توالت في فرنسا والعالم العربي على حد سواء ردودُ الفعل المنددة بمقتل الشاب المالي أبو بكر سيسيه (22 عاما)، الجمعة الماضي في مسجد ببلدة "لا غران كومب" بمنطقة غارد بجنوب شرق فرنسا، على يد مشتبه به فرنسي من أصل بوسني. كما تم تنظيم مسيرة بيضاء في بلدة "لاغران كومب" نفسها وفي باريس.
ولقي هذا الحادث صدى واسعا في العالم العربي والإسلامي، حيث أدان جامع الأزهر بالقاهرة الحادث، محذرا من "تصاعد الإرهاب الأبيض" في أوروبا والولايات المتحدة.
"شعاراتخبيثةووهمية"
في بيان نُشر على حسابه بمنصة "إكس"، قال الأزهر إنه "يدين الحادث الإرهابي الذي استهدف مصليا مسلما داخل مسجد ببلدة لا غران كومب، بعد أن وجَّه له أحد الإرهابيين المناهضين للإسلام عشرات الطعنات بالسكين، حتى فاضت روحه".
كما حذر البيان من تصاعد "أنشطة جماعات الإرهاب الأبيض في أوروبا والولايات المتحدة"، مشيرًا إلى أن "هذه الجماعات تتخفى وراء شعارات خبيثة ووهمية مثل العرق الأبيض والقومية البيضاء، لتبرير جرائمها البشعة ضد المسلمين".
وشدد الأزهر على ضرورة "اعتماد استراتيجية أمنية عالمية للتعامل مع هذا التوجه الإرهابي، ووقف تهديداته وجرائمه التي تعرِّض أرواح المسلمين للخطر والموت والهلاك".
تجمعات في فرنسا
في فرنسا، تجمع متظاهرون في ساحة الجمهورية الأحد للتنديد بظاهرة كراهية المسلمين في البلاد، واتهم مشاركون السلطات الفرنسية بـ "التخاذل في محاربة خطاب الكراهية ضد المسلمين، والتقاعس عن اتخاذ التدابير اللازمة لحمايتهم".
اقرأ أيضابالصور: مسيرة بباريس تندد بتنامي ظاهرة معاداة الإسلام في فرنسا
وأظهر شريط فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي امرأة مسلمة تتحدث مع زعيم حزب فرنسا الأبية جان لوك ميلنشون، قائلة له: "السيد ميلنشون، نحن لا نشعر بالأمان. عندما نخرج من منازلنا، نحس بالقلق والخوف في أعماقنا. هناك خط أحمر تم تجاوزه. جميع المسلمين يشعرون بالخوف".
ثم تحدث ميلنشون قائلا:"نحن هنا (في ساحة الجمهورية) لنعزي عائلة أبو بكر وجميع المؤمنين الذين يشعرون بالخوف والاشمئزاز من هذا الحادث الأليم".
وأضاف: "هذا العنف هو نتيجة لمناخ الإسلاموفوبيا الذي زُرع في فرنسا منذ عدة شهور"، داعيًا إلى "محاربة جميع أنواع التطرف الديني"، ومشيرًا إلى أن "حزب فرنسا الأبية سيكون دائمًا حصنًا متينًا ضد جميع أشكال العنصرية والعنف".
وفي سياق متصل، وجهت بعض الجمعيات المدافعة عن حقوق الإنسان، مثل "جمعية محاربة العنصرية"، اتهامات لوزير الداخلية والشؤون الدينية الفرنسي برونو روتايو، متهمة إياه بـ"عدم التنقل بسرعة إلى مكان مقتل الشاب المالي في بلدة لاغران كومب، بينما تنقّل بسرعة إلى مدينتي نانت ومولوز في حوادث مشابهة".
هل تأخر وزير الداخلية الفرنسي في زيارة عائلة الضحية؟
ووجه نفس الاتهام رئيس منطقة "هو دو فرانس"، كزافييه برتران، حيث قال في مقابلة مع قناة تلفزيونية فرنسية: "كان يجب على برونو روتايو، الذي هو أيضا وزير الديانات، أن يتنقل فورا إلى بلدة لاغران كومب"، مضيفًا: "لا أريد أن تتحول بلادنا إلى ساحة لصيد المسلمين".
اقرأ أيضامقتل أحد المصلين داخل مسجد في منطقة "لوغار" جنوب فرنسا والمشتبه به يصور جريمته
كما اتهم أيضا بعض الجهات السياسية في فرنسا – بدون أن يذكر أسماءها – بعدم "التمييز بين الإسلاميين الذين يهددون قيم الجمهورية، وبين المواطنين المسلمين الذين لا يطلبون سوى ممارسة شعائرهم الدينية بشكل عادي وآمن".
من جهته، نفى وزير الداخلية برونو روتايو أن يكون قد تماطل في زيارة مكان مقتل الشاب المالي، مؤكدا في حوار مع قناة إخبارية فرنسية أنه كان "من أوائل من عبّروا عن تضامنهم مع مسلمي فرنسا"، وأنه زار مكان الحادث بالفعل.
من جانبه، عبّر رئيس الحكومة الفرنسية فرانسوا بايرو عن "تضامنه مع عائلة وأقارب الضحية، ومع المؤمنين المصدومين"، مؤكدا أن "جميع إمكانات الدولة ستُسخَّر من أجل معاقبة القاتل".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق