سيارات محروقة، محلات تجارية مدمرة، دخان متصاعد في أمكنة متعددة، ومركبات فارهة متناثرة على جنبات الطرق، وثائق إدارية مبعثرة في أكثر من مكان، وحضور مكثف للجيش بآلياته الثقيلة، تلك هي أبرز ملامح الصورة التي بدا عليها أول أيام تونس العاصمة وضواحيها بعد رحيل الرئيس زين العابدين بن علي، لكن هذا لم يمنع التونسيين عن التعبير عن فرحتهم بسقوطه، مشهد مريع،يستحضر صور الشوارع في المدن التي شهدت حروبا طاحنة،بل أنه يعيد إلى الأذهان مشهد شوارع بيروت خلال الحرب الأهلية، حيث تشابهت الآثار بقدر كبير شمل حتى الجزئيات الصغيرة مثل أثار الطلقات النارية على جدران بعض البنايات. "مشهد لن تنساه تونس، وسيبقى في ذاكرة شعبها"،هكذا قال محمد بن صالح الذي وقف مشدوها في ساحة 7 نوفمبر بوسط تونس العاصمة غير بعيد عن مقر وزارة الداخلية التي كانت مسرحا لتظاهرة حاشدة شارك فيها الآلاف،والتي كانت السبب المباشر في مغادرة بن علي البلاد، ما هذا ،أين نحن، أهذه تونس، أهذا شارع الحبيب بورقيبة؟" تساءل بن صالح وهو يتحدث ليونايتد برس انترناشونال، وعيناه صوب دبابة بمدفعها الطويل، والملالات المصفحة، وناقلات الجنود التي تمركزت في أكثر من مكان، والأسلاك الشائكة التي تحيط بأشجار هذا الشارع الذي يحلو للتونسيين بتسميته ب"شانزيليزيه" تونس.
ولم يستطع بن صالح مواصلة الحديث، إذ سرعان ما إقترب شاب قوي البنية بلباس مدني، وطلب منا عدم الوقوف ومواصلة السير، متعمدا إبراز مسدس كان يعتمر خصره للتأكيد بأنه أحد عناصر الأمن، وكان لابد من مغادرة المكان، والعودة إلى ضاحية الكرم، حيث تجاهد الجرافات في فتح الطرق من السيارات المحترقة، من بينها نحو 25 سيارة جديدة، فيما يكابد عناصر الدفاع المدني في إطفاء بعض الحرائق التي لحقت بالعديد من المحلات التجارية. في الطريق إلى ضاحية الكرم تناثرت السيارات الفارهة التي تمت سرقتها من مستودع شركة "النقل" التي يملكها صخر الماطري صهر بن علي، على طول الطريق، فيما شوهد عدد من الجنود وهم يعتقلون ثلاثة شبان يعتقد بأنهم مما بات يعرف ب"العصابات الملثمة"، وكانت هذه "العصابات الملثمة" أثارت الرعب والخوف لدى سكان شارع فرحات حشاد بضاحية الكرم، ما دفع عددا من سكان الحي إلى تشكيل ما يشبه لجان حماية، للدفاع عن أعراضهم وممتلكاتهم.
فقد روعت هذه العصابات العديد من الأحياء، وبقي عدد من سكان شارع فرحات حشاد لغاية الفجر عندما وصلت دورية للجيش، أبلغهم قائدها بأن "مجموعات مسلحة مجهولة الهوية تقوم بنهب وسلب وسطو"، وقد إعترف ما تبقى من السلطات التونسية اليوم، على لسان مصدر وُصف بالمسؤول، بوجود مثل هذه العصابات، وإعتقال العديد من أفردها من أجل استئصالهم نهائيا.
وأشار المصدر في بيان نقلته وكالة الأنباء التونسية إلى أنه "تم التفطن إلى وجود عصابات تخريب ونهب لإثارة الرعب لدى المواطنين، ودعا المواطنين إلى اليقظة والتجند مع قوات الأمن والجيش لحماية أنفسهم وممتلكاتهم"وعلى الرغم من إعلان المصدر المسؤول عن تخصيص رقم أخضر للمواطنين للتبليغ عن كل الحالات الطارئة أو تحركات تلك العصابات، فإن فريد، وهو تاجر، لم يتردد في الإعراب عن تخوفه من المستقبل الذي وصفه بال"غامض".
وقال فريد ليونايتد برس انترناشونال فيما كان عدد من المواطنين يطالبونه بمدهم ببعض المواد الغذائية، أنه لم ينم طيلة الليل خوفا على دكانه من تلك العصابات، وأكد عدد من المواطنين في مقهى"روتانا" أن هذا الأمر ينسحب على غالبية أحياء تونس العاصمة، فيما يستمر التلفزيون الحكومي ببث استغاثات حية لمواطنين يطالبون قوات الجيش بالتدخل لحمايتهم، لكن يبدو أن خطورة الأوضاع الأمنية السائدة لم تبدد الفرحة لدى العديد من التونسيين الذين إستبشروا خيرا برحيل بن علي.
و لم يتردد فتحي الذي قدم نفسه ليونايتد برس انترناشونال على انه موظف في المطار، في القول إن "ما جرى ويجري أمر طبيعي، وضريبة تدفعها أي ثورة شعبية، وهذه الممارسات الإجرامية يقوم بها أذناب بن علي"، وأضاف أن فرحته ستبقى مع ذلك عارمة لأن الشعب "إسترد كرامته وحريته ،ولن يثنيه ما يجري الآن من تطورات يؤسف لها عن تحقيق تطلعاته في الحرية والديمقرطية".
وبينما كان فتحي يعبر عن رأيه ،قاطعه علي، وهو طالب، بالتأكيد على أن "دماء الشهداء الذين سقطوا لن تذهب هدرا"، وقال علي لمراسل يونايتد برس انترناشونال "أكتب أن الشعب التونسي بأسره لن يغفر للديكتاتور،وسيعمل على محاكمته ،و الشعب يمهل ولا يهمل"، واضاف "لقد شاركت في تظاهرة تونس العاصمة التي جرت أمس، وهتفت عاليا برحيل بن علي، وبمحاكمته بصحبة زمرته في محاكم شعبية على الجرائم التي أرتكبت في حق الشعب التونسي".
ويبدو ان هذا الفلتان الأمني غير المسبوق الذي تشهده تونس العاصمة وغيرها من المدن الأخرى، ليس هو الشاغل الوحيد للمواطن التونسي الذي بات لا يخفي خشيته على مستقبل البلاد، وقال رفيق ، وهو طالب رفض الكشف عن كامل اسمه، ليونايتد برس انترناشونال إن "الغموض هو سيد الموقف ،ولا أعرف ماذا سيحدث بعد ساعة فقط وليس غدا".
وتساءل بمرارة "هل هكذا سيتم بناء تونس، هل هكذا نخطط للقضاء على البطالة...ومع ذلك أتمنى أن تسود الديمقراطية"، وبين اهتمامات رجل الشارع التي بدأت تركز على الأمن،والحماية، تعالت الأصوات النقابية والحقوقية المطالبة بمواصلة التحركات الشعبية لإستئصال رموز النظام السابق، بينما حذر البعض من أعضاء الأحزاب السياسية من استمرار الفراغ الحكومي رغم القرارات التي اتخذت بالأمس واليوم.
وفي المقابل إختار قادة الأحزاب التي توصف بالراديكالية الصمت بانتظار نتيجة المشاورات السياسية التي بدأت اليوم برئاسة رئيس الوزراء المكلف بمهام الرئاسة محمد الغنوشي وسط تباينات كبيرة في المواقف،زادها تسارع نسق التطورات السياسية والأمنية ضبابية إرتقت إلى غموض كبير، أربعة أسابيع كانت كافية لاسقاط بن علي و فراره من البلاد بعد 23 عاما من الحكم لكن هل ينجح التونسيون بتثبيت الامن و الاستقرار و تحقيق الديمقراطية و التنمية التي طالما حلموا بها و قدموا دونها الدماء؟
مقتل 42 شخصا داخل سجن في شرق البلاد وفرار المئات من السجون
أعلن التلفزيون التونسي الرسمي أن 42 سجينا قتلوا، فيما أشارت مصادر متطابقة إلى أن المئات من السجناء تمكنوا من الفرار من عدد من السجون التونسية، وذكر التلفزيون التونسي الرسمي، الذي غيّر اليوم اسمه من "تونس 7" إلى "التلفزيون التونسي الوطني"، نقلا عن مصادر طبية، أن المستشفى الجهوي بالمنستير استقبل جثث 42 شخصا لقوا حتفهم حرقا أو إختناقا جراء حريق هائل شب داخل السجن المدني في مدينة المنستير.
وكانت مصادر حقوقية اشارت في وقت سابق ليونايتد برس انترناشونال، إلى أن حريقا هائلا شب داخل السجن المذكور في أعقاب عملية تمرد نفذها المساجين، وأن عملية هروب جماعي تمت أيضا في سجن المهدية، وبحسب مصادر مصادر متطابقة فإن عملية مماثلة جرت في مدينة القصرين،حيث تمكن خلالها المئات من المساجين من الفرار، بينما تمكن العشرات من الفرار من السجون المتواجدة في تونس العاصمة ومحافظة نابل الواقعة شرق البلاد.
تبادل إطلاق نار بين الجيش وعناصر مسلحة
تبادلت وحدات من الجيش التونسي وعناصر مجهولة مسلحة "عصابات ملثمة" في ضاحية الكرم الغربي شمال تونس العاصمة إستمر لأكثر من 10 دقائق، وسط تحليق كثيف لمروحيات من الجيش، وبدأ هذه التبادل لإطلاق النار عندما حاول أفراد هذه "العصابات الملثمة" مهاجمة السكان وتنفيذ عمليات نهب وسطو وترويع، حيث تصدى لها الأهالي، في بادئ الأمر بالحجارة والعصي، وحاولت هذه العصابات الملثمة" الهجوم مرة ثانية، حيث تصدى لها الأهالي، وبعدها وصلت وحدة من الجيش التونسي، وطاردت هذه "العصابات الملثمة" التي ردت باطلاق النار، عندها رد أفراد وحدة الجيش بإطلاق النار.
المرشحين المحتملين للرئاسة المصرية يهنئان شعب تونس في أول رد فعل مصري على سقوط حاكم تونس نس هنأ من من الدكتور محمد ألبرادعي المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية،وحمدين صباحي عضو مجلس الشعب المصري - المرشحين المحتملين للرئاسة المصرية - الشعب التونسي بالثورة من خلال رسالتين ارسلاهما للقائمين على الثورة . وقال ألبرادعي ،في رسالته التي أرسلها على موقع فيس بوك الاجتماعي ” الشعوب هي التي تصنع التغيير ” وقال أن الشعب المصري إذا ما كان يريد التغيير فليصنع مثلما صنع الشعب التونسي الذي قام بتغيير نظام بن على بنفسه فيما قال حمدين في رسالة مصورة تم بثها على موقع اليوتيوب " إن دماء الشهداء والجرحى والمناضلين الذين نزلوا إلى شوارع تونس ضربوا مثلا عظيما للمقاومة المدنية السلمية والعصيان المدني وانتصار الشعب لكرامته وحقه وهزموا طغيان نظام ديكتاتوري استمر قرابة الربع قرن وأكرهوا ابن علي على الرحيل" وأضاف "هذا شعب عظيم أراد الحياة فاستجاب له القدر" . موسى:إنتفاضة تونس سيكون لها تبعات في العالم العربي توقع الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى اليوم السبت ان انتفاضة تونس الشعبية، التي أطاحت بحكم الرئيس زين العابدين بن علي، ان تؤثر على العالم العربي، وقال موسى في مؤتمر صحافي، ان الاهتمام العالمي والعربي في تونس يؤكد "على تقارب المجتمعات وتكاملها، وان ما يحدث في تونس يؤثر في الكل، على غير ما يقال".
واضاف موسى ان "ما حدث تطور له ابعاده التاريخية، وفى اطار انتهاء عهد وبداية عهد اخر فى تونس"، وتابع "يجب أن نتطلع للامام والمستقبل، هناك اطر دستورية واضحة، من اساتذة القانون الدستوري، في كيفية التحول الى الوضع الجديد"، وقال موسى "نتابع بالأمل والاهتمام لاستقرار تونس، وفي الا تؤدي الاحداث الى أي قرارات، من شأنها زيادة الامر توترا، وان يصل الوسط السياسي الى توافق الرأي في اطار الدستور".
واوضح موسى ان القمة الاقتصادية العربية التي ستعقد في منتجع شرم الشيخ المصري نهاية الشهر الجاري ستناقش الوضع في تونس، توقع موسى ان تكون تونس ممثلة في القمة الاقتصادية العربية، الا انه أكد بان الجامعة العربية ليم تم بينها اي اتصال مع الوزير الاول التونسي محمد الغنوشي.، وتأتي تصريحات موسى على خلفية تقارير صحفية اشارت الى احتمال انتقال عدوى الانتفاضة الشعبية في تونس الى بلدان عربية آخرى تعاني من ازمات البطالة والتضخم والديكتاتورية.
الأردن يؤكد احترامه لخيارات الشعب التونسي أعلنت الحكومة الأردنية مساء اليوم السبت احترامها لخيارات الشعب التونسي، وقال بيان صدر عن وزارة الخارجية الاردنية ان الاردن يتابع باهتمام وحرص شديدن تطورات الاوضاع في تونس، وكانت وزارة الخارجية الاردنية اكدت في بيان سابق ان الجالية الأردنية والبعثة الدبلوماسية في العاصمة التونسية بخير وذلك بعد احداث العنف التي تشهدها العاصمة التونسية بعد سقوط الرئيس زين الدين بن علي. ودعت الخارجية الأردنية جميع "القوى الوطنية التونسية الى التكاتف والتعاضد والعمل المشترك للحفاظ على امن المواطنين وحماية تونس الشقيقة وصون المكتسبات والانجازات والممتلكات في هذا البلد العربي الغالي وشعبه الاصيل"، وأكد البيان وقوف الاردن الى جانب الشعل التونسي لمساعدته على الخروج من هذه الظروف وعدم الانزلاق نحو الفوضى، وان الاردن يثق بحرص الشعب التونسي الشقيق على وطنه وامنه، وعلى استعادة الهدوء والحياة الامنة التي توفر وتضمن العيش الكريم الحر لهم.
فرنسا تدعو لانتخابات حرة وتجمد الأرصدة التونسية 'المشبوهة' دعت فرنسا لإجراء انتخابات حرة في تونس في اقرب مهلة، بعد تخلي الرئيس التونسي زين العابدين بن علي عن السلطة وفراره من البلاد في أعقاب الإحتجاجات الشعبية الأخيرة، واتخذت الإجراءات الضرورية لتجميد التحويلات المالية "المشبوهة" لأرصدة تونسية فيها، وقال بيان للرئاسة الفرنسية إن "فرنسا تدعو للهدوء وإنهاء العنف، وتطالب بانتخابات حرة في اقرب مهلة".
وأضاف أن باريس "اتخذت اداريا الاجراءات الضرورية لتجميد كل التحويلات المالية المشبوهة التي تخص ارصدة تونسية في فرنسا، وفقاً للتشريع (الفرنسي)"، وقال ان الشعب التونسي يعبّر منذ أسابيع عن رغبته بالديمقراطية، " وفرنسا التي تربطها بتونس علاقات صداقة كثيرة، تقدم لها دعما كبيرا".
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق