القبَلية العصبية.. والأقباط.. والفلول.. والصوفية.. وراء تقدم شفيق بالصعيد
جاءت نتيجة الانتخابات الرئاسية بالصعيد بكارثة حقيقية وخيبه أمل وضياع آمال الكثيرين وكأن الثورة لم تصل إلى الصعيد بعد تصاعد نسبة التصويت لصالح أحمد شفيق إلى جانب زحف الأقباط على مستوى الجمهورية بأوامر من الكنيسة للتصويت لصالحه، بالإضافة إلى أصوات الصوفية وأسر أفراد وضباط الشرطة والجيش وقوف فلول الوطنى المنحل وقياداته صفا واحدا بأنفسهم وأهليهم وأموالهم وراءه حتى وصل ثمن الصوت من بين 300 إلى 500 جنيه فى بعض المناطق الفقيرة ولا يخفى على أحد عدم توحيد الصف الإسلامى والثورى وخلافات ومشادات أنصار كل من مرسى وأبو الفتوح أمام وداخل اللجان وحالة الرعب والهلع التى بثها إعلام الفلول فى نفوس عامة الشعب من صعود التيار الإسلامى كل هذه الأسباب وغيرها أدت إلى دفع المواطن فى معظم مدن وقرى الصعيد للتصويت لشفيق.
أسيوط حصل شفيق على المركز الثانى وحصوله على 205 آلاف و472 صوتًا حتى أن نسبة تصويته قاربت إلى نسبة تصويت جماعة الإخوان الدكتور محمد مرسى وهى أعلى نسبة بالمحافظة واستطاعت"المصريون" أن ترصد الأسباب التى ساعدت شفيق على ذلك، ومنها تصويت أكثر من 85% من أصوات المسيحيين بالمحافظة التى يقطنها نسبة كبيرة منهم وإعلانهم الخروج جميعًا للتصويت لصالحه فضلا عن توجيه الكنيسة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة للناخبين الأقباط عبر المواقع القبطية وبعض المنشورات التى كانت توزع أمام اللجان سرًا بالإضافة لأصوات بقايا الوطنى المنحل، حيث إنهم استغلوا نقاط الخلاف بين أبو الفتوح ومرسى ومشاداتهم فى معظم اللجان وقاموا بالتصويت لصالح شفيق.
والمعروف أن أسيوط بها أكثر من 500 ألف عضو بالوطنى المنحل وبها قيادات بارزة قاموا بنشاط غير مسبوق لأعضاء الوطنى المنحل بإدارة غرف عمليات المنحل، وأنهم أكثر من يتقنون الترويج لمرشحهم سرًا وقيام بعض الموظفين بجهاز الدولة بتأييده وتشويه صورة الإسلاميين فى الفترة الأخيرة بأحداث العباسية واتجه البعض بإقناع الكتلة الصامتة، والتى لا تملك إلا قوت يومها بأن شفيق له القدرة على إدارة البلاد.
من جانبها أرجعت القوى السياسية بالأقصر تفوق شفيق إلى عدة أسباب منها كتلة الأقباط، بالإضافة إلى الأموال التى أنفقت من جانب حملة شفيق إلى أن وصل ثمن الصوت من بين 300 إلى 500 جنيه, بالإضافة إلى أصوات الصوفية وأسر ضباط وأفراد الجيش والشرطة وأصبح الجميع الآن يضع يده على قلبه من فشل الثورة وعودة إنتاج النظام السابق مرة أخرى.
ويقول محمد كمال، أحد كوادر حزب البناء بالأقصر،: الصوفية وعائلات أعضاء الحزب المنحل هم الذين أعطوا الكتلة الصوتية المرتفعة, بجانب بعض العامة الذين لهم كره شديد للتيار الإسلامى بصفة عامة والإخوان بصفة خاصة, يعنى ليس حبًا فى شفيق، ولكن بغضا للإخوان والتيار الإسلامى.
وطالب كمال بتوحد جميع القوى الثورية بجميع اتجاهاتها وطوائفها فى جولة الإعادة من أجل اختيار الثورة، وليس مرسى أو الإخوان, وعلى الطرف الآخر أن يتنازل الإخوان عن الاستحواذ، وأن يكون هناك عقد واتفاق مشترك بين كل القوى السياسية، وعلى الجميع إنكار الذات وإعلاء مصلحة الوطن والثورة فوق المصالح الحزبية.
وأجمعت القوى الثورية بالأقصر أن هناك خطرا داهما ومكرا يحيق بالثورة وأتباعها، وأن هناك قوى خفية تحرك شفيق للعودة بمصر إلى النظام السابق مهما كانت التضحيات, وخاصة خفافيش الظلام وهم ضباط أمن الدولة المنحل الذين فقدوا هيبتهم وكيانهم وأذناب النظام السابق من رجال أعمال وأعضاء مجلس الشعب والإعلاميين.
وفى قنا استطاع شفيق أن يعيد تفريق القناوية باعتماده على العصبية القبلية بين القبائل الثلاث بقنا "عرب – وأشراف – وهوارة" فى حصد أصواتهم، بعد أن بعد اكتساح التيار الإسلامى فى حصد مقاعد مجلسى الشعب والشورى بنسبة 90%، إلا أن شفيق خلال زيارته الأخيرة أن يفرق أصواتهم، عندما جاء من محافظة أسوان ونزوله بمدينة قنا وقابل رموز قبيلة الأشراف وقال لهم إن نسبى يرجع إليهم، مما أدى إلى حصد أصواتهم.
كما أقام مؤتمرين بأماكن أكبر رموز العرب بالمحافظة أعضاء الحزب الوطنى سابقا وحزب الحرية حاليا، التى تمثل قبيلة العرب بالمحافظة حوالى 70% من سكان المحافظة، حينها قال أحد فلول الحزب الوطنى، "لقد جاء شفيق ينتشلنا من زلزال كان سيدمرنا".
واستطاع شفيق أن ينتزع أصوات الأقباط بقنا فهى نسبة لا يستهان بها، لأنه وعدهم إعطاءهم جميع حقوقهم فضلا عن وعدهم بأنه سوف يقوم بتغيير القوانين لكى يكون لهم نسبة مشرفة بالبرلمان، فقالوا له نحن نصلى دوما من أجلك وسنكون أول المهنئين لك على كرسى الرئاسة.
وكان العامل الأخير الذى دعم شفيق هى إعلان الطرق الصوفية دعمهم له فهم يمثلون أكثر من مليون صوفى بقنا.
كما ثبت بعد تقدم أحمد شفيق فى بعض المناطق بأسوان أن الثورة مازالت لم تصل إلى المحافظة بعد فى ظل أن النتائج أوضحت أن فلول الحزب الوطنى والكتلة المسيحية بالمحافظة لعبت دورا أساسيًا فى هذه النتائج التى جاءت مخيبة للآمال.
ونجح فلول الحزب الوطنى، والكتلة المسيحية بالمحافظة فى تحديد قبلتهما بتأييدهما لمرشح الفلول، وذلك من خلال حملات الحشد والدعاية التى تمت قبل إجراء العملية الانتخابية وخاصة الأقباط الذين وجدوا ضالتهم فى شفيق باعتباره الرجل الأمثل وفقًا لتوجهاتهم خلال تلك المرحلة، والذى ظهر ذلك جليًا من واقع عمليات التصويت، التى حصل عليها شفيق من الأقباط على مستوى المحافظة، خاصة بمدينة ومركز أسوان، الذى تجاوز فيه حصوله على 15 ألف صوت من إجمالى 17 ألف صوت.
فى الوقت نفسه فوجئ جميع المراقبين فى محافظة المنيا بحصول أحمد شفيق على نسبة تصويت غير متوقعة اعتبرها البعض لا تعبر بأى حال من الأحوال على الوضع الطبيعى للشارع، نظرًا للتواجد الكبير للحركة الإسلامية بها بكل أطيافها من إخوان وسلفية وجماعة الإسلامية.
ولكن المشاهد والمراقب والمتتبع للنتائج وخط سير العملية الانتخابية يمكنه أن يرجع تقدم شفيق إلى عدة أسباب منها التوجيه الكنسى لدعم شفيق دفع 95% من عدد الأقباط غلى الذهاب إلى صناديق الاقتراع والتصويت لصالح شفيق، بالإضافة إلى
الطبيعة القبلية لمحافظة المنيا والعائلية بها جعل كثيرًا من القرى تلتزم بقرار عمدة القرية، والذى غالباً ما يكون فى اتجاه أحمد شفيق إلى جانب قيام كثير من فلول الحزب الوطنى أمثال عادل شادى، وأحمد سنوسى بتسخير كل طاقاتهم فى اتجاه أحمد شفيق سواء بالطرق الشرعية أو غير الشرعية، وحدوث عمليات شراء الأصوات فى كثير من الدوائر.
من جانبها سعت جماعة الإخوان المسلمين بكل ما تملك من قوة لحشد الناس ناحية مرسى وهو ما تم بالفعل واتجهت لتنفير الناس من أبى الفتوح وإعلان الحرب عليه، وهو الأمر الذى لم يستخدم مثله مع أحمد شفيق للأسف، وهو ما كان يسعى إليه حزب الحرية والعدالة من جعل الإعادة بين مرسى وشفيق، وألا تكون بين مرسى وأبو الفتوح، وهو الأمر الذى أعلنوه صراحة (مرسى من أول جولة، أو مرسى مع شفيق).
واستحق التيار السلفى أن يوصف بأنه قد باع أبو الفتوح إما بالتصويت لغيره أو إعلان دعمه إعلامياً مع عدم المشاركة لا من قريب ولا من بعيد فى أى عمليات حشد تذكر.
فى الوقت نفسه استطاع الإعلام فى الفترة السابقة بذكائه وبتشتت الإسلاميين أن يوهم رجل الشارع البسيط أن حالة الفوضى التى تحياها البلاد تحتاج لرجل قوى يفهم بواطن الأمور على دراية بخبايا البلد يستطيع أن يقضى على الفوضى فى فترة وجيزة، وهو ما يتحقق فى شخص الفريق أحمد شفيق، فى ذات الوقت كان الإسلاميون مستمرين فى نزيف رصيدهم لدى الشارع بنزاعاتهم وتفتتهم وتشرذمهم وعدم اتحادهم.
كما أربك تقدم شفيق حسابات الجميع فى الشارع السوهاجى سيما فى الوقت الذى اخترق مؤيدوه الصمت الانتخابى والأخلاقى بلصقهم بوستراته على بوسترات باقى المرشحين عن طريق أصحاب النفوذ والعائلات الكبرى وفلول الوطنى بمناطق سوهاج المختلفة، وترديدهم شائعات ضد منافسيهم خاصة محمد مرسى وعبد المنعم أبو الفتوح.
وتمركزت أصوات شفيق فى اللجان التى على مقربة من مناطق تمركز الأقباط والعائلات المشهورة بعلاقتها بالنظام السابق، ففى لجنة مدرسة 25 يناير بالخزندارية بمركز طهطا تفوق أحمد شفيق عن محمد مرسى بفارق تعدى 700 صوت بسبب تمركز الأقباط بالقرب منها فى منطقة ساحل طهطا ونفوذ عائلة عباس بخيت والمشهور علاقتها بالنظام البائد.
أما فى لجنة الإدارة التعليمية بطما فقد تقدم شفيق بفارق أكثر من 900 صوت عن أقرب منافسيه وهو محمد مرسى، بسبب تمركز هذه اللجنة وسط مساكن الأقباط وقربها من عائلة آل عبد الرحمن،عائلة وزير التموين الأسبق جلال أبوالدهب، ونجله أحمد جلال المشهور بعلاقته الوثيقة بأحمد عز أمين سياسات الوطنى المنحل والذى اختاره ليكون مرشح الحزب فى الدائرة وتم تزوير الانتخابات له، وذلك إبان قيام ثورة 25يناير.
وفى البحر الأحمر كان للعناصر المرتبطة بالحزب الوطنى السابق وأعوانه بالمحافظة مع مجتمع رجال الأعمال والقرى السياحية، الذين يبحثون عن الاستقرار وقبضة الدولة القوية على الأمن، ووقوف أعداد كبيرة من الأقباط بالمحافظة دور كبير وراء تقدم شفيق، وذلك نتيجة لحالة الخوف التى بثتها وسائل الإعلام فى نفوس عامة المواطنين من سيطرة التيار الإسلامى على مقاليد الحكم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق