الاثنين، فبراير 27، 2012

تعني التوراة، حرفيا، التعليم، وتشتمل تعاليم التوراة، تقريبا، على كل السلوك الإنساني الممكن. ويمكن تقسيم التوراة في العالم الحديث إلى القانون الشعائري، والقانون المدني، والقانون الجنائي، ومتطلبات الأخلاق والآداب


تعني التوراة، حرفيا، التعليم، وتشتمل تعاليم التوراة، تقريبا، على كل السلوك الإنساني الممكن. ويمكن تقسيم التوراة في العالم الحديث إلى القانون الشعائري، والقانون المدني، والقانون الجنائي، ومتطلبات الأخلاق والآداب، وتشتمل هذه على التعليمات التفصيلية المتعلقة بموضوعات مختلفة مثل: تقديم القربان الحيواني، ومتى تؤكل بعض الأطعمة الطقوسية، إلى الأزواج المناسبة، والممارسة التجارية، والقواعد العادلة والمناسبة في الأحكام، والقواعد التي تحكم تقبل الأدلة في الاحتكام، ومعاملة غير الإسرائيليين، والعناية بالفقراء والمحتاجين واليتامى والأرامل، ومتى وكيف يحتفى بالأعياد الدينية ونوع الأطعمة المستحبة والممنوعة، وكيف تعالج بعض الأمراض، وكيفية توزيع التركة... وهلم جرا. 
وردت التعليمات في عدد من الأجزاء المختلفة داخل الأسفار الخمسة للتوراة المعروفة 
״بالتوراة״ (وبعض الأحيان تعرف بالحومش، أي خمسة). وترد التعليمات إما على شكل أوامر إيجابية (الواجب القيام به) أو على شكل أوامر سلبية (ما يجب اجتنابه). 
وهذه الكتب الخمسة هي: التكوين، والخروج، واللاويون، والعدد، والتثنية، وتشكل هذه الكتبَ الوحيدة في التوراة التي يعتبرها التقليد اليهودي منزلة على كل بني إسرائيل في جبل سيناء. وتعتبر بقية الكتب التسعة عشر في التوراة اليهودية أيضا مقدسة، إلا أنها لم تصل إلى درجة قداسة الأسفار الخمسة الأولى.

النصوص اليهودية المقدسة

 
  
  

إن أهمية النصوص المقدسة لليهودية تتجاوز مغزاها الديني بكثير. إذ أن ما تحمله هذه الوثائق القديمة في طياتها لا يقتصر على تعاليم الدين اليهودي فحسب، بل يشمل كذلك التراث التاريخي والثقافي والاجتماعي للشعب اليهودي. وترى مختلف الفئات في اسرائيل في النصوص المقدسة معاني متباينة. فالفئات المتزمتة تعتبر هذه النصوص دليلاً روحياً وأخلاقياً وعملياً في الحياة اليومية، في حين تعتبرها الفئات العلمانية ذخراً تاريخياً وحضارياً يمكن أن تجري بشأنه أبحاث ودراسات نقدية.
وتحتل القصص والأفكار والمبادئ الفلسفية الكامنة في النصوص المقدسة والتي تمتد على آلاف السنين من الفكر والدراسة مكاناً بارزاً في الجزء الأكبر من الثقافة الاسرائيلية الحديثة، إذ أن هذه الثقافة تستمد الكثير من مضامينها من التراث الحضاري القديم، وإن كانت تعبر في نفس الوقت عن مواضيع وقضايا الحاضر.
التوراة هي أساس كافة النصوص اليهودية المقدسة. وتشمل التوراة، بالمفهوم الأساسي المحض، الأسفار الخمسة لسيدنا موسى عليه السلام، التي تسرد قصة الخليقة، وعهد الله مع سيدنا إبراهيم وذريته، وقصة الخروج من مصر، والتجلي على جبل سيناء (حيث أنزل الله الوصايا العشر)، وتجوال بني اسرائيل في الصحراء، وتكراراً لتلك التجربة قبل دخول بني اسرائيل إلى الأرض المقدسة بوقت قصير.
إن الرسالة الرئيسية للتوراة هي وحدانية الله المطلقة، خلقه للعالم وسهره عليه، وعهده الخالد مع شعب اسرائيل. وتشمل التوراة تراث الشعب اليهودي، إذ أنها تعيد سرد تاريخه، وتحدّد التعاليم الأساسية التي ترشده، وتتنبأ بمصيره. وتحمل التوراة في نفس الوقت رسائل عالمية تتعلق بوحدانية الله وبالسلوك الاجتماعي، كانت لها تأثيرات عظيمة على الحضارة الغربية. لذلك، فإن التوراة هي مصدر لبعض التقاليد التي لا تقتصر على اليهود، مثل اعتبار يوم السبت يوم راحة.
كلمة "توراة تعني" "التعليم" أيضاً. وتستعمل الأسفار الخمسة كلمة توراة بمعنى مجموعة معينة من التشريعات؛ وبهذا الاستعمال يكون معناها "قانون"، وكثيراً ما تُترجم على هذا النحو.
بموجب تعاليم اليهودية تُعتبر التوراة، كما اعتُبرت على مرّ القرون، نصاً مُنزلاً من عند الله. من جهة أخرى، يعتقد الكثير من الدارسين والمفكرين اليهود المحدثين بأن التوراة هي نصوص وضعها عدد من المؤلفين وجمعت بالتدريج على مر فترة طويلة، أي أنهم يعتقدون بأن التوراة بلورت التاريخ اليهودي، وأنها تشكل حصيلة هذا التاريخ أيضاً.
 
لفيفة للتوراة

الكتاب المقدّس (The Bible)
الكتاب المقدس (العهد القديم) معروف بالعبرية بالـ "تاناخ"، وتتكوّن الكلمة من الحروف الأولى لمجموعات الكتب الثلاث التي يشملها الكتاب المقدس: الأسفار الخمسة (توراة)، الأنبياء (نفيئيم) والكتب المدونة (كتوفيم). ويشمل الكتابان الأخيران تسعة عشر سفراً، معظمها بالعبرية. ومع ذلك فإن أجزاء كبيرة من الـ "كتوفيم" وردت بالآرامية، وقد تم تأليفها خلال مئات السنين، منذ الفترة التي سبقت دخول بني اسرائيل لأرض اسرائيل (القرن الـ 13 ق.م.) وحتى بعد عودة اليهود منبابل إلى مملكة يهودا وأورشليم (القرن الـ 6 ق.م.).
تشمل أسفار الأنبياء نصوصاً تاريخية تمتد على الفترة ما بين توطّن الشعب اليهودي في أرض اسرائيل وطرده إلى بابل، كما تشمل العِظات الأخلاقية والدينية للأنبياء (بينهم ارميا، اشعيا وحزقيال). وتنطوي هذه النصوص على قطع شعرية دينية وعادية، وقطع من أدب الحكمة والكتابات التاريخية.
والـ "تاناخ" هو مجموعة القوانين اليهودية، التي تمت بلورتها بصورتها النهائية في الفترة الواقعة بين الهجرة إلى بابل والقرن الأول الميلادي. ولم يشمل الحاخامون الذين شاركوا في تحديد المضمون النهائي للكتاب المقدس بعض النصوص التي تُعرف بالكتب الخارجية، أي غير المدرجة في الكتاب المقدس (apocrypha)، إذ لم يعتبروها ذات إيحاء الهي. ويختلف الكتاب المقدس اليهودي (العهد القديم) عن الكتاب المقدس المسيحي (الانجيل) بأنه لا يشمل العهد الجديد، كما أن هناك اختلافاً طفيفاً في ترتيب تقديم الانبياء. وتم تحديد العلامات الصوتية المميزة (لتبيين النطق والإنشاد) في القرن العاشر.
يستعمل الناسخون لنصوص الكتاب المقدس، التي تستعمل لأغراض الطقوس الدينية في الكُنُس، أدوات عتيقة (الرقّ والريشة) ويحرصون أشد الحرص على عدم إدخال أي تغيير على النصوص. وأكثر المخطوطات قِدماً المعروفة لدينا هي مخطوطات البحر الميت، التي كُتبت قبل العصر الميلادي بقليل، وهي مطابقة تماماً للنصوص التي يتم نسخها في أيامنا هذه.
الكتاب المقدس هو الكتاب الذي حظي بأكبر عدد من الترجمات في العالم. فقد تُرجم بأكمله إلى أكثر من مائتي لغة، في حين تُرجمت أسفار معينة منه إلى حوالي ألف لغة لتقرأها شعوب مختلفة. وكانت أول ترجمة للكتاب المقدس "الترجمة السبعينية" في بداية القرن الثالث ق.م.، وهي ترجمة إلى اليونانية قام بها 72 عالماً يهودياً في 72 يوماً، ليستخدمها اليهود في مصر القديمة.
ومع أن أحداً لا يُدخل أي تعديل أو تغيير على نصوص الكتاب المقدس لكونها نصوصاً دينية، فقد نشأ في القرن التاسع عشر فرع أكاديمي جديد يدعى الدراسة النقدية للكتاب المقدس، ينتهج نهجاً تاريخياً نقدياً. وأنتج الدارسون في هذا المجال كمية هائلة من الدراسات والتحليلات.

تفاسير للكتاب المقدس
لقد ظهرت في أعقاب التوراة تفاسير عديدة، تُعدّ ضمن النصوص اليهودية المقدسة. وتعود التفسيرات اليهودية الأولى إلى القرن الثاني ق.م.، حين حلّت الآرامية محل العبرية كلغة متداولة. ومع أن هذه التفاسير تُعرف بإسم "تارجوميم" (ترجمات)، فإنها تحمل صبغة تفسيرية وتشتمل على مقطوعات من التفسير ومن الأساطير. وتوجد تفاسير (تارجوميم) لجميع أسفار التوراة، ما عدا تلك التي تم تدوين الجزء الأكبر منها بالآرامية.
انتقلت تفاسير الحاخامين من عصر التلمود (أنظر فيما يلي) إلى يومنا هذا. وكانت الغاية منها، في كثير من الأحيان، التسهيل على الجمهور في القرون الوسطى، وبعد ذلك في العصر الحديث، في استيعاب نصوص الكتاب المقدس والتفاسير المتعلقة به. وتتناول التفسيرات نواحي مختلفة تتراوح بين النص الحرفي والمعنى الباطني، كما أنها تعلق أهمية بالغة على كافة التفاصيل المتعلقة بالنص المقدس سواء كان ذلك حذفاً أو ظاهرة نحوية غريبة، أو "خطأ في الكتابة"، أو حتى ظهور حرف ذي حجم مختلف. وقد تتولد مثل هذه الأمور عن كميات كبيرة من التفسيرات. ويعتبر الحاخام سليمان بن يتسحاق المعروف بـ "راشي" (1040-1105) أشهر المفسّرين للكتاب المقدس؛ وقد حاول ايجاد توازن بين التفسير الحرفي للنص والمواعظ الأخلاقية التقليدية للحاخامين.

التوراة الشفاهية
المشناه
التوراة الشفاهية هي تفسير تحليلي للتوراة المدوّنة. وتفيد التقاليد الموروثة أن التوراة الشفاهية أنزلت على سيدنا موسى في جبل سيناء، ثم نقِلت أباً عن جد بواسطة خيرة القوم والزعماء الدينيين. مع بدء القرن الثاني ق.م.، وخاصة بعد تدمير الهيكل المقدس الثاني (عام 70 ميلادي)، أخذت تقاليد وتفاسير مختلفة تنتشر بين الناس، فبادرت الزعامة الدينية إلى تصنيف التفاسير وتحريرها. وأسفرت هذه المبادرة عن مؤلَّف قام بتحريره وتنظيمه الحاخام يهودا هاناسي (في القرن الثاني للميلاد)، وسمي المشناه، وهي كلمة تعني "التكرار" أو "التعليم". والحكماء الذين ترد تعاليمهم في المشناه يُعرفون بإسم "تنائيم". واستمر عصر التنائيم، الذي تم خلاله جمع مواد المشناه، منذ تدمير الهيكل المقدس الثاني حتى بداية القرن الثالث للميلاد.
وتنقسم المشناه إلى ستة أبواب، يضم كل منها فصولاً، يقدر عددها بـ 63 فصلاً. ويشمل كل فصل عدة فصول ثانوية، تنقسم بدورها إلى عدد متباين من التعاليم، يُعرف كل منها أيضاً باسم مشناه (جمع: مشنايوت).
هناك مواد أخرى من تلك الفترة لم تُدرج في المشناه، ولكنها توجد ضمن التوسفتا أو في التعاليم الإضافية المعروفة بإسم برايتوت، والواقعة ضمن مجموعتي التلمود. وتكاد كتابة المشناه والمادة الاضافية تقتصر على اللغة العبرية.
وتُعتبر المشناه كذلك مصدراً هاماً فيما يتعلق بطقوس الهيكل المقدس والعادات والتقاليد التي كانت متبعة في تلك الفترة.  
التلمود البابلي

التلمود
حين ظهرت المشناه، قامت مجموعة من الحاخامين عُرفوا بالأمورائيم (بين القرنين الثالث والسادس للميلاد) بمناقشة هذا المؤلّف، والزيادة عليه، وإدخال التعديلات والتوفيق بين أمور كانت تبدو كأنها متناقضة. وحصيلة هذا الاجتهاد هي الغمارا. وتشكل الغمارا والمشناه معاً التلمود (جمع: تلموديم)، وتعني هذه الكلمة: الدراسة.
في الواقع يوجد تلمودان: التلمود الأورشليمي (تمّ جمعه في أرض اسرائيل) والتلمود البابلي. ويشمل التلمود البابلي 37 من مجموع الـ 63 باباً القائمة عادياً، كما يرد فيه العديد من المؤلفات المتأخرة؛ وهو يشمل 2.5 مليون كلمة في 4,894 صفحة. أما التلمود الأورشليمي فإنه يختلف في مبناه، وهو أقصر من التلمود البابلي، بالغ الإيجاز، وقد يكون مُلغزاً احياناً، ويتركز في الأمور القانونية. أما التلمود البابلي، فإنه يحوي كمية أكبر من مواعظ الكتاب المقدس وتفسيراته، ومن الأسهل مواكبة مناقشاته.
تلتزم الغمارا عادة بمبنى المشناه، ولكنها تتفرع بالاستطراد وتداعي الأفكار إلى شؤون أخرى، وهكذا يتكون مزيج من الملاحظات ذات الطابع الحر، قد تكون في القانون أو الأخلاق أو في طرائف مختلفة.
وجاءت صياغة جزء كبير من التلمود بالآرامية، خلافاً للمشناه. ونظراً للطابع الخاص للتلمود وكونه القاعدة للافتاءات الدينية التي ينطبق الكثير منها على الحياة اليومية، فان التفاسير بشأن هذا المؤلف وافرة وغزيرة.
والأسلوب المتبع في التلمود يتّسم بطابع المحادثة أو بأسلوب الحذف، على غرار "ملاحظات للمحاضرة". وقد تكون لنصوص التلمود، خلافاً لنصوص الكتاب المقدس، أوجُه مختلفة للقراءة، كما تكثر فيها أخطاء الناسخين، والاقتباسات غير الصحيحة، والتعابير المنمقة التي تهدف أحيانا إلى التملص من رقابة متربصة.
ويحوي كل من التلمود الأورشليمي والتلمود البابلي، اضافةً إلى الهدف الديني الأساسي، معلومات هامة عن الأحداث، والعادات واللغة في ذلك العصر. لذلك، فقد كانا موضع دراسة مفصلة وعميقة من جانب دارسين محدثين في التاريخ وعلم الديانات وعلم اللغات.
بدأت عملية التنظيم المنهجي للتلمود قبل أن يظهر في صيغته النهائية في بداية القرن السادس الميلادي بعدة أجيال. وتعود أقدم المخطوطات القائمة اليوم من التلمود إلى القرن التاسع. وأصدر دانيال بومبرج، وهو مسيحي، أول تلمود كامل مطبوع بين عامي 1520-1523. وابتكرت دار نشره شكلاً هيكلياً للتلمود ظل قائما حتى الآن دون أن يطرأ عليه أي تغيير، بما في ذلك ترتيب الصفحات والنموذج الطباعي للتفاسير الرئيسية.
إلى جانب المشناه والتلمود تراكمت مجموعة من النصوص المخصصة لتفسير الكتاب المقدس والمعروفة باسم ميدراش (جمع: ميدراشيم). وأقدم نصوص الميدراش تحوي نصوصاً تفسيرية للحكماء من عصر التنائيم. وتخوض هذه النصوص في الهلاخا (الفتاوى الشرعية) والأغادا (الأساطير).
في عصر الأمورائيم كان تفسير التوراة يقتصر على الشؤون المتعلقة بالأساطير (أغادا). وأهم مجموعة لتفسيرات الأمورائيم هي ميدراش رابا، وتأتي فصوله حسب ترتيب أسفار الكتاب المقدس، وتحوي تفسيرات حسب السطور (مثلاً: بريشيت رابا - عن الخليقة) وتفسيرات أوسع تتميز بالطابع الوعظي (مثلا: فايكرا رابا – عن اللاويين).

تفاسير التوراة الشفاهية
ما إن اكتمل إعداد المشناه، حتى تبينت الحاجة إلى "تفسير" لها، فجاءت الغمارا. فيما بعد، حين ظهر التلمود في صيغته النهائية، اتضح أن هناك حاجة لشرح له. وتبلورت التفاسير المنظمة الأولى للتلمود (وهي تختلف عن الملاحظات المحدودة) في القرن العاشر. ويعتبر تفسير راشي (الحاخام سليمان بن يتسحاق)، من القرن الحادي عشر، أكثر المؤلفات من نوعه انتشاراً وأعظمها تأثيراً.
كتب الحاخام موسى بن ميمون (1135-1204) أول تفسير شامل للمشناه بكاملها، وهو مؤلف بالعربية تُرجم إلى العبرية في أواخر القرن الثالث عشر.
وتفاسير التلمود، بما فيه المشناه، ضافيةً إلى حد أنها تطبع بحروف صغيرة للغاية، فتحتل نصف، إن لم يكن جلّ الصفحات في مجلد عادي للتلمود. وفي صفحة عادية للتلمود، يكون نص قصير محاطاً بتفسيرين: تفسير راشي، وتفسير التوسافوت، وهو حصيلة مجهود الحاخامين في الفترة بين القرنين الثاني عشر والرابع عشر. ويشير هؤلاء إلى مواضيع أخرى في التلمود لإيضاح أمور يبدو أن فيها التباساً. وفي هوامش الصفحة، تحيط بالتفاسير المذكورة تصحيحات للنصوص، وإشارات إلى نصوص من الكتاب المقدس، وملاحظات تخصصية مختلفة.

الكتابات المتعلقة بالهلاخا (أي بالشرع)
لا تشكل المشناه، ولا التلمود، مجموعة قوانين. ونظراً إلى أن الزعامة الدينية والجمهور العادي كانا معنيين بمثل هذه المجموعة للأغراض الدينية ولإدارة الطوائف المستقلة، فقد قامت الزعامة الدينية في فترة ما بعد التلمود بتطوير نوع من "التحكيم"، سار في مسارين: الاسئلة والأجوبة، ووضع مجموعة الفتاوى الرسمية. ويستهدف كل من المسارين إدخال تحسينات على التلمود وصياغته في فتاوى واضحة في مجال السلوك الديني والمدني، تكون مصحوبة برسائل ذات صفة روحية وأخلاقية.


الأسئلة والأجوبة
الأسئلة والأجوبة هي بالنسبة لليهود "القانون غير المكتوب" (common law). وتعود نشأتها إلى أسئلة وجّهها أشخاص عاديون إلى الحاخامين في فترة التلمود. مع حلول القرن العاشر الميلادي، ومع نمو الطوائف اليهودية في أماكن متفرقة من العالم، ازداد عدد الأسئلة والأجوبة حتى بلغ عشرات الآلاف.  وظهرت أول مجموعة مدوّنة من الأسئلة والأجوبة في النصف الأول من القرن الثامن، إلا أن الحاخامين ذوي صلاحية البت لم يصدروا مثل هذه المجموعات في شكل كتاب، كما يفعل الكثيرون الآن.
وزيادة على كون الأسئلة والأجوبة توفر شرحاً لتفاصيل السلوك الشرعي والطقسي، فإنها تلقي ضوءاً كبيراً على التاريخ اليهودي. وكلما كان قانون من قوانين الهالاخا يحظى بقبول واسع، اتسع المجال وزادت الحاجة لمزيد من الأسئلة والأجوبة. وتم إصدار مجموعات من الأسئلة والأجوبة تتلاءم مع ظروف الحياة المتباينة، وحتى لمواجهة الأوضاع في الغيتوهات ومعسكرات الإبادة النازية. وحظيت بعض هذه المجموعات بدراسة عميقة حتى أصبح المؤلِف يعرف بإسم الكتاب الذي أصدره.


مجموعات القوانين
مهما كانت مجموعات الأسئلة والأجوبة شاملة، فإنها لا تشكل بديلاً لمجموعة قوانين ثابتة ومرجعية. وكانت الغاية من بلورة مجموعة قوانين تكوين جهاز قانوني للاستعمال العادي، يكون له طابع حاسم وتمتد جذوره إلى المصادر الأولية.
كانت أول مجموعة قوانين ملزمة ومرتبة حسب المواضيع، والمعروفة باسم "هالاخوت بسوكوت" (أي فتاوى) قد ظهرت في القرن الثامن. ويعتبر سيفر هاهالاخوت (كتاب القوانين) الذي وضعه الحاخام يتسحاق بن يعقوب الفاسي (1013-1103) من معالم الطريق في هذا المجال. فقد تم ترتيبه في 24 فصلاً تلمودياً وهو يعالج القوانين التي كانت مستعملة في ذلك العصر فقط. فهو يخرج عن نطاق البحث، مثلاً، الطقوس الخاصة بالقرابين. بعد ذلك بفترة قصيرة صدر المؤلف القيِّم للحاخام موسى بن ميمون (هرامبام) "مشنيه تورا". هذا الإسم في حد ذاته يشير إلى تكرار التوراة الشفاهية، وجاءت صياغته بالعبرية المميزة للمشناه. وعنصر الإبداع في مشنيه تورا يكمن في أنه يتطلع لأن يكون قائماً في حد ذاته. وكان هارامبام يعتقد بأنه بعد أن يصبّ التلمود كله في فتاوى حاسمة، لن يحتاج اليهود إلى أي مؤلف سوى المشنيه تورا.
تعرض عمل موسى بن ميمون (هرامبام) لنقد شديد من بعض الأوساط بسبب ما اعتبروه تهوّراً من جانبه. وخلال القرون التي تلت صدور مؤلَّفه، عكف الكثيرون من المهاجمين، والمدافعين، والمعلقين الحياديين على فحص ومناقشة المصادر التي استند اليها في بعض فتاواه، ولكنه لم يذكرها. هذه العملية في حد ذاتها فعلت فعلاً معاكساً لما طمح اليه هارامبام: ذلك أن الطوائف اليهودية عامةً، باستثناء يهود اليمن، لم تتبنّ مجموعة قوانينه على أنها المصدر الوحيد لفتاوى الهالاخا.
ويعتبر الحاخام يوسيف كارو (1488-1575) أعظم واضعي مجموعات القوانين في الفترة اللاحقة، فقد جمع بين عناصر كتاب هارامبام وكتاب الفاسي، إلى جانب مؤلَّف يضم أربعة أجزاء للحاخام يعقوب بن أشير، فأصدر مجموعة قوانين جديدة عنوانها: "شولحان عاروخ"، (مائدة معدّة لتناول الطعام). والشولحان عاروخ يتميز بأسلوب أكثر اقتضاباً وهو أكثر شمولاً حتى من مشنيه تورا؛ وهو يستغني عن ذكر المصادر، كما يستغني عن الملاحظات الأخلاقية وتفاسير القوانين. كذلك فانه يتجاهل العادات والفتاوى الخاصة بيهود أشكناز. وبغية إصلاح هذا النقص، وضع الحاخام موشيه ايسرلس، (عاش في بولندا-1525 أو 1530-1572)، كتاباً أسماه "مفرش" لمائدة الحاخام كارو.
نتيجة لهذه الخطوة، ولتفسيرين صدرا في القرن السابع عشر، ماغين افراهام وطوريه زاهاف، أصبح الشولحان عاروخ الصلاحية المُلزِمة لجميع اليهود المتدينين تقريباً. 

المذهب الباطني (أو التصوّف)
يهتم المذهب الباطني في اليهودية بشؤون تقتصر على فئات صغيرة، وتتجاوز الكتابات المعتمدة على العنصر القانوني. وتُعتبر القبالا مجموع الدراسات في اليهودية في هذا المجال، خاصة تلك التي ظهرت في القرن الثاني عشر، وبعده. (وكلمة قبالا مصدرها "لقابيل" (أي "تلقّي")، ومعناها المعرفة التي تنتقل بطريق التراث). حين تستخدم بهذا المعنى الأكثر شمولاً، تعني كلمة قبالا المذهب الباطني اليهودي في كلّيته.
الكتابات القبالية أدت إلى بلورة "ثيولوجيا باطنية" يهودية، لها فروعها الثانوية ومصطلحاتها الخاصة بها. وهي تبحث عن الألوهية في كل الأشياء، وتتقصى أسرارها وتبحث في العلاقة بين ما هو الحياة الالهية والحياة البشرية. ومن مجالات الدراسة الهامة في القبالا علم الملائكة وعلم الشياطين، أوصاف الله وأسماؤه الخفية، وعلم الآخرة (أي يوم القيامة).
أهم المؤلفات في القبالا هو الـ "زوهر" (أي "تألق")، وهو مجموعة من الكتابات التي تشمل بيانات تفسيرية، وعظات، ومناقشات انتقائية تعتبر مقابلة لأجزاء التوراة التي تُقرأ وتُفسًّر كل أسبوع، وللجزء الأول من نشيد الإنشاد. وفي حين ترى التقاليد القبالية أن الزوهار يعود إلى الحاخام شمعون بار يوحاي وزملائه من فترة المشناه، فإن الدارسين المحدثين يعتقدون بأنه تم تأليفه في القرن الـ 13 وهي الفترة التي عُرف فيها. وهم يعتقدون بأن مؤلف الزوهر هو موشيه بن شيم طوف ديه ليون الذي عاش في غوادا لاخارا، إلى الشمال الشرقي من مدريد.
بعد مرور عدة أجيال على ظهور الزوهر، أسفر الأمر عن إنطلاقة جديدة في تطور القبالا في اسبانيا، بما في ذلك انتشار التفاسير. حين طرد يهود اسبانيا (عام 1492) تغلغلت في القبالا تيارات مرتبطة بمجيء المخلص وبيوم القيامة، كما امتد تأثيرها إلى إيطاليا، أفريقيا الشمالية، تركيا وأرض اسرائيل. من هناك، انتشرت القبالا إلى بولندا وليتوانيا، حيث كان لها تأثير على حركة "الحاسيديم" (المتّقين)، التي توصف أحياناً بأنها "القبالا التطبيقية".
إن الزعامة الدينية الأشكنازية المعتدلة لا تشجع على دراسة كتابات المذهب الباطني، خاصة لدى الشباب، وربما كان ذلك نتيجة ما ورد في التلمود من تفاسير بشأن القوة والخطر الكامنين في التفكير القبالي. أما اليوم، فإن القبالا هي موضوع لدراسة أكاديمية حديثة. ويعود أكبر فضل في ذلك إلى أبحاث البروفسور جرشوم شالوم، وهو صاحب شهرة عالمية في القبالا.


كيف تستعمل النصوص اليهودية المقدسة
تنقسم التوراة (الأسفار الخمسة) إلى أربعة وخمسين "جزءاً"، تتم تلاوتها في الكنيس كل يوم السبت على مدار السنة، إذ تبدأ هذه التلاوة وتنتهي بعدعيد رأس السنة العبرية بقليل. وتتم تلاوة أجزاء من كتب الأنبياء ونصوص أخرى من الكتاب المقدس في أيام السبت والأعياد. ويستعمل قارئو هذه النصوص علامات الإنشاد التي حددت قبل ألف عام في أنماط إنشادية تتباين بين طائفة وأخرى.
وتكون دراسة التلمود واسعة النطاق في المعاهد الدينية (يشيفوت)، كما يُدرّس التلمود في الكُنُس وفي البيوت الخاصة، حيث تعتبر هذه الدراسة أحياناً نشاطاً اجتماعياً، وفي الجامعات. وتوجد في معظم الجامعات الآن أقسام للتلمود أو لدراسة المؤلفات الدينية اليهودية. وظهرت في القرن العشرين فكرة، يقوم بموجبها أناس عاديون بدراسة صفحة من التلمود كل يوم، وهكذا يفرغون من دراسته خلال سبع سنوات تقريباً.
وتحتفظ معظم الكُنُس بمكتبات فيها العديد من النصوص المقدسة القيِّمة، ومجموعات من الكتب الدينية.
كتاب صلاة عبري-إنكليزي

نصوص مقدّسة في البيت اليهودي
في كثير من البيوت اليهودية توجد نصوص وكتب مقدسة على رفوف المكتبة. فكتاب التاناخ (التوراة، الأنبياء، الكتب المدونة)، ومعه كتاب تفسير، قد يكون موجوداً لدى معظم العائلات العلمانية (كثيراً ما يقدَّم التاناخ كهدية في المناسبات مثل إنهاء الدراسة أو إنهاء فترة التدريب في الجيش). وفي كثير من العائلات المتدينة (وغير المتدينة أيضاً) كثيراً ما توجد، إلى جانب الكتب الأساسية، كتب إضافية مثل كتب التاناخ مصحوبة بتفاسير إضافية، والمشناه (مصحوبةً بتفاسير أساسية)، والتلمود (وكتب تفاسير ضخمة)، الشولحان عاروخ وغيره من مجموعات القوانين والفتاوى والكتب الخاصة بالفرائض الدينية مثل كتب الفلسفة، الأخلاقيات، والأحداث العادية، وكذلك مؤلفات تتمشى مع الإنتماء الخاص للعائلة (حاسيدي، سفارادي، أشكنازي). ويحتفظ الحاخامون بمجموعات شاملة من التفاسير التلمودية، وكتب الأسئلة والأجوبة ومجموعات القوانين والفتاوى.
أما كتب الصلاة فهي متواجدة في كل بيت يهودي تقريباً. والسيدور (جمع: سيدوريم)، وهو مصحف الصلاة اليومية وصلاة السبت، يعكس تطوراً يمتد على أكثر من ألف عام، كانت الصلوات قبله تعتبر جزءاً من تراث شفاهي وتتم تلاوتها عن ظهر قلب. ومع أن تحويل الصلوات إلى نصوص مدونة بدأ في نهاية عهد التلمود، فإن أول سيدور حقيقي، وهو سيدر الحاخام عمرام غاؤون، الذي تم تأليفه بناءاً على طلب يهود اسبانيا، يعود إلى القرن التاسع. في البداية كان يقتصر استعماله على يوم الغفران (يوم كيبور) وأعياد أخرى، ولكنه اكتسب مع مرور الوقت اقبالاً واسعاً. حتى أن التعليم الديني في أيامنا هذه لم يعد يشجع على تلاوة الصلاة عن ظهر قلب. في بعض السيدوريم توجد نصوص للطُقس الاحتفالية، وإرشادات من الهالاخا تتعلق بالطقوس الدينية، وكذلك تفاسير بشأن نصوص الصلوات. وهناك صيغ مختلفة للطقوس الدينية، وفقاً للطوائف المتباينة (اليهود الأشكناز, والحاسيديم، والسفاراديم، واليمنيين). وفي بعض كتب الصلاة، أُضيفت صلاة خاصة لعيد استقلال اسرائيل، ادخلتها إدارة الحاخامية الكبرى لاسرائيل.
ومن النصوص الدينية المقدسة التي لا يكاد يخلو منها بيت يهودي الهاغادا (قصة عيد الفصح) ونشيد ليوم السبت (تصحبه عادةً صلاة الشكر بعد وجبات الطعام).
ونظراً إلى أن مضمون هذه الكتابات يجعلها مقدسة، فإنها حين تصبح بالية، توضع في "غنيزا" (مخزن أو أرشيف)، وبعد ذلك يتم دفنها في طقوس خاصة.
 العهد القديم والتلمود أقدس كتب اليهودية، قد جمعا وقننا قبل ولادة محمد، فلهذا لا توجد فيهما أي إشارة إلى المسلمين. وكما ذكر في الفصلين الأول والثالث فإن التوراة العبرية قد سجلت علاقة النسب القريب بين الإسرائيليين والأمم العربية من خلال إبراهيم، أبيهم المشترك، لكن يبدو أنه لم يكن هناك اتصال مباشر كبير ومستمر بين المجموعتين في الفترة التوراتية. كانت قصة موسى الذي تزوج بنت كاهن عربي حكيم من مدين يسمى يثرون  هي الاستثناء المهم في هذا الاتصال القليل نسبيا بين المجموعتين. أعان يثرون موسى وساعده علي تأسيس نظام حكم مناسب للإسرائيليين في خلال فترة التيه في الصحراء (الخروج 18). وورد في سفر نحميا (2: 19، 6: 1ـ6) أن عربيا باسم حشم حاول منع يهودا من العودة وإعادة بناء القدس رغم حصولهم على الإذن من ملك الفرس. كان لملوك الحشمونائيين اليهود علاقات طيبة لفترة مع الحضارة العربية للنبطيين الذين كانت البتراء عاصمتهم. يشير التلمود أحيانا إلى العرب جنبا إلي جنب مع القوميات الأخرى، لكن لم يذكر كثيرا عنهم سواء سلبيا أم إيجابيا. إن رأي الإسلام الذي تكون عن اليهود الذين يعيشون تحت السيطرة الإسلامية يميل أن يعكس المعاملة التي لقيها اليهود على أيدي أسيادهم المسلمين.
أرض إسرائيل، ويردد العهد القديم كثيراً العهد الإلهي على أن الأرض قد أعطيت لإسرائيل. وقد أتت لفظة ״أرض الميعاد״ من هذا الوعد الإلهي، المتضمن في أول قول الرب لإبراهيم في سفر التكوين 12: 2-1 ״اترك أرضك وعشيرتك وبيت أبيك واذهب إلى الأرض التي أريك. فأجعل منك أمة كبيرة وأباركك وأعظم اسمك وتكون بركة لكثيرين״. ولقد صرح بالوعد بشكل مختصر في سفر التكوين 15: 18ـ19 بالقول: ״في ذلك اليوم عقد الله ميثاقا مع أبرام قائلا: سأعطي نسلك هذه الأرض من وادي (مصر) العريش42 إلى النهر الكبير، نهر الفرات״. وتعتبر هذه الحدود أوسع الحدود التي نص عليها العهد القديم وتحدد قطعة أرضية ممتدة تقريبا من غزة في الجنوب الغربي إلى نهر الفرات. ولكن في بعض مقاطع العهد القديم الأخرى، فإن الأرض التي حددها الميثاق تعتبر صغيرة جدا. ففي سفر التكوين 17، مثلا فإن حدود أرض الميعاد مقتصرة على منطقة الكنعانيين الذين تجول إبراهيم في وسطهم (17: 27): ״وأقيم عهدي الأبدي بيني وبينك، وبين نسلك من بعدك جيلا بعد جيل، فأكون إلها لك ولنسلك من بعدك. وأهبك أنت وذريتك من بعدك جميع أرض كنعان التي نزلت فيها غريبا ملكا أبديا وأكون لهم إلها״.
العصر الحديث والنصوص المقدسةاليهود القدماء يخلعون أحذيتهم قبل الدخول إلى أماكن العبادة، فإن هذه العادة انقطعت؛ ومن جهة أخرى، فإن اليهود عادة يغطون رؤوسهم في أثناء أداء الصلاة كعلامة التقوى والاحترام أمام الله. ويغطي بعض اليهود رؤوسهم في كل الأوقات لكن ذلك يعد من باب التقليد والعادة وليس من باب الواجب الديني. 
في أعقاب تبلور مجتمع يتكلم العبرية في اسرائيل، ويشمل الملايين من الناس، أصبحت النصوص اليهودية المقدسة في متناول اليد، وظهرت كمية كبيرة من المؤلفات الجديدة باللغة المتداولة الحديثة. ومن أهم هذه المؤلفات تفسير الحاخام عدين شتاينزالتس للتلمود (البابلي والمقدسي) وتفسير الحاخام بنحاس كيهاتي للمشناه. ومن بين المواضيع التي تتناولها الكتب والتحاليل والمجلات والنشرات المتخصصة في الشؤون الدينية في العصر الحديث، الحياة في دولة يهودية، ووجود جيش لهذه الدولة، والعلاقات مع أبناء الديانات الأخرى، والتجارة الدولية، والزراعةالحديثة، ومعالجة موضوع الأغذية، وغير ذلك.
ولعبت النصوص اليهودية دوراً هاماً في إحياء الثقافة العبرية في اسرائيل. فدراسة الكتاب المقدس هي الآن جزء من برنامج الدراسة لجميع تلامذة المدارس، العلمانيين والمتدينين على حد سواء (وإن كانت هذه البرامج تُعدّ بحيث تتلاءم مع النهج التربوي ومجالات الإهتمام الخاصة). وتعرض الجامعات إمكانيات متنوعة لدراسة هذه النصوص في إطار مناهج متشابكة. ويتجلى تأثير النصوص اليهودية المقدسة في الأدب والفن الاسرائيليين الحديثين، إذ يتم صب القصص والمفاهيم والصور القديمة في صيغ أدبية وفنية جديدة. ومن أبرز المبدعين في الأدب العبري الحديث الشاعر القومي حاييم نحمان بياليك، والأديبالحائز على جائزة نوبل للآداب، ش.ي. عاغنون، وقد استقى كل منهما من المصادر التوراتية في إبداعه الذي حظي بإعجاب عالمي.
ولم تبق النصوص اليهودية المقدسة في منأى عن تأثير ثورة الحاسوب. وفي جامعة بار إيلان الدينية في رمات جان، تم قبل حوالي أربعين عاماً جمع معطيات أساسية بشأن مجموعات الأسئلة والأجوبة. وفي الآونة الأخيرة، قامت جهات خاصة بالمبادرة إلى إنشاء "برامج حاسوب في التوراة"، إلى جانب منتجات مثل التلمود على سي.دي.روم (CD-ROM). وأصبح الكثير من الإرشادات والنصوص الدينية، مثل الجزء من التوراة الذي يُدرَّس كل أسبوع بالتناوب، والنصائح بشأن الالتزام بالفرائض الخاصة بالطعامتغطية الرأس
يعتبر غطاء الرأس في التقليد اليهودي علامة التواضع أمام الله، لكن الممارسة ليست مفروضة بحسب معظم السلطات الدينية ويعتبرها التلمود سنة. لكن غطاء الرأس أصبح عادة في أثناء الصلاة ويتخذ كثير من الرجال ذلك في كل الأوقات. وتسمى طاقية الصلاة المتخذة من قبل غالبيتهم ״كيباة״ (بالعبرية) أو ״يرمولكا״ (بلغة الييديش: أي اليهودية الألمانية).
كانت النساء تستر شعرهن من باب التواضع في العصور التوراتية والتلمودية وقد أصبحت هذه الممارسة عادة لدى اليهود الأرثوذكس. ولا تغطي البنات شعرهن عادة حتى يتزوجن. وتغطي بعض الأرثوذكسيات شعرهن بالشعر الاصطناعي (الباروكة)  وأقيم عهدي الأبدي بيني وبينك وبين نسلك من بعدك جيلا بعد جيل، فأكون إلها لك ولنسلك من بعدك، وأهبك أنت وذريتك من بعدك جميع أرض كنعان التي نزلت فيها غريبا، ملكا أبديا، وأكون لهم إلها.״
إن هذا العهد أساسا هو عقد. يتعهد الله لإبراهيم وذريته بالطيبات ويتحتم عليهم طاعة أوامره (السير في طريقه):
وقال الرب لإبراهيم: ״أما أنت، فاحفظ عهدي، أنت وذريتك من بعدك مدى أجيالهم... أن يختتن كل ذكر منكم، تختنون رأس قلفة غرلتكم فتكون علامة العهد بيني وبينكم، تختنون على مدى أجيالكم كل ذكر فيكم ابن ثمانية أيام.״ 
وكما ورد في القـرآن، فإن التوراة يرد فيها التكرار عندما تتحدث عن أفكار وأوامر بمعانٍ دقيقة ومصطلحات مختلفة، تشتمل بنود الميثاق الإبراهيمي على ذرية كثيرة وعهد بوطن في أرض كنعان التي سميت فيما بعد بأرض إسرائيل6. وعلى إبراهيم وذريته الامتثال لإرادة الله. ولم تعط قوانين معينة هنا فوق الختان كدليل على الميثاق، لأن الله مازال مستمرا في علاقته مع إبراهيم وذريته وبإمكانه أن يبلغهم المطلوب منهم. لكن الله فيما بعد قد أعد إسرائيل للزمن الذي يكون فيه الله صعب المنال، ولقد حدث هذا الاستعداد على جبل سيناء الذي أنزل عليه الله التوراة بمعنى التعليم. ومنذ سيناء وصاعدا، فإن العهد أصبح محكوما بطاعة مدونة من القوانين الرسمية. ولا تغطي اليهوديات غير الأرثوذكسيات الشعر، لكن كثيرا من النساء يرتدين القبعات في المعبد. ولقد بدأت النساء من الحركات الليبرالية اتخاذ عادة لباس الطاقية في أثناء أداء الصلاة. 
إسحاق وإسماعيلوفي الوقت نفسه، بقيت سارة زوجة إبراهيم دون أولاد رغم الوعد بكثرة الذرية. وقامت، إذاً، بتقديم جاريتها هاجر إلى إبراهيم زوجة ثانية. ولد إسماعيل من هذا الزواج وأخضع للختان امتثالا لأوامر الميثاق. لقد بارك الله إسماعيل إلا أنه عهد لإبراهيم وسارة أن ابنهما المقبل سيـكون ابن إبراهيم الوحيـد الذي سيـقيم عهـده معه إلى الأبد،(سفر التكوين 17: 20).
״أما إسماعيل فقد استجبت لطلبك من أجله. سأباركه حقا، وأجعله مثمرا وأكثر ذريته جدا فيكون أبا لاثني عشر رئيسا ويصبح أمة كبيرة. غير أن عهدي أبرمه مع إسحاق الذي تنجبه لك سارة في مثل هذا الوقت من السنة القادمة״.
لم يتم في التوراة، أبدا، تفسير السبب الذي استبعد إسماعيل من الميثاق. يميل علماء التوراة للاعتقاد أن هدف القصة، كما ورد من أمثاله في سفر التكوين، هو تفسير العلاقات الإثنية واللغوية القريبة بين الإسرائيليين والشعوب التي تعيش في أوساطهم. ورد إسماعيل في التوراة كالجد الأعلى للشعوب العربية. بعض أولاده في سفر التكوين (رقم 25)، مثل حدار في 15:25 لهـم أسماء عربيـة. وبعضهم له أسماء توحي بأسماء الأماكن في الأراضي العربية مثل دومة (دومة الجندل في الصحراء السورية) أو تيماء (مثل تيماء في الجزيرة العربية). إن قيدار، ابن إسماعيل هو أيضا اسم أحد القبائل العربية التي عاشت في وادي آل سرحان، في الأردن الحالي7 وبالنسبة لهذه النظرة فإن علاقة النسب بين إسماعيل وإسحاق يمكن أن تفسر أوجه التشابه الملحوظة في الشعـوب العربية القديمة التي كانت تربطهم علاقات اجتماعية واقتصادية. وعلى المنوال نفسه، فإن سفر التكوين يصف العلاقة بين الإسرائيليين وجيرانهم الأدوميين من خلال ولدي إسحاق: يعقوب الذي يمثل إسرائيل، وأخوه التوأم عيسو  الذي يمثل قبائل أدوم8.
وفي سفر التكوين رقم 21، طردت هاجر وطرد إسماعيل من قبيلة إبراهيم، ولم يرد ذكر أي شيء آخر في التوراة عن إسماعيل وذريته. وبحسب التقليد اليهودي، فإن إبراهيم استمر في الاتصال مع ابنه إسماعيل لكن الديانة اليهودية لا علم لها بأي خبر عن بناء إبراهيم وإسماعيل الكعبة أو تطهيرها، أو أن إبراهيم أمر باستقرار إسماعيل وذريته هناك9.

ليست هناك تعليقات: