الجمعة، يناير 14، 2011


ثورة تونس ورسائل التحذير
من أراد أن يجني مثل ماسيجنيه ثوار تونس ويحصد حصادهم عليه بزرع مازرعوه وبدمهم رووه،فالحرية شجرة حية تروى بدم الثوار الأحرار،كي تعطي الأزهار والثمار!سالم القطامي!وراء كل حاكم ظالم مستبد إمرأة عاهرة تحرضه على طغيانه كي ترفل في العز والجاه الزائف،على حساب ملايين المعدمين ،هذا ماينطبق على اليهودية الإنجليزية بنت التمرجية الويلزية،سوزان ليلي بالمر،مرات لطخ كفر مصيلحة،العربجي الطائر،وإبن المحضر المرتشي ذو الأصل المملوكي ،هذة المجرمة مطلوبة للصلب على عمود مكهرب في مصرف بحر البقرمع البقرة الضحوك وعجلهما الصعلوك،اللي نسيوا أصلهم الحقير وعملوا علينا ملوك!!سالم القطامي

بن علي للتونسيين في خطاب تصالحي: فهمتكم

ال0)
عناصر من الجيش التونسي ينتشرون في العاصمة
عناصر من الجيش التونسي ينتشرون في العاصمة
- تواصلت الاضطرابات في تونس، الخميس، بمزيد من الاحتجاجات في الشوارع، في وقت ظهرت فيه رسالة منسوبة لتنظيم القاعدة تعلن دعم التنظيم المتشدد للمحتجين الغاضبين.
     
غير أن التقارير تشير إلى أن الحكومة تعمل على معالجة انفجار الغضب الشعبي، والاستياء واسع النطاق، الذي فجره ما يقول ناشطون إنه سوء للأوضاع المعيشية.
وقد لقي 21 شخصا على الأقل مصرعهم خلال الاحتجاجات على ارتفاع معدلات البطالة، وزيادة الأسعار وانتشار الفساد، والقيود والحقوق المدنية، في الدولة الواقعة في شمال أفريقيا على شاطئ البحر الأبيض المتوسط.
واندلعت أعمال عنف واشتباكات في شارع محمد علي في تونس العاصمة، وهناك تواجد كثيف لقوات الأمن، إلى جانب تفجر أعمال الشغب بشارع التضامن في ضواحي المدينة.
وأشارت تقارير بثتها وسائل إعلام عربية نقلا عن شهود عيان إلى وفاة ستة أشخاص، يوم الخميس، بعد يوم على دعوة مسؤول في الأمم المتحدة للحكومة التونسية بوقف استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين، والتحقيق بالوفيات.
من جهته، تعهد الرئيس التونسي بالتغيير في خطاب ألقاه مساء الخميس، وبثه التلفزيون الرسمي، قائلا إنه "فهم الرسالة،" التي أرسلها "العاطل عن العمل،" والسياسي الذي يريد مزيدا من الحريات،" مضيف "فهمتكم جميعا."
وقال بن علي "أعطيت توجيهاتي للوزير الأول (رئيس الوزراء) بتخفيض أسعار المواد الأساسية.. وقررت إعطاء الحرية الكاملة لوسائل الإعلام.. لن نغلق مواقع إنترنت، ولن نسمح بالرقابة على الإعلام بأي شكل."
وأضاف الرئيس باللهجة التونسي المحكية "هذا التغيير استجابة لمطالبكم التي تفاعلت معها.. إن حزني وألمي كبيرين لما حدث.. فالعنف ليس من عاداتنا والتونسي شخص متحضر وسلوكه حضاري."
وشدد بن علي على ضرورة التمسك بالدستور، قائلا إنه لن تكون هناك رئاسة مدى الحياة في تونس، مشيرا إلى أنه لن يغير الدستور للسماح له بخوض انتخابات الرئاسة مجددا عندما تنتهي فترته الحالية في 2014.
وأضاف الرئيس التونسي أنه أمر قوات الأمن بوقف استخدام الرصاص الحي ضد المحتجين، قائلا إنه لا يقبل أن تراق قطرة واحدة من دماء التونسيين.
إلى ذلك، نشرت رسالة صوتية على مواقع إسلامية متعاطفة مع المتشددين، ونسبت إلى جناح تنظيم القاعدة في شمال أفريقيا، والذي يسمي نفسه "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، تتحدث عن الأوضاع في تونس.
وحملت الرسالة، التي لم تتمكن CNN من التأكد من صحتها عنوان "نداء مباركة ودعم لانتفاضة شعبنا في تونس،" ونسبت إلى زعيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" عبد الملك درودكال، المعروف أيضا باسم أبي مصعب عبد الودود.
وعبر عبد الودود في الرسالة عن "دعمه للمتظاهرين،" في اشتباكهم مع الحوكمة، والذي وصفه بأنه "جزء من المعركة ضد الطغيان، والصليبيين واليهود."
وأضاف أن أعمال الشغب في العاصمة التونسية ليست سوى "صرخة احتجاج مدوية من ضحية في مواجهة جلادها، كسرت جدار الصمت الذي خيم على تونس منذ عقود طويلة..  غضبة طال انتظارها وانتفاضة مباركة ضد الطغيان."
وقال المتحدث إن "القاعدة في المغرب الإسلامي" على استعداد لتقديم المشورة "وتشجيع المتظاهرين على تحدي الحكومة كجزء من معركة أكبر لتحرير ديار الإسلام وإقامة الشريعة." 
لم يدر بخلد أحد أن تنطلق أقوى انتفاضة شعبية فى العالم العربى فى الألفية الثالثة حتى الآن من تونس , لأنه البلد الذى قمع ولازال يقمع منذ عقود , وأسست النظم الديكتاتورية الفاسده قاعدة القمع أساس الاستقرار
حدثت انتفاضتان شعبيتان فى عهد الرئيس التونسى السابق الحبيب بورقيبه الذى حكم تونس منذ عام 1956 الى أن أطاح به الرئيس الحالى زين العابدين بن على فى عام 1987
الانتفاضه الأولى كانت فى 26 يناير 1978 وقادها الاتحاد العام التونسى للشغل ( الجهة النقابية الوحيدة فى تونس وهى توازى الاتحاد العام لعمال مصر فى مصر )
الانتفاضة الثانية انتهت فى 4 يناير عام 1984 وسميت بانتفاضة الخبز
أما فى عهد الرئيس الحالى فقد حدثت انتفاضه شعبية فى منطقة الحوض المنجمى فى محافظة قفصه جنوب العاصمة التونسيه تونس عام 2008
أما الانتفاضة الكبرى الأخيره التى اندلعت شرارتها الأولى فى محافظة سيدى بو زيد ( 280 كم جنوب غرب العاصمة التونسية ) فى مطلع العام الحالى 2011 فقد اكتست طابعا مختلفا عن الانتفاضات السابقه للأسباب التالية
1 – تعدت حدود سيدى بوزيد لتشمل كل محافظات تونس حتى تونس العاصمة بل الى القرى الصغرى و المدن التى تعد مرفهة من الناحيتين الخدمية والتنمويه مثل صفاقس وبنزرت وسوسه
2 – قادها الشباب وكانوا شرارة البدأ فيها ولم تقدها فئة معينه كالنقابات أو الأحزاب
3 – استخدام وسائل الاتصالات الحديثه كالفيس بوك والتويتر والهاتف المحمول والإنترنت عموما
4 – اتسع نطاقها بشكل يهدد حكم بن على بعد أن أصبحت خارج السيطرة الأمنية
بدأت الشرارة الأولى لأكبر الانتفاضات الشعبية التونسية بعد أن أقدم شاب تونسى يدعى محمد بو عزيزى ( 26 سنة ) على الانتحار فى 17 ديسمبر 2010 بسبب بطالته وسوء الأوضاع المعيشية حيث كان يعمل على عربة متنقله لبيع الخضروات والفاكهة أمام مبنى محافظة سيدى بوزيد لكن أمن البلدية منعه بالقوة واستولى على عربته تطبيقا للقوانين الصارمه للبلدية فما كان من هذا الشاب الا أن ذهب الى محافظ سيدى بو زيد يشكو له من سوء الأوضاع وأنه العائل الوحيد لأسرته لكن على باب المحافظ صفعته شرطية تونسيه وأهانت كرامته ومنعته من مقابلة المحافظ فاضطر بعد انسداد كل السبل أمامه لحرق نفسه أمام مبنى المحافظة ومات متأثرا بجروحه فى المستشفى بعد أسبوعين
فاندلعت مظاهرات عارمه فى سيدى بوزيد احتجاجا على البطالة وسوء الأحوال الاقتصادية
بعدها أقدم شاب آخر هو حسين الفالحى ( 25 عاما ) على تسلق عمود كهرباء للضغط العالى وأمسك بالأسلاك فتفحم على الفور احتجاجا على تردى الاحوال المعيشية
الاحصائيات فى تونس تقول أن 1000 شخص معظمهم من الشباب يقدمون على الانتحار كل عام أغلبهم بسبب سوء الأحوال المعيشية ولو أدركنا أن تونس تعداد سكانها 10 مليون نسمة نعرف أن كل 10 ألاف شخص ينتحر منهم فرد كل عام وهى تعد نسبة كبيره فى بلد اسلامى بالمقارنه بالبلاد غير الاسلامية
ولكن ماهى الرسائل الخطيرة والتحذيرية التى يمكن أن نلتقطها فى ظل هذه الأحداث العارمة وبخاصة فى مصر والوطن العربى
1 – أن الاحتجاجات تبدأ فئوية واجتماعية ولكنها تنتشر بسرعة وتصبح سياسية اجتماعية بامتياز
ولعل القمع الذى عاشه الشعب التونسى فى العهد الحالى والماضى لم ينجح فى إثناء الشعب على الانتفاضة والتعبير بشدة وأحيانا بعنف عن رأيه وتوجهه فى التغيير وعليه فإن الذين يراهنون على أن ألاف الاحتجاجات الاجتماعيه فى مصر هى جزر منعزله لاتؤثر وليس لها دور فى التغيير مخطئون لأن الاحتجاجات الكبيرة تبدأ لأسباب اجتماعية واقتصاديه وسرعان ماتأخذ طابعا سياسيا يهدد أنطمة الحكم
2 – أن القبضة الأمنية لاتفلح فى قمع الشعب وحماية الحكام المستبدين وفى النهاية تنتصر ارادة الشعب ورأينا فى مظاهرات تونس الجماهير بمئات الآلاف  تردد أبيات أبو القاسم الشابى الشهيرة
اذا الشعب يوما أراد الحياة    - فلابد أن يستجيب القدر
ولابد لليل أن ينجلى             - ولابد للقيد أن ينكسر
فقد خرجت الانتفاضة التونسية عن السيطرة الأمنية على الرغم من سقوط عشرات الضحايا ومئات المصابين برصاص الشرطة وعلى الرغم من نزول الجيش التونسى لمحاولة فرض السيطره على العاصمة التونسية وحماية المنشئات الحيوية للدولة كمبنى الاذاعة والتليفزيون
3 – أن قبضة الحكام على الأجهزة الأمنية يمكن أن تضعف أو تنهار بانتشار انتفاضة الشعب واراقة الدماء وهذا مارأيناه فى تونس حيث أشارت الأنباء الى رفض نائب رئيس أركان الجيش التونسى اطلاق الرصاص الحى على المتظاهرين مما جعل زين العابدين الرئيس الحالى يقوم بعزله وهذا يعنى أن هذه الأجهزة الأمنية ( جيش وشرطة ) لن تكون فى كل الأحوال فى ولاء كامل للحكام المستبدين فهذا يعد رهان خاسر
4 – أن انسداد العملية السياسية واكتساح الحزب الحاكم للانتخابات بكل السبل بما فيا التزوير واقصاء المعارضة الشريفه لن يخدم مستقبل الحكم لهؤلاء المستبدين الذين ظنوا أنهم يمسكون بكل الخيوط لبقائهم فى الحكم وهذا مافعله الحزب الحاكم فى تونس وفى مصر
5 – أن شيوع العلمانية واقصاء التيارات الاسلامية الوسطية  هو ضد الشعب وضد استقرار الحكم بامتياز وهو ماحدث فى تونس من قمع لحركة النهضة الاسلامية ومنع الحجاب وتجريم تعدد الزوجات  الى غيرها من مظاهر العلمانية الفجة واستبعاد الدين وهو مايخطط له النظام فى مصر وهوماأدى الى زيادة نسبة الانتحار فى تونس بين الشباب وانتشار الفساد والاباحية
6 – أن اهتمام الحكام المستبدين بما يعلنون عنه من الجنة الموعوده فى الارتقاء بالمستوى الإقتصادى للشعوب دون المسار السياسى واطلاق الحريات هو الوهم بعينه وهذا ماروج له النظام التونسى وتروج له الأنظمة العربية المستبدة , فالإصلاح لابد أن يكون شاملا
7 – أن الاعتماد على الغرب فى دعم الأنظمة الديكتاتورية التى تقمع شعوبها لن يجدى نفعا ورأينا تخلى الولايات المتحده الأمريكية وفرنسا والاتحاد الأوروبى عن النظام المستبد فى تونس بعد اندلاع الانتفاضة الأخيرة وهناك عبرة وعظة من نظام شاه ايران الذى أطاح الشعب به بسبب القمع ووأد الحريات على الرغم من الوضع الاقتصادى الجيد للدولة أنذاك والمسانده القوية للدول الغربية لهذا النظام
8 – لازال هناك وقت أمام الحكام المستبدين فى العالم العربى لتصحيح الأوضاع واطلاق الحريات واجراء انتخابات حره ليختار الشعب ممثليه بحريه وهم بدورهم يتحملون تبعات توفير العيش الكريم له وألا يكابر الحكام  ويتعالوا  ويتوهمون أن الوضع فى تونس غير الوضع فى مصر أو أى دولة أخرى
الآن يستجدى بن على من شعبه أن تهدأ ثورته ويتعهد بإصلاح الأوضاع ومحاربة الفساد  وتوفير 300 ألف فرصة عمل للشباب ظهرت فجأة تحت لهيب الانتفاضة والثورة بعد أن فشل الرصاص والقمع فى تهدئة الشعب وبات كل تونسى فى كل مكان من تونس يهتف بسقوط الديكتاتور



الوضع في تونس قارب مرحلة الخطر. فمظاهرات الغاضبين دخلت أسبوعها الثالث والحريق يزداد اشتعالا في أنحاء البلاد، والسلطة اضطرت لاستخدام الجيش لأول مرة بعد فشل الشرطة، في محاولة بائسة لاحتواء الغضب وقمع المتظاهرين

ــ ثم إن ميليشيات النظام وقناصته وجهوا نيران أسلحتهم صوب المتظاهرين، الذين قتلوا 53 منهم يوم الأحد الماضي 9/1.
وحسب رواية شهود عيان فإن قناصة الميليشيات اعتلوا المباني السكنية لاصطياد قادة المظاهرات في بعض المدن.

إلى جانب ذلك فالأنباء تتحدث عن حملة اعتقالات واسعة بين النقابيين والمواطنين المتظاهرين. في حين تروج المواقع الإلكترونية لحملة طالت الرئيس زين العابدين بن على وزوجته وأفراد عائلتها. وتنسب إليهم قائمة طويلة من الاتهامات المتعلقة باستغلال النفوذ ونهب موارد الدولة.

وتدلل تلك المواقع على أن أحد أفراد أسرة الزوجة كان يعمل جزارا يوما ما، وأصبح الآن من أثرى أثرياء تونس، ويملك أسطولا من الطائرات. إلى غير ذلك من المعلومات التي يصعب التثبت من دقتها، لكنها أصبحت تعني شيئا واحدا هو أن الجماهير التونسية كسرت حاجز الخوف، ولم تعد تتردد في الجهر بصيحات الاحتجاج ونداءات التنديد بممارسات السلطة التي اتسمت بجرأة غير معهودة بين الشباب التونسي، الذي ظل طوال السنوات التي خلت يختزن المرارة والحزن توقيا لعصا النظام الغليظة ويده الباطشة.

لقد انفجر بركان الغضب في منتصف شهر ديسمبر الماضي في سيدي بوزيد، بعدما أحرق شاب نفسه احتجاجا على مصادرة عربة خضار يملكها، الأمر الذي أطلق غضب الجموع التي هدها الفقر.

 وكان الظن أن الانتفاضة لن تستمر لأكثر من يومين أو ثلاثة، قياسا على المرات السابقة، التي كانت قوات الأمن المدربة تسارعفيها إلى سحق الغضب واحتوائه. لكن المفاجأة أن شرارة الغضب انتقلت من ولاية إلى أخرى.

وأن جذوتها ظلت متقدة للأسبوع الثالث على التوالي. خصوصا في ولايات الوسط التي عانت من وطأة الفقر وشدة البطالة. وكانت مدينتا تالة والقصرين أحدث مسرحين للتظاهرات والاشتباكات مع الشرطة. وقد وصف شهود العيان تلك الاشتباكات بأنها «عنيفة»،

وذكروا أن المتظاهرين أحرقوا مقر إدارة التجهيز الرسمية، وأن الشرطة استعملت خراطيم المياه والقنابل المسيلة للدموع، قبلأن تطلق النار بعد ذلك على المحتجين. وأضاف هؤلاء أنهم رأوا عربات الجيش تدخل المدينة في مسعى للسيطرة عليها وإعادة الهدوء إلى أرجائها.
ما حدث في تالة تكرر في مدينة الرقاب، التي سارعت فيها الشرطة إلى إطلاق النار على المحتجين فقتلت منهم ثلاثة. وقد تصاعدت الاشتباكات حين ردد المتظاهرون هتافات مناهضة للحكومة ومنددة بالرئيس بن على.

كما هي العادة فإن البيانات الرسمية، التي اعترفت بالصراعات العنيفة، ذكرت أن الشرطة لم تلجأ إلى استخدام السلاح إلا بعد أن قامت بإطلاق أعيرة تحذيرية «في إطار الدفاع المشروع عن النفس»، وبعد أن تعرضت لهجمات من جانب أفراد استخدموا العبوات الحارقة والعصي والحجارة.

 كما ادعت تلك البيانات أن مجموعات من المتظاهرين أقدمت على تخريب ونهب وحرق مؤسسات مصرفية ومركز للأمن ومحطة وقود. بما يعني أن الشرطة «البريئة» لم تطلق النار إلا من قبيل الدفاع أمام «العدوان»، الذي تعرضت له من قبل الجماهير الغاضبة.

المعارضة في الخارج اتهمت الحكومة باتباع سياسة القمع وحماية الفساد ودعت الجيش والشرطة إلى عدم إطلاق النار على «إخوانهم» المواطنين المتظاهرين،
 في حين أن المعارضة في الداخل طالبت الرئيس بن على بوقف إطلاق النار حفاظا على أرواح المواطنين وأمنهم، واحتراما لحقهم في التظاهر السلمي.

أما الرئيس بن على فإنه حذر من أن أعمال الشغب تضر بصورة البلاد وسمعتها لدى السياح والمستثمرين، وتوعد من وصفهم بأقلية المتطرفين الذين خرجوا في مختلف المدن بالعقاب الحازم.

حين تطلق السلطة النار على جماهيرها يكون النظام قد أدرك أنه يخوض معركته الأخيرة.
وحين تتواصل مظاهرات الغضب لأكثر من ثلاثة أسابيع فمعناه أن المجتمع فاض به الكيل وأنه لم يعد يتوقع خيرا من النظام القائم ويتوق إلى بديل عنه.
وحين تنتقل مظاهر الغضب من مدينة إلى أخرى فمعناه أن البلد كله يواجه أزمة وليس فئة بذاتها.

ما الذي يمكن أن يحدث؟
في النظم المستبدة التي يتم فيها احتكار السلطة وتظل شرعية النظام مستندة إلى قبضة الأمن وليس إلى رضا الناس، فإنالمستقبل يبدو معتما وتظل البدائل في علم الغيب،
ومن ثم تصبح كل الخيارات مطروحة باستثناء خيار واحد هو: الانتقال السلمي للسلطة.

يسري ذلك على تونس كما يسرى على غيرها من الدول، التي تعاني قبضة المحتل الوطني، الذي تبين أنه أسوأ من المحتل الأجنبي.
وليس هذا كلامي، لكنه رأى سمعته على لسان عجوز تونسي من سكان سيدي بوزيد كان يترحم عبر إحدى الإذاعات على زمن الاستعمار الفرنسي.
...............................
بورك الجسد التونسي المحترق
ي
قال الحكيم سقراط ومافتئ يقول: لاشيء قبل العدل. والعدلُ عندنا اسم من أسماء الله الحسنى.  وقد حرم الله الظلم على نفسه وجعل العدل أساس الملك والرعاية.  ولنا في الفاروق عمر بن الخطاب مقياس عدل نحكم به على الحاكم، ألا وهو القائل: "لو ماتت شاة على شط الفرات ضائعة، لظننت أن الله تعالى سائلي عنها يوم القيامة"، ألا وهو الخليفة الخاطب في الناس وعليه رداء فيه اثنتا عشرة رقعة.  ولنا في منهج الإمام علي بن أبي طالب نبراس الثورة على الظلم: "عجبت لمن لا يجد قوت عياله أن لا يشهر سيفه أمام الناس".
ولنا في ثورة الحسين وهج ساطع ينير ظلام الحكم الظالم: " لا بَيعةَ لِيَزيد، شارب الخُمور، وقاتِل النَّفس المحرَّمة"، وفصلٌ فاصلٌ يخيِّرُنا من يحكم ومن لايحكم فينا، فإمَّا الحكم بما شرع الله وإلا استقر الذُّلُّ فينا: "هَيْهَات مِنَّا الذِّلَّة، يَأبى اللهُ لَنا ذَلكَ وَرَسولُهُ والمؤمنون".
ذاك زمان السؤدد قد ولى في أمة قد خلت، العدل أو السيف في حديه،  لاثالث لهما. لايُؤَلَّه فيه إنسان سيداً كانَ أم مسوداً.  الناس فيه يفِرون من مناصب السيادة إلى أركان العبادة خشية السؤال يوم الحساب.
وإني لأعجب من أناس يفاخرون بثورة الخبز الفرنسية، ونحن أمة لاتحيا بالخبز وحده. فمتى جاعت الشعوب لجوعِها ثأرتْ، وعلى الخوف تمردتْ، وكأنما القمحَ والشعيرَ دون الله عبدتْ.  ومتى توَفّر لها ذلكم، العيشَ المريءَ المريعَ استمرأتْ، والعدلَ الواجبَ المستقيم تناستْ. ولطالما نجحت ثورات خُبْزٍ، فظالماً آخرَ على سُدَّةِ عرش الحكم نصَّبتْ، وجوراً أشَدَّ من سالفِ الجور على رقاب الناس سَلَّطتْ.
وَرُبَّ جسد احترق في تونس الخضراء، في زمن أصمَّ الناس فيه آذانهم عن الصياح، وأخرسوا لسانهم عن شهادة الحق، وأجبنوا قلوبهم عن درب الشجاعة، وإني لطالما عذرت الحجاج وبن علي ومن نحا نحوهما وهم كثير منذ وُلْد آدم الأُوَّلِ إلى الأُخر لِما رأيته في الناس عن اتباع الحق من تقاعس.
تلكم اليوم أجراس الحرية في تونس الحقة ترن مدويةً بالنهوض من هوان الاستراحة، تلكم طبول الحرب تُقرع في تونس الكرامة على ذلة الاستكانة ، تلكم قضية الإنسان الأولى والأخرى عليها نفسُه جُبلت وعليها تموت وبها تحيا دون المهانة.
وقد تنجح ثورة تونس فتتحرر، وقد تخفق فيصمد بن علي والقائمون معه، وقد تأتي بظالم آخر قد غرف من مستنقعات الجور فيستبد بالبلاد والعباد. والميزان في ذلكم اتخاذ العدل شريعة واعتبار القسط منهاجا، فليست هنالك حرية مطلقة، أو ثورة من أجل الثورة، أو إسقاط نظام من أجل شخص أو شريحة ما، أو تغيير حكم من أجل استفراد طبقة بالحكم.
لقد أحرق تونسي جسمه ليختزل كل المعاني في شعلة، وكأنه يقول لنا إن الأرواح التي لاتتمتع بالحرية لاتستحق سوى النار، نسأل الله أنها كانت بردا وسلاما عليه، وذلك أبلغ مما خطته كل الأنامل وعقلته عقول كل الفلاسفة في شأن الحرية.
وقد حاول الداهية بن علي سحب البساط من تحت أقدام الثورة واعدا الثوار برغد المستقبل ووفرة الشغل تخديرا لصحوة الضمائر أحيانا، واصفا إياهم بالإرهابيين والعصابات الملثمة والمشاغبين وبالمأجورين المناوئين للتقدم أحيانا، ملصقا تهمة الثورة بكيد أطراف خارجية أخرى، مستنجدا بالقذافي وبرجال الأعمال أخيرا، مستهلا قبل هذه النعوت وتلك خطابه ب"ايها المواطنون، أيتها المواطنات"، كالتائه بين خضم ماحدث ومايحدث.
لقد كشف خطابه المتخبط الأخير عن أيامه المعدودة على عرش تونس، وعن محاولات يائسة تريد لمَّ كيْل قد طفح، كمن يلقي خطابا وسط الطوفان بدل الفرار بجلده.
هذه تونس تمطر غيثا من شباب ورجال، تنثر وردا من شابات ونساء، هذه تونس تثبت أن الأرض خضراء خصبة رغم سنوات التجفيف والإعدام للناس والتراث والأخلاق والدين.
احصد يابن علي مازرعته أياديكم المستبدة ضد من حسبتموه شعبا مقصوص الجناح.  إنها لعنة سجناء الرأي الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا، إنه أذان المآذن الذي منعتموه يخترق آذانكم، إنها الشُّعُر والأفخاذ التي عريتموها تلاحقكم لتعريكم، إنها هوية أحفاد طارق بن زياد التي طمستموها جاءت لتحاسبكم، إنها قناديل العقول التي أخمدتموها تلتهب نارا لتحرقكم، إنها سياط التعذيب التي جلدتم بها خيرة الناس تئن لضربكم، إنها مقدمة ابن خلدون تُسطَّر لتؤرخ خوارَكم،  هاهم قد أتوا من كل حدب وصوب حبا في العدل وأهله، من سيدي بوزيد إلى المزيد، يرثون المظلوم ويبغضون الجور وذويه.
لن ينفعكم تجنيد الإعلام المرئي والمسموع الكاذب، ولن يفرق رصاص جندكم صفَّ الثوار المرصوص، ولن يخيف جلادوكم جِلْدَهم الجلَدَ، ولن يغررهم زيف وعودكم بالغد المشرق الخادع، لقد جاءكم أمر الله وليس لأمر الله من راد سواه، فهؤلاء قوم يفضلون الموت واقفين بدل العيش لأمثالكم راكعين، واليوم معركة وغدا المستقبل لهم.  وقد تذري الرياح بركة رماد الجسد المحترق شرقا، وقد تذروه غربا، فاحذر الظلم يامن بات جالسا على مقاعدَ قد صنعت لأهل العدل. 
الوضع في تونس قارب مرحلة الخطر. فمظاهرات الغاضبين دخلت أسبوعها الثالث والحريق يزداد اشتعالا في أنحاء البلاد، والسلطة اضطرت لاستخدام الجيش لأول مرة بعد فشل الشرطة، في محاولة بائسة لاحتواء الغضب وقمع المتظاهرين

ــ ثم إن ميليشيات النظام وقناصته وجهوا نيران أسلحتهم صوب المتظاهرين، الذين قتلوا 53 منهم يوم الأحد الماضي 9/1.
وحسب رواية شهود عيان فإن قناصة الميليشيات اعتلوا المباني السكنية لاصطياد قادة المظاهرات في بعض المدن.

إلى جانب ذلك فالأنباء تتحدث عن حملة اعتقالات واسعة بين النقابيين والمواطنين المتظاهرين. في حين تروج المواقع الإلكترونية لحملة طالت الرئيس زين العابدين بن على وزوجته وأفراد عائلتها. وتنسب إليهم قائمة طويلة من الاتهامات المتعلقة باستغلال النفوذ ونهب موارد الدولة.

وتدلل تلك المواقع على أن أحد أفراد أسرة الزوجة كان يعمل جزارا يوما ما، وأصبح الآن من أثرى أثرياء تونس، ويملك أسطولا من الطائرات. إلى غير ذلك من المعلومات التي يصعب التثبت من دقتها، لكنها أصبحت تعني شيئا واحدا هو أن الجماهير التونسية كسرت حاجز الخوف، ولم تعد تتردد في الجهر بصيحات الاحتجاج ونداءات التنديد بممارسات السلطة التي اتسمت بجرأة غير معهودة بين الشباب التونسي، الذي ظل طوال السنوات التي خلت يختزن المرارة والحزن توقيا لعصا النظام الغليظة ويده الباطشة.

لقد انفجر بركان الغضب في منتصف شهر ديسمبر الماضي في سيدي بوزيد، بعدما أحرق شاب نفسه احتجاجا على مصادرة عربة خضار يملكها، الأمر الذي أطلق غضب الجموع التي هدها الفقر.

 وكان الظن أن الانتفاضة لن تستمر لأكثر من يومين أو ثلاثة، قياسا على المرات السابقة، التي كانت قوات الأمن المدربة تسارعفيها إلى سحق الغضب واحتوائه. لكن المفاجأة أن شرارة الغضب انتقلت من ولاية إلى أخرى.

وأن جذوتها ظلت متقدة للأسبوع الثالث على التوالي. خصوصا في ولايات الوسط التي عانت من وطأة الفقر وشدة البطالة. وكانت مدينتا تالة والقصرين أحدث مسرحين للتظاهرات والاشتباكات مع الشرطة. وقد وصف شهود العيان تلك الاشتباكات بأنها «عنيفة»،

وذكروا أن المتظاهرين أحرقوا مقر إدارة التجهيز الرسمية، وأن الشرطة استعملت خراطيم المياه والقنابل المسيلة للدموع، قبلأن تطلق النار بعد ذلك على المحتجين. وأضاف هؤلاء أنهم رأوا عربات الجيش تدخل المدينة في مسعى للسيطرة عليها وإعادة الهدوء إلى أرجائها.
ما حدث في تالة تكرر في مدينة الرقاب، التي سارعت فيها الشرطة إلى إطلاق النار على المحتجين فقتلت منهم ثلاثة. وقد تصاعدت الاشتباكات حين ردد المتظاهرون هتافات مناهضة للحكومة ومنددة بالرئيس بن على.

كما هي العادة فإن البيانات الرسمية، التي اعترفت بالصراعات العنيفة، ذكرت أن الشرطة لم تلجأ إلى استخدام السلاح إلا بعد أن قامت بإطلاق أعيرة تحذيرية «في إطار الدفاع المشروع عن النفس»، وبعد أن تعرضت لهجمات من جانب أفراد استخدموا العبوات الحارقة والعصي والحجارة.

 كما ادعت تلك البيانات أن مجموعات من المتظاهرين أقدمت على تخريب ونهب وحرق مؤسسات مصرفية ومركز للأمن ومحطة وقود. بما يعني أن الشرطة «البريئة» لم تطلق النار إلا من قبيل الدفاع أمام «العدوان»، الذي تعرضت له من قبل الجماهير الغاضبة.

المعارضة في الخارج اتهمت الحكومة باتباع سياسة القمع وحماية الفساد ودعت الجيش والشرطة إلى عدم إطلاق النار على «إخوانهم» المواطنين المتظاهرين،
 في حين أن المعارضة في الداخل طالبت الرئيس بن على بوقف إطلاق النار حفاظا على أرواح المواطنين وأمنهم، واحتراما لحقهم في التظاهر السلمي.

أما الرئيس بن على فإنه حذر من أن أعمال الشغب تضر بصورة البلاد وسمعتها لدى السياح والمستثمرين، وتوعد من وصفهم بأقلية المتطرفين الذين خرجوا في مختلف المدن بالعقاب الحازم.

حين تطلق السلطة النار على جماهيرها يكون النظام قد أدرك أنه يخوض معركته الأخيرة.
وحين تتواصل مظاهرات الغضب لأكثر من ثلاثة أسابيع فمعناه أن المجتمع فاض به الكيل وأنه لم يعد يتوقع خيرا من النظام القائم ويتوق إلى بديل عنه.
وحين تنتقل مظاهر الغضب من مدينة إلى أخرى فمعناه أن البلد كله يواجه أزمة وليس فئة بذاتها.

ما الذي يمكن أن يحدث؟
في النظم المستبدة التي يتم فيها احتكار السلطة وتظل شرعية النظام مستندة إلى قبضة الأمن وليس إلى رضا الناس، فإنالمستقبل يبدو معتما وتظل البدائل في علم الغيب،
ومن ثم تصبح كل الخيارات مطروحة باستثناء خيار واحد هو: الانتقال السلمي للسلطة.

يسري ذلك على تونس كما يسرى على غيرها من الدول، التي تعاني قبضة المحتل الوطني، الذي تبين أنه أسوأ من المحتل الأجنبي.
وليس هذا كلامي، لكنه رأى سمعته على لسان عجوز تونسي من سكان سيدي بوزيد كان يترحم عبر إحدى الإذاعات على زمن الاستعمار الفرنسي.
............................


لا شك أن جملة العوامل المؤدية للانفجار العفوي في تونس والجزائر تتوفر، بمقدار أكثر أو أقل، في كل الدول العربية تقريباً، ومنها الفقر والبطالة والفساد وتكميم الأفواه بوسائل مبدعة،  ولهاث المواطن وراء لقمة العيش الزئبقية، وانهيار منظومات الأمان الاجتماعي التقليدية والحديثة، في الوقت الذي تتراكم فيه ثروات بالمليارات لدى قلة مستفيدة من السياسات المتبعة!
ولا نكشف سراً لو قلنا أن الانفجار العفوي في تونس والجزائر ترددت أصداؤه في كل أنحاء الشارع العربي.  لذلك انطلقت الدعوات لإطلاق احتجاجات مماثلة في الأردن لتلك التي جرت في تونس والجزائر، وقد بدأت إرهاصات تلك التحركات بالفعل في الأقاليم، بعيداً عن العواصم المثقلة عموماً بكتلة اجتماعية صماء، من مئات الآلاف أو أكثر، حسب الدولة العربية، يجعلها وعيُها الفردي ونمط معيشتها الاستهلاكي الطامح لمحاكاة الثراء، ولو بالدين، بليدة سياسياً ومرعوبة من أي احتجاج حتى لتحقيق مصالحها، مما يجعلها عنصر "استقرار" بكل ما تحويه الكلمة من معانٍ سلبية.
من البديهي أن العواصم والمدن الأكبر حجماً هي مركز الثقل في التوزيع السكاني العربي، لأن أكثر من نصف السكان على الأقل يعيشون فيها، وهو قاسم مشترك أخر بين الدول العربية.  ومن البديهي أيضاً أن العواصم والمدن الكبرى تحتوي جيوباً كبيرة من الأحياء الشعبية أو الفقيرة التي لا تقل قابليةً للانفجار عن الأقاليم، وهو ما يفترض أن يجعلها مركز الثقل السياسي في أي تحرك حقيقي وجدي.  لكن القبضة الأمنية تكون عادةً أشد بكثير في العواصم والمدن الكبرى، بسبب وجود المفاصل الحساسة للدولة فيها.  كما أن التماسك الاجتماعي والعائلي في الأقاليم البعيدة يكون عادةً أقوى بكثير مما هو في المدن العربية المعولمة، ولو على "فاشوش"، فنحن لم ينلنا من العولمة إلا شرور "السوق الحرة" و"الانفتاح"، والتبعية الاقتصادية للخارج، والإفقار واتساع الهوة الطبقية بين شرائح المجتمع في الداخل وازدياد معدلات الجريمة والعنف والتوترات الداخلية والأمراض الاجتماعية.
أضف إلى ذلك أن القطاع الشعبي الأكثر تأثراً بسياسات العولمة والتبعية التي تتبناها الأنظمة العربية، خاصة المرتبطة بحكومة الولايات المتحدة، ليس عامةً قطاعاً منظماً في أطر حزبية أو نقابية كما كانت عليه الحال قبل عقود، ومن هنا فإن قانون حراكه السياسي هو العفوية أولاً، وارتباطه بلقمة الخبر المباشرة ثانياً، وعدم تأثره بحسابات القوى والشخصيات السياسية المعارضة ثالثاً. 
ومن هنا بات المواطن العادي هو الذي يقود الحراك السياسي، في الشارع، لأن حراك المواطن العادي لا يكون إلا في الشارع، وبات المعارضون العرب، أي بتنا نحن، من يحاول اللحاق به، وهذه نقطة علينا وضدنا، بمقدار ما يجب أن نقول أن الحراك العفوي نادراً ما يؤتي أكله بمعنى حل المشاكل التي سببت الاحتجاج العفوي في المقام الأول.
غير أن انخراط القوى والشخصيات المسييسة في الحراك العفوي لا يقوده إلى النجاح بالضرورة، بمعنى تغيير السياسات التي سببت الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في المقام الأول، بل قد يسهم في إجهاضه إذا ما نجح في توجيهه نحو أهداف تنفيسية لا قيمة لها فعلياً.  وإذا أخذنا حالة الأردن بالتحديد، فإننا نلاحظ بعض الأصوات التي راحت ترفع شعار إسقاط حكومة سمير الرفاعي كهدفٍ للاحتجاج... وهي حكومة جاءت في نهاية عام 2009 فحسب!  وقد سبق أن سمعنا شعار "إسقاط الحكومة" على مر السنين خلال عهود الحكومات الأردنية السابقة التي لم يستمر بعضها في الحكم أكثر من بضعة أشهر.  فهل سيؤدي إسقاط حكومة الرفاعي إلى إيقاف مسيرة الخصخصة أو بيع القطاع العام للخارج أو تصاعد الديون العامة أو تفاقم الأزمة المعيشية بشكل عام؟  وهل تشكلت تلك الأزمة فقط خلال العام الماضي؟  وهل يملك الرفاعي القدرة على تغيير النهج الاقتصادي والسياسي للدولة بشكل جذري؟!!
إن تغيير حكومة الرفاعي، أو تغيير أي حكومة عربية، سهلٌ جداً ويمكن أن يتم بجرة قلم، ولا يعني شيئاً أصلاً، لأن الوزراء في بلادنا لا يحددون سياسات وإستراتيجيات كبرى، بل هم مجرد إداريين مهمتهم تنفيذ ما حدده غيرهم، وأن يلعبوا عند الضرورة دور "مانعة صواعق".   ومن يقنع الناس في احتجاجهم أن تغيير وزير أو وزارة هو الحل للأزمة العامة، وليس تغيير النهج والسياسات الاقتصادية والخارجية بالتحديد، فإنه ينفس التحرك ب"القوة الناعمة" بغض النظر عن حسن نواياه، ويقدم هديةً سياسية قيمة للقائمين على النهج والسياسات التي سببت الأزمة، ويشكل بحد ذاته عامل "استقرار" أخر بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ سلبية، ولن نثير هنا ظاهرة الداعين لإسقاط الحكومات المتتابعة قصيرة العمر لأنهم مستوزرون أو لأنهم ما هو أقل بكثير من مستوزرين، لذا سنبقى في إطار حسن النوايا ومناقشة التقديرات  السياسي فحسب.
فإذا افترضنا أننا نريد احتجاجات شعبية حقيقية تؤدي على الأقل إلى كبح جماح مسيرة التفريط بالثروات العامة والحقوق الوطنية، والتجاوز على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطن، والتغول على الحقوق السياسية، وإيقاف مسيرة التطبيع مع العدو الصهيوني والتبعية للولايات المتحدة الأمريكية - لأننا لا نستطيع "فك ارتباط" السياسات الداخلية عن الخارجية وكلها يخدم شريحة واحدة - فإن الاحتجاج يجب أن ينصب على خيارات الدولة وتوجهاتها التي لا تتغير بتغير رؤساء الحكومات أو النواب أو باقي الموظفين.  يجب أن ينصب الاحتجاج على القوانين المؤقتة، على العلاقات المشبوهة بين الشركات الكبرى في القطاع الخاص وكبار المسؤولين، على صفقات بيع القطاع العام للشركات الأجنبية، على القانون الضريبي الجائر، على الفساد في المشاريع العامة، على العلاقات مع العدو الصهيوني والتبعية للولايات المتحدة، وعلى القائمة الطويلة التي يعرفها كل مواطن...  وليس على تغيير الواجهات.
أخيراً، من يطالب بتغيير الوجوه لا السياسات، سيحصل فقط على إجراءات ترقيعية مثل تلك التي تبنتها الحكومة لتسكين الشارع يوم 12/1/2011، مع أنها جاءت متأخرة وأقل بكثير مما يجب.  العبرة هي أن المشكلة، والحل، في الجذور لا العوارض...
اعترافات الرئيس لا تعفيه من المسؤولية 



 
ان يعترف الرئيس التونسي زين العابدين بن علي بان البطانة السيئة المحيطة به قد ضللته وزودته بالمعلومات الخاطئة عما يجري من اوضاع سيئة في بلاده، فهذا امر جيد وغير مسبوق، ولكن هذا الاعتراف ربما جاء متأخرا، علاوة على كونه لا يعفي الرئيس نفسه من المسؤولية، المسؤولية عن اختيار هؤلاء واعطائهم السلطات كاملة، والمسؤولية عن الاستماع اليهم وحدهم دون غيرهم، وتصديق ما يقولونه في اذنه، والأخذ بتوصياتهم بل ودسائسهم، واحتقارهم للشعب ومطالبه.
تونس ظلت طوال السنوات العشرين الماضية تعيش احلك ايامها سوادا على صعيد الحريات الديمقراطية والتعبيرية، حيث تغولت اجهزة القمع البوليسية في البطش بالمعارضة والرأي الآخر، وتكميم الافواه ومصادرة كل رأي حر يريد الخير لبلاده.
الاجهزة القمعية في تونس مارست البطش بانواعه كافة وحظيت بغطاء من الدول الغربية لانها كانت تقول بانها تخوض معركة ضد 'الارهاب الاسلامي'، على اعتبار ان مكافحة هذا 'الارهاب' هي جواز المرور الى قلوب الحكومات الغربية وخزائنها، ولكن الآن وبعد ان ثارت الجماهير على طول تونس وعرضها وبشكل عفوي، وبمشاركة الليبراليين والعلمانيين واليساريين والقوميين، اسقط في يد النظام وداعميه في الغرب والشرق، وتبخرت كل الادعاءات السابقة حول مكافحة الارهاب الاسلامي.
فالشاب محمد البوعزيزي الذي احرق نفسه في مدينة سيدي بوزيد لم يكن عضوا في حزب النهضة الاسلامي، والذين انتفضوا تضامنا معه لم يكونوا كذلك، واذا كان من بينهم اسلاميون، فان هؤلاء لم يشاركوا في الاحتجاجات بهذه الصفة وانما كمواطنين طحنهم القمع والجوع والاضطهاد الرسمي والفساد العائلي في السلطة وبطانتها.
وعود الرئيس باطلاق الحريات والتعددية السياسية، ورفع الرقابة بالكامل عن الاعلام وأدواته ووسائله، والغاء مبدأ الرئاسة مدى الحياة، كلها مطالب الشعب التونسي التي استشهد من اجل تحقيقها اكثر من ستين شخصاً، والمهم ليس اطلاق الوعود، وانما توفير الضمانات بتطبيقها، وبما يؤدي الى انقاذ البلاد من الانزلاق الى العنف وعدم الاستقرار.
الرئيس التونسي يجب ان يحل البرلمان فوراً، وان يدعو الى انتخابات حرة نزيهة تشارك فيها كل الوان الطيف السياسي، وبما يؤدي الى تشكيل حكومة وحدة وطنية تفتح ملف الفساد، وتقدم كل الفاسدين ومضطهدي الشعب وسافكي دمائه الى المحاكمة العادلة في ظل نظام قضائي مستقل.
خطاب الرئيس التونسي، وما تضمنه من تنازلات كبيرة، وتجاوب مع المطالب الشعبية هو الدليل الأبرز على نجاح الانتفاضة الشعبية، وتأكيد اضافي الى ان دماء الشهداء الذين سقطوا فيها لم تذهب سدى.
الدولة الامنية في تونس سقطت، وسياسة تكميم الافواه ثبت افلاسها، والبطانة السيئة الفاسدة التي نهبت ثروات البلاد تواجه غضب الشعب والرئيس معا.
تونس لا يمكن ان تعود الى الوراء، ولا يجب ان تعود، تونس الجديدة يجب ان تبرز من وسط الدماء الطاهرة التي سالت من اجل الاصلاح والتغيير واعلاء كلمة الشعب.
 ================================================
...


ليست هناك تعليقات:

رسالة إلى آل سعيهود و آل شخيخ!! ردوا إلينا الحرمين وقايضوهم بالهرمين سنطالب ب #التدويل_إذا_أصروا_على_التثميل #التقديس_يتنافى_مع_التدنيس

 رسالة إلى آل سعيهود و آل شخيخ!! ردوا إلينا الحرمين وقايضوهم بالهرمين سنطالب ب #التدويل_إذا_أصروا_على_التثميل   #التقديس_يتنافى_مع_التدنيس