الأحد، نوفمبر 18، 2007

VOILA LA FAMILLE QUI VA SAUVER L'EGYPTE

QUI VA SAUVER L'egypte?
C'EST NOUS!
DE QUI?DE LA FAMILLE MUBARAK, BIEN SUR!!!!!!!!!On attend votre soutien et votre commentaire.................merci

هناك 36 تعليقًا:

salem elkotamy يقول...

اللهم أرزق مصر بحاكم عادل يخشاك،اللهم إنتقم بعدلك من عصابة الأربعه،اللهم شتت شمل طاغوت مصر واسرته وحاشيته،اللهم إقتص من حكام العرب الذين تحالفوا مع أعداء دينك ،اللهم إستمع وأستجب .سالم القطامي

salem elkotamy يقول...

اللهم أرزق مصر بحاكم عادل يخشاك،اللهم إنتقم بعدلك من عصابة الأربعه،اللهم شتت شمل طاغوت مصر واسرته وحاشيته،اللهم إقتص من حكام العرب الذين تحالفوا مع أعداء دينك ،اللهم إستمع وأستجب .سالم القطامي

salem elkotamy يقول...

اللهم أرزق مصر بحاكم عادل يخشاك،اللهم إنتقم بعدلك من عصابة الأربعه،اللهم شتت شمل طاغوت مصر واسرته وحاشيته،اللهم إقتص من حكام العرب الذين تحالفوا مع أعداء دينك ،اللهم إستمع وأستجب .سالم القطامي

salem elkotamy يقول...

le peuple egyptien;je te remercie de tes voeux.je te souhaite à mon tour une trés bonne année 2008, et tout ce que tu peux ésperer,sur tout la chute de la famille maudite de mubark!

salem elkotamy يقول...

salem elkotamy
الدعم او العدْم سيان في عرف زعيم عصابة الأربعة،والموكوس إبنه،صاحب الفقر الجديد!!كفانا جدل عقيم!الحل الأوحد في إسترداد كرامة الوطن والمواطن في التخلص من الطاغوت المحنط والجاسوس المحنك!عدو الله وعدو الوطن!!الثورة الآن فرض عين على كل مواطن صالح.سالم القطامي

salem elkotamy يقول...

تعليقات الزوار

2654 - salem elkotamy [ 2007-12-18 ]
ياشعبنا العظيم ،نستحلفك بالله العظيم،في يوم عيد الأضحى العظيم؛أن لاتنسى يوم الثأر العظيم،ممن أذلوك ونهبوا خير مصر العظيم،وهربوا به إلى بلاد الجحيم!!!!

2673 - mohamed [ 2007-12-23 ]
Alaah bless you all keep doing that we need to get out of hole and we need to get rid of this very bad goverment and this president mubarak

salem elkotamy يقول...

إلي صاحب الضربة الجوية الخارقة الحارقةـقل لنا ماذا أنت فاعل آلان يامخطط؟!لقد تعمدت العصا بة الصهيونية إحراجك ،وقد تخطوا خطوطك الحمراء ،وسفكوا دماء مصرية لأحد أفراد جيشنا ذو الرايات البيضاء،بأمرك،بعد أن كانت حمراء في عصر الأسود!!إثبت لنا ولو لمرة إنك أسد!!ولست حمار مخطط!!

salem elkotamy يقول...

MUBARAK VA QUITTER LE POUVOIR FIN 2008 AU MAXIMUM,à cause de son état sanitaire; selon son medcin privé.

salem elkotamy يقول...

إسم مبارك يجلب الشؤم والعار لأي شيء يقترن به،وقد أصبح مرادف للعنة لا للبركة.وهو أكره الأسماء إلى نفوس المصريين والعرب والمسلمين؛وأحبهم إلي قلب الصهاينة والصليبيين والخونة!!!!سالم القطامي

salem elkotamy يقول...

المستشار محمود الخضيري: وزير العدل وراء خسارتي للانتخابات



المستشار محمود الخضيري
كتب ـ مجدي سلامة: أكد المستشار محمود الخضيري أن خسارته لانتخابات نادي قضاة الإسكندرية كان بفعل فاعل، مشيرا إلي أن تلك الخسارة ستزيد من تصميمه علي مواصلة حملته الداعية لاستقلال القضاء ونزاهته. وقال الخضيري لـ »الوفد«: أقبل بروح راضية ومطمئنة ما انتهت إليه انتخابات النادي وأنحني لهذه النتيجة ما دامت تلك هي إرادة القضاة. ونفي الخضيري حدوث تجاوزات أثناء الانتخابات، وقال: الانتخابات لم تشبها شائبة، ولكن ما حدث كان له تأثير مباشر علي نتيجتها.

وأضاف: وزير العدل المستشار ممدوح مرعي تدخل بشكل واضح في الانتخابات من خلال دفع بعض القضاة لإقامة دعاوي قضائية ضدي، كما دفع البعض لبث شائعات وسط قضاة الإسكندرية تقول ان حرمان القضاة من الإشراف علي الانتخابات ومنع تعيين أبناء القضاة الحاصلين علي تقدير مقبول في القضاء، حدث بسبب صدام »الخضيري« مع الحكومة!

salem elkotamy يقول...

كشفت مؤسسة الأقصى لإعمار المقدسات الإسلامية عن وجود مقبرة إسلامية في أم الرشراش، المسماة صهيونياً "إيلات"، تحتوي على رفات أموات مسلمين وجماجم وعظام، بالإضافة إلى رفات أموات دفنوا بشكل جماعي، بعضهم في ملابسه العسكرية كما يبدو، وقد عُثر في ملابسهم على أجزاء من القرآن الكريم، وأسلحة بيضاء.
وقد استصدرت "مؤسسة الأقصى لإعمار المقدسات الإسلامية" أمراً احترازياً شاملاً ومؤقتاً، من محكمة الصلح في أم الرشراش يمنع تنفيذ أي عمل في المقبرة الإسلامية.
وأصدرت مؤسسة الأقصى بياناً مفصلاً حول تسلسل أحداث الكشف عن المقبرة الإسلامية في أم الرشراش، وجاء في البيان أنّ معلومات وصلت إلى رئيس مؤسسة الأقصى الشيخ علي أبو شيخة، تفيد بأنه تم العثور على رفات لعدة أموات مسلمين في موقع تقوم بلدية أم الرشراش الصهيونية، بعمليات حفر فيه، لتوسيع مقبرة يُدفن فيها اليهود والغرباء من غير اليهود، وعلى الفور توجه طاقم من "مؤسسة الأقصى" إلى هناك.
وفي ساعات الصباح من يوم الجمعة الماضي (28/12) تواجد الطاقم في الموقع المحدد، ليكتشف وجود مقبرة إسلامية، فيها العديد من رفات الأموات والجماجم والهياكل العظمية. وتم العثور أيضاً داخل المقبرة الإسلامية، على مقبرة جماعية لأموات مسلمين، حيث وُجدت نسخة لأجزاء من القرآن الكريم في موقع الدفن لرفات أموات المسلمين، وبقايا لباس وأحذية، ويبدو أنه لباس عسكري. كما تم الكشف عن عظام كثيرة متناثرة في محيط المقبرة الإسلامية. وعلى الفور قام طاقم "مؤسسة الأقصى" بتوثيق ما وجد في المقبرة الإسلامية والمقبرة الجماعية بالصورة الفوتوغرافية والفيديو.
وأوضحت المؤسسة أنه قد توفرت معلومات أولية لدى طاقمها أفادت أنّ بلدية الاحتلال في أم الرشراش تقوم بأعمال توسعة لمقبرة يُدفن فيها اليهود وقسيمة يدفن فيها غير اليهود، وأنّ أحد عمال المقاولة "المتعهد" خلال عمله بالجرافة، عثر على عظام ورفات أموات في المكان بالإضافة إلى سكين وشبرية. ورجحت مصادر في حينه أن يكون رفات الأموات عائداً إلى مسلمين، ورغم ذلك واصلت البلدية الحفر بشكل طبيعي.
وواصل طاقم "مؤسسة الأقصى" معاينته لرفات الأموات وملابسهم وأحذيتهم، بعد أن تأكد أنّ سلطات الاحتلال تواصل نبش القبور الإسلامية وانتهاك حرمتها، وتبيّن أنّ الملابس والأحذية هي ملابس عسكرية، وأنّ هناك شكوكاً بأنه تم إعدام عدد من المسلمين في الموقع إما شنقاً أو رمياً بالرصاص، ومن ثم تمّ دفنهم بشكل جماعي. وما يؤشر إلى ذاك أنّ الرفات في المقبرة الجماعية موضوع بعضه فوق بعض بالملابس والحوائج الكاملة، دون معرفة ملابسات الحدث وهوية الأموات المسلمين.
وطالبت "مؤسسة الأقصى" جميع الجهات العربية والمؤسسات الرسمية والشعبية في الدول العربية والإسلامية، بإيصال أي معلومة متوفرة لديها تفيد بالتعرف على ملابسات ما وُجد في المقبرة الإسلامية، وبضمنها المقبرة الجماعية من أموات مسلمين وهوياتهم والأحداث التي وقعت في الموقع نفسه أو القريبة منه، وسبب موتهم أو قتلهم ومن ثم دفنهم في هذا الموقع.
من جهته؛ قال المحامي محمد سليمان؛ إنه "مع اكتشاف العظام ورفات الأموات والتوجه إلى القضاء استطعنا التأكيد، أنّ الحديث يدور حول مقبرة إسلامية مدفون فيها مسلمون، وبناء عليه تم استصدار أمر يمنع كل عمل في المقبرة ومحيطها، والقرار يعتبر مهماً جداً"، حسب تقديره.
وأكد سليمان أنه "لولا سرعة تحرك مؤسسة الأقصى وجولاتها الميدانية في موقع المقبرة الإسلامية، لأخفت المؤسسة (سلطات الاحتلال الصهيونية) جميع الأدلة والبراهين التي تثبت وجود رفات أموات مسلمين في المقبرة الإسلامية"، وفق قوله.

salem elkotamy يقول...

ولد جمال عبد الناصر في ١٥ يناير ١٩١٨ في ١٨ شارع قنوات في حي باكوس الشعبي بالإسكندرية .

كان جمال عبد الناصر الابن الأكبر لعبد الناصر حسين الذي ولد في عام ١٨٨٨ في قرية بني مر في صعيد مصر في أسره من الفلاحين، ولكنه حصل على قدر من التعليم سمح له بأن يلتحق بوظيفة في مصلحة البريد بالإسكندرية، وكان مرتبه يكفى بصعوبة لسداد ضرورات الحياة .

جمال عبد الناصر فى المرحلة الابتدائية:
التحق جمال عبد الناصر بروضة الأطفال بمحرم بك بالإسكندرية، ثم التحق بالمدرسة الابتدائية بالخطاطبه في عامي ١٩٢٣ ، ١٩٢٤ .

وفى عام ١٩٢٥ دخل جمال مدرسة النحاسين الابتدائية بالجمالية بالقاهرة وأقام عند عمه خليل حسين في حي شعبي لمدة ثلاث سنوات، وكان جمال يسافر لزيارة أسرته بالخطاطبه في العطلات المدرسية، وحين وصل في الإجازة الصيفية في العام التالي – ١٩٢٦ – علم أن والدته قد توفيت قبل ذلك بأسابيع ولم يجد أحد الشجاعة لإبلاغه بموتها، ولكنه اكتشف ذلك بنفسه بطريقة هزت كيانه – كما ذكر لـ "دافيد مورجان" مندوب صحيفة "الصنداى تايمز" – ثم أضاف: "لقد كان فقد أمي في حد ذاته أمراً محزناً للغاية، أما فقدها بهذه الطريقة فقد كان صدمة تركت في شعوراً لا يمحوه الزمن. وقد جعلتني آلامي وأحزاني الخاصة في تلك الفترة أجد مضضاً بالغاً في إنزال الآلام والأحزان بالغير في مستقبل السنين ".

وبعد أن أتم جمال السنة الثالثة في مدرسة النحاسين بالقاهرة، أرسله والده في صيف ١٩٢٨ عند جده لوالدته فقضى السنة الرابعة الابتدائية في مدرسة العطارين بالإسكندرية .

جمال عبد الناصر فى المرحلة الثانوية:


عبد الناصر اثناء دراسته فى مدرسة حلوان الثانوية


التحق جمال عبد الناصر في عام ١٩٢٩ بالقسم الداخلي في مدرسة حلوان الثانوية وقضى بها عاماً واحداً، ثم نقل في العام التالي – ١٩٣٠ – إلى مدرسة رأس التين الثانوية بالإسكندرية بعد أن انتقل والده إلى العمل بمصلحة البوسطة هناك .



وفى تلك المدرسة تكون وجدان جمال عبد الناصر القومي؛ ففي عام ١٩٣٠ استصدرت وزارة إسماعيل صدقي مرسوماً ملكياً بإلغاء دستور ١٩٢٣ فثارت مظاهرات الطلبة تهتف بسقوط الاستعمار وبعودة الدستور.

ويحكى جمال عبد الناصر عن أول مظاهرة اشترك فيها: "كنت أعبر ميدان المنشية في الإسكندرية حين وجدت اشتباكاً بين مظاهرة لبعض التلاميذ وبين قوات من البوليس، ولم أتردد في تقرير موقفي؛ فلقد انضممت على الفور إلى المتظاهرين، دون أن أعرف أي شئ عن السبب الذي كانوا يتظاهرون من أجله، ولقد شعرت أنني في غير حاجة إلى سؤال؛ لقد رأيت أفراداً من الجماهير في صدام مع السلطة، واتخذت موقفي دون تردد في الجانب المعادى للسلطة.

ومرت لحظات سيطرت فيها المظاهرة على الموقف، لكن سرعان ما جاءت إلى المكان الإمدادات؛ حمولة لوريين من رجال البوليس لتعزيز القوة، وهجمت علينا جماعتهم، وإني لأذكر أنى – في محاولة يائسة – ألقيت حجراً، لكنهم أدركونا في لمح البصر، وحاولت أن أهرب، لكنى حين التفت هوت على رأسي عصا من عصى البوليس، تلتها ضربة ثانية حين سقطت، ثم شحنت إلى الحجز والدم يسيل من رأسي مع عدد من الطلبة الذين لم يستطيعوا الإفلات بالسرعة الكافية.

ولما كنت في قسم البوليس، وأخذوا يعالجون جراح رأسي؛ سألت عن سبب المظاهرة، فعرفت أنها مظاهرة نظمتها جماعة مصر الفتاة في ذلك الوقت للاحتجاج على سياسة الحكومة.

وقد دخلت السجن تلميذاً متحمساً، وخرجت منه مشحوناً بطاقة من الغضب". (حديث عبد الناصر مع "دافيد مورجان" مندوب "صحيفة الصنداى تايمز" ١٨/٦/١٩٦٢) .

ويعود جمال عبد الناصر إلى هذه الفترة من حياته في خطاب له بميدان المنشية بالإسكندرية في ٢٦/١٠/١٩٥٤ ليصف أحاسيسه في تلك المظاهرة وما تركته من آثار في نفسه: "حينما بدأت في الكلام اليوم في ميدان المنشية. سرح بي الخاطر إلى الماضي البعيد ... وتذكرت كفاح الإسكندرية وأنا شاب صغير وتذكرت في هذا الوقت وأنا اشترك مع أبناء الإسكندرية، وأنا أهتف لأول مرة في حياتي باسم الحرية وباسم الكرامة، وباسم مصر... أطلقت علينا طلقات الاستعمار وأعوان الاستعمار فمات من مات وجرح من جرح، ولكن خرج من بين هؤلاء الناس شاب صغير شعر بالحرية وأحس بطعم الحرية، وآلي على نفسه أن يجاهد وأن يكافح وأن يقاتل في سبيل الحرية التي كان يهتف بها ولا يعلم معناها؛ لأنه كان يشعر بها في نفسه، وكان يشعر بها في روحه وكان يشعر بها في دمه". لقد كانت تلك الفترة بالإسكندرية مرحلة تحول في حياة الطالب جمال من متظاهر إلى ثائر تأثر بحالة الغليان التي كانت تعانى منها مصر بسبب


مقال كتبه جمال عبد الناصر بعنوان "فولتير رجل الحرية"

تحكم الاستعمار وإلغاء الدستور. وقد ضاق المسئولون بالمدرسة بنشاطه ونبهوا والده فأرسله إلى القاهرة.

وقد التحق جمال عبد الناصر في عام ١٩٣٣ بمدرسة النهضة الثانوية بحي الظاهر بالقاهرة، واستمر في نشاطه السياسي فأصبح رئيس اتحاد مدارس النهضة الثانوية.

وفى تلك الفترة ظهر شغفه بالقراءة في التاريخ والموضوعات الوطنية فقرأ عن الثورة الفرنسية وعن "روسو" و"فولتير" وكتب مقالة بعنوان "فولتير رجل الحرية" نشرها بمجلة المدرسة. كما قرأ عن "نابليون" و"الإسكندر" و"يوليوس قيصر" و"غاندى" وقرأ رواية البؤساء لـ "فيكتور هيوجو" وقصة مدينتين لـ "شارلز ديكنز".(الكتب التي كان يقرأها عبد الناصر في المرحلة الثانوية). (الكتب التي كان يقرأها عبد الناصر في المرحلة الثانوية).

كذلك اهتم بالإنتاج الأدبي العربي فكان معجباً بأشعار أحمد شوقي وحافظ إبراهيم، وقرأ عن سيرة النبي محمد وعن أبطال الإسلام وكذلك عن مصطفى كامل، كما قرأ مسرحيات وروايات توفيق الحكيم خصوصاً رواية عودة الروح التي تتحدث عن ضرورة ظهور زعيم للمصريين يستطيع توحيد صفوفهم ودفعهم نحو النضال في سبيل الحرية والبعث الوطني.




الحفلة التمثيلية لمدارس النهضة المصرية تعرض مسرحية يوليوس قيصر ..

وفى ١٩٣٥ في حفل مدرسة النهضة الثانوية لعب الطالب جمال عبد الناصر دور "يوليوس قيصر" بطل تحرير الجماهير في مسرحية "شكسبير" في حضور وزير المعارف في ذلك الوقت.

وقد شهد عام ١٩٣٥ نشاطاً كبيراً للحركة الوطنية المصرية التي لعب فيها الطلبة الدور الأساسي مطالبين بعودة الدستور والاستقلال، ويكشف خطاب من جمال عبد الناصر إلى صديقه حسن النشار في ٤ سبتمبر ١٩٣٥ مكنون نفسه في هذه الفترة، فيقول: "لقد انتقلنا من نور الأمل إلى ظلمة اليأس ونفضنا بشائر الحياة واستقبلنا غبار الموت، فأين من يقلب كل ذلك رأساً على عقب، ويعيد مصر إلى سيرتها الأولى يوم أن كانت مالكة العالم. أين من يخلق خلفاً جديداً لكي يصبح المصري الخافت الصوت الضعيف الأمل الذي يطرق برأسه ساكناً صابراً على اهتضام حقه ساهياً عن التلاعب بوطنه يقظاً عالي الصوت عظيم الرجاء رافعاً رأسه يجاهد بشجاعة وجرأه في طلب الاستقلال والحرية... قال مصطفى كامل ' لو نقل قلبي من اليسار إلى اليمين أو تحرك الأهرام من مكانه المكين أو تغير مجرى [النيل] فلن أتغير عن المبدأ ' ... كل ذلك مقدمة طويلة لعمل أطول وأعظم فقد تكلمنا مرات عده في عمل يوقظ الأمة من غفوتها ويضرب على الأوتار الحساسة من القلوب ويستثير ما كمن في الصدور. ولكن كل ذلك لم يدخل في حيز العمل إلى الآن".(خطاب عبد الناصر لحسن النشار... ٤/٩/١٩٣٥).


خطاب عبد الناصر لحسن النشار عن الحركة الوطنية بين الطلبة لعودة الدستور والاستقلال

ووبعد ذلك بشهرين وفور صدور تصريح "صمويل هور" – وزير الخارجية البريطانية – في ٩ نوفمبر١٩٣٥ معلناً رفض بريطانيا لعودة الحياة الدستورية في مصر، اندلعت مظاهرات الطلبة والعمال في البلاد، وقاد جمال عبد الناصر في ١٣ نوفمبر مظاهرة من تلاميذ المدارس الثانوية واجهتها قوة من البوليس الإنجليزي فأصيب جمال بجرح في جبينه سببته رصاصة مزقت الجلد ولكنها لم تنفذ إلى الرأس، وأسرع به زملاؤه إلى دار جريدة الجهاد التي تصادف وقوع الحادث بجوارها ونشر اسمه في العدد الذي صدر صباح اليوم التالي بين أسماء الجرحى. (مجلة الجهاد ١٩٣٥).

وعن آثار أحداث تلك الفترة في نفسية جمال عبد الناصر قال في كلمة له في جامعة القاهرة في ١٥ نوفمبر ١٩٥٢: "وقد تركت إصابتي أثراً عزيزاً لا يزال يعلو وجهي فيذكرني كل يوم بالواجب الوطني الملقى على كاهلي كفرد من أبناء هذا الوطن العزيز. وفى هذا اليوم وقع صريع الظلم والاحتلال المرحوم عبد المجيد مرسى فأنساني ما أنا مصاب به، ورسخ في نفسي أن على واجباً أفنى في سبيله أو أكون أحد العاملين في تحقيقه حتى يتحقق؛ وهذا الواجب هو تحرير الوطن من الاستعمار، وتحقيق سيادة الشعب. وتوالى بعد ذلك سقوط الشهداء صرعى؛ فازداد إيماني بالعمل على تحقيق حرية مصر".

وتحت الضغط الشعبي وخاصة من جانب الطلبة والعمال صدر مرسوم ملكي في ١٢ ديسمبر ١٩٣٥ بعودة دستور ١٩٢٣.


مجلة الجهاد تنشر أسماء الجرحى فى مظاهرات نوفمبر

وقد انضم جمال عبد الناصر في هذا الوقت إلى وفود الطلبة التي كانت تسعى إلى بيوت الزعماء تطلب منهم أن يتحدوا من أجل مصر، وقد تألفت الجبهة الوطنية سنة ١٩٣٦ بالفعل على أثر هذه الجهود.

وقد كتب جمال في فترة الفوران هذه خطاباً إلى حسن النشار في ٢ سبتمبر ١٩٣٥ قال فيه: "يقول الله تعالى: وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة، فأين تلك القوة التي نستعد بها لهم؛ إن الموقف اليوم دقيق ومصر في موقف أدق...".

ووصف جمال عبد الناصر شعوره في كتاب "فلسفة الثورة" فقال: "وفى تلك الأيام قدت مظاهرة في مدرسة النهضة، وصرخت من أعماقي بطلب الاستقلال التام، وصرخ ورائي كثيرون، ولكن صراخنا ضاع هباء وبددته الرياح أصداء واهية لا تحرك الجبال ولا تحطم الصخور".

إلا أن اتحاد الزعماء السياسيين على كلمة واحدة كان فجيعة لإيمان جمال عبد الناصر، على حد تعبيره في كتاب "فلسفة الثورة"، فإن الكلمة الواحدة التي اجتمعوا عليها كانت معاهدة ١٩٣٦ التي قننت الاحتلال، فنصت على أن تبقى في مصر قواعد عسكرية لحماية وادي النيل وقناة السويس من أي اعتداء، وفى حال وقوع حرب تكون الأراضي المصرية بموانيها ومطاراتها وطرق مواصلاتها تحت تصرف بريطانيا، كما نصت المعاهدة على بقاء الحكم الثنائي في السودان.

وكان من نتيجة النشاط السياسي المكثف لجمال عبد الناصر في هذه الفترة الذي رصدته تقارير البوليس أن قررت مدرسة النهضة فصله بتهمة تحريضه الطلبة على الثورة، إلا أن زملائه ثاروا وأعلنوا الإضراب العام وهددوا بحرق المدرسة فتراجع ناظر المدرسة في قراره.

ومنذ المظاهرة الأولى التي اشترك فيها جمال عبد الناصر بالإسكندرية شغلت السياسة كل وقته، وتجول بين التيارات السياسية التي كانت موجودة في هذا الوقت فانضم إلى مصر الفتاة لمدى عامين، ثم انصرف عنها بعد أن اكتشف أنها لا تحقق شيئاً، كما كانت له اتصالات متعددة بالإخوان المسلمين إلا أنه قد عزف عن الانضمام لأي من الجماعات أو الأحزاب القائمة لأنه لم يقتنع بجدوى أياً منها ،"فلم يكن هناك حزب مثالي يضم جميع العناصر لتحقيق الأهداف الوطنية".

كذلك فإنه وهو طالب في المرحلة الثانوية بدأ الوعي العربي يتسلل إلى تفكيره، فكان يخرج مع زملائه كل عام في الثاني من شهر نوفمبر احتجاجاً على وعد "بلفور" الذي منحت به بريطانيا لليهود وطناً في فلسطين على حساب أصحابه الشرعيين.

جمال عبد الناصر ضابطاً:

عبد الناصر وهو فى طالب فى الكلية الحربية بعد ان انتقل اليها من كلية الحقوق

لما أتم جمال عبد الناصر دراسته الثانوية وحصل على البكالوريا في القسم الأدبي قرر الالتحاق بالجيش، ولقد أيقن بعد التجربة التي مر بها في العمل السياسي واتصالاته برجال السياسة والأحزاب التي أثارت اشمئزازه منهم أن تحرير مصر لن يتم بالخطب بل يجب أن تقابل القوة بالقوة والاحتلال العسكري بجيش وطني.

تقدم جمال عبد الناصر إلى الكلية الحربية فنجح في الكشف الطبي ولكنه سقط في كشف الهيئة لأنه حفيد فلاح من بني مر وابن موظف بسيط لا يملك شيئاً، ولأنه اشترك في مظاهرات ١٩٣٥، ولأنه لا يملك واسطة.

ولما رفضت الكلية الحربية قبول جمال، تقدم في أكتوبر ١٩٣٦ إلى كلية الحقوق في جامعة القاهرة ومكث فيها ستة أشهر إلى أن عقدت معاهدة ١٩٣٦ واتجهت النية إلى زيادة عدد ضباط الجيش المصري من الشباب بصرف النظر عن طبقتهم الاجتماعية أو ثروتهم، فقبلت الكلية الحربية دفعة في خريف ١٩٣٦ وأعلنت وزارة الحربية عن حاجتها لدفعة ثانية، فتقدم جمال مرة ثانية للكلية الحربية ولكنه توصل إلى مقابلة وكيل وزارة الحربية اللواء إبراهيم خيري الذي أعجب بصراحته ووطنيته وإصراره على أن يصبح ضابطاً فوافق على دخوله في الدورة التالية؛ أي في مارس ١٩٣٧.

لقد وضع جمال عبد الناصر أمامه هدفاً واضحاً في الكلية الحربية وهو "أن يصبح ضابطاً ذا كفاية وأن يكتسب المعرفة والصفات التي تسمح له بأن يصبح قائداً"، وفعلاً أصبح "رئيس فريق"، وأسندت إليه منذ أوائل ١٩٣٨ مهمة تأهيل الطلبة المستجدين الذين كان من بينهم عبد الحكيم عامر. وطوال فترة الكلية لم يوقع على جمال أي جزاء، كما رقى إلى رتبة أومباشى طالب.


الملازم ثان عبد الناصر

تخرج جمال عبد الناصر من الكلية الحربية بعد مرور ١٧ شهراً، أي في يوليه ١٩٣٨، فقد جرى استعجال تخريج دفعات الضباط في ذلك الوقت لتوفير عدد كافي من الضباط المصريين لسد الفراغ الذي تركه انتقال القوات البريطانية إلى منطقة قناة السويس.

وقد كانت مكتبة الكلية الحربية غنية بالكتب القيمة، فمن لائحة الاستعارة تبين أن جمال قرأ عن سير عظماء التاريخ مثل "بونابرت" و"الإسكندر" و"جاليباردى" و"بسمارك" و"مصطفى كمال أتاتورك" و"هندنبرج" و"تشرشل" و"فوش". كما قرأ الكتب التي تعالج شئون الشرق الأوسط والسودان ومشكلات الدول التي على البحر المتوسط والتاريخ العسكري. وكذلك قرأ عن الحرب العالمية الأولى وعن حملة فلسطين، وعن تاريخ ثورة ١٩١٩.(الكتب التى كان يقرأها عبد الناصر فى الكلية الحربية).

التحق جمال عبد الناصر فور تخرجه بسلاح المشاة ونقل إلى منقباد في الصعيد، وقد أتاحت له إقامته هناك أن ينظر بمنظار جديد إلى أوضاع الفلاحين وبؤسهم. وقد التقى في منقباد بكل من زكريا محيى الدين وأنور السادات.

وفى عام ١٩٣٩ طلب جمال عبد الناصر نقله إلى السودان، فخدم في الخرطوم وفى جبل الأولياء، وهناك قابل زكريا محيى الدين وعبد الحكيم عامر. وفى مايو ١٩٤٠ رقى إلى رتبة الملازم أول.


عبد الناصر مع الحامية المصرية بالسودان


لقد كان الجيش المصري حتى ذلك الوقت جيشاً غير مقاتل، وكان من مصلحة البريطانيين أن يبقوه على هذا الوضع، ولكن بدأت تدخل الجيش طبقة جديدة من الضباط الذين كانوا ينظرون إلى مستقبلهم في الجيش كجزء من جهاد أكبر لتحرير شعبهم. وقد ذهب جمال إلى منقباد تملؤه المثل العليا، ولكنه ورفقائه أصيبوا بخيبة الأمل فقد كان معظم الضباط "عديمي الكفاءة وفاسدين"، ومن هنا اتجه تفكيره إلى إصلاح الجيش وتطهيره من الفساد. وقد كتب لصديقه حسن النشار في ١٩٤١ من جبل الأولياء بالسودان: "على العموم يا حسن أنا مش عارف ألاقيها منين واللا منين.. هنا في عملي كل عيبي إني دغرى لا أعرف الملق ولا الكلمات الحلوة ولا التمسح بالأذيال.


خطاب عبد الناصر لحسن النشار عن وضع الجيش فى جبل الأولياء فى السودان

شخص هذه صفاته يحترم من الجميع ولكن.. الرؤساء. الرؤساء يا حسن يسوءهم ذلك الذي لا يسبح بحمدهم.. يسوءهم ذلك الذي لا يتملق إليهم.. فهذه كبرياء وهم شبوا على الذلة في كنف الاستعمار.. يقولون.. كما كنا يجب أن يكونوا. كما رأينا يجب أن يروا.. والويل كل الويل لذلك... الذي تأبى نفسه السير على منوالهم... ويحزنني يا حسن أن أقول إن هذا الجيل الجديد قد أفسده الجيل القديم متملقاً.. ويحزنني يا حسن أن أقول أننا نسير إلى الهاوية – الرياء – النفاق الملق - تفشى في الأصاغر نتيجة لمعاملة الكبار. أما أنا فقد صمدت ولازلت، ولذلك تجدني في عداء مستحكم مستمر مع هؤلاء الكبار...". (خطاب عبد الناصر لحسن النشار..١٩٤١ ... ينشر لأول مرة)

وفى نهاية عام ١٩٤١ بينما كان "روميل" يتقدم نحو الحدود المصرية الغربية عاد جمال عبد الناصر إلى مصر ونقل إلى كتيبة بريطانية تعسكر خلف خطوط القتال بالقرب من العلمين.

ويذكر جمال عبد الناصر: "في هذه المرحلة رسخت فكرة الثورة في ذهني رسوخاً تاماً، أما السبيل إلى تحقيقها فكانت لا تزال بحاجة إلى دراسة، وكنت يومئذ لا أزال أتحسس طريقي إلى ذلك، وكان معظم جهدي في ذلك الوقت يتجه إلى تجميع عدد كبير من الضباط الشبان الذين أشعر أنهم يؤمنون في قراراتهم بصالح الوطن؛ فبهذا وحده كنا نستطيع أن نتحرك حول محور واحد هو خدمة هذه القضية المشتركة".

وأثناء وجوده في العلمين جرت أحداث ٤ فبراير ١٩٤٢ حينما توجه السفير البريطاني – "السير مايلز لامسبون" – ليقابل الملك فاروق بسراي عابدين في القاهرة بعد أن حاصر القصر بالدبابات البريطانية، وسلم الملك إنذاراً يخيره فيه بين إسناد رئاسة الوزراء إلى مصطفى النحاس مع إعطائه الحق في تشكيل مجلس وزراء متعاون مع بريطانيا وبين الخلع، وقد سلم الملك بلا قيد ولا شرط.

ويذكر جمال عبد الناصر أنه منذ ذلك التاريخ لم يعد شئ كما كان أبداً، فكتب إلى صديقه حسن النشار في ١٦ فبراير ١٩٤٢ يقول: "وصلني جوابك، والحقيقة أن ما به جعلني أغلى غلياناً مراً، وكنت على وشك الانفجار من الغيظ، ولكن ما العمل بعد أن وقعت الواقعة وقبلناها مستسلمين خاضعين خائفين. والحقيقة أنى أعتقد أن الإنجليز كانوا يلعبون بورقة واحده في يدهم بغرض التهديد فقط، ولكن لو كانوا أحسوا أن بعض المصريين ينوون التضحية بدمائهم ويقابلوا القوة بالقوة لانسحبوا كأي امرأة من العاهرات.

أما نحن. أما الجيش فقد كان لهذا الحادث تأثير جديد على الوضع والإحساس فيه، فبعد أن كنت ترى الضباط لا يتكلمون إلا عن النساء واللهو، أصبحوا يتكلمون عن التضحية والاستعداد لبذل النفوس في سبيل الكرامة.


خطاب عبد الناصر لحسن النشار يبرز فيه موقفه من أحداث ٤ فبراير ١٩٤٢

وأصبحت تراهم وكلهم ندم لأنهم لم يتدخلوا – مع ضعفهم الظاهر – ويردوا للبلاد كرامتها ويغسلوها بالدماء.. ولكن إن غداً لقريب.. حاول البعض بعد الحادث أن يعملوا شئ بغرض الانتقام، لكن كان الوقت قد فات أما القلوب فكلها نار وأسى. عموماً فإن هذه الحركة أو هذه الطعنة ردت الروح إلى بعض الأجساد وعرفتهم أن هناك كرامة يجب أن يستعدوا للدفاع عنها، وكان هذا درساً ولكنه كان درساً قاسياً". (خطاب عبد الناصر لحسن النشار... ١٦/٢/١٩٤٢).

ررقى جمال عبد الناصر إلى رتبة اليوزباشى (نقيب) في ٩ سبتمبر ١٩٤٢. وفى ٧ فبراير ١٩٤٣ عين مدرساً بالكلية الحربية. ومن قائمة مطالعاته في هذه الفترة يتضح أنه قرأ لكبار المؤلفين العسكريين من أمثال "ليدل هارت" و"كلاوزفيتز"، كما قرأ مؤلفات الساسة والكتاب السياسيين مثل "كرومويل" و"تشرشل". وفى هذه الفترة كان جمال عبد الناصر يعد العدة للالتحاق بمدرسة أركان حرب.

وفى ٢٩ يونيه ١٩٤٤ تزوج جمال عبد الناصر من تحية محمد كاظم – ابنة تاجر من رعايا إيران – كان قد تعرف على عائلتها عن طريق عمه خليل حسين، وقد أنجب ابنتيه هدى ومنى وثلاثة أبناء هم خالد وعبد الحميد وعبد الحكيم. لعبت تحية دوراً هاماً في حياته خاصة في مرحلة الإعداد للثورة واستكمال خلايا تنظيم الضباط الأحرار، فقد تحملت أعباء أسرته الصغيرة - هدى ومنى - عندما كان في حرب فلسطين، كما ساعدته في إخفاء السلاح حين كان يدرب الفدائيين المصريين للعمل ضد القاعدة البريطانية في قناة السويس في ١٩٥١، ١٩٥٢.

تنظيم الضباط الأحرار:
شهد عام ١٩٤٥ انتهاء الحرب العالمية الثانية وبداية حركة الضباط الأحرار، ويقول جمال عبد الناصر في حديثة إلى "دافيد مورجان": "وقد ركزت حتى ١٩٤٨ على تأليف نواة من الناس الذين بلغ استياؤهم من مجرى الأمور في مصر مبلغ استيائي، والذين توفرت لديهم الشجاعة الكافية والتصميم الكافي للإقدام على التغيير اللازم. وكنا يومئذ جماعة صغيرة من الأصدقاء المخلصين نحاول أن نخرج مثلنا العليا العامة في هدف مشترك وفى خطة مشتركة".

وعقب صدور قرار تقسيم فلسطين في سبتمبر ١٩٤٧ عقد الضباط الأحرار اجتماعاً واعتبروا أن اللحظة جاءت للدفاع عن حقوق العرب ضد هذا الانتهاك للكرامة الإنسانية والعدالة الدولية، واستقر رأيهم على مساعدة المقاومة في فلسطين.

وفى اليوم التالي ذهب جمال عبد الناصر إلى مفتى فلسطين الذي كان لاجئاً يقيم في مصر الجديدة فعرض عليه خدماته وخدمات جماعته الصغيرة كمدربين لفرقة المتطوعين وكمقاتلين معها. وقد أجابه المفتى بأنه لا يستطيع أن يقبل العرض دون موافقة الحكومة المصرية. وبعد بضعة أيام رفض العرض فتقدم بطلب إجازة حتى يتمكن من الانضمام إلى المتطوعين، لكن قبل أن يبت في طلبه أمرت الحكومة المصرية الجيش رسمياً بالاشتراك في الحرب. فسافر جمال إلى فلسطين في ١٦ مايو ١٩٤٨، بعد أن كان قد رقى إلى رتبة صاغ (رائد) في أوائل عام ١٩٤٨.

لقد كان لتجربة حرب فلسطين آثاراً بعيدة على جمال عبد الناصر فعلى حد قولة: "فلم يكن هناك تنسيق بين الجيوش العربية، وكان عمل القيادة على أعلى مستوى في حكم المعدوم، وتبين أن أسلحتنا في كثير من الحالات أسلحة فاسدة، وفى أوج القتال صدرت الأوامر لسلاح المهندسين ببناء شاليه للاستجمام في غزه للملك فاروق.

وقد بدا أن القيادة العليا كانت مهمتها شيئاً واحداً هو احتلال أوسع رقعة ممكنة من الأرض بغض النظر عن قيمتها الإستراتيجية، وبغض النظر عما إذا كانت تضعف مركزنا العام في القدرة على إلحاق الهزيمة بالعدو خلال المعركة أم لا.

وقد كنت شديد الاستياء من ضباط الفوتيلات أو محاربي المكاتب الذين لم تكن لديهم أية فكرة عن ميادين القتال أو عن آلام المقاتلين.

وجاءت القطرة الأخيرة التي طفح بعدها الكيل حين صدرت الأوامر إلىّ بأن أقود قوة من كتيبة المشاة السادسة إلى عراق سويدان التي كان الإسرائيليون يهاجمونها، وقبل أن أبدأ في التحرك نشرت تحركاتنا كاملة في صحف القاهرة. ثم كان حصار الفالوجا الذي عشت معاركه؛ حيث ظلت القوات المصرية تقاوم رغم أن القوات الإسرائيلية كانت تفوقها كثيراً من ناحية العدد حتى انتهت الحرب بالهدنة التي فرضتها الأمم المتحدة " في ٢٤ فبراير ١٩٤٩.

وقد جرح جمال عبد الناصر مرتين أثناء حرب فلسطين ونقل إلى المستشفى. ونظراً للدور المتميز الذي قام به خلال المعركة فإنه منح نيشان "النجمة العسكرية" في عام ١٩٤٩.

وبعد رجوعه إلى القاهرة أصبح جمال عبد الناصر واثقاً أن المعركة الحقيقية هي في مصر، فبينما كان ورفاقه يحاربون في فلسطين كان السياسيون المصريون يكدسون الأموال من أرباح الأسلحة الفاسدة التي اشتروها رخيصة وباعوها للجيش.

وقد أصبح مقتنعاً أنه من الضروري تركيز الجهود لضرب أسرة محمد على؛ فكان الملك فاروق هو هدف تنظيم الضباط الأحرار منذ نهاية ١٩٤٨ وحتى ١٩٥٢.

ووقد كان في نية جمال عبد الناصر القيام بالثورة في ١٩٥٥، لكن الحوادث أملت عليه قرار القيام بالثورة قبل ذلك بكثير.

وبعد عودته من فلسطين عين جمال عبد الناصر مدرساً في كلية أركان حرب التي كان قد نجح في امتحانها بتفوق في ١٢ مايو ١٩٤٨. وبدأ من جديد نشاط الضباط الأحرار وتألفت لجنة تنفيذية بقيادة جمال عبد الناصر، وتضم كمال الدين حسين وعبد الحكيم عامر وحسين إبراهيم وصلاح سالم وعبد اللطيف البغدادي وخالد محيى الدين وأنور السادات وحسين الشافعي وزكريا محيى الدين وجمال سالم، وهى اللجنة التي أصبحت مجلس الثورة فيما بعد عام ١٩٥٠، ١٩٥١.

وفى ٨ مايو ١٩٥١ رقى جمال عبد الناصر إلى رتبة البكباشى (مقدم) وفى نفس العام اشترك مع رفاقه من الضباط الأحرار سراً في حرب الفدائيين ضد القوات البريطانية في منطقة القناة التي استمرت حتى بداية ١٩٥٢، وذلك بتدريب المتطوعين وتوريد السلاح الذي كان يتم في إطار الدعوى للكفاح المسلح من جانب الشباب من كافة الاتجاهات السياسية والذي كان يتم خارج الإطار الحكومي.

وإزاء تطورات الحوادث العنيفة المتوالية في بداية عام ١٩٥٢ اتجه تفكير الضباط الأحرار إلى الاغتيالات السياسية لأقطاب النظام القديم على أنه الحل الوحيد. وفعلاً بدئوا باللواء حسين سرى عامر - أحد قواد الجيش الذين تورطوا في خدمة مصالح القصر – إلا أنه نجا من الموت، وكانت محاولة الاغتيال تلك هي الأولى والأخيرة التي اشترك فيها جمال عبد الناصر، فقد وافقه الجميع على العدول عن هذا الاتجاه، وصرف الجهود إلى تغيير ثوري إيجابي.

ومع بداية مرحلة التعبئة الثورية، صدرت منشورات الضباط الأحرار التي كانت تطبع وتوزع سراً. والتي دعت إلى إعادة تنظيم الجيش وتسليحه وتدريبه بجدية بدلاً من اقتصاره على الحفلات والاستعراضات، كما دعت الحكام إلى الكف عن تبذير ثروات البلاد ورفع مستوى معيشة الطبقات الفقيرة، وانتقدت الاتجار في الرتب والنياشين. وفى تلك الفترة اتسعت فضيحة الأسلحة الفاسدة إلى جانب فضائح اقتصادية تورطت فيها حكومة الوفد.

ثم حدث حريق القاهرة في ٢٦ يناير ١٩٥٢ بعد اندلاع المظاهرات في القاهرة احتجاجاً على مذبحة رجال البوليس بالإسماعيلية التي ارتكبتها القوات العسكرية البريطانية في اليوم السابق، والتي قتل فيها ٤٦ شرطياً وجرح ٧٢. لقد أشعلت الحرائق في القاهرة ولم تتخذ السلطات أي إجراء ولم تصدر الأوامر للجيش بالنزول إلى العاصمة إلا في العصر بعد أن دمرت النار أربعمائة مبنى، وتركت ١٢ ألف شخص بلا مأوى، وقد بلغت الخسائر ٢٢ مليون جنيهاً.

وفى ذلك الوقت كان يجرى صراعاً سافراً بين الضباط الأحرار وبين الملك فاروق فيما عرف بأزمة انتخابات نادي ضباط الجيش. حيث رشح الملك اللواء حسين سرى عامر المكروه من ضباط الجيش ليرأس اللجنة التنفيذية للنادي، وقرر الضباط الأحرار أن يقدموا قائمة مرشحيهم وعلى رأسهم اللواء محمد نجيب للرياسة، وقد تم انتخابه بأغلبية كبرى وبرغم إلغاء الانتخاب بتعليمات من الملك شخصياً، إلا أنه كان قد ثبت للضباط الأحرار أن الجيش معهم يؤيدهم ضد الملك، فقرر جمال عبد الناصر – رئيس الهيئة التأسيسية للضباط الأحرار – تقديم موعد الثورة التي كان محدداً لها قبل ذلك عام ١٩٥٥، وتحرك الجيش ليلة ٢٣ يوليو ١٩٥٢ وتم احتلال مبنى قيادة الجيش بكوبري القبة وإلقاء القبض على قادة الجيش الذين كانوا مجتمعين لبحث مواجهة حركة الضباط الأحرار بعد أن تسرب خبر عنها .

وبعد نجاح حركة الجيش قدم محمد نجيب على أنه قائد الثورة - وكان الضباط الأحرار قد فاتحوه قبلها بشهرين في احتمال انضمامه إليهم إذا ما نجحت المحاولة - إلا أن السلطة الفعلية كانت في يد مجلس قيادة الثورة الذي كان يرأسه جمال عبد الناصر حتى ٢٥ أغسطس ١٩٥٢ عندما صدر قرار من مجلس قيادة الثورة بضم محمد نجيب إلى عضوية المجلس وأسندت إليه رئاسته بعد أن تنازل له عنها جمال عبد الناصر.

بيان الثورة:
وفى صباح يوم ٢٣ يوليه وبعد احتلال دار الإذاعة تمت إذاعة بيان الثورة التالي:
"اجتازت مصر فترة عصيبة في تاريخها الأخير من الرشوة والفساد وعدم استقرار الحكم، وقد كان لكل هذه العوامل تأثير كبير على الجيش، وتسبب المرتشون والمغرضون في هزيمتنا في حرب فلسطين، وأما فترة ما بعد الحرب فقد تضافرت فيها عوامل الفساد، وتآمر الخونة على الجيش، وتولى أمره إما جاهل أو فاسد حتى تصبح مصر بلا جيش يحميها، وعلى ذلك فقد قمنا بتطهير أنفسنا، وتولى أمرنا في داخل الجيش رجال نثق في قدرتهم وفى خُلقهم وفى وطنيتهم، ولا بد أن مصر كلها ستتلقى هذا الخبر بالابتهاج والترحيب.

أما من رأينا اعتقالهم من رجال الجيش السابقين فهؤلاء لن ينالهم ضرر، وسيطلق سراحهم في الوقت المناسب، وإني أؤكد للشعب المصري أن الجيش اليوم كله أصبح يعمل لصالح الوطن في ظل الدستور مجرداً من أية غاية، وأنتهز هذه الفرصة فأطلب من الشعب ألا يسمح لأحد من الخونة بأن يلجأ لأعمال التخريب أو العنف؛ لأن هذا ليس في صالح مصر، وإن أي عمل من هذا القبيل سيقابل بشدة لم يسبق لها مثيل وسيلقى فاعله جزاء الخائن في الحال، وسيقوم الجيش بواجبه هذا متعاوناً مع البوليس، وإني أطمئن إخواننا الأجانب على مصالحهم وأرواحهم وأموالهم، ويعتبر الجيش نفسه مسئولاً عنهم، والله ولى التوفيق".

وبعد نجاح الثورة بثلاثة أيام – أي في ٢٦ يوليه – أجبر الملك فاروق على التنازل عن العرش لابنه أحمد فؤاد ومغادرة البلاد. وفى اليوم التالي أعيد انتخاب جمال عبد الناصر رئيساً للهيئة التأسيسية للضباط الأحرار.

وفى ١٨ يونيه ١٩٥٣ صدر قرار من مجلس قيادة الثورة بإلغاء الملكية وإعلان الجمهورية، وبإسناد رئاسة الجمهورية إلى محمد نجيب إلى جانب رئاسته للوزارة التي شغلها منذ ٧ سبتمبر ١٩٥٢، أما جمال عبد الناصر فقد تولى أول منصباً عاماً كنائب رئيس الوزراء ووزير للداخلية في هذه الوزارة التي تشكلت بعد إعلان الجمهورية. وفى الشهر التالي ترك جمال عبد الناصر منصب وزير الداخلية – الذي تولاه زكريا محيى الدين – واحتفظ بمنصب نائب رئيس الوزراء.(قرار المجلس بإلغاء الملكية) .


قرار المجلس بإلغاء الملكية



تعيين جمال عبد الناصر رئيساً لمجلس قيادة الثورة:
وفى فبراير ١٩٥٤ استقال محمد نجيب بعد أن اتسعت الخلافات بينه وبين أعضاء مجلس قيادة الثورة، وعين جمال عبد الناصر رئيساً لمجلس قيادة الثورة ورئيساً لمجلس الوزراء. وفيما يلي البيان الذي أذاعه المجلس بأسباب ذلك الخلاف في ٢٥ فبراير ١٩٥٤:

"أيها المواطنون

"لم يكن هدف الثورة التي حمل لواءها الجيش يوم ٢٣ يوليه سنة ١٩٥٢ أن يصل فرد أو أفراد إلى حكم أو سلطان أو أن يحصل كائن من كان على مغنم أو جاه، بل يشهد الله أن هذه الثورة ما قامت إلا لتمكين المُثل العليا في البلاد بعد أن افتقدتها طويلاً نتيجة لعهود الفساد والانحلال.

لقد قامت في وجه الثورة منذ اللحظة الأولى عقبات قاسية عولجت بحزم دون نظر إلى مصلحة خاصة لفرد أو جماعة، وبهذا توطدت أركانها واطرد تقدمها في سبيل بلوغ غاياتها.

ولا شك أنكم تقدرون خطورة ما أقيم في وجه الثورة من صعاب، خاصة والبلاد ترزح تحت احتلال المستعمر الغاصب لجزء من أراضيها، وكانت مهمة مجلس قيادة الثورة في خلال هذه الفترة غاية في القسوة والخطورة، حمل أفراد المجلس تلك التبعة الملقاة على عاتقهم ورائدهم الوصول بأمتنا العزيزة إلى بر الأمان مهما كلفهم هذا من جهد وبذل.

ومما زاد منذ اللحظة الأولى في قسوة وخطورة هذه التبعة الملقاة على أعضاء مجلس قيادة الثورة أنهم كانوا قد قرروا وقت تدبيرهم وتحضيرهم للثورة في الخفاء قبل قيامهم أن يقدموا للشعب قائداً للثورة من غير أعضاء مجلس قيادتهم وكلهم من الشبان، واختاروا فعلاً فيما بينهم اللواء أركان حرب محمد نجيب ليقدم قائداً للثورة، وكان بعيداً عن صفوفهم، وهذا أمر طبيعي للتفاوت الكبير بين رتبته ورتبهم، وسنه وسنهم، وكان رائدهم في هذا الاختيار سمعته الحسنة الطيبة وعدم تلوثه بفساد قادة ذلك العهد.

وقد أخطر سيادته بأمر ذلك الاختيار قبل قيام الثورة بشهرين اثنين ووافق على ذلك.

وما أن علم سيادته بقيام الثورة عن طريق مكالمة تليفونية بين وزير الحربية فى ذلك الوقت السيد مرتضى المراغى وبينه وفى منزله حتى قام إلى مبنى قيادة الثورة واجتمع برجالها فور تسلمهم لزمام الأمور.

ومنذ تلك اللحظة أصبح الموقف دقيقاً؛ إذ أن أعمال ومناقشات مجلس قيادة الثورة استمرت أكثر من شهر بعيدة عن أن يشترك فيها اللواء محمد نجيب إذ أنه حتى ذلك الوقت وعلى وجه التحديد يوم ٢٥ أغسطس سنة ١٩٥٢ لم يكن سيادته قد ضم إلى أعضاء مجلس الثورة.

وقد صدر قرار المجلس فى ذلك اليوم بضمه لعضويته كما صدر قرار بأن تسند إليه رئاسة المجلس بعد أن تنازل له عنها البكباشى أركان حرب جمال عبد الناصر الذى جدد انتخابه بواسطة المجلس قبل قيام الثورة كرئيس للمجلس لمدة عام ينتهى فى أخر أكتوبر سنة ١٩٥٢.

نتيجة لذلك الموقف الشاذ ظل اللواء محمد نجيب يعانى أزمة نفسية عانينا منها الكثير رغم قيامنا جميعاً بإظهاره للعالم أجمع بمظهر الرئيس الفعلى والقائد الحقيقى للثورة ومجلسها مع المحافظة على كافة مظاهر تلك القيادة.

وبعد أقل من ستة شهور بدأ سيادته يطلب بين وقت وآخر من المجلس منحه سلطات تفوق سلطة العضو العادى بالمجلس، ولم يقبل المجلس مطلقاً أن يحيد عن لائحته التى وضعت قبل الثورة بسنين طويلة إذ تقضى بمساواة كافة الأعضاء بما فيهم الرئيس فى السلطة، فقط إذا تساوت الأصوات عند أخذها بين فريقين فى المجلس فترجح الكفة التى يقف الرئيس بجانبها.

ورغم تعيين سيادته رئيساً للجمهورية مع احتفاظه برئاسة مجلس الوزراء ورئاسته للمؤتمر المشترك إلا أنه لم ينفك يصر ويطلب بين وقت وأخر أن تكون له اختصاصات تفوق اختصاصات المجلس، وكان إصرارنا على الرفض الكلى لكى نكفل أقصى الضمانات لتوزيع سلطة السيادة فى الدولة على أعضاء المجلس مجتمعين.

وأخيراً تقدم سيادته بطلبات محددة وهى:

أن تكون له سلطة حق الاعتراض على أى قرار يجمع عليه أعضاء المجلس، علماً بأن لائحة المجلس توجب إصدار أى قرار يوافق عليه أغلبية الأعضاء.

كما طلب أن يباشر سلطة تعيين الوزراء وعزلهم وكذا سلطة الموافقة على ترقية وعزل الضباط وحتى تنقلاتهم؛ أى أنه طالب إجمالاً بسلطة فردية مطلقة.

ولقد حاولنا بكافة الطرق الممكنة طوال الشهور العشرة الماضية أن نقنعه بالرجوع عن طلباته هذه التى تعود بالبلاد إلى حكم الفرد المطلق، وهو ما لا يمكن نرضاه لثورتنا، ولكننا عجزنا عن إقناعه عجزاً تاماً وتوالت اعتكافاته بين وقت وأخر حتى يجبرنا على الموافقة على طلباته هذه، إلى أن وضعنا منذ أيام ثلاثة أمام أمر واقع مقدماً استقالته وهو يعلم أن أى شقاق يحدث فى المجلس فى مثل هذه الظروف لا تؤمن عواقبه.

أيها المواطنون

لقد احتمل أعضاء المجلس هذا الضغط المستمر فى وقت يجابهون فيه المشاكل القاسية التى تواجه البلاد والتى ورثتها عن العهود البائدة.

يحدث كل ذلك والبلاد تكافح كفاح المستميت ضد مغتصب فى مصر والسودان وضد عدو غادر يرابط على حدودها مع خوضها معركة اقتصادية مريرة وإصلاحاً لأداة الحكم وزيادة الإنتاج إلى أخر تلك المعارك التى خاضتها الثورة ووطدت أقدامها بقوة فى أكثر من ميدان من ميادينها.

واليوم قرر مجلس قيادة الثورة بالإجماع ما يلى:

أولاً: قبول الاستقالة المقدمة من اللواء أركان حرب محمد نجيب من جميع الوظائف التى يشغلها.

ثانياً: يستمر مجلس قيادة الثورة بقيادة البكباشى أركان حرب جمال عبد الناصر فى تولى كافة سلطاته الحالية إلى أن تحقق الثورة أهم أهدافها وهو إجلاء المستعمر عن أرض الوطن.


حل جماعة الاخوان المسلمين

ثالثاً: تعيين البكباشى أركان حرب جمال عبد الناصر رئيساً لمجلس الوزراء.

ونعود فنكرر أن تلك الثورة ستستمر حريصة على مُثلها العليا مهما أحاطت بها من عقبات وصعاب، والله كفيل برعايتها إنه نعم المولى ونعم النصير، والله ولى التوفيق".

وسرعان ما تم تدارك مظاهر ذلك الخلاف فقبل مجلس قيادة الثورة عودة محمد نجيب إلى رئاسة الجمهورية في بيان صدر في ٢٧ فبراير ١٩٥٤.

ثم بدأت بعد ذلك أحداث الشغب التي دبرتها جماعة الإخوان المسلمين التي أصدر مجلس قيادة الثورة قراراً مسبقاً بحلها في ١٤ يناير ١٩٥٤، (قرار المجلس بحل جماعة الإخوان المسلمين) وقد تورط أيضاً بعض عناصر النظام القديم في هذه الأحداث.



السماح بقيام أحزاب وإلغاء الحرمان من الحقوق السياسية

ووقد تجلى الصراع داخل مجلس قيادة الثورة في هذه الفترة في القرارات التي صدرت عنه وفيها تراجعاً عن المضى في الثورة، فأولاً ألغيت الفترة الانتقالية التي حددت بثلاث سنوات، وتقرر في ٥ مارس ١٩٥٤ اتخاذ الإجراءات فوراً لعقد جمعية تأسيسية تنتخب بالاقتراع العام المباشر على أن تجتمع في يوليه ١٩٥٤ وتقوم بمناقشة مشروع الدستور الجديد وإقراره والقيام بمهمة البرلمان إلى الوقت الذي يتم فيه عقد البرلمان الجديد وفقاً لأحكام الدستور الذي ستقره الجمعية التأسيسية. وفى نفس الوقت تقرر إلغاء الأحكام العرفية والرقابة على الصحافة والنشر.

وثانياً: قرر مجلس قيادة الثورة تعيين محمد نجيب رئيساً للمجلس ورئيساً لمجلس الوزراء بعد أن تنحى جمال عبد الناصر عن رئاسة الوزارة وعاد نائباً لرئيس مجلس قيادة الثورة.

وأخيراً قرر مجلس قيادة الثورة في ٢٥ مارس ١٩٥٤ السماح بقيام الأحزاب وحل مجلس قيادة الثورة يوم ٢٤ يوليه ١٩٥٤ أي في يوم انتخاب الجمعية التأسيسية. (قرار المجلس بالسماح بقيام أحزاب).


إرجاء تنفيذ قرارات المجلس التى صدرت فى ٢٥ مارس ١٩٥٤

وبالرغم من إلغاء مجلس قيادة الثورة لتلك القرارات في ٢٩ مارس ١٩٥٤ (قرار المجلس بإرجاء تنفيذ قرارات ٢٥ مارس ١٩٥٤) إلا أن الأزمة التي حدثت في مجلس قيادة الثورة أحدثت انقساماً داخله بين محمد نجيب يؤيده خالد محيى الدين وبين جمال عبد الناصر وباقي الأعضاء.

وقد انعكس هذا الصراع على الجيش، كما حاول السياسيون استغلاله وخاصة الإخوان المسلمين وأنصار الأحزاب القديمة الذين كانوا فى صف نجيب وعلى اتصال به.

وفى ١٧ أبريل ١٩٥٤ تولى جمال عبد الناصر رئاسة مجلس الوزراء واقتصر محمد نجيب على رئاسة الجمهورية إلى أن جرت محاولة لاغتيال جمال عبد الناصر على يد الإخوان المسلمين عندما أطلق عليه الرصاص أحد أعضاء الجماعة وهو يخطب في ميدان المنشية بالإسكندرية في ٢٦ أكتوبر ١٩٥٤، وثبت من التحقيقات مع الإخوان المسلمين أن محمد نجيب كان على اتصال بهم وأنه كان معتزماً تأييدهم إذا ما نجحوا في قلب نظام الحكم. وهنا قرر مجلس قيادة الثورة في ١٤ نوفمبر ١٩٥٤ إعفاء محمد نجيب من جميع مناصبه على أن يبقى منصب رئيس الجمهورية شاغراً وأن يستمر مجلس قيادة الثورة في تولى كافة سلطاته بقيادة جمال عبد الناصر.


إعفاء اللواء محمد نجيب من جميع المناصب التى يشغلها


وفى ٢٤ يونيه ١٩٥٦ انتخب جمال عبد الناصر رئيساً للجمهورية بالاستفتاء الشعبي وفقاً لدستور ١٦ يناير ١٩٥٦ ـ أول دستور للثورة.

وفى ٢٢ فبراير ١٩٥٨ أصبح جمال عبد الناصر رئيساً للجمهورية العربية المتحدة بعد إعلان الوحدة بين مصر وسوريا، وذلك حتى مؤامرة الانفصال التي قام بها أفراد من الجيش السوري في ٢٨ سبتمبر ١٩٦١.

وظل جمال عبد الناصر رئيساً للجمهورية العربية المتحدة حتى رحل في ٢٨ سبتمبر ١٩٧٠.



--------------------------------------------------------------------------------
هذا الموقع تم بناءه بالتعاون المشترك بين مكتبة الإسكندرية و مؤسسة جمال عبد الناصر
مكتبة الإسكندرية

salem elkotamy يقول...

ولد جمال عبد الناصر في ١٥ يناير ١٩١٨ في ١٨ شارع قنوات في حي باكوس الشعبي بالإسكندرية .

كان جمال عبد الناصر الابن الأكبر لعبد الناصر حسين الذي ولد في عام ١٨٨٨ في قرية بني مر في صعيد مصر في أسره من الفلاحين، ولكنه حصل على قدر من التعليم سمح له بأن يلتحق بوظيفة في مصلحة البريد بالإسكندرية، وكان مرتبه يكفى بصعوبة لسداد ضرورات الحياة .

جمال عبد الناصر فى المرحلة الابتدائية:
التحق جمال عبد الناصر بروضة الأطفال بمحرم بك بالإسكندرية، ثم التحق بالمدرسة الابتدائية بالخطاطبه في عامي ١٩٢٣ ، ١٩٢٤ .

وفى عام ١٩٢٥ دخل جمال مدرسة النحاسين الابتدائية بالجمالية بالقاهرة وأقام عند عمه خليل حسين في حي شعبي لمدة ثلاث سنوات، وكان جمال يسافر لزيارة أسرته بالخطاطبه في العطلات المدرسية، وحين وصل في الإجازة الصيفية في العام التالي – ١٩٢٦ – علم أن والدته قد توفيت قبل ذلك بأسابيع ولم يجد أحد الشجاعة لإبلاغه بموتها، ولكنه اكتشف ذلك بنفسه بطريقة هزت كيانه – كما ذكر لـ "دافيد مورجان" مندوب صحيفة "الصنداى تايمز" – ثم أضاف: "لقد كان فقد أمي في حد ذاته أمراً محزناً للغاية، أما فقدها بهذه الطريقة فقد كان صدمة تركت في شعوراً لا يمحوه الزمن. وقد جعلتني آلامي وأحزاني الخاصة في تلك الفترة أجد مضضاً بالغاً في إنزال الآلام والأحزان بالغير في مستقبل السنين ".

وبعد أن أتم جمال السنة الثالثة في مدرسة النحاسين بالقاهرة، أرسله والده في صيف ١٩٢٨ عند جده لوالدته فقضى السنة الرابعة الابتدائية في مدرسة العطارين بالإسكندرية .

جمال عبد الناصر فى المرحلة الثانوية:


عبد الناصر اثناء دراسته فى مدرسة حلوان الثانوية


التحق جمال عبد الناصر في عام ١٩٢٩ بالقسم الداخلي في مدرسة حلوان الثانوية وقضى بها عاماً واحداً، ثم نقل في العام التالي – ١٩٣٠ – إلى مدرسة رأس التين الثانوية بالإسكندرية بعد أن انتقل والده إلى العمل بمصلحة البوسطة هناك .



وفى تلك المدرسة تكون وجدان جمال عبد الناصر القومي؛ ففي عام ١٩٣٠ استصدرت وزارة إسماعيل صدقي مرسوماً ملكياً بإلغاء دستور ١٩٢٣ فثارت مظاهرات الطلبة تهتف بسقوط الاستعمار وبعودة الدستور.

ويحكى جمال عبد الناصر عن أول مظاهرة اشترك فيها: "كنت أعبر ميدان المنشية في الإسكندرية حين وجدت اشتباكاً بين مظاهرة لبعض التلاميذ وبين قوات من البوليس، ولم أتردد في تقرير موقفي؛ فلقد انضممت على الفور إلى المتظاهرين، دون أن أعرف أي شئ عن السبب الذي كانوا يتظاهرون من أجله، ولقد شعرت أنني في غير حاجة إلى سؤال؛ لقد رأيت أفراداً من الجماهير في صدام مع السلطة، واتخذت موقفي دون تردد في الجانب المعادى للسلطة.

ومرت لحظات سيطرت فيها المظاهرة على الموقف، لكن سرعان ما جاءت إلى المكان الإمدادات؛ حمولة لوريين من رجال البوليس لتعزيز القوة، وهجمت علينا جماعتهم، وإني لأذكر أنى – في محاولة يائسة – ألقيت حجراً، لكنهم أدركونا في لمح البصر، وحاولت أن أهرب، لكنى حين التفت هوت على رأسي عصا من عصى البوليس، تلتها ضربة ثانية حين سقطت، ثم شحنت إلى الحجز والدم يسيل من رأسي مع عدد من الطلبة الذين لم يستطيعوا الإفلات بالسرعة الكافية.

ولما كنت في قسم البوليس، وأخذوا يعالجون جراح رأسي؛ سألت عن سبب المظاهرة، فعرفت أنها مظاهرة نظمتها جماعة مصر الفتاة في ذلك الوقت للاحتجاج على سياسة الحكومة.

وقد دخلت السجن تلميذاً متحمساً، وخرجت منه مشحوناً بطاقة من الغضب". (حديث عبد الناصر مع "دافيد مورجان" مندوب "صحيفة الصنداى تايمز" ١٨/٦/١٩٦٢) .

ويعود جمال عبد الناصر إلى هذه الفترة من حياته في خطاب له بميدان المنشية بالإسكندرية في ٢٦/١٠/١٩٥٤ ليصف أحاسيسه في تلك المظاهرة وما تركته من آثار في نفسه: "حينما بدأت في الكلام اليوم في ميدان المنشية. سرح بي الخاطر إلى الماضي البعيد ... وتذكرت كفاح الإسكندرية وأنا شاب صغير وتذكرت في هذا الوقت وأنا اشترك مع أبناء الإسكندرية، وأنا أهتف لأول مرة في حياتي باسم الحرية وباسم الكرامة، وباسم مصر... أطلقت علينا طلقات الاستعمار وأعوان الاستعمار فمات من مات وجرح من جرح، ولكن خرج من بين هؤلاء الناس شاب صغير شعر بالحرية وأحس بطعم الحرية، وآلي على نفسه أن يجاهد وأن يكافح وأن يقاتل في سبيل الحرية التي كان يهتف بها ولا يعلم معناها؛ لأنه كان يشعر بها في نفسه، وكان يشعر بها في روحه وكان يشعر بها في دمه". لقد كانت تلك الفترة بالإسكندرية مرحلة تحول في حياة الطالب جمال من متظاهر إلى ثائر تأثر بحالة الغليان التي كانت تعانى منها مصر بسبب


مقال كتبه جمال عبد الناصر بعنوان "فولتير رجل الحرية"

تحكم الاستعمار وإلغاء الدستور. وقد ضاق المسئولون بالمدرسة بنشاطه ونبهوا والده فأرسله إلى القاهرة.

وقد التحق جمال عبد الناصر في عام ١٩٣٣ بمدرسة النهضة الثانوية بحي الظاهر بالقاهرة، واستمر في نشاطه السياسي فأصبح رئيس اتحاد مدارس النهضة الثانوية.

وفى تلك الفترة ظهر شغفه بالقراءة في التاريخ والموضوعات الوطنية فقرأ عن الثورة الفرنسية وعن "روسو" و"فولتير" وكتب مقالة بعنوان "فولتير رجل الحرية" نشرها بمجلة المدرسة. كما قرأ عن "نابليون" و"الإسكندر" و"يوليوس قيصر" و"غاندى" وقرأ رواية البؤساء لـ "فيكتور هيوجو" وقصة مدينتين لـ "شارلز ديكنز".(الكتب التي كان يقرأها عبد الناصر في المرحلة الثانوية). (الكتب التي كان يقرأها عبد الناصر في المرحلة الثانوية).

كذلك اهتم بالإنتاج الأدبي العربي فكان معجباً بأشعار أحمد شوقي وحافظ إبراهيم، وقرأ عن سيرة النبي محمد وعن أبطال الإسلام وكذلك عن مصطفى كامل، كما قرأ مسرحيات وروايات توفيق الحكيم خصوصاً رواية عودة الروح التي تتحدث عن ضرورة ظهور زعيم للمصريين يستطيع توحيد صفوفهم ودفعهم نحو النضال في سبيل الحرية والبعث الوطني.




الحفلة التمثيلية لمدارس النهضة المصرية تعرض مسرحية يوليوس قيصر ..

وفى ١٩٣٥ في حفل مدرسة النهضة الثانوية لعب الطالب جمال عبد الناصر دور "يوليوس قيصر" بطل تحرير الجماهير في مسرحية "شكسبير" في حضور وزير المعارف في ذلك الوقت.

وقد شهد عام ١٩٣٥ نشاطاً كبيراً للحركة الوطنية المصرية التي لعب فيها الطلبة الدور الأساسي مطالبين بعودة الدستور والاستقلال، ويكشف خطاب من جمال عبد الناصر إلى صديقه حسن النشار في ٤ سبتمبر ١٩٣٥ مكنون نفسه في هذه الفترة، فيقول: "لقد انتقلنا من نور الأمل إلى ظلمة اليأس ونفضنا بشائر الحياة واستقبلنا غبار الموت، فأين من يقلب كل ذلك رأساً على عقب، ويعيد مصر إلى سيرتها الأولى يوم أن كانت مالكة العالم. أين من يخلق خلفاً جديداً لكي يصبح المصري الخافت الصوت الضعيف الأمل الذي يطرق برأسه ساكناً صابراً على اهتضام حقه ساهياً عن التلاعب بوطنه يقظاً عالي الصوت عظيم الرجاء رافعاً رأسه يجاهد بشجاعة وجرأه في طلب الاستقلال والحرية... قال مصطفى كامل ' لو نقل قلبي من اليسار إلى اليمين أو تحرك الأهرام من مكانه المكين أو تغير مجرى [النيل] فلن أتغير عن المبدأ ' ... كل ذلك مقدمة طويلة لعمل أطول وأعظم فقد تكلمنا مرات عده في عمل يوقظ الأمة من غفوتها ويضرب على الأوتار الحساسة من القلوب ويستثير ما كمن في الصدور. ولكن كل ذلك لم يدخل في حيز العمل إلى الآن".(خطاب عبد الناصر لحسن النشار... ٤/٩/١٩٣٥).


خطاب عبد الناصر لحسن النشار عن الحركة الوطنية بين الطلبة لعودة الدستور والاستقلال

ووبعد ذلك بشهرين وفور صدور تصريح "صمويل هور" – وزير الخارجية البريطانية – في ٩ نوفمبر١٩٣٥ معلناً رفض بريطانيا لعودة الحياة الدستورية في مصر، اندلعت مظاهرات الطلبة والعمال في البلاد، وقاد جمال عبد الناصر في ١٣ نوفمبر مظاهرة من تلاميذ المدارس الثانوية واجهتها قوة من البوليس الإنجليزي فأصيب جمال بجرح في جبينه سببته رصاصة مزقت الجلد ولكنها لم تنفذ إلى الرأس، وأسرع به زملاؤه إلى دار جريدة الجهاد التي تصادف وقوع الحادث بجوارها ونشر اسمه في العدد الذي صدر صباح اليوم التالي بين أسماء الجرحى. (مجلة الجهاد ١٩٣٥).

وعن آثار أحداث تلك الفترة في نفسية جمال عبد الناصر قال في كلمة له في جامعة القاهرة في ١٥ نوفمبر ١٩٥٢: "وقد تركت إصابتي أثراً عزيزاً لا يزال يعلو وجهي فيذكرني كل يوم بالواجب الوطني الملقى على كاهلي كفرد من أبناء هذا الوطن العزيز. وفى هذا اليوم وقع صريع الظلم والاحتلال المرحوم عبد المجيد مرسى فأنساني ما أنا مصاب به، ورسخ في نفسي أن على واجباً أفنى في سبيله أو أكون أحد العاملين في تحقيقه حتى يتحقق؛ وهذا الواجب هو تحرير الوطن من الاستعمار، وتحقيق سيادة الشعب. وتوالى بعد ذلك سقوط الشهداء صرعى؛ فازداد إيماني بالعمل على تحقيق حرية مصر".

وتحت الضغط الشعبي وخاصة من جانب الطلبة والعمال صدر مرسوم ملكي في ١٢ ديسمبر ١٩٣٥ بعودة دستور ١٩٢٣.


مجلة الجهاد تنشر أسماء الجرحى فى مظاهرات نوفمبر

وقد انضم جمال عبد الناصر في هذا الوقت إلى وفود الطلبة التي كانت تسعى إلى بيوت الزعماء تطلب منهم أن يتحدوا من أجل مصر، وقد تألفت الجبهة الوطنية سنة ١٩٣٦ بالفعل على أثر هذه الجهود.

وقد كتب جمال في فترة الفوران هذه خطاباً إلى حسن النشار في ٢ سبتمبر ١٩٣٥ قال فيه: "يقول الله تعالى: وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة، فأين تلك القوة التي نستعد بها لهم؛ إن الموقف اليوم دقيق ومصر في موقف أدق...".

ووصف جمال عبد الناصر شعوره في كتاب "فلسفة الثورة" فقال: "وفى تلك الأيام قدت مظاهرة في مدرسة النهضة، وصرخت من أعماقي بطلب الاستقلال التام، وصرخ ورائي كثيرون، ولكن صراخنا ضاع هباء وبددته الرياح أصداء واهية لا تحرك الجبال ولا تحطم الصخور".

إلا أن اتحاد الزعماء السياسيين على كلمة واحدة كان فجيعة لإيمان جمال عبد الناصر، على حد تعبيره في كتاب "فلسفة الثورة"، فإن الكلمة الواحدة التي اجتمعوا عليها كانت معاهدة ١٩٣٦ التي قننت الاحتلال، فنصت على أن تبقى في مصر قواعد عسكرية لحماية وادي النيل وقناة السويس من أي اعتداء، وفى حال وقوع حرب تكون الأراضي المصرية بموانيها ومطاراتها وطرق مواصلاتها تحت تصرف بريطانيا، كما نصت المعاهدة على بقاء الحكم الثنائي في السودان.

وكان من نتيجة النشاط السياسي المكثف لجمال عبد الناصر في هذه الفترة الذي رصدته تقارير البوليس أن قررت مدرسة النهضة فصله بتهمة تحريضه الطلبة على الثورة، إلا أن زملائه ثاروا وأعلنوا الإضراب العام وهددوا بحرق المدرسة فتراجع ناظر المدرسة في قراره.

ومنذ المظاهرة الأولى التي اشترك فيها جمال عبد الناصر بالإسكندرية شغلت السياسة كل وقته، وتجول بين التيارات السياسية التي كانت موجودة في هذا الوقت فانضم إلى مصر الفتاة لمدى عامين، ثم انصرف عنها بعد أن اكتشف أنها لا تحقق شيئاً، كما كانت له اتصالات متعددة بالإخوان المسلمين إلا أنه قد عزف عن الانضمام لأي من الجماعات أو الأحزاب القائمة لأنه لم يقتنع بجدوى أياً منها ،"فلم يكن هناك حزب مثالي يضم جميع العناصر لتحقيق الأهداف الوطنية".

كذلك فإنه وهو طالب في المرحلة الثانوية بدأ الوعي العربي يتسلل إلى تفكيره، فكان يخرج مع زملائه كل عام في الثاني من شهر نوفمبر احتجاجاً على وعد "بلفور" الذي منحت به بريطانيا لليهود وطناً في فلسطين على حساب أصحابه الشرعيين.

جمال عبد الناصر ضابطاً:

عبد الناصر وهو فى طالب فى الكلية الحربية بعد ان انتقل اليها من كلية الحقوق

لما أتم جمال عبد الناصر دراسته الثانوية وحصل على البكالوريا في القسم الأدبي قرر الالتحاق بالجيش، ولقد أيقن بعد التجربة التي مر بها في العمل السياسي واتصالاته برجال السياسة والأحزاب التي أثارت اشمئزازه منهم أن تحرير مصر لن يتم بالخطب بل يجب أن تقابل القوة بالقوة والاحتلال العسكري بجيش وطني.

تقدم جمال عبد الناصر إلى الكلية الحربية فنجح في الكشف الطبي ولكنه سقط في كشف الهيئة لأنه حفيد فلاح من بني مر وابن موظف بسيط لا يملك شيئاً، ولأنه اشترك في مظاهرات ١٩٣٥، ولأنه لا يملك واسطة.

ولما رفضت الكلية الحربية قبول جمال، تقدم في أكتوبر ١٩٣٦ إلى كلية الحقوق في جامعة القاهرة ومكث فيها ستة أشهر إلى أن عقدت معاهدة ١٩٣٦ واتجهت النية إلى زيادة عدد ضباط الجيش المصري من الشباب بصرف النظر عن طبقتهم الاجتماعية أو ثروتهم، فقبلت الكلية الحربية دفعة في خريف ١٩٣٦ وأعلنت وزارة الحربية عن حاجتها لدفعة ثانية، فتقدم جمال مرة ثانية للكلية الحربية ولكنه توصل إلى مقابلة وكيل وزارة الحربية اللواء إبراهيم خيري الذي أعجب بصراحته ووطنيته وإصراره على أن يصبح ضابطاً فوافق على دخوله في الدورة التالية؛ أي في مارس ١٩٣٧.

لقد وضع جمال عبد الناصر أمامه هدفاً واضحاً في الكلية الحربية وهو "أن يصبح ضابطاً ذا كفاية وأن يكتسب المعرفة والصفات التي تسمح له بأن يصبح قائداً"، وفعلاً أصبح "رئيس فريق"، وأسندت إليه منذ أوائل ١٩٣٨ مهمة تأهيل الطلبة المستجدين الذين كان من بينهم عبد الحكيم عامر. وطوال فترة الكلية لم يوقع على جمال أي جزاء، كما رقى إلى رتبة أومباشى طالب.


الملازم ثان عبد الناصر

تخرج جمال عبد الناصر من الكلية الحربية بعد مرور ١٧ شهراً، أي في يوليه ١٩٣٨، فقد جرى استعجال تخريج دفعات الضباط في ذلك الوقت لتوفير عدد كافي من الضباط المصريين لسد الفراغ الذي تركه انتقال القوات البريطانية إلى منطقة قناة السويس.

وقد كانت مكتبة الكلية الحربية غنية بالكتب القيمة، فمن لائحة الاستعارة تبين أن جمال قرأ عن سير عظماء التاريخ مثل "بونابرت" و"الإسكندر" و"جاليباردى" و"بسمارك" و"مصطفى كمال أتاتورك" و"هندنبرج" و"تشرشل" و"فوش". كما قرأ الكتب التي تعالج شئون الشرق الأوسط والسودان ومشكلات الدول التي على البحر المتوسط والتاريخ العسكري. وكذلك قرأ عن الحرب العالمية الأولى وعن حملة فلسطين، وعن تاريخ ثورة ١٩١٩.(الكتب التى كان يقرأها عبد الناصر فى الكلية الحربية).

التحق جمال عبد الناصر فور تخرجه بسلاح المشاة ونقل إلى منقباد في الصعيد، وقد أتاحت له إقامته هناك أن ينظر بمنظار جديد إلى أوضاع الفلاحين وبؤسهم. وقد التقى في منقباد بكل من زكريا محيى الدين وأنور السادات.

وفى عام ١٩٣٩ طلب جمال عبد الناصر نقله إلى السودان، فخدم في الخرطوم وفى جبل الأولياء، وهناك قابل زكريا محيى الدين وعبد الحكيم عامر. وفى مايو ١٩٤٠ رقى إلى رتبة الملازم أول.


عبد الناصر مع الحامية المصرية بالسودان


لقد كان الجيش المصري حتى ذلك الوقت جيشاً غير مقاتل، وكان من مصلحة البريطانيين أن يبقوه على هذا الوضع، ولكن بدأت تدخل الجيش طبقة جديدة من الضباط الذين كانوا ينظرون إلى مستقبلهم في الجيش كجزء من جهاد أكبر لتحرير شعبهم. وقد ذهب جمال إلى منقباد تملؤه المثل العليا، ولكنه ورفقائه أصيبوا بخيبة الأمل فقد كان معظم الضباط "عديمي الكفاءة وفاسدين"، ومن هنا اتجه تفكيره إلى إصلاح الجيش وتطهيره من الفساد. وقد كتب لصديقه حسن النشار في ١٩٤١ من جبل الأولياء بالسودان: "على العموم يا حسن أنا مش عارف ألاقيها منين واللا منين.. هنا في عملي كل عيبي إني دغرى لا أعرف الملق ولا الكلمات الحلوة ولا التمسح بالأذيال.


خطاب عبد الناصر لحسن النشار عن وضع الجيش فى جبل الأولياء فى السودان

شخص هذه صفاته يحترم من الجميع ولكن.. الرؤساء. الرؤساء يا حسن يسوءهم ذلك الذي لا يسبح بحمدهم.. يسوءهم ذلك الذي لا يتملق إليهم.. فهذه كبرياء وهم شبوا على الذلة في كنف الاستعمار.. يقولون.. كما كنا يجب أن يكونوا. كما رأينا يجب أن يروا.. والويل كل الويل لذلك... الذي تأبى نفسه السير على منوالهم... ويحزنني يا حسن أن أقول إن هذا الجيل الجديد قد أفسده الجيل القديم متملقاً.. ويحزنني يا حسن أن أقول أننا نسير إلى الهاوية – الرياء – النفاق الملق - تفشى في الأصاغر نتيجة لمعاملة الكبار. أما أنا فقد صمدت ولازلت، ولذلك تجدني في عداء مستحكم مستمر مع هؤلاء الكبار...". (خطاب عبد الناصر لحسن النشار..١٩٤١ ... ينشر لأول مرة)

وفى نهاية عام ١٩٤١ بينما كان "روميل" يتقدم نحو الحدود المصرية الغربية عاد جمال عبد الناصر إلى مصر ونقل إلى كتيبة بريطانية تعسكر خلف خطوط القتال بالقرب من العلمين.

ويذكر جمال عبد الناصر: "في هذه المرحلة رسخت فكرة الثورة في ذهني رسوخاً تاماً، أما السبيل إلى تحقيقها فكانت لا تزال بحاجة إلى دراسة، وكنت يومئذ لا أزال أتحسس طريقي إلى ذلك، وكان معظم جهدي في ذلك الوقت يتجه إلى تجميع عدد كبير من الضباط الشبان الذين أشعر أنهم يؤمنون في قراراتهم بصالح الوطن؛ فبهذا وحده كنا نستطيع أن نتحرك حول محور واحد هو خدمة هذه القضية المشتركة".

وأثناء وجوده في العلمين جرت أحداث ٤ فبراير ١٩٤٢ حينما توجه السفير البريطاني – "السير مايلز لامسبون" – ليقابل الملك فاروق بسراي عابدين في القاهرة بعد أن حاصر القصر بالدبابات البريطانية، وسلم الملك إنذاراً يخيره فيه بين إسناد رئاسة الوزراء إلى مصطفى النحاس مع إعطائه الحق في تشكيل مجلس وزراء متعاون مع بريطانيا وبين الخلع، وقد سلم الملك بلا قيد ولا شرط.

ويذكر جمال عبد الناصر أنه منذ ذلك التاريخ لم يعد شئ كما كان أبداً، فكتب إلى صديقه حسن النشار في ١٦ فبراير ١٩٤٢ يقول: "وصلني جوابك، والحقيقة أن ما به جعلني أغلى غلياناً مراً، وكنت على وشك الانفجار من الغيظ، ولكن ما العمل بعد أن وقعت الواقعة وقبلناها مستسلمين خاضعين خائفين. والحقيقة أنى أعتقد أن الإنجليز كانوا يلعبون بورقة واحده في يدهم بغرض التهديد فقط، ولكن لو كانوا أحسوا أن بعض المصريين ينوون التضحية بدمائهم ويقابلوا القوة بالقوة لانسحبوا كأي امرأة من العاهرات.

أما نحن. أما الجيش فقد كان لهذا الحادث تأثير جديد على الوضع والإحساس فيه، فبعد أن كنت ترى الضباط لا يتكلمون إلا عن النساء واللهو، أصبحوا يتكلمون عن التضحية والاستعداد لبذل النفوس في سبيل الكرامة.


خطاب عبد الناصر لحسن النشار يبرز فيه موقفه من أحداث ٤ فبراير ١٩٤٢

وأصبحت تراهم وكلهم ندم لأنهم لم يتدخلوا – مع ضعفهم الظاهر – ويردوا للبلاد كرامتها ويغسلوها بالدماء.. ولكن إن غداً لقريب.. حاول البعض بعد الحادث أن يعملوا شئ بغرض الانتقام، لكن كان الوقت قد فات أما القلوب فكلها نار وأسى. عموماً فإن هذه الحركة أو هذه الطعنة ردت الروح إلى بعض الأجساد وعرفتهم أن هناك كرامة يجب أن يستعدوا للدفاع عنها، وكان هذا درساً ولكنه كان درساً قاسياً". (خطاب عبد الناصر لحسن النشار... ١٦/٢/١٩٤٢).

ررقى جمال عبد الناصر إلى رتبة اليوزباشى (نقيب) في ٩ سبتمبر ١٩٤٢. وفى ٧ فبراير ١٩٤٣ عين مدرساً بالكلية الحربية. ومن قائمة مطالعاته في هذه الفترة يتضح أنه قرأ لكبار المؤلفين العسكريين من أمثال "ليدل هارت" و"كلاوزفيتز"، كما قرأ مؤلفات الساسة والكتاب السياسيين مثل "كرومويل" و"تشرشل". وفى هذه الفترة كان جمال عبد الناصر يعد العدة للالتحاق بمدرسة أركان حرب.

وفى ٢٩ يونيه ١٩٤٤ تزوج جمال عبد الناصر من تحية محمد كاظم – ابنة تاجر من رعايا إيران – كان قد تعرف على عائلتها عن طريق عمه خليل حسين، وقد أنجب ابنتيه هدى ومنى وثلاثة أبناء هم خالد وعبد الحميد وعبد الحكيم. لعبت تحية دوراً هاماً في حياته خاصة في مرحلة الإعداد للثورة واستكمال خلايا تنظيم الضباط الأحرار، فقد تحملت أعباء أسرته الصغيرة - هدى ومنى - عندما كان في حرب فلسطين، كما ساعدته في إخفاء السلاح حين كان يدرب الفدائيين المصريين للعمل ضد القاعدة البريطانية في قناة السويس في ١٩٥١، ١٩٥٢.

تنظيم الضباط الأحرار:
شهد عام ١٩٤٥ انتهاء الحرب العالمية الثانية وبداية حركة الضباط الأحرار، ويقول جمال عبد الناصر في حديثة إلى "دافيد مورجان": "وقد ركزت حتى ١٩٤٨ على تأليف نواة من الناس الذين بلغ استياؤهم من مجرى الأمور في مصر مبلغ استيائي، والذين توفرت لديهم الشجاعة الكافية والتصميم الكافي للإقدام على التغيير اللازم. وكنا يومئذ جماعة صغيرة من الأصدقاء المخلصين نحاول أن نخرج مثلنا العليا العامة في هدف مشترك وفى خطة مشتركة".

وعقب صدور قرار تقسيم فلسطين في سبتمبر ١٩٤٧ عقد الضباط الأحرار اجتماعاً واعتبروا أن اللحظة جاءت للدفاع عن حقوق العرب ضد هذا الانتهاك للكرامة الإنسانية والعدالة الدولية، واستقر رأيهم على مساعدة المقاومة في فلسطين.

وفى اليوم التالي ذهب جمال عبد الناصر إلى مفتى فلسطين الذي كان لاجئاً يقيم في مصر الجديدة فعرض عليه خدماته وخدمات جماعته الصغيرة كمدربين لفرقة المتطوعين وكمقاتلين معها. وقد أجابه المفتى بأنه لا يستطيع أن يقبل العرض دون موافقة الحكومة المصرية. وبعد بضعة أيام رفض العرض فتقدم بطلب إجازة حتى يتمكن من الانضمام إلى المتطوعين، لكن قبل أن يبت في طلبه أمرت الحكومة المصرية الجيش رسمياً بالاشتراك في الحرب. فسافر جمال إلى فلسطين في ١٦ مايو ١٩٤٨، بعد أن كان قد رقى إلى رتبة صاغ (رائد) في أوائل عام ١٩٤٨.

لقد كان لتجربة حرب فلسطين آثاراً بعيدة على جمال عبد الناصر فعلى حد قولة: "فلم يكن هناك تنسيق بين الجيوش العربية، وكان عمل القيادة على أعلى مستوى في حكم المعدوم، وتبين أن أسلحتنا في كثير من الحالات أسلحة فاسدة، وفى أوج القتال صدرت الأوامر لسلاح المهندسين ببناء شاليه للاستجمام في غزه للملك فاروق.

وقد بدا أن القيادة العليا كانت مهمتها شيئاً واحداً هو احتلال أوسع رقعة ممكنة من الأرض بغض النظر عن قيمتها الإستراتيجية، وبغض النظر عما إذا كانت تضعف مركزنا العام في القدرة على إلحاق الهزيمة بالعدو خلال المعركة أم لا.

وقد كنت شديد الاستياء من ضباط الفوتيلات أو محاربي المكاتب الذين لم تكن لديهم أية فكرة عن ميادين القتال أو عن آلام المقاتلين.

وجاءت القطرة الأخيرة التي طفح بعدها الكيل حين صدرت الأوامر إلىّ بأن أقود قوة من كتيبة المشاة السادسة إلى عراق سويدان التي كان الإسرائيليون يهاجمونها، وقبل أن أبدأ في التحرك نشرت تحركاتنا كاملة في صحف القاهرة. ثم كان حصار الفالوجا الذي عشت معاركه؛ حيث ظلت القوات المصرية تقاوم رغم أن القوات الإسرائيلية كانت تفوقها كثيراً من ناحية العدد حتى انتهت الحرب بالهدنة التي فرضتها الأمم المتحدة " في ٢٤ فبراير ١٩٤٩.

وقد جرح جمال عبد الناصر مرتين أثناء حرب فلسطين ونقل إلى المستشفى. ونظراً للدور المتميز الذي قام به خلال المعركة فإنه منح نيشان "النجمة العسكرية" في عام ١٩٤٩.

وبعد رجوعه إلى القاهرة أصبح جمال عبد الناصر واثقاً أن المعركة الحقيقية هي في مصر، فبينما كان ورفاقه يحاربون في فلسطين كان السياسيون المصريون يكدسون الأموال من أرباح الأسلحة الفاسدة التي اشتروها رخيصة وباعوها للجيش.

وقد أصبح مقتنعاً أنه من الضروري تركيز الجهود لضرب أسرة محمد على؛ فكان الملك فاروق هو هدف تنظيم الضباط الأحرار منذ نهاية ١٩٤٨ وحتى ١٩٥٢.

ووقد كان في نية جمال عبد الناصر القيام بالثورة في ١٩٥٥، لكن الحوادث أملت عليه قرار القيام بالثورة قبل ذلك بكثير.

وبعد عودته من فلسطين عين جمال عبد الناصر مدرساً في كلية أركان حرب التي كان قد نجح في امتحانها بتفوق في ١٢ مايو ١٩٤٨. وبدأ من جديد نشاط الضباط الأحرار وتألفت لجنة تنفيذية بقيادة جمال عبد الناصر، وتضم كمال الدين حسين وعبد الحكيم عامر وحسين إبراهيم وصلاح سالم وعبد اللطيف البغدادي وخالد محيى الدين وأنور السادات وحسين الشافعي وزكريا محيى الدين وجمال سالم، وهى اللجنة التي أصبحت مجلس الثورة فيما بعد عام ١٩٥٠، ١٩٥١.

وفى ٨ مايو ١٩٥١ رقى جمال عبد الناصر إلى رتبة البكباشى (مقدم) وفى نفس العام اشترك مع رفاقه من الضباط الأحرار سراً في حرب الفدائيين ضد القوات البريطانية في منطقة القناة التي استمرت حتى بداية ١٩٥٢، وذلك بتدريب المتطوعين وتوريد السلاح الذي كان يتم في إطار الدعوى للكفاح المسلح من جانب الشباب من كافة الاتجاهات السياسية والذي كان يتم خارج الإطار الحكومي.

وإزاء تطورات الحوادث العنيفة المتوالية في بداية عام ١٩٥٢ اتجه تفكير الضباط الأحرار إلى الاغتيالات السياسية لأقطاب النظام القديم على أنه الحل الوحيد. وفعلاً بدئوا باللواء حسين سرى عامر - أحد قواد الجيش الذين تورطوا في خدمة مصالح القصر – إلا أنه نجا من الموت، وكانت محاولة الاغتيال تلك هي الأولى والأخيرة التي اشترك فيها جمال عبد الناصر، فقد وافقه الجميع على العدول عن هذا الاتجاه، وصرف الجهود إلى تغيير ثوري إيجابي.

ومع بداية مرحلة التعبئة الثورية، صدرت منشورات الضباط الأحرار التي كانت تطبع وتوزع سراً. والتي دعت إلى إعادة تنظيم الجيش وتسليحه وتدريبه بجدية بدلاً من اقتصاره على الحفلات والاستعراضات، كما دعت الحكام إلى الكف عن تبذير ثروات البلاد ورفع مستوى معيشة الطبقات الفقيرة، وانتقدت الاتجار في الرتب والنياشين. وفى تلك الفترة اتسعت فضيحة الأسلحة الفاسدة إلى جانب فضائح اقتصادية تورطت فيها حكومة الوفد.

ثم حدث حريق القاهرة في ٢٦ يناير ١٩٥٢ بعد اندلاع المظاهرات في القاهرة احتجاجاً على مذبحة رجال البوليس بالإسماعيلية التي ارتكبتها القوات العسكرية البريطانية في اليوم السابق، والتي قتل فيها ٤٦ شرطياً وجرح ٧٢. لقد أشعلت الحرائق في القاهرة ولم تتخذ السلطات أي إجراء ولم تصدر الأوامر للجيش بالنزول إلى العاصمة إلا في العصر بعد أن دمرت النار أربعمائة مبنى، وتركت ١٢ ألف شخص بلا مأوى، وقد بلغت الخسائر ٢٢ مليون جنيهاً.

وفى ذلك الوقت كان يجرى صراعاً سافراً بين الضباط الأحرار وبين الملك فاروق فيما عرف بأزمة انتخابات نادي ضباط الجيش. حيث رشح الملك اللواء حسين سرى عامر المكروه من ضباط الجيش ليرأس اللجنة التنفيذية للنادي، وقرر الضباط الأحرار أن يقدموا قائمة مرشحيهم وعلى رأسهم اللواء محمد نجيب للرياسة، وقد تم انتخابه بأغلبية كبرى وبرغم إلغاء الانتخاب بتعليمات من الملك شخصياً، إلا أنه كان قد ثبت للضباط الأحرار أن الجيش معهم يؤيدهم ضد الملك، فقرر جمال عبد الناصر – رئيس الهيئة التأسيسية للضباط الأحرار – تقديم موعد الثورة التي كان محدداً لها قبل ذلك عام ١٩٥٥، وتحرك الجيش ليلة ٢٣ يوليو ١٩٥٢ وتم احتلال مبنى قيادة الجيش بكوبري القبة وإلقاء القبض على قادة الجيش الذين كانوا مجتمعين لبحث مواجهة حركة الضباط الأحرار بعد أن تسرب خبر عنها .

وبعد نجاح حركة الجيش قدم محمد نجيب على أنه قائد الثورة - وكان الضباط الأحرار قد فاتحوه قبلها بشهرين في احتمال انضمامه إليهم إذا ما نجحت المحاولة - إلا أن السلطة الفعلية كانت في يد مجلس قيادة الثورة الذي كان يرأسه جمال عبد الناصر حتى ٢٥ أغسطس ١٩٥٢ عندما صدر قرار من مجلس قيادة الثورة بضم محمد نجيب إلى عضوية المجلس وأسندت إليه رئاسته بعد أن تنازل له عنها جمال عبد الناصر.

بيان الثورة:
وفى صباح يوم ٢٣ يوليه وبعد احتلال دار الإذاعة تمت إذاعة بيان الثورة التالي:
"اجتازت مصر فترة عصيبة في تاريخها الأخير من الرشوة والفساد وعدم استقرار الحكم، وقد كان لكل هذه العوامل تأثير كبير على الجيش، وتسبب المرتشون والمغرضون في هزيمتنا في حرب فلسطين، وأما فترة ما بعد الحرب فقد تضافرت فيها عوامل الفساد، وتآمر الخونة على الجيش، وتولى أمره إما جاهل أو فاسد حتى تصبح مصر بلا جيش يحميها، وعلى ذلك فقد قمنا بتطهير أنفسنا، وتولى أمرنا في داخل الجيش رجال نثق في قدرتهم وفى خُلقهم وفى وطنيتهم، ولا بد أن مصر كلها ستتلقى هذا الخبر بالابتهاج والترحيب.

أما من رأينا اعتقالهم من رجال الجيش السابقين فهؤلاء لن ينالهم ضرر، وسيطلق سراحهم في الوقت المناسب، وإني أؤكد للشعب المصري أن الجيش اليوم كله أصبح يعمل لصالح الوطن في ظل الدستور مجرداً من أية غاية، وأنتهز هذه الفرصة فأطلب من الشعب ألا يسمح لأحد من الخونة بأن يلجأ لأعمال التخريب أو العنف؛ لأن هذا ليس في صالح مصر، وإن أي عمل من هذا القبيل سيقابل بشدة لم يسبق لها مثيل وسيلقى فاعله جزاء الخائن في الحال، وسيقوم الجيش بواجبه هذا متعاوناً مع البوليس، وإني أطمئن إخواننا الأجانب على مصالحهم وأرواحهم وأموالهم، ويعتبر الجيش نفسه مسئولاً عنهم، والله ولى التوفيق".

وبعد نجاح الثورة بثلاثة أيام – أي في ٢٦ يوليه – أجبر الملك فاروق على التنازل عن العرش لابنه أحمد فؤاد ومغادرة البلاد. وفى اليوم التالي أعيد انتخاب جمال عبد الناصر رئيساً للهيئة التأسيسية للضباط الأحرار.

وفى ١٨ يونيه ١٩٥٣ صدر قرار من مجلس قيادة الثورة بإلغاء الملكية وإعلان الجمهورية، وبإسناد رئاسة الجمهورية إلى محمد نجيب إلى جانب رئاسته للوزارة التي شغلها منذ ٧ سبتمبر ١٩٥٢، أما جمال عبد الناصر فقد تولى أول منصباً عاماً كنائب رئيس الوزراء ووزير للداخلية في هذه الوزارة التي تشكلت بعد إعلان الجمهورية. وفى الشهر التالي ترك جمال عبد الناصر منصب وزير الداخلية – الذي تولاه زكريا محيى الدين – واحتفظ بمنصب نائب رئيس الوزراء.(قرار المجلس بإلغاء الملكية) .


قرار المجلس بإلغاء الملكية



تعيين جمال عبد الناصر رئيساً لمجلس قيادة الثورة:
وفى فبراير ١٩٥٤ استقال محمد نجيب بعد أن اتسعت الخلافات بينه وبين أعضاء مجلس قيادة الثورة، وعين جمال عبد الناصر رئيساً لمجلس قيادة الثورة ورئيساً لمجلس الوزراء. وفيما يلي البيان الذي أذاعه المجلس بأسباب ذلك الخلاف في ٢٥ فبراير ١٩٥٤:

"أيها المواطنون

"لم يكن هدف الثورة التي حمل لواءها الجيش يوم ٢٣ يوليه سنة ١٩٥٢ أن يصل فرد أو أفراد إلى حكم أو سلطان أو أن يحصل كائن من كان على مغنم أو جاه، بل يشهد الله أن هذه الثورة ما قامت إلا لتمكين المُثل العليا في البلاد بعد أن افتقدتها طويلاً نتيجة لعهود الفساد والانحلال.

لقد قامت في وجه الثورة منذ اللحظة الأولى عقبات قاسية عولجت بحزم دون نظر إلى مصلحة خاصة لفرد أو جماعة، وبهذا توطدت أركانها واطرد تقدمها في سبيل بلوغ غاياتها.

ولا شك أنكم تقدرون خطورة ما أقيم في وجه الثورة من صعاب، خاصة والبلاد ترزح تحت احتلال المستعمر الغاصب لجزء من أراضيها، وكانت مهمة مجلس قيادة الثورة في خلال هذه الفترة غاية في القسوة والخطورة، حمل أفراد المجلس تلك التبعة الملقاة على عاتقهم ورائدهم الوصول بأمتنا العزيزة إلى بر الأمان مهما كلفهم هذا من جهد وبذل.

ومما زاد منذ اللحظة الأولى في قسوة وخطورة هذه التبعة الملقاة على أعضاء مجلس قيادة الثورة أنهم كانوا قد قرروا وقت تدبيرهم وتحضيرهم للثورة في الخفاء قبل قيامهم أن يقدموا للشعب قائداً للثورة من غير أعضاء مجلس قيادتهم وكلهم من الشبان، واختاروا فعلاً فيما بينهم اللواء أركان حرب محمد نجيب ليقدم قائداً للثورة، وكان بعيداً عن صفوفهم، وهذا أمر طبيعي للتفاوت الكبير بين رتبته ورتبهم، وسنه وسنهم، وكان رائدهم في هذا الاختيار سمعته الحسنة الطيبة وعدم تلوثه بفساد قادة ذلك العهد.

وقد أخطر سيادته بأمر ذلك الاختيار قبل قيام الثورة بشهرين اثنين ووافق على ذلك.

وما أن علم سيادته بقيام الثورة عن طريق مكالمة تليفونية بين وزير الحربية فى ذلك الوقت السيد مرتضى المراغى وبينه وفى منزله حتى قام إلى مبنى قيادة الثورة واجتمع برجالها فور تسلمهم لزمام الأمور.

ومنذ تلك اللحظة أصبح الموقف دقيقاً؛ إذ أن أعمال ومناقشات مجلس قيادة الثورة استمرت أكثر من شهر بعيدة عن أن يشترك فيها اللواء محمد نجيب إذ أنه حتى ذلك الوقت وعلى وجه التحديد يوم ٢٥ أغسطس سنة ١٩٥٢ لم يكن سيادته قد ضم إلى أعضاء مجلس الثورة.

وقد صدر قرار المجلس فى ذلك اليوم بضمه لعضويته كما صدر قرار بأن تسند إليه رئاسة المجلس بعد أن تنازل له عنها البكباشى أركان حرب جمال عبد الناصر الذى جدد انتخابه بواسطة المجلس قبل قيام الثورة كرئيس للمجلس لمدة عام ينتهى فى أخر أكتوبر سنة ١٩٥٢.

نتيجة لذلك الموقف الشاذ ظل اللواء محمد نجيب يعانى أزمة نفسية عانينا منها الكثير رغم قيامنا جميعاً بإظهاره للعالم أجمع بمظهر الرئيس الفعلى والقائد الحقيقى للثورة ومجلسها مع المحافظة على كافة مظاهر تلك القيادة.

وبعد أقل من ستة شهور بدأ سيادته يطلب بين وقت وآخر من المجلس منحه سلطات تفوق سلطة العضو العادى بالمجلس، ولم يقبل المجلس مطلقاً أن يحيد عن لائحته التى وضعت قبل الثورة بسنين طويلة إذ تقضى بمساواة كافة الأعضاء بما فيهم الرئيس فى السلطة، فقط إذا تساوت الأصوات عند أخذها بين فريقين فى المجلس فترجح الكفة التى يقف الرئيس بجانبها.

ورغم تعيين سيادته رئيساً للجمهورية مع احتفاظه برئاسة مجلس الوزراء ورئاسته للمؤتمر المشترك إلا أنه لم ينفك يصر ويطلب بين وقت وأخر أن تكون له اختصاصات تفوق اختصاصات المجلس، وكان إصرارنا على الرفض الكلى لكى نكفل أقصى الضمانات لتوزيع سلطة السيادة فى الدولة على أعضاء المجلس مجتمعين.

وأخيراً تقدم سيادته بطلبات محددة وهى:

أن تكون له سلطة حق الاعتراض على أى قرار يجمع عليه أعضاء المجلس، علماً بأن لائحة المجلس توجب إصدار أى قرار يوافق عليه أغلبية الأعضاء.

كما طلب أن يباشر سلطة تعيين الوزراء وعزلهم وكذا سلطة الموافقة على ترقية وعزل الضباط وحتى تنقلاتهم؛ أى أنه طالب إجمالاً بسلطة فردية مطلقة.

ولقد حاولنا بكافة الطرق الممكنة طوال الشهور العشرة الماضية أن نقنعه بالرجوع عن طلباته هذه التى تعود بالبلاد إلى حكم الفرد المطلق، وهو ما لا يمكن نرضاه لثورتنا، ولكننا عجزنا عن إقناعه عجزاً تاماً وتوالت اعتكافاته بين وقت وأخر حتى يجبرنا على الموافقة على طلباته هذه، إلى أن وضعنا منذ أيام ثلاثة أمام أمر واقع مقدماً استقالته وهو يعلم أن أى شقاق يحدث فى المجلس فى مثل هذه الظروف لا تؤمن عواقبه.

أيها المواطنون

لقد احتمل أعضاء المجلس هذا الضغط المستمر فى وقت يجابهون فيه المشاكل القاسية التى تواجه البلاد والتى ورثتها عن العهود البائدة.

يحدث كل ذلك والبلاد تكافح كفاح المستميت ضد مغتصب فى مصر والسودان وضد عدو غادر يرابط على حدودها مع خوضها معركة اقتصادية مريرة وإصلاحاً لأداة الحكم وزيادة الإنتاج إلى أخر تلك المعارك التى خاضتها الثورة ووطدت أقدامها بقوة فى أكثر من ميدان من ميادينها.

واليوم قرر مجلس قيادة الثورة بالإجماع ما يلى:

أولاً: قبول الاستقالة المقدمة من اللواء أركان حرب محمد نجيب من جميع الوظائف التى يشغلها.

ثانياً: يستمر مجلس قيادة الثورة بقيادة البكباشى أركان حرب جمال عبد الناصر فى تولى كافة سلطاته الحالية إلى أن تحقق الثورة أهم أهدافها وهو إجلاء المستعمر عن أرض الوطن.


حل جماعة الاخوان المسلمين

ثالثاً: تعيين البكباشى أركان حرب جمال عبد الناصر رئيساً لمجلس الوزراء.

ونعود فنكرر أن تلك الثورة ستستمر حريصة على مُثلها العليا مهما أحاطت بها من عقبات وصعاب، والله كفيل برعايتها إنه نعم المولى ونعم النصير، والله ولى التوفيق".

وسرعان ما تم تدارك مظاهر ذلك الخلاف فقبل مجلس قيادة الثورة عودة محمد نجيب إلى رئاسة الجمهورية في بيان صدر في ٢٧ فبراير ١٩٥٤.

ثم بدأت بعد ذلك أحداث الشغب التي دبرتها جماعة الإخوان المسلمين التي أصدر مجلس قيادة الثورة قراراً مسبقاً بحلها في ١٤ يناير ١٩٥٤، (قرار المجلس بحل جماعة الإخوان المسلمين) وقد تورط أيضاً بعض عناصر النظام القديم في هذه الأحداث.



السماح بقيام أحزاب وإلغاء الحرمان من الحقوق السياسية

ووقد تجلى الصراع داخل مجلس قيادة الثورة في هذه الفترة في القرارات التي صدرت عنه وفيها تراجعاً عن المضى في الثورة، فأولاً ألغيت الفترة الانتقالية التي حددت بثلاث سنوات، وتقرر في ٥ مارس ١٩٥٤ اتخاذ الإجراءات فوراً لعقد جمعية تأسيسية تنتخب بالاقتراع العام المباشر على أن تجتمع في يوليه ١٩٥٤ وتقوم بمناقشة مشروع الدستور الجديد وإقراره والقيام بمهمة البرلمان إلى الوقت الذي يتم فيه عقد البرلمان الجديد وفقاً لأحكام الدستور الذي ستقره الجمعية التأسيسية. وفى نفس الوقت تقرر إلغاء الأحكام العرفية والرقابة على الصحافة والنشر.

وثانياً: قرر مجلس قيادة الثورة تعيين محمد نجيب رئيساً للمجلس ورئيساً لمجلس الوزراء بعد أن تنحى جمال عبد الناصر عن رئاسة الوزارة وعاد نائباً لرئيس مجلس قيادة الثورة.

وأخيراً قرر مجلس قيادة الثورة في ٢٥ مارس ١٩٥٤ السماح بقيام الأحزاب وحل مجلس قيادة الثورة يوم ٢٤ يوليه ١٩٥٤ أي في يوم انتخاب الجمعية التأسيسية. (قرار المجلس بالسماح بقيام أحزاب).


إرجاء تنفيذ قرارات المجلس التى صدرت فى ٢٥ مارس ١٩٥٤

وبالرغم من إلغاء مجلس قيادة الثورة لتلك القرارات في ٢٩ مارس ١٩٥٤ (قرار المجلس بإرجاء تنفيذ قرارات ٢٥ مارس ١٩٥٤) إلا أن الأزمة التي حدثت في مجلس قيادة الثورة أحدثت انقساماً داخله بين محمد نجيب يؤيده خالد محيى الدين وبين جمال عبد الناصر وباقي الأعضاء.

وقد انعكس هذا الصراع على الجيش، كما حاول السياسيون استغلاله وخاصة الإخوان المسلمين وأنصار الأحزاب القديمة الذين كانوا فى صف نجيب وعلى اتصال به.

وفى ١٧ أبريل ١٩٥٤ تولى جمال عبد الناصر رئاسة مجلس الوزراء واقتصر محمد نجيب على رئاسة الجمهورية إلى أن جرت محاولة لاغتيال جمال عبد الناصر على يد الإخوان المسلمين عندما أطلق عليه الرصاص أحد أعضاء الجماعة وهو يخطب في ميدان المنشية بالإسكندرية في ٢٦ أكتوبر ١٩٥٤، وثبت من التحقيقات مع الإخوان المسلمين أن محمد نجيب كان على اتصال بهم وأنه كان معتزماً تأييدهم إذا ما نجحوا في قلب نظام الحكم. وهنا قرر مجلس قيادة الثورة في ١٤ نوفمبر ١٩٥٤ إعفاء محمد نجيب من جميع مناصبه على أن يبقى منصب رئيس الجمهورية شاغراً وأن يستمر مجلس قيادة الثورة في تولى كافة سلطاته بقيادة جمال عبد الناصر.


إعفاء اللواء محمد نجيب من جميع المناصب التى يشغلها


وفى ٢٤ يونيه ١٩٥٦ انتخب جمال عبد الناصر رئيساً للجمهورية بالاستفتاء الشعبي وفقاً لدستور ١٦ يناير ١٩٥٦ ـ أول دستور للثورة.

وفى ٢٢ فبراير ١٩٥٨ أصبح جمال عبد الناصر رئيساً للجمهورية العربية المتحدة بعد إعلان الوحدة بين مصر وسوريا، وذلك حتى مؤامرة الانفصال التي قام بها أفراد من الجيش السوري في ٢٨ سبتمبر ١٩٦١.

وظل جمال عبد الناصر رئيساً للجمهورية العربية المتحدة حتى رحل في ٢٨ سبتمبر ١٩٧٠.



--------------------------------------------------------------------------------
هذا الموقع تم بناءه بالتعاون المشترك بين مكتبة الإسكندرية و مؤسسة جمال عبد الناصر
مكتبة الإسكندرية

salem elkotamy يقول...

ولد جمال عبد الناصر في ١٥ يناير ١٩١٨ في ١٨ شارع قنوات في حي باكوس الشعبي بالإسكندرية .

كان جمال عبد الناصر الابن الأكبر لعبد الناصر حسين الذي ولد في عام ١٨٨٨ في قرية بني مر في صعيد مصر في أسره من الفلاحين، ولكنه حصل على قدر من التعليم سمح له بأن يلتحق بوظيفة في مصلحة البريد بالإسكندرية، وكان مرتبه يكفى بصعوبة لسداد ضرورات الحياة .

جمال عبد الناصر فى المرحلة الابتدائية:
التحق جمال عبد الناصر بروضة الأطفال بمحرم بك بالإسكندرية، ثم التحق بالمدرسة الابتدائية بالخطاطبه في عامي ١٩٢٣ ، ١٩٢٤ .

وفى عام ١٩٢٥ دخل جمال مدرسة النحاسين الابتدائية بالجمالية بالقاهرة وأقام عند عمه خليل حسين في حي شعبي لمدة ثلاث سنوات، وكان جمال يسافر لزيارة أسرته بالخطاطبه في العطلات المدرسية، وحين وصل في الإجازة الصيفية في العام التالي – ١٩٢٦ – علم أن والدته قد توفيت قبل ذلك بأسابيع ولم يجد أحد الشجاعة لإبلاغه بموتها، ولكنه اكتشف ذلك بنفسه بطريقة هزت كيانه – كما ذكر لـ "دافيد مورجان" مندوب صحيفة "الصنداى تايمز" – ثم أضاف: "لقد كان فقد أمي في حد ذاته أمراً محزناً للغاية، أما فقدها بهذه الطريقة فقد كان صدمة تركت في شعوراً لا يمحوه الزمن. وقد جعلتني آلامي وأحزاني الخاصة في تلك الفترة أجد مضضاً بالغاً في إنزال الآلام والأحزان بالغير في مستقبل السنين ".

وبعد أن أتم جمال السنة الثالثة في مدرسة النحاسين بالقاهرة، أرسله والده في صيف ١٩٢٨ عند جده لوالدته فقضى السنة الرابعة الابتدائية في مدرسة العطارين بالإسكندرية .

جمال عبد الناصر فى المرحلة الثانوية:


عبد الناصر اثناء دراسته فى مدرسة حلوان الثانوية


التحق جمال عبد الناصر في عام ١٩٢٩ بالقسم الداخلي في مدرسة حلوان الثانوية وقضى بها عاماً واحداً، ثم نقل في العام التالي – ١٩٣٠ – إلى مدرسة رأس التين الثانوية بالإسكندرية بعد أن انتقل والده إلى العمل بمصلحة البوسطة هناك .



وفى تلك المدرسة تكون وجدان جمال عبد الناصر القومي؛ ففي عام ١٩٣٠ استصدرت وزارة إسماعيل صدقي مرسوماً ملكياً بإلغاء دستور ١٩٢٣ فثارت مظاهرات الطلبة تهتف بسقوط الاستعمار وبعودة الدستور.

ويحكى جمال عبد الناصر عن أول مظاهرة اشترك فيها: "كنت أعبر ميدان المنشية في الإسكندرية حين وجدت اشتباكاً بين مظاهرة لبعض التلاميذ وبين قوات من البوليس، ولم أتردد في تقرير موقفي؛ فلقد انضممت على الفور إلى المتظاهرين، دون أن أعرف أي شئ عن السبب الذي كانوا يتظاهرون من أجله، ولقد شعرت أنني في غير حاجة إلى سؤال؛ لقد رأيت أفراداً من الجماهير في صدام مع السلطة، واتخذت موقفي دون تردد في الجانب المعادى للسلطة.

ومرت لحظات سيطرت فيها المظاهرة على الموقف، لكن سرعان ما جاءت إلى المكان الإمدادات؛ حمولة لوريين من رجال البوليس لتعزيز القوة، وهجمت علينا جماعتهم، وإني لأذكر أنى – في محاولة يائسة – ألقيت حجراً، لكنهم أدركونا في لمح البصر، وحاولت أن أهرب، لكنى حين التفت هوت على رأسي عصا من عصى البوليس، تلتها ضربة ثانية حين سقطت، ثم شحنت إلى الحجز والدم يسيل من رأسي مع عدد من الطلبة الذين لم يستطيعوا الإفلات بالسرعة الكافية.

ولما كنت في قسم البوليس، وأخذوا يعالجون جراح رأسي؛ سألت عن سبب المظاهرة، فعرفت أنها مظاهرة نظمتها جماعة مصر الفتاة في ذلك الوقت للاحتجاج على سياسة الحكومة.

وقد دخلت السجن تلميذاً متحمساً، وخرجت منه مشحوناً بطاقة من الغضب". (حديث عبد الناصر مع "دافيد مورجان" مندوب "صحيفة الصنداى تايمز" ١٨/٦/١٩٦٢) .

ويعود جمال عبد الناصر إلى هذه الفترة من حياته في خطاب له بميدان المنشية بالإسكندرية في ٢٦/١٠/١٩٥٤ ليصف أحاسيسه في تلك المظاهرة وما تركته من آثار في نفسه: "حينما بدأت في الكلام اليوم في ميدان المنشية. سرح بي الخاطر إلى الماضي البعيد ... وتذكرت كفاح الإسكندرية وأنا شاب صغير وتذكرت في هذا الوقت وأنا اشترك مع أبناء الإسكندرية، وأنا أهتف لأول مرة في حياتي باسم الحرية وباسم الكرامة، وباسم مصر... أطلقت علينا طلقات الاستعمار وأعوان الاستعمار فمات من مات وجرح من جرح، ولكن خرج من بين هؤلاء الناس شاب صغير شعر بالحرية وأحس بطعم الحرية، وآلي على نفسه أن يجاهد وأن يكافح وأن يقاتل في سبيل الحرية التي كان يهتف بها ولا يعلم معناها؛ لأنه كان يشعر بها في نفسه، وكان يشعر بها في روحه وكان يشعر بها في دمه". لقد كانت تلك الفترة بالإسكندرية مرحلة تحول في حياة الطالب جمال من متظاهر إلى ثائر تأثر بحالة الغليان التي كانت تعانى منها مصر بسبب


مقال كتبه جمال عبد الناصر بعنوان "فولتير رجل الحرية"

تحكم الاستعمار وإلغاء الدستور. وقد ضاق المسئولون بالمدرسة بنشاطه ونبهوا والده فأرسله إلى القاهرة.

وقد التحق جمال عبد الناصر في عام ١٩٣٣ بمدرسة النهضة الثانوية بحي الظاهر بالقاهرة، واستمر في نشاطه السياسي فأصبح رئيس اتحاد مدارس النهضة الثانوية.

وفى تلك الفترة ظهر شغفه بالقراءة في التاريخ والموضوعات الوطنية فقرأ عن الثورة الفرنسية وعن "روسو" و"فولتير" وكتب مقالة بعنوان "فولتير رجل الحرية" نشرها بمجلة المدرسة. كما قرأ عن "نابليون" و"الإسكندر" و"يوليوس قيصر" و"غاندى" وقرأ رواية البؤساء لـ "فيكتور هيوجو" وقصة مدينتين لـ "شارلز ديكنز".(الكتب التي كان يقرأها عبد الناصر في المرحلة الثانوية). (الكتب التي كان يقرأها عبد الناصر في المرحلة الثانوية).

كذلك اهتم بالإنتاج الأدبي العربي فكان معجباً بأشعار أحمد شوقي وحافظ إبراهيم، وقرأ عن سيرة النبي محمد وعن أبطال الإسلام وكذلك عن مصطفى كامل، كما قرأ مسرحيات وروايات توفيق الحكيم خصوصاً رواية عودة الروح التي تتحدث عن ضرورة ظهور زعيم للمصريين يستطيع توحيد صفوفهم ودفعهم نحو النضال في سبيل الحرية والبعث الوطني.




الحفلة التمثيلية لمدارس النهضة المصرية تعرض مسرحية يوليوس قيصر ..

وفى ١٩٣٥ في حفل مدرسة النهضة الثانوية لعب الطالب جمال عبد الناصر دور "يوليوس قيصر" بطل تحرير الجماهير في مسرحية "شكسبير" في حضور وزير المعارف في ذلك الوقت.

وقد شهد عام ١٩٣٥ نشاطاً كبيراً للحركة الوطنية المصرية التي لعب فيها الطلبة الدور الأساسي مطالبين بعودة الدستور والاستقلال، ويكشف خطاب من جمال عبد الناصر إلى صديقه حسن النشار في ٤ سبتمبر ١٩٣٥ مكنون نفسه في هذه الفترة، فيقول: "لقد انتقلنا من نور الأمل إلى ظلمة اليأس ونفضنا بشائر الحياة واستقبلنا غبار الموت، فأين من يقلب كل ذلك رأساً على عقب، ويعيد مصر إلى سيرتها الأولى يوم أن كانت مالكة العالم. أين من يخلق خلفاً جديداً لكي يصبح المصري الخافت الصوت الضعيف الأمل الذي يطرق برأسه ساكناً صابراً على اهتضام حقه ساهياً عن التلاعب بوطنه يقظاً عالي الصوت عظيم الرجاء رافعاً رأسه يجاهد بشجاعة وجرأه في طلب الاستقلال والحرية... قال مصطفى كامل ' لو نقل قلبي من اليسار إلى اليمين أو تحرك الأهرام من مكانه المكين أو تغير مجرى [النيل] فلن أتغير عن المبدأ ' ... كل ذلك مقدمة طويلة لعمل أطول وأعظم فقد تكلمنا مرات عده في عمل يوقظ الأمة من غفوتها ويضرب على الأوتار الحساسة من القلوب ويستثير ما كمن في الصدور. ولكن كل ذلك لم يدخل في حيز العمل إلى الآن".(خطاب عبد الناصر لحسن النشار... ٤/٩/١٩٣٥).


خطاب عبد الناصر لحسن النشار عن الحركة الوطنية بين الطلبة لعودة الدستور والاستقلال

ووبعد ذلك بشهرين وفور صدور تصريح "صمويل هور" – وزير الخارجية البريطانية – في ٩ نوفمبر١٩٣٥ معلناً رفض بريطانيا لعودة الحياة الدستورية في مصر، اندلعت مظاهرات الطلبة والعمال في البلاد، وقاد جمال عبد الناصر في ١٣ نوفمبر مظاهرة من تلاميذ المدارس الثانوية واجهتها قوة من البوليس الإنجليزي فأصيب جمال بجرح في جبينه سببته رصاصة مزقت الجلد ولكنها لم تنفذ إلى الرأس، وأسرع به زملاؤه إلى دار جريدة الجهاد التي تصادف وقوع الحادث بجوارها ونشر اسمه في العدد الذي صدر صباح اليوم التالي بين أسماء الجرحى. (مجلة الجهاد ١٩٣٥).

وعن آثار أحداث تلك الفترة في نفسية جمال عبد الناصر قال في كلمة له في جامعة القاهرة في ١٥ نوفمبر ١٩٥٢: "وقد تركت إصابتي أثراً عزيزاً لا يزال يعلو وجهي فيذكرني كل يوم بالواجب الوطني الملقى على كاهلي كفرد من أبناء هذا الوطن العزيز. وفى هذا اليوم وقع صريع الظلم والاحتلال المرحوم عبد المجيد مرسى فأنساني ما أنا مصاب به، ورسخ في نفسي أن على واجباً أفنى في سبيله أو أكون أحد العاملين في تحقيقه حتى يتحقق؛ وهذا الواجب هو تحرير الوطن من الاستعمار، وتحقيق سيادة الشعب. وتوالى بعد ذلك سقوط الشهداء صرعى؛ فازداد إيماني بالعمل على تحقيق حرية مصر".

وتحت الضغط الشعبي وخاصة من جانب الطلبة والعمال صدر مرسوم ملكي في ١٢ ديسمبر ١٩٣٥ بعودة دستور ١٩٢٣.


مجلة الجهاد تنشر أسماء الجرحى فى مظاهرات نوفمبر

وقد انضم جمال عبد الناصر في هذا الوقت إلى وفود الطلبة التي كانت تسعى إلى بيوت الزعماء تطلب منهم أن يتحدوا من أجل مصر، وقد تألفت الجبهة الوطنية سنة ١٩٣٦ بالفعل على أثر هذه الجهود.

وقد كتب جمال في فترة الفوران هذه خطاباً إلى حسن النشار في ٢ سبتمبر ١٩٣٥ قال فيه: "يقول الله تعالى: وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة، فأين تلك القوة التي نستعد بها لهم؛ إن الموقف اليوم دقيق ومصر في موقف أدق...".

ووصف جمال عبد الناصر شعوره في كتاب "فلسفة الثورة" فقال: "وفى تلك الأيام قدت مظاهرة في مدرسة النهضة، وصرخت من أعماقي بطلب الاستقلال التام، وصرخ ورائي كثيرون، ولكن صراخنا ضاع هباء وبددته الرياح أصداء واهية لا تحرك الجبال ولا تحطم الصخور".

إلا أن اتحاد الزعماء السياسيين على كلمة واحدة كان فجيعة لإيمان جمال عبد الناصر، على حد تعبيره في كتاب "فلسفة الثورة"، فإن الكلمة الواحدة التي اجتمعوا عليها كانت معاهدة ١٩٣٦ التي قننت الاحتلال، فنصت على أن تبقى في مصر قواعد عسكرية لحماية وادي النيل وقناة السويس من أي اعتداء، وفى حال وقوع حرب تكون الأراضي المصرية بموانيها ومطاراتها وطرق مواصلاتها تحت تصرف بريطانيا، كما نصت المعاهدة على بقاء الحكم الثنائي في السودان.

وكان من نتيجة النشاط السياسي المكثف لجمال عبد الناصر في هذه الفترة الذي رصدته تقارير البوليس أن قررت مدرسة النهضة فصله بتهمة تحريضه الطلبة على الثورة، إلا أن زملائه ثاروا وأعلنوا الإضراب العام وهددوا بحرق المدرسة فتراجع ناظر المدرسة في قراره.

ومنذ المظاهرة الأولى التي اشترك فيها جمال عبد الناصر بالإسكندرية شغلت السياسة كل وقته، وتجول بين التيارات السياسية التي كانت موجودة في هذا الوقت فانضم إلى مصر الفتاة لمدى عامين، ثم انصرف عنها بعد أن اكتشف أنها لا تحقق شيئاً، كما كانت له اتصالات متعددة بالإخوان المسلمين إلا أنه قد عزف عن الانضمام لأي من الجماعات أو الأحزاب القائمة لأنه لم يقتنع بجدوى أياً منها ،"فلم يكن هناك حزب مثالي يضم جميع العناصر لتحقيق الأهداف الوطنية".

كذلك فإنه وهو طالب في المرحلة الثانوية بدأ الوعي العربي يتسلل إلى تفكيره، فكان يخرج مع زملائه كل عام في الثاني من شهر نوفمبر احتجاجاً على وعد "بلفور" الذي منحت به بريطانيا لليهود وطناً في فلسطين على حساب أصحابه الشرعيين.

جمال عبد الناصر ضابطاً:

عبد الناصر وهو فى طالب فى الكلية الحربية بعد ان انتقل اليها من كلية الحقوق

لما أتم جمال عبد الناصر دراسته الثانوية وحصل على البكالوريا في القسم الأدبي قرر الالتحاق بالجيش، ولقد أيقن بعد التجربة التي مر بها في العمل السياسي واتصالاته برجال السياسة والأحزاب التي أثارت اشمئزازه منهم أن تحرير مصر لن يتم بالخطب بل يجب أن تقابل القوة بالقوة والاحتلال العسكري بجيش وطني.

تقدم جمال عبد الناصر إلى الكلية الحربية فنجح في الكشف الطبي ولكنه سقط في كشف الهيئة لأنه حفيد فلاح من بني مر وابن موظف بسيط لا يملك شيئاً، ولأنه اشترك في مظاهرات ١٩٣٥، ولأنه لا يملك واسطة.

ولما رفضت الكلية الحربية قبول جمال، تقدم في أكتوبر ١٩٣٦ إلى كلية الحقوق في جامعة القاهرة ومكث فيها ستة أشهر إلى أن عقدت معاهدة ١٩٣٦ واتجهت النية إلى زيادة عدد ضباط الجيش المصري من الشباب بصرف النظر عن طبقتهم الاجتماعية أو ثروتهم، فقبلت الكلية الحربية دفعة في خريف ١٩٣٦ وأعلنت وزارة الحربية عن حاجتها لدفعة ثانية، فتقدم جمال مرة ثانية للكلية الحربية ولكنه توصل إلى مقابلة وكيل وزارة الحربية اللواء إبراهيم خيري الذي أعجب بصراحته ووطنيته وإصراره على أن يصبح ضابطاً فوافق على دخوله في الدورة التالية؛ أي في مارس ١٩٣٧.

لقد وضع جمال عبد الناصر أمامه هدفاً واضحاً في الكلية الحربية وهو "أن يصبح ضابطاً ذا كفاية وأن يكتسب المعرفة والصفات التي تسمح له بأن يصبح قائداً"، وفعلاً أصبح "رئيس فريق"، وأسندت إليه منذ أوائل ١٩٣٨ مهمة تأهيل الطلبة المستجدين الذين كان من بينهم عبد الحكيم عامر. وطوال فترة الكلية لم يوقع على جمال أي جزاء، كما رقى إلى رتبة أومباشى طالب.


الملازم ثان عبد الناصر

تخرج جمال عبد الناصر من الكلية الحربية بعد مرور ١٧ شهراً، أي في يوليه ١٩٣٨، فقد جرى استعجال تخريج دفعات الضباط في ذلك الوقت لتوفير عدد كافي من الضباط المصريين لسد الفراغ الذي تركه انتقال القوات البريطانية إلى منطقة قناة السويس.

وقد كانت مكتبة الكلية الحربية غنية بالكتب القيمة، فمن لائحة الاستعارة تبين أن جمال قرأ عن سير عظماء التاريخ مثل "بونابرت" و"الإسكندر" و"جاليباردى" و"بسمارك" و"مصطفى كمال أتاتورك" و"هندنبرج" و"تشرشل" و"فوش". كما قرأ الكتب التي تعالج شئون الشرق الأوسط والسودان ومشكلات الدول التي على البحر المتوسط والتاريخ العسكري. وكذلك قرأ عن الحرب العالمية الأولى وعن حملة فلسطين، وعن تاريخ ثورة ١٩١٩.(الكتب التى كان يقرأها عبد الناصر فى الكلية الحربية).

التحق جمال عبد الناصر فور تخرجه بسلاح المشاة ونقل إلى منقباد في الصعيد، وقد أتاحت له إقامته هناك أن ينظر بمنظار جديد إلى أوضاع الفلاحين وبؤسهم. وقد التقى في منقباد بكل من زكريا محيى الدين وأنور السادات.

وفى عام ١٩٣٩ طلب جمال عبد الناصر نقله إلى السودان، فخدم في الخرطوم وفى جبل الأولياء، وهناك قابل زكريا محيى الدين وعبد الحكيم عامر. وفى مايو ١٩٤٠ رقى إلى رتبة الملازم أول.


عبد الناصر مع الحامية المصرية بالسودان


لقد كان الجيش المصري حتى ذلك الوقت جيشاً غير مقاتل، وكان من مصلحة البريطانيين أن يبقوه على هذا الوضع، ولكن بدأت تدخل الجيش طبقة جديدة من الضباط الذين كانوا ينظرون إلى مستقبلهم في الجيش كجزء من جهاد أكبر لتحرير شعبهم. وقد ذهب جمال إلى منقباد تملؤه المثل العليا، ولكنه ورفقائه أصيبوا بخيبة الأمل فقد كان معظم الضباط "عديمي الكفاءة وفاسدين"، ومن هنا اتجه تفكيره إلى إصلاح الجيش وتطهيره من الفساد. وقد كتب لصديقه حسن النشار في ١٩٤١ من جبل الأولياء بالسودان: "على العموم يا حسن أنا مش عارف ألاقيها منين واللا منين.. هنا في عملي كل عيبي إني دغرى لا أعرف الملق ولا الكلمات الحلوة ولا التمسح بالأذيال.


خطاب عبد الناصر لحسن النشار عن وضع الجيش فى جبل الأولياء فى السودان

شخص هذه صفاته يحترم من الجميع ولكن.. الرؤساء. الرؤساء يا حسن يسوءهم ذلك الذي لا يسبح بحمدهم.. يسوءهم ذلك الذي لا يتملق إليهم.. فهذه كبرياء وهم شبوا على الذلة في كنف الاستعمار.. يقولون.. كما كنا يجب أن يكونوا. كما رأينا يجب أن يروا.. والويل كل الويل لذلك... الذي تأبى نفسه السير على منوالهم... ويحزنني يا حسن أن أقول إن هذا الجيل الجديد قد أفسده الجيل القديم متملقاً.. ويحزنني يا حسن أن أقول أننا نسير إلى الهاوية – الرياء – النفاق الملق - تفشى في الأصاغر نتيجة لمعاملة الكبار. أما أنا فقد صمدت ولازلت، ولذلك تجدني في عداء مستحكم مستمر مع هؤلاء الكبار...". (خطاب عبد الناصر لحسن النشار..١٩٤١ ... ينشر لأول مرة)

وفى نهاية عام ١٩٤١ بينما كان "روميل" يتقدم نحو الحدود المصرية الغربية عاد جمال عبد الناصر إلى مصر ونقل إلى كتيبة بريطانية تعسكر خلف خطوط القتال بالقرب من العلمين.

ويذكر جمال عبد الناصر: "في هذه المرحلة رسخت فكرة الثورة في ذهني رسوخاً تاماً، أما السبيل إلى تحقيقها فكانت لا تزال بحاجة إلى دراسة، وكنت يومئذ لا أزال أتحسس طريقي إلى ذلك، وكان معظم جهدي في ذلك الوقت يتجه إلى تجميع عدد كبير من الضباط الشبان الذين أشعر أنهم يؤمنون في قراراتهم بصالح الوطن؛ فبهذا وحده كنا نستطيع أن نتحرك حول محور واحد هو خدمة هذه القضية المشتركة".

وأثناء وجوده في العلمين جرت أحداث ٤ فبراير ١٩٤٢ حينما توجه السفير البريطاني – "السير مايلز لامسبون" – ليقابل الملك فاروق بسراي عابدين في القاهرة بعد أن حاصر القصر بالدبابات البريطانية، وسلم الملك إنذاراً يخيره فيه بين إسناد رئاسة الوزراء إلى مصطفى النحاس مع إعطائه الحق في تشكيل مجلس وزراء متعاون مع بريطانيا وبين الخلع، وقد سلم الملك بلا قيد ولا شرط.

ويذكر جمال عبد الناصر أنه منذ ذلك التاريخ لم يعد شئ كما كان أبداً، فكتب إلى صديقه حسن النشار في ١٦ فبراير ١٩٤٢ يقول: "وصلني جوابك، والحقيقة أن ما به جعلني أغلى غلياناً مراً، وكنت على وشك الانفجار من الغيظ، ولكن ما العمل بعد أن وقعت الواقعة وقبلناها مستسلمين خاضعين خائفين. والحقيقة أنى أعتقد أن الإنجليز كانوا يلعبون بورقة واحده في يدهم بغرض التهديد فقط، ولكن لو كانوا أحسوا أن بعض المصريين ينوون التضحية بدمائهم ويقابلوا القوة بالقوة لانسحبوا كأي امرأة من العاهرات.

أما نحن. أما الجيش فقد كان لهذا الحادث تأثير جديد على الوضع والإحساس فيه، فبعد أن كنت ترى الضباط لا يتكلمون إلا عن النساء واللهو، أصبحوا يتكلمون عن التضحية والاستعداد لبذل النفوس في سبيل الكرامة.


خطاب عبد الناصر لحسن النشار يبرز فيه موقفه من أحداث ٤ فبراير ١٩٤٢

وأصبحت تراهم وكلهم ندم لأنهم لم يتدخلوا – مع ضعفهم الظاهر – ويردوا للبلاد كرامتها ويغسلوها بالدماء.. ولكن إن غداً لقريب.. حاول البعض بعد الحادث أن يعملوا شئ بغرض الانتقام، لكن كان الوقت قد فات أما القلوب فكلها نار وأسى. عموماً فإن هذه الحركة أو هذه الطعنة ردت الروح إلى بعض الأجساد وعرفتهم أن هناك كرامة يجب أن يستعدوا للدفاع عنها، وكان هذا درساً ولكنه كان درساً قاسياً". (خطاب عبد الناصر لحسن النشار... ١٦/٢/١٩٤٢).

ررقى جمال عبد الناصر إلى رتبة اليوزباشى (نقيب) في ٩ سبتمبر ١٩٤٢. وفى ٧ فبراير ١٩٤٣ عين مدرساً بالكلية الحربية. ومن قائمة مطالعاته في هذه الفترة يتضح أنه قرأ لكبار المؤلفين العسكريين من أمثال "ليدل هارت" و"كلاوزفيتز"، كما قرأ مؤلفات الساسة والكتاب السياسيين مثل "كرومويل" و"تشرشل". وفى هذه الفترة كان جمال عبد الناصر يعد العدة للالتحاق بمدرسة أركان حرب.

وفى ٢٩ يونيه ١٩٤٤ تزوج جمال عبد الناصر من تحية محمد كاظم – ابنة تاجر من رعايا إيران – كان قد تعرف على عائلتها عن طريق عمه خليل حسين، وقد أنجب ابنتيه هدى ومنى وثلاثة أبناء هم خالد وعبد الحميد وعبد الحكيم. لعبت تحية دوراً هاماً في حياته خاصة في مرحلة الإعداد للثورة واستكمال خلايا تنظيم الضباط الأحرار، فقد تحملت أعباء أسرته الصغيرة - هدى ومنى - عندما كان في حرب فلسطين، كما ساعدته في إخفاء السلاح حين كان يدرب الفدائيين المصريين للعمل ضد القاعدة البريطانية في قناة السويس في ١٩٥١، ١٩٥٢.

تنظيم الضباط الأحرار:
شهد عام ١٩٤٥ انتهاء الحرب العالمية الثانية وبداية حركة الضباط الأحرار، ويقول جمال عبد الناصر في حديثة إلى "دافيد مورجان": "وقد ركزت حتى ١٩٤٨ على تأليف نواة من الناس الذين بلغ استياؤهم من مجرى الأمور في مصر مبلغ استيائي، والذين توفرت لديهم الشجاعة الكافية والتصميم الكافي للإقدام على التغيير اللازم. وكنا يومئذ جماعة صغيرة من الأصدقاء المخلصين نحاول أن نخرج مثلنا العليا العامة في هدف مشترك وفى خطة مشتركة".

وعقب صدور قرار تقسيم فلسطين في سبتمبر ١٩٤٧ عقد الضباط الأحرار اجتماعاً واعتبروا أن اللحظة جاءت للدفاع عن حقوق العرب ضد هذا الانتهاك للكرامة الإنسانية والعدالة الدولية، واستقر رأيهم على مساعدة المقاومة في فلسطين.

وفى اليوم التالي ذهب جمال عبد الناصر إلى مفتى فلسطين الذي كان لاجئاً يقيم في مصر الجديدة فعرض عليه خدماته وخدمات جماعته الصغيرة كمدربين لفرقة المتطوعين وكمقاتلين معها. وقد أجابه المفتى بأنه لا يستطيع أن يقبل العرض دون موافقة الحكومة المصرية. وبعد بضعة أيام رفض العرض فتقدم بطلب إجازة حتى يتمكن من الانضمام إلى المتطوعين، لكن قبل أن يبت في طلبه أمرت الحكومة المصرية الجيش رسمياً بالاشتراك في الحرب. فسافر جمال إلى فلسطين في ١٦ مايو ١٩٤٨، بعد أن كان قد رقى إلى رتبة صاغ (رائد) في أوائل عام ١٩٤٨.

لقد كان لتجربة حرب فلسطين آثاراً بعيدة على جمال عبد الناصر فعلى حد قولة: "فلم يكن هناك تنسيق بين الجيوش العربية، وكان عمل القيادة على أعلى مستوى في حكم المعدوم، وتبين أن أسلحتنا في كثير من الحالات أسلحة فاسدة، وفى أوج القتال صدرت الأوامر لسلاح المهندسين ببناء شاليه للاستجمام في غزه للملك فاروق.

وقد بدا أن القيادة العليا كانت مهمتها شيئاً واحداً هو احتلال أوسع رقعة ممكنة من الأرض بغض النظر عن قيمتها الإستراتيجية، وبغض النظر عما إذا كانت تضعف مركزنا العام في القدرة على إلحاق الهزيمة بالعدو خلال المعركة أم لا.

وقد كنت شديد الاستياء من ضباط الفوتيلات أو محاربي المكاتب الذين لم تكن لديهم أية فكرة عن ميادين القتال أو عن آلام المقاتلين.

وجاءت القطرة الأخيرة التي طفح بعدها الكيل حين صدرت الأوامر إلىّ بأن أقود قوة من كتيبة المشاة السادسة إلى عراق سويدان التي كان الإسرائيليون يهاجمونها، وقبل أن أبدأ في التحرك نشرت تحركاتنا كاملة في صحف القاهرة. ثم كان حصار الفالوجا الذي عشت معاركه؛ حيث ظلت القوات المصرية تقاوم رغم أن القوات الإسرائيلية كانت تفوقها كثيراً من ناحية العدد حتى انتهت الحرب بالهدنة التي فرضتها الأمم المتحدة " في ٢٤ فبراير ١٩٤٩.

وقد جرح جمال عبد الناصر مرتين أثناء حرب فلسطين ونقل إلى المستشفى. ونظراً للدور المتميز الذي قام به خلال المعركة فإنه منح نيشان "النجمة العسكرية" في عام ١٩٤٩.

وبعد رجوعه إلى القاهرة أصبح جمال عبد الناصر واثقاً أن المعركة الحقيقية هي في مصر، فبينما كان ورفاقه يحاربون في فلسطين كان السياسيون المصريون يكدسون الأموال من أرباح الأسلحة الفاسدة التي اشتروها رخيصة وباعوها للجيش.

وقد أصبح مقتنعاً أنه من الضروري تركيز الجهود لضرب أسرة محمد على؛ فكان الملك فاروق هو هدف تنظيم الضباط الأحرار منذ نهاية ١٩٤٨ وحتى ١٩٥٢.

ووقد كان في نية جمال عبد الناصر القيام بالثورة في ١٩٥٥، لكن الحوادث أملت عليه قرار القيام بالثورة قبل ذلك بكثير.

وبعد عودته من فلسطين عين جمال عبد الناصر مدرساً في كلية أركان حرب التي كان قد نجح في امتحانها بتفوق في ١٢ مايو ١٩٤٨. وبدأ من جديد نشاط الضباط الأحرار وتألفت لجنة تنفيذية بقيادة جمال عبد الناصر، وتضم كمال الدين حسين وعبد الحكيم عامر وحسين إبراهيم وصلاح سالم وعبد اللطيف البغدادي وخالد محيى الدين وأنور السادات وحسين الشافعي وزكريا محيى الدين وجمال سالم، وهى اللجنة التي أصبحت مجلس الثورة فيما بعد عام ١٩٥٠، ١٩٥١.

وفى ٨ مايو ١٩٥١ رقى جمال عبد الناصر إلى رتبة البكباشى (مقدم) وفى نفس العام اشترك مع رفاقه من الضباط الأحرار سراً في حرب الفدائيين ضد القوات البريطانية في منطقة القناة التي استمرت حتى بداية ١٩٥٢، وذلك بتدريب المتطوعين وتوريد السلاح الذي كان يتم في إطار الدعوى للكفاح المسلح من جانب الشباب من كافة الاتجاهات السياسية والذي كان يتم خارج الإطار الحكومي.

وإزاء تطورات الحوادث العنيفة المتوالية في بداية عام ١٩٥٢ اتجه تفكير الضباط الأحرار إلى الاغتيالات السياسية لأقطاب النظام القديم على أنه الحل الوحيد. وفعلاً بدئوا باللواء حسين سرى عامر - أحد قواد الجيش الذين تورطوا في خدمة مصالح القصر – إلا أنه نجا من الموت، وكانت محاولة الاغتيال تلك هي الأولى والأخيرة التي اشترك فيها جمال عبد الناصر، فقد وافقه الجميع على العدول عن هذا الاتجاه، وصرف الجهود إلى تغيير ثوري إيجابي.

ومع بداية مرحلة التعبئة الثورية، صدرت منشورات الضباط الأحرار التي كانت تطبع وتوزع سراً. والتي دعت إلى إعادة تنظيم الجيش وتسليحه وتدريبه بجدية بدلاً من اقتصاره على الحفلات والاستعراضات، كما دعت الحكام إلى الكف عن تبذير ثروات البلاد ورفع مستوى معيشة الطبقات الفقيرة، وانتقدت الاتجار في الرتب والنياشين. وفى تلك الفترة اتسعت فضيحة الأسلحة الفاسدة إلى جانب فضائح اقتصادية تورطت فيها حكومة الوفد.

ثم حدث حريق القاهرة في ٢٦ يناير ١٩٥٢ بعد اندلاع المظاهرات في القاهرة احتجاجاً على مذبحة رجال البوليس بالإسماعيلية التي ارتكبتها القوات العسكرية البريطانية في اليوم السابق، والتي قتل فيها ٤٦ شرطياً وجرح ٧٢. لقد أشعلت الحرائق في القاهرة ولم تتخذ السلطات أي إجراء ولم تصدر الأوامر للجيش بالنزول إلى العاصمة إلا في العصر بعد أن دمرت النار أربعمائة مبنى، وتركت ١٢ ألف شخص بلا مأوى، وقد بلغت الخسائر ٢٢ مليون جنيهاً.

وفى ذلك الوقت كان يجرى صراعاً سافراً بين الضباط الأحرار وبين الملك فاروق فيما عرف بأزمة انتخابات نادي ضباط الجيش. حيث رشح الملك اللواء حسين سرى عامر المكروه من ضباط الجيش ليرأس اللجنة التنفيذية للنادي، وقرر الضباط الأحرار أن يقدموا قائمة مرشحيهم وعلى رأسهم اللواء محمد نجيب للرياسة، وقد تم انتخابه بأغلبية كبرى وبرغم إلغاء الانتخاب بتعليمات من الملك شخصياً، إلا أنه كان قد ثبت للضباط الأحرار أن الجيش معهم يؤيدهم ضد الملك، فقرر جمال عبد الناصر – رئيس الهيئة التأسيسية للضباط الأحرار – تقديم موعد الثورة التي كان محدداً لها قبل ذلك عام ١٩٥٥، وتحرك الجيش ليلة ٢٣ يوليو ١٩٥٢ وتم احتلال مبنى قيادة الجيش بكوبري القبة وإلقاء القبض على قادة الجيش الذين كانوا مجتمعين لبحث مواجهة حركة الضباط الأحرار بعد أن تسرب خبر عنها .

وبعد نجاح حركة الجيش قدم محمد نجيب على أنه قائد الثورة - وكان الضباط الأحرار قد فاتحوه قبلها بشهرين في احتمال انضمامه إليهم إذا ما نجحت المحاولة - إلا أن السلطة الفعلية كانت في يد مجلس قيادة الثورة الذي كان يرأسه جمال عبد الناصر حتى ٢٥ أغسطس ١٩٥٢ عندما صدر قرار من مجلس قيادة الثورة بضم محمد نجيب إلى عضوية المجلس وأسندت إليه رئاسته بعد أن تنازل له عنها جمال عبد الناصر.

بيان الثورة:
وفى صباح يوم ٢٣ يوليه وبعد احتلال دار الإذاعة تمت إذاعة بيان الثورة التالي:
"اجتازت مصر فترة عصيبة في تاريخها الأخير من الرشوة والفساد وعدم استقرار الحكم، وقد كان لكل هذه العوامل تأثير كبير على الجيش، وتسبب المرتشون والمغرضون في هزيمتنا في حرب فلسطين، وأما فترة ما بعد الحرب فقد تضافرت فيها عوامل الفساد، وتآمر الخونة على الجيش، وتولى أمره إما جاهل أو فاسد حتى تصبح مصر بلا جيش يحميها، وعلى ذلك فقد قمنا بتطهير أنفسنا، وتولى أمرنا في داخل الجيش رجال نثق في قدرتهم وفى خُلقهم وفى وطنيتهم، ولا بد أن مصر كلها ستتلقى هذا الخبر بالابتهاج والترحيب.

أما من رأينا اعتقالهم من رجال الجيش السابقين فهؤلاء لن ينالهم ضرر، وسيطلق سراحهم في الوقت المناسب، وإني أؤكد للشعب المصري أن الجيش اليوم كله أصبح يعمل لصالح الوطن في ظل الدستور مجرداً من أية غاية، وأنتهز هذه الفرصة فأطلب من الشعب ألا يسمح لأحد من الخونة بأن يلجأ لأعمال التخريب أو العنف؛ لأن هذا ليس في صالح مصر، وإن أي عمل من هذا القبيل سيقابل بشدة لم يسبق لها مثيل وسيلقى فاعله جزاء الخائن في الحال، وسيقوم الجيش بواجبه هذا متعاوناً مع البوليس، وإني أطمئن إخواننا الأجانب على مصالحهم وأرواحهم وأموالهم، ويعتبر الجيش نفسه مسئولاً عنهم، والله ولى التوفيق".

وبعد نجاح الثورة بثلاثة أيام – أي في ٢٦ يوليه – أجبر الملك فاروق على التنازل عن العرش لابنه أحمد فؤاد ومغادرة البلاد. وفى اليوم التالي أعيد انتخاب جمال عبد الناصر رئيساً للهيئة التأسيسية للضباط الأحرار.

وفى ١٨ يونيه ١٩٥٣ صدر قرار من مجلس قيادة الثورة بإلغاء الملكية وإعلان الجمهورية، وبإسناد رئاسة الجمهورية إلى محمد نجيب إلى جانب رئاسته للوزارة التي شغلها منذ ٧ سبتمبر ١٩٥٢، أما جمال عبد الناصر فقد تولى أول منصباً عاماً كنائب رئيس الوزراء ووزير للداخلية في هذه الوزارة التي تشكلت بعد إعلان الجمهورية. وفى الشهر التالي ترك جمال عبد الناصر منصب وزير الداخلية – الذي تولاه زكريا محيى الدين – واحتفظ بمنصب نائب رئيس الوزراء.(قرار المجلس بإلغاء الملكية) .


قرار المجلس بإلغاء الملكية



تعيين جمال عبد الناصر رئيساً لمجلس قيادة الثورة:
وفى فبراير ١٩٥٤ استقال محمد نجيب بعد أن اتسعت الخلافات بينه وبين أعضاء مجلس قيادة الثورة، وعين جمال عبد الناصر رئيساً لمجلس قيادة الثورة ورئيساً لمجلس الوزراء. وفيما يلي البيان الذي أذاعه المجلس بأسباب ذلك الخلاف في ٢٥ فبراير ١٩٥٤:

"أيها المواطنون

"لم يكن هدف الثورة التي حمل لواءها الجيش يوم ٢٣ يوليه سنة ١٩٥٢ أن يصل فرد أو أفراد إلى حكم أو سلطان أو أن يحصل كائن من كان على مغنم أو جاه، بل يشهد الله أن هذه الثورة ما قامت إلا لتمكين المُثل العليا في البلاد بعد أن افتقدتها طويلاً نتيجة لعهود الفساد والانحلال.

لقد قامت في وجه الثورة منذ اللحظة الأولى عقبات قاسية عولجت بحزم دون نظر إلى مصلحة خاصة لفرد أو جماعة، وبهذا توطدت أركانها واطرد تقدمها في سبيل بلوغ غاياتها.

ولا شك أنكم تقدرون خطورة ما أقيم في وجه الثورة من صعاب، خاصة والبلاد ترزح تحت احتلال المستعمر الغاصب لجزء من أراضيها، وكانت مهمة مجلس قيادة الثورة في خلال هذه الفترة غاية في القسوة والخطورة، حمل أفراد المجلس تلك التبعة الملقاة على عاتقهم ورائدهم الوصول بأمتنا العزيزة إلى بر الأمان مهما كلفهم هذا من جهد وبذل.

ومما زاد منذ اللحظة الأولى في قسوة وخطورة هذه التبعة الملقاة على أعضاء مجلس قيادة الثورة أنهم كانوا قد قرروا وقت تدبيرهم وتحضيرهم للثورة في الخفاء قبل قيامهم أن يقدموا للشعب قائداً للثورة من غير أعضاء مجلس قيادتهم وكلهم من الشبان، واختاروا فعلاً فيما بينهم اللواء أركان حرب محمد نجيب ليقدم قائداً للثورة، وكان بعيداً عن صفوفهم، وهذا أمر طبيعي للتفاوت الكبير بين رتبته ورتبهم، وسنه وسنهم، وكان رائدهم في هذا الاختيار سمعته الحسنة الطيبة وعدم تلوثه بفساد قادة ذلك العهد.

وقد أخطر سيادته بأمر ذلك الاختيار قبل قيام الثورة بشهرين اثنين ووافق على ذلك.

وما أن علم سيادته بقيام الثورة عن طريق مكالمة تليفونية بين وزير الحربية فى ذلك الوقت السيد مرتضى المراغى وبينه وفى منزله حتى قام إلى مبنى قيادة الثورة واجتمع برجالها فور تسلمهم لزمام الأمور.

ومنذ تلك اللحظة أصبح الموقف دقيقاً؛ إذ أن أعمال ومناقشات مجلس قيادة الثورة استمرت أكثر من شهر بعيدة عن أن يشترك فيها اللواء محمد نجيب إذ أنه حتى ذلك الوقت وعلى وجه التحديد يوم ٢٥ أغسطس سنة ١٩٥٢ لم يكن سيادته قد ضم إلى أعضاء مجلس الثورة.

وقد صدر قرار المجلس فى ذلك اليوم بضمه لعضويته كما صدر قرار بأن تسند إليه رئاسة المجلس بعد أن تنازل له عنها البكباشى أركان حرب جمال عبد الناصر الذى جدد انتخابه بواسطة المجلس قبل قيام الثورة كرئيس للمجلس لمدة عام ينتهى فى أخر أكتوبر سنة ١٩٥٢.

نتيجة لذلك الموقف الشاذ ظل اللواء محمد نجيب يعانى أزمة نفسية عانينا منها الكثير رغم قيامنا جميعاً بإظهاره للعالم أجمع بمظهر الرئيس الفعلى والقائد الحقيقى للثورة ومجلسها مع المحافظة على كافة مظاهر تلك القيادة.

وبعد أقل من ستة شهور بدأ سيادته يطلب بين وقت وآخر من المجلس منحه سلطات تفوق سلطة العضو العادى بالمجلس، ولم يقبل المجلس مطلقاً أن يحيد عن لائحته التى وضعت قبل الثورة بسنين طويلة إذ تقضى بمساواة كافة الأعضاء بما فيهم الرئيس فى السلطة، فقط إذا تساوت الأصوات عند أخذها بين فريقين فى المجلس فترجح الكفة التى يقف الرئيس بجانبها.

ورغم تعيين سيادته رئيساً للجمهورية مع احتفاظه برئاسة مجلس الوزراء ورئاسته للمؤتمر المشترك إلا أنه لم ينفك يصر ويطلب بين وقت وأخر أن تكون له اختصاصات تفوق اختصاصات المجلس، وكان إصرارنا على الرفض الكلى لكى نكفل أقصى الضمانات لتوزيع سلطة السيادة فى الدولة على أعضاء المجلس مجتمعين.

وأخيراً تقدم سيادته بطلبات محددة وهى:

أن تكون له سلطة حق الاعتراض على أى قرار يجمع عليه أعضاء المجلس، علماً بأن لائحة المجلس توجب إصدار أى قرار يوافق عليه أغلبية الأعضاء.

كما طلب أن يباشر سلطة تعيين الوزراء وعزلهم وكذا سلطة الموافقة على ترقية وعزل الضباط وحتى تنقلاتهم؛ أى أنه طالب إجمالاً بسلطة فردية مطلقة.

ولقد حاولنا بكافة الطرق الممكنة طوال الشهور العشرة الماضية أن نقنعه بالرجوع عن طلباته هذه التى تعود بالبلاد إلى حكم الفرد المطلق، وهو ما لا يمكن نرضاه لثورتنا، ولكننا عجزنا عن إقناعه عجزاً تاماً وتوالت اعتكافاته بين وقت وأخر حتى يجبرنا على الموافقة على طلباته هذه، إلى أن وضعنا منذ أيام ثلاثة أمام أمر واقع مقدماً استقالته وهو يعلم أن أى شقاق يحدث فى المجلس فى مثل هذه الظروف لا تؤمن عواقبه.

أيها المواطنون

لقد احتمل أعضاء المجلس هذا الضغط المستمر فى وقت يجابهون فيه المشاكل القاسية التى تواجه البلاد والتى ورثتها عن العهود البائدة.

يحدث كل ذلك والبلاد تكافح كفاح المستميت ضد مغتصب فى مصر والسودان وضد عدو غادر يرابط على حدودها مع خوضها معركة اقتصادية مريرة وإصلاحاً لأداة الحكم وزيادة الإنتاج إلى أخر تلك المعارك التى خاضتها الثورة ووطدت أقدامها بقوة فى أكثر من ميدان من ميادينها.

واليوم قرر مجلس قيادة الثورة بالإجماع ما يلى:

أولاً: قبول الاستقالة المقدمة من اللواء أركان حرب محمد نجيب من جميع الوظائف التى يشغلها.

ثانياً: يستمر مجلس قيادة الثورة بقيادة البكباشى أركان حرب جمال عبد الناصر فى تولى كافة سلطاته الحالية إلى أن تحقق الثورة أهم أهدافها وهو إجلاء المستعمر عن أرض الوطن.


حل جماعة الاخوان المسلمين

ثالثاً: تعيين البكباشى أركان حرب جمال عبد الناصر رئيساً لمجلس الوزراء.

ونعود فنكرر أن تلك الثورة ستستمر حريصة على مُثلها العليا مهما أحاطت بها من عقبات وصعاب، والله كفيل برعايتها إنه نعم المولى ونعم النصير، والله ولى التوفيق".

وسرعان ما تم تدارك مظاهر ذلك الخلاف فقبل مجلس قيادة الثورة عودة محمد نجيب إلى رئاسة الجمهورية في بيان صدر في ٢٧ فبراير ١٩٥٤.

ثم بدأت بعد ذلك أحداث الشغب التي دبرتها جماعة الإخوان المسلمين التي أصدر مجلس قيادة الثورة قراراً مسبقاً بحلها في ١٤ يناير ١٩٥٤، (قرار المجلس بحل جماعة الإخوان المسلمين) وقد تورط أيضاً بعض عناصر النظام القديم في هذه الأحداث.



السماح بقيام أحزاب وإلغاء الحرمان من الحقوق السياسية

ووقد تجلى الصراع داخل مجلس قيادة الثورة في هذه الفترة في القرارات التي صدرت عنه وفيها تراجعاً عن المضى في الثورة، فأولاً ألغيت الفترة الانتقالية التي حددت بثلاث سنوات، وتقرر في ٥ مارس ١٩٥٤ اتخاذ الإجراءات فوراً لعقد جمعية تأسيسية تنتخب بالاقتراع العام المباشر على أن تجتمع في يوليه ١٩٥٤ وتقوم بمناقشة مشروع الدستور الجديد وإقراره والقيام بمهمة البرلمان إلى الوقت الذي يتم فيه عقد البرلمان الجديد وفقاً لأحكام الدستور الذي ستقره الجمعية التأسيسية. وفى نفس الوقت تقرر إلغاء الأحكام العرفية والرقابة على الصحافة والنشر.

وثانياً: قرر مجلس قيادة الثورة تعيين محمد نجيب رئيساً للمجلس ورئيساً لمجلس الوزراء بعد أن تنحى جمال عبد الناصر عن رئاسة الوزارة وعاد نائباً لرئيس مجلس قيادة الثورة.

وأخيراً قرر مجلس قيادة الثورة في ٢٥ مارس ١٩٥٤ السماح بقيام الأحزاب وحل مجلس قيادة الثورة يوم ٢٤ يوليه ١٩٥٤ أي في يوم انتخاب الجمعية التأسيسية. (قرار المجلس بالسماح بقيام أحزاب).


إرجاء تنفيذ قرارات المجلس التى صدرت فى ٢٥ مارس ١٩٥٤

وبالرغم من إلغاء مجلس قيادة الثورة لتلك القرارات في ٢٩ مارس ١٩٥٤ (قرار المجلس بإرجاء تنفيذ قرارات ٢٥ مارس ١٩٥٤) إلا أن الأزمة التي حدثت في مجلس قيادة الثورة أحدثت انقساماً داخله بين محمد نجيب يؤيده خالد محيى الدين وبين جمال عبد الناصر وباقي الأعضاء.

وقد انعكس هذا الصراع على الجيش، كما حاول السياسيون استغلاله وخاصة الإخوان المسلمين وأنصار الأحزاب القديمة الذين كانوا فى صف نجيب وعلى اتصال به.

وفى ١٧ أبريل ١٩٥٤ تولى جمال عبد الناصر رئاسة مجلس الوزراء واقتصر محمد نجيب على رئاسة الجمهورية إلى أن جرت محاولة لاغتيال جمال عبد الناصر على يد الإخوان المسلمين عندما أطلق عليه الرصاص أحد أعضاء الجماعة وهو يخطب في ميدان المنشية بالإسكندرية في ٢٦ أكتوبر ١٩٥٤، وثبت من التحقيقات مع الإخوان المسلمين أن محمد نجيب كان على اتصال بهم وأنه كان معتزماً تأييدهم إذا ما نجحوا في قلب نظام الحكم. وهنا قرر مجلس قيادة الثورة في ١٤ نوفمبر ١٩٥٤ إعفاء محمد نجيب من جميع مناصبه على أن يبقى منصب رئيس الجمهورية شاغراً وأن يستمر مجلس قيادة الثورة في تولى كافة سلطاته بقيادة جمال عبد الناصر.


إعفاء اللواء محمد نجيب من جميع المناصب التى يشغلها


وفى ٢٤ يونيه ١٩٥٦ انتخب جمال عبد الناصر رئيساً للجمهورية بالاستفتاء الشعبي وفقاً لدستور ١٦ يناير ١٩٥٦ ـ أول دستور للثورة.

وفى ٢٢ فبراير ١٩٥٨ أصبح جمال عبد الناصر رئيساً للجمهورية العربية المتحدة بعد إعلان الوحدة بين مصر وسوريا، وذلك حتى مؤامرة الانفصال التي قام بها أفراد من الجيش السوري في ٢٨ سبتمبر ١٩٦١.

وظل جمال عبد الناصر رئيساً للجمهورية العربية المتحدة حتى رحل في ٢٨ سبتمبر ١٩٧٠.



--------------------------------------------------------------------------------
هذا الموقع تم بناءه بالتعاون المشترك بين مكتبة الإسكندرية و مؤسسة جمال عبد الناصر
مكتبة الإسكندرية

salem elkotamy يقول...

ابيات شعر من نظم سالم القطامي،مهداة لطاغية مصر،عديم الحسن أوالبركة!!!!!!!!لاشئنا ولاشاءت الأقدار أن يحكمنا ظالم جبار //لو كنت انت نبيا كاذبا لصرت انا أول الكفار// ولو صح أن يحكمنا غبي مثلك لصار ملك الغاب حمـــار

salem elkotamy يقول...

البروتوكول الأول

الحق للقوة – الحرية: مجرد فكرة – الليبرالية – الذهب – الإيمان – الحكومة الذاتية – رأس المال وسلطته المطلقة – العدو الداخلي - الدهماء – الفوضى – التضاد بين السياسة والأخلاق – حق القوى – السلطة اليهودية الماسونية لا تُغلب – الغاية تبرر الواسطة – الدهماء كالرجل الأعمى – الأبجدية السياسة – الانشقاق الحزبي – أفضل أنواع الحكم : السلطة المطلقة – المسكرات – التمسك بالقديم – الفساد – المبادئ والقواعد للحكومة اليهودية الماسونية – الإرهاب – الحرية والعدالة والإخاء – مبادئ حكم السلالات الوراثية – نسف الامتيازات التي للطبقة الأرستقراطية من "الغوييم" – الأرستقراطية الجديدة (اليهودية) – الحالات النفسانية – المعنى المجرد لكلمة "حرية" – السلطة الخفية التي تُقصي ممثلي الشعب



إننا نتناول كل فكرة على حدة، ونمحصها تمحيصاً: بالمقارنة والاستنتاج، حتى تتبين ماهيتها بذاتها، ونرى ما يلابسها ويحيط بها من حقائق. وأما أسلوب الكلام فنجري عليه سهلا خاليا من زخارف الصناعة.



وما علي أن أبدأ بشرحه الآن، هو منهجنا في العمل، فأشرح ذلك من ناحيتين: وجهة نظرنا، ووجهة نظر الغوييم (غير اليهود).



وأول ما يجب أن يلاحظ أن الناس على طبيعتين: الذين غرائزهم سقيمة، والذين غرائزهم سليمة، والأولون أكثر عددا. ولهذه العلة، فخير النتائج التي يراد تحقيقها من التسلط على الغوييم بطريق الحكومة، إنما يكون بالعنف والإرهاب، لا بالمجادلات النظرية المجردة، إذ كل امرئ مشتهاة الوصول إلى امتلاك زمام السلطة، وكل فرد يود لو يصبح دكتاتورا. وقليلون الذين لا يشتهون تضحية مصالح الجمهور من اجل منافعهم الخاصة.



ولعمري ما هي الروادع التي تكف الحيوانات المفترسة عن الوثوب، وهذه العجماوات ما هي إلا الغوييم؟ وما هو الذي قام فيهم حتى اليوم ضبط أحوالهم؟



أما بدايتهم، بداية تكوين المجتمع، فإنهم كانوا مأخوذين بالقهر من القوة الغاشمة العمياء ولهذه القوة كانوا خانعين، أما بعد ذلك، فسيطر عليهم القانون الموضوع، وهو القوة الغاشمة نفسها، ولكنه جاء بزي مختلف في المظهر لا غير. واستنتج من هذا أنه بموجب ناموس الطبيعة، الحق قوة.



الحرية السياسية إنما هي فكرة مجردة، ولا واقع حقيقي لها. وهذه الفكرة، وهي الطُعم في الشرك، على الواحد منا أن يعلم كيف يجب أن يطبقها، حيث تدعو الضرورة، لاستغواء الجماعات والجماهير إلى حزبه، ابتغاء أن يقوم هذا الحزب فيسحق الحزب المناوئ له وهو الحزب الذي بيده الحكومة والسلطة.



وهذا العمل إنما يصبح أهون وأيسر، إذا كان الخصم المراد البطش به قد أخذته عدوى فكرة الحرية المسماة باسم ليبرالية، وهذا الحزب مستعد من أجل إدراك هذه الفكرة المجردة، أن ينزل عن بعض سلطته. وهنا، جزما، يكون مطلع انتصار فكرتنا. وتحصل حينئذ حال أخرى: فما للحكومة من زمام، يكون قد استرخى وأخذ بالانحلال فورا، وهذا من عمل قانون الحياة، فتتسلط اليد الجديدة على الزمام وتجمع بعضه إلى بعض وتقيمه، لأن القوة العمياء في الأمة لا تقوى على البقاء يوما واحدا دون أن يكون لها موئل يهيمن عليها بالضبط والإرشاد، ثم تمضي الحكومة الجديدة بالأمر، وجُل ما تفعله أنها تحل محل الحكومة السابقة التي نهكتها فكرة الليبرالية حتى أودت بها.



هذا الطور كان فيما مضى. أما اليوم فالقوة التي نسخت قوة الحكام من أنصار الليبرالية هي الذهب. ولكل زمان إيمان يصح بصحته. وفكرة الحرية مستحيلة التحقيق على الناس، لأن ليس فيهم من يعرف كيف يستعملها بحكمة وأناة. وانظروا في هذا، فإنكم إذا سلمتم شعبا الحكم الذاتي لوقت ما، فإنه لا يلبث أن تغشاه الفوضى، وتختل أموره، ومن هذه اللحظة فصاعدا يشتد التناحر بين الجماعات والجماهير حتى تقع المعارك بين الطبقات، وفي وسط هذا الاضطراب تحترق الحكومات، فإذا بها كومة رماد.



وهذه الحكومة مصيرها الاضمحلال، سواء عليها أدَفَنَت هي نفسها بالانتفاضات الآكلة بعضها بعضا من داخل، أم جرها هذا بالتالي إلى الوقوع في براثن عدو من خارج، فعلى الحالتين تعتبر أنها أصيبت في مقاتلها، فغدت أعجز من أن تقوى على النهوض لتقيل نفسها من عثرتها، فإذا بها في قبضة يدنا. وحينئذ تأتي سلطة رأس المال، وتكون جاهزة، فتمد هذه السلطة بطرف حبل خفي إلى تلك الحكومة الجديدة لتعلق به، طوعا أم كرها، لحاجتها الماسة إليه، فإن لم تفعل هوت إلى القعر.



فإذا قال قائل من هواة الليبرالية أن هذا النهج المتقدمة صورته، يتنافى وشرع الأخلاق، سألناه: إذا كان لكل دولة عدوّان، وجاز للدولة في مكافحة العدو الخارجي أن تستعمل كل وسيلة وطريقة وحيلة، دون أن يُعَدّ عليها هذا أو ذاك أنه شيء لا تقرّه الأخلاق، كأن تُعمّي على العدو خطط الهجوم والدفاع، حتى لا يدري منها شيئا، وكأخذه بالمباغتة ليلا، أو بالانقضاض عليه بعدد ضخم من الجند لا قبل له به، أفلا يكون من باب أولى في مكافحة العدو الداخلي الذي هو شر من ذاك، وهو العدو المخرب لكيان المجتمع ومصالح الجمهور، أن تستعمل هذه الوسائل للقضاء عليه؟ وكيف يبقى مساغ للقول أن هذا الأمر إذا جاز هناك فلا يجوز هنا؟ والحق الذي لا ريب فيه أن تلك الوسائل إذا كانت سائغة مطلقة هناك، ومباحة، فلا تكون هنا منهيّا عنها فلا يؤخذ بها.



ولعمري كيف يكون ممكنا لدى أيّ حكيم بصير، أن يأمل في إدراك الفلاح والفوز، في قيادة الجماهير إلى حيث يريد، إذا كانت عدته ما هي إلا الاعتماد على مجرد منطق الرأي والإرشاد، والجدل والمقال، حينما تعترضه مقاومة، أو رماه الخصم بعورة حتى لو كانت من الترهات، وأصغت الجماهير إلى هذا، والجماهير لا تذهب في تحليل الأمور إلى ما هو أبعد من الظاهر السطحي؟



فالرجال الذين نحسبهم من الآحاد وفي الطليعة، إذا ما سبحوا في غمرة الجماهير المؤلفة من الدهماء، فحينئذ لا يستولي على هؤلاء الرجال وجماهيرهم إلا سائق الأهواء، والمعتقدات الرخيصة، وما خفّ وفشا من العادات والتقاليد والنظريات العاطفية، فيقعون في مهوى التطاحن الحزبي، الأمر الذي يمنع اتفاقهم على أي قرار، حتى ولو كان هذا القرار واضح المصلحة ولا خفاء في ذلك ولا مطعن. ثم إن كل قرار يضعه الجمهور العابث، يتوقف مصيره حينئذ إمّا على فرصة مؤآتية تمضي به إلى غايته، وإمّا على كثرة كاثرة تؤيده، ولكن الكثرة لجهلها أسرار السياسة وبواطنها، فالقرار الذي يخرج من بين يديها لا يكون إلا سخرية ومهزلة، وإنما في هذا القرار تكمن بذرة الفساد، فتفسد الحكومة بالنتيجة، فتدركها الفوضى ولا مناص.



فالسياسة مدارها غير مدار الأخلاق، ولا شيء مشترك بينهما، والحاكم الذي يخضع لمنهج الأخلاق لا يكون سائسا حاذقا، فيبقى على عرشه مهزوزا متداعيا. وأما الحاكم اللبيب الذي يريد أن يبسط حكمه فيجعله وطيدا، يجب عليه أن يكون ذا خصلتين: الدهاء النافذ، والمكر الخادع. وأما تلك الصفات التي يقال أنها من الشمائل القومية العالية، كالصراحة في إخلاص، والأمانة في شرف، فهذا كله يعدّ في باب السياسة من النقائص لا الفضائل، ويسرع بالحكام إلى أن يتدحرجوا من على عروشهم ولا منقذ لهم، ويكون هذا أكيَد لهم وأنكى، وأفعل في تفكيكهم وتهديمهم من الذي يأتيهم من قِبَل أكبر عدو يتربص يهم. وتلك الصفات منابتها ممالك الغوييم وحكوماتهم، فهي منهم وهم بها أولى. وحذار حذار أن نقبل مثل هذا نحن.



حقنا منبعه القوة. وكلمة حق، وجدانية معنوية مجردة، وليس على صحتها دليل. ومفادها لا شيء أكثر من هذا: أعطني ما أريد فأبرهن بذلك على أني أقوى منك.



فأين يبتدئ الحق وأين ينتهي؟



فإني أجد في كل دولة استولى الفساد على إدارتها، ولا هيبة بقيت لقوانينها ولا سطوة، ولا مقامات مرعيّة لحكّامها، وانطلق الناس إلى مطالب الحقوق، فكل ساعة ينادون بمطلب جديد ويسقطون مطلبا، فاختلطت دعاويهم وتضاربت، وصار لكل حزب من الافتنان والهوى، حق باسم الليبرالية - إني أجد هنا في مثل هذا المواطن أن أهاجم باسم الحق، وهو حق القوة فأذرو في الهواء جميع هياكل الأنظمة والأجهزة الجوفاء، وآتي بشيء جديد يحل محل الذاهب، وأجعل نفسي حاكما سيدا على هؤلاء الذين تركوا لنا الحقوق التي كانوا يبنون عليها حكمهم، وأما مصيرهم هم فالاستسلام إلى ما كانوا يحملون من عقائد الليبرالية.



وتتميز قوتنا في مثل هذه الحالة الرجراجة، عن كل قوة أخرى، بمميزات أمنع وأثبت، وأقوى على ردّ العادية، لأنها تبقى وراء الستار، متخفيّة، حتى يحين وقتها، وقد نضجت واكتملت عدتها، فتضرب ضربتها وهي عزيزة، ولا حيلة لأحد في النيل منها أو الوقوف في وجهها.



ومن هذا الشر الموقت الذي نُكره على إيقاعه، يخرج الخير، هو خير الحكم الجديد الذي لا تهزه ريح، فيردّ الأمور المنحرفة من جهاز الحياة الوطنية إلى نصابها ويجعلها في الطريق القويم. وكل هذا كانت الليبرالية قد مزقته. فالنتائج تبرر الأسباب والوسائل. فعلينا في وضع منهجنا أن نراعي ما هو أفيد وضروري أكثر مما نراعي ما هو أصلح وأخلاقي.



وأمامنا الآن مخطط, وفي هذا المخطط رُسِمَت الطريق التي يجب علينا أن نسلكها نحو غايتنا, وليس أن نحيد عن هذا قيد شعرة, إلا إذا فعلنا ذلك مجازفة ومخاطرة, فنخسر نتائج عملنا لعدة قرون, فيذهب كله سدى.



ولكي نُوفق إلى بناء الأمور على ما نريد من الصحة والكمال في أفعالنا, لابدّ لنا نأخذ بعين الاعتبار ما يكون عليه جمهور من الدهماء من طباع خسّة ونذالة, وتراخ, وقلة استقرار, وفراره من حالة إلى حالة, وفقده القدرة على اكتناه أمور حياته, وافتقاره إلى نظرة الجد وصحة العزم, فهو متعام عن رؤية وجه مصالحه. ويجب أن يكون واضحا أن قوة الدهماء عمياء, تخدّرت منها حاسة الشعور, ولا تجري في الفهم والاستيعاب على نطاق المعقول, وهي أبدا رهن أي مستفز يستفزها من أي ناحية. وأعمى لا يقود إلا إلى هاوية, وفي النهاية يخرج أفراد من الدهماء ومن سواد الشعب, لا يعدو طورهم أن يكونوا ممن لا خبرة لهم ولا سابق تجربة, وقد يكون لهم من النبوغ مظهر برّاق, ولكن لقصورهم عن النفاذ إلى بواطن المسائل السياسية المحجبة, فانهم لا يلبثون, إذا استطاعوا أولا بلوغ الزعامة وقيادة الدهماء, أن يهووا, فتهوى معهم الأمة, فينتقض الحبل كله.



وإنما هناك رجل واحد مجرَّب, رُبى منذ الصِغر على فهم الحكم المستقل وتمرَّس به, بوسعه أن يعي ويزن جيدا الكلمات التي تتركب منها أبجدية السياسة.



والشعب الذي يُترك وشأنه ليستسلم الى أمثال هؤلاء الذين يظهرون على المراسح فجأة من صفوفه, يجني على نفسه إذ تقتله منازعات الأحزاب, المنازعات التي يزيد من شدة أُوارها حب الوصول إلى السلطات, والازدهاء بالمظاهر والألقاب والرئاسات, وكل هذا في فوضى شاملة. أفتستطيع الدهماء, بهدوء وسكينة, وبلا تحاسد وتباغض, أن تتعاطى مهمات المصلحة العامة, وتديرها على الحكمة, دون أن تخلط بين هذا ومصالح خاصة؟ أتستطيع أن تدافع عن نفسها في وجه عدوّ خارجي؟ لا لعمري! لأن المسألة التي تتخطفها الأيدي تتمزق بعدد الأيدي التي تتخطفها, مآلها أن تشوّه, وتفقد الانسجام بين أجزائها, فتتعقّد, وتُبهم, وتستعصي على أن تقبل التنفيذ.



ولا يتم وضع المخطط وضعا كاملاً محكماً إلى آخر مداه, إلا على يد حاكم مستبد قاهر, يقوم على ذلك حتى النهاية, ثم يوزعه أجزاء على جهاز الدولة, فيتعلق كل جزء بآلته الخاصة به من جهة التنفيذ, ونستنتج من هذا بالضرورة أن الوضع الذي ينبغي أن تكون عليه الدولة مع اللياقة والكفاية, هو الوضع الذي يجتمع كله في يد رجل مسؤول. وبلا سلطة مطلقة, لا حياة للحضارة, والحضارة لا تقوم على الدهماء, بل على يد مَن يقود الدهماء, كائناً من يكون ذلك الرجل القائد. والدهماء قوة همجية, وهذه القوة تتجلى في كل مناسبة واقعة. وفي اللحظة التي تتسلم فيها الدهماء الحرية, وتجِدُ نفسها قادرة على التصرف كما تشاء, تقع الفوضى فوراً, وهذا الضرب من الاختباط أسوأ ضروب التردي الإنساني الأعمى.



انظروا إلى الحيوانات المدمنة على المسكر, تدور برؤوسٍ مدوَّخة, ترى من حقها المزيد منه فتناله إذا نالت الحرية. فهذا لا يليق بنا, ولا نسلك نحن هذه الدروب. فشعوب الغوييم قد رنّحتها الخمرة, وشبابهم قد استولت عليهم البلادة من نتيجة ذلك, فأخملتهم وألصقتهم بالبقاء على القديم الموروث الذي عرفوه ونشأوا عليه, وقد ازدادوا إغراء بأوضاعهم هذه, على يد المهيأين من جهتنا خاصة للدفع بهم في هذا الاتجاه ـ كالمعلمين المنتدبين للتعليم الخاص, والخدم, والمربيات والحاضنات في بيوت الأغنياء, الكتبة والموظفين في الأعمال المكتبية وسواهم, وكالنساء منا في المقاصف وأماكن الملذات التي يرتادها الغوييم. وفي عداد هذا الطراز الأخير, اذكر ما يسمى عادة "بمجتمع السيدات", أو "المجتمع النسائي" حيث المعاشرة مباحة للفساد والترف. وشعارنا ضد هذا: العنف, واخذ الناس بالحيلة ليعتقدوا أن الشيء المتعلقة به الحيلة كأنه صحيحٌ لا ريب فيه. وإنما بالعنف وحده يتم لنا الغلب في الأمور السياسي، ولا سيما إذا كانت أدوات العنف مخفية, من المواهب الذهنية مما هو ضروري لرجال السياسة. فالعنف يجب أن يُتخذ قاعدة وكذلك المكر والخداع, وما قلناه مما ينبغي أن يكون شعاراً, كل هذا فائدته العملية أن يتخذ قاعدة في الحكومات التي يراد أن تتخلى عن تيجانها تحت أقدام الممثل الجديد لعهد جديد. وهذا الشر هو الوسيلة الوحيدة لبلوغ الغاية المقصودة من الخير. ولذلك لا ينبغي لنا أن نتردد في استعمال الرشوة والخديعة والخيانة, متى لاح لنا أن بهذا تحقّق الغاية. وفي السياسة يجب على الواحد المسؤول أن يعرف كيف تقتنص الفرص فوراً, إذا كان من نتيجة ذلك الاستسلام إلى السلطة الجديدة.



ودولتنا الماضية قدما في طريقها، طريق الفتح السلمي، من حقها أن تبدل أهوال الفتن والحروب لما هو أخف وأهون، وأخفى عن العيون، وهو إصدار أحكام بالموت، ضرورية، من وراء ستار، فيبقى الرعب قائما، وقد تبدلت صورته، فيؤدي ذلك إلى الخضوع الأعمى المبتغى.



قل هي الشراسة. ومتى ما كانت في محلها ولا تتراجع إلى الرفق، غدت عامل القوة الأكبر في الدولة. وإن تعلقنا بهذا المنهج، ولا يراد به المكسب المغنم فحسب، بل نريده أيضا من أجل الواجب انتحاء بالقافلة نحو النصر، ونعود فنقرر أنه هو العنف، وأخذ الناس بالحيلة ليعتقدوا أن الشيء المتعلقة به الحيلة كأنه صحيح لا ريب فيه.



في الزمن الماضي، كنا نحن أول من نادى في جماهير الشعب بكلمات الحرية والعدالة والمساواة، وهي كلمات لم تزل تردد إلى اليوم، ويرددها من هم بالببغاوات أشبه، ينقضُّون على طُعم الشرك من كل جو وسماء، فأفسدوا على العالم رفاهيته كما أفسدوا على الفرد حريته الحقيقية، وكانت من قبل في حرز من عبث الدهماء.



والذين يرجى أن يكونوا حكماء عقلاء من الغوييم، وأهل فكر وروية، لم يستطيعوا أن يفهموا شيئا من معاني هذه الألفاظ التي ينادون بها، الفارغة الجوفاء؛ ولا أن يلاحظوا ما بين بعضها بعضا من تناقض وتضارب، ولا أن يتبينوا أن ليس في أصل الطبيعة مساواة، ولا يمكن أن تكون هناك حرية، إذ الطبيعة هي نفسها قد صنعت الفروق في الأذهان والأخلاق والكفاءات، وجعلت هذه الفروق ثابتة كثبات الخضوع لها في سننها ونواميسها. وعَجَز أولئك أيضا عن أن يدركوا أن الدهماء قوة عمياء، وأن النخبة الجديدة المختارة منهم لتَوَلّي المسؤولية، في خلو من التجربة. وهي بالقياس إلى ما تتطلبه السياسة، عمياء كالدهماء, حتى ولا فرق. واللوذعي وإن كان مجنونا فبوسعه أن يصل إلى الحكم، بينما غير اللوذعي، ولو كان عبقريا، فلا يدرك كنه السياسة. وهذه الأشياء كلها لم يفقه الغوييم من بواطنها وأسرارها شيئا، ومع هذا، فقد كانت عهود الحكم، وحكم السلالات في الماضي عند الغوييم، ترسو على هذه الأغاليط، فكان الأب ينقل إلى ابنه معرفة أصول السياسة بطريقة لا يشارك فيها أحد إلا أفراد السلالة، ولا أحد منهم يفتح هذا الباب للرعية. ومع اطراد الزمن صار معنى احتكار هذا الأمر في السلالات يعروه الإبهام والكمود، حتى تلاشى واضمحلّ. وهذا بالنتيجة ساعد في إنجاح قضيتنا.



وفي جميع جنبات الدنيا, كان من شأن كلمات حرية ـ عدالة ـ مساواة أن اجتذبت إلي صفوفنا على يد دعاتنا وعملائنا المسخرين, مَن لا يحصيهم عدّ من الذين رفعوا راياتنا بالهتاف. وكانت هذه الكلمات, دائما هي السوس الذي ينخر في رفاهية الغوييم ويقتلع الأمن والراحة من ربوعهم, ويذهب بالهدوء, ويسلبهم روح التضامن, وينسف بالتالي جميع الأسس التي تقوم عليها دول الغويا. وهذا ساعدنا أيضاً في إحراز النصر, على ما ترون من البيان بعد قليل: فمما أعطانا المُكْنة التي توصلنا بها إلى الورقة الرابحة, هو سحق الامتيازات, أو بتعبير آخر, نسف أرستقراطية الغوييم نسفاً كلياً تاماً, وقد كان أهل هذه الطبقة هم الوِقاء الوحيد للدفاع في وجهنا من وراء الشعوب والبلدان. وعلى أنقاض أرستقراطية الغوييم وارث محتدها القديم , بنينا أرستقراطية من طبقتنا المتهذبة الراقية, تتوّجها أرستقراطية المال. وجعلنا أوصاف أرستقراطيتنا مستمدة من نبعتين: المال, وهذا أمره يقع على عاتقنا, والمعرفة, وهذه تستقي من حكمائنا الشيوخ, وهذا منهم هو القوة الدافعة.



والظفر الذي بلغناه, قد جاء أيسر وأهون, لأننا في تعاملنا مع الناس الذين احتجنا إليهم, كنا دائما نضرب على أدق الأوتار حساسية في ذهن الإنسان, ومن جملة ذلك الدفع نقداً, واستغلال النهمة نحو المال, والشره إلى الحاجات المادية للإفساد, وكل واحدة من هذه النقائض الإنسانية, إذا عملت وحدها, كانت كافية لتشلّ نشاط الفرد كله, وتجعل قوة إرادته مطاوعةِّ ملبيةِّ, مستجيبةِّ للذي اشترى منه العمل.



وكان من شأن المعنى المجرد لكلمة "الحرية" أن عضَّدَنا في إقناع الدهماء في جميع البلدان أن حكوماتهم ما هي إلا حارس الشعب والشعب هو صاحب القضية, فالحارس يمكن تغييره وتبديله, كقفاز قديم نبذ وجئ بجديد.



وإنما هي هذه المُكْنة, مكنة تبديل ممثلي الشعب, ما جعل الممثلين طوع امرنا, وأعطانا سلطة تسخيرهم.





البروتوكول الثاني

الحروب الاقتصادية – أسس التفوق اليهودي – الحكومات الصورية و"المستشارون السريون" – نجاح التعاليم المدمّرة – المرونة في السياسة – الدور الذي تمثله الصحف – ثمن الذهب وقيمة الضحايا اليهودية



إن غرضنا الذي نسعى إليه، يحتّم أن تنتهي الحروب بلا تغيير حدود ولا توسع إقليمي، وينبغي تطبيق هذا ما أمكن. فإذا جرى الأمر على هذا قدر المستطاع، تحولت الحرب إلى صعيد اقتصادي وهنا لا مفرّ إن تدرك الأمم من خلال ما نقدم من مساعدات، ما لنا من قوة التغليب، تغليب فريق على آخر، ومن التفوق، ونفوذ اليد العليا الخفيّة. وهذا الوضع من شأنه أن يجعل الفريقين تحت رحمة عملائنا الدوليين الذين يملكون ملايين العيون اليقظة التي لا تنام، ولهم مجال مطلق يعملون فيه بلا قيد. وحينئذ تقوى حقوقنا الدولية العامة على محق الحقوق القومية الخاصة، في نطاق المعنى المألوف لكلمة حق، فيتسنى لنا أن نحكم الشعوب بهذه الحقوق تماما كما تحكم الدول رعاياهم بالقانون المدني داخل حدودها.



والأشخاص الذين نختارهم من صفوف الشعب اختيارا دقيقا ضامنا لنا أن يكونوا كاملي الاستعداد للخدمة الطائعة، لن يكونوا من طراز الرجال الذين سبق لهم التمرس بفنون الحكم والحكومة، حتى يسهل اقتناصهم والوقوع المحكم في قبضة يدنا، فنتخذ منهم مخالب صيد، ويتولاهم منا أشخاص أهل علم مكين وعبقرية، يكونون لهم مستشارين من وراء ستار، واختصاصيين وخبراء، وهؤلاء الرجال المختارون منا، يكونون قد نُشِّئوا منذ الصغر تنشئة خاصة، وأُهِّلوا لتصريف شئون العالم تأهيلا كاملا، ويكونون، كما تعلمون، قد مضى عليهم زمن، وهم يرتضعون معلوماتهم التي يحتاجون إليها، من مناهجنا السياسية ودروس التاريخ، ومن ملاحظة سير الحوادث وهي تقع على توالي الوقت. أما الغوييم فقد بَعُدَت الشقة بينهم وبين أن يكونوا قادرين على الاهتداء إلى الحكمة، بالملاحظة التاريخية غير المتحيزة، إذ جُلُّ ما تبلغ استنارتهم به هو الطرق النظرية على نمط رتيب، دون أن يتعمقوا في تسليط العين الفاحصة النافذة على مدار النتائج للحوادث. فليس بنا من حاجة، والحالة هذه، أن نقيم لهم أيّ وزن – فلندعهم في حالهم وما يشتهون ويحبّون، حتى تأتي ساعة اقتناصهم، أو يظلوا يعيشون على الآمال تنتقل بهم من مشروع خيالي إلى آخر، ويتباهون بذكريات ما سبق لهم التمتع به من لُبانات. وليبق هذا كله دورهم الرئيسي الذي يمثّلون. وقد نجحنا في إقناعهم بأن ما لديهم من معلومات نظرية، إنما هو من حُرِّ محصول العلم. وما دام غرضنا هو هذا، فدأبنا بواسطة صحفنا أن نرسّخ فيهم الاعتقاد بصحة ما يحملون من نظريات وآراء. أما أهل الفكر منهم، فينتفخون ازدهاء بما لهم من حظّ المعرفة، وتراهم، وهم غُفل عن الاستعانة بوضع التجربة على محك المنطق، يندفعون إلى وضع نظرياتهم موضع العمل، ولكن ما هو في نظرهم علم ومعرفة، إن هو في الواقع إلا ما عُنِيَ عملاؤنا الاختصاصيون بتصنيفه لهم بحذق ومهارة، وهُيئ هذا كله لتتنور أذهانهم به على الاتجاه الذي نريد.



إياكم أن تعتقدوا، ولو للحظة واحدة، أن ما أقول هو من الكلام القليل الجدوى: فما عليكم إلا أن تتفكروا في ما صنعنا لإنجاح النظريات الدروينية والماركسية والنيتشية. أما نحن اليهود، فما علينا إلا أن نرى بوضوح ما كان لتوجيهاتنا من أثر خطير في التلبيس على إفهام الغوييم في هذا المجال.



ولا بد لنا في منهجنا هذا، أن نأخذ بعين الاعتبار، ما عند الأمم من طراز فكر، وخلق، ونزعة، واتجاه. وإنما نفعل هذا لكي نحترز به من الانزلاق في معالجتنا السياسية والتوجيه الإداري، لا نعثر ولا نكبوا. وإن انتصار منهجنا، الموزعة أجزاؤه على مختلف المناحي توزيعا يصيب كل ناحية لما يؤاتيها منه، حسب أمزجة الشعوب التي تقع في طريقنا – أن انتصارنا المتوخِّي، قد يفشل ويحبط دون إدراك الغاية، إذا كان تطبيقنا للمنهج ليس مبنيا على الأحكام المستمدة من صفوة دروسنا الماضية، نطبقها على ضوء الحاضر.



ولا يخفى أن في أيدي دول اليوم آلة عظيمة تستخدم في خلق الحركات الفكرية، والتيارات الذهنية، ألا وهي الصحف. والمتعين عمله على الصحف التي في قبضتنا، أن تدأب تصيح مطالبة بالحاجات التي يفترض أنها ضرورية وحيوية للشعب، وأن تبسط شكاوي الشعب، وأن تثير النقمة وتخلق أسبابها، إذ في هذه الصحف يتجسد انتصار حرية الرأي والفكر. غير أن دولة الغوييم لم تعرف بعد كيف تستغل هذه الآلة، فاستولينا عليها نحن، وبواسطة الصحف نلنا القوة التي تحرّك وتؤثّر، وبقينا وراء الستار. فمرحى للصحف، وكفُّنا مليء بالذهب، مع العلم أن هذا الذهب قد جمعناه مقابل بحار من الدماء والعرق المتصبب. نعم، قد حصدنا ما زرعنا، ولا عبرة إن جلّت وعظمت التضحيات من شعبنا. فكل ضحية منا إنها لتضاهي عند الله ألفا من ضحايا الغوييم.



البروتوكول الثالث

الأفعى الرمزية ومغزاها – الاختلال في الموازين الدستورية – الإرهاب في القصور – وسائل القوة والمطمح – المجالس النيابية و"الثرثارون" من خطباء وكتّاب – سوء استعمال السلطة – العبودية الاقتصادية – أسطورة "حقوق الشعب" – نظام الاحتكار والأرستقراطية – جيش اليهودية الماسونية – تناقص الغوييم – المجاعات وحقوق رأس المال – الدهماء وتتويج الملك السيد على العالم كله – القاعدة الأساسية للتعليم في المدارس الأهلية – الماسونية في المستقبل – السر العلمي في حقيقة هيكل المجتمع وتركيبه – الأزمة الاقتصادية العالمية – ضمان الأمان لشعبنا – السلطة المطلقة في الماسونية وقيام المملكة التي يسودها العقل – لا قائد ولا مرشد – الماسونية والثورة الفرنسية الكبرى – الملك المتسلط المستبد من نسل صهيون – الأسباب التي تولي الماسونية المناعة فلا تقهر – الدور الذي يمثله عملاء الماسونية السرّيون – الحرية



بوسعي اليوم أن أعلمكم أن هدفنا قد تدانى واقترب، فلم يَبقَ بيننا وبين الوصول إليه إلا بضع خطوات، في مسافة قصيرة. وبنظرة إلى الوراء، ندرك أن الطريق الطويلة التي اجتزناها كادت تنتهي، ثم تقفل الأفعى الرمزية دورتها، وهذه الأفعى هي رمز شعبنا في قيامه بهذه المراحل. وعندما تغلق هذه الحلقة، تمسى الدول الأوروبية جميعا محصورة ضمن دائرتها، والأفعى قد تكورت من حولها كالكُلاّبة.



وإننا سنرى موازين الدساتير لأيامنا هذه عما قريب تنهار، إذ نحن أقمناها ونصبناها، وجعلناها على شيء من الخلل في تركيبها عَمدا، بحيث تبقى دائمة الحركة على مدارها، بين أن تشيل تارة وترجح طورا، لتذوب وتتلاشى مادتها في النهاية، كما يذوب بالتالي مدارها كله. وأما الغوييم، فهم تحت الاعتقاد الموهوم أنهم أحكموا وأحصفوا إقامة هذه الموازين، وراحوا يعلقون عليها الأهمية، وينتظرون حسن انتظام سيرها، لعلهم يدركون يوما ما يأملون. غير أن مدارات الموازين – الملوك الذين هم على العروش – هم في شغل عن ذلك لأنهم غدوا محوطين بزمر ممثلي الشعب ونوابه، وجعَلَ هؤلاء يرقصون للملوك على كل لحن يلذّ لهم، وتوزعت السلطة فوضى، ينتاشها كل فريق قدر استطاعته، والسلطة التي بيد هؤلاء الممثلين إنما وصلت إليهم عن طريق الإرهاب الذي بالتالي وصل زفيره إلى داخل القصور. وتقطعت الحبال التي ينبغي أن تكون الصلة بين الملك والشعب، فلا شيء بعد ذلك يصل بينهما. فبقي الملك على عرشه خائفا يترقب، يتوقع مداهمة البغتات من الطامعين في السلطة. ونحن قد أنشأنا برزخا يفصل بين السلطة العليا للدولة، وسلطة الشعب العمياء، فصار كل فريق في حيّز، وفقَدَ معناه وصار أمرهما كالأعمى قد حيل بينه وبين عصاه.



ولكي نحرّض طلاّب الوصول إلى السلطة على أن يَثِبوا إلى ما يشرهون إليه ويسيئوا استعماله، فقد حرّكنا جميع قوى المعارضة في مختلف جبهاتها، ليقوم هذا في وجه ذاك، ونفخا في كلّ منهم الروح التي تهزّه، فانطلقوا بنزعاتهم الليبرالية نحو طلب الاستقلال. وإيقاعا للإخلال، ولا مهرب، فقد جارينا كل فريق وما يهوى، وسلّحنا جميع الأحزاب، وجعلنا الوصول إلى السلطة الغرض المقدس فوق كل شيء. وأما الدول، فاتخذنا من منازعتها حلبة صراع حيث يشتد التصادم والاقتتال. ولن يمضي بعد هذا إلا القليل من الوقت حتى العالم أجمع يأخذ يتخبط في الفوضى والإفلاس.



واتخذ طلاب الوصول، وهم أكثر من أن يُحصوا، من قاعات البرلمانات والمجالس الإدارية العالية، ساحات ومنابر للخطابة الرخيصة. وكثر الصحافيون المحترفون وأصحاب الأقلام الذين يعيشون على حرفة التحرش والوقيعة، ودأبهم أن يطرقوا كل يوم أبواب السلطة التنفيذية للأجر والمكافأة. واتسع شيوع المخازي من سوء استعمال صلاحيات الوظائف اتساعا يدلّ على أن مؤسسات الدولة بأصولها وفروعها، قد تهيأت ونضجت لتعصف بها الرياح المقبلة، فيثور الشعب برعاعه ودهمائه، ويجعل عالي الأمور سافلها.



وترى الشعب الآن قد نهشته أنياب الفقر، فصار في عبوديته أسوأ من عبودية رقّ الرَّقَبة ورق الأرض من قبل، وأمره مغلق. أما العبودية القديمة، فقد كان أمرها أهون، إذ يستطيع الشعب التحرر منها بوسيلة ما، أمّا من هذا الفقر المدقع المحيط به، فلا أمل له في النجاة، وقد جعلنا الدساتير تنص على الحقوق نصا صريحا، وهي ما يسمى بحقوق الشعب. وأما الشعب نفسه، فإنه لا يناله من هذا شيء، وهو لا يجد هذه الحقوق إلا خيالا وسرابا، ويوقن العامل الكادح أن لا جدوى له من تلك النصوص الفارغة والخطب الجوفاء في القاعات، إذ يدور حول نفسه، فإذا به باقٍ على الطوى يعاني الشدائد، ولا يصيبه أيُّ خير من الدستور ونصوصه، إلا ما يتساقط عليه من فُتات الموائد في مواسم الانتخابات العامة، لينتخب المرشح الذي يُملي عليه اسمه من قِبَل عملائنا. والحقوق التي ينالها في بلاد الحكم الجمهوري ليس له منها إلا المرارة، وهي لا تخفف من أعبائه شيئاً، بل تسلبه من الناحية الأخرى جميع الضمانات التي تكفل له بعض الأجور المنتظمة، وتجعله يلجأ إلى الإضرابات مع رفاقه، أو تراه موقوفاً محجوزاً عليه بأمر سادته.



والشعب بإرشادنا قد محا الطبقة الأرستقراطية التي كانت تدافع عنه وتحميه لمنفعتها منه إذ مصالحهما مشتركة. ونرى الشعب اليوم بعد نسفه الطبقة الأرستقراطية، قد أطبَقَت على مخنقه أيدي صغار المرابين يمتصونه امتصاص العَلَق، فاسترقّوه وقيدوه.



فنأتي نحن الآن بدورنا، ونظهر على المسرح مدّعين حبَّ إنقاذ العامل الفقير مما هو فيه من بلاء. فندعوه أن ينتظم في صفوف جندنا المقاتل تحت لواء الاشتراكية الفوضوية والشيوعية، وأما حملة هذه الألوية فمن دأبنا أن نساعدهم اتباعاً لقاعدةٍ أخويةٍ مزعومة وهي تضامن الإنسانية، وتلك من قواعد الماسونية عندنا. أما الطبقة الأرستقراطية التي يوليها القانون الوسيلة لتستثمر تعب العمال البائسين، فإنها أمست الآن مرتاحة قريرة العين، إذ ترى هؤلاء العمال قد اكتسوا، وردَّت إليهم العافية في أبدانهم. هذا، بينما خطتنا نحن، على النقيض من هذا تماماً: أن تسود الفاقة، ويتناقص كيان الغوييم. وآلتنا تكون قوية، إذ استحكمت حلقات المجاعة وأزمنت، وحلَّ الهُزال بالعامل، فيكون معنى هذا كله أن العامل أصبح في الطريق إلى أن يمسي مستعبداً لإرادتنا، وهو يعلم أنه لن يجد في حكومته المُكنة ولا الطاقة ولا الهمة ولا العزم، ليقف شيء من ذلك في طريقنا. والجوع يخلق لرأس المال الحق ليتحكم بالعامل تحكماً ما مارست مثله الطبقة الأرستقراطية في أيامها، حتى ولو كان الملوك من ورائها يُمِدُّونها بسلطة القانون.



وبالفاقة، وما تولِّده وتفرّخه من حسد وبغضاء، نستطيع أن نهيج الدهماء ونحوّل أيديهم إلى سلاح يدمّرون به ما يكون في طريقنا من عقبات. ومتى ما دقت الساعة منذرة بمجيء مولانا الملك، ملك العالم كله، ليعلو التاج مفرقيه، ستكون هذه الأيدي العمالية نفسها، هي الأيدي التي تزيل من الطريق كل عقبة.



ونرى الغوييم قد فقدوا صحة التفكير كأنهم في ضلال، إلاّ إذا أيقظتهم مقترحات الاختصاصيين منا، فهم أقصر نظراً من أن يروا ما نرى نحن، من الضرورة التي تقضي بأحداث ما سَنُحدث يوم تقوم مملكتنا، وأول ذلك، وهو بالغ الخطورة، إدارة التعليم في المدارس الوطنية الأهلية، بحيث يقتصر على تعليم عنصر واحد بسيط من عناصر المعرفة، وهو أسّ المعارف كلها: كيف يتركب كيان الحياة الإنسانية، والكيان الاجتماعي. وهذا يقضي بتقسيم العمال إلى فئات، وبالتالي تقسيم الناس إلى طبقات، ولكل طبقة أوضاعها، ويكون من الضروري أن يعلم الجميع أنه بسبب اختلاف الغايات من النشاط الإنساني، لا يمكن أن تكون هناك مساواة. ولا يستوي اثنان في ميزان واحد: فإن الذي يعمل عملاً تتأثر بنتائجه طبقةٌ بكاملها، ليس على استواء أمام القانون مع الذي يعمل عملاً لا يتأثر بنتائجه إلاّ هو نفسه، صانع العمل، وحده، وسيكون من شأن المعرفة الصحيحة لتركيب بنية المجتمع، وعلى أسرار هذا لا نطلع الغوييم، أن تظهر لجميع الناس أن العمل وما يلزمه من وضع، كل ذلك يجب أن يضبط ضبطاً ضمن حدود معينة، حتى لا يبقى بعد ذلك سبب يجر الإنسانية إلى الشقاء، مما يؤدي إليه التعليم الحالي الذي لا يتفق مع العمل الذي يطلب من الإفراد القيام به. وبعد الإحاطة الوافية بهذه المعرفة، سيبادر الناس من تلقاء أنفسهم إلى طاعة السلطة وقبول الأوضاع التي تعينها لهم الدولة. أما قيمة المعارف في الوقت الحاضر، وما أعطيناه من إرشاد لتوجيهها، فظاهرٌ في أننا نرى الشعب الذي يصدّق كل ما تقع عليه عينه في الصحف والكتب يبطن الكراهة العمياء لأي وضع يراه أعلى من وضعه الحالي، وسبب هذه الكراهة ناشئ عن عدم فهمه شيئاً من معنى الطبقة، ولا من معنى الوضع اللازم لها، وهو مخبول في أمره، بما نلقي إليه من تلقين يضلّله، ويزيد من جهالته.



وهذه الكراهة ستبلغ أمداً أبعد، إذا ما هبَّت عليها رياح أزمة اقتصادية تجمِّد التعامل في البورصات، وتشل دواليب الصناعة، وإننا بالوسائل السرية التي في أيدينا، سنخلق أزمة اقتصادية عالمية لا قِبَل لأحد باحتمالها، فتقذف بالجموع من رعاع العمال إلى الشوارع، ويقع هذا في كل بلد أوروبي بوقت واحد. وهذه الجموع ستنطلق هازجة إلى الدماء تسفكها بنهمة وقَرَم، هي دماء الطبقة التي يكرهها العمال من المهد، وتنطلق الأيدي في نهب الأموال ويبلغ العبث أمده الأقصى.



أما أموالنا نحن، فلن يمسها العمال، لأننا نكون واقفين على مواقيت حركاتهم وسكناتهم، فإذا ما حاولوا أن يتوجهوا نحونا، عرفنا كيف نصدّهم ونحمي جهتنا من عدوانهم.



وقد بينَّا من ناحيتنا أن التقدم المادي من شأنه أن يجعل الغوييم يثوب إلى حكم العقل ويستظل بظله. وهذا بعينه ما ستفعله سلطتنا المستبدة. فهي تعلم كيف أنها تستطيع بالقسوة الحكيمة العادلة أن تستأصل جذور الاضطراب وتسكّن هائجه، وأن تتناول الليبرالية بالكيّ لتبرأ من علتها، ولا تتناول بالكي غيرها من المؤسسات.



وإذا ما رأى سواد الشعب، بطبقته العامة، أنَّ جميع الامتيازات التي كانت للطبقات الأخرى قد زالت، كما زال أيضاً ما كانت عليه تلك الطبقات من هوى وانغماس، فإنه يَلِجَ باب الاعتقاد أنه هو صائر سيداً مطاعاً، ولكنه يبقى سراً لا يعلم أنه هو، وقد نَسَف بيته بيده، أمسى كالأعمى الذي واجهه ركامٌ من حجارة فعثر، وكلما حاول أن ينهض عاد فعثر ثانية، فراح يستنجد بمن يكشف له الطريق فازداد بلبلة، وغاب عنه أن الأولى به أن يعود إلى الوراء، إلى وضعه السابق. وفي النهاية يستسلم بجميع ما لديه تحت أقدامنا. تذكروا الثورة الفرنسية التي نحن أطلقنا عليها نعب الكبرى، فإن أسرار تدابيرها عندنا لأننا نحن صنعنا ذلك بأيدينا.



ولم نزل منذ الثورة الفرنسية نقود الشعوب ونحررها من طلاسم الشعبذات، وفي النهاية ستتحول الشعوب عنا أيضاً التفاتاً إلى الملك – المتسلط من سلالة صهيون، وهو الذي نُعِدّ ونهيئ للعالم.



ونحن اليوم بصفتنا قوةً دوليةً فلا نغلب، لأنه إذا هاجَمَنا فريق انتصر لنا فريقٌ آخر. والمسألة مسألة خسّة في شعوب الغوييم مما لا حدّ له. وهذه الشعوب تزحف على بطونها نحو القوة، ولكنها لا تعرف الرحمة أمام الضعيف، ولا العفو عن المخطئ، وهي شديدة الانغماس في الإجرام، وليس لها طاقة لتحمل المتناقضات في نظام اجتماعي حر، ولكنها صبور على الاستشهاد بين يدي متسلطٍ عاتٍ جريء – وهذه الصفات هي ما يساعدنا نحو إدراك الاستقلال. وإذا نظرنا إلى الغوييم من أول قيام المستبدين المتسلطين في الأرض حتى هذه الساعة، نجدهم قد تحملوا العذاب وطاقوا من الجراحات ما كان جزء قليل منه يكفي للإطاحة بعشرات من رؤوس الملوك.



فبماذا تُفسِّر هذه الظاهرة، وهذه الأحوال التي يطابق عليها العقل، أعني وقوف هذه الشعوب مواقف متناقضة من الحوادث التي هي من جنس واحد؟



لا يُفسَّر هذا إلا بالمُشَاهَد الواقع، وهو أن المتسلطين على هذه الشعوب يهمسون في آذانها بواسطة العملاء أنهم ما أتوا من كبائر إلا لغاية عظيمة، وهي إنزال الضربة الكبرى بالدولة التي نهكتهم، وهذه هي الخدمة الفضلى لمصالح الشعوب، والذود عن الأخوة الدولية التي هم فيها على صعيد واحد، وإقامة التضامن والمساواة. وطبعاً، لا يقول المتسلطون للشعوب ما هو الحق، وهو أن توحيد الناس على ما يشيرون إليه، لا يمكن أن يحقَّق إلا في عهد ملكنا السيد المستقل.



فالشعوب كما ترون، تجرّم البريء وتطلق المجرم. وتظل على مزيد من الاعتقاد أنها تستطيع أن تفعل ما تشاء. وشكراً لهذه الحال: فالشعب يدمّر كل شيء وطيد ثابت، ويخلق الاضطراب في كل خطوة يخطوها.



فكلمة حرية تجرّ الجماعات إلى مقاتلة كل قوة وتسلط، حتى أنها لتقاتل الله وتقاوم سننه في الطبيعة. ولهذا السبب نحن متى ما أقمنا ملكنا، سنمحو هذه الكلمة من معجم الحياة، لأنها توحي بمبدأ القوة الغاشمة التي تجعل الدهماء عطاشاً إلى الدماء كالحيوانات.



ومن طبيعة هذه الحيوانات حقاً أنها تأخذها سِنَةُ النوم إثرَ كل مرةٍ تجرع فيها كأساً دهاقاً من الدم، وبينما هي كذلك مستكنّة، يسهل وضع القيد في أرجلها، ولكن إذا لم يتسنّ لها شراب الدم فلا تنام، وتبقى آخذة بالعراك.



البروتوكول الرابع

الأدوار التي تجتازها الجمهورية – الماسونية الأممية عند (الغوييم) – الحرية والإيمان – المنافسة الدولية الاقتصادية – دور المضاربات -عبادة الذهب



كل جمهورية لا بد لها أن تجتاز عدة أدوار في حياتها. الأول يتضمن أيامها الأولى بعد قيامها، وهنا تبرز عناصر الهوج والجنون، وتَسُود يد الهمج والرعاع، يتمايلون بالعهد يمنة ويسرة تمايل الثمل. والثاني، تبرز فيه أوشاب الشعب، التي تتبع كل ناعق يقوم فيها داعياً محرضاً، وهنا العشّ الذي تخرج منه الفوضوية وتأخذ بالدبيب. وهذا في مآله ظهور المستبد المتسلط – ولا شرعية يستند إليها ولا يعمل في وضح النهار، ومع هذا فهو متسلط – يحمل تَبِعة، ومسؤولٌ أيضاً، لكنه مسؤول إلى قوة خفيَّة غير منظورة، أو إلى منظمة سرية، تديره من وراء حجاب، وهذه تخبط على ما يحلو لها بلا وازع ولا رادع، لأنها تعمل في الخفاء, مستترةً وراء العملاء الذين يتبدلون، وتبدّلهم ليس منه أذى، بل يساعد القوة الخفية من باب التوفير المالي فيرفع عنها نفقات جزيلة كانت تؤدَّى مكافآت على خدمات طويلة عريضة، ثم يتبدل هذا بغيره ويجري الأمر دواليك شوطاً بعد شوط.



فمن ذا الذي يكون في وضع مؤآتٍ، أو ما هي الناحية التي تلابسها أوضاع مؤآتية، لنسف هذه القوة الخفية؟ هذا كله حاصل لنا نحن، ومن يستطيع نسف تلك القوة الخفية؟ هو نحن. والماسونية الأممية، (الغوييم) تخدمنا خدمةً عمياء، بأن تكون ستاراً لنا نحتجب من ورائه نحن وأغراضنا وصور خططنا، لكن مخططنا المعدّ للعمل مع التنفيذ، يبقى هذا كله على طبيعته كما يبقى المكان الذي يوجد فيه، سراً عميقاً لا يطلع عليه أحد.



والحرية في الموطن الذي ذكرناه الآن، لا تكون ضارَّة، ويمكن أن تجد لها محلاًّ في اقتصاد الدولة، دون أن يسبب ذلك أيّ أذى للناس في رفاهيتهم، وذلك الموطن هو أن تقوم الحرية على أساس الإيمان بالله وأخوة الإنسانية، غير متعلقة بعقيدة المساواة، وهي العقيدة التي تنفيها نواميس الكون، وهذه النواميس أوجبت وقوع التباين في المخلوقات، بالخضوع والاتباع. فإذا ساد الإيمان بالله، فيمكن أن يحكم الشعب، بأن تقسم الأرض إلى أقاليم، وعلى كل إقليم راعيه الوصيّ، فيسير الشعب راضياً قنوعاً تحت إرشاد الراعي الروحي، إلى ما فيه مشيئة الله على الأرض، وهذا هو السبب في أنه من المحتَّم علينا أن ننسف الدين كله، لنمزق من أذهان الغوييم المبدأ القائل بأن هناك آلهاً رباً، وروحاً، ونضع موضع ذلك الأرقام الحسابية والحاجات المادية. ولكي لا نعطي الغوييم وقتاً للتفكير والرويًّة، فيجب تحويل أذهانهم إلى الصناعة والتجارة. وبهذا، تُبتَلع جميع الأمم وهي مشغولة بالانسياق وراء الكسب والغنم، فتلهو بما في أيدينا، ويصرفها ذلك عن الالتفات إلى من هو في نظرها العدو المشترك. ونقول مرة أخرى، أنه من أجل أن نرى الحرية قد سببت ملاشاة الغوييم إلى آخر أثر، يجب أن نضع الصناعة على قواعد التنافس والمزاحمة. ونتيجة ذلك أن ما يسحب من البلاد بالصناعة، ينزلق ويتسرب إلى الأيدي ويمضي إلى المضاربة، ونهايته بعد ذلك إلينا، فيستقرّ في حيز طبقتنا نحن.



والصراع العنيف في طلب التفوق والغلبة، والهزَّات التي تصيب الحياة الاقتصادية، كل ذلك سيَخلق، كلا، بل خلق الآن، جماعات وطوائف من الناس ذاهلة، تعروها البرودة، وكأن أفئدتها قد تهاوت وفرغت. وهذه الجماعات سيطرأ عليها ما ينمّي في نفسها المقت للجو السياسي الذي فوقها، وللدين. فلا يبقى لها من سلوى إلاّ أن تغتبط بجمع المال والكسب، أعني الذهب الذي ستعبده، وتفنى في سبيله، من أجل أن تنال به ما تبتغيه من حاجات محسومة. ثم تدق الساعة، فإذا بالطبقات السُفلى من الغوييم تنضوي إلى قيادتنا في الزحف لتحطيم خصومنا المشرئبين إلى السلطة، وهم أهل الفكر في الغوييم، فيرون في هذا الدور النهاية. والدافع لتلك الطبقات السفلى في الاستجابة لنا، لا إحراز الغنائم، ولا جمع المال، بل للثأر من تلك الطبقة الفكرية التي حانت الآن ساعتها لتلقى المصير الذي ينتظرها.



البروتوكول الخامس

إنشاء حكومة مركزية ضخمة – وسائل القبض على أزمّة السلطة بواسطة الماسونية – الأسباب التي من أجلها يستحيل وقوع الاتفاق بين الدول – دولة اليهود التي تقوم عن سابق اختيار من الله – الذهب: هو من الدول كالمحرّك من الأجهزة الآلية – ما للانتقاد والتجريح من بالغ التأثير في التهديم والتقويض – إقامة "المَعَارض" فتنة في مظاهرها – ما لصناعة "غزل الكلام" من تأثير في التفتيت – كيف يُقبض على أعنّة الرأي العام – أهمية نشاط الفرد – الحكومة العليا في العالم



ما هو شكل الحكم الإداري الذي ينبغي أن يُعطي إلى جماعات قد استشرى فيها الفساد، وتغلغل في كل جنباتها؟ جماعات، المال لا يدور فيها إلا بوسائل أشبه بالاحتيال، وهو أقرب إلى الاختلاس، مجتمعها مسترخي الزمام، منحلّ الضابط، الآداب العامة فيه لا تُحفظ إلا بأن يكون قانون العقوبات متسلطاً فوق الرؤوس، والتدابير الصارمة على طرف الثمام، ولا رعاية للأخلاق طوعاً من وازع النفوس، إذ هنا الشعور نحو الدين ومسقط الرأس قد محته معتقدات مستبضعة من أسواق عالمية. وأيُّ شكل من الحكم ينبغي أن يطبَّق على هذه الجماعات سوى الحكم المطلق الذي سأصفه لكم؟ فإننا سننشئ نظاماً ضخماً لحكومة مركزية واسعة، حتى يتسنى لنا القبض بأيدينا على جميع الأعنَّة. وسنضبط ضبطاً محكاً مسارب نشاط الحياة السياسة لرعايانا بقوانين جديدة لم يعرف مثلها من قبل. ومن شأن هذه القوانين أن تزيل كل الإباحيات والحريات المطلقة مما أجازه الغوييم لنفوسهم، وبهذا ستتميز مملكتنا بسلطة مطلقة فريدة، رائعة الأوضاع والتقاسيم، وعلى استعداد في أي زمان ومكان لأن تجرف أيَّا كان من جنس الغوييم ممن يعارضنا لفعل أو قول.



وسيقال لنا أن هذه السلطة المطلقة لا تتمشى وتقدم هذا العصر الذي نعيش فيه، ولكني أبرهن لكم على أنها تتمشى ولا غبار عليها.



ففي الزمن الغابر، لمَّا كانت الشعوب تنظر إلى الملوك المتبوئة العروش، كأنها تنظر إلى من تجلت فيه إرادة الله، كانت تلك الشعوب وقتئذٍ خاضعة للسلطة المطلقة التي للملوك، بلا مناقشة ولا حراك. لكن منذ أخذنا نحن نُشرِب عقول الشعوب عقيدة أنَّ لهم حقوقاً، شرعوا تعتبرون الجالسين على الأرائك بشراً وقوماً عاديين يأتي عليهم الفناء كسائر الناس. والزيت المقدس الذي مُسِحَ به رأس الملك الذي هو ظل الله على الأرض، زيتٌ عادي غير مقدس في عيون الشعب، ولما سلبناهم إيمانهم بالله، فإذا بجبروت السلطة يُرمي به إلى الشوارع حيث حق التملك هو حق الجمهور، فاقتنصناه نحن.



وفوق ذلك، فإن فن توجيه الجماهير والأفراد بوسائل تُتقِن إلقاءَ النظريات وإشباعها بكثرة الكلام حولها، مما يرمي إلى ضبط مدار الحياة المشتركة بهذا وغيره من الحيل التي لا يعرف الغوييم من اكتناه أسرارها شيئاً - إن هذا الفن، عندنا نحن أربابه الاختصاصيون الذين تلقّوا أصوله من ينابيع أدمغتنا الإدارية، فهؤلاء الاختصاصيون قد نشأوا على التمرس بالتحليل والملاحظة، ومعاناة حصر الدقائق في القضايا الحساسة الرفيعة، وفي هذا المضمار ليس لنا ندّ ولا نظير في رسم المخططات للنشاط السياسي ومعالجة المسؤوليات. وفي هذا المجال لا يضاهينا أحدٌ إلا الجزويت، لكننا نحن قد ابتدعنا من الطرق ما يصلح لإسقاط هيبتهم عند الدهماء وسواد الناس الذين لا يفكرون إلا سطحياً، وإنما تمكنا من الجزويت لأن مؤسستهم مكشوفة، بينما نحن استطعنا أن نبقي أجهزتنا السرية مغطاة محجوبة كل الوقت. وعلى كلٍّ، فالعالم قد لا يبالي شيئاً بمن يتبوأ عرشه، أهو رأس الكثلكة أم المتسلط الذي يَظهر منا منحدّراً بدمه من صهيون! هذا من جهة العالم، أما من جهتنا نحن فهذا الأمر يهمنا جداً، فإننا الشعب المختار، والمسألة تقتضي منا كل المبالاة.



وإذا قام في وجهنا غوييم العالم جميعاً، متألبين علينا، فيجوز أن تكون لهم الغلبة، لكن مؤقتاً. ولا خطر علينا من هذا، لأنهم هم في نزاع فيما بينهم، وجذور النزاع عميقة جداً إلى حد يمنع اجتماعهم علينا يداً واحدة، أضف إلى هذا أننا قد فتنّا بعضهم ببعض بالأمور الشخصية والشؤون القومية لكل منهم. وهذا ما عنينا بديمومته عليهم وتنميته مع الأيام خلال العشرين قرناً الأخيرة، وهذا السبب الذي من أجله لا ترى دولةً واحدة تستطيع أن بجدَ عوناً لها إذا قامت في وجهنا بالسلاح، إذ كل واحدة من هذه الدول لا تنسى أن تعلم أن الاصطفاف ضدنا يجرّها إلى الخسارة. إننا جد أقوياء، ولا يتجاهلنا أحد، ولا تستطيع الأمم أن تبرم إي اتفاق مهما يكن غير ذي بال، إلا إذا كان لنا فيه يد خفية.

Per me reges. >It is through me that kings reign<.

مني يستمد الملوك سلطتهم.

وجاء على لسان الأنبياء أننا نحن اختارنا لله لنحكم الأرض كلها. والله منحنا العبقرية لنضطلع بهذا العبء. ولو كانت العبقرية في المعسكر الآخر لبقيت حتى اليوم تناهضنا. وإذا جاءنا قادمٌ فلن يكون لنا ندّاً، ونحن من قبلُ أثبت قدماً، والمعركة إذا وقعت فستكون ضارية بيننا وبينه على ما لم ير العالم له مثيلاً في عهد مضى. وإذا افترضنا أن فيهم موهبة العبقرية (الغوييم) فقد جاءتهم متأخرة جداً. وكل دواليب الأجهزة للحكومات تحتاج إلى محرّك، وهذا المحرك بأيدينا وهو "الذهب"، وقد كان من شأن علم الاقتصاد السياسي أن رفع من شأن رأس المال، ومعلوم أن وَضع هذا العلم وتقريره يعود الفضل في ذلك إلينا.



ورأس المال، إذا كان يراد به أن يساهم بالتعاون وهو غير مقيد، فيجب أن يكون حراً طليقاً، ليتمكن من إنشاء الاحتكار في الصناعة والتجارة، وهذا ما قد صنعته يد خفيّة في جميع العالم. ومن شأن هذه الحرية لرأس المال أن تُمِدّ الذين يعملون في الصناعة بالطاقة السياسية، وهذا يؤول إلى التمكن من أخذ الشعوب بالضبط والمقادة. وفي أيامنا هذه، بكون الأمر أهم وأوزن لدينا، إذا عملنا على أن ننزع سلاح الشعوب لا أن نسوقها إلى الحرب، بل وأعظم من ذلك لنا، أن نستغلَّ لمصالحنا انفعالَهَا العاطفي المشتعل، بدلاً من إطفائه، وأن نستولي على تيار الأفكار والآراء، ونترجمه على ما يناسبنا بدلاً من مكافحته ومحاولة استئصاله. فالغرض الرئيسي لقيادتنا هذه قاعدته: أن نُخمِل الذهن العام ونَضنِيه بالنقد والتجريح، وأن نَحِيد به عن طريق التفكير الجدّي الرصين، التفكير الذي يؤدي بالنهاية إلى مقاومتنا، وأن نصرف نشاط الأذهان عن تلك الوجهة ونأخذ بها حيث تقام معارك صورية، سلاحها الخطابة ومصطنع البيان.



وفي جميع العصور نرى شعوب العالم، من جماعات وأفراد، تنام على الكلمة التي تسمعها ثم لا يهمها بعد ذلك من التنفيذ شيء. وعلة هذا في تلك الشعوب أنها تقنع من الشيء بمظهره، وتأخذها صورة العَرَض، وقلما تتوقف لتتأمل، وتلاحظ في مجرى الحلبة العامة، هل تقرن الوعود بالتنفيذ. لذلك تروننا أننا سنعني بإقامة مؤسسات المعارض التي تفيدنا في هذا الباب فوائد كبيرة.



وسننتحل لأنفسنا الصفة الليبرالية التي تجمع سمات جميع الأحزاب والجهات، ثم نجعل معاني ذلك كله تجري على ألسنة خطباء إذا تكلموا راحوا يُشبِعون الموضوع ويدورون من حوله حتى يملَّ السامعون ويضجروا، ويأخذوا بالضجيج.



ولكي يتسنى لنا الاستيلاء على الرأي العام يجب علينا أن نرميه بما يحيّره ويخرجه عن طوقه، وذلك عن طريق جَعل إبداء الرأي العام حقّاً شائعاً مفتوح الباب للجميع، ليلقي كلٌ بدلوه في الدلاء. فتتناقض الآراء ويشتدّ التشاحن، ويطول الحال والمقال، والناس في كل ذلك متضاربو النزعة، ثم يُنادي منادٍ: إنَّ أولى ما يُصنع للخروج من هذا المأزق الحرج، أن يترك النقاش ويقلع عنه، ولا خوض في القضايا السياسية لأن جمهور العامة لا يفقه من لباب هذا شيئاً ولا يحسن وعيه، فمن الصواب أن مثل هذه الشؤون تُردُّ إلى المسؤولين العارفين بها، يتدبرونها على ما يرون. هذا هو السر الأول.



والسر الثاني المشترط لنجاح حكومتنا المقبلة هو هذا: نكثر من مصنوعات الأشياء، شتى متنوعة، ونجعلها تَرِدُ موارد غزيرةً فياضةً من كل جنس: الفشل في المشروعات الوطنية، إفشاء العادات الجديدة، إيقاد العواطف، الاستثارة والاستفزاز، التبرم من شؤون الحياة، وذلك لكه حتى يغدو من المستحيل على أيّ شخصٍ أن يعلم أين هو من هذا المعترك الذي خاض فيه كل حابلٍ ونابل، وعَمِىَ الاختلاط. وإذا بالناس قد استغرقتهم البلبلة، ولا يفهم بعضهم بعضاً. وهذه الطريقة تفيدنا أيضاً من ناحية أخرى: الإفساد بين الأحزاب، وتفريق القوى المجتمعة على غرض ولا تزال تأبى الانصياع لنا، وأخيراً عرقلة نشاط أي شخصٍ يقف في طريقنا. وليس هناك ما هو أضرّ من نشاط الأفراد بصفتهم المستقلة الشخصية، فهؤلاء، إذا كان وراءهم مادة العبقرية، فيبلغ نشاطهم من الضرر بنا مبلغاً تقصر عنه الملايين من الناس الذين مزقنا كلمتهم. وعلينا أن نعني بتوجيه التعليم في مدارس جماعات الغوييم توجيهاً دقيقاً، فَيُلقَى في الأذهان أنه متى ما جيء على مسألة عويصة تحتاج إلى كدّ الذهن تنقيباً واجتهاداً، فالأولى تركها واجتيازها إلى ما هو أهون منها وأيسر، فيتولاها من هو أهلٌ لها. والضنى الفكري الذي يحصل للفرد من كثرة حرية العمل، ينسف ما فيه من القوى الذهنية عندما تصادم حريته حرية شخص آخر. وينشأ عن هذا الاصطدام رجَّاتٌ خلقيةٌ نفسيةٌ عنيفة، وذهول، وشعور بالفشل. وبهذه الذرائع كلها، سنفتّت وجود الغوييم، حتى يُكرَهوا على أن يسلّموا لنا ما به تقوم القوة الدولية في العالم على أوضاع تمكننا بلا عنف، ورويداً رويداً من أن نبتلع طاقات الدول، ثم نخطو بعد ذلك إلى الأمام فننشئ الحكومة العالمية العليا، وسيكون لهذه الإدارة عون واسع من الأيادي التي تمتدُّ إلى البلدان كلها وتعلق بها كالكماشة. وأما أجهزة هذه الإدارة فستكون بالغة العظمة حتى تلقي ظلها على جميع أمم الأرض.



البروتوكول السادس

الاحتكارات: وعليها ثروات الغوييم – انتزاع الثروة العقارية من أيدي الطبقة الأرستقراطية – التجارة والصناعة والمضاربات – الترف والبذخ – رفع مستوى الأجور العمالية وزيادة مستوى أسعار الحاجيات الضرورية – نشر أسباب الفوضوية وإدمان الخمرة – المعنى السري للدعاية تبثها نظرياتنا الاقتصادية



سنشرع دون تأخر في إنشاء أجهزة احتكارية ضخمة، وحشد الثروات وتجميع الأموال، ليكون كل ذلك محصوراً بأيدينا، وقد أمسى قوةً مرهوبة، وفي الوقت نفسه تكون هذه القوة هي المسيطرة على الكبير الوافر من ثروات الغوييم، وهذه موقوفةٌ حياتها على قوتنا إلى حد أن تلك الثروات ستهبط إلى القاع جارَّةً وراءها أرصدة الغوييم، في اليوم الذي يكون مضروباً لإنزال ضربتنا السياسية القاصمة.



وأنتم أيها السادة الحضور هنا، وكلكم رجال اقتصاد، بوسعكم أن تتصوروا بعين العقل ما يكون لهذه القوة الاحتكارية، التي مضاؤها كمضاء السيف، من خطورة حاسمة.



ويجب علينا أن نبذل جهدنا بكل طريقة ممكنة لتوسيع نطاق هيبة الحكومة العالمية العليا، والإعلاء من شأنها، وذلك بتصويرها أنها ما قامت إلاّ لحماية الدول التي تنضوي إليها وتستظلّ بظلها، وهي منبع الخير والعون لتلك الدول.



أما أرستقراطية الغوييم من جهة كونها قوةً سياسية، فتكون قد أُدرجت في أكفانها - فلا ينبغي لنا أن نأخذها بحساب. ولكن يبقى من أمرها خطرٌ واحدٌ علينا، من ناحية كونها تمثّل طبقة أرباب الثروات العقارية من أرض وبناء، ووجه هذا الخطر، أن تلك الطبقة تبقى في تدبير معايشها معتمدةً على الدخل الذي تجنيه من ريع أملاكها هذه، وهذا الريع يكفيها مؤونة حياتها. فعلينا بكل حال أن نحرمها هذه الأملاك. وإنما يتمُّ تحقيق هذه الغاية بأفضل وجه، بزيادة الضرائب والتكاليف المرتبة على العقار والأرض زيادةً تجرُّها إلى الديون المُغرقة المُبهظة، ثم يكون من شأن هذه التدابير أنها تحدّ من نشاط التملك وتجعله مُعَرقلاً فينصاع الغوييم لنا مستخذين لتوجيهنا وآرائنا.



ولما كانت أرستقراطية الغوييم غير معتادة بحكم أساليبها القديمة الموروثة، أن تقنع بالقليل من الخير، ودأبها الطمع فيه والاستكثار منه، فسيضطرب أمرها أيَّ اضطراب يُخرجها عن طورها لعدم قدرتها على تحمل العوز والقلة، فتنادي بالويل والثبور. فيجب علينا في هذا الوقت نفسه أن نكون أصحاب الهيمنة على أوسع نطاق ممكن، على التجارة والصناعة، وبصورة خاصة على أسواق المضاربات، إذ المضاربات هي الإدارة التي تهبُّ في وجه الصناعة فتشلّها، وعدم وجود الصناعات بلا مضاربات، من شأنه أن يجعل رؤوس الأموال التي في الأيدي الخاصة تنمو وتزدهر، فيفضي ذلك بالزراعة إلى الانتعاش عن طريق تحرر الأرض والأملاك من ربقة الديون للمصارف العقارية. وما تحتاج إليه حقاً في هذا الموطن، هو أن تكون الصناعة سبب تجفيف الأرض من العمال ورأس المال. فإذا جرى الأمر على ما نخطط، وانتهى إلى غايته، انساقت إلى أيدينا أموال العالم فخزنَّاها نحن وحدنا، ثم نحوّل الغوييم جميعاً إلى وضع الصعاليك الكادحين (البروليتارية). وإذا بالغوييم يجثو أمامنا صاغراً، وإذا لم يكن من سبب لذلك إلاّ حق البقاء المجرد، لكفى.



ولكي يتم مخطط نسف الصناعات، فإننا سنأتي بما يعزز هذا الأمر ثم ندعه ينطلق في سبيله يعمل عمله، فَنُعنى بنشر الوسائل المغرية بالترف وعبادة الأناقة بين الغوييم، ونشوّقهم إلى هذا الطور، ونزين لهم ملذاته وأطايبه، إذ نهمة هذا الاتجاه إذا استحكمت حلقاتها، فلا تبقى ولا تذر. وستعلى مستوى الأجور العمالية، ولكن لا خير من هذا يصيبه العمال، لأننا في الوقت نفسه سنعلي أيضاً مستوى الأسعار للحاجات الضرورية التي تعمّ بها البلوى، مُدَّعين وزاعمين أن هذا كله ناشئ عن جمود الزراعة والتراخي في تربية الماشية. ثم بالإضافة إلى هذا كله، سنشلّ مصادر الإنتاج، ونعطلها بأساليب هي غاية الفن والبراعة، وذلك يجعل العامل يعتاد المشاكسة والحُرُون، وأساليب الفوضوية، وركوب الرأس، فيمسي يتخبط في حاله كيفما اتفق له، وسنشيع وسائل الإدمان على الخمرة، وهذه التدابير مجتمعة تسير قافلة واحدة متساندة، موالية السير قُدُماً نحو غاية كبيرة، وهي ملاشاة العناصر المتعلمة من الغوييم، من على وجه الأرض.



وخشية أن يدري الغوييم بهذا فيجفل قبل نفاذ الخطة بتمامها، وقبل حلول اليوم الموقوت، فإننا سنفرغ هذا كله في قالب المصلحة، الخادعة في المظهر، بدعوى الرغبة الحارة في خدمة الطبقات العاملة، والمبادئ الصحيحة للاقتصاد السياسي، مما تكون نظرياتنا الاقتصادية قد قامت بالتمهيد له على يد أجهزة دعايتنا، على نطاق أخّاذ، واسع.



البروتوكول السابع

الغاية من توسيع باب التسلح – الهزَّات العنيفة، والانشقاق، والأحقاد في جميع أنحاء العالم – كبح جماح الغوييم في المعارضة التي يقوم بها – الحرب تُشَن عليه حربا محصورةً أو عالميةً شاملة – الكتمان سبب نجاح السياسة – الصحف والرأي العام – مدافع أمريكا والصين واليابان



التسابق في التسلح يسابقاً ضخماً، وزيادة القوات الدفاعية في العالم، كل هذا ضروريّ فإنه يساعد في تنجيز خططنا هذه. ولكن هدفاً كبيراً من أهدافنا يجب أن نعنى بتحقيقه بصورة خاصة، وهو محو جميع الطبقات في جميع دول العالم دون استثناء، إلا طبقة الصعاليك لا غير، مع بضعة مليونيرية موجَّهِين إلى خدمة مصالحنا وشرطتنا وجندنا.



وفي أوروبا كلها، لما في غير بلاد أيضاً، علينا أن نخلق الهزات العنيفة، والانشقاقات، وإثارة الضغائن الأحقاد، عن طريق شبكة الصلات المحبوكة في أوروبا. فنغنم مغنمَين، الأول: إبقاء البلدان مكبلة مقيدة، لا تقوى على شيء تأتيه كما تريد، إذ كل دولة تعلم حق العلم أننا نحن الذين بيدهم تصريف الأمور، قبضاً وبسطاً، وبيدنا أسباب تأريث نار الحرب أو إخمادها. ولا يغيب عن أي من الدول أن ترى بحكم العادة أن لنا القوة المبسوطة اليد في إيقاع الإكراه الذي نريد، وأنف الجميع راغم. والمغنم الآخر، أننا سنمدُّ بسنانير المكايد الخفية إلى المجالس الوزارية في كل بلد، فتعلق بها الخيوط متضاربةً متعقدة، وما تلك السنانير إلا المعاهدات الاقتصادية وقيود القروض المالية. ولكي نضمن لنا النجاح في هذا، ففي أثناء المفاوضات التي يجب أن نكون جدّ حاذقين، وأهلَ دهاء وحيلة، حتى تنفذ إلى صميم الأغراض المتوخاة، وأما فيما يتألف منه المظهر الخارجي الرسمي، فموقفنا ينبغي أن يكون على العكس من ذلك: كلاماً معسولاً، متقنعاً بقناع الأمانة، وشرف المعاملة، مع حسن المسايرة، والملاطفة والاستجابة. وبهذه الأساليب ستظل شعوب الغوييم وحكوماتهم، وقد عودناهم الاكتفاء من الأشياء بمظاهرها الخارجية، راضيةً بنا ومسلّمةً بأننا نحن ما جئنا إلا لخير الجنس البشري وخلاصه.



وعلينا أن نكون في موضع يمكننا من تناول أيّ عملٍ من أعمال المعارضة وذلك بإبقاء الحرب بين البلاد المعارضة لنا وجاراتها. وفي حال قيامهن جميعاً في وجهنا يداً واحدة، فحينئذ لا سبيل إلا أن نستوقد حرباً عالمية كاسحة.



والعامل الرئيسي في نجاح خططنا السياسية، هو كتمان المساعي والمشروعات، والقاعدة: أن السياسي ليس شرطاً فيه أن تتفق أقواله مع أفعاله. ويجب إرغام حكومات الغوييم على انتهاج الحطة التي نشير بها نحن، في برامجنا المدروسة على أوسع نطاق وأبعده، وهي البرامج التي أخذت الآن تقترب من الخاتمة. وطريقة حمل تلك الحكومات على ما نريد، هو التيار الذي يقال له الرأي العام وفي يدنا الخفية زمامه ومقادته، نحرّكه بالقوة الكبرى - الصحف، والصحف، ما عدا قليلاً منها، مطواعةٌ لنا مستجيبةٌ لما نشير به.



وموجز الكلام، من ناحية صفوة خططنا لإبقاء حكومات غوييم أوروبا تحت كابحٍ منا يأخذ على أيديهن، أننا نظهر مجالي قوتنا لفريق منهم، بوسائل الإرهاب الذي يتناولهن جميعاً، إذ رأينا احتمال وثبتهن علينا متفقات، فنجيبهن يومئذٍ بمدافع أمريكا والصين واليابان.



البروتوكول الثامن

استعمال الحقوق القانونية استعمالاً غامضاً للتضليل – الأعوان الذين يُختارون من المركز الصهيوني – المدارس والتخرج العلمي الفائق المستوى – رجال الاقتصاد والمليونيرية – إلى من سيعهد بالمناصب الكبيرة الحساسة في حكومتنا؟ – مجازاة عملائنا من الغوييم بالقتل إذا خالفوا تعليماتنا



السلاح الذي يحتمل أن يستعمله أعداؤنا في وجهنا يجب أن نستعمله نحن، وعلينا أن نحاول بألطف مقال، وأنعم كلام، وأرفع طراز في تلفيق الفتاوي القانونية، تسويغ أحكام القضايا التي تبدو خارقة العادة، جريئة، ظالمة، إذ من الخطورة بمكان أن نجعل هذه الأحكام تتشح أروع صور العدالة، ونطرحها أمام الناس نماذج من المثل الأخلاقية، كأنها أفضل ما يستطاع استمداده من مادة القضاء. وعلى جهازنا الإداري الموجَّه، أن يحيط خبرةً، بجميع القوى التي تدخل في نسيج المدنية، القوى التي يعمل هذا الجهاز في وسطها: قوى حملة الأقلام، والفقهاء المتمرسين، والإداريين من الرتبة العليا، والساسة، وأخيراً الأشخاص الذين كَمَل تخرّجهم تخرجاً خاصاً، ودربوا تدريباً علمياً فائق المستوى في مدارسنا المعدة لهذه الغاية. هؤلاء الأشخاص لن يفوتهم بحالٍ أن يلاحظوا الأسرار في تركيب المجتمع، وفقه لغة السياسة على اختلاف أساليبها، وكل ما يندرج تحت الأبجدية السياسية ويجري من ألفاظها. وهم بعد، قد ازدادوا اطلاعاً على الخفايا والغوامض من الطبيعة البشرية، ومواطن الأنسجة للحس المرهف المستتر، وهذه الأنسجة إنما هي القالب الذي أفرغ فيه ذهن الغوييم، وهي مجلس نزعاته، ونواقصه، ورذائله وفضائله، وما تجد هنا مختزناً من صور مفصلة للطبقات والأوضاع. وإني بغنى عن القول، أن الأعوان من ذوي المواهب الذين يختارون ليقوموا بمناصب مساعدين في الإدارة، لن يؤخذوا من عناصر الغوييم، الذين أتناولهم هنا، واعتادوا أنهم إذا قاموا بعمل إداري وأنفذوه، فإنما يقومون به دون أن يكلفوا أنفسهم عناء التفكير فيما يراد به، أو ما عسى أن تكون الحاجة التي اقتضته. فالمختارون من الغوييم للإدارة، يكفيهم أن يرقّعوا الأوراق ولا حاجة بهم إلى التمعن فيها، وهم في الخدمة لأحد غرضين: إمّا ابتغاء الأجرة أو المرتب، وإما اشتهاءً لقضاء المطمح القاصر في نفوسهم.



ثم إننا سنمد أجهزة حكومتنا بعالم فيّاض من رجال الاقتصاد، ولنتذكر أنه من أجل هذه الغاية، جُعِل تدريس العلوم الاقتصادية في مدارسنا أهم مطلب يتعين على اليهود تحصيله بتمامه وكماله. وسنحيط دولتنا برهطٍ إثر رهط من رجال المصارف، والصناعيين، والمتمولين، وواسطة عقد هؤلاء هم أصحاب الملايين، إذ في الواقع سيكون مردُّ كل شيء إلى صعيد الأرقام، وهذه في جميع الأحوال والقضايا هي الفيصل الأخير، فلا حكم بعد حكمها.



والذين يُختارون للمناصب ذات المسؤولية في حكومتنا من إخواننا اليهود، ويحتاج أمرهم في البداية إلى فترة إطلاع على مجاري العمل قبل أن يعهد إليهم في ذلك، فإنهم سيوضعون في خلال هذه الفترة في عهدة أشخاص (من الغوييم) مؤقتاً، غير أن هؤلاء الأشخاص هم من الذين اشتدت شبهات الناس (الغوييم) بهم، حتى قام بينهم وبين جماعتهم برزخ من الريب، فإذا ما تقاعسوا عن تنفيذ التعليمات التي تصدر إليهم، فهم إمَّا سيلقون الجزاء والعقاب متَّهَمين، وإما سيغيبون عن الوجود بالمرة. وإنما نضعهم هذا الوضع لكي نحملهم على خدمة مصالحنا، حتى النفس الأخير من حياتهم.



البروتوكول التاسع

تطبيق المبادئ الماسونية في مادة التعليم الذي نعلمه للشعوب – الشعارات الماسونية – معنى "اللاسامية" – الدكتاتورية الماسونية – الإرهاب والرعب – من هم خدَّام الماسونية – معنى القوة المبصرة والقوة العمياء في دول الغوييم – الاتصال المباشر بين السلطة والدهماء – إباحات الليبرالية – القبض على زمام التعليم والتدريب – النظريات الكاذبة – تفسير القوانين – الحركات السرية والأوكار الخفية



في تطبيق مبادئنا، علينا أن ننتبه إلى الشعب الذي تقيمون بين ظهرانيه وتعملون في بلاده، وهذا الانتباه يتعلق بأخلاق ذلك الشعب، فإننا إذا أخذنا بتطبيق مبادئنا عليه تطبيقاً ظاهرياً عاماً، وعلى نسق متماثل دون تمييز، وجرينا على هذه الوتيرة إلى أن نكون قد عدَّلنا وأصلحنا مادة التعليم لذلك الشعب تعليماً ينطبق على أهدافنا ومنوالنا، فعلى هذا الوجه لا مطمع لنا في إدراك النجاح. لكن إذا أخذنا نرعى التطبيق بيقظة واحتراس، فلن يمضي على ذلك أكثر من عقد من السنين حتى يكون طور ذلك الشعب قد تغير حتى في أصلب ما يعرف عنه من خلق العناد والمشاكسة، وبذلك نضيف شعباً جديداً إلى صفوف الذين قد تمّ لنا اقتيادهم وإخضاعهم لنا.



وإن كلمات ليبرالية وما يشتق من معانيها، الكلمات التي هي في الواقع من شعاراتنا الماسونية، كالحرية والعدالة والمساواة، سنبدلها عندما نقيم مملكتنا، إلى كلمات لا تحمل هذا المعنى الشعاري بعد ذلك، وإنما يغدو معناها الوحيد مجرد الدلالة على صور مثالية، فالأولى تصبح حق الحرية والثانية واجب العدالة، والثالثة حمال المساواة، ويقاس على هذا سائر التعديل وبهذا نمسك الثور من قرنيه.



ومن الوجهة الواقعية، فإننا قد وُفقنا إلى الآن في محو كل نوع من أنواع العهود الحاكمة، إلا عهدنا، مع أن من الوجهة القانونية لا يزال هناك عهود حكم قائمة بالصورة والشكل فقط، وهذا أمره بيدنا نتصرف به على ما نرى، ونصدر فيه تعليماتنا، وذلك لأن اللاساميّة لا نراها إلا ضرورية لنا للاستفادة منها في رعاية إخواننا المستضعفين. ولا حاجة بي أن أتوسع في هذه القضية أكثر من هذا الحد، لأن موضوعها قد أشبع بحثاً وكرر ذلك فيما بيننا على ما فيه الكفاية.



وأما نشاطنا، فلا شيء يحدُّ من اتساع نطاقه. وأما حكومتنا العليا، فكائنة في أوضاع فوق الأوضاع القانونية الراهنة، وأوضاعنا هذه هي الموصوفة في المصطلحات الجارية بمعنى الطاقة المنبعثة والقوة الماضية - أعني الدكتاتورية. وبوسعي أن أعلمكم بكل نقاوة ضمير أننا، ونحن الذين يوحون بالتشريع ومنا مصادره، سنتولى بأيدينا، حينما يحين الوقت، تنفيذ الأقضية والأحكام، فنذبح من نذبح، ونعفو عمن نعفو، ونحن ذوو القيادة على أصهوة جواد الأمير القائد. إننا سنحكم بالقوة. لأن بيدنا بقايا حزب من الأحزاب، كانت له الصولة والسطوة فيما مضى، فأبدناه فاندرج في الماضين. وأما الأسلحة التي في أيدينا فهي مطامح لا حدود لها، وجشعٌ آكلٌ، كاوٍِ، وحبُّ انتقامٍ لا يعرف الرحمة، وضغائن وأحقاد.



ومنا قد انطلقت تيارات الرعب الذي دارت دوائره بالناس. وفي خدمتنا أشخاص شتى ينتمون إلى جميع المذاهب الفكرية، ومختلف التعاليم؛ منهم المطالبون بالعروش، واسترداد الملكيات، وزعماء السواد والعامة، والاشتراكيون، والشيوعيون، وحَمَلة الأحلام الطوباوية من كل حزب. وقد قرنّا هؤلاء جميعاً إلى نير العمل في سبيلنا. وجعلنا كلاً منهم، وحبله على الغارب، يثقب ما بقي من جدران السلطات، ويجهد طاقته ليدكّ قوائم الأنظمة القائمة على اختلاف صورها. فأمست جميع الدول بسبب هذا في عذاب ووبال. تبذل النصيحة من أعماق نفسها طلباً للسلامة، وهي مستعدة لتضحي بكل عزيزٍ من أجل الحصول على الأمان والسكينة. وإننا لن نعطيها ما تطلب من سلامة وأمان، قبل أن تعترف جهاراً، وفي وضح النهار، بحكومتنا العالمية العليا، وأن تفعل هذا مستسلمةً صاغرة.



ولقد اشتد صياح الشعب بالولولة والإعوال، طالباً بحكم الضرورة تسوية المسألة الاشتراكية بطريق التفاهم والاتفاق الدولي. والعامل والمهماز في هذا هو الانقسام والانشقاق إلى أحزاب صغيرة مؤلفة من فئات ضئيلة، فَدفَعت هذه الحالة بالشعوب إلينا، فغدا المُضِيّ بالعراك بعد ذلك، وكلٌ يشدُّ الحبل إلى جهته، في ميدان المكافحة، أمراً صعباً شاقاً بسبب الحاجة إلى المال، والمال كله قد استقر في أيدينا.



وقد يكون هناك من السبب، ما يحملنا على التخوف من اتحاد يقع بين القوة المبصرة التي لملوك الغوييم، الجالسين على العروش، وبين القوة العمياء التي للدهماء، ولكننا قد اتخذنا من لازم التدابير ما يكفي لمواجهة مثل هذا الاحتمال إذا لاح: فإننا قد نصبنا بين هاتين القوتين متراساً حاجزاً يرى فيه كل فريق الرعب والهول يأتيانه من قِبَلهِ. وبهذه الطريقة، تبقي القوة العمياء في جانبنا، نمدّها، ونحن وحدنا القادرون على هذا، بزعيم يتولّى أمرها؛ وهذا أمره بيدنا، فنرشده إلى الطريق التي يجب أن تسلك نحو هدفنا.



ولكي لا تستطيع يد القوة العمياء التفلت من سلطاننا عليها، فيجب من جهتنا بين وقت وآخر، أن نتصل بها اتصالاً مباشراً، وهذا إذا لم يكن على يد أشخاص (من الغوييم) فيكون على يد أحد إخواننا الذي هو عندنا ثقة خالصة. ومتى ما تم وانتهى الاعتراف بكوننا نحن السلطة الوحيدة، فحينئذ نتفاوض مع الشعب وجهاً لوجه، وباللسان علناً، وفي الساحة العامة، فنرشدهم في المسائل السياسية بطريقة تجعل اتجاههم هو هذا الاتجاه المراد.



ولعمري ما هي السبل التي نتمكن بها من مراقبة التعليم في مدارس القرى والأرياف ومعرفة ما يجري هناك؟ لا يصعب علينا ذلك إذ لا يمكن أن تخفى خافية، أو ليس أيُّ قولٍ ينطق به لسان الحكومة، أو حتى الملك نفسه جالساً على العرش، سرعان ما يذاع ويشاع في جميع الدولة ثم في الخارج لكثرة ما يلهج به الناس ويتناقلونه من مكان إلى مكان؟



وحتى لا تتلاشى مؤسسات الغوييم قبل حلول الوقت المضروب، فإننا قد أفرغنا عليها مسحةً من الأخوة الماسونية، ومظهراً يعطي الهيبة والكياسة وقبضنا على نوابض الأجهزة كما يقبض على جهاز آلي متحرك، وهذه النوابض نُعنى بضبطها، ووضعها الموضع المحكم، العناية كلها، وهى الآن تحل محلها الفوضى من الإباحات المنطلقة من الحرية اللبرالية. وإننا قد تدخَّلنا أوغل تدخل فيما يتعلق بإجراء القوانين وتطبيقها، كما تدخّلنا في إدارة الانتخابات العامة، وفي توجيه الصحف، وحرية الفرد، على أن تدخلنا الرئيسي وهو أصل من أصول خططنا، وهو في التعليم والتدريب، إذ هما حجر الزاوية في الوجود الحرّ.



وأما شباب الغوييم فقد فتنّاهم في عقولهم، ودوخنا رؤوسهم، وأفسدناهم بتربيتنا إياهم على المبادئ والنظريات التي نعلم أنها فاسدة، مع أننا نحن الذين لقَّنَّاهم ما تربوا عليه.



وفوق أجهزة القوانين الجارية، ودون حاجة إلى أن نغير مادتها من حيث الأساس، قد استطعنا أن نقيم شيئاً تنبعث منه مجالي العظمة والجلال، وذلك بأننا لوينا القوانين فالتوت، وعقَّدناها فتعقدت، فأمست ركاماً من تفاسير متناقضة،فأدركنا المراد بالنتيجة: فنشأ عن ذلك أولاً أن تلك التفاسير والشروح لتناقضها قد ألبسَت معاني القوانين الغموض والإبهام، فانسدَّت الطرق على الطالبين، ثم بعد ذلك زاد شيء آخر، وهو أن القوانين نفسها قد عُمّى لبابها عن إفهام الحكومات لاستحالة التوفيق بين مختلف المقاصد، واستحكام حلقة المعضلات، حتى أمست القوانين مشتبكاً كبيت العنكبوت.



وإنما هنا يكمن أصل نظرية التحكيم.



قد تقولون أن الغوييم سيهبُّ في وجهنا وبيده السلاح، إذا ما اشتم رائحة ما يجري في الخفاء إلى نهايته التي لم يحن وقتها بعد. وأجيب على هذا بأننا قد أعددنا في الغرب (أوروبا) مناورة مذهلة تتزلزل منها أقوى الأفئدة وتصطكّ الركب: الحركات السرية المدمرة، والأوكار والأعشاش الخفية، والدهاليز السوداء، وكل هذا سيكون مهيئا لينفجر معاً في العواصم والحواضر فيذرو في الريح كل شيء من مؤسسات وسجلات.



البروتوكول العاشر

المظهر الخارجي للمسرح السياسي – عبقرية "أولاد الحرام" – ما هي وعود الانقلاب الماسوني – حق الانتخاب العام – الاعتداد بالنفس – زعماء الماسونية – العباقرة الذين هم قادة الماسونية – المؤسسات في الدولة ووظائفها – سموم الليبرالية – الدستور مدرسة الانشقاقات الحزبية – عصر الجمهوريات الدستورية – رؤساء الجمهوريات مطايا الماسونية – مسؤوليات الرؤساء – استغلال الفضائح كفضيحة بناما – الدور الذي يمثله على المسرح كل من النواب والرئيس – الماسونية هي القوة الاشتراعية – دستور الجمهورية الجديد – دور الانتقال إلى الماسونية في سلطتها المستبدة – حول اليوم الذي يعلن فيه "ملك العالم" – نشر جراثيم الأمراض وغير ذلك من قبائح الماسونية



ابتدئ كلامي اليوم بتكرار خلاصة ما قلته سابقاً، وأرجو منكم أن تعوا في أذهانكم أن الحكومات والشعوب إنما تقفان في تحليل المسائل السياسية عند الظواهر لا تتعداها. وكيف يقوى الغوييم على النفاذ إلى بواطن الأمور، ولا همّ لمثليهم إلا التسكع وراء المُتَع والملذات؟ وهذا الإيضاح الذي أبينه الآن، تقتضي مصلحتنا الانتباه له، لما في ذلك من الفائدة لنا عندما نضع في الميزان ما يتعلق بتوزيع السلطة، وحرية الرأي، وحرية الصحافة، والمعتقد الديني، وقانون الجمعيات، والمساواة أمام القانون، وحرمة المال والمقتنيات، والمساكن، وما يتعلق بالضرائب (غير المباشرة)، وما تحدثه القوانين من قوة رد فعل في المجتمع. فهذه المسائل هي من الخطورة والدقة بحيث لا تطرح على بساط البحث علناً، وعلى مسمع ومرأى من الشعب. فإذا استدعت الضرورة شيئاً من هذا، ولا مناص، فيقتصر على ذلك الشيء مجملاً، ولا يسمى بالصراحة أو يعين تعييناً، ويجتنب التفصيل، ويكتفى بالقول المقتضب أننا نعترف بهذه القوانين الجارية. والسبب في ما ينبغي أن نتخذه من مجانبة وصمت، هو أننا بعدم تسميتنا المبدأ أو القاعدة على وجه التحديد الذي ينفي كل شبهة، تبقى لنا حرية التصرف والعمل، فنسقط هذا الأمر أو نعيده، نقرّه أو نثبته، تبعاً لما يتراءى لنا، دون أن يكون من وراء ذلك ما يوقظ الانتباه. وعلى العكس من هذا، إذا ذهبنا إلى التعيين والتحديد، فكأننا قد طرحنا المسألة للنقاش، وهذا ما نحاذر.



ومن عادة الدهماء، أن يستهويهم العباقرة الممثلون للقوة السياسية، وما يأتيه هؤلاء من أفعال البأس والإقدام والجرأة، فيقول الدهماء في الثناء على تلك الأفعال والإعجاب بها: هذا عمل لا يعمله إلا الوغد ابن الحرام ولكنه حقاً عمل رائع مدهش! أجل، إنه حيلة وخديعة، ولكنه بغاية البراعة والدهاء!



ومما نعتمد عليه، أن نجتذب انتباه الأمم إلى العمل الذي نقوم به من بنائنا الهيكل الأساسي للنظام الجديد، وهو ما وضعنا نحن خططه. وهذا هو السبب في أنه من الضروري لنا قبل كل شيء، أن نسلح نفوسنا وندّخر في قلوبنا تلك الروح البطاشة التي لا تعرف الخوف ولا تهاب العواقب، وتكتسح في طريقها كل عقبة - روح الفاتك الغشوم، الروح التي تعتلج في صدور العاملين الفعالين من رجالنا. ومتى ما أنجزنا الانقلاب، قلنا للشعوب المختلفة: "إن الزمان قد ساء بكم، فاختلت أموركم وانهارت، وعمَّ الشقاء أحوالكم وملأ آفاقكم، ففسد الذي بين أيديكم، وما نحن هنا إلا من أجل خيركم وملاشاة الأسباب التي جرَّت عليكم كل هذا العذاب - التمسك بزهو القوميات، وقضايا الحدود الإقليمية، وما لكل دولة من نقدٍ مضروب لا يعدو حيزها، وأنتم في الخيار، والحالة هذه، أن تحكموا حكماً مؤيِّداً لنا، أو جارحاً لما أتينا من انقلاب، لكن أيكون الحكم عادلاً منصفاً، إذا أجريتموه علينا قبل أن تفحصوا، وتَصدقكم التجربة لما نحن مقدّمون إليكم؟ فإذا ما فعلنا هذا وقلناه على هذه الصفة، فالدهماء يأخذهم الاغترار بنا، فتثني علينا وترفعنا على الأكتاف بالإجماع رفع المنتصر الظافر، وكلهم أمل ورجاء. وبهذا تتجلى الفوائد المتوخاة من الحيلة التي أدخلناها عليهم وهي الاقتراع، التصويت، أو حق الانتخاب، إذ نكون قد جعلنا من هذه الوسيلة الفاتنة ما يكفل لنا الوصول إلى صولجان العالم، بعد أن تغلغلت فتنة التصويت في كل مكان، وأصابت كل فئة من البشر، مهماً تكن هذه الفئة ضئيلة الشأن، وسادت في الاجتماعات والهيئات عند كل فريق، وأعطت الآن ثمراتها للمرة الأخيرة، إذ يجمع الناس على أن يعرفونا قبل أن يحكموا علينا: ولكي تَسلم هذه الثمرات كما نشتهي، علينا أن نعمِّم حق التصويت ونجعله شاملاً بلا فارق في الطبقة أو الأهلية، ليكون لنا من ذلك الكثرة الكاسحة المطلقة، مما لا نناله من الطبقة المتعلمة من أرباب الأملاك. وإننا بإشرابنا الجمهور كله نزعة الاعتداد بالنفس، وتلقيحه بهذا اللقاح، نكون قد فككنا رابطة الأسرة، وأذبنا ما لها من قِيَمٍ ثقافية، وأزحنا من الطريق الأفراد الذين يُحتمل لِما لهم من عقل أن ينشقُّوا عن الجماعة المذعنة ويذهبوا طريقاً مخالفاً لنا، وإذا ما عنّ لهم أن يفعلوا مثل هذا، فالدهماء الذين أصبحوا في جهتنا يقومون على الأفراد المنشقّين ويخرسونهم. فالدهماء حقاً اعتادوا أن يصغوا لنا وحدنا، لأننا نكافئهم على الطاعة والإصغاء. بهذه الطريقة نخلق قوةً طائشةً عمياء عنيفة، وهي على وضع لا تتمكن معه من إتيان أية حركة في أي اتجاه دون إرشاد عملائنا الذين أقعدناهم مقعد الرياسة، وهم من الدهماء، وأمسى أمرهم بيدنا، ثم إن الشعب لن يتوانى في الاستكانة إلى هذا العهد، لأنه يعلم أن تحصيل قوته والوصول إلى مطالبه ومنافعه، كل ذلك يكون موقوفاً على اتّباع قادته هؤلاء المنصوبين عليه.



وأما مشروع إنشاء الحكومة، فينبغي أن ينفرد بوضعه دماغ واحد منا, لأن هذا الأمر إذا تولاه عدة نفر، اختلف الرأي ووقع التنابذ، وجاءت الحكومة ولا نصيب لها من التماسك. فعلينا أن ندقق في هذا المشروع من ناحيته العملية، لكن لا يجوز بحال علاجه بالمناقشة العلنية، كي لا يفسد ما فيه من مزايا الضبط والإحكام، وتُسلب منه خاصية التماسك والترابط وما تضمنته كل فقرة من المقاصد التي أرسلناها غامضة. فإذا أبحنا للدهماء نقاش المشروع، واقترحوا التغيير والتبديل، بطريق التصويت، فكأننا أبحنا لهم أن يذهبوا في ذلك مذاهب متضاربةً لا تقف عند حدّ، وتتصادم أقوالهم وآراؤهم إلى ما فيهم من سوء فهم، وهم بعد ذلك أقصر مدىً فكرياً من أن يكتنهوا خفاياه فيجب علينا ألاّ يطرح بنتاج عبقرية رجالنا إلى أنياب من ينهشها، حتى ولا إلى النفر المتزعم من الدهماء. وهذه المشروعات الانقلابية لا تكون حتى الآن قادرة على قلب الأنظمة القائمة، رأساً على عقب. قصارى ما تستطيع أن تبلغه أنها تُحدث تغييراً في المجال الاقتصادي، وبحكم النتائج كلها جملة واحدة، يقع تبديلٌ كذلك في مجرى حركة التقدم والتطور، ينسجم واتجاهنا المخطط.



وفي جميع البلدان نرى شيئاً واحداً، اختلفت أسماؤه واتحد معناه: التمثيل النيابي، مجلس النواب، والوزارة، مجلس الشيوخ، مجلس الشورى الأعلى، السلطة الاشتراعية، السلطة التنفيذية وأمثال ذلك. ولا حاجة بي أن أوضح لكم ما بين هذه المؤسسات من الصلة الآلية الرابطة، إذ تعلمون ذلك جيداً. وإنما ألِفت نظركم إلى أن كلاً من هذه المؤسسات، تقابله وظيفة مهمة ن الوظائف التي تقع على عاتق الدولة. وأرجو منكم الملاحظة أن نعتي الوظيفة بالمهمة في العبارة السابقة هنا، لا أعني به أن الأهمية المقصورة، عائدة إلى المؤسسة نفسها من حيث هي. كلا. بل أعني أن الأهمية هي أهمية الوظيفة التي تقوم بها المؤسسة. وهذه المؤسسات قد اقتسمت فيما بينها وظائف الدولة، من إدارية واشتراعية وتنفيذية، وهي تقوم بها قيام أعضاء الجسم الإنساني بوظائفه نحو مركب الجسم كله، فهي أهمية الوظيفة التي تقوم بها المؤسسة. وهذه المؤسسات قد اقتسمت فيما بينها وظائف الدولة، من إدارية واشتراعية وتنفيذية، وهي تقوم بها قيام أعضاء الجسم الإنساني بوظائفه نحو مركب الجسم كله، فإذا اعتلَّ عضو واحد من هذا المجموع اعتل سائره بفعل تعدي الأثر، ثم يفسد الجسم كله..فيدركه الفناء.



ولَمّا أدخلنا اسم الليبرالية على جهاز الدولة، تسممت الشرايين كلها، وياله من مرض قاتل، فما علينا بعد ذلك إلاّ انتظار الحشرجة وسكرات الموت..



إن الليبرالية أنتجت الدول الدستورية التي حَلت محل الشيء الوحيد الذي كان يقي الغوييم - السلطة المستبدة. والدستور، كما تعلمون جيداً، ما هو إلا مدرسة لتعليم فنون الانشقاق، والشغب، وسوء الفهم، والمنابذة، وتنازع الرأي بالرد والمخالفة، والمشاكسة الحزبية العقيمة، والتباهي بإظهار النزوات. وبكلمة واحدة: مدرسة لإعداد العناصر التي تفتك بشخصية الدولة وتقتل نشاطها. ومنبر الثرثارين وهو ليس أقل من الصحف إفساداً في هذا الباب، راح ينعي على الحكام خمولهم وانحلال قواهم، فَجَعَلهم كمن لا يرجى منه خيرٌ أو نفع. وهذا السبب كان حقاً، العامل الأول في القيام على كثيرين من الحكام فأُسقطوا من على كراسيهم. فأطل عهد الحكم الجمهوري، وتحقق، فجئنا نحن نبدل الحكم بمطية من قِبَلِنا ونجعله على رأس الحكومة - وهو ما يعرف بالرئيس، نأتي به من عداد مطايانا أو عبيدنا، وهذا ما كان منه المادة الأساسية المتفجرة من الألغام التي وضعناها تحت مقاعد شعب الغوييم، بل على الأصح شعوب الغوييم.



وفي المستقبل القريب، سننشئ نظام مسؤولية رؤساء الجمهوريات.



وحينئذ نكون قد أصبحنا في وضعٍ يمكننا من إغفال القيمة الشكلية في إجراء الأمور التي يكون الرئيس المطواع هو المسؤول عنها. ثم وماذا يهمنا إذا رأينا الذين يتهافتون على الكراسي والوصول إلى الحكم، يَفني بعضهم بعضاً، في حال ظهور أزمةٍ مغلقة ناشئة عن استحالة العثور على رئيس جديد، ومثل هذه الأزمة يوقع البلاد في الداهية الدهياء.



وحتى نقتطف الثمرات من خططنا، سنشير بإجراء انتخابات لاختيار هذا الرئيس، ويكون اختياره من بين أولئك النفر الذين سبق لهم فتلطخ ماضيهم بما يشين ويعيب، ولم يكتشف بعد، كالذي كان من فضيحة بناما، أو غيرها، والذي نختاره رئيساً من هذا الطراز، لا بد أن يكون عميلاً لنا موثوقاً به، قادراً على اتباع ما توحيه خططنا. وما يدفعه إلى هذا، خشيته أن يُفضَح أمره، ويُكشف الستر عنه، يضاف إلى هذا ما في نفسه من الرغبة الطبيعية، كما في غيره، للاحتفاظ بما انساق إليه من جاه وامتياز ومقام ومكانة ظاهرة، عن طريق السياسة. أما مجلس النواب فشأنه أن يكون بمثابة الوقاء للتغطية على الرؤساء، وحمايتهم وانتخابهم، ولكننا سننزع من المجلس حق الاقتراع فيمن هو الرئيس الجديد، وحق تغيير القوانين القائمة، لأن هذا الحق نمنحه الرئيس المسؤول، المطية الذلول، ثم من الطبيعي أن ما يتمتع به الرئيس من صلاحيات يجعله هدفاً يرمى بالنبال، من الحسد أو الضغينة، فَيُمطَر بالنقد والتجريح من كل جهة، لكننا نمدّه بما يدافع به عن نفسه، وهو حق الاحتكام إلى الشعب، من فوق رؤوس النواب، والشعب أعمى، (أو كثرة الدهماء) اعتاد الانقياد والطاعة. وما عدا هذا، فإننا سنسلّح الرئيس بحق آخر: هو إعلان الحرب. ونبرر هذا ونسوّغه من ناحية أن الرئيس بصفة كونه القائد الأعلى للجيش وسيد البلاد، ينبغي أن يكون في متناوله هذا الحق لحاجته الضرورية إليه من أجل الدفاع عن سلامة البلاد وحماية الدستور الجمهوري الجديد، فهو المسؤول عن الدستور وهو يمثل الدستور.



وبمعزل عن هذا، فإننا سننزع من مجلس النواب حق توجيه السؤال إلى الحكومة، أو استجوابها، فيما تتخذه من تدابير في نطاق صلاحيتها، ونتخذ حجّة في هذا، الحفاظ على الأسرار السياسية للدولة. وأكثر من ذلك، فإننا سنخفض عدد النواب إلى الحد الأدنى، فيخف بذلك الشغب السياسي، ويتوارى من في نفسه الشره للاشتغال بالسياسة. فإذا هو مع هذا، اندفع إلى الشغب وهذا لا يتوقع، فالمندفعون لا يكونون إلا قلة، فنجرفهم ونمسحهم مسحاً، وذلك بأن يطلب رد الأمر إلى الأمة لاستفتائها..ويتوقف على الرئيس تعيين الرئيسين لمجلس النواب ومجلس الشيوخ وتعيين وكيليهما أيضاً. وبدلاً من أن تعقد المجالس النيابية جلسات عديدة، فيختصر ذلك إلى أقل عدد ممكن ولبضعة أشهر وكفى. والرئيس، بصفته رئيس السلطة التنفيذية، يكون من صلاحيته أيضاً دعوة مجلس النواب إلى الانعقاد، وله تعطيله أو حلّه، وفي هذه الحالة الأخيرة تطول فترة الحلّ قبل العودة إلى انعقاد آخر. وحتى لا تقع نتائج هذه الأعمال كلها، وهي في مادتها غير قانونية، على كاهل الرئيس فتهيض جناحه، قبل أن يكمل استواء مخططنا، ونحن جعلناه مسؤولاً تحمَّل أعباءه، فإننا سنحرض الوزراء وكبار الموظفين الإداريين على ألا يأخذوا إخذَه، ولا يجاروه في أهوائه، ليروا في المسألة رأيهم مستقلين عنه، وبهذا يصبحون هم كبش النطاح بدلاً منه. وإننا نوصي الوصية المُلِحَّة، بأن هذا الأسلوب من أساليب عملنا، لا يُسمَح بتطبيقه إلا فيما يتعلق بمجلس الشيوخ ومجلس الشورى الأعلى أو مجلس الوزراء، لكن من المؤكد لن يسمح بذلك لموظفين بمفردهم.



ثم ينبري الرئيس، بإيعازٍِ منا، يبيّن أن منشأ هذه العقدة إنما هو تضارب التفاسير القانونية المتعددة، ثم يُلغِي كل ذلك عندما نشير إليه بالإلغاء. ويكون له الحق بعد ذلك أن يقترح ويضع قوانين مؤقتة، بل أكثر من هذا، أن يتخطى أحكام الدستور، وحجته في هذين الأمرين ما تقتضيه مصلحة الدولة العليا.



بهذه التدابير نتمكن من القبض على السلطة التي ندمّر بها شيئاً فشيئاً، وخطوةً خطوةً، ما نريد إزالته من دساتير العالم تمهيداً للانتقال الكبير، ثم يعقب ذلك قلب كل حكومة وجعلها مقطورة إلى سلطتنا تابعة طائعة.



والاعتراف بصاحبنا، صاحب السلطة المستبدة المطلقة، قد يقع حتى قَبل تدمير الدساتير. وإنما تقع هذه الحالة عندما تهبُّ الشعوب، وقد سَئِمَت من عجز الحكام ومخالفاتهم للقوانين - (وهذا ما سنعنى بتدبيره) صائحة: "اذهبوا بهؤلاء عنا، وأعطونا مَلِكاً واحداً يحكم الدنيا كلها، ويوحّد أمرنا، ويجمع شملنا، ويلاشي أسباب فرقتنا - ويخلّصنا من مسائل الخلافات على الحدود الإقليمية، والتباهي بالقومية والعنصرية، والتزمت الديني، والديون التي ترزح تحتها الدولة - ويوردنا موارد الأمان والسلامة، ويحقق لنا ما فشل فيه حكامنا وممثلونا السابقون".

salem elkotamy يقول...

ya ebn elbaz shut up
تعليق: salem elkotamy بتاريخ: 12/30/2007 7:42:00 PM


تعليق: salem elkotamy بتاريخ: 12/29/2007 11:08:00 PM

أيها المأفون؛لقد سكت دهراً،ونطقت كفراً!ياإبن باز،مكانك أنت والطرُبش مبارك في مكهنة التاريخ!مع يهوذا وبروتوس وإبن العلقمي وإبن سلول....إلخ.ولي نعمتك لا يمت بصلة لتاريخ بور سعيد الباسلة،ولا لتاريخ مصر الصابرة!إنه وأسرته وبطانته يمثلون بؤرة متقيحة في جسد مصر الطاهرة وستبرأ منه قريبا إن شاء الله!!سالم القطامي

salem elkotamy يقول...

باراك هو المعادل اللغوي لمبارك في العبري،وكذلك فهو المعادل السياسي!فكليهما يعمل لصالح إسرائيل ،وضد مصالح مصر والعرب.أما مايفرقهما فباراك منتخب ،ومبارك مفروض علينا من أسياده الصهاينة !فهبوا إخلعوه!!سالم القطامي

salem elkotamy يقول...

أولا مبارك أكلب من بوش!والموكوس إبنه أكلب منه!وكالعادة سيخذلون الرأي العام الرافض لزيارة إبن الداعرة بوش!سيبدون الندم ويقبلون المؤخرة والقدم,للنازي إبن الفاشي حفيد الصهيوصليبي!!!!سيتواطئ الطرفان على المصريين والعرب مقابل التوريث وباقي الرشوة السنوية وتوقف الحرب الكلامية الوهمية!ياعالم ياهوه؛بعد هلاك مبارك هتكتشفوا إنه صناعة صهيوأمريكية خالصة مخلصة!!!والأيام بيننا.سالم القطامي

salem elkotamy يقول...

أولا مبارك أكلب من بوش!والموكوس إبنه أكلب منه!وكالعادة سيخذلون الرأي العام الرافض لزيارة إبن الداعرة بوش!سيبدون الندم ويقبلون المؤخرة والقدم,للنازي إبن الفاشي حفيد الصهيوصليبي!!!!سيتواطئ الطرفان على المصريين والعرب مقابل التوريث وباقي الرشوة السنوية وتوقف الحرب الكلامية الوهمية!ياعالم ياهوه؛بعد هلاك مبارك هتكتشفوا إنه صناعة صهيوأمريكية خالصة مخلصة!!!والأيام بيننا.سالم القطامي

salem elkotamy يقول...

ياهوه؛بعد هلاك مبارك هتكتشفوا إنه صناعة صهيوأمريكية خالصة مخلصة!!!والأيام بيننا.سالم القطامي

salem elkotamy يقول...

Gamal Mubarak, chief of policy for Egypt's ruling National Democratic Party, the luncheon speaker, cited progress he said Egypt is making in reforming its economic and political systems. Despite inevitable disagreements with the United States on specifics, he said, "I think we can forge ahead not only on a government-to-government basis, but on a people-to-people basis, on the business society, on the civil society, even on political forces."

A continued U.S.-Egyptian strategic relationship "is crucial," Mubarak declared, "for the stability of our part of the world – the Middle East – and even for the stability and peace and coexistence in the world at large."

salem elkotamy يقول...

Gamal Mubarak, chief of policy for Egypt's ruling National Democratic Party, the luncheon speaker, cited progress he said Egypt is making in reforming its economic and political systems. Despite inevitable disagreements with the United States on specifics, he said, "I think we can forge ahead not only on a government-to-government basis, but on a people-to-people basis, on the business society, on the civil society, even on political forces."

A continued U.S.-Egyptian strategic relationship "is crucial," Mubarak declared, "for the stability of our part of the world – the Middle East – and even for the stability and peace and coexistence in the world at large."

salem elkotamy يقول...

إلى الكلب جــيمي أقول،والله لو ضممت كل الشعب إلى حزنك المتوطن النيكوقراطي،فلن نرضى أبداً بك حاكماً لمصر بإسم أخوالك الإنجليز والأمريكان،وأبناء عمومتك الصهاينة!!إتعظ ياولد بمصير إدريس زيبي،وإلا فعلى نفسها وعلى أولادها جنت براقش؛أقصد سوزان!!!!سالم القطامي

salem elkotamy يقول...

امال الجماعة اياها فى الثورة

تعليق: على بك الكبير
بتاريخ: 3/12/2008 8:38:00 PM

واحد من الجماعة اياها - جماعة طيور الظلام فى مصر بيدعو لثورة حمراء علشان عاوز هو و عصابته يتولى الحكم
خليك قاعد مستنى الثورة اللى انت عاوزه ليوم القيامة يا اهبل
ثورة ايه اللى انت عاوزها - علشان اتباعك و عصابة حماس و الدرويش تتولوا الامور فى مصر و توجههوها حسب ما تعتقدون الى الهاوية و بتسموا اهدافكم صحيحة
ياراجل روح ناملك شويتين علشان تفوق و تعرف ان العالم ما بقاش يسمع لكم - دى انتم حاليا فى مزبلة التاريخ ولن يتحقق حلمكم فى تدمير مصر من اجل الغير ابدا

salem elkotamy يقول...

ولكم في الثورة حياة يا أولي الألباب؛ كما قال الرسول الكريم في فضل الصيام ،صوموا تصحوا ،وأقول انا في فضل الثورة، ثوروا تصحوا!!.الآن و بعدما لم يتبق لنا اي خيار آخر، في الابقاء علي الجنس العربي، والدين الاسلامي؛ من الانقراض الا خيار الثورة ؛و بعدما تمترس طواغيت الوطن، خلف دروع المستعمر واستقووا به علي شعوبهم المستكينة والخانعة ؛وتزينوا بأكسسوارات الديمقراطية الزائفة ؛من حرية تأسيس الاحزاب المدجنة، وحرية اصدار صحف الزيف والنفاق والتزلف للأسر الحاكمة بأمرها، ولتحقيق مصالحها فقط.
وبالتالي لم يبقوا لنا من وسيلة لتصحيح هذة التشوهات ،غير ثورة حمراء (تسونامي) تمتد امواجها وتكتسح الركام وموالي بوش وأولمرت ،من المحيط إلى الخليج.
سالم القطامي

salem elkotamy يقول...

إلى الكلب جــيمي أقول،والله لو ضممت كل الشعب إلى حزنك المتوطن النيكوقراطي،فلن نرضى أبداً بك حاكماً لمصر بإسم أخوالك الإنجليز والأمريكان،وأبناء عمومتك الصهاينة!!إتعظ ياولد بمصير إدريس زيبي،وإلا فعلى نفسها وعلى أولادها جنت براقش؛أقصد سوزان!!!!سالم القطامي

salem elkotamy يقول...

3- souro tasseho
salem elkotamy || 1/25/2008 5:44:59 PM بتوقيت الأردن
ألم أقل لكم إنه أمريكاني!!زرعته الموساد بالتعاون مع المخابرات الأمريكيه،في مركز صنع القرار ،ليخدم مصالحهم وإبنه من بعده!!لقد زرعوا من قبل من دمر بلاده وحلفاؤه،كجورباتشوف وأمثاله.الحل الأوحد في إنقاذ مايمكن ولو بثورة حمراء!!ولكم في الثورة حياة ياأولي الألباب!!!سالم القطامي
4- الحق
سالم القطامي || 2/1/2008 5:56:55 PM بتوقيت الأردن
أخي المواطن تذكر الآتي:الحق يقتنص ولايُهدى،تُربى العضلات برفع الأثقال،الأرض الواطية تشرب ماؤها وماء غيرها،لاتُقاسم الغُرْم من لايقاسمك الغُنْم،لاترضى بظلم ولو كلفك حياتك،لاتركع لصنم قط ولو قطع رأسك، حقك في الحرية لا يقلص حقك في الخبز،لك نصيب في دخل بلدك فلاتفرط فيه!!
5- خبز ،وحرية، للجميع
سالم القطامي || 2/15/2008 2:02:07 AM بتوقيت الأردن
لكل منا نصيب في خيرات مصر،ولكن هيهات؛الحيتان يحتكرون موارد البلد وبغير حق!إن عدالة التوزيع أهم ألف مرة؛من غزارة إلإنتاج!!مابالكم فيمن يرفض مشاركتهم في سقط متاعهم;في حين يحملوننا كل الأعباء والواجبات!.والله لهي إذن قسمة ضيزى وغير عادلة،لن يعيدها إلى نصابها إلا عدالة يكون شعارها خبز ،وحرية، للجميع
6- قولوا آمين
سالم القطامي || 3/10/2008 4:42:00 PM بتوقيت الأردن
إلى حاخامات بني صهيون من أصحاب الضلاله وأصحاب الضئاله،أقول:لاتسنعجوا وسط الذئاب!يامعشر الأغوات والمخنثين!هكذا ضاعت بالأمس الأندلس!وكذلك تضيع اليوم العراق وفلسطين!وأنتم ياأولاد الغواني مع أعداءنا متآمرين!فياشعوبنا لماذا أنتم متخاذلين؟هؤلاء نعال قديمة فلا تخشوهم;فإذا نودي على الجهاد,قولوا آمين!!!سالم القطامي
7- لتصحيح هذة التشوهات
سالم القطامي || 3/12/2008 5:04:46 PM بتوقيت الأردن
سالم القطامي

ولكم في الثورة حياة يا أولي الألباب؛ كما قال الرسول الكريم في فضل الصيام ،صوموا تصحوا ،وأقول انا في فضل الثورة، ثوروا تصحوا!!.الآن و بعدما لم يتبق لنا اي خيار آخر، في الابقاء علي الجنس العربي، والدين الاسلامي؛ من الانقراض الا خيار الثورة ؛و بعدما تمترس طواغيت الوطن، خلف دروع المستعمر واستقووا به علي شعوبهم المستكينة والخانعة ؛وتزينوا بأكسسوارات الديمقراطية الزائفة ؛من حرية تأسيس الاحزاب المدجنة، وحرية اصدار صحف الزيف والنفاق والتزلف للأسر الحاكمة بأمرها، ولتحقيق مصالحها فقط.
وبالتالي لم يبقوا لنا من وسيلة لتصحيح هذة التشوهات ،غير ثورة حمراء (تسونامي) تمتد امواجها وتكتسح الركام وموالي بوش وأولمرت ،من المحيط إلى الخليج.
سالم القطامي

salem elkotamy يقول...

أن الماسونية منظمة سرية تخفي تنظيمها تارة ، وتعلنه تارة ، بحسب ظروف الزمان والمكان ، ولكن مبادئها الحقيقة التي تقوم عليها ، هي سرية في جميع الأحوال ، محجوب علمها حتى على أعضائها ، إلا خواص الخواص الذين يصلون بالتجارب العديدة إلى مراتب عليا فيها .
2- أنها تبني صلة أعضائها بعضهم ببعض في جميع بقاع الأرض ، على أساس ظاهري للتمويه على المغفلين ، وهو الإخاء الإنساني المزعوم بين جميع الداخلين في تنظيمها دون تمييز بين مختلف العقائد والنحل والمذاهب .
3- أنها تجذب الأشخاص إليها ممن يهمها ضمهم إلى تنظيمها بطريق الإغراء بالمنفعة الشخصية ، على أساس أن كل أخ ماسوني مجند في عون كل أخ ماسوني آخر في أي بقعة من بقاع الأرض ، يعينه في حاجاته ، وأهدافه ، ومشكلاته ، ويؤيده في الأهداف إذا كان من ذوي الطموح السياسي ، ويعينه إذا وقع في مأزق من المآزق أياً كان ، على أساس معاونته في الحق والباطل ، ظالماً أو مظلوماً ، وإن كانت تستر ذلك ظاهرياً بأنها تعينه على الباطل ، وهذا أعظم إغراء تصطاد به الناس من مختلف المراكز الاجتماعية ، وتأخذ منهم اشتراكات مالية ذات بال .
4- أن الدخول فيها يقوم على أساس احتفال بانتساب عضو جديد تحت مراسم رمزية إرهابية لإرهاب العضو إذا خالف تعليماتها ، والأوامر التي تصدر إليه بطريق التسلسل في الرتبة .
5- أن الأعضاء المغفلين يتركون أحراراً في ممارسة عباداتهم الدينية ، وتستفيد من تكليفهم في الحدود التي يصلحون لها ويبقون في مراتب دنيا ، أما الملاحدة أو المستعدون للإلحاد فترتقي مراتبهم في ضوء التجارب والامتحانات المتكررة على حسب استعدادهم لخدمة مخططاتها ومبادئها الخطيرة .
6- أنها ذات أهداف سياسية ، ولها في معظم الانقلابات السياسية والعسكرية والتغيرات الخطيرة ضلع وأصابع ظاهرةً أو خفيةً .
7- أنها في أصلها وأساس تنظيمها يهودية الجذور ، ويهودية الإدارة العليا العالمية ، صهيونية النشاط .
8- أنها في أهدافها الحقيقة السرية ضد الأديان جميعاً ، لتهديمها بصورة عامة ، وتهدم الإسلام في نفوس أبنائه بصورة خاصة .
9- أنها تحرص على اختيار المنتسبين إليها من ذوي المكانة المالية ، أو السياسية أو الاجتماعية ، أو العلمية ، أو أية مكانة يمكن أن تستغل نفوذاً لأصحابها في مجتمعاتهم ، ولا يهما انتساب من ليس لهم مكانة يمكن استغلالها ، ولذلك تحرص كل الحرص على ضم الرؤساء والوزراء وكبار موظفي الدولة ونحوهم .
10- أنها ذات فروع تأخذ أسماء أخرى تمويهاً وتحويلاً للأنظار ، لكي تستطيع ممارسة نشاطاتها تحت مختلف الأسماء إذا لقيت مقاومة لاسم الماسونية في محيط ما ، وتلك الفروع المستورة بأسماء مختلفة ، من أبرزها : منظمة الأسود ، والروتاري ، والليونز ، إلى غير ذلك من المبادئ والنشاطات الخبيثة التي تتنافى كلياً مع قواعد الإسلام وتناقضه كليةً .
قد تبين للمجمع بصورة واضحة العلاقة الوثيقة للماسونية باليهودية الصهيونية ، وبذلك استطاعت أن تسيطر على نشاطات كثير من المسؤولين في البلاد العربية في موضوع قضية فلسطين . وتحول بينهم وبين كثير من واجباتهم في هذه القضية الإسلامية العظمى ، لمصلحة اليهود والصهيونية العالمية .
لذلك ، ولكثير من المعلومات الأخرى التفصيلية عن نشاط الماسونية وخطورتها العظمى ، وتلبيساتها الخبيثة ، وأهدافها الماكرة ، يقرر المجمع الفقهي اعتبار الماسونية من أخطر المنظمات الهدامة على الإسلام والمسلمين ، وأن من ينتسب إليها على علم بحقيقتها وأهدافها فهو كافر بالإسلام مجانب لأهله

salem elkotamy يقول...

أن الماسونية منظمة سرية تخفي تنظيمها تارة ، وتعلنه تارة ، بحسب ظروف الزمان والمكان ، ولكن مبادئها الحقيقة التي تقوم عليها ، هي سرية في جميع الأحوال ، محجوب علمها حتى على أعضائها ، إلا خواص الخواص الذين يصلون بالتجارب العديدة إلى مراتب عليا فيها .
2- أنها تبني صلة أعضائها بعضهم ببعض في جميع بقاع الأرض ، على أساس ظاهري للتمويه على المغفلين ، وهو الإخاء الإنساني المزعوم بين جميع الداخلين في تنظيمها دون تمييز بين مختلف العقائد والنحل والمذاهب .
3- أنها تجذب الأشخاص إليها ممن يهمها ضمهم إلى تنظيمها بطريق الإغراء بالمنفعة الشخصية ، على أساس أن كل أخ ماسوني مجند في عون كل أخ ماسوني آخر في أي بقعة من بقاع الأرض ، يعينه في حاجاته ، وأهدافه ، ومشكلاته ، ويؤيده في الأهداف إذا كان من ذوي الطموح السياسي ، ويعينه إذا وقع في مأزق من المآزق أياً كان ، على أساس معاونته في الحق والباطل ، ظالماً أو مظلوماً ، وإن كانت تستر ذلك ظاهرياً بأنها تعينه على الباطل ، وهذا أعظم إغراء تصطاد به الناس من مختلف المراكز الاجتماعية ، وتأخذ منهم اشتراكات مالية ذات بال .
4- أن الدخول فيها يقوم على أساس احتفال بانتساب عضو جديد تحت مراسم رمزية إرهابية لإرهاب العضو إذا خالف تعليماتها ، والأوامر التي تصدر إليه بطريق التسلسل في الرتبة .
5- أن الأعضاء المغفلين يتركون أحراراً في ممارسة عباداتهم الدينية ، وتستفيد من تكليفهم في الحدود التي يصلحون لها ويبقون في مراتب دنيا ، أما الملاحدة أو المستعدون للإلحاد فترتقي مراتبهم في ضوء التجارب والامتحانات المتكررة على حسب استعدادهم لخدمة مخططاتها ومبادئها الخطيرة .
6- أنها ذات أهداف سياسية ، ولها في معظم الانقلابات السياسية والعسكرية والتغيرات الخطيرة ضلع وأصابع ظاهرةً أو خفيةً .
7- أنها في أصلها وأساس تنظيمها يهودية الجذور ، ويهودية الإدارة العليا العالمية ، صهيونية النشاط .
8- أنها في أهدافها الحقيقة السرية ضد الأديان جميعاً ، لتهديمها بصورة عامة ، وتهدم الإسلام في نفوس أبنائه بصورة خاصة .
9- أنها تحرص على اختيار المنتسبين إليها من ذوي المكانة المالية ، أو السياسية أو الاجتماعية ، أو العلمية ، أو أية مكانة يمكن أن تستغل نفوذاً لأصحابها في مجتمعاتهم ، ولا يهما انتساب من ليس لهم مكانة يمكن استغلالها ، ولذلك تحرص كل الحرص على ضم الرؤساء والوزراء وكبار موظفي الدولة ونحوهم .
10- أنها ذات فروع تأخذ أسماء أخرى تمويهاً وتحويلاً للأنظار ، لكي تستطيع ممارسة نشاطاتها تحت مختلف الأسماء إذا لقيت مقاومة لاسم الماسونية في محيط ما ، وتلك الفروع المستورة بأسماء مختلفة ، من أبرزها : منظمة الأسود ، والروتاري ، والليونز ، إلى غير ذلك من المبادئ والنشاطات الخبيثة التي تتنافى كلياً مع قواعد الإسلام وتناقضه كليةً .
قد تبين للمجمع بصورة واضحة العلاقة الوثيقة للماسونية باليهودية الصهيونية ، وبذلك استطاعت أن تسيطر على نشاطات كثير من المسؤولين في البلاد العربية في موضوع قضية فلسطين . وتحول بينهم وبين كثير من واجباتهم في هذه القضية الإسلامية العظمى ، لمصلحة اليهود والصهيونية العالمية .
لذلك ، ولكثير من المعلومات الأخرى التفصيلية عن نشاط الماسونية وخطورتها العظمى ، وتلبيساتها الخبيثة ، وأهدافها الماكرة ، يقرر المجمع الفقهي اعتبار الماسونية من أخطر المنظمات الهدامة على الإسلام والمسلمين ، وأن من ينتسب إليها على علم بحقيقتها وأهدافها فهو كافر بالإسلام مجانب لأهله

salem elkotamy يقول...

أن الماسونية منظمة سرية تخفي تنظيمها تارة ، وتعلنه تارة ، بحسب ظروف الزمان والمكان ، ولكن مبادئها الحقيقة التي تقوم عليها ، هي سرية في جميع الأحوال ، محجوب علمها حتى على أعضائها ، إلا خواص الخواص الذين يصلون بالتجارب العديدة إلى مراتب عليا فيها .
2- أنها تبني صلة أعضائها بعضهم ببعض في جميع بقاع الأرض ، على أساس ظاهري للتمويه على المغفلين ، وهو الإخاء الإنساني المزعوم بين جميع الداخلين في تنظيمها دون تمييز بين مختلف العقائد والنحل والمذاهب .
3- أنها تجذب الأشخاص إليها ممن يهمها ضمهم إلى تنظيمها بطريق الإغراء بالمنفعة الشخصية ، على أساس أن كل أخ ماسوني مجند في عون كل أخ ماسوني آخر في أي بقعة من بقاع الأرض ، يعينه في حاجاته ، وأهدافه ، ومشكلاته ، ويؤيده في الأهداف إذا كان من ذوي الطموح السياسي ، ويعينه إذا وقع في مأزق من المآزق أياً كان ، على أساس معاونته في الحق والباطل ، ظالماً أو مظلوماً ، وإن كانت تستر ذلك ظاهرياً بأنها تعينه على الباطل ، وهذا أعظم إغراء تصطاد به الناس من مختلف المراكز الاجتماعية ، وتأخذ منهم اشتراكات مالية ذات بال .
4- أن الدخول فيها يقوم على أساس احتفال بانتساب عضو جديد تحت مراسم رمزية إرهابية لإرهاب العضو إذا خالف تعليماتها ، والأوامر التي تصدر إليه بطريق التسلسل في الرتبة .
5- أن الأعضاء المغفلين يتركون أحراراً في ممارسة عباداتهم الدينية ، وتستفيد من تكليفهم في الحدود التي يصلحون لها ويبقون في مراتب دنيا ، أما الملاحدة أو المستعدون للإلحاد فترتقي مراتبهم في ضوء التجارب والامتحانات المتكررة على حسب استعدادهم لخدمة مخططاتها ومبادئها الخطيرة .
6- أنها ذات أهداف سياسية ، ولها في معظم الانقلابات السياسية والعسكرية والتغيرات الخطيرة ضلع وأصابع ظاهرةً أو خفيةً .
7- أنها في أصلها وأساس تنظيمها يهودية الجذور ، ويهودية الإدارة العليا العالمية ، صهيونية النشاط .
8- أنها في أهدافها الحقيقة السرية ضد الأديان جميعاً ، لتهديمها بصورة عامة ، وتهدم الإسلام في نفوس أبنائه بصورة خاصة .
9- أنها تحرص على اختيار المنتسبين إليها من ذوي المكانة المالية ، أو السياسية أو الاجتماعية ، أو العلمية ، أو أية مكانة يمكن أن تستغل نفوذاً لأصحابها في مجتمعاتهم ، ولا يهما انتساب من ليس لهم مكانة يمكن استغلالها ، ولذلك تحرص كل الحرص على ضم الرؤساء والوزراء وكبار موظفي الدولة ونحوهم .
10- أنها ذات فروع تأخذ أسماء أخرى تمويهاً وتحويلاً للأنظار ، لكي تستطيع ممارسة نشاطاتها تحت مختلف الأسماء إذا لقيت مقاومة لاسم الماسونية في محيط ما ، وتلك الفروع المستورة بأسماء مختلفة ، من أبرزها : منظمة الأسود ، والروتاري ، والليونز ، إلى غير ذلك من المبادئ والنشاطات الخبيثة التي تتنافى كلياً مع قواعد الإسلام وتناقضه كليةً .
قد تبين للمجمع بصورة واضحة العلاقة الوثيقة للماسونية باليهودية الصهيونية ، وبذلك استطاعت أن تسيطر على نشاطات كثير من المسؤولين في البلاد العربية في موضوع قضية فلسطين . وتحول بينهم وبين كثير من واجباتهم في هذه القضية الإسلامية العظمى ، لمصلحة اليهود والصهيونية العالمية .
لذلك ، ولكثير من المعلومات الأخرى التفصيلية عن نشاط الماسونية وخطورتها العظمى ، وتلبيساتها الخبيثة ، وأهدافها الماكرة ، يقرر المجمع الفقهي اعتبار الماسونية من أخطر المنظمات الهدامة على الإسلام والمسلمين ، وأن من ينتسب إليها على علم بحقيقتها وأهدافها فهو كافر بالإسلام مجانب لأهله

salem elkotamy يقول...

أن الماسونية منظمة سرية تخفي تنظيمها تارة ، وتعلنه تارة ، بحسب ظروف الزمان والمكان ، ولكن مبادئها الحقيقة التي تقوم عليها ، هي سرية في جميع الأحوال ، محجوب علمها حتى على أعضائها ، إلا خواص الخواص الذين يصلون بالتجارب العديدة إلى مراتب عليا فيها .
2- أنها تبني صلة أعضائها بعضهم ببعض في جميع بقاع الأرض ، على أساس ظاهري للتمويه على المغفلين ، وهو الإخاء الإنساني المزعوم بين جميع الداخلين في تنظيمها دون تمييز بين مختلف العقائد والنحل والمذاهب .
3- أنها تجذب الأشخاص إليها ممن يهمها ضمهم إلى تنظيمها بطريق الإغراء بالمنفعة الشخصية ، على أساس أن كل أخ ماسوني مجند في عون كل أخ ماسوني آخر في أي بقعة من بقاع الأرض ، يعينه في حاجاته ، وأهدافه ، ومشكلاته ، ويؤيده في الأهداف إذا كان من ذوي الطموح السياسي ، ويعينه إذا وقع في مأزق من المآزق أياً كان ، على أساس معاونته في الحق والباطل ، ظالماً أو مظلوماً ، وإن كانت تستر ذلك ظاهرياً بأنها تعينه على الباطل ، وهذا أعظم إغراء تصطاد به الناس من مختلف المراكز الاجتماعية ، وتأخذ منهم اشتراكات مالية ذات بال .
4- أن الدخول فيها يقوم على أساس احتفال بانتساب عضو جديد تحت مراسم رمزية إرهابية لإرهاب العضو إذا خالف تعليماتها ، والأوامر التي تصدر إليه بطريق التسلسل في الرتبة .
5- أن الأعضاء المغفلين يتركون أحراراً في ممارسة عباداتهم الدينية ، وتستفيد من تكليفهم في الحدود التي يصلحون لها ويبقون في مراتب دنيا ، أما الملاحدة أو المستعدون للإلحاد فترتقي مراتبهم في ضوء التجارب والامتحانات المتكررة على حسب استعدادهم لخدمة مخططاتها ومبادئها الخطيرة .
6- أنها ذات أهداف سياسية ، ولها في معظم الانقلابات السياسية والعسكرية والتغيرات الخطيرة ضلع وأصابع ظاهرةً أو خفيةً .
7- أنها في أصلها وأساس تنظيمها يهودية الجذور ، ويهودية الإدارة العليا العالمية ، صهيونية النشاط .
8- أنها في أهدافها الحقيقة السرية ضد الأديان جميعاً ، لتهديمها بصورة عامة ، وتهدم الإسلام في نفوس أبنائه بصورة خاصة .
9- أنها تحرص على اختيار المنتسبين إليها من ذوي المكانة المالية ، أو السياسية أو الاجتماعية ، أو العلمية ، أو أية مكانة يمكن أن تستغل نفوذاً لأصحابها في مجتمعاتهم ، ولا يهما انتساب من ليس لهم مكانة يمكن استغلالها ، ولذلك تحرص كل الحرص على ضم الرؤساء والوزراء وكبار موظفي الدولة ونحوهم .
10- أنها ذات فروع تأخذ أسماء أخرى تمويهاً وتحويلاً للأنظار ، لكي تستطيع ممارسة نشاطاتها تحت مختلف الأسماء إذا لقيت مقاومة لاسم الماسونية في محيط ما ، وتلك الفروع المستورة بأسماء مختلفة ، من أبرزها : منظمة الأسود ، والروتاري ، والليونز ، إلى غير ذلك من المبادئ والنشاطات الخبيثة التي تتنافى كلياً مع قواعد الإسلام وتناقضه كليةً .
قد تبين للمجمع بصورة واضحة العلاقة الوثيقة للماسونية باليهودية الصهيونية ، وبذلك استطاعت أن تسيطر على نشاطات كثير من المسؤولين في البلاد العربية في موضوع قضية فلسطين . وتحول بينهم وبين كثير من واجباتهم في هذه القضية الإسلامية العظمى ، لمصلحة اليهود والصهيونية العالمية .
لذلك ، ولكثير من المعلومات الأخرى التفصيلية عن نشاط الماسونية وخطورتها العظمى ، وتلبيساتها الخبيثة ، وأهدافها الماكرة ، يقرر المجمع الفقهي اعتبار الماسونية من أخطر المنظمات الهدامة على الإسلام والمسلمين ، وأن من ينتسب إليها على علم بحقيقتها وأهدافها فهو كافر بالإسلام مجانب لأهله

salem elkotamy يقول...

مدونة لقواعد سلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين
اعتمدت ونشرت علي الملأ
بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 34/169
المؤرخ في 17 كانون الأول/ديسمبر 1979


المادة 1

على الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين، في جميع الأوقات، أن يؤدوا الواجب الذي يلقيه القانون على عاتقهم، وذلك بخدمة المجتمع وبحماية جميع الأشخاص من الأعمال غير القانونية، على نحو يتفق مع علو درجة المسؤولية التي تتطلبها مهنتهم.

التعليق

(أ) تشمل عبارة "الموظفون المكلفون بإنفاذ القوانين" جميع الموظفين المسؤولين عن تنفيذ القانون الذين يمارسون صلاحيات الشرطة، ولا سيما صلاحيات الاعتقال أو الاحتجاز، سواء أكانوا معينين أم منتخبين،
(ب) في البلدان التي تتولى صلاحيات الشرطة فيها السلطات العسكرية، سواء أكانت بالزي الرسمي أم لا، أو قوات أمن الدولة، يعتبر تعريف "الموظفون المكلفون بإنفاذ القوانين" شاملا لموظفي تلك الأجهزة،
(ج) يقصد بخدمة المجتمع أن تشمل، بوجه خاص، تقديم خدمات لمساعدة أفراد المجتمع المحتاجين إلى مساعدة فورية لأسباب طارئة، شخصية كانت أو اقتصادية أو اجتماعية أو من أي نوع آخر،
(د) يقصد بهذا الحكم أن لا يقتصر على تغطية جميع أعمال العنف والسلب والأذى وحدها بل أن يتخطى ذلك ليشمل كامل مجموعة المحظورات التي تقع تحت طائلة القانون الجنائي. وهو يشمل أيضا سلوك الأشخاص غير القادرين على تحمل المسؤولية الجنائية.

المادة 2

يحترم الموظفون المكلفون بإنفاذ القوانين، أثناء قيامهم بواجباتهم، الكرامة الإنسانية ويحمونها، ويحافظون على حقوق الإنسان لكل الأشخاص ويوطدونها.

التعليق

(أ) إن حقوق الإنسان المشار إليها محددة ومحمية بالقانون الوطني والدولي. ومن الصكوك الدولية ذات الصلة: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وإعلان حماية جميع الأشخاص من التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهنية، وإعلان الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، والاتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها، واتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، والقواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء، واتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية،
(ب) ينبغي أن تذكر التعليقات الوطنية على هذه المادة الأحكام القانونية الإقليمية أو الوطنية التي تحدد هذه الحقوق وتنص على حمايتها.

المادة 3

لا يجوز للموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين استعمال القوة إلا في حالة الضرورة القصوى وفى الحدود اللازمة لأداء واجبهم.

التعليق

(أ) يشدد هذا الحكم على أن استعمال القوة من قبل الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين ينبغي أن يكون أمرا استثنائيا، ومع أنه يوحي بأنه قد يكون من المأذون به للموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين أن يستخدموا من القوة ما تجعله الظروف معقول الضرورة من أجل تفادى وقوع الجرائم أو في تنفيذ الاعتقال القانوني للمجرمين أو المشتبه بأنهم مجرمون، أو المساعدة على ذلك، فهو لا يجيز استخدام القوة بشكل يتعدى هذا الحد،
(ب) يقيد القانون الوطني في العادة استعمال القوة من قبل الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين وفقا لمبدأ التناسبية. ويجب أن يفهم أنه يتعين احترام مبادئ التناسبية المعمول بها على الصعيد الوطني في تفسير هذا الحكم. ولا يجوز بأية حال تفسير هذا الحكم بما يسمح باستعمال القوة بشكل لا يتناسب مع الهدف المشروع المطلوب تحقيقه،
(ج) يعتبر استعمال الأسلحة النارية تدبيرا أقصى. وينبغي بذل كل جهد ممكن لتلافي استعمال الأسلحة النارية، ولا سيما ضد الأطفال. وبوجه عام، لا ينبغي استعمال الأسلحة النارية إلا عندما يبدى الشخص المشتبه في ارتكابه جرما مقاومة مسلحة أو يعرض حياة الآخرين للخطر بطريقة أخرى وتكون التدابير الأقل تطرفا غير كافية لكبح المشتبه به أو لإلقاء القبض عليه. وفى كل حالة يطلق فيها سلاح ناري ينبغي تقديم تقرير إلى السلطات المختصة دون إبطاء.

المادة 4

يحافظ الموظفون المكلفون بإنفاذ القوانين على سرية ما في حوزتهم من أمور ذات طبيعة سرية ما لم يقتض خلاف ذلك كل الاقتضاء أداء الواجب أو متطلبات العدالة.

التعليق

يحصل الموظفون المكلفون بإنفاذ القوانين، بحكم واجباتهم، على معلومات قد تتعلق بالحياة الخاصة للأفراد أو يمكن أن تضر بمصالح الآخرين، وبسمعتهم على وجه الخصوص. ولذلك ينبغي توخي الحرص الشديد في الحفاظ على هذه المعلومات واستخدامها، ولا ينبغي إفشاء هذه المعلومات إلا بحكم أداء الواجب أو خدمة العدالة. وأي إفشاء لهذه المعلومات لأغراض أخرى أمر غير مشروع على الإطلاق.

المادة 5

لا يجوز لأي موظف من الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين أن يقوم بأي عمل من أعمال التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، أو أن يحرض عليه أو أن يتغاضى عنه، كما لا يجوز لأي من الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين أن يتذرع بأوامر عليا أو بظروف استثنائية كحالة الحرب، أو التهديد بالحرب، أو إحاقة الخطر بالأمن القومي، أو تقلقل الاستقرار السياسي الداخلي، أو أية حالة أخري من حالات الطوارئ العامة، لتبرير التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.

التعليق

(أ) هذا الخطر مستمد من إعلان حماية جميع الأشخاص من التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وهو الإعلان الذي اعتمدته الجمعية العامة، والذي جاء فيه:
"(أن أي عمل من هذه الأعمال) امتهان للكرامة الإنسانية ويجب أن يدان بوصفه إنكارا لمقاصد ميثاق الأمم المتحدة وانتهاكا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (وغيره من الصكوك الدولية الخاصة بحقوق الإنسان)"،
(ب) يعرف الإعلان التعذيب كما يلي:
"يقصد بالتعذيب أي عمل ينتج عنه ألم أو عناء شديد، جسديا كان أو عقليا، يتم إلحاقه عمدا بشخص ما بفعل أحد الموظفين العموميين أو بتحريض منه، لأغراض مثل الحصول من هذا الشخص أو من شخص آخر على معلومات أو اعتراف، أو معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه في أنه ارتكبه، أو تخويفه أو تخويف أشخاص آخرين. ولا يشمل التعذيب الألم أو العناء الذي يكون ناشئا عن مجرد جزاءات مشروعة أو ملازما لها أو مترتبا عليها، في حدود تمشي ذلك مع القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء"،
(ج) لم تعرف الجمعية العامة تعبير "المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة"، ولكن ينبغي تفسيره بشكل يضمن أكبر حماية ممكنة من جميع أشكال الإساءة، جسدية كانت أو عقلية،

المادة 6

يسهر الموظفون المكلفون بإنفاذ القوانين على الحماية التامة لصحة الأشخاص المحتجزين في عهدتهم، وعليهم، بوجه خاص، اتخاذ التدابير الفورية لتوفير العناية الطبية لهم كلما لزم ذلك.

التعليق

(أ) توفر "العناية الطبية"، التي يقصد بها الخدمات التي يقدمها أي من الموظفين الطبيين، بمن فيهم الأطباء والمساعدون الطبيون المجازون، عند الاقتضاء أو الطلب،
(ب) ولئن كان من المحتمل أن يكون هناك موظفون طبيون ملحقون بعملية إنفاذ القوانين، فإنه يجب على الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين أن يأخذوا بعين الاعتبار رأي هؤلاء الموظفين عندما يوصون بتوفير العلاج المناسب للشخص المحتجز من قبل موظفين طبيين من خارج عملية إنفاذ القوانين أو بالتشاور معهم،
(ج) من المفهوم أن على الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين أيضا أن يوفروا العناية الطبية لضحايا انتهاك القانون أو ضحايا الحوادث التي تقع خلال حالات انتهاك القانون.

المادة 7

يمتنع الموظفون المكلفون بإنفاذ القوانين عن ارتكاب أي فعل من أفعال إفساد الذمة. وعليهم أيضا مواجهة جميع هذه الأفعال ومكافحتها بكل صرامة.

التعليق

(أ) إن أي فعل من أفعال إفساد الذمة، مثله في ذلك مثل أي من أفعال إساءة استخدام السلطة، أمر لا يتفق ومهنة الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين. ويجب أن ينفذ القانون تنفيذ كاملا فيما يتعلق بأي موظف مكلف بإنفاذ القوانين يرتكب فعلا من أفعال إفساد الذمة، لأنه ليس للحكومات أن تتوقع إنفاذ القانون على رعاياها إذا لم يكن في مقدورها أو نيتها إنفاذ القانون علي موظفيها أنفسهم وداخل أجهزتها ذاتها،
(ب) ولئن كان تعريف إفساد الذمة يجب أن يكون خاضعا للقانون الوطني، فينبغي أن يكون مفهوما انه يشمل ارتكاب أو إغفال فعل ما لدي اضطلاع الموظف بواجباته، أو بصدد هذه الواجبات، استجابة لهدايا أو وعود أو حوافز سواء طلبت أو قبلت، أو تلقى أي من هذه الأشياء بشكل غير مشروع متي تم ارتكاب الفعل أو إغفاله،
(ج) ينبغي أن تفهم عبارة "فعل من أفعال إفساد الذمة" المشار إليها أعلاه على أنها تشمل محاولة إفساد الذمة.

المادة 8

على الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين احترام القانون وهذه المدونة. وعليهم أيضا، قدر استطاعتهم، منع وقوع أي انتهاكات لهما ومواجهة هذه الانتهاكات بكل صرامة.
وعلى الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين، الذين يتوفر لديهم ما يحملهم على الاعتقاد بوقوع أو وشك وقوع انتهاك لهذه المدونة، إبلاغ الأمر إلى سلطاتهم العليا وكذلك، عند اللزوم، إلى غيرها من السلطات والأجهزة المختصة التي تتمتع بصلاحية المراجعة أو رفع الظلامة.

التعليق

(أ) يعمل بهذه المدونة بمجرد إدماجها في التشريع أو الممارسة الوطنية. فإن تضمنت التشريعات أو الممارسات أحكاما أصرم من تلك الواردة في هذه المدونة يعمل بتلك الأحكام الأصرم
(ب) تتوخى هذه المادة المحافظة على التوازن بين الحاجة إلى الانضباط الداخلي للهيئة التي تتوقف عليها السلامة العامة إلى حد كبير من جهة، والحاجة إلى معالجة انتهاكات حقوق الإنسان من جهة أخري. ويجب على الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين أن يبلغوا عن الانتهاكات التي تقع في إطار التسلسل القيادي وألا يقدموا على اتخاذ أية إجراءات قانونية أخرى خارج نطاق التسلسل القيادي إلا في الحالات التي لا يوجد فيها طرق رجوع أخرى متاحة أو فعالة. ومن المفهوم أنه لا يجوز تعريض الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين لأية عقوبات إدارية أو غير إدارية بسبب قيامهم بالإبلاغ عن وقوع انتهاك لهذه المدونة أو عن وشك وقوع مثل هذا الانتهاك
(ج) يقصد بعبارة "السلطات أو الأجهزة المناسبة التي تتمتع بصلاحية المراجعة أو رفع الظلامة" أية سلطة قائمة أو جهاز قائم بمقتضى القانون الوطني، سواء داخل هيئة إنفاذ القوانين أو على نحو مستقل عنها، وتكون لها أو له صلاحية، مستمدة من القانون أو العرف أو من أي مصدر آخر للنظر في التظلمات والشكاوى الناجمة عن انتهاكات تدخل في نطاق أحكام مدونة قواعد السلوك هذه
(د) يمكن في بعض البلدان، اعتبار أن وسائط الاتصال الجماهيري تضطلع بوظائف مماثلة للوظائف المبينة في الفقرة الفرعية (ج) أعلاه بشأن النظر في الشكاوى. ومن ثم فقد يكون هناك ما يبرر قيام الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين. كوسيلة أخيرة وبما يتفق مع قوانين وأعراف بلدانهم وكذلك مع أحكام المادة 4 من هذه المدونة، بتوجيه انتباه الرأي العام إلى الانتهاكات عن طريق وسائط الاتصال الجماهيري
(هـ) يستحق الموظفون المكلفون بإنفاذ القوانين، الذين يتقيدون بأحكام مدونة قواعد السلوك هذه، أن ينالوا الاحترام والدعم الكامل والتعاون من قبل المجتمع ومن قبل الهيئة المسؤولة عن تنفيذ القوانين التي يعملون فيها، وكذلك من قبل جميع العاملين في إنفاذ القوانين

غير معرف يقول...

05

05

2008
نواب يطالبون بالتحقيق في اتهامات السفير الكندي للحكومة بالرشوة
05/05/2008
كتب: جمال عصام الدين ـ صالح شلبي

هاجم أعضاء مجلس الشعب الحكومة ـ مساء أمس ـ بسبب بدء تصدير الغاز الطبيعي لإسرائيل ووصف أحدهم يوم بدء التصدير بـ«يوم العار» بسبب ما ورد علي لسان السفير الكندي بشأن تلقي بعض المسئولين عمولات بلغت 25 مليون دولار للموافقة علي إقامة مشروع أجريوم في دمياط.
قال النائب حسين إبراهيم: «إن يوم وصول الغاز الطبيعي إلي إسرائيل هو يوم العار وثروات الشعب المصري أصبحت تباع وتبدد لصالح العدو الصهيوني». وتابع منتقدا صمت الحكومة حيال اتهامات السفير الكندي لبعض مسئوليها بالرشوة «عندما يطعن السفير الكندي في ذمة المسئولين المصريين لا تتحرك الحكومة ولكن عندما يتحدث النائب سعد عبود عن ذمة ضباط الشرطة بالمستندات يتعرض للعقوبات».
وطالب النائب جمال الزيني باستدعاء السفير الكندي لتقديم ما لديه من مستندات بشأن العمولات التي قدرها بـ25 مليون دولار، مشددا علي ضرورة إجراء تحقيق من النائب العام في هذا الكلام.
وفي مجلس الشوري، وأمام أعضاء لجنة الصناعة والطاقة، نفي المهندس سامح فهمي وزير البترول كلام السفير الكندي قائلا: لم يحدث مطلقا أن تدخل السفير الكندي في الأمر وأضاف أنه لن يقبل أي تهديد من أي سفير مهما كان السبب.
وهاجم النائب شوقي السيد الوزير بقوله: «وزارة البترول أعلنت أن حجم الاستثمارات الأجنبية في مشروع أجريوم 950 مليون دولار بينما أصول العقود تؤكد أن حجم الاستثمارات الأجنبية في المشروع لا يتجاوز الـ6 ملايين دولار».وبرر محمد فريد خميس رئيس اللجنة غياب د. محمود محيي الدين وزير الاستثمار عن الاجتماع بأنه «تلقي تعليمات بمصاحبة الرئيس في جولته في مدينة السادات».

غير معرف يقول...

مشكلتك يا سالم يالي اله ماتسلم ابدا ان ان كل حاجه بقولها عنك حقيقه يعني مثلا لما اقول انك معرص متبقاش شتيمه دي حقيقتك فعلا لذلك انا لن التفت للشتايم بتاعتك وساتجاهلها تماما بس انت خاين لبلدك وابن متناكه عرص معرص واللي يقول الكلام اللي انت بتقوله يبقي خاين لبلده واكيد السبب اللي خلاك كده انك عرصت علي امك كتييييييييييييير واللي يعرص علي امه كتيييييييييييييييير زيك كده يخون بلده ومتفرقش معاه زي ما هي مش فارقه معاك كده وهاقولك تاني يا ابن المتناكه يا معرص يا ابن الشرموطه يا ابن الخول يا خاين بطل قذاره وانحطاط وانا اشك انك تكون مصري لان مفيش مصري يفكر تفكيرك او يقول الكلام اللي انت بتقوله يا كس امك
il y a 2 jours salem elkotamy -2 [good] [bad] [good] [bad]
ana mabaniksh eiaal ya kos
il y a 2 jours ك +1 [good] [bad] [good] [bad]
الي قرني المعرص المدعو سالم القطامي وانا عرفت انت ليه اسمك سالم القطامي اولا لما ايد المقشه الي انت حطيتها في طيظك علشان تتكيف وتعمل مع نفسك واجب اتقطمت جوه طيظك ومعرفوش يطلعوها من هنا جاء اسم القطامي وبعدين خدوك علي المستشفي ودخلوك العنايه المركزه وانقذوك ومن هنا سموك سالم ويا ليتهم سموك سموك ثانيا دي ما كنتش اول مره ده الموضوع ده اتكرر معاك كتير وعلشان كده الاسم اتثبت عليك يا معرص وعلي فكره دي وقائع حقيقيه مش شتيمه يعني دي حقيقتك يا كس امك وبالمناسبه كس امك اخباره ايه انا واثق انك مش هتقصر معاها ومش هتدخل عليه اي حد واتوصي بيه علشان امك تتكيف وترضي عنك يا ابن العرص يا معرص يا خاين
il y a 2 jours salem elkotamy -2 [good] [bad] [good] [bad]
akhbar teezak eh ya kos
il y a 2 jours salem elkotamy -2 [good] [bad] [good] [bad]
ياأحنا ياهُمّة،هذا الشعار ينطبق على عصابة الصهاينة في فلسطين،وينطبق قبل هذا على عصابات حكام العرب الخونة والعملاء،لذلك لكي نتحرر من نير العبودية لابد من دفع الثمن وهو تضحية جيلنا بالأرواح والمهج والغالي والنفيس،فلاحرية بلا تضحيات ،ومن يقول غير ذلك فهو مغالط وسوفسطائي،أو خائن وعميل،أو جاهل مغرر به۔۔ومن يدعي أن هناك سلام أبدي بين القط والفار، أوبين الماء والنار،أوبين المستعهر والمستعْمَر،فهو كمن يريد إقناعنا بوجود ماء على القمر،أو وجود جليد على الشمس!!ولو كان في السلام المصطنع خير لأختاره الأعداءأوالأقوياء،إن كلمة سلام لاتتردد إلا على ألسنة الضعفاء والجبناء،على ألسنة الفرائس والضحايا لا على ألسنة ضواري الغابة ووحوشها!!إنه إنتخاب الطبيعة التي لاتحترم إلا الأقوياء،فلك أيها المغبون أن تختار، مابين أن تكون إما وحش مهول، أوجُرذ مأكول!رسالة قصيرة إلى شيخ الأزهر،يامولانا إذا كنت رأيت أوسمعت عن ماحدث من فظائع وروائع فيما يسمى بغزة،والتي تقع في بلاد الواقواق،سيدي الإمام الأكبر،إن مافعل كل هذة المذابح والملاحم،هو ذلك المجهول الذي وبسبب تفرغ حضرتك للشئون الدينية،وكذا لضعف بصركم،قمت بوضع يديك الكريمتين في يديه الملتخطتين بدماء الضحايا الأبرياء،إنه ياسيدي شمعون بيريز قاتل الأبرياء،أعرف إن مقامك الرفيع يجعلك لاتعرف لاأسماء ولا صورالمجرمين التاريخيين كمثل هذا المسخ الشائه،،ولذلك هاأنا أبصرك بخلفيات هذا المجرم كي لاتسلم عليه بحميمية مرة ثانية!!!ماشي يامولانا!!!أنار لله بصيرتك،وأعاد إليك بصرك،آمــــين!!سالم القطامي!سالم القطامي
il y a 2 jours salem elkotamy -1 [good] [bad] [good] [bad]
Salem Elkatamy
18 janvier à 01:25
العميل كوهين حسني مبارك،وأذنابه من شماشرجية ومكسساتية وطفيلات غير آدمية،سعيهم غير مقبول،ولاحل إلا تقتيلهم وتصيلييبهم على جزوع النخيل،ياأولادالمتناكة،دوركم إنتهى في الحياه الكريمة،بداية تحرير الأرض تبدأ بتحرير عواصمنا منكم ياماريونيتات الصليبوصهاينة،سنطهر كوكبنا منكم ياأبناء الغواني!لم نقاسمكم الغُنْم ولن نقاسمكم الغُرْم،وإذهبوا أنتم وأربابكم الصهاينة إلى الجحيم!!!سالم القطامي
il y a 2 jours salem elkotamy -1 [good] [bad] [good] [bad]
tezak feha zeb homar ya kos
il y a un jour ك 0 [good] [bad] [good] [bad]
الي قرني المعرص المدعو سالم القطامي علشان تعرف اني خايف علي مصلحتك انا عرفت ان اسعار ايد المقشات هتغلي فقلت انبهك علشان تشتريلك شويه قبل ما يغلوا ومتنساش تشتري شويه لمامتك ويا ابن المتناكه يا خاين يا معرص يا ابن الشرموطه لم نفسك يا معرص علي امك كتيييييييير
maintenant salem elkotamy 0 [good] [bad] [good] [bad]
أخبار طيظك إيه ياكس،والمتناكات أمك وإخواتك وحريم بيتكوا نظفوا إكساسهم وألا لسة،قولهم يتعالجوا من الإيدز ويجددوا رخص نياكتهم،وإنت جيمي الكلب روقك وألا شوفلك كلب تاني زي أخوه ألان يدقك،ماشي يا ك،أقصد ياكس

salem elkotamy يقول...

هاقدوعدنا وبعون الله أنجزنا

كم من "كاثرين"أرسلت يا إبنمنيكة فأنت شريك في الإبادة منذ البداية فلقد إستقبل آلاف سفن الأسلحة بل يصدرأسلحة محلية الصنع غير السفينة "كاثرين"عسكرالإحتلال إستبدلوا القاف بالعين في إسم القاهرة

 كم من "كاثرين"أرسلت يا إبنمنيكة فأنت شريك في الإبادة منذ البداية فلقد إستقبل آلاف سفن الأسلحة بل يصدرأسلحة محلية الصنع غير السفي...