ماذا ستقول لو أخبرتك أن هناك أكثر من أربعين طائرة خاصة يملكها رجال أعمال وسياسيون موجودة في مطاري شرم الشيخ والغردقة طيلة شهور الصيف تقريبًا، عدد أربعين طائرة ليس دقيقًا تمامًا فهو أكثر من ذلك لكنه ليس أقل علي الإطلاق؟!
ها ماذا ستقول؟
أغلب الظن أنك ستقول ما نقوله جميعًا إن هناك درجة من توحش الثراء ووحشية الرفاهية باتت سائدة لدي طبقة مصرية تملك تقريبًا كل شيء في الوقت الذي لا يملك فيه أكثر من نصف المصريين ثلاثمائة جنيه شهريًا تنقذهم من النوم معدمين تحت خط الفقر!
حسنًا هذا صحيح وأكثر، فالحقيقة أن حوالي خمسة آلاف فرد يملكون مصر تقريبًا، سواء شركات ومصانع أو أراضي وعقارات ومدنًا وبنوكًا وموانئ، وباقي الستة وسبعين مليون نسمة «زي النسمة» يعملون لدي هؤلاء موظفين وعبيدًا ومماليك وحاشية وأفراد أمن!
خمسة آلاف شخص ينتمون تقريبًا إلي خمسين عائلة (كل عائلة بأكثر من جد وفرع وأب وعم وأحفاد وأصهار) تتحكم في الاقتصاد ولما رأت أنه لابد من حمايته بالسياسة دخلت السياسة واحتكرت الاثنين ووضعت يدها علي الاقتصاد والتشريع له، وعلي سن القوانين وعلي رقابة تنفيذها، وعلي عمل المناقصات وعلي قرار إرسائها، وعلي فتح المزادات وعلي آلادونا ألاتري، وامتلكت معظم ما نظن وأغلب ما لا نظن وهي عائلات تتصاهر وتتناسل مع بعضها البعض ولديها عشرات الأطفال القصر المكتوب بأسمائهم مشاريع بمئات الملايين ويكاد أفراد الخمسين عائلة يعرفون بعضهم البعض بالاسم ولهم نواديهم الخاصة ومنتدياتهم وعالمهم المغلق والدخول إليهم بالمصاهرة وبالسياسة والخروج منهم بالموت أو الهجرة.
هؤلاء هم خلفاء طبقة النصف في المائة التي خوت إعلام يوليو 52 دماغنا بهم حيث تربينا علي أن نصفًا في المائة من سكان مصر كانوا يملكون البلد وهم باشاواتها وأمراء أسرتها المالكة، الآن وفي عصر الأسرة الحاكمة صارت مصر مملوكة لخمسين عائلة لا تصل حتي لنصف في المائة من الشعب المصري مع فروق التربية والأصل والثقافة وتقاليد البيوتات العريقة، وهذه هي الطبقة وحشية الثراء المعزولة عن قوانين المجتمع والتي يوضع لها قوانين خاصة أو يطبق عليها قانون داخلي وليس القانون المخصص للغلابة من أمثالنا، وهذه الطبقة المعزولة نجحت في خلق طبقة عازلة بينها وبين المجتمع وتتكون هذه الطبقة العازلة من المحيطين والمستفيدين سواء من كبار وكبار صغار رجال جهاز الدولة أو من المثقفين والإعلاميين في الصحافة حكومية وخاصة وفي التليفزيون حكومي وخاص أو من أصحاب مهن المحاماة والقانون والطب ورجال الدين والدعاة قدامي وجدد ومن السياسيين المستفيدين سواء في الحزب الوطني أو أحزاب المعارضة، هذه الطبقة المعزولة التي صنعت الطبقة العازلة أدت إلي طبقة ثالثة هي الطبقة العزلاء، هي طبقة محدودي الدخل والأغنياء من التعفف والواقفين علي حدود الستر والفقر والفقراء وهي طبقة عزلاء من أي سلاح لمواجهة السياسة، المتعلم فيها كالجاهل أعزل في مواجهة هجمة الحاجة والفاقة ومصاريف المدارس والدروس الخصوصية وتجهيز البنات، ومع ذلك فوجود أربعين طائرة خاصة أو أكثر لمليارديرات مصر في مطاري شرم الشيخ والغردقة لا يعني ما تصورت أنه يعنيه بل هو عندي بمثابة جرس إنذار بأن اقتصاد مصر كله مستعد لأن يركب الطائرة ويسافر أو يهرب إذ فجأة، فهؤلاء مليارديرات يضعون أموالهم وثرواتهم خارج مصر عن طريقين الأول حسابات مباشرة شخصية (سرية أو غير سرية) في البنوك الأجنبية، والطريق الثاني عبر وجودهم كشركاء ووكلاء لشركات أجنبية ومن ثم فأموالهم مختبئة ومحتمية ومحصنة داخل الرأسمال الأجنبي ولذلك إذا حدث في مصر حادث فإن الاقتصاد القائم علي مجموعة العائلات الخمسين و90%من رجالهم أعضاء قياديون في الحزب الوطني يمكن أن ينهار، وكل ما يحتاجه هؤلاء هو مجرد نصف ساعة فقط يجتمع فيها أفراد العائلة بسرعة في المطار ويركبون طائراتهم إلي الخارج، آه نسيت أن أقول لك إن معظم هؤلاء يملكون جنسيات أجنبية متعددة حتي أفريقية وعدد كبير من الأولاد والأحفاد لديهم بطاقات إقامة في الولايات المتحدة الأمريكية (بعضهم تمت ولادته خصيصا في أمريكا لهذا الغرض وهو الحصول علي الجنسية) وطبعًا لهم إقامات دائمة في كثير من دول العالم نتيجة البيزنس أو الجنسية غير المصرية التي تمكن صاحبها من التمتع بما لا يتمتع به أبناء العالم الثالث ولو اغتنوا!
الأمر إذن لا يحتاج أكثر من نصف ساعة وهو النصف ساعة الفاصل بين بلد في حالة تغيير وبين وطن في حالة فوضي.. نصف ساعة يعني تلاتين دقيقة يا محترم وهوبا طار في الهوا شاشي!!مقال رئيس التحرير
إبراهيم عيسي
ماذا ستقول لو أخبرتك أن هناك أكثر من أربعين طائرة خاصة يملكها رجال أعمال وسياسيون موجودة في مطاري شرم الشيخ والغردقة طيلة شهور الصيف تقريبًا، عدد أربعين طائرة ليس دقيقًا تمامًا فهو أكثر من ذلك لكنه ليس أقل علي الإطلاق؟!
ها ماذا ستقول؟
أغلب الظن أنك ستقول ما نقوله جميعًا إن هناك درجة من توحش الثراء ووحشية الرفاهية باتت سائدة لدي طبقة مصرية تملك تقريبًا كل شيء في الوقت الذي لا يملك فيه أكثر من نصف المصريين ثلاثمائة جنيه شهريًا تنقذهم من النوم معدمين تحت خط الفقر!
حسنًا هذا صحيح وأكثر، فالحقيقة أن حوالي خمسة آلاف فرد يملكون مصر تقريبًا، سواء شركات ومصانع أو أراضي وعقارات ومدنًا وبنوكًا وموانئ، وباقي الستة وسبعين مليون نسمة «زي النسمة» يعملون لدي هؤلاء موظفين وعبيدًا ومماليك وحاشية وأفراد أمن!
خمسة آلاف شخص ينتمون تقريبًا إلي خمسين عائلة (كل عائلة بأكثر من جد وفرع وأب وعم وأحفاد وأصهار) تتحكم في الاقتصاد ولما رأت أنه لابد من حمايته بالسياسة دخلت السياسة واحتكرت الاثنين ووضعت يدها علي الاقتصاد والتشريع له، وعلي سن القوانين وعلي رقابة تنفيذها، وعلي عمل المناقصات وعلي قرار إرسائها، وعلي فتح المزادات وعلي آلادونا ألاتري، وامتلكت معظم ما نظن وأغلب ما لا نظن وهي عائلات تتصاهر وتتناسل مع بعضها البعض ولديها عشرات الأطفال القصر المكتوب بأسمائهم مشاريع بمئات الملايين ويكاد أفراد الخمسين عائلة يعرفون بعضهم البعض بالاسم ولهم نواديهم الخاصة ومنتدياتهم وعالمهم المغلق والدخول إليهم بالمصاهرة وبالسياسة والخروج منهم بالموت أو الهجرة.
هؤلاء هم خلفاء طبقة النصف في المائة التي خوت إعلام يوليو 52 دماغنا بهم حيث تربينا علي أن نصفًا في المائة من سكان مصر كانوا يملكون البلد وهم باشاواتها وأمراء أسرتها المالكة، الآن وفي عصر الأسرة الحاكمة صارت مصر مملوكة لخمسين عائلة لا تصل حتي لنصف في المائة من الشعب المصري مع فروق التربية والأصل والثقافة وتقاليد البيوتات العريقة، وهذه هي الطبقة وحشية الثراء المعزولة عن قوانين المجتمع والتي يوضع لها قوانين خاصة أو يطبق عليها قانون داخلي وليس القانون المخصص للغلابة من أمثالنا، وهذه الطبقة المعزولة نجحت في خلق طبقة عازلة بينها وبين المجتمع وتتكون هذه الطبقة العازلة من المحيطين والمستفيدين سواء من كبار وكبار صغار رجال جهاز الدولة أو من المثقفين والإعلاميين في الصحافة حكومية وخاصة وفي التليفزيون حكومي وخاص أو من أصحاب مهن المحاماة والقانون والطب ورجال الدين والدعاة قدامي وجدد ومن السياسيين المستفيدين سواء في الحزب الوطني أو أحزاب المعارضة، هذه الطبقة المعزولة التي صنعت الطبقة العازلة أدت إلي طبقة ثالثة هي الطبقة العزلاء، هي طبقة محدودي الدخل والأغنياء من التعفف والواقفين علي حدود الستر والفقر والفقراء وهي طبقة عزلاء من أي سلاح لمواجهة السياسة، المتعلم فيها كالجاهل أعزل في مواجهة هجمة الحاجة والفاقة ومصاريف المدارس والدروس الخصوصية وتجهيز البنات، ومع ذلك فوجود أربعين طائرة خاصة أو أكثر لمليارديرات مصر في مطاري شرم الشيخ والغردقة لا يعني ما تصورت أنه يعنيه بل هو عندي بمثابة جرس إنذار بأن اقتصاد مصر كله مستعد لأن يركب الطائرة ويسافر أو يهرب إذ فجأة، فهؤلاء مليارديرات يضعون أموالهم وثرواتهم خارج مصر عن طريقين الأول حسابات مباشرة شخصية (سرية أو غير سرية) في البنوك الأجنبية، والطريق الثاني عبر وجودهم كشركاء ووكلاء لشركات أجنبية ومن ثم فأموالهم مختبئة ومحتمية ومحصنة داخل الرأسمال الأجنبي ولذلك إذا حدث في مصر حادث فإن الاقتصاد القائم علي مجموعة العائلات الخمسين و90%من رجالهم أعضاء قياديون في الحزب الوطني يمكن أن ينهار، وكل ما يحتاجه هؤلاء هو مجرد نصف ساعة فقط يجتمع فيها أفراد العائلة بسرعة في المطار ويركبون طائراتهم إلي الخارج، آه نسيت أن أقول لك إن معظم هؤلاء يملكون جنسيات أجنبية متعددة حتي أفريقية وعدد كبير من الأولاد والأحفاد لديهم بطاقات إقامة في الولايات المتحدة الأمريكية (بعضهم تمت ولادته خصيصا في أمريكا لهذا الغرض وهو الحصول علي الجنسية) وطبعًا لهم إقامات دائمة في كثير من دول العالم نتيجة البيزنس أو الجنسية غير المصرية التي تمكن صاحبها من التمتع بما لا يتمتع به أبناء العالم الثالث ولو اغتنوا!
الأمر إذن لا يحتاج أكثر من نصف ساعة وهو النصف ساعة الفاصل بين بلد في حالة تغيير وبين وطن في حالة فوضي.. نصف ساعة يعني تلاتين دقيقة يا محترم وهوبا طار في الهوا شاشي!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق