| |
يجب أن نربى أبناءنا ليصبحوا كشباب مصر سيلفيو برلسكونى رئيس وزراء إيطاليا: لا جديد فى مصر فقد صنع المصريون التاريخ كالعادة ستولنبرج رئيس وزراء النرويج: اليوم كلنا مصريون هاينز فيشر رئيس ألمانيا: شعب مصر أعظم شعوب الأرض و يستحق جائزة نوبل للسلام وزير الخارجية الألمانى فيستر فيليه: أتطلع إلى زيارة مصر والحديث مع الذين قاموا بالثورة السفير الألمانى بالقاهرة: الثورة المصرية تشبه ثورة وحدة ألمانيا منذ 20 عاماً رئيس أركان جيش الحرب الإسرائيلى الأسبق: الأحداث فى مصر تثبت أنه يتوجب علينا التواضع والحذر فى تقديراتنا للعالم العربى نجم الكرة العالمى رونالدو: أتابع أخبار الثورة المصرية أكثر من أخبار برشلو نة لم يكن هناك أى اختلاف فى ردود الفعل التى أعقبت بيان التنحى، سواء فى مصر أو خارج مصر، فقد أجمع الكل على النرحيب بهذه الخطوة، وخرجت البيانات من كل حكومات العالم شرقه وغربه تشارك المصريين فرحتهم بالحدث الكبير، ونعرض هنا بعض ردود الفعل: فى الولايات المتحدة، أشاد الرئيس الأمريكى باراك أوباما بالثورة المصرية فى كلمة ألقاها يوم الجمعة 11/2/2011 وأكد أن المصريين لن يقبلوا مستقبلاً بغير ديمقراطية كاملة، كما أشاد بدور الجيش فى حماية الثورة و أكد أن الولايات المتحدة، مستمرة كشريك لمصر، وأضاف الرئيس الأمريكى أن الروح الجيدة التى أبداها المصريون ستساعدهم على الانطلاق و التقدم سريعا، موضحا أن مصر الديمقراطية يمكنها أن تلعب دورا مهما ليس فى المنطقة العربية فقط و لكن فى العالم أجمع، وقال أوباما إن المصريين ألهمونا بفكرة أن العدالة يمكن أن تتحقق وتنجح دون عنف وأن الشعب المصرى صنع التاريخ، وسيغير المنطقة وأن مصر لن تعود كما كانت أبدا. وقال نائب الرئيس الأمريكى جو بايدن، باستقالة الرئيس المصرى حسنى مبارك، فى ما اعتبره يوما تاريخيا تشهده مصر. وقال بايدن، فى أول رد فعل أمريكى على تنحى مبارك بعد نحو ثلاثين عاما فى السلطة، اليوم هو يوم تاريخى للمصرييين. ورحب الرئيس الفرنسى نيكولاى ساركوزى، بقرار الرئيس حسنى مبارك ووصف قراره بـالشجاع والضرورى معربًا عن الأمل فى أن تنظم السلطات المصرية الجديدة انتخابات حرة وشفافة، تنبثق عنها مؤسسات ديموقراطية. وأعلن الأمين العام للأمم المتحدة، بان كى مون، ترحيبه بتنحى مبارك مؤكدًا أن الشعب المصرى أسمع صوته وأضاف، تعليقًا على استقالة مبارك: أحترم قرارًا صعبًا تم اتخاذه لمصلحة الشعب المصرى وتابع: فى هذه اللحظة التاريخية، أجدد دعوتى إلى عملية انتقالية شفافة ومنظمة وسلمية. وأشاد الاتحاد الأوروبى، بتنحى مبارك ورحب بالقرار الذى اتخذه واستمع إلى أصوات الشعب المصرى، وفتح الطريق لانتقال منظم إلى الديمقراطية، كما حيا الاتحاد الأوروبى شجاعة الشعب المصرى، الذى قام بحملته من أجل التغيير الديمقراطى بصورة سلمية، وأن الاتحاد الأوروبى يقف مستعدا للمساعدة بكل ما لديه من أدوات. وأعلن مجلس النواب الروسى (الدوما)، بتنحى الرئيس المصرى حسنى مبارك، وفقا لما ذكر الإعلام المحلى عن ليونيد سلاتسكى. وفى فلسطين المحتلة أصدرعرب 48 بيانا أعلنوا فيه أنهم سيقيمون غدا احتفالية تبدأ من ساحة العين فى الناصرة وتنتهى بمهرجان احتفالى فى قاعة أبو ماهر بمناسبة انتصار الثورة المصرية، وقال البيان إن انتصار الثورة المصرية حدث عظيم وتاريخى ولحظة مفصلية فى تاريخ الشعب المصرى الشقيق والأمة العربية، لقد انتصرت فى هذه الثورة الإرادة الشعبية الطامحة إلى الحرية والعدالة والديمقراطية. وتوالت ردود الأفعال الدولية على هذا النحو: الإمارات العربية المتحدة: أكدت دعمها لمصر و ثقتها فى المجلس العسكرى تونس: أعربت الحكومة الانتقالية التونسية، عن ثقتها فى قدرة مصر بفضل كفاءات أبنائها ووعيهم الوطنى على تخطى هذه المرحلة البارزة من تاريخها بكل أمان واقتدار واستعادة قوتها وعافيتها ومكانتها المتميزة على الساحتين الإقليمية والدولية. السودان: أعلن ترحيبه بتنحى مبارك وتسليم السلطة للجيش، مؤكدًا احترامه لخيار وإرادة الشعب المصرى لتحقيق تطلعاته المشروعة فى الحرية والاستقرار والسلام. قطر: أعلنت فى بيان صادر عن الديوان الأميرى ترحيبها بنقل السلطة فى مصر إلى المجلس العسكرى. البحرين: أعلن وزير الخارجية البحرينى، أن مصر تأخذ العالم العربى نحو عصر جديد. السلطة الفلسطينية: أعلن نبيل شعث، المسئول بالسلطة الفلسطينية، عضو اللجنة المركزية فى حركة فتح أن الشعب الفلسطينى يدعم تطلعات وأمانى الشعب المصرى. الأردن: صرح وزير الخارجية الأردنى ناصر جودة بأن مصر هى الدعامة فى المنطقة، متمنيا لها الأمن والاستقرار والازدهار. إيران: وصفت إيران تنحى مبارك بالصدفة السعيدة حيث وافق تاريخها الذكرى 32 لانتصار الثورة الإسلامية فى إيران. الهولندى مارك فوتا المدير الفنى للإسماعيلي: الثورة فى عيون أوروبا تعبر عن رقى مصر، وتوضح أن الشعب أراد الحرية ولم يرتض دونها. رئيس المبادرة الإسلامية فى بريطانيا محمد صوالحة: جماهير مصر العظيمة تصنع اليوم التاريخ ليس فقط لشعب مصر بل للعالم العربى والإسلامى كله. رجال مال عرب للشرق الأوسط: الثورة أعطت دفعة كبيرة للمناخ الاقتصادى والاستثمارى فى مصر. بنك سي.آي.كابيتال: المستثمرون الأجانب ينظرون إيجابياً للتطورات فى مصر. الكاتب البريطانى الشهيرروبرت فيسك: هب المصريون ونفضوا عنهم خوفهم وطردوا الرجل، الذى يحبه الغرب ويعتبره زعيما معتدلا.. نعم ليست شعوب أوروبا الشرقية وحدها القادرة على مواجهة الوحشية وتحديها. الأديب والمستعرب الإسبانى خوان غويتيسول: المصريون شعروا فى الميدان بأنهم ملاك مستقبلهم ومصيرهم. الروائى البرازيلى الشهير بولو كويلهو والملقب بساحر الصحراء: العالم يتحول للأفضل لأن هناك شعوبا تخاطر بأرواحها لجعله أفضل .. شكرا يا مصريون . الكاتب الصحفى الكبير محمد حسنين هيكل: الشعب المصرى أصبح أقوى من النظام نفسه الكاتب الصحفى فهمى هويدي: إن ما يميز الثورة المصرية أن الشعب هو الذى استدعى الجيش وليس العكس. |
ونبدأ بمصر، فعلى مر تاريخها القديم والحديث لقى حكام كثيرين نفس المصير، لكن بصور مختلفة، فخلال عهد المماليك كان القتل هو نهاية كثيرين من أمرائهم، فطبيعتهم التآمر والخداع والدسائس، وأول أمراء دولة المماليك كانت الملكة شجرة الدر، وهى قد تنتمى إلى الدولة الأيوبية، لكنها بعد موت زوجها الملك نجم الدين أيوب، وبصفتها فى الأصل كانت جاريته، فيعتبرها بعض المؤرخين أنها أول ملوك الدولة المملوكية، ولقد لقيت مصرعها ضربا بالقباقيب، بتحريض من أرملة الملك عز الدين أيبك، الذى سبق وتآمرت عليه هى الأخرى وقتلته.
أربعة حكام أسقطهم المصريون فى أقل من أربع سنوات بعد جلاء الحملة الفرنسية
محمد باشا خسرو
نبدأ منذ جلاء الحملة الفرنسية على مصر، فى يوليو سنة 1801، وكان أول حاكم على مصر معين من قبل الباب العالى العثمانى هو محمد باشا خسرو، الذى حضر إلى مصر موفدا من قبل السلطان العثمانى فى 9 أكتوبر سنة 1801، وكان جبارا دمويا ظلوما غشوما، فثار ضده الشعب، حتى اضطر إلى الرحيل عن مصر، وكانت مدة ولايتة على مصر سنة وثلاثة أشهر وواحداً وعشرين يوماً.
وعنه يقول الجبرتى فى تاريخه: "كان سيئ التدبير ولا يحسن التصرف ويحب سفك الدماء ولا يتروى فى ذلك، ولا يضع شيئاً فى محله ويتكرم على من لا يستحق، ويبخل على من يستحق، وفى آخر مدته داخله الغرور وطاوع قرناء السوء المحدقين به والتفت إلى المظالم والفرد (الجبايات) على الناس وأهل القرى، وقيل أشنع من ذلك فأنقذ الله منه عباده وسلط عليه جنده وعساكره، وخرج مرغوماً مقهوراً على هذه الصورة، ولم يزل فى سيره إلى أن نزل بقليوب بعد الغروب فعشاه الشواربى شيخ قليوب، ثم سار ليلاً إلى دجوة فأنزل الحريم والأثقال فى ثلاثة مراكب وسار هو إلى جهة بنها، وغالبية جماعته تخلفوا عنه بمصر، وكذلك الكتخدا وديوان أفندى والخازندار الذى كان بالقلعة والسلحدار وخليل أفندى خزنة كاتب".
ويواصل الجبرتى: "ولم يزل فى سيره حتى وصل إلى المنصورة وفرد على أهلها تسعين ألف ريال، وكذلك فرد على ما أمكنه من بلاد الدقهلية والغربية فرداً ومظالم وكلفاً، وصادف فى طريقه بعض المعينين حاضرين بمبالغ الفردة السابقة فأخذها منهم".
لقد بلغ جبروت خسرو باشا، أنه وهو خارج من مصر مطرودا مهزوما كان يجمع الأموال بالقوة من سكان القرى التى يمر بها رغم زوال سلطانه، وتلك من نوادر الزمان !!.
طاهر باشا
وجاء من بعده طاهر باشا، ثانى والى عثمانى على مصر بعد الحملة، وكانت مدة ولايته 26 يوما، ومارس الظلم والطغيان مثل سلفه، فثار الأهالى عليه وقتلوه، وفى ذلك يقول الجبرتى:
"فلما كان فى هذا اليوم ركب الجماعة المذكورون من جامع الظاهر وهم نحو المائتين وخمسين نفراً بعددهم وأسلحتهم كما هى عادتهم وخلفهم كبراؤهم، وهم إسماعيل أغا ومعه آخر يقال له موسى أغا وآخر فذهبوا إلى طاهر باشا وسألوه فى جماكيهم فقال لهم ليس لكم عندى إلا من وقت ولايتى وإن كان لكم شىء مكسور فهو مطلوب لكم من باشتكم محمد باشا، فألحوا عليه فنتر فيهم فعاجلوه بالحسام، وضربه أحدهم فطير رأسه ورماها من الشباك إلى الحوش، وسحبت طوائفهم الأسلحة وهاجوا فى أتباعه فقتل منهم جماعة واشتعلت النار فى الأسلحة والبارود الذى فى أماكن أتباعه، فوقع الحريق والنهب فى الدار، ووقع فى الناس كرشات وخرجت العساكر الانكشارية وبأيديهم السيوف المسلولة ومعهم ما خطفوه من النهب فانزعجت الناس وأغلقوا الأسواق والدكاكين وهربوا إلى الدور وأغلقوا الأبواب وهم لا يعلمون ما الخبر".
ويقول الجبرتى: "هذا والنهب والحريق عمال فى بيت طاهر باشا وفرج الله عن المعتقلين والمحبوسين على المغارم والمصادرات، وبقيت جثة طاهر باشا مرمية لم يلتفت إليها أحد ولم يجسر أحد من أتباعه على الدخول إلى البيت وإخراجها ودفنها، وزالت دولته وانقضت سلطنته فى لحظة، فكانت مدة غلبته ستة وعشرين يوماً، ولو طال عمره زيادة على ذلك لأهلك الحرث والنسل، وكان صفته أسمر اللون نحيف البدن أسود اللحية قليل الكلام بالتركى فضلاً عن العربى ويغلب عليه لغة الأرنؤدية وفيه هوس وانسلاب وميل للمسلوبين والمجاذيب والدراويش، وعمل له خلوة بالشيخونية وكان يبيت فيها كثيراً ويصعد مع الشيخ عبد الله الكردى إلى السطح فى الليل ويذكر معه، ثم سكن هناك بحريمه، وقد كان تزوج بامرأة من نساء الأمراء، وكان يجتمع عنده أشكال مختلفة الصور فيذكر معهم، ولما رأوا منه ذلك خرج الكثير من الأوباش وتزيا بما سولت له نفسه وشيطانه ولبس له طرطوراً طويلاً ومرقعة ودلفاً وعلق له جلاجل وبهرجان وعصا مصبوغة وفيها شخاشيخ وشراريب وطبلة يدق عليها ويصرخ ويزعق ويتكلم بكلمات مستهجنة وألفاظ موهمة بأنه من أرباب الأحوال، ونحو ذلك.
ولما قتل أقام مرمياً إلى ثانى يوم لم يدفن، ثم دفنوه من غير رأس بقبة عند بركة الفيل وأخذ بعض الينكجرية رأسه وذهبوا بها ليوصلوها إلى محمد باشا يأخذوا منه البقشيش، فلحقهم جماعة من الأرنؤد فقتلوهم وأخذوا الرأس منهم ورجعوا بها ودفنوها مع جثته، وكتب أحمد باشا مكتوباً إلى محمد باشا يعلمه بصورة الواقعة ويستعجله للحضور، وكذلك المحروقى وسعيد أغا أرسل كل واحد مكتوباً بمعنى ذلك وظنوا تمام المنصف، ولما نهبوا بيته نهبوا ما جاوره من دور الناس من الحبانية إلى ضلع السمكة إلى درب الجماميز". (ا.هـ)
أحمد باشا
وكان ثالث والى على مصر بعد خروج الحملة هو أحمد باشا، ومدة ولايته كانت يوما واحدا، وفى ذلك يقول الجبرتى:
"ولما أصبح نهار الخميس (27 مايو 1803م) مر الوالى والأغا ينادون بالأمان برسم حكم أحمد باشا، ثم أن أحمد باشا أرسل أوراقاً إلى المشايخ بالحضور فذهبوا إليه فقال لهم أريد منكم أن تجمعوا الناس والرعية وتأمروهم بالخروج على الأرنؤود وقتلهم، فقالوا سمعاً وطاعة وأخذوا فى القيام، فقال لهم لا تذهبوا وكونوا عندى وأرسلوا للناس كما أمرتكم، فقالوا له إن عادتنا أن يكون جلوسنا فى المهمات بالجامع الأزهر ونجتمع به ونرسل إلى الرعية فإنهم عند ذلك لا يخالفون، وكان مصطفى أغا الوكيل حاضراً فراددهم فى ذلك وعرف منهم الانفكاك فلم يزالوا حتى تخلصوا وخرجوا.
وكان أحمد باشا أرسل أحضر الدفتردار ويوسف كتخدا الباشا وعبد الله أفندى رامز الروزنامجى وغالب أكابر العثمانية ومصطفى أغا الوكيل كان مرهوناً عند شيخ السادات، كما تقدم، فعندما سمع بقتل طاهر باشا ركب بجماعته وأبهته وأخذ معه عدة من الانكشارية وذهب إلى عند أحمد باشا ووقف بين يديه يعاضده ويقويه، وأما محمد على (حاكم مصر بعد ذلك) والأرنؤود فإنهم مالكون القلعة الكبيرة ويجمعون أمرهم ويراسلون الأمراء.
فلما أصبح ذلك اليوم عدى الكثير من المماليك والكشاف إلى بر مصر ومروا فى الأسواق، وعدى أيضاً محمد على وقابلهم فى بر الجيزة ورجع، وعدى الكثير منهم من ناحية انبابة (إمبابة) ومعهم عربان كثيرة وساروا إلى جهة خارج باب النصر وباب الفتوح وأقاموا هناك.
وأرسل إبراهيم بك ورقة إلى أحمد باشا يقول فيها إنه بلغنا موت المرحوم طاهر باشا عليه الرحمة والرضوان، فأنتم تكونون مع أتباعكم الأرنؤود حالاً واحداً ولا تتداخلوا مع الانكشارية، فلما كان ضحوة النهار ذهب جماعة من الانكشارية إلى جهة الرميلة فضربوا عليهم من القلعة مدافع فولوا وذهبوا ثم بعد حصة ضربوا أيضاً عدة مدافع متراسلة على جهة بيت أحمد باشا وكان ساكناً فى بيت على بك الكبير بالداودية، فعند ذلك أخذ أمره فى الانحلال وتفرق عنه غالب الانكشارية البلدية ووافق أن المشايخ لما خرجوا من عنده وركبوا لم يزالوا سائرين إلى أن وصلوا جامع الغورية فنزلوا به وجلسوا وهم فى حيرة متفكرين فيما يصنعون، فعندما سمعوا صوت المدافع قاموا وتفرقوا وذهبوا إلى بيوتهم، ثم أن إبراهيم بك أرسل ورقة إلى أحمد باشا قبيل العصر يأمره فيها بتسليم الذين قتلوا طاهر باشا ويخرج إلى خارج البلد ومعه مهلة إلى حادى عشر ساعة من النهار ولا يقيم إلى الليل وإن خالف فلا يلومن إلا نفسه، فلما رأى حال نفسه مضمحلاً لم يجد بداً من الامتثال، إلا أنه لم يجد جمالاً يحمل عليها أثقاله فقال للرسول سلم عليه وقل له يرسل لى جمالاً وأنا أخرج وأما تسليم القاتلين، فلا يمكن فقال له أما بحضور الجمال فغير متيسر فى هذا الوقت لبعد المسافة، فقال له وكيف يكون العمل فقال يركب حضرتكم ويخرج ووقت ما حضرت الجمال الليلة أوغداً حملت الأثقال ولحقتكم خارج البلد، فعند ذلك قام وركب وقت العصر وتفرق من كان معه من أعيان العثمانية مثل الدفتردار وكتخدا بك والروزنامجى وذهبوا إلى محمد على والتجؤوا إليه، فأظهر لهم البشر والقبول.
وخرج أحمد باشا فى حالة شنيعة وأتباعه مشاة بين يديه وهم يعدون فى مشيهم وعلى أكتافهم وسائد وأمتعة خفيفة، فعندما خرج من البيت دخل الأرنؤود ونهبوا جميع ما فيه، ولم يزل سائراً حتى خرج من المدينة من باب الفتوح فوجد العسكر والعربان وبعض كشاف ومماليك مصرية محدقة بالطرق فدخل مع الانكشارية إلى قلعة الظاهر وأغلقوها عليهم، وخرج خلفهم عدة وافرة من الأرنؤود والكشاف المصرلية والعرب والغز وأحاطوا بهم، وأقاموا على ذلك تلك الليلة، وبعد العشاء مر الوالى وأمامه المناداة بالأمان حسب ما رسم إبراهيم بك حاكم الولاية وأفندينا محمد على فكانت مدة الولاية لأحمد باشا يوماً وليلة لا غير.
وكان ثالث وإلى على مصر بعد الحملة هو على باشا الطرابلسى، وقد تم قتله وهو فى طريقه قادما من الإسكندرية إلى القاهرة ليتسلم مهام عمله، وكان ذلك يوم 2 فبراير سنة 1804، وعنه يقول الجبرتى:
"كان أصله من الجزائر مملوك محمد باشا حاكم الجزائر، فلما مات محمد باشا وتولى مكانه صهره أرسله بمراسلة إلى حسين قبطان باشا، وكان أخوه المعروف بالسيد على مملوكاً للدولة ومذكوراً عند قبطان باشا ومتولى الريالة (الأسطول)، فنوه بذكره، فقلده قبطان باشا ولاية طرابلس وأعطاه فرمانات ويرق (أسلحة)، فذهب إليها وجيش له جيوشاً ومراكب، وأغار على متوليها وهو أخو حمودة باشا صاحب تونس وحاربه عدة شهور حتى ملكها بمخامرة أهلها، لعلمهم أنه متوليها من طرف الدولة، وهرب أخو حمودة باشا عند أخيه بتونس، فلما استولى على باشا المذكور على طرابلس أباحها لعسكره ففعلوا بها أشنع وأقبح من التمرلكنية (جنود تيمورلنك) من النهب وهتك النساء والفسق والفجور وسبه حريم متوليها وأخذهن أسرى وفضحهن بين عسكره، ثم طالبهم بالأموال، وأخذ أموال التجار وفرد على أهل البلد وأخذ أموالهم، ثم أن المنفصل حشد وجمع جموعاً ورجع إلى طرابلس وحاصره أشد المحاصرة، وقام معه المغرضون له من أهل البلدة والمقروصون من على باشا، فلما رأى الغلبة على نفسه نزل إلى المراكب بما جمعه من الأموال والذخائر وأخذ معه غلامين جميلين من أولاد الأعيان شبه الرهائن وهرب إلى إسكندرية، وحضر إلى مصر، والتجأ إلى مراد بك فأكرمه وأنزله منزلاً حسناً عنده بالجيزة وصار خصيصاً به، وسبب مجيئه إلى مصر ولم يرجع إلى القبطان علمه أنه صار ممقوتاً فى الدولة، لأن من قواعد دولة العثمانيين أنهم إذا أمروا أميراً فى الولاية ولم يفلح، مقتوه وسلبوه وربما قتلوه وخصوصاً إذا كان ذا مال" ا.هـ.
خورشيد باشا
ومن بعده جاء أحمد باشا خورشيد، فتآمر محمد على ضده بالاشتراك مع بعذ أمراء المماليك والمشايخ، ونجح فى إثارة الشعب ضده، ليكون هو الحاكم على مصر، وفى ذلك يقول الجبرتى:
"فلما أصبحوا يوم الاثنين (13مايو 1805م)، اجتمعوا ببيت القاضي، وكذلك اجتمع الكثير من العامة فمنعوهم من الدخول إلى بيت القاضى، وقفلوا بابيه وحضر إليهم أيضاً سعيد أغا والجماعة، وركب الجميع وذهبوا إلى محمد على وقالوا له إنا لا نريد هذا الباشا حاكماً علينا ولا بد من عزله من الولاية، فقال ومن تريدونه يكون والياً؟ قالوا له لا نرضى إلا بك وتكون والياً علينا بشروطنا لما نتوسمه فيك من العدالة والخير، فامتنع أولاً ثم رضى وأحضروا له كركاً وعليه قفطان، وقام إليه السيد عمر والشيخ الشرقاوى فألبساه له وذلك وقت العصر ونادوا بذلك فى تلك الليلة فى المدينة.
وأرسلوا إلى أحمد باشا الخبر بذلك، فقال إنى مولى من طرف السلطان فلا أعزل بأمر الفلاحين ولا أنزل من القلعة إلا بأمر من السلطنة، وأصبح الناس وتجمعوا أيضاً فركب المشايخ ومعهم الجم الغفير من العامة وبأيديهم الأسلحة والعصى وذهبوا إلى بركة الأزبكية حتى ملأوها، وأرسل الباشا إلى مصر العتيقة فحمل جمالاً من البقسماط والذخيرة والجبخانة وأخذ غلاله من عرصة الرميلة، وطلع عمر بك الأرنؤودى الساكن ببولاق عند الباشا بالقلعة.
بعد ذلك يسرد الجبرتى بالتفصيل ماجرى من شأن أهل مصر بقيادة عمر مكرم، فى ثورتهم ضد خورشيد باشان حتى نجحوا فى طرده من مصر، ومبايعتهم لمحمد على باشا حاكما على مصر.
شاه إيران محمد رضا بهلوى
الألمان خلعوا والده عام 1941 .. ثم خلعه الخمينى عام 1979
ولد الشاه محمد رضا بهلوى فى 26 أكتوبر 1919 م فى مدينة طهران الإيرانية، وقد نودى بمحمد شاه وريثا للعرش عام 1926 ،لأنه كان الابن الأكبر لشاه إيران رضا بهلوى, وقد حكم الشاه محمد رضا بهلوى إيران فى الفترة من 1941-1979، وكان هو الشاه الأخير الذى حكم إيران ٣٨ عاما وخلعته الثورة الإسلامية بقيادة الخومينى فى إيران عام ١٩٧٩.
محمد رضا بهلوى تلقى تعليمه فى المدرسة الداخلية السويسرية "لا روسى"، ثم أكمل تعليمه فى إيران فى الأكاديمية العسكرية فى طهران عام 1935 ، وتزوج الأميرة فوزية ابنة الملك فاروق الأول فى عام 1939، وانفصل عنها فى 1949، ثم تزوج بعدها مرتين فى 1950 و1959 م.
فى عام 1941 تخوف الحلفاء من تعاون والده رضا بهلوى (شاه إيران وقتها) مع النازية الألمانية، وخوفاً من جنوحه ناحية هتلر فى الحرب العالمية الثانية وتزويده بالنفط, مما دفعهما إلى احتلال جزء كبير من إيران، وإكراهه على التنازل عن العرش ثم نفيه خارج البلاد، واستدعوا ابنه لتولى الحكم الوريث الشرعى للعرش وبهذا أصبح محمد رضا بهلوى شاه إيران .
وفى عام 1949 نجا من محاولة اغتيال محققة من قبل أحد أعضاء حزب توده اليسارى، وفى مابين عامى 1951 ـ 1953 م شكل رئيس الوزراء الإيرانى الأسبق محمد مصدق حكومة قصيرة شغل "بختيار" فيها منصب وكيل وزارة العمل .
ثم تطور خلاف بينه وبين محمد مصدق أحد المتحمسين القوميين، مما اضطره إلى الهرب لفترة وجيزة, لكنه سرعان ما عاد بفضل انقلاب مضاد دعمته المخابرات الأمريكية والبريطانية أيضاً، وعندما عاد الشاه محمد رضا بهلوى بالقوة إلى إيران فتح بخيتار مكتبا خاصا وعمل بالمحاماة.
حين اعتلى الشاه العرش مرة أخرى عمل على إحداث تغييرات سياسية لدعم أركان حكمه، وكان على رأسها إلغاء الأحزاب السياسية، والإبقاء على الحزب الحاكم، وأعاد جهاز «السافاك» أو الشرطة السرية للحياة، وهو الجهاز الذى قام بأعمال تتنافى مع حقوق الإنسان، غير أن ممارسات السافاك خلفت له الكثير من الأعداء، وأرغم مرة ثانية على مغادرة إيران، ولكنها كانت هذه المرة بلا رجعة، إذ فشل فى قمع المظاهرات الاحتجاجية، والحد من تأثير الخومينى على الشعب من منفاه بباريس
حاول الشاه فى يناير 1979 احتواء ثورة الإسلاميين داخل إيران، فعين بختيار رئيسا للوزراء، فانتزعت منه عضوية حزب إيران، وأثناء توليه منصبه الجديد حاول بختيار أن يقوم ببعض الإصلاحات الداخلية ففكك السافاك، وأطلق سراح المعتقلين السياسيين، وأعطى ترخيصا للعديد من الصحف المعارضة، لكن كل تلك الجهود توقفت بعد عودة آية الله الخمينى من منفاه فى فرنسا فى الأول من فبراير عام 1979، وبالرغم من الشعبية الكبيرة التى كانت للإمام الخمينى فإن بختيار ظل على موقفه المعارض لتلك الثورة التى يعتبرها مناهضة للمفاهيم الليبرالية والعلمانية الغربية التى كان يؤمن بها.
انهارت حكومة بختيار بسرعة بسبب الخلافات التى دبت بينه وبين قادة الثورة الإسلامية، فاختفى عن الأنظار إلى أن استطاع الفرار إلى فرنسا فى إبريل من العام نفسه، وهناك أسس حركة المقاومة الوطنية فى المنفى.
وفى 16 يناير 1979، هرب شاه بهلوى خارج البلاد، واتخذ الشاه "بنما" مستقراً له، ثم ساءت حالته الصحية، حيث إنه كان مريضاً بالسرطان، وذهب للعلاج فى أمريكا، فلما استقرت حالته الصحية طالبته أمريكا بمغادرة أراضيها رغم أنه عاش سنوات حكمه خادما لهم، ولم يجد من يقبله سوى الرئيس أنور السادات، فاستضافه فى مصر حتى توفى من عام 27 يوليو 1980 م.
طاغية رومانيا .. نيكولاى شاوشيسكو
300 مواطن ينفذون حكم الإعدام فيه رميا بالرصاص
حكم نيقولاى شاوشيسكو رومانيا خلال الفترة من عام 1965 إلى 1989 زعيمًا للحزب الشيوعى فى بلاده، ثم صار رئيسًا للدولة عام 1968، فى البداية عمل على استقلال بلاده عن الاتحاد السوفييتى (سابقًا) أكبر قوة شيوعية فى أوروبا، لكنه كان طاغية وتحكم فى حياة شعبه.
وضع برامج اقتصادية أدت إلى نقص حاد فى السلع الاستهلاكية، واستغل سلطاته للحصول على ثروات شخصية ووضع أقاربه فى مناصب حكومية عليا.
وقف شاوشيسكو فى 1989م ضد الإصلاحات الديمقراطية التى اجتاحت الدول الشيوعية الأوروبية الأخرى، احتج عشرات الآلاف ضد حكمه، وقتل آلاف المواطنين عندما حاولت قواته الأمنية سحق المتظاهرين.
أعدم شاوشيسكو وزوجته إلينا فى 25 ديسمبر 1989م بعد أن أدانته الحكومة الجديدة بارتكاب جرائم القتل والاختلاس المالى.
وُلدَ شاوشيسكو فى سكورنيستى بالقرب من بيسينى. عمل فى اتحاد الشباب الشيوعى فى الفترة من عام 1933م إلى 1936م ثم انضم إلى الحزب الشيوعى. انتخب عضُوًا باللجنة المركزية من عام 1954م إلى 1965م. أصبح عضوًا فى المكتب السياسى عام 1955م
كانت نهاية الديكتاتور الرومانى نيوكلاى شاوشيسكو وزوجته إيلينا، درامية ومفجعة بكل المقاييس، ففى ليلة عيد الميلاد (حسب التقويم الكاثوليكى تكون 25 ديسمبر) لعام 1989 ، اقتيد الزوجان معصوبا الأعين إلى أحد معسكرات الجيش الرومانى خارج العاصمة بوخارست، وهناك أُعدما رميا بالرصاص.
قبل أسبوع واحد من هذه النهاية المأساوية كان شاوشيسكو هو الديكتاتور الذى لا ينازعه أحد، وبلغت درجة الكراهية له أن تطوع 300 رومانى لتنفيذ حكم الإعدام به وزوجته رميا بالرصاص، بينما كان العدد المطلوب ثلاثة فقط.
كان الدافع لهذه النهاية اقتصاديا فى الأساس، فمن أجل سداد ديون بلاده التى كانت تبلغ عشرة مليارات دولار، خصص شاوشيسكو كل المنتجات الرومانية للتصدير، وكانت النتيجة جوعا عارما ومتاجر خاوية، وظل متمسكا بخط شيوعى متشدد حتى بعد انهيار سور برلين، وانتقد رفاقه فى الأحزاب الشيوعية بشرق أوروبا، لأنهم أضعفوا حلف وارسو، وظل رغم كل الاضطرابات مقتنعا بأنه يمكنه النجاة بنظامه دون تغيير.
عقد المؤتمر الحزب الشيوعى الرومانى فى بوخارست الذى جرى فيه إعادة انتخاب شاوشيسكو لفترة رئاسية جديدة لمدة خمس سنوات أخرى، وربما شعر شاوشيسكو قبيل انعقاد المؤتمر أن هناك شيئا "غير مريح" فى الأفق فقد لاحظ الدبلوماسيين الأجانب أن المؤتمر قد عقد وسط حراسة أمنية مشددة لم يسبق لها مثيل، ومع ذلك ظل شاوشيسكو يخطب لمدة خمس ساعات متواصلة.
كان الناس يقفون طوابير طويلة أمام المتاجر لشراء احتياجاتهم، ونظام الترشيد يقضى بحصول المواطنين على الكهرباء لبضع ساعات فى اليوم، وكانت الحكومة أصدرت قانون "التغذية العلمية" الذى يحدد كمية الأغذية التى يحتاجها الجسم فى اليوم لكل فرد، حتى لا يتناول أكثر من ثلاثة آلاف سعر حرارى فى اليوم، وأقنع الشعب إذا زادت السعرات فسوف يصاب بأمراض فتاكة، وبذلك حدد القانون الحصة الرسمية من السكر لكل أسرة بنصف كيلو شهريا ومن الزيت لترين.
ولعل الطاغية أخطأ فى تقدير قدرة الشعب الرومانى أو أى شعب على الاحتمال، ونسى السيد الرئيس أن الشعب أدرك أو يدرك أنه هو الوحيد الذى يتحمل هزة المجاعة، والضغوط الشديدة والكل يسرق من حواليه، وأن التقشف يجب أن يسود على الجميع، فالشعب وحده هو الذى يتحمل، غير إن أهم ما كان يزعج المواطنين تلك الشائعات التى تتردد هنا وهناك عن حياة البذخ التي يعيشها سيادة الرئيس هو وأسرتة، وكبار المسئولين بالدولة.
وقد بد أت الأحداث فى رومانيا بحادث بسيط لم يثر اهتمام أحد، ومعظم النار من مستصغر الشرر، فقد حاولت قوات الأمن اعتقال قس من أصل مجرى، بسبب معارضته الصريحة للحكم، فسارع المواطنون بعمل سلسلة بشرية لمنع قوات الأمن من اقتحام بيته، وتطور الأمر وزاد العدد إلى مظاهرة غاضبة ضد الحكومة تطالب بالإصلاح وحرية التعبير، وتطورت الأحداث ووقع النظام فى المحظور، حيث أصدر أمرا بالضرب فى المليان، وسقط القتلى واندفع الأطفال يقودون المظاهرات، فقتل الأطفال وتقدمت الأمهات من الصفوف الخلفية وزادت المظاهرات، واستدعى شاوشيسكو وزير دفاعه وأمرة أن يزيد من كثافة النيران، وكان رد وزير الدفاع مفاجئا أن الجيش لا يستطيع قتل الشعب كله، ونفض الجيش يدة تماما من القضية، ووسط مشاعر الإحباط قرر شاوشيسكو الفرار كما ومن حوله جيش الحراسة الخاص به الذى دربه على السمع والطاعة من سنين، وتم القبض عليه، وانعقدت محكمة عسكرية استثنائية عاجلة فى 25 ديسمبر 1989، مثل المحاكم الذى كان يعقدها لمعارضية فذاق من نفس الكأس، وجاء الحكم باسم الشعب .. حكمت المحكمة حضوريا بإعدام السيد الرئيس وعائلتة
موبوتو سيسى سيكو
طاغية الكونغو .. خلعه الشعب بقيادة لوران كابيلا
ولد جوزيف ديزى موبوتو فى ليسالا فى الكونغو البلجيكية فى 14 أكتوبر عام 1930، كان أبوه طباخا لوالى المستعمرة فى ليسالا، مات وهو فى الثامنة من عمره، ثم رباه جده وعمه، أكمل دراسته فى مدرسة كاثوليكية.
فى سن العشرين انضم إلى جيش الاستعمار البلجيكى، حيث الضباط البيض يسيطرون على الجنود السود، وحصل على شهادة المحاسبة فى لولوبرغ ثم نقل إلى قيادة البوليس فى عام 1953.
بعد رحلته فى الجيش التى أعفى كصف ضابط، وعمل صحفيًا لجريدة لبرالية فى ليبود فى عام 1957 ، تحت إشراف أحد موجهيه الصحفى أنطونى بولامبا الذى قدمه إلى باترس لومومبا، سافر لأول مرة إلى أوروبا فى مؤتمر صحفى فى بروكسل حيث بقى لبعض الوقت ليتابع التدريب، وكان فى نفس الوقت الذى يتفاوض فيه الممثلون الكونغوليون لاستقلال بلدهم، وحين وصلوا إلى بروكسل لعقد طاولة مستديرة ومعهم باتريس لومومبا، كان موبوتو يرتب مع البلجيكيين كعميل.
فى يوليو 1960 أصبح وزير الدولة للحكومة المستقلة لباترس لومومبا، واستفاد من الاختلاف بين مختلف سياسات الرجال، وتحت تأثير سفير بلجيكا فرض الاعتقال والإقامة الجبرية على لومومبا الزعيم الوطنى للبلاد المحبوب من الشعب، وكانت هذه بداية الاعتماد الكبير فى العلاقة بين البلجيكيين وموبوتو.
اتهم موبوتو لاحقا لومومبا أمام الكاميرات بالتعاطف المؤيد للشيوعية لأجل اجتذاب الدعم من الولايات المتحدة، وحاول لومومبا الهرب إلى ستانليفى لكن قبض عليه فى الطريق بواسطة رجال موبوتو، ثم أودعه فى السجن.
قام أنصار لومومبا بحرب ضد موبوتو، واحتلوا بسرعة ثلثى الكونغو، لكن مع دعم الولايات المتحدة استطاع موبوتو استعادة كل الأقاليم، وكان هذا الانتصار الذى لم يكن ليكون ممكنا بدون الدعم الغربى، كان إعدادًا ذكيا فى صالح الداخل لموبوتو، فوضع قواته على ركيزتين: الخارجية على خلفية الحرب الباردة، والداخلية للاستقرار، وألقى القبض على القوة السياسية المناوئة لحكمه.
بعد تنظيم الجيش قام بانقلاب 24 نوفمبر 1965 على الدولة ضد يوسف كاسا فوبو أول رئيس للكونغو البلجيكية، ولقى هذا الانقلاب دعما من المنظمات الطلابية وكثير من السكان سواء الكونغوليين أوالأجانب، رحبوا فورا، وكانت بلجيكا والولايات المتحدة هم أول من اعترف بالرئيس الجديد، ثم توالى اعتراف دول الغرب به، فقط الصين والاتحاد السوفييتى أظهروا الممانعة.
مع موبوتو أصبحت الكونغو هى حصان طروادة للأمريكان ضد المد الشيوعى فى إفريقيا وخاصة فى جنوب إفريقيا، وفى ظل جماية أمريكية مارس الظلم والطغيان وذاق شعبه المرار، وفى عام 1969 قام بسحق الطلبة المتمردين على حكمه المستبد، حتى إن جثث الطلبة القتلى رميت فى مقابر جماعية و12 طالبا حكم عليهم بالإعدام، وأغلقت الجامعة عاما وجند 2000 طالبا فى الجيش، ليتعلموا الطاعة وإغلاق الفم.
أسس نظامًا استبداديًا بالحزب الأوحد فى البلاد المسمى "الحركة الشعبية للثورة" وأصبح الرئيس المارشال فى 1982.
بدل تسمية كل من الدولة والنهر والعملة تحت اسم زئير، وفى نفس السنة فرض ملابس شعبية لخلق نموذج زائيرى للزى الغربى وطالب الزائيريين اختيار اسم للنسب الإفريقى والمحلى (غير المسيحى)، ورفع شعارًا غريبًا يقول: "موبوتو المجاهد الذى سينتصر ثم ينتصر ودون أن يستطيع شخص إيقافه".
بسبب الفوضى التى ظهرت فى البلاد والانتقادات الدولية لنظام حكمه، إضافة للحرب فى رواندا المجاورة فى يونيو 1997، نجح تحالف القوات الديمقراطية من أجل تحرير الكونغو - زائير والتى يقودها لوران كابيلا فى دخول العاصمة كنشاسا، وخلع موبوتو عن السلطة.
هرب موبوتو لاحقا إلى توجو، ثم توجه إلى منفاه بالمغرب، وبقى بها حتى توفى فى 7 سبتمبر 1997 متأثرا بمرض السرطان ودفن فى مقبرة مسيحية فى العاصمة المغربية الرباط.
زين العابدين بن على
(3 سبتمبر 1936 -)، رئيس الجمهورية التونسية منذ 7 نوفمبر 1987 إلى 14 يناير 2011، وهو الرئيس الثانى لتونس منذ استقلالها عن فرنسا عام 1956 بعد الحبيب بورقيبة، عين رئيسًا للوزراء فى أكتوبر 1987 ثم تولى الرئاسة بعدها بشهر فى نوفمبر 1987 فى انقلاب غير دموى حيث أعلن أن الرئيس بورقيبة عاجز عن تولى الرئاسة، وقد أعيد انتخابه وبأغلبية ساحقة فى كل الانتخابات الرئاسية التى جرت، وآخرها كان فى 25 أكتوبر.
ولد بن على فى مدينة حمام سوسة بتاريخ 3 سبتمبر 1936، وعندما كان طالبا فى ثانوية سوسة، انضم إلى صفوف المقاومة الوطنية ضد الاحتلال الفرنسى، مما أدى إلى طرده من المدرسة وأدخل السجن، ثم أكمل الدراسة الثانوية فيما بعد، ثم نال الدبلوم من مدرسة سان سير ثم من مدرسة المدفعية فى شالون سور مارن بفرنسا، وأرسله حماه الجنرال كافى بدورة إلى المدرسة العسكرية العليا للاستخبارات والأمن فى بلتيمور بالولايات المتحدة، ومدرسة المدفعية الميدانية فى تكساس ليستلم بعد انتهائها الأمن العسكرى التونسى حيث تولى رئاستها 10 سنوات.
عين سفيرا لبلاده فى وارسو لمدة أربع سنوات، ثم عين بعدها كوزير دولة، ثم وزير مفوض للشئون الداخلية قبل أن يعين وزيرا للداخلية فى 28 أبريل 1986، ثم رئيسا للوزراء فى حكومة الرئيس الحبيب بورقيبة فى أكتوبر 1987.
بعد شغله منصب رئيس الحكومة بأيام وفى فجر اليوم السابع من نوفمبر 1987، قام بانقلاب استهدف إزاحة الرئيس التونسى الحبيب بورقيبة، واستمع التونسيون عبر موجات الإذاعة لصوت الرئيس بن على وهو يقرأ نص بيانه الشهير، الذى تضمّن مُعظم تطلعات التونسيين ونُخبتهم، بعد أن أشرف النظام السياسى والاقتصادى والاجتماعى على الانهيار الكامل.
فى أجواء حرب الخليج الثانية، بدأت المواجهة بين السلطة وحركة النهضة، فكان ذلك إيذانا بنهاية سريعة لفُسحة نادرة وبداية تغيير جوهرى لأسلوب تعامل النظام مع المعارضة والمجتمع المدني، حيث بدا جليا أن زين العابدين بن على لم يكن يرغب بتداول السلطة، لكنه فى المقابل كان فى البداية، وقبل أن تستقِر أوضاعه نهائيا، يميل لإشراك أطراف عديدة فى اللّعبة، بما فى ذلك الإسلاميون، لكن بعد أن بدا له زخم التيار الإسلامى واتساع قاعدة فضل المواجهة، وبدأ الوجه الحقيقى للجنرال الرئيس يظهر على حقيقته، وأعلن حربا ضد الإسلام فى تونس قد يكون أسوأ مما فعله الفرنسيون، ومن ذلك:
ـ منع ارتداء الحجاب للفتيات وعدم تعيين المحجبة فى الدوائر الحكومية .
ـ منع مكبرات الصوت فى المساجد وصوت الآذان
ـ منع الصلاة فى المسجد إلا بعد مراجعة مبنى المخابرات والحصول على البطاقة الممغنطة واستخدامها فى الجهاز على أبواب المساجد
ـ منع الناس من دخول المساجد إذا لم يكن له اسم فى المخابرات وعدم وجود البطاقة الممغنطة
ـ منع تعدد الزوجات وعدم الزواج من أكثر من واحدة حتى ولو لا تستطع الإنجاب
ـ طلب من الدول عدم استقبال المعارضين التونسيين ولم يجدوا دول تستقبلهم وعاود إلى السجون فى تونس
ـ منع مدارس تحفيظ القرآن فى تونس
ـ منع دراسة مادة التربية الإسلامية .
ـ أمر بحبس أى إنسان اتبع السنة بتطويل لحيته.
ـ استغل السلطة لتأمين مستقبل أزواج بناته حتى أصبحوا أصحاب المليارات بينما يموت الشعب من الجوع
وأمام ظلمه واستبداده، انتفض الشعب التونسى ضده فى 18 ديسمبر 2010، مما اضطره للفرار من البلاد هاربا يوم الجمعة 14 يناير 2011، ولسخرية القدر فإن الرئيس المخلوع لم يجد دولة تستقبله ... وعندما استقبلته السعودية فإنه ذهب لبلد المآذن والمساجد التى لن يستطيع إسكات مكبرات الآذان فيها، وبلد الحجاب الذى ستجبر زوجته وبناته على ارتدائه، وبلد القرآن وتحفيظه الذى عاش سنى حكمه يمنع تحفيظه!!.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق