الخميس، فبراير 09، 2012



تحالف مع السادات و مبارك وانقلب عليهما وهاجم الثورة ثم صادق المشير..أسرار علاقة  شنودة السياسية بالرؤساء




أربعون عاما كاملة قضاها فى كرسى البابوية مكنته من معاصرة اثنين من رؤساء مصر إضافة إلى مجلس عسكرى انتقالى مازال يتحسس علاقته معهم أربعون عاما تقلبت فيها العلاقة من الود إلى الصدام والعكس ولكنه استطاع أن يؤسس كيانا للأقباط اعتبره المراقبون دولة داخل الدولة المصرية فكيف سارت علاقته برؤساء مصر ؟
غريبة علاقة البابا شنودة بالرؤساء المصريين الذين عاصرهم سواء السادات أو مبارك أو المشير ممثلاً للمجلس العسكري بعد ذلك ، إذا حاولت تتبع أيا منها تجد أنه وبالرغم من تشابها لحد ما إلا أنها كل علاقة فى حد ذاتها جديرة بالتأمل لانها لاتسيطر دوماً على خط مستقيم وأنما فى خط متعرج غير مستوى ، بعكس علاقة البابا كيرلس الراحل بعبد الناصر والتى وصلت للصداقة الكاملة و تمكن الاقباط بمقتضاها بالحصول على معضم مطالبهم – برضى عبد الناصر – لدرجة أنه تبرع من ماله الخاص لانشاء الكاتدرائية المرقسية !

علاقة البابا شنودة بالرئيس الراحل أنور السادات " رحمه الله " لم تكن على وتيرة واحدة باعتراف شنوده نفسه حينما قال "أنا والسادات كنا نتبادل الدعاية والمزاح خلال لقاءاتنا وفي النهاية قلبها جد"..
حيث حاول البابا فى بداية عهد السادات الاستفادة من أجواء الانفتاح ومن ثم تدعيم مكاسب الكنيسة فبارك ثورة التصحيح التى لم تكن مجرد قضاء على مراكز القوى في ذلك الوقت إنما كانت منهجا جديدا في الحكم" حتى ظهرت نزعات السادات الدينية وتودده للتيارات الإسلامية، ومن ثم صار الطريق مفتوحا للصراع بين القساوسة والمشايخ؛ لتكون سنوات السبعينيات هي أرضية الحسم الديني الذي كان مترددا في الستينيات.

شعلة الاحتقان الطائفى بين شقى الامة بدأت في أحداث الخانكة عام 1972م و هى المرة الأولى التي تحرك فيها الأقباط في مظاهرة من 400 شخص يرتدى 100 منهم ملابس دينية كهنوتية بعد أن اتفق مجمع الكهنة بالقاهرة بإقامة الصلوات بمقر الجمعية التي أحرقت ولم يفلح الأمن في إثنائهم ومضوا سيرًا على الأقدام مرددين التراتيل ثم انصرفوا دون وقوع حوادث .

وقتها علق البابا على الامر بشكل بدا غريباً إلي حد ما حيث قال: "قررت ألا تراني الشمس آكلا أو شاربا حتى تحل المشكلة"، وكان اللافت هو التعبير بالاحتجاج من خلال طقس ديني، وتلك كانت بداية ترانيم الاحتجاج البابوي التي تكررت في مسيرة البابا شنودة خصوصاً فى السنوات السابقة عندما اعتكف فى الدير حينما أشهرت وفاء قسطنطين إسلامها للى ذراع الدولة على الاستجابة لمطلبه برجوعها ولتذهب حرية الاعتقاد إلى الجحيم وبالفعل تحقق له ما أراد بعكس موقفه المؤازر لقضية المرتدين والعائدين إلى المسيحية و مؤازرة الكنيسة لتنصير محمد حجازى فى البداية .

زادت حدة الصدام بين البابا شنوده والسادات بعد 17 يناير 1977 إثر اصدار البيان الرسمى الأول الذى يعبر عن وصول العلاقة بين الكنيسة والدولة إلى " طريق سد " ، وقال فيه أن الأقباط يمثلون "أقدم وأعرق سلالة" في الشعب المصري " فى أول محاولة لبث سموم الطائفية فى المجتمع المصرى والزعم أنه هناك أمة قبطية فى مواجهة أخرى اسلامية و كأننا لسنا مصريين من الاصل ، ثم عرج البيان لحرية العقيدة الدينية، وممارسة الشعائر الدينية، وحماية الأسرة والزواج المسيحي والمساواة وتكافؤ الفرص وتمثيل المسيحيين في الهيئات النيابية والتحذير من الاتجاهات المتطرفة.

وطالب البيان بإلغاء مشروع الردة واستبعاد التفكير في تطبيق الشريعة الإسلامية على غير المسلمين .

وبعيدا عن هذا كله ، كانت قنبلة الدخان التوصيات التنفيذية حيث طالبت الأقباط بالصوم الانقطاعي لثلاثة أيام (من 31 يناير إلى 2 فبراير 1977)، وذلك للفت النظر إلى مطالبهم ، وفى الوقت ذاته بدأ أقباط المهجر في الضعط على الرئيس السادات ولم يهدءوا إلا بعد أن أرسل إليهم البابا مَن يخبرهم بانتهاء الأزمة .

ولعل السطور السابقة هى خير دليل على أن البابا شنوده هو أول من لا يطبق ما يقوله بضرورة فصل الدين عن السياسة لأن نسى أو تناسى أن وظيفته هى فى الدرجة الاولى وظيفة روحية فهو بطريرك الاقباط وليس رئيسهم السياسى ، ولكن البابا أقحم نفسه فى السياسة ليتحكم فى كل شئ لان البابا عندما يتكلم ستخرس كل الاصوات و قد أتضح ذلك مبكرا عندما استخدام لغة ذات مضمون سياسي في مجلة الكرازة مثل تعبير "الشارع القبطي"، ووصل الأمر ذروته في اجتماع المجلس الملي (في 26 مارس 1980) أن قرر المجلس إلغاء كل الاحتفالات الخاصة بعيد القيامة احتجاجا على ما وصفه بـ " الأعمال العدائية " ضد الأقباط.

فالبابا كان يتعامل بمنطق قيصر الاقباط وليس مجرد بطريركهم ، حيث لم تنقطع طلباته باسم " مطالب الأقباط " فيما يخص الوزراء في الحكومة والنواب الأقباط في البرلمان وموقعهم في المناصب العامة والتفاوض حول بناء الكنائس بل والاستعداد للصدام مع الدولة احتجاجا على الهجمات العنيفة ضد الأقباط .. وكـأن الاقباط تنصلوا من مصريتهم لديانتهم المسيحية وبات البابا هو المعبر الوحيد عنهم ..

وللعلم فقد طلب شنوده من السادات أكثر من مرة أن يجلس معه بوصفه ممثلا عن الأقباط قائلا: "أليس الأقباط قطاعا في الدولة؟" و لعل استفزازته المستمرة للسادات و تهديده بحفز الاقباط للقيام بعصيان مدنى هى السبب الرئيس فى عزله وتحديد اقامته فى الدير !

ذروة الصدام ( البابوى – الساداتى ) جاءت بعد القرار الجمهوري الساداتي بإلغاء تعيين البابا شنودة وتشكيل لجنة خماسية للقيام بالمهام البابوية وتحديد إقامة البابا في دير وادي النطرون .

وبعد صدور قرار الرئيس مبارك سنة 1985 بإعادة تعيين الأنبا شنودة بطريرك للأقباط بدأ البابا أكثر حرصا على كسب الإعلام الذي وقف ضده في السبعينيات و بدأ فى الاهتمام بالبعد الدولي الذي لم يعطه الاهتمام اللائق في السابق ومن ثم تواصل مع أقباط المهجر وفتح كنائس جديدة من أجل استيعابهم وتنظيمهم ليكونوا ورقة ضغط اضافية على النظام وقت الحاجة !

و مع تصاعد أحداث الكشح الأولى والثانية بدأت المؤسسة الكنسية تتجه للعلن للمطالبة الصريحة والاحتجاج من أجل تنفيذ فكرة الحريات الدينية والتدخل الأجنبي ، وهو ما تجلى في أزمة النبأ وأزمة وفاء قسطنطين والتي جددت مناخ السبعينيات مرة أخرى .

وبكلمة أخرى يمكن اختزال علاقة البابا شنودة بالرئيس مبارك فى عبارة " شيلنى وأشيلك " بمعنى أن يكون البابا هو المعبر الوحيد عن الاقباط مما يسهل علي النظام التفاوض معه بدلا من تشتيت المطالب ، وفى المقابل هو الامر الذى يعنى البابا قدراً كبيراً من الاهمية باعتبار ممثل الاقباط الشرعى كما يعرف نفسه دوماً !

وقد ظهرت العلاقة بينهما فى منتهى التناقض فالبابا من سارع بالرجوع من رحلته العلاجية فى 2005 ليعلن تأييده لترشيح مبارك رئيساً للجمهورية ، كما أنه من قام باعلان تأييده للاخير أثناء انعقاد مؤتمر التجمع الامريكى بشيكاغو 2007 تقديراً لسياسته الحكيمة، وتأكيداً علي حماية الوحدة الوطنية وقيادته مصر بكل حكمة واقتدار، مما جنبها الكثير من الصراعات والانقسامات على حد تعبيره ، بل و رفض ذهاب أى اسقف من الكنيسة الارثوذكسية للمشاركة فى المؤتمر لعدم اضفاء شرعية عليه .

هذا البابا نفسه هو من قال لاحد الاشخاص فى أحد عظاته قبل سفره لامريكا للعلاج ، هل يجوز الاعتراف للكاهن في التليفون .. فغضب البابا وقال في ثقه وغضب وتهديد...لا لا وبطلوا بقي رغي في التليفونات عموما علشان امن الدوله بيسجلكوا ! ولم يكن هذا التصريح الذى لاقى وقتها تصفيق حاد والهتاف تقديرا للبابا وصراحته وخوفه علي الشعب المسيحي في مصر الا تصعيد من جانب شنوده واتهامه بشكل مباشر باختراق خصوصية الاقباط .

كما أنه قام بارسال رسالة بعد أحداث بمها " بالعياط " إلى المخلوع مبارك يطالبه فيها بالكف عن ما وصفه بـ " اضطهاد الاقباط " فى مصر وهو ما أدى إلى تصعيد الازمة وزادها تفاقهماً لمطالبته برفع الظلم الواقع علي الأقباط وتفعيل مواد الدستور الخاصة بالمواطنة وإعادة النظر في الحكم الصادر بعدم أحقية القبطي الذي أسلم بالعودة إلي المسيحية ، وذلك بتوقيع كل أساقفة المجمع المقدس ! مما سبب ازعاجاً شديداً فى مؤسسة الرئاسة .

وليتكمل التناقض وبأوامر عليا يشن البابا هجوماً على أقباط المهجر بعد مطالبهم بعمل علم قبطى وانشاء جامعة قبطية لدرجة أنه يصفهم بالقلة المارقة و ينوه إلى امكانية مقاضاتهم لانهم لا حق لهم فى التعبير عن أقباط مصر .. ، لتبدأ مرحلة أخرى من مراحل الشد والجذب فى علاقة البابا بمؤسسة الرئاسة التى تغض الطرف عن عدم احترام البابا للقضاء المصرى والزعم بـأن فوق الجميع ولا يتبع أحداً " عدم الاعتراف بالحاصلون على حكم محكمة بالطلاق نمودجاً "

و خلال الثورة أعلن البابا تأييده الصريح للمخلوع مبارك ، وأعلن في تصريح للتلفزيون المصري تأييده للرئيس المصري حسني مبارك، وقال " اتصلنا بالرئيس وقلنا له كلنا معك والشعب معك. فليحفظه الله لمصر".وأضاف "آلمني ما شهدته من تجاوزات خلال الأيام الماضية... ونحن ننتظر أن يعود الآلاف من الشوارع والمدن.. كلنا بانتظار مستقبل أفضل".

وعندما وضعت الثورة أوزارها خرج البابا في 15 فبراير ببيان صادر عن المجمع المقدس أعلن ترحيبه بالثورة التي أطاحت بالرئيس مبارك، وأجبرته على التنحي من منصبه بعد 30 عامًا من الحكم، حيث التقى البابا بأعضاء المجمع المقدس، في اجتماع هو الأول من نوعه منذ اندلاع الثورة في 25 من الشهر الماضي.

وقال البيان " أحيي شباب مصر النزيه الذي قاد مصر في ثورية قوية بيضاء وبذل في سبيل ذلك دماء غالية هي دماء شهداء الوطن الذين مجدتهم مصر قيادة وجيشًا، بل مجدهم الشعب كله، ونحن نعزّي أهلهم وأفراد أسراهم"، مضيفا "كما تحيي الكنيسة جيش مصر الباسل والمجلس الأعلى للقوات المسلحة فيما أصدره من بيانات من أجل الحفاظ على مصر في الداخل والخارج"، معلنًا تأييد الكنيسة لقرار المجلس بحلّ مجلسي الشعب والشورى ودعوته إلى إقرار الأمن ، وأكد البيان على أن الكنيسة تؤمن بأن تكون مصر دولة ديمقراطية مدنية تختار أعضاء برلمانها بانتخابات حرة نزيهة، وتتمثل فيها كل فئات الشعب، مشددًا على ضرورة محاربة الفقر والفساد والبطالة ومقاومة الفوضى والتخريب وفي إرساء الأمن والأمان ومبادئ العدالة الاجتماعية والوحدة الوطنية وفي الاقتصاص من المفسدين والخارجين على القانون.

و قد التقي البابا بالمشير مرتين عقب أحداث صول و أخري بعد أحداث ماسبيرو تم الاتفاق فيها علي عودة مبني الماريناب لأصله " مبني خدمات " و الكنيسة لم تتهم الجيش صراحة بالضلوع في قتل الأقباط في ماسبيرو في الوقت الذي سارع فيه أقباط المهجر بكيل الاتهامات للمجلس العسكري بالتورط في الأمر بالرغم من تبرئة لجنة تقصي الحقائق له .

ليست هناك تعليقات:

دماء المرضى قد تستخدم لإصلاح عظامهم المكسورة

  كشفت دراسة بحثية جديدة عن أن دماء المرضى يمكن أن تستخدم للمساعدة في إصلاح عظامهم المكسورة. وبحسب صحيفة «الإندبندنت» البريطانية، فقد نجح ال...