محمد عبد الحكم دياب
31/05/2008
يسمونه قانون طوارئ، والحقيقة أن التسمية تنطوي علي تدليس واضح، فالشيء الاستثنائي إذا استدام يتحول إلي وضع دائم، وقانون الطوارئ، مع الإجراءات الاستثنائية، صار منظومة دائمة مستمرة لسبعة وعشرين عاما، وتمتد لمدة عامين آخرين، حتي نهاية أيار (مايو) 2010، وقد تتجدد لمدد مفتوحة، مثل مدد الرئاسة، أو بأثر التوريث، الذي أخذ شكله النهائي في التبلور، وبدأ رجال الأعمال يروجون له، بحماس بالغ، وتشعر وأنت تتحدث مع بعضهم أنهم يسعون لاستغلال جمال مبارك كجسر يعبرون عليه إلي مؤسسة الرئاسة، وهذا توجه واضح لدي جناح أحمد عز، الذي تمكن من الاستيلاء علي الحزب الوطني الحاكم، وهناك من يفصح صراحة عن طموح صاحب أكبر احتكار للحديد في الوصول إلي منصب الرئيس. وقانون الطوارئ والإجراءات الاستثنائية تمثل القاعدة، التي ليس لها استثناء، حسب ما يوحي به مدلول اللفظ. والاستثناء حين يتحول إلي قاعدة دائمة في تحديد علاقة الحاكم بالمجتمع والدولة، يخرج بهذه العلاقة عن السياق الصحيح، ويصنع الاختلال القائم في العلاقة بين المواطن ونظام الحكم، ومع قناعتي الشخصية بأن وصف حكم حسني مبارك بالنظام السياسي ليس دقيقا، وهو وصف آخر مضلل إلي حد كبير، فليس لمصر الآن نظام سياسي، بالمعني الحديث، حتي لو كان استبداديا، وما لديها ليس سوي حالة من العشوائية السياسية، وصورة من اللانظام، الأقرب إلي الحكم الشخصي الذي يختزل مهمته في الحفاظ علي مصالح شخص محدد ومصالح عائلة بعينها، تشكل محاور ومراكز المصالح الأخري. وبذلك اختزلت مؤسسات الحكم والدولة إلي حجم عائلة، مكونة من أربعة أشخاص. اقتسمت المسؤولية والسلطة والغنيمة والنفوذ بينها. وتحكمت في موارد ومصادر الثروة الوطنية، العامة والخاصة. صارت أكبر من الجميع، وفوق القانون، وخارج نطاق أي تقليد خاص أو عرف عام، وكانت النتيجة أن عائلة بهذا الحجم الصغير. كانت تحتل موقعا عاديا بين أبناء الطبقة الوسطي. أصبحت علي درجة عالية من الثراء، ضمها إلي نادي أصحاب المليارات في البلاد.ونشأ هذا الوضع من استثمار السياسة والحكم في تكوين الثروة، وما ترتب عنها من نفوذ وقوة، دون إجابة عن سؤال يتعلق بمصدر هذه المليارات ومدي مشروعيتها، ومثل هذا الوضع الذي تعيشه عائلة مبارك يفرض تحويل الطوارئ والإجراءات الاستثنائية إلي حالة دائمة.هذا الاختزال هيأ لـ عائلة مبارك التحكم في مقدرات البلاد والتحكم في مسارها، دون ضوابط من أي نوع، حتي أصبحت تتصرف فيها تصرف المالك فيما يملك، وعندما تضيق دائرة المصالح، وتنحسر في عدد محدود وضئيل إلي هذا الحد، تتآكل القاعدة الاجتماعية للحكم، ويغيب فيه الإحساس بالأمان، ويفقد ثقته بنفسه وبالآخرين داخله وخارجه، ولأنه حكم يعي بأن ما حصل عليه ليس من حقه، فهو في صدام شبه دائم مع نفسه ومع قطاعات عريضة من الشعب، فعزل نفسه عنها وعمل علي حماية نفسه ورجاله وخدمه في مستوطنات وقصور وقلاع مغلقة، أشبه بــ الغيتو اليهودي في العصور الوسطي. ودوام هذه القوانين والإجراءات أساء إلي مصر إساءة بالغة، لأنه يضعها في عداد الدول الفاشلة والكيان الرخو، المعرض للخطر، إذا لم ينهض ويتغير سريعا، في المدي المنظور. ويبدو عنصر التعمد واضحا في الإصرار علي السير علي الخطي المنشئة للاستبداد، والراعية للفساد، والمستسلمة للتبعية، والصانعة للجوع، الذي ضرب بقسوته استقرار قطاعات عريضة، لا قبل لها بأعباء الغلاء، المصاحب للإفقار المنظم.وتجديد قانون الطوارئ يدخل في عداد الجريمة المستمرة، التي ساهم فيها جناة آخرون. يتحملون المسؤولية. هم فئة القانونيين المعروفين بـ ترزية القوانين ، وهي فئة تتحرك بخيوط يمسك بها رجال كل العصور . ممن احترفوا السياسة، علي مدي عقود. واحتلوا مواقع أشبه بأقنان الإقطاع وخدم السلاطين. ويتجاهلون أن قواعد ومبررات استخدام قانون الطوارئ تنحصر في ثلاث حالات هي:1) الحرب أو تعرض البلاد لحالة حرب.2) الكوارث، كالزلازل والبراكين والفيضانات والطوفان المدمر.3) انتشار الأوبئة المعدية والفتاكة التي تعرض حياة المواطنين للخطر الجماعي، مثل الكوليرا والجزام والسل. ولا تعلن الطوارئ لغير ذلك. ودول العالم وهي تواجه المخاطر والأزمات لا تصنف ما تواجهه ضمن هذه الحالات الثلاث، ولا تضعها علي مستوي واحد، مع الحروب والكوارث والأوبئة، وتتجنب إعلان الطوارئ أو تطبيق الإجراءات الاستثنائية، لأن ذلك يسيء إليها كثيرا، ويعطي الانطباع بضعف الحكم فيها وعجزه وعدم كفاءته. وهذه البلاد تري القوانين العادية كافية لحل مشاكلها، وقادرة علي مواجهة المخاطر التي تتعرض لها.لم يستطع حسني مبارك ومنذ لحظة وصوله إلي الحكم الاستمرار ليوم واحد بغطاء القانون الطبيعي، واحتاج استمراره إلي بطش وترويع وردع. ولم تسجل له هفوة يفصح فيها عن رغبة، ولو عابرة، يجرب فيها الحكم بلا قوانين استثنائية، وغلبت عليه حاجته إلي رخصة تمكنه من فرض نفسه بالقوة، وتجنب التعرض للمحاسبة، وزيادة في التحوط تماهي في المجهود السياسي والاقتصادي والعسكري الصهيو أمريكي. وحين يحول حسني مبارك الطارئ إلي دائم، فمعني ذلك أنه أعلن حربا دائمة علي المصريين، حصنت منظومة الفساد، التي تدير السياسة والاقتصاد والتجارة والصناعة والمال، وعززت سلطات وصلاحيات ابنه وزوجته الدستورية والتنظيمية الواسعة والباطلة، التي لا تتوفر لأي مسؤول، مهما علا شأنه وزاد قدره في الدولة والحكم. ومصر الرسمية كانت قد أعلنت، علي لسان السادات، أن حرب تشرين الأول (اكتوبر) آخر الحروب، أي من المفترض أنها طلقت الحروب، وتخلت عن حقها في الدفاع عن النفس، وألقت بمعاهدات ومواثيق الدفاع العربي المشترك جانبا، وحمل لنا هذا الإعلان معني آخر، هو أن مصر هذه، التي ليست لنا، وليس لها بشعبها صلة، لم تكن تعني من إعلانها سوي أنها طلقت حروب التحرير والمقاومة والدفاع عن النفس. مما جعلها تسارع في المشاركة في حصار البلاد العربية، بدءا من السودان وليبيا، وصولا إلي العراق وغزة، وتهرول لتأييد غزو المنطقة وإعطاء المشروعية له، بالجهد السياسي والدعم المادي. وقد ساهمت مصر الرسمية، بشكل مباشر وغير مباشر في المجهود العسكري والعملياتي المعادي، وقدمت تسهيلات، ووفرت قواعد لمرور الجيوش الغازية، وفتحت الأراضي والممرات المائية والجوية لتيسير وصولها إلي أهدافها المقصودة، وكان ذلك واضحا في حرب الخليج الثانية سنة 1991، وغزو العراق عام 2003، وخنق غزة، والتحريض علي المقاومة اللبنانية، من منتصف 2006 وحتي الآن. والتدليس هو الذي أبقي علي القوانين والإجراءات الاستثنائية لتغطي علي الانتكاسة التي لحقت بالعقيدة العسكرية والتوجهات السياسية الرسمية، وأملتها مطالب إنتقال الأشقاء والأصدقاء إلي خانة الأعداء والخصوم. واحلت الأْعداء والخصوم محل الأشقاء والأصدقاء، وجانب من التدليس تمثل في إدعاءات تقول بأن قانون الطوارئ لا يطبق إلا علي الإرهابيين، بينما هو في حقيقته مصادرة علي الحقوق القانونية والسياسية والوطنية والإنسانية للمواطن. ودليلنا هو كم قرارات الاعتقال التي وقعها أو أمر بها حسني مبارك. ويقدرها خبراء القانون ونشطاء حقوق الإنسان أنها ما بين سبعمئة وخمسين ألفا ومليون قرار، وهو رقم يمكن أن يدخل موسوعة جينس للأرقام القياسية، بجانب أن جمعية المساعدة القانونية بالقاهرة تشير، في آخر بياناتها، إلي أن عدد المعتقلين الحاليين يتراوح ما بين 20 و30 ألف معتقل. هذا الإصرار علي تمديد وتجديد قانون الطوارئ والإجراءات الاستثنائية يعني أن حرب حسني مبارك الشخصية والعائلية ضد الشعب لن تضع أوزارها بقرار منه، إنما بموقف من الشعب. وأمام هذا الصراع المحتدم كثيرا ما يسأل القراء عن الحل، وتتعدد سبل الرد علي هذا التساؤل، وجزء من الرد هو ذلك التشخيص الذي نركز عليه لتيسير عملية التعرف علي طبيعة الحكم في مصر. والذي انتهي إلي أن الحل هو في تغيير هذا النظام ورحيل رموزه، وهذه ليست مهمة فصيل أو جماعة واحدة دون أخري. ومطلوب من قوي التغيير، المناهضة لحكم حسني مبارك وعائلته، صياغة شعار جديد هو الرحيل هو الحل . كهدف مرحلي. تتهيأ له الوسائل والأدوات والإمكانيات التي تؤدي إلي تحقيقه، بعد أن أصبح الرحيل ضروريا لفتح باب التغيير، وعلينا أن نعي أهمية تجاوز دعاوي تغيير الحكم إلي العمل علي بناء نظام جديد يلبي احتياجات المصريين الملحة، في الحرية والديمقراطية والعدل الاجتماعي والوحدة الوطنية والقومية. والمصريون الذين تمكنوا من تغيير النظام الملكي إلي نظام جمهوري رئاسي، عليهم عبء تغيير النظام الحالي، بعد أن أفرغه حسني مبارك من مضمونه، واختزله في شخصه وعائلته، مستبد وفاسد وتابع، عليهم أن يستبدلوه بنظام جمهوري برلماني، تكون فيه الغلبة لسلطة ممثلي الشعب علي سلطة رئيس الدولةوالحاكم الذي لا يتمكن ويفشل في تصحيح أخطائه وخطاياه، يعطي الناس الحق في تحمل المسؤولية، وفي أخذ الأمر بيدهم، فيتولون التصحيح والتغيير بأنفسهم، والأساليب السلمية متاحة، إذا ما وثقت الجموع في قدرتها علي الفعل الإيجابي، وفي جهدها المؤثر في انجاز التغيير المطلوب. وقد قطع المصريون شوطا كبيرا علي هذا الطريق، واقتربوا من إحداث التعادل والتوازن بين عنف قوي الأمن ووحشية البلطجة السياسية، وصمود وتحمل قوي التغيير. وهو الشيء الذي جاء مصحوبا بسلوك جماعي، يتسم بالوعي والقدرة علي التضحية والمبادرات الجسورة. وتباعا تعودت الجموع علي الخروج احتجاجا، تواجه بصدورها العارية جبروت السلطة، وتتحمل في سبيل ذلك وطأة الاعتقال والملاحقة والتعذيب، وأضحت الحركة الجماهيرية مؤثرة، وتبث الرعب في قلوب بقايا حكم. وصفه الفقيه القانوي ابراهيم درويش في حديثه إلي المصري اليوم يوم الأربعاء الماضي. بأنه يعيش حالة موت سريري.
31/05/2008
يسمونه قانون طوارئ، والحقيقة أن التسمية تنطوي علي تدليس واضح، فالشيء الاستثنائي إذا استدام يتحول إلي وضع دائم، وقانون الطوارئ، مع الإجراءات الاستثنائية، صار منظومة دائمة مستمرة لسبعة وعشرين عاما، وتمتد لمدة عامين آخرين، حتي نهاية أيار (مايو) 2010، وقد تتجدد لمدد مفتوحة، مثل مدد الرئاسة، أو بأثر التوريث، الذي أخذ شكله النهائي في التبلور، وبدأ رجال الأعمال يروجون له، بحماس بالغ، وتشعر وأنت تتحدث مع بعضهم أنهم يسعون لاستغلال جمال مبارك كجسر يعبرون عليه إلي مؤسسة الرئاسة، وهذا توجه واضح لدي جناح أحمد عز، الذي تمكن من الاستيلاء علي الحزب الوطني الحاكم، وهناك من يفصح صراحة عن طموح صاحب أكبر احتكار للحديد في الوصول إلي منصب الرئيس. وقانون الطوارئ والإجراءات الاستثنائية تمثل القاعدة، التي ليس لها استثناء، حسب ما يوحي به مدلول اللفظ. والاستثناء حين يتحول إلي قاعدة دائمة في تحديد علاقة الحاكم بالمجتمع والدولة، يخرج بهذه العلاقة عن السياق الصحيح، ويصنع الاختلال القائم في العلاقة بين المواطن ونظام الحكم، ومع قناعتي الشخصية بأن وصف حكم حسني مبارك بالنظام السياسي ليس دقيقا، وهو وصف آخر مضلل إلي حد كبير، فليس لمصر الآن نظام سياسي، بالمعني الحديث، حتي لو كان استبداديا، وما لديها ليس سوي حالة من العشوائية السياسية، وصورة من اللانظام، الأقرب إلي الحكم الشخصي الذي يختزل مهمته في الحفاظ علي مصالح شخص محدد ومصالح عائلة بعينها، تشكل محاور ومراكز المصالح الأخري. وبذلك اختزلت مؤسسات الحكم والدولة إلي حجم عائلة، مكونة من أربعة أشخاص. اقتسمت المسؤولية والسلطة والغنيمة والنفوذ بينها. وتحكمت في موارد ومصادر الثروة الوطنية، العامة والخاصة. صارت أكبر من الجميع، وفوق القانون، وخارج نطاق أي تقليد خاص أو عرف عام، وكانت النتيجة أن عائلة بهذا الحجم الصغير. كانت تحتل موقعا عاديا بين أبناء الطبقة الوسطي. أصبحت علي درجة عالية من الثراء، ضمها إلي نادي أصحاب المليارات في البلاد.ونشأ هذا الوضع من استثمار السياسة والحكم في تكوين الثروة، وما ترتب عنها من نفوذ وقوة، دون إجابة عن سؤال يتعلق بمصدر هذه المليارات ومدي مشروعيتها، ومثل هذا الوضع الذي تعيشه عائلة مبارك يفرض تحويل الطوارئ والإجراءات الاستثنائية إلي حالة دائمة.هذا الاختزال هيأ لـ عائلة مبارك التحكم في مقدرات البلاد والتحكم في مسارها، دون ضوابط من أي نوع، حتي أصبحت تتصرف فيها تصرف المالك فيما يملك، وعندما تضيق دائرة المصالح، وتنحسر في عدد محدود وضئيل إلي هذا الحد، تتآكل القاعدة الاجتماعية للحكم، ويغيب فيه الإحساس بالأمان، ويفقد ثقته بنفسه وبالآخرين داخله وخارجه، ولأنه حكم يعي بأن ما حصل عليه ليس من حقه، فهو في صدام شبه دائم مع نفسه ومع قطاعات عريضة من الشعب، فعزل نفسه عنها وعمل علي حماية نفسه ورجاله وخدمه في مستوطنات وقصور وقلاع مغلقة، أشبه بــ الغيتو اليهودي في العصور الوسطي. ودوام هذه القوانين والإجراءات أساء إلي مصر إساءة بالغة، لأنه يضعها في عداد الدول الفاشلة والكيان الرخو، المعرض للخطر، إذا لم ينهض ويتغير سريعا، في المدي المنظور. ويبدو عنصر التعمد واضحا في الإصرار علي السير علي الخطي المنشئة للاستبداد، والراعية للفساد، والمستسلمة للتبعية، والصانعة للجوع، الذي ضرب بقسوته استقرار قطاعات عريضة، لا قبل لها بأعباء الغلاء، المصاحب للإفقار المنظم.وتجديد قانون الطوارئ يدخل في عداد الجريمة المستمرة، التي ساهم فيها جناة آخرون. يتحملون المسؤولية. هم فئة القانونيين المعروفين بـ ترزية القوانين ، وهي فئة تتحرك بخيوط يمسك بها رجال كل العصور . ممن احترفوا السياسة، علي مدي عقود. واحتلوا مواقع أشبه بأقنان الإقطاع وخدم السلاطين. ويتجاهلون أن قواعد ومبررات استخدام قانون الطوارئ تنحصر في ثلاث حالات هي:1) الحرب أو تعرض البلاد لحالة حرب.2) الكوارث، كالزلازل والبراكين والفيضانات والطوفان المدمر.3) انتشار الأوبئة المعدية والفتاكة التي تعرض حياة المواطنين للخطر الجماعي، مثل الكوليرا والجزام والسل. ولا تعلن الطوارئ لغير ذلك. ودول العالم وهي تواجه المخاطر والأزمات لا تصنف ما تواجهه ضمن هذه الحالات الثلاث، ولا تضعها علي مستوي واحد، مع الحروب والكوارث والأوبئة، وتتجنب إعلان الطوارئ أو تطبيق الإجراءات الاستثنائية، لأن ذلك يسيء إليها كثيرا، ويعطي الانطباع بضعف الحكم فيها وعجزه وعدم كفاءته. وهذه البلاد تري القوانين العادية كافية لحل مشاكلها، وقادرة علي مواجهة المخاطر التي تتعرض لها.لم يستطع حسني مبارك ومنذ لحظة وصوله إلي الحكم الاستمرار ليوم واحد بغطاء القانون الطبيعي، واحتاج استمراره إلي بطش وترويع وردع. ولم تسجل له هفوة يفصح فيها عن رغبة، ولو عابرة، يجرب فيها الحكم بلا قوانين استثنائية، وغلبت عليه حاجته إلي رخصة تمكنه من فرض نفسه بالقوة، وتجنب التعرض للمحاسبة، وزيادة في التحوط تماهي في المجهود السياسي والاقتصادي والعسكري الصهيو أمريكي. وحين يحول حسني مبارك الطارئ إلي دائم، فمعني ذلك أنه أعلن حربا دائمة علي المصريين، حصنت منظومة الفساد، التي تدير السياسة والاقتصاد والتجارة والصناعة والمال، وعززت سلطات وصلاحيات ابنه وزوجته الدستورية والتنظيمية الواسعة والباطلة، التي لا تتوفر لأي مسؤول، مهما علا شأنه وزاد قدره في الدولة والحكم. ومصر الرسمية كانت قد أعلنت، علي لسان السادات، أن حرب تشرين الأول (اكتوبر) آخر الحروب، أي من المفترض أنها طلقت الحروب، وتخلت عن حقها في الدفاع عن النفس، وألقت بمعاهدات ومواثيق الدفاع العربي المشترك جانبا، وحمل لنا هذا الإعلان معني آخر، هو أن مصر هذه، التي ليست لنا، وليس لها بشعبها صلة، لم تكن تعني من إعلانها سوي أنها طلقت حروب التحرير والمقاومة والدفاع عن النفس. مما جعلها تسارع في المشاركة في حصار البلاد العربية، بدءا من السودان وليبيا، وصولا إلي العراق وغزة، وتهرول لتأييد غزو المنطقة وإعطاء المشروعية له، بالجهد السياسي والدعم المادي. وقد ساهمت مصر الرسمية، بشكل مباشر وغير مباشر في المجهود العسكري والعملياتي المعادي، وقدمت تسهيلات، ووفرت قواعد لمرور الجيوش الغازية، وفتحت الأراضي والممرات المائية والجوية لتيسير وصولها إلي أهدافها المقصودة، وكان ذلك واضحا في حرب الخليج الثانية سنة 1991، وغزو العراق عام 2003، وخنق غزة، والتحريض علي المقاومة اللبنانية، من منتصف 2006 وحتي الآن. والتدليس هو الذي أبقي علي القوانين والإجراءات الاستثنائية لتغطي علي الانتكاسة التي لحقت بالعقيدة العسكرية والتوجهات السياسية الرسمية، وأملتها مطالب إنتقال الأشقاء والأصدقاء إلي خانة الأعداء والخصوم. واحلت الأْعداء والخصوم محل الأشقاء والأصدقاء، وجانب من التدليس تمثل في إدعاءات تقول بأن قانون الطوارئ لا يطبق إلا علي الإرهابيين، بينما هو في حقيقته مصادرة علي الحقوق القانونية والسياسية والوطنية والإنسانية للمواطن. ودليلنا هو كم قرارات الاعتقال التي وقعها أو أمر بها حسني مبارك. ويقدرها خبراء القانون ونشطاء حقوق الإنسان أنها ما بين سبعمئة وخمسين ألفا ومليون قرار، وهو رقم يمكن أن يدخل موسوعة جينس للأرقام القياسية، بجانب أن جمعية المساعدة القانونية بالقاهرة تشير، في آخر بياناتها، إلي أن عدد المعتقلين الحاليين يتراوح ما بين 20 و30 ألف معتقل. هذا الإصرار علي تمديد وتجديد قانون الطوارئ والإجراءات الاستثنائية يعني أن حرب حسني مبارك الشخصية والعائلية ضد الشعب لن تضع أوزارها بقرار منه، إنما بموقف من الشعب. وأمام هذا الصراع المحتدم كثيرا ما يسأل القراء عن الحل، وتتعدد سبل الرد علي هذا التساؤل، وجزء من الرد هو ذلك التشخيص الذي نركز عليه لتيسير عملية التعرف علي طبيعة الحكم في مصر. والذي انتهي إلي أن الحل هو في تغيير هذا النظام ورحيل رموزه، وهذه ليست مهمة فصيل أو جماعة واحدة دون أخري. ومطلوب من قوي التغيير، المناهضة لحكم حسني مبارك وعائلته، صياغة شعار جديد هو الرحيل هو الحل . كهدف مرحلي. تتهيأ له الوسائل والأدوات والإمكانيات التي تؤدي إلي تحقيقه، بعد أن أصبح الرحيل ضروريا لفتح باب التغيير، وعلينا أن نعي أهمية تجاوز دعاوي تغيير الحكم إلي العمل علي بناء نظام جديد يلبي احتياجات المصريين الملحة، في الحرية والديمقراطية والعدل الاجتماعي والوحدة الوطنية والقومية. والمصريون الذين تمكنوا من تغيير النظام الملكي إلي نظام جمهوري رئاسي، عليهم عبء تغيير النظام الحالي، بعد أن أفرغه حسني مبارك من مضمونه، واختزله في شخصه وعائلته، مستبد وفاسد وتابع، عليهم أن يستبدلوه بنظام جمهوري برلماني، تكون فيه الغلبة لسلطة ممثلي الشعب علي سلطة رئيس الدولةوالحاكم الذي لا يتمكن ويفشل في تصحيح أخطائه وخطاياه، يعطي الناس الحق في تحمل المسؤولية، وفي أخذ الأمر بيدهم، فيتولون التصحيح والتغيير بأنفسهم، والأساليب السلمية متاحة، إذا ما وثقت الجموع في قدرتها علي الفعل الإيجابي، وفي جهدها المؤثر في انجاز التغيير المطلوب. وقد قطع المصريون شوطا كبيرا علي هذا الطريق، واقتربوا من إحداث التعادل والتوازن بين عنف قوي الأمن ووحشية البلطجة السياسية، وصمود وتحمل قوي التغيير. وهو الشيء الذي جاء مصحوبا بسلوك جماعي، يتسم بالوعي والقدرة علي التضحية والمبادرات الجسورة. وتباعا تعودت الجموع علي الخروج احتجاجا، تواجه بصدورها العارية جبروت السلطة، وتتحمل في سبيل ذلك وطأة الاعتقال والملاحقة والتعذيب، وأضحت الحركة الجماهيرية مؤثرة، وتبث الرعب في قلوب بقايا حكم. وصفه الفقيه القانوي ابراهيم درويش في حديثه إلي المصري اليوم يوم الأربعاء الماضي. بأنه يعيش حالة موت سريري.
هناك تعليقان (2):
مجدى أحمد حسين
magdyhussien@hotmail.com
يؤسفنى أن أقول ذلك ولكنها الحقيقة الساطعة ! ( زمرة مبارك هى أكثر الأطراف جدية فى التهيئة للثورة الشعبية ) بينما معظم أطراف المعارضة لا يلتقطون الخيط من الحكام للاجهاز عليهم !
طبعا فان زمرة مبارك متشبثة بالحكم حتى الموت ولا تريد ثورة شعبية ولا حتى مظاهرة من 100 فرد ، ولكن الأحمق يتخذ دائما من القرارات ويقوم بأفعال تؤدى الى عكس الهدف الذى يريد . وفقا للقول المأثور عن د. مجدى قرقر ( ربنا يديم عليهم نعمة الغباء ). وفيما عدا حسنى مبارك وابنه جمال فان المحيطين بهما من جلاوزة ونهابى الشعب لاينقصهم الذكاء وقد تعرفت شخصيا فى وقت سابق وبسبب عملى الصحفى للأسف على بعضهم وأشهد بذكائهم ، فلسنا أمام حالة من الغباء الشخصى ، ولكن أمام حالة من الغباء التاريخى كتلك التى تعانى منها ادارة بوش رغم ذكاء كل من فيها عدا جورج بوش الابن !!
والغباء التاريخى يعنى اصابة النظام بحالة من الزهايمر والشيخوخة بحيث يصبح عاجزا عن التفكير السليم بسبب استطالة الوجود فى الحكم واستطالة خضوع الناس لهم وهو الأمر الذى يؤدى الى حالة من الانفصال عن الواقع لمجموعة تحكم مصر العشوائيات والفقر والفاقة والبيوت الطين من منتجع أو فندق فى شرم الشيخ ، حتى ان مبارك خلال حملته الانتخابية كان يتعين عليه أن يلتقى بالفلاحين، فأحضروا له مخبرا من الداخلية وزوجته والتقى بهما منفردين فى أحد الغيطان المعزولة عن الناس وحتى عن الدواجن والبقر والجاموس !! وتم تصوير تلفزيونى لهذا اللقاء الحالم !
وطالما حكموا البلاد منذ 1981 لماذا لايستمرون حتى 2050 من خلال الأب الذى يتناول حقن الخلايا الجذعية والابن الذى يتمتع بصحة جيدة وعلاقة متينة بأطراف البيت الأبيض والبنتاجون !!
واذا كان الأمر كذلك فلماذا لايتولى أصحاب الولد الذين كانوا يلعبون معه فى لندن، ويتعاونون فى بيع ديون مصر، لماذا لايصبحون هم المجموعة الوزارية الاقتصادية ؟ ألم تصدعهم المعارضة بضرورة تجديد دم النظام واشراك أجيال جديدة فى الحكم ؟ وهل يوجد أفضل من دماء أولاد مبارك وأصحابه المختلطة بالدماء البريطانية الزرقاء الذكية ذات الرائحة الملوكى، حقا ان الجدة ليست الا ممرضة من ويلز أفقر قطاعات بريطانيا العظمى ولكن تبقى بريطانيا بلد الاكسلانسات!! ولئن تكون جدتى ممرضة من ويلز أفضل ألف مرة من أن تكون ملكة مصرية!
المهم أصبحت ثلة الأصحاب قابضة على عنان اقتصاد مصر كأجهزة دولة أو كقطاع خاص، أما الأمن السياسى فهو فى أيدى أمينة تتلقى المكالمات الهاتفية وتتشاور بمنتهى التفاهم مع زكريا عزمى الناطق الحقيقى باسم الأب أو الابن أو الزوجة العتيدة( أقصد أم الولد لا خديجة ). وتصور هؤلاء ومن حقهم أن الدنيا أصبحت ملك يمينهم، ولكنهم يتصرفون فى البلاد كما تعودوا من دروس: بيع ديون مصر. فهؤلاء لم يتعلموا الا المتاجرة بآلام الوطن واكتشفوا ان ذلك أكثر ربحا من تجارة المخدرات والأسلحة والأدوية والآثار، لكن دون اتخاذ أى موقف مبدئى من مختلف الأنشطة. كلمة السر هى المتاجرة بآلام الوطن. أما العم سام وهو أكثر رشدا منهم وأكثر حرصا على مصر كقاعدة أمريكية بالغة الأهمية فى المنطقة، فقد تم شراء سكوته بالتسهيلات العسكرية وبالانبطاح أمام الصهاينة وهو المطلب الأساسى لكل ساكنى البيت الأبيض حتى يبقوا بدورهم فى البيت الأبيض، وأدركت عائلة مبارك أن الوصول لقلب الرئيس الأمريكى – أى رئيس أمريكى – من خلال معدته وهى اسرائيل ومصالح اليهودية والصهيونية العالمية.
وكلما اقترب موعد التوريث قدمت الأسرة للحلف الصهيونى الامريكى كل ما لذ وطاب من سيادة الوطن وكرامته وشرفه، فكان هذا يسكرهم ويقولون أنا نجد حكما كهذا، وبدأت الصحف الامريكية تتحدث عن جمال مبارك باحترام وازداد تردده على البيت الأبيض بأى مصادفة مثلا بمناسبة سفره لأمريكا لتجديد رخصة الطيران!!
وقدمت الأسرة مالم يكن يقترب من أحلام الأعداء أو أضغاث أحلام الأصدقاء والشعب المصرى، فأصبحت مصر والكيان الصهيونى فى سوق مشتركة واحدة اسمها الكويز، ويحصلون على الغاز المصرى مجانا بعد أن استهلكوا بترول سيناء المحررة!! بل تقوم مصر بدق عنق مليون ونصف مليون مسلم فى غزة حسبة لليهود والأمريكان. وقبل كل ذلك قادت مصر الرسمية على مدار أكثر من ربع قرن حملة لتحطيم كل ماهو شريف ومقاوم فى المنطقة العربية بل وكل العالم الاسلامى قدر الطاقة حتى وصل تعاوننا الى أفغانستان وتيمور الشرقية، قادت أكبر حملة لنشر اليأس تحت شعار: ومن يقدر على أمريكا واسرائيل ؟ لنجلس معهم ونحصل على الفتات أفضل ونتجنب صواريخ توما هوك. ومن هنا انتشر لقب مبارك بأنه حكيم الشرق!!
ويبقى أن طول البقاء فى الحكم أكد أن الخطة سليمة وناجحة والأمن المصرى موثوق فى قوته وسيطرته من أيام هامان. ورغم ان البلاد تشهد اضطرابات منذ أكثر من عام: الا أن كل شىء تحت السيطرة: كفاية مجموعة صغيرة، حزب العمل مقدور عليه منذ اغلاق صحيفته ومصادرة 414 مقرا له ونجحنا فى طرد كثير من الشباب الاسلامى منه بالترغيب والترهيب، الاخوان المسلمون هم الخطر الرئيسى لكبر حجم التنظيم، ولكن يمكن التفاهم معهم والوصول الى حلول وسط خاصة بالنسبة للتحرك الجماهيرى، وأمريكا لن ترضاهم بديلا فستصمت على التنكيل بهم بالمحاكم العسكرية وغيرها وستظل تضعف موقف أيمن نور بالمطالبة الدائمة بالافراج عنه وكأنه هو السجين الوحيد فى مصر!
أما الاضطرابات الاجتماعية فهى الأخطر، لذلك نصح أمن الدولة فى أغلب الحالات بالاستجابة لمطالبها المحدودة، فهذا مصنع يطالب ب 12 جنيه كان العمال يحصلون عليها بالفعل كبدل وتم قطعه، فتعاد لهم ال 12 جنيه. وموظفو الضرائب العقارية نستجيب لهم فبدلا من أن يكون مرتب الواحد منهم = حذاء يحصلون على مرتب = 2 حذاء!
أما الأموال فيمكن تدبيرها من دم وعرق الشعب فى النهاية. ولكن عندما زادت مطالب الشعب لم يعد بالامكان تلبية كل الرغبات، واستمرت الاضرابات والاعتصامات واستمر الكر والفر دون أن يهدأ لحظة واحدة. ولأن الخزانة فارغة والشعب لم يعد لديه الكثير من الدماء لامتصاصه فكان لابك من العودة وبتركيز على العصا الغليظة للأمن.
فارتفعت معدلات الاعتقالات والضرب بالذخيرة الحية والمطاطية ( المحلة ) والتعذيب والسحل فى الشوارع وهو يتم بشكل منهجى منظم وعلى أساس انتقاء عينات من كل التجمعات: سحل واعتقال نماذج من الفيس بوك – حزب العمل – عمال المحلة – كفاية. أما الاخوان فلهم عنابر دائمة فى عدد من السجون ولابد من اشغالها!
ومانريد أن نركز عليه الآن أن الزمرة الحاكمة التى أسكرتها السلطة المستديمة والشاملة لم تعد تقدر أن الأوضاع دخلت فى طور التغيير وليس فى امكانها تغيير الأشخاص ولا الوسائل. فالأشخاص غاية فى حد ذاتها، وهذه الأشخاص لاتعرف تغيير الوسائل لأنها شديدة الارتباط بالمبادىء على عكس ما روج له مكيافيللى. وهؤلاء مبدأهم: الكافيار والاستكوزا والجُزر والطائرات الخاصة وبنوك سويسرا والتسلط على الشعب والركوع أمام الأعداء ولذلك فان خياراتهم محدودة ان لم تكن معدومة. بل انهم ينتقلون الى وسائل أكثر دموية وخطورة عليهم: الدخول فى باب الاغتيالات والتصفيات الجسدية المكشوفة واغتيال المستشار العشماوى أبرز مثال على ذلك وان كانت الشكوك تحيط بحوادث أخرى. وكانوا يكتفون من قبل بالضرب والشتيمة لبعض المعارضين!! وهو أمر مستمر على كل حال حتى الآن وهو من قبيل الفرائض لا النوافل. ولكنهم يقبلون الان على النوافل: القتل ! وهذه من علامات النهاية باذن الله .
وعلى اطار هذه الخلفية، أى فقدان القدرة على اتخاذ التصرف السليم، واحتقار الشعب واستبعاده من أى حسابات، وادراك خيبة المعارضة فان الأسرة الحاكمة تتخذ كل يوم قرارا يكفى وحده لاحداث ثورة. والحقيقة فان الجماهير المعنية بالقرار تثور ولكن المعارضة بشكل عام تتحلى بالحكمة وتترك الجماهير لمصيرها فى أغلب المعارك.
اذا تتبعت نماذج من هذه القرارات تجد وكأن السلطة الحاكمة تريد استفزاز الجماهير للثورة. وكلما خمد موضوع فتحوا موضوعا جديدا وكلما هدأت جبهة فتحوا جبهة أخرى. واذا هدأت فئة آلوا على أنفسهم ان يغضبوا فئة أخرى أكثر أهمية وعددا!!
الأمثلة أكثر من أن تحصى: طريقة الاستيلاء على المجالس المحلية والغاء الانتخابات – مشروع دمياط وهو نموذج لتصرفات العصابة التى استولت على البلد كمشروع للتربح ولكن بوسائل غير آدمية وغير قانونية ودون اشراك الشعب فى أى أرباح واغضاب محافظة بأكملها مسألة فيها نظر! – ملهاة تقسيم المحافظات بمنطق المصالح الشخصية وهو ما أشعل عددا من المحافظات واضطروا للتراجع عن بعض القرارات وأيضا بحكمة الرئيس النائم على روحه الذى صدرت القرارات بتوقيعه، ويقال أن الولد رشيد هو الذى قام بذلك فنسى أن يضع المحكمة الدستورية فى أى محافظة فكان لابد من ضمها الى أقرب بلد كغزة أو ليبيا أو اعادة النظر فى القرار فقالوا ان حكمة الرئيس صححت هذا الخطأ للولد صاحب جمال الذى لم يتعلم فن تقسيم المحافظات فهو مجرد وكيل للشاى "ليبتون" ولكن جل من لا يسهو والأولاد يتعلمون وهذا يأخد وقتا خاصة فى بلد عريق كمصر به محافظات منذ أيام مينا - المهندسون حصلوا على حكم قضائى باستعادة نقابتهم ولكن بامكانهم أن يبلوه ويشربوا ماءه هم ليسوا أحسن من حزب العمل وجريدة الشعب – والمحامون كيف نتركهم لابد من قانون يستفزهم – مشكلة الانترنت تحل بضرب أحمد ماهر وحبس اسراء - مشكلة حزب العمل تحل بضرب ابى المعالى فائق – والاخوان الذين رفضوا الاشتراك فى 6 ابريل كيف نتركهم فى حالهم لابد من اشراكهم فى الثورة الشعبية التى نعد لها، وكنا نعطى لهم أحكاما عسكرية لاتتجاوز 5 سنوات لنرفعها الى 10 سنوات حتى يشتركوا فى 4 مايو!! – الاخوان جماعة محظورة وبنت محظورة صحيح انها حصلت على 20% من الأصوات فى انتخابات مجلس الشعب ومجرد 88 مقعد من 150 مرشحا، ولكننا لا نريد استيعابهم فى النظام السياسى لأن هذا يؤدى الى الاستقرار، ونحن لم نسمح بدخول هذا العدد الا تحت ضغط الأمريكان الذين كانوا يحلمون بتجربة تركية والآن فان الأمريكان والحمد لله يحطمون التجربة التركية وأعلنوا تبرأهم من الديموقراطية الملعونة بعد فوز حماس فى فلسطين المحتلة وثبت بعد نظر حكيم الشرق: مبارك الأب.
وكلما مر وقت فيه هدوء مع القضاة يتم افتعال قضية جديدة لاستفزازهم، كيف نترك هذه الفئة المهمة فى حالها ؟ - الأطباء حمدى السيد يتولاهم والاخوان فى النقابة متفاهمون معه وليس من المهم حل مشكلات الأطباء طالما أنهم لم ينفجروا بعد – العمال: لم يعد لدينا أموالا لهم خاصة انهم يتحدثون عن حد أدنى للأجور وهذه سفالة، لا يوجد سوى ال30 % وليخبطوا رؤوسهم فى الحائط.
ويبدو أن زمرة مبارك استبطأت اندلاع الثورة فكان قرارها المجيد برفع أسعار البنزين والسولار والتعليم الخاص وتراخيص السيارات، وتركت طوابير الخبز تتفاعل، ولكن المعارضة السياسية الثورية أخرجت لسانها للنظام وقالت: لن نفعل شيئا حتى تنفجر الجماهير بشكل تلقائى. نحن معتصمون على سلالم نقابة الصحفيين أو بالصمت. فأخذنا السلالم بسكوت المكار مكرم محمد أحمد نقيب الصحفيين بالتفاهم مع الأمن الذى يعشق بدوره سلالم النقابة وارتفعت أصوات بعض الأشاوس: لقد حررنا السلم من جديد! وهذا صحيح لقد حررتم السلم وسلمتم باقى مصر لمبارك وأسرته. وتنتظرون موعد الهبة الشعبية مع أن صناعتكم ومبرر وجودكم أن تعدوا وتنظموا لهذه الهبة الشعبية وتعطوها شعاراتها السليمة. ومن العجب العجاب أن فى زمن المد الشعبى والاضرابات التى لا تنقطع تنسحب النخبة لعمل العرائض وجمع التوقيعات فى البيوت من خلال الانترنت. ولست ضد العرائض بل أنا من هواتها ولكن لكل وقت واجب ومهام. والآن وقت النزول للشارع لحسم الصراع مع النظام المجرم، لا جمع التوقيعات حول رفع علم فلسطين أو ضد بيع الغاز الطبيعى لاسرائيل أو ضد قانون الارهاب. بل هذا ليس وقت عمل محاكم شعبية فى الغرف المغلقة للوزراء ( كيف فكرتم فى محاكمة وزير البترول فى موضوع الغاز الطبيعى بدلا من مبارك وحسين سالم!!) لذلك أشكر سامح عاشور نقيب المحامين لأنه أغلق القاعة ومنع هذه المحاكمة ولأن سامح عاشور متعاون مع النظام فقد اتخذ الموقف الأكثر رشدا !! فالوقت ليس للنضال داخل الغرف المغلقة بل فى الشارع.
مرة أخيرة أدعو رموز التنظيمات المعارضة ورموز الحركات الاحتجاجية لاجتماع فورى لمناقشة نقطة واحدة: الاعداد لانتفاضة حاسمة لاسقاط حكم مبارك وفقا للبرنامج الانتقالى المقترح.
مرة أخرى ألوذ بسورة نوح فهى عزائى وقرة عينى فى هذه اللحظات( رب انى دعوت قومى ليلا ونهارا، فلم يزدهم دعاءى الا فرارا، وانى كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم فى آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا، ثم انى دعوتهم جهارا ثم انى أعلنت لهم وأسررت لهم اسرارا فقلت استغفروا ربكم انه كان غفارا، يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا، مالكم لاترجون لله وقارا ) صدق الله العظيم.
إن عصر مبارك هو أحط العصور في كل تاريخ مصر على الإطلاق! حيث يستأثر واحد في المية من العصابة السوزانية وقلاضيشهم بحوالي تسعين في المية من دخل مصر القومي الإجمالي،إن التزام الدولة بالإنفاق علي كل فقير عاجز عن الكسب لا يجد قريبا يعوله عن طريق موارد الجباية المتعددة واجب شرعي على رئيس العصابة مبارك!!وليس له أي فضل في ذلك فهى ليست فلوس أمه ولا فلوس أم سوزان عاملة النظافة في المستشفى الويلزي!إذ أن حق المواطنة يخلق بالضرورة نصيب لكل مواطن مهما كان شأنه وعمره وجنسه ودينه نصيب إجباري في خيرات بلده!!إن كل وا جب على المواطن تجاه بلده ؛ يقابله حق للمواطن تجاه حكامه!!ولذلك إن الترجمة الحقيقية لغنى العصابة الفاحش ماهو إلا السطو على حقوق الأغلبية المطلقة لشعبنا المدهوس تحت نعال الحاشية الأجنبية التي تحكمنا!!فهل سنفوق من غيبوبتنا ونحصل على ماأعطاه الله لنا وحجبه عنا أبناء سوزانة الجبانة!!وأعلموا أن الحق يُنزع ولايُمنح!سالم القطامي
إرسال تعليق