الجمعة، مارس 02، 2012

أجحم الله من أفرج عنهابأوامرأسياده الصهاينة الخائن الجاسوس الساداتي وجيهانته وألحق به خلفه المخلوع الجاسوس باراك وشوشانته اليهوصليبية ونغليه إيلي وجيمي الذين جندتهم العصابة الصهيونية وإستخدمتهم لإغتيال إبن مصرالبارناصر،وأوصلتهم للرئاسة ليدمرامصرمن أعلى إلى أسفل بأوامررئاسية تصدرمن تل أبيب وبيتها الأغبر،إعدموا الخونة ولاتأخذكم بهم شفقة لوكنتم بالثورة تؤمنون!سالم القطامي


 تمتد جذور النحاس الى "حاصبيا" في محافظة لبنان الجنوبية ، عمل سكرتيراً في منظمة "الشعوب الأفرو آسيوية" ،كان ناقمًا على حياته شاعرًا بقلة راتبه ، فسافر إلى الدار البيضاء للعمل كمراسل صحفي في احدى وكالات الأنباء ، وتعرف على "مليكة" اليهودية المغربية ، التي عرضت عليه السفر معها الى باريس.
                                           
   وقد استدرجته الجميلة التي عشقها بشدة للحديث في السياسة فأفاض بغزارة بما لديه من معلومات عن المنظمة الأفرو آسيوية ، وعن أشخاص بعينهم يمثلون رموزاً هامة في المجتمع الدولي ، وكانت كل تلك الأحاديث مسجلة بالصوت والصورة .

   وكان "باسكينر " أحد ضباط الموساد يراقب كل شئ ويدرس شخصية النحاس ، باحثًا عن كل مواطن الضعف ، وقرر أن يصنع من النحاس جاسوساً ملماً بفنون الجاسوسية . كانت خطوته الأولى على الطريق تتمثل في استدراج ذوي المراكز الحساسة للحديث في أمور يصعب تناولها ، وتتعلق بأسرار الدولة ، إلى جانب تزويد الموساد بنسخة طبق الأصل من محاضر مؤتمرات المنظمة الأفرو آسيوية التي سيعود لعلمه بها من جديد ، فضلا عن مراقبة المواقع العسكرية على الطريق ما بين القاهرة والسويس وكتابة تقارير وافية.

   وفي عام 1960 عاد النحاس الى عمله بالمنظمة الافروسيوية ، فتوصل إلى معلومات غاية في الأهمية ، وبعد عامين سافر إلى باريس في مهمة عاجلة ، تدرب فيها على كيفية ترويج الإشاعات والتأثير سلبياً على الرأي العام من خلال تجمعات الأوساط المختلفة في مصر.

   وفي مرحلة أخرى من مراحل صناعة الجواسيس أعد له برنامج تدريبي أكثر خطورة في بيروت، إذ تم إخضاعه لدورة تدريبية بواسطة خبير متفجرات عميل للموساد، فتعلم كيفية صنع المتفجرات، وتفخيخ الرسائل والطرود والتخفي والتمويه والهرب والتنكر.

   تعاون بإخلاص مع الموساد في تهديد الخبراء الألمان، الذين يعملون في المصانع الحربية المصرية لإنتاج الصواريخ والأسلحة المتطورة ، بتوجيه الرسائل المتفجرة الى بعضهم، بالاشتراك ضمناً مع وولفجانج لوتز عميل الموساد الشهير في القاهرة الذي ألقى القبض عليه في فبراير 1965 ولم يجر إعدامه.

   قام بدور حيوي في نقل أسرار عسكرية وحيوية الى إسرائيل قبل نكسة يونيو 1967 ، ساعدت العدو على اجتياح الأراضي المصرية واحتلال سيناء. واعتبر نبيل النحاس نجاح إسرائيل في هزيمة العرب نتاج تعاونه معهم وإمدادهم بوثائق خطيرة وتقارير تشكل الصورة الواقعية للعسكرية المصرية .

   وكانت زيارته الى تل أبيب حلماً يراوده، وبالفعل تم إعداد خطة شيطانية له للذهاب الى الدولة العبرية ، وطلب لقاء وزيرة الخارجية الإسرائيلية جولدا مائير ، ثم عاد إلى مصر بعد زيارة استمرت ستة عشرة يوماً فجمع أدق المعلومات عن تسليح الجيش، والمعدات الحديثة التي تصل سراً من الاتحاد السوفيتي ودول الكتلة الشرقية، ومعلومات مركزة عن حركة ميناء الاسكندرية.

   وبدأت قصة نهاية النحاس الذي سارع للاسكندرية وقابل صديقا له يعمل في شركة تمارس نشاطات بحرية، وأغدق عليه بالهدايا ، وتساءل عن أمور دقيقة تجري بالميناء الحيوي ، بحجة عمله كمراسل لوكالة أنباء دولية.

الا ان صديقه انتابه الشك ، فبادر على الفور بإبلاغ المخابرات المصرية ووضع العميل تحت المراقبة الشديدة. وبعد نصر أكتوبر 1973 اتهمته اسرائيل بالإهمال الجسيم ، فتخوف من فكرة الاستغناء عن خدماته ، وبنشاط مجنون أخذ يبحث عن مصادر لمعلومات ، الا إن المخابرات المصرية احبطت كل مخططاته .

   وفي 24 نوفمبر 1973 اقتحمت المخابرات المصرية شقته في القاهرة، وضبطت أدوات التجسس كاملة، أدلى باعترافات تفصيلية ملأت مئات الصفحات، وهو لا يصدق أنه سقط بعد 13 عاماً كاملة في مهنة التجسس التي أجادها واحترفها. وكعادتها أنكرت إسرائيل معرفتها به، وتجاهلته ليموت ذليلاً على حبل المشنقة.

                                                  ملكة الجاسوسية
 
   قالت عنها جولدا مائير إنها قدمت لإسرائيل أكثر مما قدم زعماء إسرائيل.. إنها الجاسوسة هبة عبد الرحمن سليم عامر ، والتي باعت "مصر " لا من أجل المال أو الحب انما من أجل هاجس تجسد في عقلها أن اسرائيل دولة عظمى لن يقهرها العرب.

   لم تهتز هبة لهزيمة مصر في حرب 1967 ، فكانت من تلك الفتيات التي لا تهتم سوى بالموضة والمغامرات ، سافرت إلى باريس ، جمعتها مدرجات الجامعة بفتاة يهودية من أصول بولندية دعتها ذات يوم لسهرة بمنزلها، وهناك التقت بلفيف من الشباب اليهود الذي تعجب لكونها مصرية جريئة لا تلتفت الى الخلف .

   ومع تعدد اللقاءات زادت قناعة هبة أن إسرائيل قوية جداً وأقوى من كل العرب ، وأن أمريكا لن تسمح بهزيمة إسرائيل في يوم من الأيام بالسلاح الشرقي ففي ذلك هزيمة لها ، فسعت إلى تقديم خدمتها الجليلة إلى الدولة العبرية .

   وبدأت أولى خطواتها على سلم الجاسوسية بالتفكير في تجنيد المقدم فاروق الفقي الذي كان يعمل بالقوات المسلحة وكان يرغب في الارتباط بها .

   وبالفعل أخبرت ضابط الموساد ، ورسم لها خطة اصطياده ، فوافقت على طلب خطوبته لها ، وبدأت تدريجياً تسأله عن بعض المعلومات والأسرار الحربية ، خاصة مواقع الصواريخ الجديدة التي وصلت من روسيا.

   والضابط العاشق يتباهى امام خطيبته بأنه ملم بأدق الأسرار العسكرية، ويجيء بها بالخرائط زيادة في شرح التفاصيل ، وارسلت الجاسوسة عدة خطابات الى باريس بما لديها من معلومات.

   فطالب منها الموساد المزيد من المعلومات عن مواقع القوات المسلحة ، وبالذات قواعد الصواريخ والخطط المستقبلية لإقامتها، والمواقع التبادلية المقترحة.

  وسافرت هبة الى باريس وهي تحمل معلومات غاية في السرية والأهمية للدرجة التي حيرت المخابرات الاسرائيلية ، والغريب انها رفضت ان تأخذ اي نقود ، وقبلت فقط السفر الى القاهرة على نفقة الموساد بعد ثلاثة أشهر من إقامتها بباريس.

   ونجحت في مهمتها وتجنيد خطيبها ، والذى تمكن من تسريب وثائق وخرائط عسكرية ، توضح منصات الصواريخ "سام 6" المضادة للطائرات التي كانت القوات المسلحة تسعى ليلى نهار لنصبها لحماية مصر من غارات العمق الاسرائيلية.

   وباتت القيادة العامة للقوات المسلحة وجهازي المخابرات العامة والحربية، في حيرة شديدة فمواقع الصواريخ الجديد تدمر أولاً بأول بواسطة الطيران الإسرائيلي ، حتى قبل أن يجف الأسمنت المسلح بها، وحدوث خسائر جسيمة في الأرواح .

   وقامت المخابرات بعد وصول معلومات بوجود عميل "عسكري" قام بتسريب معلومات سرية جداً الى إسرائيل ، بوضع الجميع تحت المراقبة الشديدة ، الا ان كشفت احد الخطابات عن الفقي ، وفي ذلك الوقت تهللت هبة سعادة عندما عرض عليها ضابط الموساد زيارة إسرائيل، فلم تكن لتصدق أبداً أنها مهمة الى هذه الدرجة. وطالبت ايضًا بمقابلة جولدا مائير .

   ومع البحث عُثر على جهاز التجسس فوق إحدى العمارات ، وتبين أن الشقة تخص المقدم فاروق الفقي، وكان يعمل وقتها مديراً لمكتب أحد القيادات الهامة في الجيش، وكان بحكم موقعه مطلعاً على أدق الأسرار العسكرية، فضلاً عن دوره الحيوي في منظمة سيناء

   وفي التحقيق اعترف الضابط تفصيلياً بأن خطيبته جندته بعد أقام علاقة معها ، وأنه رغم إطلاعه على أسرار عسكرية كثيرة إلا أنه لم يكن يعلم أنها ستفيد العدو.

   وفي سرية تامة ، قدم سريعاً للمحاكمة العسكرية التي أدانته بالإعدام رمياً بالرصاص، معربًا عن ندمه عندما أخبروه بأنه تسبب في مقتل العديد من العسكريين من زملائه من جراء الغارات الاسرائيلية .

    ورسمت المخابرات المصرية خطة بارعة من أجل احضار هبة إلى مصر وعدم هروبها إلى إسرائيل ، بالتعاون مع الجماهيرية الليبية ، فقد كان والد هبة يشغل وظيفة كبيرة في طرابلس ، وذهب اثنان من ضباط المخابرات اليه وشرحا له أن ابنته هبة التي تدرس في باريس تورطت في عملية اختطاف طائرة مع منظمة فلسطينية، وأن الشرطة الفرنسية على وشك القبض عليها ، لذا يجب السعى لخروجها لمنع الزج باسم مصر في مثل هذه العمليات الارهابية، وطلبا منه أن يساعدهما بأن يطلبها للحضور لرؤيته حيث أنه مصاب بذبحة صدرية .

   أرسل الوالد برقية عاجلة لابنته ، التي طالبت منه ان يحضر إلى باريس ، الا انه اكد لها في برقية انه لا يستطيع الحضور ، فارسلت ضابطين اسرائيليين للتحقق من البرقية وتأكدا من الخبر، فاتصلا في الحال بالفتاة التي ركبت الطائرة الليبية في اليوم التالي الى طرابلس. وعلى سلم الطائرة ألقي القبض عليها .

   وقد طلب وزير الخارجية الأمريكية هنري كيسنجر بايعاز من جولد مائير تخفيف العقوبة عن هبة ، وتنبه الرئيس السادات الذي يعلم بتفاصيل التحقيقات مع الفتاة وصدور الحكم بإعدامها.. الى أنها ستصبح مشكلة كبيرة في طريق السلام. فنظر الى كيسنجر قائلاً: "تخفيف حكم؟ .. ولكنها أعدمت اليوم في أحد سجون القاهرة ،ليسدل الستار على قصة الجاسوسة التي باعت مصر من أجل الوهم .

                                                     بهجت حمدان
 
   ولد بهجت يوسف حمدان بالاسماعيلية ، كان مولع بالرسم والفنون ، أرسله والده للتعلم بألمانيا ،بعد أن رفض الالتحاق بأحد المعاهد الفنية ، لدراسة الهندسة المعمارية في جامعاتها.

   وعند تكرر فشله في الدراسة أمره والده بالعودة إلى مصر ، الا انه لم يعود ، ثم تزوج من ألمانية وحصل بطرق ملتوية على شهادة في الهندسة الانشائية ، قام بتوثيقها في السفارة المصرية وعاد بها الى القاهرة ، وقام بتلقي رشاوى من الشركة التي كان يعمل بها وتنقل من مكان لاخر وسافر إلى باريس .

   وتعرف على موظف الاستقبال الذي كان يعمل مخبراً لرجال الموساد في باريس ، تنحصر مهمته في التعرف على العرب النازحين الباحثين عن عمل ، فأدرك أن بهجت صيد سهل ، فقدمه الى صديقه "جورج سيمون" ضابط الموساد الذي ظهر بشخصية رجل الأعمال. .

   وكعادة الموساد الاسرائيلي يوقع فريسته في شباك الجنس ، ويتم تصويره في اوضاع شاذة ، حتى يساومونه به ، وبالفعل رضخ بهجت ، وتم تعليمه كل ما يتصل بأعمال البورصة ودراسة السوق المصرفية، من أجل خلق رجل أعمال مصري ناجح ، للدفع به في الوقت المناسب الى مصر .

   قام بتكوين شركة مساهمة تحمل اسم "نورد باو" للأعمال الإنشائية والتوريدات ، وكان رئيس مجلس إدارتها "ألبرت فيزر" ضابط المخابرات الاسرائيلي الذي يحمل جواز سفر ألماني.

   نجح بهجت في نصب شباكه حول أولى ضحاياه ، وهو المهندس محمد متولي مندور زوج شقيقته ، والذي امده بعد ان أغدق عليه بالمال بمعلومات حول أسرار بعض العمليات الإنشائية السرية التي تتم على الجبهة بواسطة شركة المقاولون العرب.

   بل استطاع الحصول على رسومات هندسية لتصميمات القواعد والمطارات العسكرية التي تقوم بها الشركة ، فضلا عن شرح الأعمال الإنشائية التي يقومون بها على خط القنال وبمناطق أخرى بالصعيد والوجه البحري.

   ولكي يوسع من شبكة الجاسوسية بدأ بهجت يحوم حول جمعة خليفة المحامي صديق العائلة ، والذي كان يرتبط بعلاقات قوية برجال يشغلون مناصب رفيعة في الدولة .

   وبعد نكسة 67 ، بدأت المخابرات العامة المصرية تراقب تحركات بهجت ، وبعد مراقبات وتحريات مكثفة ، وعلى الفور جرى اعتقاله وشبكته يونيو 1969.

    ووجهت المخابرات المصرية لطمة قوية للموساد الإسرائيلي بعد أن تم القاء القبض على الضابط الاسرائيلي الذي قام بتجنيد بهجت ، فكشف حقائق وأساليب العمل المخابراتي الاسرائيلي في التجسس على البلاد العربية . وكان بهجت حمدان بحق هو أول جاسوس في العالم يصطاد قائده ، بعملية خداعية ذكية مكنت المخابرات المصرية من الحصول على معلومات ثمينة جاءت على لسان الضابط الأسير.

                                                       بئر سبع 
 
   في مدينة المنيا ولدت انشراح علي موسى عام 1937 لأسرة متوسطة تزوجت من إبراهيم شاهين وعاشا في مدينة العريش ، أرسلا أولادهما الى عمهم بالقاهرة ليواصلوا الدراسة هناك. ومع نكسة 1967 ذاقا مرارة الفقر ولوعة الحاجة للاطمئنان على الوالدين ، وأصبح السفر الى القاهرة يحتاج لمعجزة من السماء.

   وأمام ضغط انشراح ذهب ابراهيم للحاكم العسكري الإسرائيلي لطلب تصريح للسفر إلى القاهرة ، وكانت هذه الخطوة الفخ الذي سقط فيه ابراهيم وانشراح في ايدي الموساد ليكونا جاسوسين على مصر .

   وفي بئر سبع استضاف ضابطين من الموساد إبراهيم وأكرموه بكل السبل، ولوحوا له بإغراءات ما كان يحلم بمثلها يوماً.. وخضع الجاسوس الجديد لدورة تدريبية مكثفة تعلم أثناءها الكتابة بالحبر السري وتظهير الرسائل.. ووسائل جمع المعلومات من الأهل والأصدقاء.

   وتم تدريبه على كيفية التمييز بين الطائرات والأسلحة المختلفة ، فضلا عن كيفية بث الإشاعات وإطلاق النكات السياسية التي تسخر من الجيش والقيادة ، إلى جانب الاحتراز وامتلاك الحس الأمني العالي.

   في 19 نوفمبر 1967 وصل ابراهيم وانشراح الى القاهرة بواسطة الصليب الأحمر الدولي ، ثم أعيد الى وظيفته من جديد بعدما نقلت محافظة سيناء مكاتبها من العريش الى القاهرة.

   وبدأ في جمع المعلومات وتصنيفها ، وكانت زوجته تساعده بتهيئة الجو الآمن لكتابة رسائله بالحبر السري.. وفي محاولة للبحث عن ساتر اتجه الى تجارة الملابس والأدوات الكهربائية .

   وفي أغسطس 1968 سافر ابراهيم وانشراح الى لبنان ، ومنها طارا الى روما حيث التقيا بمندوب الموساد الذي سلمهما وثيقتي سفر إسرائيليتين باسم موسى عمر ودينا عمر .

   وحصلا على دورة تدريبية مكثفة في تحديد أنواع الطائرات والأسلحة ، والتصوير الفوتوجرافي ، وجمع المعلومات ، ومنح ابراهيم رتبة عقيد في الجيش الاسرائيلي باسم موسى ، أما انشراح فقد منحت رتبة ملازم أول باسم دينا.

   وبرعا خلال حرب الاستنزاف 1967 1970 في التحليل والتصنيف، وتصوير المنشآت العسكرية أثناء رحلات للأسرة . وتعددت زيارات ابراهيم وانشراح الى روما ، بعضها كان باستدعاء من الموساد ، والبعض الآخر كانت لاستثمار عشرات الآلاف من الدولارات التي حصلوا عليها من جراء عملهما في التجسس.

   هكذا انخرطت الأسرة كلها في التجسس وانتقلوا الى فيلا فاخرة بمدينة نصر ، وامتلأ البيت مرة أخرى بالأصدقاء من رجال الجيش والطيارين. . وتحول أولاده الى جواسيس صغار يتنافسون على جلب المعلومات من زملائهم أبناء الضباط في المدرسة والشارع.

   وفي ذات يوم شعرت انشراح بالخوف الشديد وسافرت إلى روما تطلب من ضابط الموساد بالتوقف عن العمل ، فطمأنها الضابط ووعدها بعرض الأمر على الرئاسة في تل أبيب، وصحبها الى ناد ليلي فرقصت وشربت ووقعت في الخطيئة ، وعندما عادت الى القاهرة تحمل آلاف الدولارات نسيت انشراح رغبتها في اعتزال الجاسوسية. .

   وفي احدى زيارات انشراح إلى روما فاجأها الضابط الاسرائيلي "أبو يعقوب" بنبأ هجوم الجيش المصري والسوري على إسرائيل .

   واتهمت اسرائيل انشراح وعائلتها بالإهمال ، وبعد اجتماع مطول قرر قادة الموساد تسليم ابراهيم أحدث جهاز إرسال لاسلكي في العالم يتعدى ثمنه المائة ألف دولار.

   عندما رجعوا الى القاهرة استقلوا السيارة وذهبوا بالجهاز الى المنزل أراد ابراهيم تجربته بإرسال أولى برقياته فلم يتمكن من إكمال رسالته ، بعد تعطل مفتاح التشغيل ، لكن انشراح عرضت السفر لإسرائيل لإحضار مفتاح جديد.

   وسافرت بالفعل يوم 26 يوليو 1974 ، وكانت هناك مفاجأة خطيرة تنتظرها في القاهرة فعندما كان ابراهيم يحاول إرسال أولى برقياته الى إسرائيل بواسطة الجهاز – استطاعت المخابرات المصرية التقاط ذبذبات الجهاز بواسطة اختراع سوفيتي متطور جداً اسمه (صائد الموجات) وقامت القوات بتمشيط المنطقة بالكامل بحثاً عن هذا الجاسوس ، وتم القاء القبض على انشراح فور وصولها إلى القاهرة .

   ولما كانت المخابرات الاسرائيلية لا تعلم بأمر القبض على أسرة الجواسيس. . وتنتظر في ذات الوقت الرسالة .. فوجئت الموساد بالرسالة.. لم تكن بالطبع من ابراهيم بل أرسلتها المخابرات المصرية."أوقفوا رسائلكم مساء كل أحد. . لقد سقط جاسوسكم وزوجته وأولاده، وقد وصلتنا آخر رسائلكم بالجهاز في الساعة السابعة مساء الأربعاء الماضي".
 
   وفي 25 نوفمبر 1974 صدر الحكم بإعدام انشراح وزوجها شنقاً، والسجن 5 سنوات للابن نبيل وتحويل محمد وعادل لمحكمة الأحداث.

   أما انشراح فقد ترددت الأنباء في حينها عن شنقها هي الأخرى ، ولكن في 26 نوفمبر 1989 نشرت صحيفة "حداشوت" الاسرائيلية قصة تجسس ابراهيم على صفحاتها الأولى . . وذكرت الصحيفة أن ضغوطاً مورست على الرئيس السادات لتأجيل إعدام انشراح بأمر شخصي منه. . ثم أصدر بعد ذلك عفواً رئاسياً عنها ، وسافرت الى اسرائيل وابنائها وحصلوا جميعاً على الجنسية الاسرائلية واعتنقوا الديانة اليهودية.
 

عائلة الخونة: اعدام الاب الجاسوس والزوجة تتجنس اسرائيليا وتعتنق اليهوديّة! (الحلقة الاخيرة)


عائلة الخونة: اعدام الاب الجاسوس والزوجة تتجنس اسرائيليا وتعتنق اليهوديّة! (الحلقة الاخيرة)
عائلة الخونة: اعدام الاب الجاسوس والزوجة تتجنس اسرائيليا وتعتنق اليهوديّة! (الحلقة الاخيرة)
يسرد الصحافي صلاح الإمام تدريب "موساد" للاب الجاسوس فيما تنشط الزوجة في عملياتها السرية قبل وقوع الجميع في فخ المخابرات المصرية هنا النص الذي نشرته صحيفة "الجريدة" الكويتية اليوم الثلاثاء: "تعددت زيارات إبراهيم وانشراح إلى روما، بعضها باستدعاء من "موساد"، وبعضها لاستثمار آلاف الدولارات التي توافرت معهما مقابل أعمالهما التجسسية، وفي إحدى الزيارات قررا إشراك ولديهما معهما بشكل رسمي لزيادة الدخل مع زيادة عدد فريق الجواسيس، ولم يجدا صعوبة في تنفيذ ما اتفقا عليه. حول تلك النقطة يقول الابن عادل في حديثه المشار إليه في الحلقة السابقة في جريدة "معاريف" الإسرائيلية: "عاد أبي وأمي ذات مساء من روما يحملان لنا الملابس الأنيقة والهدايا، وأحسست من خلال نظراتهما أن ثمة ما يجري الترتيب له".

واضاف: "وعرفت الحقيقة المرّة عندما أجلسني أبي وأخوي قبالته، وقال في حسم: "مررنا كثيرا بظروف سيئة، لم نكن نملك أثناءها ثمن رغيف الخبز، أو حفنة الملح، والآن نعيش جميعا في رغد من العيش، ويسكن حوالينا أولاد في عمركم يحيون جوعى كالعبيد، أما أنتم فتنعمون بكل شيء كالملوك، ولم تسألوني يوما من أين جئت بذلك كله؟ عملي في الحكومة وتجارتي أنا وأمكم وشقائي طوال تلك السنوات، لم يكن هو سبب النعيم الذي نحن جميعا فيه الآن... الحقيقة أن ثمة أناسًا يحبوننا للغاية، وهم الذين يرسلون لنا الهدايا والمال، وبفضلهم لدينا طعام طيب وملابس جميلة، إنهم الإسرائيليون فهم الذين أنقذوا حياتنا من الجوع والضياع، وأمنوا لنا مستقبلا مضمونا يحسدنا عليه كل من نعرفه». حدث ذلك صيف عام 1971، وكنت آنذاك في الثالثة عشرة من عمري، وكان أخي نبيل يكبرني بعامين تقريبا، وأخي محمد بعام واحد، وكطفل لم أعر الأمر أهمية خاصة، الحقيقة أن أبي يعمل مع الإسرائيليين، وكما الأولاد كلهم كنت كبرت وتربيت على كراهية اليهود، لكن في البيت تلقيت تربية أخرى، فقد عرفت أن الإسرائيليين هم المسؤولون عن الطعام الذي آكله، وعن الملابس الجديدة التي أرتديها، وعن الهدايا التي أتلقاها، لذلك سعدت لأنني كنت محظوظا، وكلما كبرت بدأت أدرك معنى عمل أبي، وبدأ الخوف ينخر أكثر وأكثر في عظامي، فقد كانت كماشة من الموت تطبق علينا، وكفتى بالغ أدركت أنهم لو ضبطونا سنُشنق، ومن ناحية أخرى كان الخوف من حياة الفقر يصيبني بالشلل... كنت ملكًا لديه كل شيء".

هكذا انخرطت الأسرة كلها في التجسس، وأصرت انشراح على الانتقال من الحي الشعبي الفقير إلى منطقة أكثر رقيًّا وثراء، وعندما عارض زوجها قالت له: "دعنا نستمتع بالحياة فربما ضبطونا". كان حي مدينة نصر ما زال حديثا، فاشتروا فيلا فاخرة فيه ونقلوا أولادهما إلى مدارس الحي الجديد الراقي.

هناك، أقام إبراهيم علاقات جديدة، مع حرصه على علاقاته القديمة، وامتلأت الفيلا بالأصدقاء من ضباط الجيش والطيارين، وتحول أولاده إلى جواسيس صغار يتنافسون على جلب المعلومات من زملائهم في المدرسة من أبناء الضباط، وكانوا يتناوبون حراسة المعمل الصغير الى أن ينتهوا من تحميض الأفلام وطباعتها، وحصل نبيل على أدوار أكثر جدية، فبدأ أبوه يعلمه الكتابة بالحبر السري وصياغة التقارير.

بئر الرذيلة

ذات مساء والأسرة مجتمعة، عرض التلفزيون فيلمًا تسجيليًّا عن أحد الجواسيس الذين سقطوا وانتهى الأمر بإعدامه شنقًا، وطوال عرض الفيلم سيطر الرعب والفزع على الجميع، واستمروا على تلك الحال لأسابيع عدة، امتنعوا خلالها عن كتابة التقارير أو الرسائل، وتمكن الخوف منهم فأصابهم جميعا بالشلل الفكري، فقررت انشراح السفر وحدها إلى روما ومعها أفلام عدة، وهناك التقت بأبو يعقوب، فقصت عليه الفزع الذي يعيشون فيه، فطمأنها الضابط وصحبها إلى أحد النوادي الليلية ليسهر معها، ثم عادا، وفي الصباح وجدت انشراح نفسها بين أحضانه، فتضايقت في البداية، ثم اعتادت الأمر لدرجة أنها كانت تسافر إلى تل أبيب لتراه!

في آخر سبتمبر (أيلول) عام 1973 كانت انشراح في رحلة أخرى من رحلاتها الفردية إلى روما، لتلتقي بأبو يعقوب المسؤول عن توجيهها واستلام التقارير منها. في تلك الرحلة وقعت حرب أكتوبر، وتحدث العالم كله بشرقه وغربه عن الجيش المصري العظيم الذي عبر قناة السويس واقتحم خط بارليف الحصين، وجاءها أبويعقوب يبكي ويقول: "إسرائيل في طريقها الى الزوال... المصريون والعرب اتحدوا علينا وفاجأونا..." كان يبكي ويرتعد خوفا ورعبا، فما كان منها إلا واسته وأبدت حزنها على إسرائيل الدولة المسالمة التي يريد لها العرب الفناء!

في أبريل (نيسان) 1974 اقترحت انشراح على أسرتها السفر إلى تركيا للسياحة، وبينما هم في أنقرة اتصل بهم أبويعقوب وطلب من إبراهيم أن يسافر إلى أثينا لمقابلته، ومن هناك سافر إلى تل أبيب، وفي مبنى المخابرات الإسرائيلية سألوه: لماذا لم تبين لنا الاستعدادات للحرب في مصر؟ فقال إبراهيم: لم يكن هناك إنسان يستطيع أن يتبين أي استعدادات أبدا، فبعض معارفي وأقاربي من ضباط الجيش تقدم بطلبات إجازة لزيارة الكعبة للعمرة، وأضاف إبراهيم: وفي حالة ما إذا كنت علمت بنية الحرب فكيف أتصل بكم؟ فالخطابات هي وسيلة الاتصال الوحيدة وتأخذ وقتا طويلا.

بعد اجتماع مطوّل في "موساد" تقرر تسليم إبراهيم أحدث جهاز لاسلكي في العالم في ذاك الحين، وثمنه يتعدى المائة ألف دولار، فقد كانت لديهم مخاوف من الفريق سعد الشاذلي رئيس أركان الجيش المصري وقتها، والذي كان يريد تصعيد الحرب والوصول إلى أبعد نقطة في سيناء مهما كانت النتائج، بعكس الرئيس السادات الذي كان يريد حربًا محدودة لتحريك القضية.

تدرب إبراهيم لمدة ثلاثة أيام بشكل مكثّف على استعمال الجهاز، وعندما تخوّف من حمله إلى القاهرة، عرضوا عليه أن يذهب إلى الكيلو 108 في طريق القاهرة السويس، وهناك سيجد وعاء مياه كبيراً مثقوباً وغير صالح للاستخدام، وخلفه جدار إسمنتي مهدم، وعليه أن يحفر لعمق نصف متر ليجد الجهاز مدفونا، وأخبروه بأن راتبه تضاعف، ووعدوه بأن له مكافأة مليون دولار إذا ما أعلم الإسرائيليين عن يقين بموعد حرب، ثم عاد إلى حيث كانت أسرته تنتظره في أثينا ينعمون بالمال الحرام، وعادوا جميعًا إلى مصر.

بعدما رجع الجميع إلى القاهرة، استقلوا السيارة إلى الكيلو 108، وغادرت انشراح السيارة وبيدها معول صغير، ثم لحق بها عادل، وأخرجا الجهاز ملفوفًا في أكياس بلاستيكية عدة، ولما عادوا به إلى المنزل، عجز إبراهيم عن تشغيله واكتشف وجود كسر في مفتاح التشغيل بسبب عملية إخراجه، فخيّم الحزن على الجميع، فما كان من انشراح إلا أن اتخذت قرارًا جريئًا بالسفر إلى تل أبيب.

سافرت انشراح في 26 تموز (يوليو) 1974، وقد فوجئ بها أبو يعقوب وذهل من شدة جرأتها. بقيت برفقته ليالي عدة، وفي النهاية منحها 2500 دولار مكافأة لها، مع زيادة مرتّبها ليصبح 1500 دولار شهريًا في وقت كان مرتّب خريج الجامعة لا يزيد على 17جنيهاً شهريًا.

أثناء وجود انشراح في إسرائيل تنعم برفقة ضابط "موساد"، كان إبراهيم نجح في تشغيل الجهاز، أثناءها تمكنت المخابرات المصرية من التقاط ذبذباته عن طريق جهاز متطوّر جدا سوفياتي الصنع اسمه "صائد الموجات"، فمشّطت المنطقة بحثًا عن مكانه بالتحديد، ومع تشغيله للمرة الثانية أمكن تحديد مكانه والوصول إلى إبراهيم في عقر داره.

في 5 آب (أغسطس) 1974 كانت قوة من جهاز المخابرات المصرية تلقي القبض على إبراهيم، من دون أن ينطق بكلمة، وكاد يموت رعبًا وهلعًا، وظل يردد: أنا غلطان... أنا ندمان... الجوع كافر... النكسة هي السبب... اليهود جوعوني واشتروني بالدقيق والشاي.

فتش رجال المخابرات المنزل وعثروا على جهاز اللاسلكي ونوتة الشفرة، وكان بدنه يرتجف بشدة، ثم اصطحبوه الى مبنى المخابرات، بينما بقيت فرقة عسكرية في المنزل مع أولاده الثلاثة، في انتظار انشراح التي لا تزال في تل أبيب.

في 24 آب (أغسطس)، وعلى متن طائرة الخطوط الإيطالية رحلة رقم 791، وصلت انشراح إلى مطار القاهرة الدولي قادمة من روما، بعد شهر كامل تغيّبته عن مصر، وخرجت من صالة الخروج تدفع أمامها عربة محمّلة بحقائب كثيرة، وظلت تتلفت على إبراهيم عله يكون في انتظارها، ولما فقدت الأمل فيه أخذت سيارة أجرة إلى فيلتها في مدينة نصر.

عندما وصلت وهمّت بفتح الباب اقشعر بدنها فجأة، لكنها دفعت الباب غير مكترثة بشيء، ففوجئت بضيوفها غير المرغوب فيهم، صعقتها المفاجأة الى درجة أنها بالت على نفسها، وأمسك أحد الضباط بحقيبة يدها، وأخرج منها مفتاحين لجهاز اللاسلكي، وكان في الحقيبة آلاف عدة من الدولارات، ثم تقدم زميل آخر له ووضع يديها داخل القيود الحديدية واصطحبها مع أولادها الثلاثة إلى مبنى المخابرات العامة.

كانت المخابرات الإسرائيلية تظن أن كل شيء على ما يرام، ولم تعرف بأمر القبض على إبراهيم وأسرته، وكانوا ينتظرون رسالة يطمئنون بها على تركيب مفتاح الجهاز، لكن الرسالة وصلتهم من المخابرات المصرية، وكان محتواها: أوقفوا رسائلكم التي تبعثون بها مساء كل أحد، لقد سقط جاسوسكم وزوجته وأولاده.

في 25 تشرين الثاني (نوفمبر) 1974 صدر حكم محكمة أمن الدولة العليا بإعدام إبراهيم شاهين وزوجته انشراح موسى شنقًا، وبسجن الإبن الأكبر نبيل خمس سنوات، وإحالة محمد وعادل الى محكمة الأحداث.

في 16 كانون الثاني (يناير) 1977 سيق إبراهيم إلى سجن الاستئناف لتنفيذ الحكم، يجره جنديان إلى غرفة الإعدام بعدما انهار جسده وخارت قواه، ولما تيقّن من الموت بعد لحظات علا صوته وهو يبكي قائلا: سامحني يا رب... سامحني، ثم تلا عليه واعظ السجن الشهادتين، وفي ثوان كان أُعدم.

أما انشراح فقد تضاربت الأقوال بشأن مصيرها الذي بقي مجهولا حتى نشرت صحيفة "حداشوت" الإسرائيلية في 26تشرين الثاني (نوفمبر) 1989 قصة تجسس إبراهيم على صدر صفحاتها الأولى، وذكرت أن الرئيس السادات تعرّض لضغوط من الحكومة الإسرائيلية حتى تدخل بشكل شخصي وخفف حكم الإعدام عليها إلى الأشغال الشاقة 15 عاما، ثم أصدر عفوا رئاسيا عنها وسمح لها بمغادرة مصر وأولادها الثلاثة إلى إسرائيل، وقيل إن ذلك تم من خلال صفقة مبادلة لم يُعلن عنها، وحصلت انشراح وأولادها الثلاثة على الجنسية الإسرائيلية، ثم اعتنق الجميع اليهودية، واستبدل اسم شاهين بـ بن ديفيد، فأصبح اسم انشراح دينا ديفيد، وعادل أصبح رافي، ونبيل أصبح يوشع، ومحمد أصبح حاييم!

عن اللحظات الأخيرة التي وضعت نهاية أسرة الجواسيس، يقول عادل في حديثه الى صحيفة "معاريف" الإسرائيلية: "في المرة التي سافرت فيها أمي لتحصل على قطع الغيار لجهاز الإرسال، عاد أبي ذات يوم من عمله شاحبًا وجلس على أحد المقاعد، ونظر إليَّ وهمس: أعتقد أنهم تمكنوا مني، وأضاف: لقد سألوا عني في العمل. بعد سبعة أعوام من التجسس كان لأبي حواس حادة، وعندما قال لنا إنهم تمكنوا منه كان عرف ذلك عن يقين، لقد كان لدينا في البيت حوالى 6 أفلام، وبدأ أبي في تمزيقها، وأحرق الخطابات، وأدركنا أن الحكاية انتهت، وحتى اليوم لا أفهم لماذا ظللنا في البيت ولماذا لم نهرب؟ وفي فجر أحد الأيام استيقظنا على صوت طرقات قوية على الباب، وفي المدخل وقف ثلاثة رجال وسألوا عن أبي، فقلت لهم إنه في العمل، فطلبوا انتظاره، فجلس اثنان منهم في الصالون، والثالث الى جوار الباب، وفكرت وإخوتي أن نتخلص من الوثائق التي في المنزل، لكن الأدراج كانت مقفلة والمفاتيح كانت مع أبي. مرت ساعة كأنها دهر، وشعرت بموكب سيارات يقترب من البيت، نظرت فوجدت أكثر من عشر سيارات تحيط بسيارة أبي. توقف الموكب أمام منزلنا واقتحمه عشرات الجنود وبدأوا في تفتيشه، ولا يمكن وصف صرخات الفرحة التي انطلقت من أفواه الجنود حينما عثروا على الجهاز، وكانوا يهنئون بعضهم، وأحنى أبي رأسه وقال لنا: آسف يا أولادي".

يكمل عادل حديثه عن قصة القبض على أمه فيقول: "وصلت أمي صباح يوم 24أغسطس (آب)، وكانت شديدة العصبية لأن أبي لم ينتظرها في المطار، وعندما دخلت كانت أول كلمة قالتها: فين أبوكم ياولاد؟ وفوجئت برجال المخابرات معنا ويقول لها أحدهم: "حمد لله على السلامة يا مدام دينا"، فقبضوا عليها واقتادوها إلى مبنى المخابرات الذي كنا التقطنا له سابقا صورا عدة وأرسلناها إلى إسرائيل".

أسماء بعض أشهر أجهزة المخابرات

• جهاز المخابرات الأميركي (CIA)

اختصار (Central Intelligence Agency) أو وكالة المخابرات المركزية، ويطلق رجالها على أنفسهم اسم (The company) أو الشركة.

• جهاز المخابرات السوفياتية السابق (KGB)

اختصار: (Komitet Gosudarstvennoy Bezopasnosti) ومعناها لجنة الأمن القومي

• جهاز المخابرات العامة الروسية (SVR)

• الجهاز الروسي لمكافحة التجسس (M B)

• جهاز الأمن الداخلي الروسي (M B D)

• جهاز المخابرات الحربية الروسية (B R U )

• جهاز المخابرات العامة الإسرائيلية (موساد)

وهي كلمة عبرية تعني المؤسسة .كان اسمها في بداية نشأتها (هاموساد ليموديعين إليتا فيكاديم ميهاديم) أو المؤسسة لأعمال المخابرات والمهام الخاصة, ثم اختُصر الاسم إلى (هاموساد) أو كما ننطقها نحن (موساد) فحسب وهو جهاز لا يعمل داخل إسرائيل، حيث أن عمله منحصر في جلب المعلومات وخصوصا من الدول الأهداف في الخارج.

• جهاز المخابرات الحربية الإسرائيلية: (أمان)

معني في الأساس بالتعامل مع العدو بإمكاناته العسكرية بشكل مباشر، ويعتمد في الحصول على معلوماته على الوسائل الإلكترونية.

• جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي: (شين بيت)

مهمته تأمين إسرائيل وشعبها ضد أية عمليات موجهة من الداخل سواء كانت عمليات تدميرية أو تجسسية.

• جهاز المخابرات البريطانية الخارجية المكتب السادس (M16)

• جهاز المخابرات البريطانية الداخلية المكتب الخامس (M15)

• جهاز المخابرات العامة الفرنسية: (المكتب الثاني)

• جهاز المخابرات العامة الإيرانية: (سافاك)

• جهاز البوليس السري النازي السابق: (الجستابو)

• المباحث الفيدرالية الأميركية ( (F B I

• المخابرات الحربية الألمانية الفيدرالي (MAD)

• المخابرات الألمانية المضادة للجاسوسية (BND)

تعد عمليات تبادل الجواسيس بين الدول من الأمور المعقدة التي تخضع لعدد من القياسات منها الملابسات السياسية والعلاقة بين البلدين ، فضلا عن كم وأهمية المعلومات التي نقلها الجاسوس للدولة الثانية .
 
   والحقيقة الهامة أنه عندما يسقط الجاسوس في قبضة الأمن يعترف بكل كبيرة وصغيرة ، لذا تبدأ اجهزة الدولة التي يعمل لصالحها لحمايته ومحاولة استرداده بأي ثمن، وعمليات تبادل الجواسيس لا تخضع لقواعد أو قوانين أو بروتوكولات محددة ، حتي الاتفاقيات الأمنية المشتركة بين الدول لا تنطبق عليها مثل هذه الحالات ، كما أن الإنتربول الدولي لا يتدخل في هذه المفاوضات من قريب أو بعيد.


    وتكون هذه المعايير أكثر تعقيداً في حالات الحرب ، وأحيانًا تتم هذه الصفقات في سرية تامة وتعتيم إعلامي ، فيما يتم البعض الأخر وسط ضجيج إعلامي ، وقد شهد ملف التخابر بين مصر وإسرائيل عدد من حالات التبادل في عهد رؤساء مصر الثلاثة .

                                                          عهد عبد الناصر

   شهد عهد الرئيس المصري جمال عبد الناصر عدد من صفقات التبادل كان اشهرها مقايضة الجاسوس اليهودي الألماني ولفجانج لوتز بأكثر من 500 ضابط مصري كانوا قد أسروا في حرب 1967.

   وكان لوتز قد استطاع تقديم معلومات للدولة العبرية عن الصواريخ الروسية "سام" وموقع بنائها بالقرب من قناة السويس في مدينة الإسماعيلية ، بعد ان نجح في اقامة شبكة علاقات قوية بكبار رجال الدولة في مصر . وظل يعمل في مصر عدد من السنوات في سرية تامة لا تعلم المخابرات عنه اي شي ، الى أن أمر الرئيس عبد الناصر باعتقال نحو ثلاثين عالماً من ألمانيا الغربية كانوا يعيشون في القاهرة وكان من بين الذين أمر باعتقالهم ولفجانج لوتز إضافة إلى زوجته ووالديها اللذين كانا في زيارة لمصر وقتها.

   وعندها توقع لوتز أن الحكومة المصرية علمت بدوره في التجسس لصالح الموساد وخلال استجوابه اعترف بكل شيء ، وبعد ثلاث سنوات تم اطلاق سراحه في صفقة التبادل التي زعمت اسرائيل إنها كانت مقابل 5000 اسير مصري ، في محاولة لاظهار اهمية جواسيسها وبزعم قدرتها على اسر عدد كبير من الجنود المصريين .

   وهناك ايضا الفتاة اليهودية "مارسيل نينو " ، والتي كانت معروفة كبطلة أوليمبية مصرية شاركت في أوليمبياد عام 1948 ، كما عرفت بعلاقاتها الواسعة مع بعض ضباط الجيش المصري في أواخر حكم الملك فاروق.

   وقد ألقي القبض عليها في فضيحة "لافون " 1954 بعد تنفيذ عمليات تفجير دور السينما في القاهرة والإسكندرية وحكم عليها بالسجن 15 عاماً، وكان من المقرر أن تنتهي عام 1970، إلا أن عملية التبادل التي جرت بين القاهرة وتل أبيب بشكل سري عام ،1968 أدت إلي الإفراج عنها .

   وقال الكاتب سمير محمود قديح الباحث في الشئون الامنية والاستراتيجية في جريدة "دنيا الوطن " الفلسطينية أن الرئيس عبد الناصر اشترط ألا تعلن إسرائيل عن عقد هذه الصفقة في أي وقت من الأوقات، الا انه تم الاعلان عنها عام 1975.

   وكان عام 1960 الأنجح بالنسبة للمخابرات المصرية التي اسقطت خمس شبكات تجسس في عملية عرفت باسم "سمير الإسكندراني " ، يعملون بقيادة عدد كبير من ضباط الموساد المحترفين ، مما ترتب عليه الإطاحة برئيس جهاز الموساد الإسرائيلي من منصبه.
 
   وجاءت نكسة 5 يونيو ،1967 فرصة ذهبية لاسترداد جواسيسها مقابل الإفراج عن الأسري المصريين في تلك الحرب ، وتمت هذه الصفقات في سرية تامة بناء علي طلب الرئيس جمال عبدالناصر.

                                                     السادات

   شهدت فترة السادات العديد من المفاوضات السرية من أجل اطلاق سراح بعد الجواسيس .

   وقبيل حرب أكتوبر 1973 ألقت أجهزة الأمن الإسرائيلية القبض علي الجاسوس "آيد " والذي زرعته المخابرات المصرية في عملية دقيقة داخل اسرائيل ، بل إنه نجح في اختراق منزل وزير الدفاع الاسرائيلي "موشيه ديان " .

   وقد تمكن هذا الجاسوس من تصوير مستندات عسكرية مهمة وخطيرة، عن المطارات الحربية الإسرائيلية في سيناء، والنقاط القوية والحصينة علي خط بارليف، وشبكة مواسير النابالم التي زرعتها إسرائيل في قناة السويس.

   ولكنه انكشف للموساد الإسرائيلي ، الا انه صمد أمام التعذيب الشديد وانكر التعامل مع المخابرات المصرية ، ولكن الرئيس السادات طالب بعد حرب أكتوبر في مفاوضات ما يعرف ب"الكيلو 101 " بالإفراج عن العميل "آيد" واسرى مصريين آخرين مقابل الإفراج عن الأسري الإسرائيليين ، فيما وافقت إسرائيل علي الفور، وتم عقد الصفقة السرية .

   كما وافق السادات على مبادلة الجاسوسة "انشراح على موسى " والتي أدينت بالإعدام شنقاً هي وزوجها إبراهيم سعيد شاهين ، وتم تنفيذ الحكم في زوجها ، وتم مبادلتها في صفقة سرية بمصريين وعرب في إسرائيل، بطلب من وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر ، وذلك قبل زيارة السادات لتل أبيب وتوقيع اتفاقية كامب ديفيد للسلام .

   وعلي الجانب الآخر رفضت مصر مبادلة أسماء أخري كالجاسوسة 'هبة سليم' التي قالت عنها 'جولدا مائير ' ' أنها قدمت خدمات لإسرائيل أكثر مما قدمها الزعماء الإسرائيليين أنفسهم ' وقد حكم عليها بالإعدام وتم تنفيذه بالفعل رغم محاولات أمريكا وإسرائيل المستميتة لاستبدالها في أي صفقة وبأي عدد من الأسري تحدده مصر.

   وقد حاولت اسرائيل اختطاف الطائرة التي كانت تقل هبة سليم ، التي استدرجت من باريس الى بني غازي بواسطة المخابرات المصرية ، وقاموا بتفجير طائرة بركابها ، معتقدين بأنهم قتلوا عميلتهم قبلما تعترف، لكن صدموا بشدة عندما اكتشفوا بأنهم أسقطوا الطائرة الليبية البوينج 747 بطريق الخطأ وأن طائرة هبة سليم الحقيقية استخدمت ممراً جوياً غير معلوم.

                                             جواسيس مبارك

   تعد عملية مبادلة الجاسوس الإسرائيلي شبكة "آل مصراتي " من أشهر عمليات تبادل الجواسيس بين القاهرة وتل أبيب في عهد الرئيس مبارك.

   ففي عام 1992 ، سقطت في قبضة الأمن المصري الشبكة التى ضمت 4 جواسيس وهم: صبحى مصراتى وأولاده ماجد وفائقة وجاسوس آخر هو "ديفيد أوفيتس" .

    وحسبما ذكرت جريدة "الوفد " المصري ، اعترفت "فائقة " في التحقيقات بأن "الموساد " جندها للعمل لديه منذ سنتين عن طريق المتهم "ديفيد اوفيتس" الذى تولى تدريبها على جمع المعلومات عن الأهداف العسكرية والاستراتيجية والشخصيات العامة فى مصر.

   واعترفت "فائقة" أنها استغلت جمالها لإقامة علاقات مع الشبان المصريين الذين يشغلون مراكز فى أجهزة مهمة وحساسة فى البلاد، وقد تورط فى هذه العلاقة المشبوهة عدد من أبناء المسئولين.

   وتمكنت "فائقة" بهذا الأسلوب من جمع معلومات مهمة وبالغة السرية، وقامت بإرسالها إلى "الموساد" عن طريق ضابط مخابرات إسرائيلى حضر إلى مصر على فترات متفاوتة لتلقى المعلومات والتقارير من أعضاء شبكة التجسس واعترفت "فائقة" باشتراك شقيقها ماجد ووالدها "مصراتي" فى شبكة التجسس.

   وأثناء محاكمة الشبكة ، ألقت إسرائيل القبض علي شاب مصري واتهمته بالتجسس بعد أن اعتقلته دورية تابعة للجيش الإسرائيلي عندما تسلل إلي إسرائيل ، واتهمته بالتجسس لصالح المخابرات المصرية .

   وقد أوفدت السفارة المصرية في تل أبيب محامياً للدفاع عنه، وتبرئة ساحته ،وتردد أن اسرائيل استخدمت الشاب كورقة ضغط لمبادلته بشبكة "آل مصراتي "

    وبالطبع كانت إسرائيل تقصد من هذه القضية الحصول علي مصري تتهمه بالتجسس، لاستخدامه ورقة في إتمام صفقة للتبادل. وبعد عدة أشهر من محاكمة "آل مصراتي" قامت مصر بالإفراج عنهم وتسليمهم إلي السلطات الإسرائيلية، وتردد وقتها أن مصر بادلتهم بـ18 مصرياً كانوا مسجونين في سجون إسرائيل.

                                                 السواركة بطل شعبي 
 
    أعلنت اسرائيل عام 1997 نيتها الإفراج عن السجين المصري محمود السواركة ، ابن العريش ، والذي قضي في سجون الاحتلال 22 سنة، استغل فيها العدو الإسرائيلي جسده في عمل تجارب طبية لطلبة كلية الطب الإسرائيليين.

   وكانت اسرائيل قد حكمت عليه بالسجن 35 سنة ، بسبب عملياته الفدائية التي نفذها ضد الإسرائيليين بعد هزيمة 1967، والتي وصل عددها إلي 13 عملية فدائية..

   وقد تردد وقت الإفراج عنه أن هناك صفقة لمبادلته بالجاسوس الإسرائيلي عزام عزام ، ووصل إلي القاهرة وفد إسرائيلي يضم قيادات سياسية وقانونية وأمنية، لتقديم اقتراحات لمصر لمبادلة عزام بعدد من المصريين المحبوسين في السجون الإسرائيلية..

 
   لكن السلطات المصرية رفضت مقارنة عزام بالسواركة ، فهو ليس جاسوساً،ولكنه مصري أدي عملاً وطنياً دفاعاً عن أرضه المغتصبة.

   ويقول السواركة في حديث لقناة الجزيرة الإخبارية : "قالولي نبدلك بدل عزام عزام.. قلتلهم انتحر .. ولا اشوفش عزام عزام" .

   ويعتبر البعض قضية الجاسوس عزام عزام من اكثر القضايا إثارة للجدل ، فقد اعتقلته السلطات المصرية عام 1996 ، وحكم عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة، ومعه مصري آخر يدعى عماد إسماعيل، وكان من المفترض انتهاء العقوبة عام 2012.

   وكانت المعلومات المطلوبة من عزام وشبكته هي جمع معلومات عن المصانع الموجودة في المدن الجديدة مدينة 6 أكتوبر والعاشر من رمضان من حيث النشاط والحركة الاقتصادية وكانت وسيلة عزام عزام جديدة للغاية وهي إدخال ملابس داخلية مشبعة بالحبر السري قادمة من إسرائيل مع عماد إسماعيل الذي جنده عزام .

   وقد رفض الرئيس مبارك عروضا إسرائيلية متعددة للإفراج عن عزام بما فيها محاولة من الرئيس الإسرائيلي السابق عيزرا وايزمان، مشيرا إلى أن القرار بشأنه ليس رئاسيا وإنما قرار قضائي .

   وكانت المفاجأة التي اثارت العديد من التساؤلات القرار المصري 12-6-2004 بالإفراج عن عزام ، وتردد وقتها أن هذه الخطوة جاءت مقابل الافراج عن ستة طلاب مصريين اعتقلتهم اسرائيل اثناء عبورهم الحدود المصرية الاسرائيلية ، الا ان الرئاسة المصرية نفت بشدة هذه الصفقة .

   الا إن هذا النفي لم ينه الجدال الدائر بين الاوساط المصرية المختلفة بين من يؤيد الصفقة ومن يعارضها . فقد قال السيد البدوي أمين حزب الوفد الليبرالي المعارض أنها "مقايضة مقبولة"، مضيفا أن "الدولة المصرية مسئولة عن حماية أبنائها، وخصوصا أنهم شباب وطني متحمس، ومن غير المقبول تركهم للتعذيب والإذلال في سجون الاحتلال".

   وعلى الجانب الأخر رأت معظم القوى السياسية المعارضة أن الصفقة كانت "هزيلة" و أن "المنحة" الإسرائيلية كانت أصغر بكثير من "الهدية" المصرية التي اعتبرتها المعارضة مكسبا سياسيا كبيرا لرئيس الحكومة الإسرائيلي أريل شارون.

   فقد رفضت مصر من قبل إطلاق سراح "عزام عزام"، مقابل الإفراج عن 8 ملاحين مصريين كانوا على متن السفينة "كارين إيه" التي أوقفتها إسرائيل في سواحل البحر الأحمر في يناير 2002، وزعمت أنها كانت تحمل أسلحة مهربة من إيران.

   وما زاد من حدة المعارضة تصريح رئيس الحكومة الاسرائيلية في ذلك الوقت ارئيل شارون في تعقيبه على إطلاق سراح الجاسوس :" إن هذا يوم فرحة لدولة إسرائيل، ولعائلة عزام عزام ولنفسه طبعًا" . وأضاف شارون بان الرئيس مبارك وعده خلال محادثة جرت قبل عدة أشهر بأن يبذل قصارى جهده من أجل الإفراج عن عزام ... واي كانت الحقيقة صفقة تبادل او عفو قانوني فعزام عزام عاد إلى اسرائيل وتم اغلاق هذا الملف .

   فبين مصر وإسرائيل تاريخ طويل في مبادلة الأسري والجواسيس وما كشفه التاريخ من عمليات تبادل هو القليل بينما مازال الكثير من هذه الصفقات والعمليات غير معروف .
 

ليست هناك تعليقات: