مقتل شابين على يد الشرطة في مطروح: أزمة تهدد بثورة بدو مصر
مقتل شابين على يد الشرطة في مطروح يشعل أزمة مع القبائل وتحقيقات رسمية
وخلال محاولة القبض عليه، قام المتهم بإطلاق النار على القوة الأمنية المكونة من ضابط وخمسة أمناء شرطة باستخدام سلاح آلي، مما أسفر عن استشهاد ثلاثة منهم وإصابة اثنين آخرين، فيما تمكن المتهم من الفرار باتجاه الحدود الليبية.
وأوضحت التقارير الرسمية أن الحادث أدى إلى استشهاد كل من أمين شرطة عمر المصري، الذي لقي حتفه على الفور، وأمين شرطة محمد حسن سلامة الذي توفي أثناء نقله إلى المستشفى، وأمين شرطة كريم محمد خليفة الذي فارق الحياة بعد خضوعه لعملية جراحية. كما أصيب أمين شرطة إبراهيم الشاعر وأمين شرطة محمد الرويني بجروح، وتم نقلهما إلى المستشفى لتلقي العلاج اللازم.
احتجاز النساء واتفاق قبلي لتسليم شابين
عقب الحادث مباشرة، وبحسب شهادات الأهالي والمحامين ونشطاء حقوق الإنسان، قامت قوات الأمن باعتقال 23 سيدة من أهل المتهم وجيرانه، بينهن زوجة حميد عميرة، واحتجزتهن دون توجيه اتهامات محددة إليهن، في خطوة وصفت بأنها محاولة للضغط على المتهم الهارب لتسليم نفسه.
وقد أثار احتجاز النساء استياءً واسعًا في المنطقة ذات الطابع القبلي، مما دفع مشايخ القبائل والعواقل ونقابة المحامين في مطروح إلى التدخل لحل الأزمة. وتوصل المشايخ إلى اتفاق مع قوات الأمن يقضي بالإفراج عن النساء المحتجزات مقابل تسليم شابين من أقارب المتهم للتحقيق معهما فيما يتعلق بمكان المتهم الهارب.
وفي تصريحات للعمدة حمد بولقرع الفزاري، الذي لعب دور الوسيط في هذا الاتفاق، تم تسليم الشابين يوسف عيد فضل السرحاني (أخ غير شقيق للمتهم فايز عميرة) وفرج رباش الفزاري (نسيب حميد عميرة) لضابط في جهاز الأمن الوطني بضمانة قبلية وبحضور المشايخ، على أن يتم التحقيق معهما ثم إطلاق سراحهما.
روايات متناقضة حول مقتل الشابين في مطروح
في يوم الجمعة 11 أبريل 2025، أعلنت وزارة الداخلية في بيان رسمي مقتل “عنصرين إجراميين شديدي الخطورة” خلال تبادل لإطلاق النار مع قوات الأمن في منطقة نائية بمحافظة مطروح، مشيرة إلى أنهما من “مرتكبي واقعة استشهاد 3 أفراد شرطة”.
وأضاف البيان أنه “عقب تقنين الإجراءات تم استهدافهما بمشاركة قطاع الأمن المركزي، وأسفر تبادل إطلاق النيران عن مصرعهما”، مؤكدًا العثور بحوزتهما على “بندقيتين آليتين وكمية من الطلقات”.
غير أن رواية الأهالي ومشايخ القبائل تناقض تمامًا الرواية الرسمية. فبحسب شهود عيان وتصريحات للعمدة حمد بولقرع الفزاري وآخرين، قامت قوة من الشرطة باصطحاب الشابين إلى طريق مطروح – السلوم في منطقة تعرف باسم “طريق المطار”، وأمرتهما بالجري ثم أطلقت عليهما النار خارج إطار القانون.
نقابة المحامين تدين ومجلس القبائل يوقف التعامل مع الشرطة
على خلفية هذه الأحداث، أصدرت نقابة المحامين في محافظة مطروح بيانًا على لسان نقيبها عادل علي العبد، أدانت فيه بشدة القبض على النساء واعتبرته “مخالفة صريحة للقانون ويشكل خطورة على السلم الاجتماعي في المحافظة”.
وأكد البيان أن “إلقاء القبض على النساء وسيلة للضغط على متهم إجراء باطل قانونًا، وجريمة مؤثمة، وتأباها العدالة، ويرفضها مجتمع مطروح ذو الطبيعة الخاصة والتكوينات القبلية”.
وفي إجراء غير مسبوق، عقد مجلس عمد ومشايخ قبائل محافظة مطروح اجتماعًا عاجلًا يوم السبت 12 أبريل 2025، أعلنوا فيه قرارًا بوقف التعامل وتعليق كافة أشكال التعاون مع أجهزة الشرطة في المحافظة، والاكتفاء بالتعامل مع الجيش والمخابرات لحين الانتهاء الكامل من التحقيقات الجارية.
وزارة الداخلية تنفي وتحقيقات النيابة تبدأ
من جهتها، نفت وزارة الداخلية في بيان رسمي ما تم تداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي بشأن احتجاز سيدات على خلفية الحادث، معتبرة أن هذه المزاعم “لا أساس لها من الصحة”، ومؤكدة أنها “بصدد اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيال مروجي هذه الأخبار الكاذبة”.
وفي تطور قانوني مهم، أعلن نقيب المحامين في مطروح، عادل علي العبد، تقديمه طلبًا رسميًا لنيابة مطروح الجزئية لسماع شهادة شاهدي تسليم الشابين اللذين قُتلا، مطالبًا النائب العام بـ”سرعة تكليف نيابة مطروح ببدء التحقيق حالًا”.
تداعيات خطيرة على السلم المجتمعي في مطروح
يرى خبراء في شؤون المجتمعات القبلية والأمن القومي أن هذه الأحداث قد تُحدث شرخًا عميقًا في العلاقة بين الأجهزة الأمنية والمجتمع المحلي في مطروح، الذي يتميز بتركيبة قبلية خاصة وحساسة، ويتطلب تعاملًا يراعي خصوصيته الثقافية والاجتماعية.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق