الأربعاء، يونيو 01، 2011

إن النصارى هم أصحاب محاكم التفتيش، والحملات الصليبية، وقنابل هيروشيما وناجازاكي، وسجون جوانتنامو وأبو غريب، وهم الذين استعمروا كثيرا من مناطق العالم ونهبوا ثرواتهم في القرون الثلاثة الماضية، وهم الذين قتلوا الأطفال والشيوخ والنساء وبقروا بطون الحوامل، وانتهكوا الأعراض في كثير من البلاد، كفيتنام والبوسنة والهرسك وكوسوفو وأفغانستان والعراق والصومال وغيرها من البلاد

المشهد المسيحي في مصر بحاجة إلى وقفة موضوعية لا تقودها العواطف ولا الشعارات ولا صيغ المجاملة . فقد بدت الكنيسة في قلب المشهد معبرة عن المسيحيين ليس فقط في طقوسهم وشعائرهم إنما في حياتهم العامة وهو الأمر الذي يستحق الكثير من الاهتمام . ويبدو أن الكنيسة منذ وصول البابا شنودة إلى مقعد البطريرك عمدت إلى البحث عن موقع جديد لم تألفه منذ دخول الإسلام إلى مصر على يد عمرو بن العاص . ملامح المشهد تبلورت على نحويظهر فيه المسيحيون ضحايا والمسلمون قتلة ظالمون غلاظ القلوب . بدا فيه المسلمون متجاوزين متعصبين مع استهداف إحدى جماعاتهم كرمز يستقطب كل صنوف الشر وذلك بالتلون مع طبيعة المرحلة .



ويسود اعتقاد بأن الجناح المدني للكنيسة خاصة رجال الأعمال المسيحيين استهدف الإخوان المسلمين في عهد مبارك ليلتقوا مع انظام على نفس هدفه الأثير. وأصبحت الجماعةرمزاً للتطرف وأعلن رجال من أمثال نجيب ساويرس أنهم سيتركون مصر إن وصل الإخوان إلى سدة الحكم . عقب الثورة تم اصطناع هدف جديد على عجالة بعد ما تم تبرئة الإخوان من قبل الحكام الجدد . وهاهم السلفيون اليوم وقد أصبحوا في مرمى الهدف .ويسود انطباع بأن المطلوب أن يبقى الإسلام هدفاً للرمي .المهم في كل الأحوال لابد أن يكون الإسلام والمسلمون هم مأوى الشر وأعداء المسيحيين في مصر مثلما هم مأوى الشر وأعداء المسيحيين واليهود في نظر الولايات المتحدة وأوروبا على المستوى العالمي .

اليوم أصبحت المصارحة ضرورة ملحة ، بعد أن قطع البابا شنودة شوطاً بعيداً فيما يمكن وصفه" مناوأة " سلطة الدولة . فقد كشفت قصة السيدة عبير طلعت أن الكنيسة تعطي نفسها سلطة احتجازالمواطنين ،سالبة بذلك حقاً أصيلاً للدولة . ولكم تحدث كثيرون عن هذا الإجتراء على سلطة الدولة فجاء التكذيب تلو الآخر من قبل رجال الكاتدرائية ، إلى أن وقعت أحداث إمبابة لتقطع الشك باليقين بعد جدل استمر نحو سبع سنوات منذ واقعة احتجاز وفاء قسطنطين .



لقد بدا لي أن كل الصياح والصراخ الذي أعقب أحداث إمبابة وكأنه جاء ليطلق دخاناً كثيفاً يبعد الحقائق عن العيون وللبقاء دائماً في موقع الهجوم وليبقى المسلمون دون استثناء في موقع الدفاع. إن الرواية الرسمية تتحدث عن إطلاق الرصاص أولاً من الجانب المسيحي . كما أن هناك قتلى من المسلمين مثلما أن هناك قتلى من المسيحيين . وبعيداً عن إمبابة يمكن القول أن الأمريتخطى بكثير تفاصيل الحدث ويكشف عن إدارة منظمة لمواجهة الوجه المسلم لمصر والدخول في منعطف تاريخي يحقق فيه المسيحيون مكاسب لم يحظوا بها منذ دخول الإسلام مصر .



إن الدولة المصرية التي ظلت تتعامل مع البابا شنودة بيد مرتعشة أثناء حقبة مبارك ، مطالبة اليوم بتغيير هذا الحال وإظهار وجه آخر للدولة قوامه العدل والقوة . فلم يعد من المقبول تسليم العشرات من اللاتي اعتنقن الإسلام إلى الكنيسة ليخضعن للاحتجاز والتأثير في معتقداتهن الشخصية . كما لم يعد مقبولاً أن تبدو الدولة وجهازها القضائي مرتبكاً غير قادر عبر النيابة العامة على استدعاء مواطنات مصريات تريد الكنيسة أن تحتجزهن داخل أسوارها . ولم يعد من المقبول كذلك أن لا يجرؤرجال النيابة على دخول الأديرة للتحقق من مصير مواطنات أسلمن وفي مقدمتهن وفاء قسطنطين . إنها قضية تتعلق بهيبة الدولة وبسط سيطرتها على جميع رعاياها .

والمأزق القانوني الذي يجد فيه البابا شنودة نفسه جراء سياسات يصفها البعض بالتطرف والتشدد في مواجهة الدولة ، لا يقل بحال عن المأزق السياسي الذي وضع فيه نفسه جراء تحالفه مع الرئيس المخلوع حسني مبارك وولده جمال . وكان الموقف المعلن للكنيسة القبطية تصريحاُ وتلميحاً هو تأييد الأب رئيساً والابن وريثاً . وذهب البابا شنودة في أخطاءه السياسية مدى أبعد ، حينما أمر المسيحيين بعدم المشاركة في ثورة التحرير . لكن الثورة ونبلها كانت أشد تأثيراً في قلوب الكثيرين من الشبان المسيحيين ،فالتحق بها من التحق تاركين البابا في موقف لا يحسد عليه . إن حرق كنيسة إمبابة والتعدي عليها أمر مرفوض تماماً شرعاً وعقلاً . إنما أود أن أسأل من أقاموا حائطاً للمبكى أمام مبنى التليفزيون " لماذا تركتم أصل القضية وهو اختطاف عبير طلعت وسجنها ليتبين في نهاية الأمر حقيقة الأكاذيب التي تحدثت عن عدم وجودها داخل أسوار الكنيسة ؟ ".



إن هذا السلوك الذي ارتكبته من قبل الكنيسة الكاثوليكية في العصور الوسطى في أوروبا حين ألفت محاكمة ضمائر الناس ، لهو أمر يستحق اليوم من أصحاب الضمائر الحية أن يتكلموا ويقولوا كفاكم صياحاً وانظروا ماذا تفعلون . لقد آلمني ذلك التحالف الكنسي ـ الإعلامي من قبل صحف يومية وأسبوعية ومواقع إلكترونية يمولها كلياً أو جزئياً رأس المال المسيحي . فقد اتبعت هذه الوسائل الإعلامية طرقاً تنتهي جميعها إلى إظهار المسيحيين ضحايا والمسلمين معتدين .ويكفي لتأكيد هذه الحقيقة الرجوع إلى صحيفة " المصري اليوم " وتحليل الصورة الرئيسية المنشورة في الصفحة الأولى ضمن تغطيتها لأحداث إمبابة في عدد التاسع من شهر مايو .

أحسب أنني أحمل في مقالي هذا غضباً مكتوماً وعتاباً مريراً أزعم أن الأغلبية الساحقة من المصريين يشاركونني فيه .فالدولة المصرية في مرحلة ما بعد الثورة عليها أن تتعامل بروح العدل والقوة والابتعاد عن سياسة الأيدي المرتعشة .إذ لا توجد ـ في اعتقادي ـ شبهة عقد صفقة بين النظام اليوم وبين الكنيسة مثلما ساد الاعتقاد في حقبة مبارك .فمن منا سمع يوماً أن أقلية حصلت على مزية جديدة بدون وجه حق ، فقالت هذا لايليق وهو ظلم للأغلبية ؟! إنه منطق طبيعة الأشياء.

ليست هناك تعليقات:

GET IN THERE!!!!

  عزز فريق ليفربول صدارة ترتيب أندية الدوري الإنجليزي الممتاز برصيد 31 نقطة- ليفربول/ إكس قاد النجم الدولي المصري محمد  صلاح  فريقه  ليفربول...