الخميس، أبريل 30، 2020

فن الأراجوز

  • المصريون أول من استخدم فن الأراجوز .. والرحالة التركي أولياجيلي أكد بأنهم كانوا يلاطفون المرضى بدمى خشبية فتتحسن حالتهم
  • علماء الحملة الفرنسية وصفوا فن الأراجوز وصفاً مفصلاً: «وقد شاهدنا في شوارع القاهرة عدة مرات رجالاً يلعبون الدمى»

«إن لدينا ما يستطيع أن يعبر عنا».. من أجل هذا الشعار جاءت تجربة المخرج المسرحي ومدير ومؤسس فرقة ومضة واستاذ ورئيس قسم المسرح في جامعة حلوان د.نبيل بهجت في كتاب «الأراجوز المصري» الذي وثق من خلاله اقدم دمية في الفن الشعبي المصري وهي الاراجوز التي تعتبر من أشهر الدمى الشعبية في مصر، وعلى الرغم من انحسار هذا الفن في الآونة الأخيرة، لقلة فنانيه المتخصصين، ما زالت شهرته كما هي، ويستخدم كثيرون لفظ «أراجوز» للدلالة على معان مختلفة في معجم الحياة اليومية للمصريين، وعن الكتاب قال المؤلف: «لم تكن تجربتي مع الأراجوز وخيال الظل مجرد دراسة أتقدم بها لنيل درجة علمية أو أقدمها للقارئ، بل كانت تجربة حياة بدأت منذ 18 عاما واستمرت حتى هذه اللحظة»، أحيا بها ومعها محاولا إعادة هذه الفنون إلى الحياة مرة أخرى، لإيماني الشخصي بأن التراث الشعبي أحد مصادر تشكيل الوعي المصري والتأريخ للذاكرة المصرية».
إحياء فن الأراجوز
كتاب «الأراجوز المصري» جمع ودراسة وتوثيق ا. د. نبيل بهجت الكاتب والمخرج المسرحي ومدير ومؤسس فرقة ومضة وأستاذ ورئيس قسم المسرح جامعة حلوان والذي قام بإحياء فن الاراجوز وخيال الظل ووضع الاراجوز على قوائم التراث الثقافي غير المادي لليونسكو ليصبح فنا عالميا عرض فيه د. نبيل بهجت الدوافع التي حثته على إنجاز هذه الدراسة كما عرض تجربته مع خيال الظل والأراجوز فيقول: لم تكن تجربتي مع الأراجوز وخيال الظل مجرد دراسة أتقدم بها لنيل درجة علمية أو أقدمها للقارئ، بل كانت تجربة حياة بدأت منذ 18 عاما واستمرت حتى هذه اللحظة، أحيا بها ومعها محاولا إعادة هذه الفنون إلى الحياة مرة أخرى، لإيماني الشخصي بأن التراث الشعبي أحد مصادر تشكيل الوعي المصري والتأريخ للذاكرة المصرية.
كما أن رغبتي في فهم العقلية المصرية ومصادر تكوينها وآليات اتخاذ القرار فيها دفعتني للاهتمام بالتراث الشعبي كأحد أهم ابداعاتها، وجاءت هذه التجربة في إطار رصدي للواقع المصري والتحولات التي تطرأ عليه.
شيء يعبر عنا
اختفاء النموذج المحلي لصالح النموذج الغربي يكرس لمفاهيم العجز وعدم الرضا عن الذات، وهو ما يجعلنا تابعين لبعض الاستراتيجيات الاستعمارية التي ترانا سوقا لمنتجاتها، منجما لموادها الخام، ويغذيها البعض بشعارات تربط الخلاص والتقدم بهذا الاخر، ويتلقى الإنسان البسيط تلك المفاهيم ليتخيل أن جنة الله خلف المتوسط، ومن ثم يخاطر بنفسه وبحياته ليدخل تلك الجنة بشكل غير شرعي ـ إن حالفه الحظ ونجا من أمواجه العاتية. فلقد كان حضور هذا الاخر طاغيا بشكل افقد الحياة معناها.
ومن ثم كان شعار تجربتي: «إن لدينا ما يستطيع أن يعبر عنا»، واتخذت «ومضة» اسما لفرقتي التي أسستها لإحياء هذه الفنون بمعنى: «بريق في الظلام الدامس» لتلفت الأنظار إلى الإمكانات التي يمتلكها مجتمعنا للنهوض مرة أخرى.
وتعتمد العروض التي قدمتها الفرقة على مدار عشر سنوات على الأراجوز وخيال الظل كلغة أساسية تمتزج بالراوي والغناء الشعبي والرقص الشعبي أحيانا، بهدف الاستفادة من إمكانات الفرجة الشعبية لتحقيق حالة مسرحية مصرية نجحنا إلى حد كبير في الوصول إليها.
النشأة والمكونات
جاء الفصل الأول تحت عنوان: النشأة والمكونات، وناقش فيه تاريخ نشأة الأراجوز وعرض الكتاب لمكوناته بداية من الدمى ووسائط العرض، والعناصر البشرية، وأثر بعض الفنون الشعبية الأخرى وكذلك لنمر الأراجوز المختلفة. يقدم الفصل الاول تعريفا بالأراجوز وتاريخه ونشأته فهو من أشهر الدمى الشعبية في مصر على الإطلاق، رغم انحساره في الآونة الأخيرة لقلة عدد فنانيه ولسطوة وسائل الإعلام الحديثة، إلا أن شهرته مازالت كما هي، بل إن الكثيرين يستخدمون لفظة أراجوز للدلالة على معان مختلفة في معجم الحياة اليومية للمصريين.
سياحتنامة مصر
تواجد فن الأراجواز في الحياة المصرية منذ زمن بعيد، حيث أشار الرحالة التركي أولياجيلي في كتابه «سياحتنامة مصر» إلى أحد الفنانين في القرن العاشر الهجري الذين كانوا يلاطفون المرضى بدمى خشبية فتتحسن حالتهم.
وقدم علماء الحملة الفرنسية وصفا مفصلا له جاء فيه: «وقد شاهدنا في شوارع القاهرة عدة مرات رجالا يلعبون الدمى، ويلقى هذا العرض الصغير إقبالا كبيرا، والمسرح الذي يستخدم لذلك بالغ الصغر، يستطيع شخص واحد أن يحمله بسهولة. ويقف الممثل في المربع الخشبي الذي يمده بطريقة تمكنه من رؤية المتفرجين من خلال فتحات صنعت لهذا الغرض دون أن يراه أحد ويمرر عرائسه عن طريق فتحات أخرى أما عن باقي الشخصيات فهي (ابن الأراجوز ـ زوجته «نفوسة» (يطلق عليها البعض زنوبة) ـ زوجته السمراء «بخيتة» (يطلق عليها الست قمر) ـ الفتوة ـ حمودة الأقرع وأخوه ـ الأستاذ ـ البربري ـ الخواجة ـ موشي ديان ـ العفريت ـ الطبيب ـ الشاويش ـ الحانوتي ـ الداية ـ فنان بالعافية «الشيخ محمد» ـ الشحات ويطلق عليه لاعب الأراجوز اسم «الشيخ» ـ كلب السرايا ـ الزبون ـ والد زوجته ـ اللص).
هذا بالإضافة إلى عدد من الشخصيات نسمع عنها ولا نراها مثل عديلة في «الفتوة الغلباوي» ووالد الأراجوز في «الشحات تصنع الدمى من الخشب إما بواسطة الفنان المؤدي أو صانع محترف، وآخر هؤلاء الصناع «محمد الفران» الذي توفي منذ أكثر من ثلاثين عاما. يقدم فن الأراجوز من خلال عدد من الوسائط هي: عربة الأراجوز ـ البرفان ـ الباردة ـ الخيمة.
وسيط العرض
تنحصر العناصر البشرية في: الفنان المؤدي ومساعده الملاغي والجمهور، ويتحدد على أساس وسيط العرض المساهمات البشرية في العروض، فالخيمة مثلا لا يحتاج فنانها إلى ملاغي أو مساعد، وذلك على عكس البرفان والباردة حيث يحتاج الفنان المؤدي إلى مساعد/ ملاغي. أما العربة فيحتاج أداء العروض فيها إلى أكثر من ذلك (فنان مؤد ـ مساعد/ ملاغي ـ عامل تذاكر/ فردين لتنظيم الدخول والخروج). وأحيانا يكون هناك أكثر من فنان مؤد يتناوبون العمل داخل العربة.
ويلعب الملاغي دورا هاما في إتمام عروض الأرجواز، فهو يشارك الفنان المؤدي بالعزف كما يردد الأغاني خلف الأراجوز ويستحث الجمهور على الغناء ويشارك الأراجوز في الحوار، ويكرر بعض الكلمات التي تبدو غير واضحة بفعل الأمانة، ويساهم في خلق المواقف المضحكة سواء من خلال الكوميديا اللفظية أو الحركية، وله دور هام في استنطاق المتفرجين وإشراكهم في العرض.
الملاغي من أهم العناصر
يعتبر الملاغي من أهم العناصر الأساسية لعروض الأراجوز لابد أن يتصف الفنان المؤدي بسرعة البديهة، فهو يغني ويحرك الدمى ويمثل ويرتجل النص في وقت واحد، وأن يكون ذا صوت حسن وقدرة على التحكم في أداء اللهجات المختلفة وتلوين الصوت واستحضار نبرات صوتية مختلفة، وقدرة فائقة على الارتجال والخلق الإبداعي المتجدد وتحويل أبسط الإمكانيات إلى أدوات للمتعة والتواصل المستمر مع الجمهور، تركت العديد من الفنون الشعبية آثارها على فن الأراجوز ومن ذلك ما نجده في نمرة «الست اللي بتولد» في رواية صابر المصري حيث نرى تأثره بما كان يقدم من ألعاب «القرداتي»، إذ تعتمد إحدى نمره على أن يطلب من الحمار أن يختار أجمل بنت في الحلقة فيتقدم إليها وأنفه إلى وجهها فيضحك الفتاة والمشاهدين يختلف فنانو الأراجوز أنفسهم في تحديد عدد نمر الأراجوز، فعندما سألت «صابر المصري»، أجاب: «بتاع الأراجوز اللي بجد ممكن يخش البرفان ميطلعش منه إلا تاني يوم»، كناية عن كثرة النمر.
ويقول سمير عبد العظيم: «عدد لوحات عربة الأراجوز 18 لوحة، بما يعني أنها 18 نمرة أو تمثيلية»، وفي ذات الوقت سألت «حسن سلطان» فأجاب: 164 نمرة، وحددها صلاح المصري بـ 24 نمرة.
نمر الأراجوز
قام المؤلف بحصر نمر الأراجوز التي جمعها من سبعة فنانين هم: صلاح المصري ـ صابر شيكو ـ محمد كريمة ـ سيد الأسمر ـ سمير عبد العظيم ـ حسن سلطان ـ عم صابر المصري، فلم تخرج عن النمر الآتية: «جواز بالنبوت» و«الاراجوز ومراته» و«الست اللي بتولد» و«الاراجوز ومراته السودة» و«حرامي الشنطة» و«البربري» و«الشحات» و«فنان بالعافية» و«الحانوتي النصاب» و«كلب السرايا» و«حمودة وأخوه» و«جر شكل» و«الفتوة الغلباوي» و«الاراجوز في سوق العصر» و«اراجوز في الجيش» و«حرب اليهود» و«حرب بورسعيد» و«العفريت»، ويضيف بعض اللاعبين اسماء لنمر مثل «حرب النصارى»، و«حرب 6 أكتوبر» ارتبطت عروض الأراجوز بشكل أساسي بالشارع، كما أن الرافد الأساسي المشكل لعقلية الفنان المؤدي هو ممارسات الحياة، ومن ثم فإن دورة الحياة هي أحد أهم الروافد التي شكلت موضوعات عروض الأراجوز، وكانت من العناصر الأساسية لجذب جمهور الشارع، فالموضوعات المطروحة تشكل جزءا من حياته، وتدور هذه الموضوعات حول الولادة، والتعليم، والتجنيد، والزواج، والعمل، والموت، وجميع هذه الأفعال تشكل ما يعرف بدورة الحياة ويمكن أن نستخلص سيرة الاراجوز حتى نهايته في نمرة «العفريت» وعلاقاته مع مختلف الأطراف من خلال النمر إذا نظرنا إليها في سياق ترتيبي معين.
وأشهر الموضوعات عند الجماهير وأولها استدعاء عند فنان الأراجوز علاقته بزوجته وصراعهما الشهير في نمرة «الأراجوز ومراته»، فالعلاقات الأسرية من أكثر العلاقات بروزا لدى الجمهور ولدى الفنان المؤدي
أما الفصل الثاني فجاء تحت عنوان صناعة العرض وتناول فيه المؤلف العلاقة بين الفنان المؤدي والجمهور والتداخل بين العوالم المختلفة وغيرها من الفرضيات الأساسية التي تقوم عليها العروض.
ثم تناول بنية النمر ومكوناتها من نمر داخلية وأغان وحوار وبعض أساليب صناعة الفكاهة اللفظية، كذلك تعرضت لشخصيات مسرح الأراجوز على اختلافها، والاعتدائية كوسيلة في حسم صراعه مع مختلف الشخصيات إذ أن العلاقة بين الفنان المؤدي/ الفاعل والجمهور من الركائز الأساسية لصناعة عروض الأراجوز، تلك العلاقة التي تخلق مجالات مختلفة ومستويات متباينة لأشكال التفاعل التي يحرص الفنان المؤدي عليه، وتكون بالنسبة له مؤشرا على نجاح العرض. وكثيرا ما يوقف بعض الفنانين عروضهم طالبين من الجمهور المشاركة، وكأن الجمهور هو الفاعل الحقيقي للعرض.
وترتبط صناعة العروض بخلق مساحات تسمح للجمهور بالتدخل فيه، ومنها البداية الغنائية التي تعتمد على محفوظات مشتركة بين الفنان المؤدي والجمهور، وتتغير حسب انتشار أغان معينة أو علمه بميل جمهوره لنوعية معينة من الغناء، وربما كان ذلك سببا في عدم وجود أغان خاصة بالأراجوز، ويوظف فنان الأراجوز الأغاني تبعا لتنوع الحدث الدرامي، فيبدأ «صلاح، فالمساحة المشتركة بين الفنان الفاعل والجمهور تحوله إلى فاعل من نوع آخر، وتخرجه من مفاهيم التلقي السلبي حيث يتحول إلى ما يمكن أن نسميه بالمتلقي الفاعل، الذي تقع عليه بعض مسؤوليات صناعة العرض وربما تعتمد نهاية العرض على مشاركة الجمهور كما في نمرة «حرامي الشنطة».
ويأتي التداخل بين عالم الإنسان ممثلا في الملاغي والجمهور وعالم الدمى كأحد أهم مفردات صناعة العرض، ويتمثل هذا التداخل في الدور الذي يلعبه الملاغي وحالات الملامسة المستمرة بل وضرب الدمية له وخوفه منها وعبث الدمية به.
وللملاغي دور مهم في عروض الأراجوز، فبالإضافة الى مسؤوليته عن الإيقاع والموسيقى من خلال «الطرومبيطة» أو «الطبلة» فهو يردد الأغاني التي يغنيها الأراجوز ويستحث الجماهير على الغناء ويشارك الفنان المؤدي الحوار وخلق الكوميديا اللفظية والحركية، وتكرار بعض الكلمات التي تبدو غير واضحة بفعل «الأمانة»، ويساهم في دمج استجابات الجمهور وتنظيمها بما يخدم أداء الفنان كما يلعب دورا دراميا في بناء الأحداث في العديد من النمر وكثيرا ما تعبث الدمية بإرادة الملاغي لتمثل مفارقة واضحة، فالدمية مسلوبة الإرادة لأنها تتحرك بإرادة آخر/ اللاعب، تسلب الملاغي إرادته ليصبح الملاغي مسلوبا ومسحوقا أمام إرادتها ويعتمد الحوار بين فنان الأراجوز والملاغي على الارتجال مما يخلق حالة من التجديد المستمر في العروض من خلال العلاقة التفاعلية بينهما، وهو ما يشكل العملية الإبداعية ذاتها بما يتيح إعادة الإبداع من خلال الأداء ويساهم الملاغي أيضا في تنظيم استجابات الجمهور المختلفة ليخلق التداخل بين العوالم المختلفة في عرضه لخلق علاقة تفاعلية بين جميع العناصر التي لا يمكن استبعاد الجمهور منها ومن الطبيعي أن يتأثر أداء الفنان بوسيط العرض إذ يفسح البرفان المجال أمام الفنان للاعتماد على النمر الحركية، حيث يستخدم أبعاده كالعمق ببعديه الأفقي والرأسي، وجانبيه الأيمن والأيسر والمساحة المقابلة للجمهور في تشكيل الحركة وخلق مساحات متخيلة تعتمد على قدرته في تحريك عرائسه وإحساسه بالزمن داخل العرض بما يوحي بالأبعاد المختلفة.
يطلق فنان الأراجوز اسم «النمرة» على عرضه، وأهم ما يشكل النمر: الغنائية التي تبدأ بها، والاعتدائية «الضرب ـ الطرد» التي تنتهي بها، والتداخل بين ما هو آدمي/الملاغي ومادي/الدمى، والاعتماد على النمر الحركية واللفظية وبساطة الحدث ونمطية الشخصيات وتتميز النمر ببساطة الحدث:
فنمرة «زواج بالنبوت» تدور حول رغبة الأراجوز في الزواج ومحاولة والد العروس خداعه.
ونمرة «الست إللي بتولد» تدور حول ولادة فلفل الذي يطلب الزواج فور ولادته.
ونمرة «الأراجوز ومراته» و«الأراجوز ومراته السودة» تدور كل منهما حول المشكلات الزوجية.
ونمرة «الأستاذ» تدور حول تعليم الأستاذ للأراجوز.
ونمرة «البربري» تدور حول طلب البربري العمل ونومه فور حصوله عليه.
ونمرة «الشحات» تدور حول تسول الشحاذ من الأراجوز.
ونمرة «كلب السرايا» تدور حول لعب الأراجوز مع الكلب ثم عضه إياه ورفض الطبيب معالجته إلا بالمال.
ونمرة «فنان بالعافية» تدور حول ادعاء أحد الأشخاص الفن.
ونمرة «الحانوتي النصاب» تدور حول مادية الحانوتي وخداع الأراجوز والملاغي له.
ونمرة «حرامي الشنطة» تدور حول عمل الأراجوز لدى الخواجة وسرقته.
ونمرة «أراجوز في سوق العصر» تدور حول منافسة الأراجوز والملاغي على الزبائن ومكان عرض البضائع.
ونمرة «حمودة وأخوه» تدور حول ضرب الأراجوز لأخي حمودة ثم لحمودة.
ونمرة «جر شكل» تدور حول منازلات قولية بين الأراجوز والفتوة.
ونمرة «الفتوة الغلباوي» تدور حول اعتراض الفتوة على إقامة فرح عديلة دون إذنه، ويدخل في منازلات مع الأراجوز.
ونمرة أراجوز في الجيش» تدور حول تدريبات الأراجوز في الجيش.
ونمرة «حرب بور سعيد» تدور حول بطولات الفدائي الأراجوز في قتل الأعداء.
ونمرة «حرب اليهود» تدور حول مقتل موشى ديان لابن الأراجوز، وثأر الأراجوز منه.
ونمرة «العفريت» تدور حول قتل العفريت لزوجة الأراجوز وخادمه والشحات ثم الأراجوز.
فالملاحظ أن هناك خطا عاما للأحداث يلتزمه جميع اللاعبين، ويضيف معظمهم من ارتجالاتهم داخله، وبساطة الحدث وعدم التعقيد تجعل مشاركة الجمهور في العرض سهلة وميسرة.
يسمي فنان الأراجوز عرضه «نمرة»، إلا أنه داخل هذه النمرة يعتمد على نمر داخلية وهي مواضع يسعى فيها الفنان إلى استخدام القدرة البدنية وخفة اليد وطلاقة اللسان التي يتمتع بها وتمثل الاعتدائية التي هي فعل أساسي في عروض الأراجوز، الحل الأمثل الذي ينهي به صراعه تمهيدا لنهاية عرضه.
فالأراجوز يميل للحلول الجذرية ويأتي الضحك من الجمهور المتنوع ليس لقهر العناصر الفاسدة فحسب، بل لكسر المحرمات التي يفرضها هذا الفعل، وكثيرا ما تأتي هذه الاعتدائية كرد فعل لاعتدائية وقعت على الأراجوز مسبقا، إلا أنها تقف عاجزة أمام العوالم الخفية لتصبح محدودة بحدود الواقع.
ولا تخلو نمرة للأراجوز من أغنية ما، وليست هناك أغان باقية حتى الآن يستخدمها فنانو الأراجوز من التراث الغنائي المرتجل للأراجوز، ومعظم ما يستخدم أغان أخذت طابع الانتشار الجماهيري، أو أغان شعبية انتشرت بعد أن أداها أحد الفنانين، وتساهم البداية الاستهلالية للأغنية في تحضير الجمهور للعرض من خلال صوته الذي يستحث الجماهير على المشاركة في الغناء إما مباشرة أو ضمنيا. ولا يرتبط الموقف بأغان محددة وإنما يستدعي كل فنان ما يناسب الموقف، فأحيانا نسمع مقطعا لأم كلثوم أو عبد الحليم، وتختلف المدة الزمنية للأغنية من مكان إلى آخر، فعروض المولد تشهد اعتماد الفنان المؤدي على الأغنية بشكل يجعلها أحد أكثر العناصر بروزا حيث تستغرق الأغاني أحيانا وقتا أكثر من الحوار.
وكذلك الحال عند محمد كريمة الذي مازال يجوب شوارع القاهرة متخذا منها مسرحا، وتقل مساحتها عند صابر المصري لاختلاف أماكن عرضه إلا أنه يركز على توظيفها داخل عرضه بشكل فاعل. وعلى هذا لم يقف الغناء عند حد الوظيفة الإعلانية كما هو الحال في البيئات الشعبية، وإنما تعدى ذلك لأغراض درامية. ويسعى الحوار في عروض الأراجوز إلى التفاعل المستمر بين الجمهور والعرض، وتحقيق متعة الفرجة للمشاهد بالاعتماد على كل ما هو جماهيري وشعبي، وتلك المتعة التي لا تتعارض مع النقدية ولتحقيق هذا الهدف يعتمد حوار الأرجوز على بعض أساليب الفكاهة.
لقد واجه الأراجوز هذا الآخر النخبوي الذي فرض سلطته باسم الدين او العلم، فالشحاذ المعمم ما هو إلا رمز لرجل الدين الذي يثقله بالطلبات ليسلبه قوته، ويتخذ من النمرة وسيلة لتوعية الجمهور بحيل المتسولين، إلا أن اللافت للانتباه أنه يتخذ من ملابس رجال الدين زيا له، وكذلك الأمر بالنسبة للأستاذ الذي يتخذ من العلم وسيلة لفرض سيطرته وهو ما يرفضه الأراجوز مستخدما عصاه في الانتقام لنفسه.
ويأتي الطرد والإقصاء من المجتمع حلا مثاليا لمثل هذه العناصر، فلا يقع في الفخ الذي ينصب باسم الدين ليبيع حاضره بذلك الغائب وهو ما يتنافى مع مفهوم الدين للحياة من «مسخ ملامح الحاضر بالتعامل معه بوصفه جسرا لا يصلح لممارسة الحياة عليه ما يلتزم تأجيلها لحين عبوره، أملا في مستقبل أفضل.
ومن أهم الموضوعات التي حرص فنان الأراجوز على تجسيدها من خلال عروضه المختلفة علاقته بالآخر الأجنبي، الذي تنوع بين «المستعمر» كما في عروض «حرب اليهود»، و«حرب بورسعيد» و«المستثمر» كما في «حرامي الشنطة»، و«الطبيب» في عرض «كلب السرايا».
أما عن الشخصيات النسائية، فهناك ثلاث شخصيات نسائية في عروض الأراجوز (زوجته البيضاء ـ نفوسة ويطلق عليها بعض اللاعبين اسم زنوبة، ولم اشاهد أي لاعب يستخدم لفظة كشكليوز اسما لها ـ وبخيتة الزوجة السمراء ويلقبها البعض بالست قمر ـ والداية).
وبالرغم من أن الكوميديا تنزع نحو إصلاح العيوب والأخطاء والاتجاه نحو حياة أفضل عن طريق خلق التوافق بين العناصر المختلفة إلا أن الضرب ثم الإقصاء الذي يمثل تطهيرا للمجتمع من تلك العناصر الفاسدة يكون هو الحل الأمثل لعلاج تلك المشكلات لدى فنان الأراجوز الذي يعمد فيه لتطهير المجتمع من الفساد وبتكرار كلمة (اطلع بره) يقصي تلك العناصر الفاسدة والقامعة له وللحريات بشكل عام ولا نكون مبالغين اذا قلنا ان الأراجوز تعني كلمة (ارحل) والتي كانت شعارا لثورة يناير استدعاها اللاوعي الجمعي بشكل مباشر من عروض الاراجوز فكانت النهاية تماما كما ينهي الأراجوز عروضه.

ليست هناك تعليقات:

اتهمت ستون امرأة محمد الفايدMohamed Abdel Moneim Al-Fayed[a] (/ælˈfaɪ.ɛd/; 27 January 1929 – 30 August 2023) was an Egyptian billionaire businessman

  أعرب عمر الفايد، عمر الفايد Mohamed Abdel Moneim Al-Fayed [ a ]  ( / æ l ˈ f aɪ . ɛ d / ; 27 January 1929 – 30 August 2023) was an Egyptia...