السياسات الأمريكية لاحتواء الثورة المصرية | |
|
مرشد الإخوان : الجيش المصري أشرف من أن يعقد صفقات مع أي قوة سياسيةحسنا ، اجتمعت كلمة القيادات اليسارية والليبرالية التي شاركت في مظاهرات الجمعة الأخيرة على أنها كشفت عن أن الإخوان والتيار الإسلامي ليسوا هم مركز الثقل الجماهيري وأن الثورة لا تعتمد عليهم بشكل أساس ، وتستشعر في الكلام أنهم يقصدون أن الإخوان ثبت أنهم أقلية وليسوا أغلبية الضمير الشعبي المصري ، هذا اكتشاف رائع ، ويدفعنا مباشرة للتساؤل الضروري : إذن لماذا الخوف من الانتخابات البرلمانية أو الرئاسية والدعوة لتأجليها طالما أنك تستطيع أن تحشد الأغلبية الشعبية مع قضيتك ، ولماذا الخوف من الالتزام بالبرنامج الوطني الذي صوت عليه الشعب بملايينه الثمانية عشر بتشكيل لجنة دستورية من أعضاء البرلمان وغيرهم يختارها البرلمان المقبل ، طالما أن الإخوان ليسوا بهذه الجماهيرية والحضور والتأثير ، وأن السلفيين هامشيون في الفعل الشعبي العام ، فما وجه الخوف إذن أيها "الرفاق" ، هل تخافون الشعب نفسه . والحقيقة أن أي محاولة للالتفاف على الاستفتاء الدستوري الأخير ، سواء بتأجيل الانتخابات عن موعدها الذي اختاره الشعب أو تأجيل انتخابات البرلمان عن الموعد الذي صدق عليه الملايين ستكون خطيرة للغاية ، وتفتح مصر على الفوضى الشاملة ، لأنه لن يمكن لأي قوة أن تؤسس لأي انتخابات مقبلة ، ولا أن تؤسس لدستور مقبل وتستفتي عليه ، لأنه سيكون من السهل تمام أن يحتشد لك مائة ألف أو مليون في اليوم التالي في الميدان ويقولون لك "يفتح الله" ، هذا الاستفتاء لا يعبر عن إرادة المجتمع ، وأنه تم التأثير عليه بشكل غير صحي ، وأي "استهبالات" سياسية أخرى ، ولن نعترف بنتيجته ويتوجب إلغاؤه ، ولا تملك أي قوة شعبية أو سلطة ـ حينها ـ أن تعترض ، لا أخلاقيا ولا سياسيا ، لأن للمسألة "سوابق" ، فلماذا لا تلغي هذا الاستفتاء بالذات وقد ألغيت من قبل استفتاء شعبيا مماثلا ، عادي جدا أن نجري استفتاء لملايين المصريين ونلغيه!! ، وابحث معي وقتها عن دولة أو نظام أو حكومة أو برلمان أو حتى دستور . ومن ثم ، نؤكد على أن من يفكرون في إمكانية أن يلغى الاستفتاء السابق أو نتجاهل نصوصه ، ويتم تأجيل الانتخابات أو تقديمها ولو شهرا واحدا أو تشكيل لجنة دستورية بدون البرلمان ، هم عابثون ، وقوى لا تحمل أي قدر من الإحساس بالمسؤولية تجاه الوطن ، ولا تمارس أي جهد بناء لاستثمار ثورة الوطن المباركة ، ومن المؤسف أن بعضا من الذين قدموا أنفسهم كأنبياء للديمقراطية يناشدون الآن التيار الإسلامي أن يقبل إلغاء جزء من الاستفتاء الدستوري بتأجيل الانتخابات ، رغم أن بدهيات أي وعي أو خلق ديمقراطي أن "الشعب" وحده الآن هو صاحب القرار وليس أي تيار ، بمن فيهم التيار الإسلامي ، فالذين يتحدثون بمثل هذا المنطق الذي يعتبر الشعب "ساقط قيد" سياسي ، يكشفون عن أنهم لا يؤمنون فعليا بالديمقراطية ، ولا يحترمون إرادة الشعب ، ولا يؤتمنون على أي مستقبل سياسي . كما أن الحديث عن تأجيل الانتخابات حتى تتجهز القوى الجديدة ، أو تنشط الأحزاب ، حتى تتوازن مع التيار الإسلامي يفتقر إلى المنطق وإلى التاريخ أيضا ، فمنذ ثلاثين عاما ومبارك يقول للغرب أنه لو أجريت الانتخابات الآن بحرية تامة اليوم سيفوز الإسلاميون ، وأكثر من ديكتاتور عربي قالها قبل ذلك علانية ، فهي ليست خصوصية مصرية والعالم كله يعرف ذلك ، ومرت عشرات السنين والمعادلة هي نفسها ، ولو منحت تلك القوى التي تظاهرت أول أمس عشر سنوات قادمة ـ وليس شهرين أو عشرة ـ حتى تتجهز ، سيبقى التيار الإسلامي بعدها هو الأكثر حضورا وقبولا شعبيا وتواصلا مع جذر المجتمع ، والتغير الوحيد فقط أنه سيزداد تعمق صلة قادة هذه القوى ونشطائها مع استديوهات القنوات الفضائية القديمة وما سيتوالد قريبا منها ، والطريقة الوحيدة لتحجيم التيار الإسلامي أو تقليص "هيبته" السياسية ، هو وضعه في الممارسة العملية ، والشعب لا يمكن استغفاله ، فإذا احترم إرادة الشعب وحقق طموحه في التنمية والرفاه والعدالة الاجتماعية وضمان الحريات العامة والمواطنة والعدالة وسيادة القانون ومحاصرة الفساد سيعاد ترشيحه وربما زيادة حصيلته البرلمانية ، وإذا لم يحترم شيئا من ذلك أو لم يؤد بشكل يقنع الشعب ، فإنه سيعاقبه مع أول انتخابات ، وربما قبلها ، ويخسر الكثير من هيبته ، وفي كل الأحوال الوطن هو الفائز والديمقراطية هي الرابحة . أين هؤلاء "الجهابذة" الذين صدعوا رؤوسنا قبل سنوات ، في الصحف والفضائيات ، بأن علاج أخطاء الديمقراطية يكون بالمزيد من الديمقراطية ، الآن اكتشفوا أن وقف مسار الديمقراطية هو الحماية للديمقراطية ، وأن علاج أي أخطاء ولو مفترضة لم تتحقق بعد يكون بتأجيل الديمقراطية أو تعليقها ودعوة الجيش للبقاء في السلطة مدة أطول ، .. شاهت الوجوه . | ||||
| ||||
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق