أحبطت السلطات الألمانية مخططاً لتنفيذ "انقلاب" دامٍ للسيطرة على السلطة قامت به مجموعة من الشخصيات اليمينية المتطرفة وضباط سابقين في الجيش يشتبه بوجود صلات لهم بروسيا التي نفت تورطها بالقضية.
وقال مكتب المدعي العام الفيدرالي في بيان، إن "السلطات المختصة أحبطت مخطط انقلاب عبر شن هجمات تسعى لإحداث فوضى في البلاد، والاستيلاء على السلطة" .
وشارك في المخطط 52 مشتبهاً، بينهم مجموعة تابعة لحركة مواطني الرايخ (يمينية متطرفة)، وضباط عسكريون سابقون، بحسب البيان نفسه.
محاولة انقلابية على الدولة
وأضاف المكتب أنه "تم إلقاء القبض على 52 مشتبهاً بهم في إطار عملية أمنية شنتها السلطات المختصة بمشاركة 3 آلاف ضابط أمن، تخللها عمليات تفتيش للمنازل في 11 من أصل 16 ولاية ألمانية".
وحول الحملة الأمنية، أوضح ممثلو الادعاء أن "22 مواطناً ألمانياً اعتُقلوا للاشتباه في عضويتهم بحركة إرهابية".
وأضافوا أن "3 أشخاص آخرين، بينهم مواطن روسي، يُشتبه في دعمهم للحركة، فيما يجري حالياً التحقيق مع 27 شخصا آخرين".
ومن بين المشتبه بهم أيضا جندي من نخبة القوات الخاصة الألمانية "KSK"، وعدد من جنود الاحتياط في الجيش الألماني، بحسب المصدر نفسه.
وأفادت الاستخبارات العسكرية الألمانية بأن من بين المشتبه فيهم جندياً نشطًا في القوات الخاصة للجيش وعدداً من جنود الاحتياط.
التحقيق بشبكة إرهابية
ووصف وزير العدل الألماني ماركو بوشمان المداهمات بأنها "عملية لمكافحة الإرهاب"، وأضاف أن "المشتبه بهم ربما خططوا لهجوم مسلح على مؤسسات الدولة".
وقال الوزير إن عملية كبرى لمكافحة "الإرهاب" تُجرَى منذ صباح اليوم، وأشار إلى أن المدّعي العام يحقق في شبكة إرهابية مشتبه بها في التخطيط لهجوم مسلح على مؤسسات دستورية.
وشارك أكثر من ثلاثة آلاف عنصر بينهم وحدات النخبة لمكافحة الإرهاب في العمليات التي نُفذت في ساعة مبكرة صباحاً قاموا خلالها بتفتيش أكثر من 130 عقاراً، في ما وصفته وسائل إعلام ألمانية بأنها واحدة من أكبر عمليات الشرطة التي شهدتها البلاد.
مجموعة يمينية متطرفة
ووفق وكالة الصحافة الفرنسية فإن مجموعة يمينية متطرّفة تشكلت بنهاية تشرين الثاني/نوفمبر 2021 تقف وراء المحاولة الانقلابية، حيث حددت لنفسها هدف التغلب على نظام الدولة القائم في ألمانيا واستبداله بشكل من دولة خاصة بها"، وهو مخطط لا يمكن تحقيقه "إلا عبر استخدام الوسائل العسكرية والعنف ضد ممثلي الدولة"، وفقاً للبيان الصادر عن النيابة في كارلسروه المكلّفة بالقضايا المتعلّقة بأمن الدولة.
وقال المدعون إنّ "المتهمين يجمعهم رفض عميق لمؤسسات الدولة والنظام الأساسي الحر والديموقراطي لجمهورية ألمانيا الفدرالية، والذي غذى لديهم مع مرور الوقت قراراً في القضاء عليها (مؤسسات الدولة) عبر العنف والشروع في أعمال تحضيرية ملموسة لهذا الغرض".
ويقف وراء المحاولة الانقلابية حركة ألمانية معروفة باسم "رايخسبرغر" (مواطنو الرايخ)، يشترك أعضاؤها في رفض نظام الدولة، ولا يعترفون بمؤسساتها ولا يطيعون الشرطة، كما إنهم لا يدفعون الضرائب...
ومن بين حوالي ألفي ناشط مؤيّد لهذه الأيديولوجيا في ألمانيا، تطرّفت الحركة التي تضم خصوصاً من ينكرون حصول المحرقة وكانت تعتزم استخدام العمل العنيف.
وأشارت النيابة إلى أنه في ما يتعلق بالمجموعة التي جرى تفكيكها، فإنّ أعضاءها يستندون أيضاً إلى نظريات "كيو آنون" (QAnon) وهي مجموعة يمينية متطرّفة تآمرية في الولايات المتحدة.
صلات روسيا بالمحاولة الانقلابية
ووفق وكالة الصحافة الفرنسية فإن أفراد تلك الجماعة "مقتنعون تماماً بأنّ ألمانيا يديرها حالياً أعضاء ما يسمى (الدولة العميقة)"، وأنّ "التدخّل الوشيك لـ(التحالف) (Alliance) وهي جمعية سرية متفوّقة تقنياً تجمع بين الحكومات وأجهزة الاستخبارات الأمنية والعسكريين من مختلف البلدان، بما في ذلك الاتحاد الروسي والولايات المتحدة الأمريكية"، سيؤدي إلى "التحرير".
وأجرى أحد قادة الخلية اتصالات بـ"ممثلي روسيا الاتحادية في ألمانيا".
ومع ذلك، أشارت التحقيقات التي أجريت حتى الآن، إلى أنه ليس ما يشير إلى أن هؤلاء المحاوِرين استجابوا لطلب مسؤول الخلية.
وكانت هذه الشبكة "مدركة أنه سيكون هناك أيضاً وفيات" في خطتها للقضاء على النظام الديموقراطي، غير أنّ "هذه خطوة تمهيدية تعد ضرورية" لتحقيق "تغيير النظام".
وأشار المدعون إلى أنهم حدّدوا تنظيماً منظّماً وهرَمياً للغاية يتألّف من "هيئة مركزية" و"ذراع عسكرية" مسؤولة عن شراء معدّات لتدريب المجنّدين على الأسلحة، وأيضاً من لجان "عدل" و"شؤون خارجية" و"صحة".
نفي روسي رغم الشبهات
بالمقابل، قال الكرملين، اليوم الأربعاء، إنه لا يمكن أن يكون هناك أي شكوك ترتبط بتورط روسي في مؤامرة يمينية متطرفة مزعومة للإطاحة بالدولة الألمانية، وفقاً لـ"روسيا اليوم".
وقال المتحدث دميتري بيسكوف للصحافيين: "يبدو أن هذه مشكلة داخلية ألمانية، لا يمكن أن يكون هناك أي شكوك ترتبط بالتدخل الروسي".
وقال ممثلو الادعاء الألمان إن أحد المتهمين تواصل مع ممثلي روسيا، والذين عدّتهم المجموعة مركز الاتصال لإنشاء طلب جديد، وأوضحوا أنه لا يوجد دليل على أن الممثلين ردوا بشكل إيجابي على الطلب.
من جهتها، نفت السفارة الروسية في برلين، اليوم، أي علاقة مع مجموعات "إرهابية" من اليمين المتطرف في ألمانيا، بعد أن اعتقلت الشرطة الألمانية عدداً من الأشخاص؛ للاشتباه في أنهم خطّطوا للإطاحة بالحكومة.
وقالت السفارة، في بيان نقلته وكالات أنباء روسية: "تلفت السفارة الروسية في ألمانيا الانتباه إلى حقيقة أن المكاتب الدبلوماسية والقنصلية الروسية في ألمانيا لا تقيم اتصالات مع ممثلي جماعات إرهابية أو كيانات غير شرعية أخرى".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق