حذرت دراسة حديثة من سيناريو كارثي بشأن “سد النهضة” محل النزاع بين مصر وإثيوبيا، حيث أشارت هذه الدراسة التي اعتمدت على تقنية “الأشعة الرادارية” إلى احتمالية انهيار السد العملاق لأسباب فنية، وعدم قدرته على تخزين 74 مليار متر مكعب من المياه المطلوب تخزينها.
سيناريو انهيار سد النهضةأعلن ماركوس تكلي، سفير إثيوبيا لدى مصر، عن نية بلاده إغلاق سفارتها في القاهرة، ابتداءً من شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل، بسبب الوضع الاقتصادي في البلاد، وذلك في الوقت الذي تعرف فيه العلاقات بين البلدين توتراً متزايداً جراء تداعيات أزمة ملء سد “النهضة” الإثيوبي.
وأكد المسؤول الدبلوماسي الإثيوبي وفق ما نقلت عنه شبكة ” بي بي سي” البريطانية، أن مدة الإغلاق ستتراوح ما بين 3 و6 أشهر، وذلك من أجل خفض التكاليف المرتبطة بها، والتقليل من حدة الأزمة الاقتصادية والمالية التي تمر بها البلاد.
هل للأمر علاقة في أزمة سد النهضة
المتحدث نفسه، نفى بشكل تام أن تكون لأزمة سد النهضة علاقة مع هذا القرار، موضحا أن مهمة إدارة السفارة ورعاية مصالح الإثيوبيين في مصر فترة الإغلاق، ستناط إلى مفوض السفارة.
يذكر أن مصر تعتبر واحدة من البلدان الـ30 عبر العالم، التي قررت أديس أبابا غلق سفارتها فيها، من أجل تقليل النفقات والتخفيف من حدة الأزمة المالية والاقتصادية، فقد سبق لإثيوبيا أن أغلقت سفاراتها في كل من الجزائر والمغرب والكويت، دون قطع علاقاتها الدبلوماسية معها.
في السياق نفسه، علق المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية دينا مفتي، على ذلك قائلاً في تصريحات صحفية يوم 3 سبتمبر/أيلول الجاري: “لا نسمي ذلك إغلاقاً للسفارات بل تقليل للعدد، وتعديل لطريقة العمل، وتحقيق للكفاءة وإدارة للتكلفة”.
كما أضاف: “يمكن مواصلة علاقاتنا الدبلوماسية دون إقامة سفارة وممثلين في أي بلد”.
إثيوبيا والحرب ضد إقليم تيغراي
وكبدت الحرب التي تخوضها إثيوبيا ضد إقليم تيغراي، منذ نحو عام، كلفة اقتصادية ضخمة، قد تستغرق سنوات لإصلاحها.
فيما صرح الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في 26 أغسطس/آب الماضي، بأن الصراع في تيغراي “استنزف ما يزيد على مليار دولار من خزانة إثيوبيا”.
هذا القرار يتزامن مع عودة ملف أزمة سد النهضة للواجهة من جديد، بعد أن دعا مجلس الأمن الدولي جميع الأطراف إلى العودة للمفاوضات برعاية من الاتحاد الإفريقي.
اقرأ أيضاً: إثيوبيا تعلن إغلاق سفارتها نهائيا في الكويت بشكل مفاجئ.. ما علاقة الإمارات؟
وتتبادل مصر والسودان مع إثيوبيا اتهامات بالمسؤولية عن تعثر مفاوضات بشأن السد، يرعاها الاتحاد الإفريقي منذ شهور، ضمن مسار تفاوضي بدأ قبل نحو 10 سنوات
تقول أديس أبابا إنها لا تستهدف الإضرار بمصالح دولتي مصب نهر النيل، مصر والسودان، بل توليد الكهرباء من السد لأغراض التنمية.
فيما تدعو القاهرة والخرطوم إلى إبرام اتفاق ثلاثي ملزم قانوناً، للحفاظ على منشآتهما المائية، واستمرار تدفق حصتيهما السنوية من مياه النيل.
السفارة الاثيوبية في الكويت
وكانت إثيوبيا أصدرت تعليمات من أديس أبابا بإغلاق مقر سفارتها في منطقة القادسية الكويتية بشكل نهائي.
وبناء على هذا توقعت مصادر كويتية تحول الإمارات إلى مقر إقليمي للدبلوماسية الإثيوبية في الخليج.
وفي هذا السياق نقلت صحيفة “القبس” الكويتية عن المصادر المذكورة قولها إن سفارة أديس أبابا لدي الكويت، تسلمت إشعارا من الخارجية الإثيوبية بإغلاق مقرها في منطقة القادسية بشكل نهائي.
وبررت هذا القرار بأنه يأتي لتقليل التكاليف وتخفيض البعثات الدبلوماسية.
فيما أشارت المصادر إلى أن السفارة الإثيوبية بدأت بالفعل في تنفيذ التعليمات وتجهيز ترتيبات الإغلاق والمغادرة، كما تم إيقاف جميع الخدمات.
وتوالت ردود الفعل بعد نشر دراسة مصرية حديثة مثيرة للجدل، شارك فيها باحثون محليون بجامعات وهيئات دولية، تحذر من احتمال انهيار سد النهضة الإثيوبي، وشككت في قدرة إثيوبيا على إتمام الملء الثاني للسد.
وتضمنت الدراسة تحليل 109 صور ومشاهد، في الفترة من ديسمبر 2016 إلى يوليو 2021، باستخدام تقنية الأشعة الرادارية.
اقرأ أيضاً: إثيوبيا تقرر إغلاق سفارتها في القاهرة.. هل للأمر علاقة بأزمة سد النهضة؟
وانتهت تلك الدراسة إلى وجود شواهد على عوامل إزاحة وتحرك مختلفة الاتجاهات في أقسام مختلفة من السد الخرساني “الرئيسي” وكذلك السد الركامي “المساعد” مما ينذر بانهيار السد وما يتبع ذلك من تأثير مدمر على دولتي المصب.
ووفقا للدراسة التي شارك فيها وزير الري المصري محمد عبد العاطي، يكشف تحليل البيانات في موقع السد عن وجود هبوط أرضي غير متناسق في أطراف السد الرئيسي، خاصة الجانب الغربي حيث سجل حالات نزوح متفاوتة يتراوح مداها بين 10 و90 مليمترا في أعلى السد.
التأثير على حوض النيل الأزرق
كما أوضحت الدراسة أن ملء السد كان يجري بشكل سريع ومن دون تحليل بيانات، وهو ما يؤثر على جسم السد فنيا، ويؤثر هيدرولوجيا على حوض النيل الأزرق، كما كشفت أن هناك إزاحة رأسية غير متساوية في قطاعات مختلفة من السدَّين الرئيسي والمساعد.
وقال هشام العسكري، الباحث الرئيسي بالدراسة، في لقاء تلفزيوني، “نحن لا نقول اتهامات ولن نعادي أحدا، بل نظهر خطرا داهما بشكل علمي قوي وندق ناقوسا حول تهديد كبير يواجه السودانيين، ولا نقدم أبحاثا بصبغة سياسية ونطالب المجتمع الدولي بالتحقق من صحة ما نقول”.
ما حقيقة احتمال انهيار السد؟
في تعليقه حول هذه الدراسة، وحقيقة احتمال انهيار السد الألفية الكبير، قال مستشار وزير الري والموارد المائية المصري سابقا، الدكتور ضياء الدين القوصي، إن “التحذير الذي تم تضمينه في الدراسة ليس بجديد، وسبق وحذرنا من أن موقع السد ينذر بحدوث انهيارات؛ لأنه موجود على فالق أرضي قد يتسبب في هبوط غير متساوي”.
اقرأ أيضاً: دعم إسرائيلي كامل لسد النهضة.. حوار مع سفير إسرائيل بإثيوبيا فضح أجندة تل أبيب
وأوضح في تصريحات لموقع “عربي21”: أن “التربة المقام عليها بناء السد هي تربة انهيارية لأنها تتآمل بفعل قوة المياه، لكنهم حاولوا تجاوز تلك الحقائق من خلال حقن التربة بالأسمنت في عملية كلفت أكثر من مليار دولار، وهذا ر ينفي أن تكون هناك مشكلة”.
واستبعد القوصي أن تؤثر تلك الدراسة سواء على استكمال بناء السد أو مساعدة مصر والسودان في مفاوضاتهما مع إثيوبيا “لأن هناك قرار سياسي يفرض نفسه، ويتغلب على الجانب الفني، ولديهم من المتخصصين من يعلموا بحقيقة هذه التحذيرات”.
واعتبر مستشار وزير الري الأسبق، أن “المتضرر الرئيس من أي انهيار هو السودان وليس إثيوبيا؛ لأن السد الضخم موجود على تخوم حدودها، ونحن لا نريد ولا نتمنى انهياره ولكن نريد ضمانات تؤكد سلامة الإنشاءات والتربة”.
وتعتزم مصر استغلال الدراسة من أجل عرضها على خبراء دوليين ومحليين في جلسة بمؤتمر دولي للمياه سيقام بمصر في أكتوبر المقبل، بحسب الدكتور عمرو فوزي، الباحث المشارك بالدراسة المشار إليها حول أمان السد.
وجود مشاكل بالسد
كما أن هناك احتمالات كبيرة لانهيار سد النهضة، هذا ما كشفه خبير السدود الدولي الدكتور محمد حافظ، وأهمها أن طبقة الأساسات تم بناؤها على مجموعة من الكهوف الجيرية والتي تقع على عمق 15 مترا من سطح الأرض.
وهذه الكهوف تحدثت عنها الشركة الإيطالية التي قامت بعمل “الجسات” الأرضية، وهي حفر رفيعة بقطر 100 مم في الأرض عن طريق التخريم وتصل لعمق 50 مترا أحيانا”.
وأوضح حافظ في تصريحات لموقع”عربي21“: “وفقا لتقرير الشركة الإيطالية توجد فوالق أرضية تحت سد النهضة الخراساني وسد السرج والأخير به مشاكل أكثر من السد الرئيسي ولكنها قالت إنها قامت بحقن تلك الكهوف بمواد أسمنتية، وكان هناك نوع من الاستعجال في معالجة المشاكل ومن الممكن أن عملية تحسين التربة لم تفي بالمطلوب”.
اقرأ أيضاً: اكتشاف أنفاق سرية أسفل سد النهضة يثير زوبعة على منصات التواصل.. ما حقيقة الأمر؟!
وتابع: “في عام 2017 نشرت تقريرا في مجلة روز اليوسف المصرية، كشف لأول مرة عن هذه الكهوف والفوالق، أما فيما يتعلق بالدراسة الأخيرة فإني اتفق معها في وجود هبوط غير متزن بين أطراف السد بسبب وجود الكهوف هذا بخصوص السد الخراساني، أما بالنسبة للهبوط في سد السرج لا أتفق معه أن الهبوط نتيجة الأحمال ولكني أعتقد أنه نتيجة ما يسمى بالهبوط المرن”.
واستبعد الخبير الدولي أن “تؤثر هذه الدراسة أو غيرها على القرار السياسي لإثيوبيا باستكمال بناء السد لأنها غير متضررة من أي انهيار، وهذا ما يكشف سبب تأخر بناء السد ثلاث سنوات وأكثر، لكن ربما لو أن هناك ضغوطا دولية تمارسها مصر والسودان يمكن أن تخفف إثيوبيا من ارتفاع المياه وحجم تخزينها ما يقلل من احتمالات الانهيار”.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق