوم عام 2008.
عمل في الصحافة في دول الخليج، وله اهتمامات أدبية إذ أصدر روايتين، فضلا عن كتاب في السياسة بعنوان "تحديات بناء الدولة السودانية".
عُين سليمان في منصب النائب العام خلال المرحلة الانتقالية الحالية.
محمد حسن عثمان التعايشي
تقدمت لجنة صيادلة السودان المركزية ضمن تجمع المهنيين بترشيح التعايشي لمجلس السيادة، بيد أن ترشيحه واجه اعتراضات تسببت في إبعاده، وترشيح فدوى عبد الرحمن طه بدلا عنه. وقد واجه هذا الإبعاد معارضة شديدة انتهت بإعادة ترشيح التعايشي واعتذار المرشحة البديلة.
يتحدر التعايشي من إقليم دارفور، وكان أحد القياديين الشباب في صفوف حزب الأمة.
كما رأس اتحاد طلبة جامعة الخرطوم السابق في (2003 -2004 ) أثناء دراسته في كلية الدراسات الاقتصادية والاجتماعية.
رجاء نيقولا عبد المسيح
تمثل عبد المسيح أول سيدة قبطية تتولى عضوية المجلس السيادي في السودان.
وأشارت تقارير إلى أنها اختيرت لتكون العضو التوافقي في المجلس (الذي تنص الوثيقة الدستورية على توافق المجلس العسكري وتحالف قوى التغيير على ترشيحه).
وعبد المسيح من مواليد أم درمان وحاصلة على ليسانس حقوق من جامعة القاهرة عام 1980.
وعُيّنت في وزارة العدل السودانية عام 1982، وتدرجت في الوظائف لتصبح مستشارة بالوزارة عام 2005.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق