*زين العابدين بن علي الجندي الذي أصبح رئيساً لتونس
*قصف بن علي العمال بالطائرات، فنقله الحبيبان من رئاسة الامن الى الملحقية العسكرية في المغرب
*عقد القذافي وحدة مع بورقيبة وطلب تعيين بن علي وزيراً لداخلية الدولة الجديدة
*قال بورقيبة لم اثق في حياتي بعسكري والمرة الوحيدة التي وثقت بها بعسكري خلعني
*صهر بن علي ووزير خارجيته أبرز المتنافسين لوراثته
كان العريف علي عبدالله صالح الأحمر مسؤولاً لموقع عسكري يطل على البحر الأحمر في اليمن وحتى يصبح رئيساً لليمن منذ العام 1978 (32 سنة حتى الآن) انخرط في تركيبة البلاد القبلية – العسكرية – السياسية، حتى وصل الى عضوية المجلس الرئاسي الذي كان بقيادة الرئيس المظلوم ابراهيم الحمدي.. فلما تم اغتيال الحمدي وشقيقه في غداء حضره صالح قفز هذا الى السلطة.. وظل حاكماً حتى الآن.
وكان على الملازم أول معمر القذافي ان يدّبر انقلاباً عسكرياً ضد الملك ادريس السنوسي في 1/9/1969،حتى يتسلم السلطة ليصبح اقدم حاكم في العالم يحمل اسم ملك ملوك وزعيم قبائل افريقيا الى جانب صفته كقائد للثورة الليـبية.
اما زين العابدين بن علي فقد تدرج في خدمته العسكرية من مرافق برتبة جندي يخدم في بيت الجنرال الكافي في الجيش التونسي، مخلصاً له ولأسرته، حتى اطمأن له صاحب الدار نظراً لكفاءته في تلبية طلبات أهل البيت فزوّجه الجنرال إبنته نعيمة.. رغم ان الشاب زين العابدين لم يكن قد تجاوز رتبة عريف في الجيش التونسي..
طبعاً،
هناك فروقات وظروف مختلفة محلياً وعربياً ودولياً في كيفية وصول صالح والقذافي وبن علي الى السلطة.. لكن الكفاءة الشخصية في كيفية الوصول هي العامل الأهم في ان يصبح هؤلاء رؤساء لثلاث دول هي اليمن (32 سنة)، ليـبيا (41 سنة) وتونس (23 سنة) حتى الآن.
كانت مكانة الجنرال الكافي في عهد الرئيس الحبيب بورقيبة، كافية كي يتمكن من ارسال صهره الجندي السابق الذي أهّله زواجه من ابنة الكافي ليصبح ضابطاً.. في بعثة عسكرية الى كلية ((سان سير)) الأرقى للتأهيل في كل مجالات الحياة العسكرية والسياسية والثقافية والاستراتيجية .. في فرنسا.
عاد من فرنسا وقد استقر في منـزل مستقل قدمه له حماه الكافي، الذي تابع دعمه حتى أدخله الاستخبارات العسكرية، حيث مركز القوة الحقيقي للنظام من جهة، وللأسرة التي بدأت تتكون حول الكافي بعد ان انجبت ابنته نعيمة من الضابط الصاعد ثلاث بنات.
أتيح لإبن علي ان ينسج علاقات مميزة مع الاستخبارات الاميركية، اثناء عمله في الاستخبارات العسكرية التونسية وأشرف على تحوير وجهة النظام فيما بعد من التنسيق الكامل مع الاستخبارات الفرنسية التي اقامت معه علاقات جيدة خلال دراسته في كلية ((سان سير))، الى التنسيق الأهم مع الاستخبارات المركزية الاميركية (C.I.A).
المفاجأة
ومن مفارقات القدر.. ان اول ظهور اعلامي لزين العابدين بن علي جاء مفاجأة مدوية في تونس وفي الاوساط الفرنسية حين طلب العقيد معمر القذافي تعيين العقيد زين العابدين بن علي وزيراً للداخلية في دولة الوحدة (الجمهورية العربية الاسلامية) التي اعلنت بين تونس وليـبيا في جزيرة جربة التونسية، اثناء لقاء القذافي والرئيس الراحل الحبيب بورقيبة في كانون الثاني/يناير 1974..
لم تدم الوحدة اكثر من 48 ساعة، حيث طلبت فرنسا من رئيس وزراء تونس يومها الوزير الاول الهادي نويرة الذي كان في زيارة رسمية لطهران، ان يقطع زيارته ليعود الى تونس ويعلن إجهاض هذه المحاولة التي كشفت الوجهة الجديدة للضابط الأمني بامتياز زين العابدين بن علي.
أثيرت في تونس وفي اوساط عربية عديدة تساؤلات، ليس عن هذه المحاولة الليـبية التي اضيفت لعشرات غيرها من أوهام القذافي وتخريجاتها للهروب من مشاكله الداخلية، بل عن هذه العلاقة التي كشفها القذافي مع هذا الضابط الأمني التونسي الذي كان كثيرون في تونس خاصة العاملين في المجالات الحزبية السرية والعلنية المعارضة والمتطرفة يرتعبون لمجرد ذكر اسمه، وهو الضابط الامني السري.. فإذا بالقذافي يريده وزيراً لداخلية دولة الوحدة.
ما الذي كان يجمع القذافي ببن علي؟
ما الذي جعل القذافي يختار ضابطاً أمنياً سرياً يثير اسمه الرعب في الاوساط الوطنية الحزبية والشعبية والنقابية لدولة الوحدة الموعودة؟؟
هل هناك رابط بين ما أثير عن علاقات القذافي وبن علي الاميركية، وبين هذا الخيار؟
على كل،
يشهد التوانسة ان العلاقات الليـبية – التونسية، ما استقامت إلا بعد ان استقر زين العابدين بن علي رئيساً لتونس منذ 1987، بينما تأرجحت العلاقات بين البلدين في عهد بورقيبة بين استنفار عسكري على الحدود وطرد العمالة التونسية من ليـبيا الى اعلان وحدة لم تدم اكثر من 48 ساعة بين البلدين.
في حالة مثل هذه في اي بلد آخر في العالم الثالث، او في تونس نفسها، وفي نظام كنظام بورقيبة كان يمكن ان يكون مجرد ذكر اسم هذا الضابط وسيلة لإعدامه او التخلص منه سجناً او نفياً او إبعاداً في أدنى الحالات لكن علاقات بن علي مع الاميركان ثبتته في موقعه 13 عاماً هي الفترة الفاصلة بين سقوط محاولة الوحدة مع ليـبيا عام 1974 الى سقوط الحبيب بورقيبة نفسه من السلطة اثر انقلاب بن علي ضده يوم 7/11/1987.
صحيح ان زين العابدين بن علي لم يكن ذا قوة ظاهرة او قادرة على تهديد نظام الحبيب بورقيبة، لكن بورقيبة وشخصيته التاريخية كبطل للاستقلال الوطني التونسي، ومكانته داخل كل مؤسسات الدولة وهيبته وجرائمه التي لا حدود لها في مواجهة اي حركة من حركات المعارضة التونسية كانت تحتاج او تستند الى رجال وأدوات من امثال بن علي لتمكينه من الاستمرار رئيساً منذ الاستقلال عام 1956 حتى التخلص منه عام 1987.
من مآثر بن علي!
في 26 يناير/كانون الثاني 1978 حدث اضراب عام في الاتحاد العام للشغل التونسي ضد نظام بورقيبة واجراءاته القمعية وقراراته التعسفية ضد العمال في تونس، واستخدم زين العابدين بن علي الذي كان اصبح مديراً عاماً للأمن الوطني الطائرات لقصف العمال المتظاهرين، وفتحت جماعاته النار على العمال فحصدت العشرات منهم بين قتيل وجريح.
ولأن الحبيب بورقيبة كان رجل مساومات فقد سعى بعد قمع اضراب العمال لعقد صفقة مع الامين العام للاتحاد التونسي للشغل الحبيب بن عاشور، قضت بوقف نشاطات الاتحاد ضد النظام، مع استجابة لطلب عاشور بطرد زين العابدين بن علي من مديرية الامن الوطني ليتم تعيينه ملحقاً عسكرياً في المغرب.
انعطافة في حياة
بن علي الشخصية
اثناء توليه مديرية الامن الوطني تعرف بن علي الى زوجه الحالية ليلى طرابلسي، التي كانت مالكة لمحل تزيين شعور النساء (صالون حريمي) في تونس.
كان بن علي يشرف بنفسه على مداهمات تحصل لمحلات او أماكن تصل أخبار عنها الى الأمن، وفي احدى مداهماته لمحل ليلى طرابلسي، شبك الغرام بين الاثنين وانتهى بعلاقة استمرت سنوات حتى انتهت بزواج مستمر حتى اليوم.
وعندما عين بن علي ملحقاً عسكرياً في المغرب كانت ليلى تـزوره دائماً في منفاه القريب، رغم وجود زوجه وبناته معه في المغرب.
بولندا
من المغرب انتقل بن علي بطلب من الاستخبارات الاميركية الى بولندا، ليصبح عيناً لها على هذا البلد الذي اختارته اميركا لتبدأ من حركة ((التضامن)) العمالية برئاسة ليش فاليسا، مشروعها لهدم الاتحاد السوفياتي.
كانت بولندا عبر التاريخ هي عتبة روسيا، ومن أراد دخول هذه الامبراطورية عليه ان يدوس عتبتها، وكان زين العابدين بن علي هو احد المكلفين من اميركا ان يدوس هذه العتبة ليحقق لأميركا ما تريد من هذا البلد.
معلومات صحافية غربية تحدثت يومها عن دور كبير لـ بن علي في بولندا من زرع مخبرين وتكليفهم نقل معلومات وتوجيهات اميركية داخل ((التضامن)) لزعزعة الحكم الشيوعي، وابراز الطابع الديني الكاثوليكي لهذه النقابة العمالية.
عاد الى تونس
وبعد ان نضجت ثمرة بولندا، وبدأ حكم الجنرال الشيوعي ياروزلسكي يتهاوى كان زين العابدين بن علي قد أدى دوره وعاد الى تونس ليبدأ مرحلة جديدة في بلده، بعد ان ضعف الاتحاد التونسي للشغل ومرض الحبيب بن عاشور.
عين بورقيبة بن علي وزيراً للداخلية يقمع كل خصوم النظام، ثم وزيراً اول (رئيس وزراء) ليخلع الرجل المريض الحبيب بورقيبة الذي لم يكن، يصحو إلا دقائق كل يوم.
كان بورقيبة قد خلع احدى اهم مراكز القوى التونسية وهي زوجه الماجدة وسيلة بنت عمار، التي لم تكن تحب زين العابدين بن علي وكان صراع النفوذ بين مراكز القوى حول بورقيبة يمهد الطريق امام بن علي، ولم يبق حوله سوى ابنة اخته سعيدة ساسي ومدير ديوان الرئاسة منصور الصغيري، وكان ابنه الحبيب بورقيبة وزير الخارجية الاسبق مبعَداً ومبعِداً نفسه.
وكان صراع الماجدة وسيلة مع ابرز شخصية سياسية في تونس الوزير الاول محد مزالي قد انتهى بعزل مزالي ونفيه خارج تونس إثر تدبير مكائد عديدة ضده، ثم جاء عزل الماجدة نفسها، وصراعات ما تبقى من أهل النظام بين بعضهم البعض، فرصاً توافرت لـ بن علي ليخلع بورقيبة نفسه.
انـزوى بورقيبة في قصره، مردداً كلما صحا من حالة ((الزهايمر)) التي اصابته عبارة حفظها كل من حوله كان يقولها بالفرنسية التي يتقنها كأحد ابنائها:
Je n'est jamais donner confiance au militaire, Le seule fois que J'ai donner confiance a un militaire, il m'a eu.
وعبارة بورقيبة بالعربية، هي:
انا لم اعط ثقة ابداً لعسكري، والمرة الوحيدة التي اعطيت ثقة لعسكري.. خوزقني (خلعني).
بعد شهر واحد من توليه رئاسة الوزراء ذهب بن علي الى قصر (المونستير) في تونس ليبلغ رئيسه الحبيب بورقيبه انه في وضع صحي لا يسمح له بأن يظل رئيساً، فألـزمه على التنازل عن سلطاته له، وتسلم بن علي صلاحيات رئيس الجمهورية، وأقفل ابواب القصر على الرئيس الذي رحل بعد سنوات كان خلالها بن علي حريصاً على زيارته عندما يبلغه الحرس ان بورقيبة مستيقظ من غيبوبته..
زواجه من ليلى
لم يشهد حما زين العابدين بن علي الجنرال الكافي كيف اصبح صهره ومرافقه السابق رئيساً للجمهورية في تونس، كان الكافي رحل عن الدنيا، وكان من سخرية الزمان ان تحتل مكانة ابنته نعيمة، الكوافيرة التونسية الجميلة ليلى طرابلسي.
وكان رد الرئيس الجديد للجمهورية انه يحتاج الى صبي بعد ان عمّرت له نعيمة منـزله بالبنات، وها هو زواجه من ليلى يفتح له باب الأمل في أن يكون وريثه – ربما – صبياً يحمل اسمه.
كان المحامي الشاب عبد الرحيم زواري هو الذي عقد قران زين العابدين بن علي على ليلى طرابلسي، ومكافأة له على هذا العقد، عين بن علي زواري وزيراً للعدل.. لكن عبد الرحيم زواري وفي لحظة غفلة قاتلة تحدث بالسوء عن ليلى طرابلسي، حيث أوصل ((أبناء الحلال)) حديث السوء هذا إلى الرئيس.
في أول جلسة لمجلس الوزراء جاء عبد الرحيم حاملاً محفظته كوزير للعدل ومد يده ليصافح الرئيس الذي بادره بلكمة على وجهه ثم دفعه من قدمه فرماه أرضاً وظل يدوسه بقدميه والوزير يصرخ طالباً العطف والشفقة حتى حمله زملاؤه خارج المجلس.
صدر قرار بنقل عبد الرحيم من الوزارة إلى السفارة في المغرب، وأدى خلال وجوده فيها دوراً مهماً في تعزيز العلاقة بينها وبين بلاده، حتى شفع له الملك الحسن الثاني ليعود إلى تونس، طالباً الغفران من الرئيس وإعادة الاعتبار بتعيينه وزيراً مرة أخرى.
وافق بن علي على تعيين عبد الرحيم زواري وزيراً لكن العقبة التي واجهته ان زوج الرئيس كانت تريد رد اعتبارها بعد ان تحدث عنها زواري بالسوء مشترطة عليه أن يطلق زوجه واصفة إياها بالصفات نفسها التي كان الوزير تحدث فيها عن زوج الرئيس.
وهذا ما حصل.. طلق عبد الرحيم زواري زوجه ليصبح وزيراً.. وهو وزير نقل الآن في تونس.
لم تنجب ليلى لبن علي صبياً إلا بعد ان أتحفته بإبنتين، وابنه الآن في الخامسة من عمره.
بن علي مريضاً
أثناء زيارة لبن علي إلى المملكة العربية السعودية، عرض نفسه في المستشفى الألماني على الاطباء ليكشفوا عن مرض يعاني منه، فنصحه أطباء المستشفى الألماني بالتوجه إلى ألمانيا ليعرض نفسه أمام أطباء مختصين، حيث تبين في ألمانيا ان الرئيس يعاني من مرض البروستات.
حرص بن علي على متابعة علاجه بدقة، فكان يتوجه أسبوعياً علناً وسراً إلى ألمانيا ليتابع علاجه من البروستات حتى تم خلاصه من هذا المرض الخبيث وهو الآن في سن الـ74 يتمتع بصحة جيدة تؤهله للحكم فترة خامسة وسادسة..
الوراثة
مريضاً معافى من البروستات.. في سن الرابعة والسبعين، يطمح زين العابدين بن علي لرئاسة جديدة، وباكراً يهيىء المناخ لهذا بتعديل دستوري ممنوع، لأن الدستور الحالي أقفل الباب على أي تجديد أو تعديل أو تمديد.
ومع هذا تخرج الاهازيج والشعارات واللافتات في كل أنحاء تونس تردد:
بن علي ما كيفه حد بن علي إلى الأبد
لله أحد الله أحد بن علي إلى الأبد
حملة توقيعات بدأت في أنحاء تونس ومنذ ستة أشهر للمطالبة ببن علي رئيساً لفترة سادسة رغم ان هناك أربع سنوات تفصل بين فترته الخامسة الحالية والفترة التالية.
شملت لوائح التواقيع قيادات مهنية، أطباء محامين صيادلة أساتذة جامعات فنانين أدباء مثقفين، مطربين، رياضيين.
لماذا الآن؟
ككل نظام فردي – أمني تنشأ على جوانبه مراكز قوى تبدأ من داخله ثم تتحول شيئاً فشيئاً إلى جبهات قتال تخوض معاركها لتثبت قدرتها على الامساك بالسلطة وحدها فتتصارع وتتسابق لتقديم الولاء للحاكم، وقد ينجح بعضها، بما يعني نهاية بعضها الآخر.. وقد تكون العجلة داء إحداها حتى يفاجئها السقوط.
أول المنافسات التي حرقت سفنها ومراحلها قبل الاوان، صداقة بن علي لأحد مريديه عبد الرحمان التليدي، الذي كان محسوباً دائماً على التيار الناصري القومي في تونس.
قرب بن علي التليدي إليه، وأقنعه بالدخول إلى حزب السلطة الحزب الدستوري التونسي، ثم التجمع الدستوري الديموقراطي فكان نديمه وصديقه.. ثم طلب منه الانسحاب من الحزب الرسمي لتشكيل الحزب الديموقراطي الوحدوي (الناصري) قاطعاً الطريق على قيادي ناصري آخر هو بشير الصيد الذي سجنه بن علي ليفتح الطريق أمام التليدي لاستقطاب الناصريين الذين كانوا يشكلون قوة حقيقية في تونس بعد سحق الإسلاميين وانقراض اليساريين.
دفع بن علي نديمه التليدي للترشح ضده في الانتخابات الرئاسية في دورتي 1999 – 2004، ولم يكن نصيب النديم أكثر من 0.05% في كل مرة ومع هذا لم يخسر التليدي.. فالسلطة تعوض والمال تعويضه أكبر.
حتى جاءت أنباء المرض الذي أصاب الرئيس فتوهم التليدي انه يمكن أن يكون الوريث.
ذهب التليدي إلى ألمانيا يسأل في المستشفى الذي يعالج فيه الرئيس عن مدى خطورة مرضه ليهيىء نفسه بناء على ما سيعرف للرئاسة للوراثة..
الأمن والمعلومات لعبة بن علي الأساسية، فوصلته أنباء استقصاء التليدي عن صحته، فكان جزاؤه دخوله السجن 10 سنوات، حتى إذا جاءت والدة التليدي تستعطف الرئيس الرأفة بصديقه القديم قال لها بن علي ابنك أراد أن يغدر بي.. هل يرضيك هذا؟
سقط أحد الموهومين
ليصبح هم الوراثة منذ فترة داخل البيت الرئاسي نفسه.. فليلى طرابلسي طموحة جداً، وهي تريد الاستمرار في السلطة إذا ما فاجأ القدر بعلها في صحته، خاصة وان ابنهما ما زال صغيراً على الوراثة، ومن يضمن أن يعيش الرئيس حتى سن المائة حتى يصبح ابنهما مؤهلاً وفق الدستور التونسي ليصبح وريث والده كما في عدد من الاقطار العربية ذات الحكم الجمهوري اسماً؟
ليلى طرابلسي تريد أن تحكم تونس سواء من خلال بعلها زين العابدين بن علي أو من خلال صهرها صخر الماطري (29 سنة).
فتحت ليلى الطريق أمام الصهر في كل المجالات المؤثرة، فهو صاحب أول مصرف إسلامي في تونس وأول إذاعة للقرآن الكريم في تونس رغم علمانية الدولة، وهو صاحب جريدة ((الصباح)) الواسعة الانتشار، وهو وكيل سيارات ((فولسفاكن)) و((كيا)) وشركات كبرى أخرى، وهو أقام من خلال موقعه صهراً للرئيس علاقات وطيدة مع كبار رجال الأعمال الخليجيين العرب، وهو صاحب مشاريع فنادق ومنتجعات سياحية بالمشاركة مع المال الخليجي.
مال + مصاهرة + إطلالة على الاسلاميين + عضوية اللجنة المركزية للحزب الحاكم.. كلها مؤهلات مهمة ليكون صخر الماطري وريثاً لزين العابدين بن علي.
وكمال مرجان
لن تقتصر معركة وراثة بن علي على صهره وفق رغبة زوجه ليلى، فالغرب الذي جاء ببـن علي للرئاسة يملك هو المجيء بوريثه وهو يبدو الآن مهيّـأً واسمه كمال مرجان.
تسلم مرجان رئاسة الوزراء (وزيراً أول) حين كان بن علي مريضاً يعالج أسبوعياً.. فلما استعاد الرئيس عافيته أصرت ليلى على خلع مرجان، من رئاسة الوزراء ليعينه بن علي وزيراً للدفاع فتسلم المهمة الأصعب والأدق لسنوات، ثم أصبح بعدها وما زال وزيراً للخارجية.
وحتى لا تتكرر مأساة عبد الرحمان التليدي فإن كمال مرجان وصخر الماطري لا يبدوان مستعجلين للوراثة، خاصة وان الرئيس يتحدث الآن عن استمراره في السلطة إلى ما شاء الله.
وحتى لا تتكرر مأساة وزير الداخلية التونسي، وهو الموقع الذي قفز منه بن علي إلى رئاسة الوزراء والسلطة الأولى.
سمع بن علي مسؤولين فرنسيين يشيدون بوزير داخليته واصفينه بأنه ديموقراطي فاستدعى بن علي وزير داخليته ليسأله هل سمعت عن وزير للداخلية وديموقراطي، عاقب بن علي وزير داخليته على ديموقراطيته وعينه سفيراً في إيطاليا.
لن يستعجل الماطري ومرجان الوراثة.. فالحي لا ينتظر حياً، وبن علي مرّ بكل المراحل التي مر بها الاثنان وهو ذو خبرة في الأمن وفي الوصول خاصة الوصول إلى السلطة.. وكيفية المحافظة عليها، غير انه اليوم يواجه حالتين كانتا ذاتي أثر كبير في حياته وفي الموقع الذي وصله.
زوجه الجميلة والذكية
والغرب الذي أتى به ويمكن أن يأتي بغيره، فهل يسلم السلطة لزوجه، ويعقد لها وصلاً مع الجهات التي جاءت به إلى السلطة.. فتحصل ثنائية لم تعرفها تونس منذ استقلت على يد بورقيبة وحكم ديكتاتوري على أيدي بن علي.
*قصف بن علي العمال بالطائرات، فنقله الحبيبان من رئاسة الامن الى الملحقية العسكرية في المغرب
*عقد القذافي وحدة مع بورقيبة وطلب تعيين بن علي وزيراً لداخلية الدولة الجديدة
*قال بورقيبة لم اثق في حياتي بعسكري والمرة الوحيدة التي وثقت بها بعسكري خلعني
*صهر بن علي ووزير خارجيته أبرز المتنافسين لوراثته
كان العريف علي عبدالله صالح الأحمر مسؤولاً لموقع عسكري يطل على البحر الأحمر في اليمن وحتى يصبح رئيساً لليمن منذ العام 1978 (32 سنة حتى الآن) انخرط في تركيبة البلاد القبلية – العسكرية – السياسية، حتى وصل الى عضوية المجلس الرئاسي الذي كان بقيادة الرئيس المظلوم ابراهيم الحمدي.. فلما تم اغتيال الحمدي وشقيقه في غداء حضره صالح قفز هذا الى السلطة.. وظل حاكماً حتى الآن.
وكان على الملازم أول معمر القذافي ان يدّبر انقلاباً عسكرياً ضد الملك ادريس السنوسي في 1/9/1969،حتى يتسلم السلطة ليصبح اقدم حاكم في العالم يحمل اسم ملك ملوك وزعيم قبائل افريقيا الى جانب صفته كقائد للثورة الليـبية.
اما زين العابدين بن علي فقد تدرج في خدمته العسكرية من مرافق برتبة جندي يخدم في بيت الجنرال الكافي في الجيش التونسي، مخلصاً له ولأسرته، حتى اطمأن له صاحب الدار نظراً لكفاءته في تلبية طلبات أهل البيت فزوّجه الجنرال إبنته نعيمة.. رغم ان الشاب زين العابدين لم يكن قد تجاوز رتبة عريف في الجيش التونسي..
طبعاً،
هناك فروقات وظروف مختلفة محلياً وعربياً ودولياً في كيفية وصول صالح والقذافي وبن علي الى السلطة.. لكن الكفاءة الشخصية في كيفية الوصول هي العامل الأهم في ان يصبح هؤلاء رؤساء لثلاث دول هي اليمن (32 سنة)، ليـبيا (41 سنة) وتونس (23 سنة) حتى الآن.
كانت مكانة الجنرال الكافي في عهد الرئيس الحبيب بورقيبة، كافية كي يتمكن من ارسال صهره الجندي السابق الذي أهّله زواجه من ابنة الكافي ليصبح ضابطاً.. في بعثة عسكرية الى كلية ((سان سير)) الأرقى للتأهيل في كل مجالات الحياة العسكرية والسياسية والثقافية والاستراتيجية .. في فرنسا.
عاد من فرنسا وقد استقر في منـزل مستقل قدمه له حماه الكافي، الذي تابع دعمه حتى أدخله الاستخبارات العسكرية، حيث مركز القوة الحقيقي للنظام من جهة، وللأسرة التي بدأت تتكون حول الكافي بعد ان انجبت ابنته نعيمة من الضابط الصاعد ثلاث بنات.
أتيح لإبن علي ان ينسج علاقات مميزة مع الاستخبارات الاميركية، اثناء عمله في الاستخبارات العسكرية التونسية وأشرف على تحوير وجهة النظام فيما بعد من التنسيق الكامل مع الاستخبارات الفرنسية التي اقامت معه علاقات جيدة خلال دراسته في كلية ((سان سير))، الى التنسيق الأهم مع الاستخبارات المركزية الاميركية (C.I.A).
المفاجأة
ومن مفارقات القدر.. ان اول ظهور اعلامي لزين العابدين بن علي جاء مفاجأة مدوية في تونس وفي الاوساط الفرنسية حين طلب العقيد معمر القذافي تعيين العقيد زين العابدين بن علي وزيراً للداخلية في دولة الوحدة (الجمهورية العربية الاسلامية) التي اعلنت بين تونس وليـبيا في جزيرة جربة التونسية، اثناء لقاء القذافي والرئيس الراحل الحبيب بورقيبة في كانون الثاني/يناير 1974..
لم تدم الوحدة اكثر من 48 ساعة، حيث طلبت فرنسا من رئيس وزراء تونس يومها الوزير الاول الهادي نويرة الذي كان في زيارة رسمية لطهران، ان يقطع زيارته ليعود الى تونس ويعلن إجهاض هذه المحاولة التي كشفت الوجهة الجديدة للضابط الأمني بامتياز زين العابدين بن علي.
أثيرت في تونس وفي اوساط عربية عديدة تساؤلات، ليس عن هذه المحاولة الليـبية التي اضيفت لعشرات غيرها من أوهام القذافي وتخريجاتها للهروب من مشاكله الداخلية، بل عن هذه العلاقة التي كشفها القذافي مع هذا الضابط الأمني التونسي الذي كان كثيرون في تونس خاصة العاملين في المجالات الحزبية السرية والعلنية المعارضة والمتطرفة يرتعبون لمجرد ذكر اسمه، وهو الضابط الامني السري.. فإذا بالقذافي يريده وزيراً لداخلية دولة الوحدة.
ما الذي كان يجمع القذافي ببن علي؟
ما الذي جعل القذافي يختار ضابطاً أمنياً سرياً يثير اسمه الرعب في الاوساط الوطنية الحزبية والشعبية والنقابية لدولة الوحدة الموعودة؟؟
هل هناك رابط بين ما أثير عن علاقات القذافي وبن علي الاميركية، وبين هذا الخيار؟
على كل،
يشهد التوانسة ان العلاقات الليـبية – التونسية، ما استقامت إلا بعد ان استقر زين العابدين بن علي رئيساً لتونس منذ 1987، بينما تأرجحت العلاقات بين البلدين في عهد بورقيبة بين استنفار عسكري على الحدود وطرد العمالة التونسية من ليـبيا الى اعلان وحدة لم تدم اكثر من 48 ساعة بين البلدين.
في حالة مثل هذه في اي بلد آخر في العالم الثالث، او في تونس نفسها، وفي نظام كنظام بورقيبة كان يمكن ان يكون مجرد ذكر اسم هذا الضابط وسيلة لإعدامه او التخلص منه سجناً او نفياً او إبعاداً في أدنى الحالات لكن علاقات بن علي مع الاميركان ثبتته في موقعه 13 عاماً هي الفترة الفاصلة بين سقوط محاولة الوحدة مع ليـبيا عام 1974 الى سقوط الحبيب بورقيبة نفسه من السلطة اثر انقلاب بن علي ضده يوم 7/11/1987.
صحيح ان زين العابدين بن علي لم يكن ذا قوة ظاهرة او قادرة على تهديد نظام الحبيب بورقيبة، لكن بورقيبة وشخصيته التاريخية كبطل للاستقلال الوطني التونسي، ومكانته داخل كل مؤسسات الدولة وهيبته وجرائمه التي لا حدود لها في مواجهة اي حركة من حركات المعارضة التونسية كانت تحتاج او تستند الى رجال وأدوات من امثال بن علي لتمكينه من الاستمرار رئيساً منذ الاستقلال عام 1956 حتى التخلص منه عام 1987.
من مآثر بن علي!
في 26 يناير/كانون الثاني 1978 حدث اضراب عام في الاتحاد العام للشغل التونسي ضد نظام بورقيبة واجراءاته القمعية وقراراته التعسفية ضد العمال في تونس، واستخدم زين العابدين بن علي الذي كان اصبح مديراً عاماً للأمن الوطني الطائرات لقصف العمال المتظاهرين، وفتحت جماعاته النار على العمال فحصدت العشرات منهم بين قتيل وجريح.
ولأن الحبيب بورقيبة كان رجل مساومات فقد سعى بعد قمع اضراب العمال لعقد صفقة مع الامين العام للاتحاد التونسي للشغل الحبيب بن عاشور، قضت بوقف نشاطات الاتحاد ضد النظام، مع استجابة لطلب عاشور بطرد زين العابدين بن علي من مديرية الامن الوطني ليتم تعيينه ملحقاً عسكرياً في المغرب.
انعطافة في حياة
بن علي الشخصية
اثناء توليه مديرية الامن الوطني تعرف بن علي الى زوجه الحالية ليلى طرابلسي، التي كانت مالكة لمحل تزيين شعور النساء (صالون حريمي) في تونس.
كان بن علي يشرف بنفسه على مداهمات تحصل لمحلات او أماكن تصل أخبار عنها الى الأمن، وفي احدى مداهماته لمحل ليلى طرابلسي، شبك الغرام بين الاثنين وانتهى بعلاقة استمرت سنوات حتى انتهت بزواج مستمر حتى اليوم.
وعندما عين بن علي ملحقاً عسكرياً في المغرب كانت ليلى تـزوره دائماً في منفاه القريب، رغم وجود زوجه وبناته معه في المغرب.
بولندا
من المغرب انتقل بن علي بطلب من الاستخبارات الاميركية الى بولندا، ليصبح عيناً لها على هذا البلد الذي اختارته اميركا لتبدأ من حركة ((التضامن)) العمالية برئاسة ليش فاليسا، مشروعها لهدم الاتحاد السوفياتي.
كانت بولندا عبر التاريخ هي عتبة روسيا، ومن أراد دخول هذه الامبراطورية عليه ان يدوس عتبتها، وكان زين العابدين بن علي هو احد المكلفين من اميركا ان يدوس هذه العتبة ليحقق لأميركا ما تريد من هذا البلد.
معلومات صحافية غربية تحدثت يومها عن دور كبير لـ بن علي في بولندا من زرع مخبرين وتكليفهم نقل معلومات وتوجيهات اميركية داخل ((التضامن)) لزعزعة الحكم الشيوعي، وابراز الطابع الديني الكاثوليكي لهذه النقابة العمالية.
عاد الى تونس
وبعد ان نضجت ثمرة بولندا، وبدأ حكم الجنرال الشيوعي ياروزلسكي يتهاوى كان زين العابدين بن علي قد أدى دوره وعاد الى تونس ليبدأ مرحلة جديدة في بلده، بعد ان ضعف الاتحاد التونسي للشغل ومرض الحبيب بن عاشور.
عين بورقيبة بن علي وزيراً للداخلية يقمع كل خصوم النظام، ثم وزيراً اول (رئيس وزراء) ليخلع الرجل المريض الحبيب بورقيبة الذي لم يكن، يصحو إلا دقائق كل يوم.
كان بورقيبة قد خلع احدى اهم مراكز القوى التونسية وهي زوجه الماجدة وسيلة بنت عمار، التي لم تكن تحب زين العابدين بن علي وكان صراع النفوذ بين مراكز القوى حول بورقيبة يمهد الطريق امام بن علي، ولم يبق حوله سوى ابنة اخته سعيدة ساسي ومدير ديوان الرئاسة منصور الصغيري، وكان ابنه الحبيب بورقيبة وزير الخارجية الاسبق مبعَداً ومبعِداً نفسه.
وكان صراع الماجدة وسيلة مع ابرز شخصية سياسية في تونس الوزير الاول محد مزالي قد انتهى بعزل مزالي ونفيه خارج تونس إثر تدبير مكائد عديدة ضده، ثم جاء عزل الماجدة نفسها، وصراعات ما تبقى من أهل النظام بين بعضهم البعض، فرصاً توافرت لـ بن علي ليخلع بورقيبة نفسه.
انـزوى بورقيبة في قصره، مردداً كلما صحا من حالة ((الزهايمر)) التي اصابته عبارة حفظها كل من حوله كان يقولها بالفرنسية التي يتقنها كأحد ابنائها:
Je n'est jamais donner confiance au militaire, Le seule fois que J'ai donner confiance a un militaire, il m'a eu.
وعبارة بورقيبة بالعربية، هي:
انا لم اعط ثقة ابداً لعسكري، والمرة الوحيدة التي اعطيت ثقة لعسكري.. خوزقني (خلعني).
بعد شهر واحد من توليه رئاسة الوزراء ذهب بن علي الى قصر (المونستير) في تونس ليبلغ رئيسه الحبيب بورقيبه انه في وضع صحي لا يسمح له بأن يظل رئيساً، فألـزمه على التنازل عن سلطاته له، وتسلم بن علي صلاحيات رئيس الجمهورية، وأقفل ابواب القصر على الرئيس الذي رحل بعد سنوات كان خلالها بن علي حريصاً على زيارته عندما يبلغه الحرس ان بورقيبة مستيقظ من غيبوبته..
زواجه من ليلى
لم يشهد حما زين العابدين بن علي الجنرال الكافي كيف اصبح صهره ومرافقه السابق رئيساً للجمهورية في تونس، كان الكافي رحل عن الدنيا، وكان من سخرية الزمان ان تحتل مكانة ابنته نعيمة، الكوافيرة التونسية الجميلة ليلى طرابلسي.
وكان رد الرئيس الجديد للجمهورية انه يحتاج الى صبي بعد ان عمّرت له نعيمة منـزله بالبنات، وها هو زواجه من ليلى يفتح له باب الأمل في أن يكون وريثه – ربما – صبياً يحمل اسمه.
كان المحامي الشاب عبد الرحيم زواري هو الذي عقد قران زين العابدين بن علي على ليلى طرابلسي، ومكافأة له على هذا العقد، عين بن علي زواري وزيراً للعدل.. لكن عبد الرحيم زواري وفي لحظة غفلة قاتلة تحدث بالسوء عن ليلى طرابلسي، حيث أوصل ((أبناء الحلال)) حديث السوء هذا إلى الرئيس.
في أول جلسة لمجلس الوزراء جاء عبد الرحيم حاملاً محفظته كوزير للعدل ومد يده ليصافح الرئيس الذي بادره بلكمة على وجهه ثم دفعه من قدمه فرماه أرضاً وظل يدوسه بقدميه والوزير يصرخ طالباً العطف والشفقة حتى حمله زملاؤه خارج المجلس.
صدر قرار بنقل عبد الرحيم من الوزارة إلى السفارة في المغرب، وأدى خلال وجوده فيها دوراً مهماً في تعزيز العلاقة بينها وبين بلاده، حتى شفع له الملك الحسن الثاني ليعود إلى تونس، طالباً الغفران من الرئيس وإعادة الاعتبار بتعيينه وزيراً مرة أخرى.
وافق بن علي على تعيين عبد الرحيم زواري وزيراً لكن العقبة التي واجهته ان زوج الرئيس كانت تريد رد اعتبارها بعد ان تحدث عنها زواري بالسوء مشترطة عليه أن يطلق زوجه واصفة إياها بالصفات نفسها التي كان الوزير تحدث فيها عن زوج الرئيس.
وهذا ما حصل.. طلق عبد الرحيم زواري زوجه ليصبح وزيراً.. وهو وزير نقل الآن في تونس.
لم تنجب ليلى لبن علي صبياً إلا بعد ان أتحفته بإبنتين، وابنه الآن في الخامسة من عمره.
بن علي مريضاً
أثناء زيارة لبن علي إلى المملكة العربية السعودية، عرض نفسه في المستشفى الألماني على الاطباء ليكشفوا عن مرض يعاني منه، فنصحه أطباء المستشفى الألماني بالتوجه إلى ألمانيا ليعرض نفسه أمام أطباء مختصين، حيث تبين في ألمانيا ان الرئيس يعاني من مرض البروستات.
حرص بن علي على متابعة علاجه بدقة، فكان يتوجه أسبوعياً علناً وسراً إلى ألمانيا ليتابع علاجه من البروستات حتى تم خلاصه من هذا المرض الخبيث وهو الآن في سن الـ74 يتمتع بصحة جيدة تؤهله للحكم فترة خامسة وسادسة..
الوراثة
مريضاً معافى من البروستات.. في سن الرابعة والسبعين، يطمح زين العابدين بن علي لرئاسة جديدة، وباكراً يهيىء المناخ لهذا بتعديل دستوري ممنوع، لأن الدستور الحالي أقفل الباب على أي تجديد أو تعديل أو تمديد.
ومع هذا تخرج الاهازيج والشعارات واللافتات في كل أنحاء تونس تردد:
بن علي ما كيفه حد بن علي إلى الأبد
لله أحد الله أحد بن علي إلى الأبد
حملة توقيعات بدأت في أنحاء تونس ومنذ ستة أشهر للمطالبة ببن علي رئيساً لفترة سادسة رغم ان هناك أربع سنوات تفصل بين فترته الخامسة الحالية والفترة التالية.
شملت لوائح التواقيع قيادات مهنية، أطباء محامين صيادلة أساتذة جامعات فنانين أدباء مثقفين، مطربين، رياضيين.
لماذا الآن؟
ككل نظام فردي – أمني تنشأ على جوانبه مراكز قوى تبدأ من داخله ثم تتحول شيئاً فشيئاً إلى جبهات قتال تخوض معاركها لتثبت قدرتها على الامساك بالسلطة وحدها فتتصارع وتتسابق لتقديم الولاء للحاكم، وقد ينجح بعضها، بما يعني نهاية بعضها الآخر.. وقد تكون العجلة داء إحداها حتى يفاجئها السقوط.
أول المنافسات التي حرقت سفنها ومراحلها قبل الاوان، صداقة بن علي لأحد مريديه عبد الرحمان التليدي، الذي كان محسوباً دائماً على التيار الناصري القومي في تونس.
قرب بن علي التليدي إليه، وأقنعه بالدخول إلى حزب السلطة الحزب الدستوري التونسي، ثم التجمع الدستوري الديموقراطي فكان نديمه وصديقه.. ثم طلب منه الانسحاب من الحزب الرسمي لتشكيل الحزب الديموقراطي الوحدوي (الناصري) قاطعاً الطريق على قيادي ناصري آخر هو بشير الصيد الذي سجنه بن علي ليفتح الطريق أمام التليدي لاستقطاب الناصريين الذين كانوا يشكلون قوة حقيقية في تونس بعد سحق الإسلاميين وانقراض اليساريين.
دفع بن علي نديمه التليدي للترشح ضده في الانتخابات الرئاسية في دورتي 1999 – 2004، ولم يكن نصيب النديم أكثر من 0.05% في كل مرة ومع هذا لم يخسر التليدي.. فالسلطة تعوض والمال تعويضه أكبر.
حتى جاءت أنباء المرض الذي أصاب الرئيس فتوهم التليدي انه يمكن أن يكون الوريث.
ذهب التليدي إلى ألمانيا يسأل في المستشفى الذي يعالج فيه الرئيس عن مدى خطورة مرضه ليهيىء نفسه بناء على ما سيعرف للرئاسة للوراثة..
الأمن والمعلومات لعبة بن علي الأساسية، فوصلته أنباء استقصاء التليدي عن صحته، فكان جزاؤه دخوله السجن 10 سنوات، حتى إذا جاءت والدة التليدي تستعطف الرئيس الرأفة بصديقه القديم قال لها بن علي ابنك أراد أن يغدر بي.. هل يرضيك هذا؟
سقط أحد الموهومين
ليصبح هم الوراثة منذ فترة داخل البيت الرئاسي نفسه.. فليلى طرابلسي طموحة جداً، وهي تريد الاستمرار في السلطة إذا ما فاجأ القدر بعلها في صحته، خاصة وان ابنهما ما زال صغيراً على الوراثة، ومن يضمن أن يعيش الرئيس حتى سن المائة حتى يصبح ابنهما مؤهلاً وفق الدستور التونسي ليصبح وريث والده كما في عدد من الاقطار العربية ذات الحكم الجمهوري اسماً؟
ليلى طرابلسي تريد أن تحكم تونس سواء من خلال بعلها زين العابدين بن علي أو من خلال صهرها صخر الماطري (29 سنة).
فتحت ليلى الطريق أمام الصهر في كل المجالات المؤثرة، فهو صاحب أول مصرف إسلامي في تونس وأول إذاعة للقرآن الكريم في تونس رغم علمانية الدولة، وهو صاحب جريدة ((الصباح)) الواسعة الانتشار، وهو وكيل سيارات ((فولسفاكن)) و((كيا)) وشركات كبرى أخرى، وهو أقام من خلال موقعه صهراً للرئيس علاقات وطيدة مع كبار رجال الأعمال الخليجيين العرب، وهو صاحب مشاريع فنادق ومنتجعات سياحية بالمشاركة مع المال الخليجي.
مال + مصاهرة + إطلالة على الاسلاميين + عضوية اللجنة المركزية للحزب الحاكم.. كلها مؤهلات مهمة ليكون صخر الماطري وريثاً لزين العابدين بن علي.
وكمال مرجان
لن تقتصر معركة وراثة بن علي على صهره وفق رغبة زوجه ليلى، فالغرب الذي جاء ببـن علي للرئاسة يملك هو المجيء بوريثه وهو يبدو الآن مهيّـأً واسمه كمال مرجان.
تسلم مرجان رئاسة الوزراء (وزيراً أول) حين كان بن علي مريضاً يعالج أسبوعياً.. فلما استعاد الرئيس عافيته أصرت ليلى على خلع مرجان، من رئاسة الوزراء ليعينه بن علي وزيراً للدفاع فتسلم المهمة الأصعب والأدق لسنوات، ثم أصبح بعدها وما زال وزيراً للخارجية.
وحتى لا تتكرر مأساة عبد الرحمان التليدي فإن كمال مرجان وصخر الماطري لا يبدوان مستعجلين للوراثة، خاصة وان الرئيس يتحدث الآن عن استمراره في السلطة إلى ما شاء الله.
وحتى لا تتكرر مأساة وزير الداخلية التونسي، وهو الموقع الذي قفز منه بن علي إلى رئاسة الوزراء والسلطة الأولى.
سمع بن علي مسؤولين فرنسيين يشيدون بوزير داخليته واصفينه بأنه ديموقراطي فاستدعى بن علي وزير داخليته ليسأله هل سمعت عن وزير للداخلية وديموقراطي، عاقب بن علي وزير داخليته على ديموقراطيته وعينه سفيراً في إيطاليا.
لن يستعجل الماطري ومرجان الوراثة.. فالحي لا ينتظر حياً، وبن علي مرّ بكل المراحل التي مر بها الاثنان وهو ذو خبرة في الأمن وفي الوصول خاصة الوصول إلى السلطة.. وكيفية المحافظة عليها، غير انه اليوم يواجه حالتين كانتا ذاتي أثر كبير في حياته وفي الموقع الذي وصله.
زوجه الجميلة والذكية
والغرب الذي أتى به ويمكن أن يأتي بغيره، فهل يسلم السلطة لزوجه، ويعقد لها وصلاً مع الجهات التي جاءت به إلى السلطة.. فتحصل ثنائية لم تعرفها تونس منذ استقلت على يد بورقيبة وحكم ديكتاتوري على أيدي بن علي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق