يشعر الملياردير بيل غيتس بالقلق من أن الأطفال اليوم قد يفقدون ميزة رئيسية كانت لديه، إذ يرى أن نجاحه المهني يعود جزئيًا إلى تمتعه بالحرية ووقت الفراغ في شبابه لاستكشاف العالم من حوله، وقراءة الكتب، والتفكير العميق بعيدا عن الإلهاءات الحديثة مثل الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي.وصف غيتس الكتاب بأنه "يجب قراءته" لكل من له علاقة بالشباب، وذلك في منشور له على مدونته في ديسمبر، والذي تساءل فيه حول فرصه في تطوير العادات والمهارات التي كانت "حاسمة لنجاحه لاحقًا" لو أنه نشأ في عالم تهيمن عليه الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي، بحسب ما أوردته "CNBC" واطلعت عليه "العربية Business".
ووفقًا لدراسة أجراها مركز بيو للأبحاث في عام 2024، فإن حوالي 95% من المراهقين في الولايات المتحدة لديهم وصول منتظم إلى الهواتف الذكية اليوم، مقارنة بـ 23% فقط في عام 2011، ومعظمهم نشطون على وسائل التواصل الاجتماعي.
والنتيجة هي أن المزيد من الأطفال يقضون ساعات طويلة داخل منازلهم يتصفحون تطبيقات مصممة لجذب انتباههم، مما يترك وقتًا أقل بكثير للعب الحر والتفاعل الاجتماعي خارج المنزل، وفقًا لزاك راوش، الباحث الرئيسي لدى هايدت وعالم الأبحاث المساعد في كلية الأعمال بجامعة نيويورك.
"هناك الكثير من الوقت الذي يتم استنزافه بواسطة منتجات مصممة عمدًا لجذبك وإبقائك متصلًا بها لأطول فترة ممكنة – وهذا له آثار ضخمة"، يقول راوش.
المخاطر النفسية
في عام 2023، حذر الجراح العام الأميركي، فيفيك مورثي، من مخاطر الصحة النفسية المرتبطة بالاستخدام المستمر لوسائل التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية من قبل الشباب، مشيرًا إلى دراسات تُظهر أنها يمكن أن تؤدي إلى معدلات أعلى من القلق والاكتئاب.
وهايدت وراوش يشيران أيضًا إلى تأثير ذلك على مدى الانتباه، حيث يواجه الأطفال صعوبة في التركيز لفترات طويلة، سواء في المدرسة أو حتى أثناء قراءة كتاب.
"هم دائمًا ينجذبون نحو أجهزتهم من خلال الإشعارات وعالم كامل يحدث في جيوبهم طوال اليوم الدراسي، ما يجعل من الصعب حقًا الحفاظ على تركيزهم في شيء واحد"، بحسب راوش.
أضاف:"إنها مشكلة جدية يعاني منها الشباب، الذين نشأوا دون أن يعرفوا ما يعنيه الجلوس والتركيز لفترة طويلة، كما أن الأبحاث تُظهر فوائد اللعب الحر والتفاعلات الشخصية، بما في ذلك زيادة الإبداع والمرونة، بالإضافة إلى مهارات اجتماعية أفضل وقدرة أكبر على حل النزاعات.
أضاف أنه مع تطور العمل يصبح من الصعب جدًا تطوير هذه المهارات، فما نراه هو أن الأطفال يأخذون مخاطر أقل، يشعرون بمزيد من القلق الاجتماعي، وبشكل عام يصبح من الصعب الانتقال من الطفولة إلى مرحلة البلوغ.
"4 نصائح " للآباء في العصر الرقمي
لمساعدة الشباب اليوم على تطوير تلك المهارات الضرورية، وللتصدي لأحد عوامل أزمة الصحة النفسية لدى المراهقين، يدعو راوش وهايدت إلى "أربعة أنماط جديدة" يجب على الآباء اتباعها لتقليل تأثير الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي في حياة أطفالهم اليومية.
وأولها عدم السماح للأطفال باستخدام الهواتف الذكية قبل المرحلة الثانوية أو سن 14 عامًا، وأن يحصل الأطفال على هواتف بسيطة تتيح الرسائل والمكالمات فقط بدءًا من المدرسة الإعدادية.
ثانيًا يجب عدم السماح باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي قبل سن 16 عامًا، بينما تحدد معظم منصات التواصل الاجتماعي الحد الأدنى للعمر عند 13 عامًا، غالبًا ما يتم تجاوز هذا الحد.
كما يجب حظر الهواتف الذكية في المدارس، ما يتيح التركيز خلال اليوم الدراسي، ويؤدي ذلك إلى القضاء على الإلهاءات الناتجة عن التصاق الطلاب بأجهزتهم، كما أنه سيضمن ساعات خالية من الهواتف الذكية يوميًا، مما يعزز التركيز والتفاعل الاجتماعي الشخصي.
وأخيرًا أوصوا بالمزيد من اللعب الحر والاستقلالية للأطفال من جميع الأعمار، عبر التركيز على "طفولة قائمة على اللعب"، ويمكن أن تكون نقطة البداية من المدرسة عبر تطويل فترة الاستراحة وترك مساحة لمزيد من الاستقلالية خلال هذا الوقت."
وهذا التحول من "طفولة قائمة على اللعب" إلى طفولة "معتمدة على الهاتف" أحدث تغييرًا ثقافيًا، كان وراء ارتفاع معدلات مشكلات الصحة النفسية لدى الأجيال الشابة، إلى جانب تأثيرات سلبية أخرى على قدرتهم على التعلم والتواصل الاجتماعي، وفقًا لكتاب جوناثان هايدت الأكثر مبيعًا في عام 2024 "الجيل القلق".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق