دُمّر كلّ شيء
يقول المحامي البريطاني لوكالة فرانس برس "ذهبنا إلى السرير وكان ارتفاع المياه نصف متر"، مستذكراً عاصفة الثلاثاء التي غمرت المنازل ومراكز التسوّق والمكاتب والطرقات.
ويضيف "عندما استيقظنا وجدنا مستوى المياه قد وصل إلى متر واحد. غمرت المياه سيارتي ووصلت إلى وِسطنا. دُمّر كلّ شيء".
أمضى حق وزوجته وكلبهما أكثر من يومين محاصرين في الطابق العلوي لمنزلهما المكوّن من طابقين، قبل أن ينقذهم قارب أحد الجيران الخميس.
الزوجان اللذان لم يتمكّنا من حمل سوى بعض الخبز والوجبات الخفيفة، لم يتناولا الطعام معظم ذلك الوقت، كما كان لديهما بضع زجاجات من الماء.
ويشير حق إلى أنّ "الثلاجة... وحتى سيارتي كانت طافية. كلّ شيء كان طافياً"، مضيفاً "كان لدي سيارة جديدة. لقد دُمّر كلّ شيء".
ويتابع "إنّها كارثة طبيعية. لم يكن أحد مستعدّاً لكارثة بهذا المستوى".
خلال محنتهم، كان حق وزوجته وجيرانهم الذين يصل عددهم إلى حوالى 18 أُسرة في مجمع سكني في الضواحي، خائفين من النزول إلى المياه ذات الرائحة الكريهة التي يصل ارتفاعها إلى الخصر، وذلك خوفاً من التعرّض للصعق بالكهرباء.
"المياه محاصَرة"
ثبُت أنّ الفشل في تصريف المياه شكّل عقبة رئيسية أمام جهود التعافي من الكارثة في الدولة الصحراوية، حيث أدّت الفيضانات المستمرّة إلى إغلاق الطرق حول دبي خلال الأيام اللاحقة.
كذلك، أثّرت الطرق المقطوعة على الخدمات الأساسية، بحيث لم تتمكّن محلّات السوبرماركت من القيام بعمليات إعادة التخزين، بينما كافح العديد من الموظفين للوصول إلى أماكن عملهم.
كذلك الأمر بالنسبة إلى مطار دبي الذي يعدّ أكثر المطارات ازدحاماً بالمسافرين في العالم، فقد شهد نقصاً حاداً في عدد الموظفين في ظلّ توقّع استمرار إلغاء الرحلات وتأخيرها حتى نهاية الأسبوع.
ويقول كريم الجندي المدير المساعد في شركة بورو هابولد للاستشارات الهندسية، إنّ تصريف المياه الناجمة عن العواصف لم يتمّ تضمينه على نطاق واسع في التخطيط للمدينة التي لم يتجاوز عمر معظمها بضع سنوات فقط.
ويضيف في حديث لوكالة فرانس برس "لا بدّ من أنّ شخصاً ما اعترض على هذا (شبكة تصريف مياه العواصف) لأنّ الأمطار لا تهطل إلّا نادراً".
ويشير إلى أنّ "المياه محاصَرة. إذا كان لديك سطح صلب مثل الطريق أو المطار، أين ستذهب (المياه)؟ الأرض صلبة للغاية (لامتصاص المياه)".
في ظلّ عدم وجود شبكة لتصريف المياه الناتجة من العواصف، تعتمد السلطات على شاحنات الضخ لامتصاصها بخراطيم عملاقة ونقلها بعيداً.
وبينما يصف الجندي هذا التدبير بأنّه "موقت"، يوضح أنّه كان من الصعب للغاية تركيب أنظمة تصريف مياه العواصف بعدما تمّ إنشاء البنى التحتية.
ويتابع "بمجرّد بناء مدينة بطريقة معيّنة، تصبح إعادة تأهيل نظام مياه الأمطار أقرب إلى المستحيل".
"سمعة دبي"
لقي أربعة أشخاص حتفهم بعد هطول أمطار غزيرة قياسية على دولة الإمارات الغنية بالنفط، من بينهم امرأتان فيليبينيتان اختنقتا داخل سيارتهما في فيضانات دبي.
وفي هذا الإطار، يحذّر الجندي من أنّ تغيّر المناخ سيجعل الظواهر الجوية المتطرّفة أكثر شيوعاً، موضحاً أنّ العاصفة التي تسبّبت في هطول ما يعادل عامين من الأمطار على الدولة الخليجية، كانت متّسقة مع آثار ظاهرة الاحتباس الحراري.
ويقول "ما يسلّط الضوء عليه هذا الحادث بالذات، هو أنّ الحسابات التاريخية بشأن (ما إذا كان سيتمّ تركيب شبكة لتصريف مياه الأمطار) تغيّرت لأنّ هناك تكلفة".
ويلفت إلى أنّ "هناك أيضاً تكلفة تترتّب على السمعة. فمشاهد المدرجات والطائرات وهي تُقلع في المياه، لا أعتقد أنّها تتوافق مع سمعة دبي"، في إشارة إلى اللقطات التي انتشرت على نطاق واسع لطائرات وهي تسير عبر المياه الثلاثاء.
من جهته، أمر رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد بنقل الأُسر المعرّضة للخطر إلى أماكن آمنة، وبإجراء دراسة عاجلة للبنية التحتية في البلاد.
وبينما يشعر رياض حق بالاطمئنان الى الدعم الذي قدّمته الحكومة، إلّا أنّ حالة من عدم اليقين لا تزال قائمة.
ويقول "لا نعرف متى سنتمكّن من العودة إلى الحياة الطبيعية".
ويضيف "إنّهم يستخدمون الصهاريج لإزالة المياه. سيستغرق الأمر أياماً. لكنني متأكّد من أنّ السلطات ستبذل كلّ ما في وسعها لإعادتنا إلى منازلنا".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق